تفسير سورة إبراهيم

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة إبراهيم مكية، أو إلا آيتين مدنية، ﴿ ألم تر إلى الذين بدَّلوا ﴾ [ ٢٨ ] والتي بعدها.

١ - ﴿الظُّلُمَاتِ﴾ الضلالة والكفر، و ﴿النُّورِ﴾ الإيمان والهدى ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ بأمره. آمن بعيسى قوم وكفر به آخرون فلما بعث محمد [صلى الله عليه وسلم] آمن به من كفر بعيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فنزلت " ع ".
٣ - ﴿يَسْتَحِبُّونَ﴾ يختارون، أو يستبدلون ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾ العوج بالكسر في الأرض والدين وكل ما لم يكن قائماً وبالفتح كل ما كان قائماً كالرمح والحائط. ﴿يبغون﴾ يرجون بمكة ديناً غير الإسلام " ع "، أو يقصدون بمحمد [صلى الله عليه وسلم] هلاكاً.
158
﴿وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ولقد أرسلنا موسى بئاياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيّام الله إنّ في ذلك لآياتٍ لكل صبّار شكور ٣﴾
159
٥ - ﴿بَآَيَاتِنَآ﴾ التسع، أو بالحجج والبراهين ﴿وَذَكِّرْهُم﴾ عظهم بما سلف لهم في الأيام الماضية، أو بالأيام التي انتقم فيها بالقرون الأول، أو بنعم الله لأنها تُسمى بالأيام.
(وأيام لنا غر طوال..............................)
﴿صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ كثير الصبر والشكر إذا ابتُلي صبر وإذا أعطي شكر، وأخذ الشعبي من هذه الآية أن الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه. ﴿وإذ قال موسى لقومه أذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ من رّبّكم عظيم ٨ وإذ تأذّن ربّكم لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديدٌ وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد﴾
٦ - ﴿بَلآءٌ﴾ نعمة " ع "، أو شدة بلية، أو اختبار وامتحان. ٧ - ﴿تَأَذَّنَ﴾ قال، أو أعلم ﴿شَكَرْتُمْ﴾ نعمتي ﴿لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ من أفضالي أو طاعتي " ح ". ﴿ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شك ممّا تدعوننا إليه مريب﴾
﴿ تأذَّن ﴾ قال، أو أعلم ﴿ شكرتم ﴾ نعمتي ﴿ لأزيدنّكم ﴾ من أفضالي أو طاعتي.
٩ - ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ الحجج. ﴿فَرَدُّواْ﴾ عضوا الأصابع غيظاً على الرسل، أو كذبوهم بأفواههم، أو عجبوا لما سمعوا كتاب الله - تعالى - ووضعوا أيديهم في أفواههم " ع "، أو أشاروا بذلك إلى رسولهم لما أدعى الرسالة بأن يسكت تكذيباً له ورداً لقوله، أو وضعوا أيديهم على أفواه الرسل رداً لقولهم " ح "، أو الأيدي: النعم ردوها بأفواههم حجوداً، أو عبر بذلك عن ترك قبولهن للحق يقال لمن أمسك عن الجواب: رد يده في فيه. {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عما كان يعبد ءاباؤنا فأتونا بسلطانٍ مبينٍ قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ مثلكم ولكن الله يمنّ على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا
160
نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما ءاذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون}
161
١٠ - ﴿أَفِى اللَّهِ﴾ أفي توحيده، أو طاعته، ﴿مِّن ذُنُوبِكُمْ﴾ من زائدة، أو يجعل المغفرة بدلاً من ذنوبكم، ﴿وَيُؤَخِّرَكُمْ﴾ إلى الموت فلا يعذبكم في الدنيا. ﴿وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودن في ملّتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامى وخاف وعيدٍ واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ من ورائه جهنّم ويسقى من ماءٍ صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكانٍ وما هو بميّت ومن ورآئه عذاب غليظ﴾
١٤ - ﴿مَقَامِى﴾ مقامه بين يدي. ﴿وَعِيدِ﴾ عذابي أو زواجر القرآن.
١٥ - ﴿وَاسْتَفْتَحُواْ﴾ الرسل بطلب النصر " ع "، أو الكفار استفتحوا بالبلاء. ﴿جَبَّارٍ) {متكبر﴾ (عَنِيدٍ} معاند للحق، أو بعيد عنه.
١٦ - ﴿مِّن وَرَآئِهِ﴾ من بعد هلاكه جهنم، أو أمامه جهنم.
١٧ - ﴿مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾ من جسده لشدة آلامه، أو يأتيه أسباب الموت عن يمين وشمال وفوق وتحت وقدام وخلف " ع "، أو تأتيه شدائد الموت من كل مكان. ﴿وَمِن وَرَآئِهِ﴾ فيه الوجهان المذكوران. ﴿عذاب غليط﴾ الخلود في النار.
161
﴿مثل الذين كفروا بربّهم أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ لا يقدرون ممّا كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضلال البعيد ألم تر أنّ الله خلق السّماوات والارض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز﴾
162
١٨ - ﴿مَّثَلُ﴾ أعمال ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ في حبوطها وبطلانها وأنه لا يحصل منها على شيء بالرماد المذكور. ﴿عَاصِفٍ﴾ شديدة وصف اليوم بالعصوف لوقوعه فيه كما يقال يوم حار ويوم بارد / [٩٢ / أ] أو أراد عاصف الريح فحذف لتقدم ذكر الريح، أو العصوف من صفة الريح المذكورة فلما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه. ﴿وَبَرَزُواْ لله جميعاً فقال الضعفاؤا للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل انتم مغنون عنّا من عذاب الله من شىءٍ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص﴾
٢١ - ﴿وَبَرَزُواْ لِلَّهِ﴾ ظهروا بين يديه في القيامة، والضعفاء: الأتباع والذين استكبروا: قادتهم. ﴿تَبَعاً﴾ في الكفر ﴿مُّغْنُونَ﴾ دافعون، أغنى عنه: دفع عنه الأذى وأغناه: أوصل إليه النفع ﴿لَوْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ إلى الإيمان لهديناكم إليه، أو إلى الجنة لهديناكم إليها، أو لو نجّانا من العذاب لنجيناكم منه. ﴿مَّحِيصٍ﴾ ملجأ ومنجى يقول بعضهم لبعض: إن قوماً جزعوا وبكوا ففازوا فيجزعون ويبكون، ثم يقولون: إن قوماً صبروا في الدنيا ففازوا فيصبرون فعند ذلك يقولون: ﴿سَوَآءٌ عَلَيْنَآ﴾ الآية. {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمّا قضى الأمر إنّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا
162
أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربّهم تحيّتهم فيها سلام}
163
٢٢ - ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ﴾ يقوم إبليس خطيباً يوم القيامة فيسمعه الخلائق جميعاً ﴿قُضِىَ الأَمْرُ﴾ بحصول أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار. ﴿وَعْدَ الْحَقِّ﴾ الجنة والنار والبعث والثواب والعقاب. ﴿وَوَعَدتُكُمْ﴾ بأن لا بعث ولا ثواب ولا عقاب ﴿بِمُصْرِخِىَّ﴾ بمنجي أو بمغيثي ﴿إِنِّى كَفَرْتُ) {قبلكم﴾ (بما أشركتموني} من بعدي لأن كفره قبل كفرهم.
٢٣ - ﴿تحيتهم﴾ ملكهم دائم السلامة، ومنه التحيات لله أي الملك، أو التحية المعروفة إذا تلاقوا سلموا بها. ﴿ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكرون ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار﴾
٢٤ - ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ الإيمان، أو المؤمن ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ النخلة قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو شجرة في الجنة " ع " ﴿ثَابِتٌ) {في الأرض﴾ (وَفَرْعُهَا} نحو السماء.
٢٥ - ﴿أُكُلَهَا﴾ ثمرها ﴿حِينِ﴾ عبارة عن الوقت في اللغة. يراد بها ها هنا سنة لأنها تحمل في السنة مرة، أو ثمانية أشهر لأنها مدة الحمل ظاهراً وباطناً، أو ستة أشهر لأنها مدة الحمل ظاهراً، أو اربعة أشهر لأنها مدة صلاحها وبروزها من طلعها إلى جذاذها، أو شهرين لأنها مدة صلاحها إلى جفافها، أو غدوة وعشية لأنه وقت اجتنائها " ع ". شبه ثبوت الكلمة في الأرض بثبوت النخلة في الأرض فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما تعلو النخلة نحو السماء فكلما ذكرت نفعت كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.
٢٦ - ﴿كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ الكفر، أو الكافر ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ الحنظل أو الأكشوث، أو شجرة لم تخلق " ع "، ﴿اجْتُثَّتْ﴾ اقتلعت من أصلها. ﴿قَرَارٍ﴾ ثبوت، أو أصل. شبه الكلمة الخبيثه التي ليس لها أصل يبقى ولا ثمرة حلوة بأنه ليس لها عمل في الأرض يبقى ولا ذكر في السماء يرقى. {يثبّت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة ويضل الله
164
الظالمين ويفعل الله ما يشاء}
165
٢٧ - ﴿يثبت الله الذين آمنوا﴾ يديمهم على القول الثابت ﴿بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ الشهادتان، أو العمل الصالح ﴿فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ زمن الحياة ﴿وَفِى الآخِرَةِ﴾ عند المساءلة في القبر، أو الحياة الدنيا: مساءلة القبر والآخرة: مساءلة القيامة. ﴿ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمت الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار ٢٨ جهنم يصلونها وبئس القرار وجعلوا لله أنداداً ليضلّوا عن سبيله قل تمتعّوا فإن مصيركم إلى النار ٣٠﴾
٢٨ - ﴿الَّذِينَ بَدَّلُواْ﴾ قريش بدلوا نعمة إرسال الرسول [صلى الله عليه وسلم] منهم كفراً به وجحوداً، أو نزلت في بني أمية وبني مخزوم، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو مخزوم / [٩٢ / ب] فأهلكوا يوم بدر، أوهم قادة المشركين يوم بدر. أو جبلة بن الأيهم وتابعوه من العرب الذين لحقوا بالروم " ع " أو عامة في جميع
165
المشركين. ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾ جهنم، أو يوم بدر، والبوار: الهلاك. قل لعبادي الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتى يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلال الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماءٍ ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الّيل والنّهار وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدّوا نعمت الله لا تحصوها إنّ الإنسان لظلومٌ كفارٌ}
166
٣١ - ﴿سِرّاً وَعَلانِيَةً﴾ خفية وجهرة عند الأكثرين، أو السر: التطوع والعلانية: الفرض. ﴿لاَّ بَيْعٌ﴾ لا فدية في العاصي، ولا شفاعة للكفار، أو لا تُباع الذنوب ولا تُشترى الجنة. ﴿خِلالٌ﴾ مصدر خاللت خلالاً كقاتلت قتالاً، أو جمع خلة كقلة وقلال أي لا مودة بين الكفار لتقاطعهم. {وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد ءامناً واجنبنى وبني أن نّعبد الأصنام ربّ إنّهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنّه منّى ومن عصاني فإنّك غفورٌ رحيمٌ ربّنا إنّى أسكنت من ذريتّى بوادٍ غيرٍ ذى زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلّهم
166
يشكرون ربّنا إنّك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شىءٍ في الأرض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتى ربّنا وتقبل دعاء ربّنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}
167
٣٧ - ﴿بَيْتِكَ﴾ الذي لا يملكه غيرك. ﴿الْمُحَرَّمِ﴾، لأنه يحرم فيه ما يباح في غيره ﴿أَفْئِدَةً﴾ جمع فؤاد وهو القلب، أو جمع وفود. ﴿تَهْوِى﴾ تحن، أو تهواهم، أو تنزل عليهم. طلب ذلك ليميلوا إلى سكناها فتصير بلداً محرماً " ع "، أو ليحجوا قال " ع ": لولا أنه قال: من الناس لحجه اليهود والنصارى وفارس والروم ﴿مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ أجابه بما في الطائف من الثمار وما يجلب إليهم من الأمصار. ﴿ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون إنّما يؤخرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعى رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هوآء﴾
٤٣ - ﴿مُهْطِعِينَ﴾ مسرعين أهطع إهطاعاً أسرع، أو الدائم النظر لا يطرق، أو المطرق لا يرفع رأسه. ﴿مُقْنِعِى﴾ ناكسي بلغة قريش أو رافعي، إقناعُ الرأسِ رَفعُه ﴿طَرْفُهُمْ﴾ الطرف: النظر وبه سميت العين لأنه بها يكون ﴿هَوَآءٌ﴾ خالية من الخير " ع "، أو تردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر به فكأنها تهوي، أو زالت عن أماكنها فبلغت الحناجر فلا تنفصل ولا تعود. {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجل قريبٍ نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم
167
وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
168
٤٤ - ﴿زَوَالٍ﴾ عن الدنيا إلى الآخرة، أو زوال عن العذاب.
٤٦ - ﴿مَكْرَهُمْ﴾ الشرك " ع "، أو بالعتو والتجبر، وهي فيمن تجبر في ملكه وصعد مع النسرين في الهواء، قاله علي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما - ﴿وَعِندَ الَّلهِ مَكْرُهُمْ﴾ يحفظه ليجازيهم عليه، أو يعلمه فلا يخفى عنه ﴿لِتَزُولَ﴾ وما كان مكرهم لِتزولَ منه الجبال احتقاراً لمكرهم " ع "، ﴿لَتزولُ﴾ وكاد أن يزيلها تعظيماً لمكرهم، والجبال: جبال الأرض، أو الإسلام والقرآن لأنه في ثبوته كالجبال.
168
﴿فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيزٌ ذو انتقام يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفسٍ ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلاغٌ للناس ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحدٌ وليذّكروا أولوا الألباب﴾
169
٤٨ - ﴿تُبَدَّلُ الأَرْضُ﴾ بأرض بيضاء كالفضة لم تعمل عليها خطيئة، أو بأرض من فضة بيضاء، أو هي هذه الأرض تبدل صورتها ويطهر دنسها ﴿وَالسَّمَاواتُ﴾ تبدل بغيرها كالأرض فتصير جناناً والبحار ناراً، أو بجعل السماوات ذهباً والأرض فضة، قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو بتناثر نجومها وتكوير شمسها، أو طيها كطي السجل، أو انشقاقها.
٤٩ - ﴿الأَصْفَادِ﴾ الأغلال، أو القيود والصفد العطاء، لأنه يقيد المودة.
٥٠ - ﴿سَرَابِيلُهُم﴾ جمع سربال وهو القميص ﴿قَطِرَانٍ﴾ الذي تهنأ به الإبل لإسراع النار إليها، أو النحاس الحامي " ع ".
٥٣ - ﴿هذا بلاغ﴾ هذا الإنذار كافٍ للناس، أو هذا القرآن كافٍ للناس. ﴿ولينذروا﴾ بالقرآن ﴿وليعلموا﴾ بما فيه من الدلائل على التوحيد ﴿أنما هو إله واحد وليذكر﴾ بمواعظه ذوو العقول، قيل نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - وأصحابه.
169
سورة الحجر
مكية اتفاقاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ألر تلك ءايات الكتاب وقرءانٍ مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون﴾
170
Icon