تفسير سورة طه

معاني القرآن
تفسير سورة سورة طه من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

ومن سورة طه بسم الله الرحمن الرحيم
قوله :﴿ طه ١ ﴾
حرف هجاء. وقد جاء في التفسير طه : يا رجل، يا إنسان حدَّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدَّثني قيس بن الربيع قال حدَّثني عاصم عن زِرّ بن حُبَيْش قال : قرأ رجل على ابن مسعود طه بالفتح قال فقال له عبد الله طِهِ بالكسر قال فقال له الرجل يا أبا عبد الرحمن أليس أنما أُمر أن يطأ قَدَمُه. قال : فقال له طِهِ. هَكَذَا أقرأني رسولُ الله صَلى الله عَليه وسلَّم. وكان بعض القراء يقطّعها طِ هِ قرأها أبو عمرو بن العلاء طاهي هكذا.
وقوله :﴿ إِلاَّ تَذْكِرَةً ٣ ﴾
نَصَبها على قوله :﴿ وَما أنزلناه إلا تذكرةً ﴾.
وقوله :﴿ تَنزِيلاً ٤ ﴾ ولو كانت ( تنزيلٌ ) ( على الاستئناف ) كان صَوَاباً.
وقوله :﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ ٧ ﴾ ما أسررته ( وَأَخْفى ) : ما حَدَّثْت به نفسكَ.
وقوله :﴿ إِنِّي آنَسْتُ ناراً ١٠ ﴾ :
وجدت ناراً. والعرب تقول : اخْرُج فاستأنِس هَل ترى شيئا. ومنْ أمْثال العرب بعد اطّلاع إيناس. وبعضهم يقول بعد طلوع إيناس.
وقوله :﴿ لَّعَلِّي آتِيكُمْ مِّنْها بِقَبَسٍ ﴾ القَبَس مثل النار في طَرَف العود أو في القَصَبة. وقوله :﴿ أَوْ أَجِدُ على النارِ هُدًى ﴾ يعنى هاديا. فأجْزأ المصدرُ من الهادي. وكان موسى قد أخطأ الطريق.
وقوله :﴿ يا مُوسَى ١١ إِنِّي ١٢ ﴾إن جَعَلت النداء واقعاً على ( موسى ) كسرت ﴿ إِنِّي أَنا رَبُّكَ ﴾ وإن شئت أوقعت النداء على ( أَنِّى ) وعلى( موسى ) وقد قرئ بذلكَ.
وقوله :﴿ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ ﴾ ذُكر أنهما كانتا من جِلد حمارٍ ميّتٍ فأُمر بخلعهما لذلك. وقوله ( طوَى ) قد تكسر طاؤه فيُجرَى. ووجه الكلام ( الإجراء إذا كسرت الطاء ) وإن جعلته اسما لِما حول الوادي جَاز ألاّ يصرف ؛ كما قيل ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ فأجرَوْ حنينا ؛ لأنه اسم للوادي. وقال الشاعر في ترك إجرائه :
نصروا نبيَّهُمُ وشدُّوا أَزْره بحُنَينَ يوم تواكُلِ الأبطال
نوى أن يجعل ( حنين ) اسما للبدة فلم يُجرِه. وقال الآخر :
ألَسْنا أكرم الثقلين رَحْلا وأعظمه ببَطن حِرَاء نارَا
فلم يُجْر حراء وهو جبل لأنه جعله اسما للبلدة التي هو بها.
وأما من ضمَّ ( طُوى ) فالغالب عليه الانصراف. وقد يجوز ألا يُجرى، يجعل على جهة فُعل ؛ مثل زُفَر وعُمَر ومُضَر قال الفراء : يقرأ ( طُوًى ) مُجراة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:وقوله :﴿ يا مُوسَى ١١ إِنِّي ١٢ ﴾إن جَعَلت النداء واقعاً على ( موسى ) كسرت ﴿ إِنِّي أَنا رَبُّكَ ﴾ وإن شئت أوقعت النداء على ( أَنِّى ) وعلى( موسى ) وقد قرئ بذلكَ.
وقوله :﴿ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ ﴾ ذُكر أنهما كانتا من جِلد حمارٍ ميّتٍ فأُمر بخلعهما لذلك. وقوله ( طوَى ) قد تكسر طاؤه فيُجرَى. ووجه الكلام ( الإجراء إذا كسرت الطاء ) وإن جعلته اسما لِما حول الوادي جَاز ألاّ يصرف ؛ كما قيل ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ فأجرَوْ حنينا ؛ لأنه اسم للوادي. وقال الشاعر في ترك إجرائه :
نصروا نبيَّهُمُ وشدُّوا أَزْره بحُنَينَ يوم تواكُلِ الأبطال
نوى أن يجعل ( حنين ) اسما للبدة فلم يُجرِه. وقال الآخر :
ألَسْنا أكرم الثقلين رَحْلا وأعظمه ببَطن حِرَاء نارَا
فلم يُجْر حراء وهو جبل لأنه جعله اسما للبلدة التي هو بها.
وأما من ضمَّ ( طُوى ) فالغالب عليه الانصراف. وقد يجوز ألا يُجرى، يجعل على جهة فُعل ؛ مثل زُفَر وعُمَر ومُضَر قال الفراء : يقرأ ( طُوًى ) مُجراة.

وقوله :﴿ وَأَنا اخْتَرْتُكَ ١٣ ﴾ وتقرأ [ وأَنا اخترناكَ ] مردودة على [ نودي ] نودي أَنا اخترناكَ، وإنا اخترناكَ فإذا كسرها استأنفها.
وقوله :﴿ فَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي ١٤ ﴾
ويقرأ :( لِذِكْرَا ) بالألف فمن قال ( ذِكْرَا ) فجعلها بالألف كان على جهة الذكرى. وإن شئتَ جَعَلتها ياء إِضافة حُوِّلت ألفاً لرءوس الآيات ؛ كما قال الشاعر :
أطوِّف ما أطوِّف ثم آوِى إِلى أُمّا ويُروِيني النقيعِ
والعرب تقول بأبا وأُما يريدون : بأبي وأُمِّي. ومثله ﴿ يا وَيْلَتَا أَعَجَزتُ ﴾ وإن شِئت جَعَلتها ياء إِضافة وإن شئت ياء نُدْبة و ﴿ يا حَسْرَتَا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ ﴾
[ وقوله :﴿ أَكَادُ أُخْفِيها ١٥ ﴾ قرأت القراء ( أكاد أُخفيها ) بالضَمّ. وفي قراءة أُبىّ ( إن السّاعة آتِيَة أكاد أُخفيها من نفسي فكيف أُظهركم عليها } وقرأ سعيد بن جُبَير ( أَخْفِيها ) بفتح الألف حدَّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد حدَّثنا الفراء قال حدثني الكسائي عن محمد بن سهل عن وَقَاء عن سَعيد بن جُبَير أَنه قرأ ( أَخفيَها ) بفتح الألف من خفيت. وخفيت : أظهرت وخفيت : سترت. قال الفراء قال الكسائي والفقهاء يقولون. قال الشاعر :
فإن تدفنوا الداء لا نخفِه وإن تبعثوا الحرب لا نَقْعُدِ
يريد لا نُظهره.
وقوله :﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْها ١٦ ﴾
يريد الإيمان ويقال عن السَّاعة : عن إتيانها. وجَاز أن تقول : عنها وأنت تريد الإيمان كما قال ﴿ ثُمَّ إنّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ﴾ ثم قال ﴿ إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ يذهب إلى الفَعْلة.
﴿ وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسَى ١٧ ﴾ يعنى عَصَاه. ومعنَى ( تلك ) هذه.
وقوله :﴿ بِيَمِينِكَ ﴾ في مذهب صلة لتلكَ ؛ لأن تلك وهَذه توصلان كما توصل الذي قال الشاعر :
عَدَسْ ما لِعبَّاد عليكِ إمارة أمِنتِ وهّذَا تحملين طليقُ
وعَدَسْ زجر للبغل يريد الذي تحملينَ طليق.
وقوله :﴿ وَأَهُشُّ بِها على غَنَمِي ١٨ ﴾ أضرب بها الشجر اليابس ليسقط ورقها فترعاه غنمه ﴿ وَلِيَ فِيها مآرِبُ أُخْرَى ﴾ يعني حوائج، جعل أخرى نعتاً للمآرب وهي جمع. ولوْ قال : أُخَر، جاز كما قال الله ﴿ فَعِدَّة مِنْ أَيَّامٍ أُخَر ﴾ ومثله ﴿ وَلِلّهِ الأسْماء الحُسْنَى ﴾
وقوله :﴿ سِيَرتَها الأُولَى ٢١ ﴾ أي طريقتها الأولى. يقول : يردّها عصا كما كانت.
وقوله :﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَناحِكَ ٢٢ ﴾ الجَناح في هذا الموضع من أسفل العَضد إلى الإبْط.
وقوله :( تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) أي بَرَص.
وقوله :( آيَةً أُخْرَى )، المعنى هي آية أخرى وهذه آية أخرى، فلما لم يأت بهي ولا بهذه قبل الآية اتَّصلت بالفعل فنُصبت.
وقوله :﴿ مِنْ آيَاتِنا الْكُبْرَى ٢٣ ﴾ ولو قيل : الكُبَر كان صَوَاباً، هي بمنزلة ( الأسماء الحسنى ) و ( مآرب أخرى ).
وقوله :﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ٢٧ ﴾ كانت في لسانه رُتَّة.
وقوله :﴿ هارُونَ أَخِي ٣٠ ﴾ إن شئت أوقعت ( اجعل ) على ( هارون أخي ) وجعلت الوزير فعلا له. وإن شئت جعلت ( هارون أخي ) مترجما عن الوزير، فيكون نصباً بالتكرير. وقد يجوز في ( هارون ) الرفع على الائتناف لأنه مَعْرفة مفِّسر لنكرة ؛ كما قال الشاعر :
فإن لها جَارين لن يَغدِرا بها رَبيبُ النبيّ وابنُ خير الخَلائق
وقوله :﴿ اشْدُدْ بِهِ ٣١ ﴾ دعاء :( اشدُدْ به ) يا ربّ ( أَزْري وأشركه ) يا رب ( في أمري ). دعاء من موسَى وهي في إحدى القراءتين ﴿ أُشْدُدْ بِهِ أزْرِى وأُشْرِكْه في أَمري ﴾ بضم الألف. وذكر عن الحسن ﴿ أَشْدُدْ به ﴾ جزاء للدعاء لقوله ﴿ اجعل لي ﴾ ﴿ وأُشْرِكه ﴾ بضم الألف في ( أشركه ) لأنها فعل لموسى.
وقوله :﴿ وَلَقَدْ مَنَنا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ٣٧ ﴾ قبل هذه. وهو ما لطف له إذْ وقع إلى فرعون فحببَّه إليهم حتَّى غَذَوه. فتلكَ المنَّة الأخرى ( مع هذه الآية ).
وقد فسّره إذ قال :﴿ إِذْ أوحينا إِلَى أُمِّكَ ما يُوحَى ٣٨ ﴾
﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ ثم قال :﴿ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾ هو جزاء أخرج مُخرج الأمر كأن البحر أُمر. وهو مثل قوله :﴿ اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ ﴾ المعنى. وَالله أعلَم : اتبعُوا سبيلنا نحمل عنكم خطاياكم. وكذلك وعدها الله : ألقيه في البحر يُلْقِه اليمّ بالسّاحل. فذكر أن البحر ألقاه إلى مَشْرَعة آل فرعون، فاحتمله جواريه إلى امرأته.
وقوله :﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي ﴾ حُبِّب إلَى ( كلّ من رآه ).
وقوله :﴿ وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي ٣٩ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ ٤٠ ﴾ ذكر المشي وحده، ولم يذكر أنها مشت حتّى دخلت على آل فرعون فدلّتهم على الظِّئر وهذا في التنزيل كثير مثله قوله :﴿ أَنا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأوِيِله فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ ﴾ ولم يقل فأُرسل فدَخَل فقال يوسف. وهو من كلام العرب : أن تجتزئ ( بحذف كثير ) من الكلام وبقليله إذا كان المعنى معروفاً.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٩:وقوله :﴿ وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي ٣٩ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ ٤٠ ﴾ ذكر المشي وحده، ولم يذكر أنها مشت حتّى دخلت على آل فرعون فدلّتهم على الظِّئر وهذا في التنزيل كثير مثله قوله :﴿ أَنا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأوِيِله فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ ﴾ ولم يقل فأُرسل فدَخَل فقال يوسف. وهو من كلام العرب : أن تجتزئ ( بحذف كثير ) من الكلام وبقليله إذا كان المعنى معروفاً.

وقوله :﴿ وَفَتَناكَ فُتُونا ﴾ ابتليناك بالغم : غمّ القتل ابتلاء.
وقوله :﴿ على قَدَرٍ يا مُوسَى ﴾ يريد على ما أراد الله من تكليمه
وقوله :﴿ وَلاَ تَنِيَا ٤٢ ﴾
يريد : ولا تضعُفا ولا تفتُرا عن ذكرى وفي ذكرى سواء.
وقوله :﴿ قَوْلاً لَّيِّنا ٤٤ ﴾ حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني محمد بن أبان القرشيّ قال : كَنَّياهُ. قال محمد بن أبان قال يكنى : أبا مُرّة، قال الفراء. ويقال : أبو الوليد.
وقوله :﴿ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنا ٤٥ ﴾ و( يُفْرِط ) يريد في العجلة إلى عقوبتنا. والعرب تقول : فَرَطَ منه أمر. وأفرط : أسْرف، وفَرَّط : توانى ونسي.
وقوله :﴿ إِنا رَسُولاَ رَبِّكَ ٤٧ ﴾ ويجوز رَسُول ربك لأن الرسول قد يَكون للجمع وللاثنين والواحد. قال الشاعر :
أَلِكْنِى إليها وخير الرسو ل أعلمهم بنواحي الخبَرْ
أرَاد : الرُّسْلَ.
وقوله :﴿ وَالسَّلاَمُ على مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ٤٧ ﴾
يريد : والسلامة على من اتّبَع الهدى، ولِمن اتّبع الهدى سواء ( قال أمر موسى أن يقول لفرعون والسلام على من اتَّبع الهدَى ).
وقوله :﴿ إِنا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذَابَ على مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ٤٨ ﴾
دليل على معنى قوله : يَسْلم مَنِ اتَّبع الهدى.
وقوله :﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُما يا مُوسَى ٤٩ ﴾
يكلِّم الاثنين ثم يجعل الخطاب لواحد ؛ لأن الكلام إنما يكون من الواحد لا من الجميع. ومثله مما جُعِل الفعل على اثنين وهو لواحدٍ.
قوله :﴿ نسِيَا حُوتَهُما ﴾ وإنما نسيه واحد ألا ترى أنه قال لموسَى ﴿ فَإنِّي نَسيِتُ الحُوتَ ﴾ ومثله ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُما الُّلؤْلؤُ والمَرْجَانُ ﴾ وإنما يخرج من المِلح.
وقوله :﴿ أَعْطَى كُلَّ شيء خَلْقَهْ ﴾ [ يقال : أعطى الذَكَر من الناس امرأة مثله من صِنفه، والشاة شاة، والثور بقرة. ]
وقوله :﴿ ثُمَّ هَدَى ٥٠ ﴾ ألهم الذكر المأتَى.
وقوله :﴿ فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي ٥٢ ﴾
رَبَّى أي لا ينساه و ( رَبّى ) في موضع رفع تضمر الهاء في يَضِلّه ( وَلاَ يَنسَى ) وتقول : أضللت الشيء إذا ضاع ؛ مثل الناقة والفرس وما انفلت منكَ. وإذا أخطأت الشيء الثابت موضعه مثل الدار والمكان قلت : ضلَلته وضلِلته لغتان ولاَ تقل أضللت ولا أضللته.
وقوله :﴿ أزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ٥٣ ﴾ مختلفِ الألوان والطعوم.
وقوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهى ٥٤ ﴾
يقول : في اختلاف ألوانه وطَعْمه آيات لذوي العقول. وتقول للرجل. إنه لذو نُهيْة إذا كانَ ذا عقل.
وقوله :﴿ تَارَةً أُخْرَى ٥٥ ﴾
مردودة على قوله ﴿ مِنْها خَلَقْناكُمْ ﴾ لا مردودة على ( نُعِيدُكُمْ ) لأن الأخرى والآخَر إنما يردّان على أمثالهما. تقول في الكلام : اشتريت ناقةً وداراً وناقة أخرى فتكون ( أخرى ) مردودة على الناقة التي هي مثلها ولا يجوز أن ( تكون مردودةً ) على الدار. وكذلك قوله ﴿ مِنْها خَلَقْناكُمْ ﴾ كقوله ( مِنْها أخْرجناكم، ونخرجكم بعد الموت ( مرة أخرى ).
وقوله :﴿ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ٥٨ ﴾
يَقول : اضرب بينَنا أجلا فضَرَب. وقوله :﴿ مَكَانا سُوًى ﴾ و ( سِوَى ) وأكثر كلام العرب سَواء بالفتح والمدّ إذا كان في معنى نَصْفٍ وعَدْلٍ فتحوه ومدّوه كقول الله ﴿ تعالوا إلَى كلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ﴾ والكسر والضمّ بالقصر عربيّان ولا يكونان إلا مقصورين وقد قرئ بهما.
وقوله :﴿ يَوْمُ الزِّينَةِ ٥٩ ﴾ ذكر أنه جعل موعدهم يوم عيد، ويقال : يوم سوق كانت تكون لهم يتزيَّنون فيها.
وقوله :﴿ وَأَن يُحْشَرَ الناسُ ضُحًى ﴾ يقول : إذا رأيت الناس يُحشرون من كل ناحيةٍ ضحىً فذلك الموعد. وموضع ( أن ) رفع تردّ على اليوم، وخفضٌ ترد على الزينة أي يوم يحشر الناس.
وقوله :﴿ فَيُسْحِتَكُم ٦١ ﴾ وسحت أكثر وهو الاسْتئصال : يستأصلكم بعذاب. وقال الفرزدق :
وعَض زمان يابنَ مرَوانَ لم يَدعْ من المال إلاّ مُسْحَتاً أو مُجَلَّف
والعرب تقول سَحَتَ وأسْحَت بمعنى واحد. قال : قيل للفراء : إن بعض الرواة يقول : ما به من المال إلا مُسْحَت أو مجلّف :
قال ليس هذا بشيء حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني. أبو جعفر الرؤاسىّ عن أبى عمرو بن العلاء قال : مرّ الفرزدق بعبد الله بن أبى إسحاق الحضرميّ النحويّ فأنشده هذه القصيدة.
عَزَفتَ بأعشاش وما كدت تعزِف حتى انتهى إلى هذا البيت...
وعَضُّ زمان يابن مروان لَم يَدَعْ من المال إلاّ مُسْحَت أو مُجَلَّف
فقال عبد الله للفرزدق : علام رفعت ؟ فقال له الفرزدق : على ما يسوءك.
وقوله :﴿ فَتَنازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ٦٢ ﴾ يعنى السَحَرة قال بعضهم لبعض : إن غلَبَنا موسَى اتَّبعناه وأسرُّوها من فرعون وأصحابه.
وقوله :﴿ إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ ٦٣ ﴾ قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم : هو لحن ولكنا نمضى عليه لئلاّ نخالف الكتاب. حدَّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني أبو معاوية الضرير عَنْ هاشم بن عُروة بن الزُبَير عن أَبيه عن عَائشة أَنها سُئِلت عن قوله في النساء ﴿ لَكِنِ الراسِخُونَ في العِلْمِ مِنْهمْ.... والمُقِيمِينَ الصلاةَ ﴾ وعن قوله في المائدة ﴿ إِنَ الذِينَ آمَنوا والّذِين هادُوا والصَّابِئُونَ ﴾ وعن قوله﴿ إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ﴾ فقالت : يا بن أَخي هذا كان خطأ من الكاتب. وقرأَ أَبو عمرو ﴿ إنَّ هَذَيْنِ لَساحِرَان ﴾ واحتجّ أَنه بلغه عن بعض أَصحاب محمد صَلى الله عَليه وسَلم أنه قال : إن في المصحف لَحْنا وستقيمه العرب.
قال الفراء : ولست أشتهي على ( أن أخالف الكتاب وقرأ بعضهم ( إنْ هَذَان لساحران ) خفيفة وفي قراءة عبد الله :( وأسروا النجوى أَن هذان ساحران ) وفي قراءة أُبَىّ ( إنْ ذان إلاّ ساحران ) فقراءتنا بتشديد ( إنّ ) وبالألف على جهتين.
إحداهما على لغة بني الحارث بن كعب : يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وَخفضهما بالألِف وأنشدني رجل من الأَسْد عنهم. يريد بني الحارث :
فأَطرق إطراق الشجاع ولو يرى مَسَاغاً لِناباه الشجاعُ لصَمّما
قال : وما رأيت أفصح من هذا الأسْديّ وحكى هذا الرجل عنهم : هذا خطُّ يَدَا أخي بعينه. وذلك - وإن كان قليلاً - أقيسُ ؛ لأنَّ العرب قالوا : مسلمون فجعَلوا الواو تابعة للضمَّة ( لأن الواو لا تعرب ) ثم قالوا : رأيت المسلمين فجعلوا اليَاء تابعة لكسرة الميم. فلما رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسرُ ما قبلها، وثبت مفتوحا : تركوا الألِف تتبعه، فقالوا : رجلان في كل حال. وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في كِلاَ الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان، إلاّ بني كنانة فإنهم يقولون : رَأيت كِلَىِ الرجلين ومررت بكلَى الرجلين. وهي قبيحة قليلة، مَضَوا على القياس.
والوجه الآخر أن تقول : وجدت الألف ( من هذا دِعامة وليست بلام فعل، فلما ثنَيت زدتُ عليها نونا ثم تركت الألف ) ثابتة على حالها لا تزول على كلّ حال ؛ كما قالت العرب ( الذي ) ثم زادوا نونا تدلّ على الجِماع، فقالوا : الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا ( هذان ) في رفعه ونصبه وخفضه. وكنانة يقولون ( اللَّذُونَ ).
وقوله :﴿ وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ٦٣ ﴾ الطريقة : الرجال الأشراف وقوله ( المثلى ) يريد الأمثل يذهبون بأشرافكم فقال المثلى ولم يقل المُثل مثل ( الأسماء الحسنى ) وإن شئت جعلت ( المثلى ) مؤنّثة لتأنيث الطريقة. والعرب تقول للقوم : هؤلاء طريقة قومهم وطرائق قومهم : أشرافهم، وقوله ﴿ كُنا طَرَائقَ قِدَداً ﴾ مِن ذلك. ويقولون للواحد أيضاً : هذا طريقة قومه ونَظُورة قومه وبعضهم : ونظيرة قومه، ويقولونَ للجمع بالتوحيد والجمع : هؤلاء نَظُورة قومهم ونظائر قومهم.
وقوله :﴿ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ٦٤ ﴾ الإجماع : الإحكام والعَزيمة على ١١٣ ا الشيء. تقول أجمعت الخروج وعلى الخروج مثل أزمعت قال الشاعر :
يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أَغدُوَنْ يوما وأمري مُجْمَع
يريد قد أُحكم وعُزِم عليه. ومن قرأ ( فأجْمَعُوا ) يقول : لا تتركوا من كَيدكم شيئاً إلاّ جئتم به.
وقوله ﴿ مَنِ اسْتَعلى ﴾ من غلبَ.
وقوله :﴿ إِما أَن تُلْقِيَ وَإِما أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ٦٥ ﴾
و ( أَن ) في موضع نصب. والمعنى اختر إحدى هاتين. ولو رفع إذ لم يظهر الفعل كان صَوَاباً، كأنه خبر، كقول الشاعر :
فسِيرا فإما حاجةٌ تقضِيانها وإما مقِيلٌ صَالح وصَديق
ولو رفع قوله ﴿ فإما مَنٌّ بَعْدُ وإما فِدَاء ﴾ كَانَ أيضاً صَوَاباً. ومذهبه كمذهب قوله ﴿ فَإمْساكٌ بِمَعرُوفٍ أَو تَسْريحٌ بإحْسَانٍ ﴾ والنصب في قوله ﴿ إما أَنْ تُلْقِىَ ﴾ وفي قوله ﴿ فإما مَنا بَعْدُ وإما فِدَاء ﴾ أجود من الرفع ؛ لأنه شيء ليسَ بعامّ ؛ مثل ما ترى من مَعنَى قوله ﴿ فإمْسَاكٌ ﴾ و﴿ فَصِيَامُ ثلاَثَةِ أيَّامٍ ﴾ لَما كان المعنَى يعمُّ الناس في الإمساك بالمعروف وفي صيَام الثلاثة الأيام في كفَّارة اليمين كان كالجزاء فرُفع لذلكَ. والاختيار إنما هي فَعلة واحدة، ومعنى ( أفلح ) عاش ونجا.
وقوله :﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعَى ٦٦ ﴾ ( أنَّها ) في موضع رفع. ومن قرأ ( تُخَيِّلُ ) أو ( تَخَيَّلُ ) فإنها في موضع نصب لأن المعنى تتخيل بالسعْي لهم وتُخَيِّل كذلكَ، فإذا ألقيت الباء نصبت ؛ كما تقول : أردت بأن أقوم ومعناه : أردت القيام، فإذا ألقيت الباء نصبت. قال الله ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بإِلحادٍ بِظُلْمٍ ﴾ ولو ألقيتَ البَاء نصبت فقلت : ومن يُرد فيه إلحادا بظلمٍ.
وقوله :﴿ فأوجس في نفسه خيفة موسى ٦٧ ﴾ أحس ووجد.
وقوله :﴿ إِنَّما صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ٦٩ ﴾ جَعلت ( ما ) في مذهب الذي : إن الذي صَنَعُوا كيد سحر، وقد قرَأه بعضهم ﴿ كَيدُ سَاحِرٍ ﴾ وكلّ صوابٌ، ولو نصبت ﴿ كَيْدَ سحر ﴾ كانَ صواباً، وجعلت ( إنما ) حرفاً واحداً ؛ كقوله ﴿ إنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْثَانا ﴾.
وقوله :﴿ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ جاء في التفسير أنه يُقتل حيثما وُجدَ.
وقوله :﴿ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ٧١ ﴾
ويصلح في مثله من الكلام عنْ وعلى والبَاء.
وقوله ﴿ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ يصلح ( على ) في موضع ( في ) وإنما صَلحتْ ( في ) لأنه يرفع في الخشبة في طولها فصلحت ( في ) وصَلحت ( على ) لأنه يرفع فيها فيصير عَليها، وقد قال الله ﴿ وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّيَاطِينُ على مُلْكِ سُلَيْمان ﴾ ومعناه في ملك سُليمان. وقوله ﴿ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى ﴾ يقول : وأدْوم.
وقوله :﴿ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ على ما جَاءنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا ٧٢ ﴾
فالذي في موضع خفض : وعلى الذي. ولو أرادوا بقولهم ( والذي فطرنا ) القسم بها كانت خفضاً وكان صَواباً، كأنهم قالوا : لن نؤثرك والله.
وقوله ﴿ فَاقْضِ ما أَنتَ قَاضٍ ﴾ : افعل ما شِئْتَ. وقوله ﴿ إِنَّما تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ إنما حرف واحد، لذلك نَصبْت ( الحياة ) ولو قرأ قارئ برفع ( الحياة ) لجاز، يجعل ( ما ) في مذهَب الذي كأنه قال : إن الذي تقضيه هذه الدنيا.
وقوله :﴿ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ٧٣ ﴾
ما في موضع نصب مردودة على معنى الخطايا. وذُكر في التفسير أن فرعون كان أكره السَّحرة ١١٣ ب على تَعَلّم السّحر.
وقوله :﴿ لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى ٧٧ ﴾
رفع على الاستئناف بلا ؛ كما قال ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقََا ﴾ وأكثر ما جاء في جَواب الأمر بالرفع مع لا. وقد قرأ حمزة ( لا تَخَفْ دَرَكاً ) فجزم على الجزاء ورفع ( وَلاَ تَخْشَى ) على الاستئناف، كما قال ﴿ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ ﴾ فاستأنف بثُمَّ، فهذا مثله. ولو نوى حمزة بقوله ﴿ وَلاَ تَخْشَى ﴾ الجزم وإن كانت فيه اليَاء كانَ صَوابا ؛ كما قال الشاعر :
هُزِّي إليك الجِذُع يجنيك الجَنَى ***...
ولْم يَقل : يَجْنك الجنى. وقال الآخر :
هجوتَ زَبَّان ثمَّ جئتَ معتذِراً *** من سَبّ زَبَّان لم تهجو ولم تَدَعِ
وقال الآخر :
أَلَمْ يَأتِيكَ والأَنباء تَنْمِى *** بِما لاَقت لَبُونُ بني زِيادِ
فأثبت في ( ياتيك ) الياء وهي في موضع جَزم لسكونها فجاز ذلكَ.
وقوله :﴿ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ٨١ ﴾
الكسر فيه أحبّ إلىّ من الضم لأن الحلول ما وقع من يَحُلّ، ويَحِلّ : يجب، وَجَاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع. وكلّ صَواب إن شاء الله. والكسائي جعله على الوقوع وهي في قراءة الفرّاء بالضمّ مثل الكسائي سئل عنه فقاله، وفي قراءة عبد الله أو أَبيّ ﴿ إن شاء الله ﴾ ﴿ وَلاَ يحُلَّنَّ عَلَيْكُمُ غَضَبِى وَمَنْ يَحْلُلْ عَلَيْه ﴾ مضمومة. وأما قوله ﴿ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمُ ﴾ فهي مَكْسُورَة. وهي مثل الماضيتين، ولو ضُمَّت كان صَوَاباً فإذا قلت حَلّ بهم العذاب كانت يحلّ بالضم لا غير، فإذا قلت : على أو قلت يحلّ لك كذا وكذا فهو بالكسر.
وقوله :﴿ ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢ ﴾ : عَلم أن لذلك ثواباً وعقاباً.
وقوله :﴿ قَالَ هُمْ أُوْلاء على أَثَرِي ٨٤ ﴾ وقد قرأ بعض القراء ( أُولاي على أَثَرِى ) بترك الهمز، وشبِّهت بالإضافة إذا تُرك الهمز، كما قرأ يحيى بن وثاب ﴿ مِلّة آباي إبراهيمَ ﴾ ﴿ وَتَقَبَّل دُعَاي رَبَّنا ﴾.
وقوله :﴿ ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمُلْكِنا ٨٧ ﴾ برفع الميم. ( هذا قراءة القراء ) ولو قُرئِت بِمِلكنا ( ومَلْكنا ) كان صواباً. ومعنى ( مُلكنا ) في التفسير أنا لم نملك الصَّواب إنما أخطأنا.
وقوله ﴿ وَلَكِنا حُمِّلْنَ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ ﴾ يعنى ما أخذوا منْ قوم فرعون حين قَذَفهم البحر من الذهب والفضّة والحديد، فألقيناه في النارِ. فكذلك فعل السَّامريّ فاتَّبعناه. فلما خلصَت فضّة ما ألْقوا وذهبُه صوَّره السَّامريّ عجلاً وكَان قد أخذ قَبْضة من أثَر فَرس كانت تحت جبريل ( قال السَّامريّ لموسَىْ : قُذِف في نفسي أنِى إن ألقيت تلك القبضة على ميّت حيى، فألقى تلكَ القبضة في أنف الثور وفي دُبره فحيى وخار ) قال الفراء : وفي تفسير الكلبيّ أن الفرس كانت الحياة فذاك قوله ﴿ وكَذَلكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ يقول زيَّنته لي نفسي.
ومن قرأ بملكنا بكسر الميم فهو المِلك يملكه الرجل تقول لكل شيء ملكته : هذا مِلك يميني للمملوك وغيره مما مُلكَ والمَلْك مصدر مَلَكته مَلْكاً ومَلَكَة : مثل غلبته غَلْبا وغَلَبَةً. والمُلْك السُّلطان وبعض بني أسَدٍ يقول مالي مُلْك، يقول : مالي شيء أملكه ومِلْك الطريق ومَلْكه : وجهه قال الشاعر :
أقامت على مَلْك الطريق فَمَلكه لها ولمَنكوب المطايا جَوانبهُ
١١٤ ا ويقال مع مَلْك الطريق : فَمِلكه. أقامت على عُظْم الطريق وعلى سُجُحِ الطريق وَعلى سَننَه وَسُنَنه :
وقوله :﴿ فَنَسِيَ ٨٨ ﴾ يعنى أن موسَى نسى : أخطأ الطريق فأبطأ عنهم فاتّخذوا العجل فعَيَّرهم الله فقال. أفلا يرونَ أن العجل لا يتكلّم ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً.
وقوله :﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً ٩٦ ﴾ القَبضة بالكف كلِّها. والقَبصة بأطراف الأصَابع. وقرأ الحسن قبصَة بالصاد والقُبصَة والقُبضة جميعاً : اسم التراب بعينه فلو قرئِتَا كان وجها : ومثله مما قد قرئ به ﴿ إلاَّ مَنِ اغترف غُرْفة بيده ﴾ و ( غَرْفَةً ). والغُرفة : المغروف، والغَرفة : الفَعلة. وكذلك الحُسْوة والحَسْوة والخُطْوة والخَطْوة والأُكلة والأَكلة. والأُكلة المأكول والأكلة المرَّة. والخُطْوة ما بينَ القدمين في المشي، والخَطْوة : المرَّة. وَما كان مَكسورا فهو مصدر مثل إنه لحسن المِشية والجِلسة والقِعْدة.
وقوله :﴿ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ ٩٧ ﴾
أي لا أُمَسّ ولا أَمَسُ، أُوِّل ذلكَ أن موسَى أمرهم أَلاَّ يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه. وتقرأ ( لا مَسَاسِ ) وهي لغة فاشية : لا مَسَاسِ لا مَسَاسِ مثل نزال ونظارِ من الانتظار. وقوله ﴿ الذي ظَلْت عليه عاكفاً ﴾ و ﴿ ظِلْت ﴾ و ﴿ فَظَلتُم تفكَّهُوَن ﴾ و ﴿ فَظِلتم ﴾ إنما جَاز الفتح والكسر لأن معناهما ظلِلتم، فحذفت اللام الأولى : فمن كسر الظاء جعل كسرة اللام الساقطةِ في الظاء. ومن فتح الظاء قال : كانت مفتوحة فتركتُها على فتحها. ومثله مسَسْت ومسِست تقول العرب قد مَسْتُ ذلك ومِسْته، وهممت بذلكَ وهَمْت، وَوَدِدْتُ وَوَدَدْتُ كذا في ب أنك فعلت ذاكَ، وهل أحسست صاحبك وهل أَحسْت.
وقوله ﴿ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ﴾ بالنار و ﴿ لَنَحرُقَنَّه ﴾ لنَبْرُدنَّه بالحديد بَرْدا من حرقت أحرُقة وأحْرِقه لغتان. وأنشدني المفضل :
بذي فَرِقَيْنِ يوم بَنُو حَبيبٍ نيُوبَهَمُ علينا يَحْرُقونا
حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني حِبّان بن على عن الكلبيّ عن أبى صَالح أن علي بن أبى طالب قال ( لنَحرُقَنَّه ) لنبردنّه.
وقوله :﴿ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً ١٠٢ ﴾ يقال نحشرهم عِطَاشاً ويقال نحشرهم عُمَياً.
وقوله :﴿ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ ١٠٢ ﴾ التخافُت : الكلام المُخْفي.
وقوله :﴿ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ١٠٤ ﴾ أجودهم قولاً في نفسه وعندهم ﴿ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْما ﴾ وكذَبَ.
وقوله :﴿ يَنسِفُها رَبِّي نَسْفاً ١٠٥ ﴾ يقلعها.
وقوله :﴿ قَاعاً صَفْصَفاً ١٠٦ ﴾ القاع مستنقَعُ الماء والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه.
وقوله :﴿ وَلا أَمْتاً ١٠٧ ﴾ الأمت : موضع النبَك من الأَرض : ما ارتفع منها وَيقال : مَسايل الأودية ( غير مهموزٍ ) ما تسفل وقد سمعت العرب يقولون : ملأ القِرْبَة مَلأ لا أَمْتَ فيها إذا لم يكن فيها استرخاء. ويقال سِرنا سيراً لا أَمْت فيه ولا وَهْنَ فيه ولا ضعف.
وقوله :﴿ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ ١٠٨ ﴾
يتَّبعُونَ صوت الداعي للحشر ﴿ لاعِوَجَ لَهُ ﴾ يقول لا عوج لهم عن الداعي فجاز أن يقول ( له ) لأن المذهب إلى الداعي وصَوته. وهو كما تقول في الكلام : دَعَوْتني دَعْوةً لا عِوَج لك عنها أي إنّي لا أعوج لك ولا عنك.
وقوله :﴿ إِلاَّ هَمْساً ﴾ يقال : نقل الأقدام إلى المحشر. ويقال : إنه الصَّوت الخفي. وذكر عن ١١٤ ب ابن عباس أَنه تمثَّل :
وهُنَّ يمشين بنا هميساً إن تصدق الطير نِنك لميسا
فهذا صوت أخفاف الإبل في سيرها.
وقوله :﴿ يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ١٠٩ ﴾
( من ) في موضع نصب لا تنفع إلا من إذن له أن يشفع فيه.
وقوله :﴿ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ﴾ كقولكَ : ورضي منه عمله وقد يقول الرجل. قد رضيت لك عملك ورضيته منك.
وقوله :﴿ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ١١٠ ﴾ يعنى ملائكته الذين عَبَدهم مَن عبدهم. فقال : هم لا يعلمون ما بين أيديهم وما خلفهم، هو الذي يعلمه. فذلك قوله :﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْما ﴾.
وقوله :﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ١١١ ﴾.
يقال نصِبت له وعمِلت له وذُكر أيضاً أنه وَضْع المسلم يديه وجبهته وركبتيه إذا سَجَد وركعَ وهو في معنى العربيَّة أن يقول الرجل عنوت لك : خضعت لك وأطعتك. ويقال الأرض لم تَعْنُ بشيء أي لم تنبت شيئاً، ويقال : لم تَعْنِ بشيء والمعنى واحد كما قيل حَثوت عليه التراب وحثيت التراب. والعَنوة في قول العرب : أخذت هذا الشيء عَنْوة يكون غلبة ويكون عن تَسليم وطاعة ممّن يؤخذ منه الشيء قال الشاعر :
فما أخذوها عن مودَّةٍ ولكن بضرب المشرفي استقَالَها
فهذا على معنى الطاعة والتسليم بلا قتال.
وقوله :﴿ فَلاَ يَخَافُ ظُلْما وَلاَ هَضْما ١١٢ ﴾ تقول العرب : هضمت لك من حَقّي أي حططته، وجاء عن علي بن أبى طالب في يوم الجَمَل أنه قيل له أَهَضْم أم قصاصٌ قال : ما عُمِل به فهو تحت قدميَّ هاتين فجَعَله هَدَراً وهو النقص.
وقوله :﴿ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ١١٣ ﴾.
شرفاً وهو مثل قول الله ﴿ وَإنَّه لَذِكْرٌ لكَ ولِقَوْمِكَ ﴾ أي شرف ويقال ﴿ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ﴾ عذاباً أي يتذكرون حلول العذاب الذي وُعِدوه.
وقوله :﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ١١٤ ﴾ كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي عَجِلَ بقراءته قبل أن يستتمّ جبريل تلاوته، فأُمر ألاَّ يعجل حَتى يَستتمّ جبريل تلاوته، وقوله ﴿ فنسى ﴾ ترك ما أُمر به.
وقوله :﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما ١١٥ ﴾ صَريمةً ولا حَزْما فيما فَعَل.
وقوله :﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ١١٧ ﴾
ولم يقل : فتشقيا لأنَّ آدم هو المخاطب، وفي فعله اكتفاء من فعل المرأة. ومثله قوله في ق ﴿ عَنِ اليَميِنِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيد ﴾ اكتفي بالقَعِيد من صَاحبه لأن المعنى معروف. ومَعنى ( فَتَشْقَى ) تأكل من كَدّ يدك وعملك.
وقوله :﴿ إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها ١١٨ ﴾
أن فيها في موضع نَصْبٍ لأنّ إنّ وليت ولعلّ إذا وَلِين صفةً نَصبْتَ ما بعدها فأنّ من ذلكَ.
وقوله :﴿ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمأ فِيها ١١٩ ﴾ نَصْب أيضاً. ومَن قرأ ﴿ وَإِنَّكَ لاَ تَظْمأ ﴾ جعله مردودا على قوله ( إنَّ ) التي قبل ( لك ) ويجوز أَن تسْتأنفَها فتكسرها بغير عَطف على شَيء ولو جعلت ﴿ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمأ ﴾ بالفتح مستأنفة تنوي بها الرفع على قولك ولك أنك لا تظمأ فيها ولا تضحَى كان صَوَاباً.
وقوله :﴿ وَلاَ تَضْحَى ﴾ : لا تصيبك شمس مؤذية وذكر في بعض التفسير ( وَلاَ تَضْحَى ) : لا تَعْرق والأول أشبه بالصواب قال الشاعر :
رأت رجلا أما إذا الشمس أعرضت فيَضْحَى وأما بالعَشِيْ فيَخصر
فقد بيّن. ويقال : ضحِيت.
وقوله :﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ١٢١ ﴾ هو في العربية : أقبلاَ يخصِفان وجعلاَ يَخْصفَان. وكذلك قوله ﴿ فطَفِق مَسْحا بالسوق والأعناقِ ﴾( وقيل ها هنا ) : جعلاَ يُلصقان عليهما ورق التين وهو يتهافت عنهما.
وقوله :﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ١٢٢ ﴾ اختاره ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ أي هداه للتوبة.
وقوله :﴿ معيشة ضنكا ١٢٤ ﴾ والضَّنْك : الضّيِّقة الشديدة.
وقوله :﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى ﴾ أعمى عن الحجّة، ويقال : إنه يخرج من قبره بَصِيراً فيعمى في حَشْره.
وقوله :﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ ١٢٨ ﴾ يبيّن لهم إذا نظروا ﴿ كَمْ أَهْلَكْنا ﴾ و ( كم ) في موضع نصب لا يكون غيره. ومثله في الكلام : أو لم يبيّن لك مَن يعمل خيرا يُجْزَ بِه، فجعلت الكلامَ فيها معنى رفع. ومثله أن تقول : قد تبيّن لي أقام عبد الله أم زيد، في الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله :﴿ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمْوهُمْ أَمْ أَنتُم صَامِتُون ﴾ فيه شيء بَرفع ﴿ سَوَاء عليكم ﴾، لا يظهر مع الاستفهام. ولو قلت : سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي في الجملة.
وقوله :﴿ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ﴾ يعنى أهل مكَّة. وكانوا يتَّجرونَ ويسيرونَ في مساكن عادِ وثمود، فيمرّونَ فيها. فالمشي لكفّار أَهْل مكَّة ( والمساكن ) للمُهلَكينَ. فقال : أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأَوا مساكنهم وآثار عذابهم.
وقوله :﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاما وَأَجَلٌ مُّسَمًّى ١٢٩ ﴾ يريد : ولولا كلمة وأَجَلٌ مُسَمَّى لكان لزاما ( مقدّم ومؤخّر ) وهو - فيما ذكروا - ما نزل بهم في وقعة بدر من القتل.
وقوله :﴿ وَأَطْرَافَ النَّهارِ ١٣٠ ﴾ وإنما للنهار طرفان فقال المفسّرون :( وأطراف النهار ) صلاة الفجر والظهر والعصر ( وهو ) وجه : أن تجعل الظهر والعصر من طرف النهار الآخِر، ثم يضَمَّ إليهما الفجر فتكون أطرافا. ويَكون لصلاتين فيجوز ذلك : أن يكونا طرفين فيخرجا مَخرج الجماع، كما قال ﴿ إنْ تَتُوبا إلَى اللّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ﴾ وهو أحبُّ الوجهين إلىَّ، لأنه قال﴿ وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرفي النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيلِ ﴾وتنصب الأطراف بالردّ على قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. وإن شئت خفضت أطرافَ تريد وسبّحه منَ الليل ومن أطراف النهار، ولم أسمعها في القراءة، ولكنهَا مِثل قوله ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدبَارَ السُّجُودِ ﴾ ﴿ وإدبارَ السجودِ ﴾ وقرأ حمزة وإدبارَ السجود. ويجوز في الألف الفتح والكسر ولا يحسن كَسر الألف إِلاَّ في القراءة.
وقوله ﴿ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ و ﴿ تُرْضَى ﴾ ومعناهما واحد لأنك إذا رضِيت فقد أُرضيت. وكان حمزة وأصحاب عَبد الله يقرءونها ترضَى. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدَّثني أبو بكر وأخوه الحسَن بن عيّاش عن عاصم عن أبى عبد الرحمن أنه قرأ لعلك ( تُرضى بضم التاء ).
وقوله :﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ ١٣١ ﴾ يريد : رجالاً منهم.
وقوله ﴿ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ نصبت الزهرة على الفعل مَتعناهم به زهرةً في / ١١٥ ب الحياة وزينةً فيها. و ( زهرةً ) وإن كان معرفةً فإن العرب تقول : مررت به الشريفَ الكريم. وأنشدني بعض بني فَقْعسٍ :
أبعد الذي بالسَّفح سفحِ كُواكبٍ رهينةَ رَمْسٍ من تراب وجندل
فنصب الرهينة بالفعل، وإنما وقع على الاسم الذي هو الرهينة خافض فهذا أَضعف من ( متَّعنا ) وأشباهه.
وقوله :﴿ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً ١٣٢ ﴾. أجراً على ذلك. وكذلكَ قوله ﴿ وَرِزقُ رَبِّك ﴾ يريد : وثواب ربك.
وقوله :﴿ أَنا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ ١٣٤ ﴾ من قبل الرسول ( لَقالُوا ) كيف أُهلكنا من قبل أن أُرسل إلينا رسولٌ. فالهاء لمحمّد صلى الله عليه وسلم. ويقال إن الهاء للتنزيل. وكلٌّ صَوَابٌ.
وقوله :﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ١٣٥ ﴾
مَن ومَن في موضع رفع. وكلّ ما كانَ في القرآن مثَله فهو مرفوع إذا كان بعده رافع. مثل قوله ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ في ضلالٍ مُبِينٍ ﴾ ومثله ﴿ لنَعْلمَ أي الحِزْبَيْنِ أحْصَى ﴾ ومثله ﴿ أعْلَمُ مَنْ جَاء بِالهُدَى وَمَنْ هُوَ في ضَلاَلٍ مُبِين ﴾ ولو نصبَ كان صَواباً، يكون بمنزلة قول الله ﴿ اللّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ﴾.
وقوله :﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ ﴾ الذين لم يَضِلُّوا ﴿ وَمَنِ اهْتَدَى ﴾ ممَّن كان ضَالاً فَهَدَى.
Icon