تفسير سورة الفجر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة الفجر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والفجر وليال عشر ﴾ [ الفجر : ١، ٢ ] قسم وجوابه مع ما بعده محذوف، تقديره : لتعذبنّ يا كفار مكة، ﴿ وليال عشر ﴾ أي ليالي عشر ذي الحجة.
إن قلتَ : كيف نكّرها دون بقيّة ما أقسم به ؟
قلتُ : لاختصاصها من بين الليالي، بفضيلة ليست لغيرها، فلم يُجمع بينها وبين البقيّة بلام الجنس، وإنما لم تُعرّف بلام العهد، لما مرّ في سورة البروج.
قوله تعالى :﴿ فيقول ربّي أكرمن ﴾ [ الفجر : ١٥ ].
إن قلتَ : كيف ذمّ من يقول ﴿ ربي أكرمن ﴾( ١ ) مع أنه صادق فيه لقوله تعالى :﴿ فأكرمه ونعّمه ﴾ [ الفجر : ١٥ ] ومع أنه متحدّث بالنعمة وهو مأمور بالتحدث بها لقوله تعالى :﴿ وأما بنعمة ربّك فحدّث ﴾ ؟ [ الضحى : ١١ ].
قلتُ : المراد أن يقول ذلك، مفتخرا به على غيره، ومستدلا به على علوّ منزلته في الآخرة، ومعتقدا استحقاق ذلك على ربه، كما في قوله تعالى :﴿ قال إنما أوتيته على علم عندي ﴾ [ القصص : ٧٨ ] وكلّ ذلك منهيّ عنه، وأما إذا قاله على وجه الشكر، والتحدّث بنعمة الله تعالى، فليس بمذموم بل ممدوح.
١ - هذا بيان من الله تعالى لطبيعة الإنسان الكافر، فإنه يبطر عند الرخاء، ويقنط عند الضرّاء، وإنما يقول ذلك على وجه الفخر والكبر، لا على وجه الامتنان والشكر..
قوله تعالى :﴿ وجاء ربّك... ﴾ [ الفجر : ٢٢ ] أي أمرُه( ١ ).
١ - هذا التأويل على طريقة الخلف، وأما طريقة السّلف، فإنهم لا يؤؤلون، بل يحملونها على ظاهرها من غير تكييف ولا تمثيل، قال ابن كثير: جار ربك لفصل القضاء بين خلقه، وهذا أسلم والله أعلم..
Icon