تفسير سورة سورة الشورى من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
المعروف بـالدر المصون
.
لمؤلفه
السمين الحلبي
.
المتوفي سنة 756 هـ
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: ﴿كَذَلِكَ يوحي﴾ : القُراء على «يُوْحي» بالياء مِنْ أسفلَ مبنياً للفاعلِ، وهو اللَّهُ تعالى. «والعزيزُ الحكيمُ» نعتان. والكافُ منصوبةُ المحلِّ: إمَّا نعتاً لمصدرٍ، أو حالاً مِنْ ضميرِه أي: يوحي إيحاءً مثلَ ذلك الإِيحاءِ. وقرأ ابنُ كثير - وتُروى عن أبي عمروٍ - «يُوْحَى» بفتحِ الحاءِ مبنياً للمفعول. وفي القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: ضميرٌ مستترٌ يعود على «كذلك» لأنه مبتدأٌ، والتقدير: مثلُ ذلك الإِيحاءِ يُوْحَى هو إليك. فمثلُ ذلك مبتدأٌ، ويُوْحى هو إليك خبرُه. الثاني: أنَّ القائمَ مقامَ الفاعلِ «إليك»، والكافُ منصوبُ المحلِّ على الوجهَيْن المتقدِّمَيْن. الثالث: أنَّ القائمَ [مَقامَه] الجملةُ مِنْ قولِه: «اللَّهُ العزيزُ» أي: يُوْحَى إليك هذا اللفظُ. وأصولُ البَصْريين لا تساعِدُ عليه؛ لأنَّ الجملةَ لا تكونُ فاعلةً ولا قائمةً مقامَه.وقرأ أبو حيوةَ والأعمشُ وأبانٌ «نُوْحي» بالنون، وهي موافقةٌ للعامَّةِ. ويُحتمل أَنْ تكونَ الجملةُ مِنْ قولِه: «اللَّهُ العزيزُ» منصوبةَ المحلِّ مفعولةً
537
ب «نُوْحي» أي: نُوحي إليك هذا اللفظَ. إلاَّ أنَّ فيه حكايةَ الجملِ بغيرِ القولِ الصريحِ. و «نُوْحي» على اختلافِ قراءاتِه يجوزُ أَنْ يكونَ على بابه من الحالِ أو الاستقبالِ، فيتعلَّقَ قولُه: ﴿وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ﴾ بمحذوفٍ لتعذُّرِ ذلك، تقديرُه: وأوحَى إلى الذين، وأَنْ يكونَ بمعنى الماضي. وجيْءَ به على صورةِ المضارعِ لغَرَضٍ وهو تصويرُ الحالِ.
قوله: «اللَّهُ العزيزُ» يجوزُ أَنْ يرتَفِعَ بالفاعليةِ في قراءةِ العامَّةِ، وأَنْ يرتفعَ بفعلٍ مضمرٍ في قراءةِ ابنِ كثير، كأنه قيل: مَنْ يُوْحيه؟ فقيل: اللَّه، ك ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال﴾ [النور: ٣٦]، وقوله:
وقد مرَّ، وأَنْ يرتفعَ بالابتداءِ، وما بعدَه خبرُه، والجملةُ قائمةٌ مَقامَ الفاعلِ على ما مَرَّ، وأَنْ يكون «العزيزُ الحكيمُ» خبَريْن أو نعتَيْن. والجملةُ مِنْ قولِه: ﴿لَهُ مَا فِي السماوات﴾ خبرٌ أولُ أو ثانٍ على حَسَبِ ما تقدَّم في «العزيزُ الحكيمُ».
وجوَّز أبو البقاءِ أَنْ يكونَ «العزيز» مبتدأً و «الحكيمُ» خبرَه، أو نعتَه، و ﴿لَهُ مَا فِي السماوات﴾ خبرَه. وفيه نظرٌ؛ إذ الظاهرُ تَبَعيَّتُهما للجلالة. وأنت إذا قلتَ: «جاء زيدٌ العاقلُ الفاضلُ» لا تجعلُ العاقل مرفوعاً على الابتداء.
قوله: «اللَّهُ العزيزُ» يجوزُ أَنْ يرتَفِعَ بالفاعليةِ في قراءةِ العامَّةِ، وأَنْ يرتفعَ بفعلٍ مضمرٍ في قراءةِ ابنِ كثير، كأنه قيل: مَنْ يُوْحيه؟ فقيل: اللَّه، ك ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال﴾ [النور: ٣٦]، وقوله:
٣٩٦٤ - لِيُبْكَ يزيدُ ضارِعٌ.............. | ........................ |
وجوَّز أبو البقاءِ أَنْ يكونَ «العزيز» مبتدأً و «الحكيمُ» خبرَه، أو نعتَه، و ﴿لَهُ مَا فِي السماوات﴾ خبرَه. وفيه نظرٌ؛ إذ الظاهرُ تَبَعيَّتُهما للجلالة. وأنت إذا قلتَ: «جاء زيدٌ العاقلُ الفاضلُ» لا تجعلُ العاقل مرفوعاً على الابتداء.
538
والجملةُ مِنْ قولِه :﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ خبرٌ أولُ أو ثانٍ على حَسَبِ ما تقدَّم في " العزيزُ الحكيمُ ".
وجوَّز أبو البقاءِ أَنْ يكونَ " العزيز " مبتدأً و " الحكيمُ " خبرَه، أو نعتَه، و ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ خبرَه. وفيه نظرٌ ؛ إذ الظاهرُ تَبَعيَّتُهما للجلالة. وأنت إذا قلتَ :" جاء زيدٌ العاقلُ الفاضلُ " لا تجعلُ العاقل مرفوعاً على الابتداء.
وجوَّز أبو البقاءِ أَنْ يكونَ " العزيز " مبتدأً و " الحكيمُ " خبرَه، أو نعتَه، و ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ خبرَه. وفيه نظرٌ ؛ إذ الظاهرُ تَبَعيَّتُهما للجلالة. وأنت إذا قلتَ :" جاء زيدٌ العاقلُ الفاضلُ " لا تجعلُ العاقل مرفوعاً على الابتداء.
قوله: ﴿تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ﴾ : قد مَرَّ في مريم الخلافُ والكلامُ فيه مُشْبَعاً. إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ زاد هنا: «وروِيَ عن يونسَ عن أبي عمروٍ قراءةٌ غريبةٌ» تَتَفَطَّرْنَ «بتاءَيْن مع النونِ، ونظيرُهما حرفٌ نادرٌ رُوي في نوادر ابنِ الأعرابي:» الإِبلُ تَتَشَمَّمْن «. قال الشيخ:» والظاهرُ أنَّ هذا وهمٌ منه؛ لأنَّ ابن خالويه قال في «شاذِّ القراءاتِ» ما نَصُّه: «تَنْفَطِرْنَ» بالتاء والنون، يونس عن أبي عمروٍ «قال ابنُ خالَوَيْه:» وهذا حرفٌ نادرٌ لأنَّ العربَ لا تجمعُ بين علامَتَيْ التأنيثِ. لا يقال: النساءُ تَقُمْنَ، ولكن يَقُمْنَ، ﴿والوالدات يُرْضِعْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] ولا يقال: تُرْضَعْنَ. وقد كان أبو عُمَرَ الزاهدُ رَوَى في نوادرِ ابن الأعرابي: «الإِبلُ تَتشمَّمْن» فأنكَرْنَاه، فقد قَوَّاه الآن هذا «. قال الشيخ:» فإنْ كانَتْ نُسَخُ الزمخشريِّ متفقةً على قولِه: «بتاءَيْن مع النون» فهو وهمٌ، وإنْ كان في بعضها «بتاءٍ مع النونِ» كان موافقاً لقولِ ابن خالَوَيْهِ، وكان «بتاءَيْن» تحريفاً من النَّساخ. وكذلك كَتْبُهُم «تَتَفَطَّرْن» و «تَتَشَمَّمْنَ» بتاءَيْن «انتهى.
قلت: كيف يَسْتقيم أَنْ يكونَ كتْبُهم تَتَشَمَّمْن بتاءَيْن وهماً؟ وذلك لأنَّ ابنَ خالَوَيْهِ أورَدَه في مَعْرِضِ النُّدْرَةِ والإِنكارِ، حتى تَقَوَّى عنده بهذه القراءةِ، وإنما يكون نادراً مُنْكَراً بتاءَيْن فإنه حينئذٍ يكونُ مضارِعاً مُسْنَداً لضمير الإِبلِ، فكان مِنْ حَقِّه أَنْ يكونَ حرفُ مضارَعَتِه ياءً منقوطةً مِنْ أسفلَ نحو:» النساءُ
قلت: كيف يَسْتقيم أَنْ يكونَ كتْبُهم تَتَشَمَّمْن بتاءَيْن وهماً؟ وذلك لأنَّ ابنَ خالَوَيْهِ أورَدَه في مَعْرِضِ النُّدْرَةِ والإِنكارِ، حتى تَقَوَّى عنده بهذه القراءةِ، وإنما يكون نادراً مُنْكَراً بتاءَيْن فإنه حينئذٍ يكونُ مضارِعاً مُسْنَداً لضمير الإِبلِ، فكان مِنْ حَقِّه أَنْ يكونَ حرفُ مضارَعَتِه ياءً منقوطةً مِنْ أسفلَ نحو:» النساءُ
539
يَقُمْنَ «فكان يَنْبغي أَنْ يقال: الإِبلُ يَتَشَمَّمْنَ بالياء مِنْ تحتُ ثم بالتاءِ مِنْ فوقُ، فلمَّا جاء بتاءَيْن كلاهما مِنْ فوقُ ظهرَ ندورُه وإنكارُه. ولو كان على ما قال الشيخُ: إنَّ كَتْبَهم بتاءَيْن وهمٌ، بل كان ينبغي كَتْبُه بتاءٍ واحدةٍ لَما كان فيه شذوذٌ/ ولا إنكارٌ؛ لأنه نظيرُ» النسوةُ قد خَرَجْنَ «فإنَّه ماضٍ مسندٌ لضميرِ الإِناثِ، وكذا لو كُتِب بياءٍ مِنْ تحتُ وتاءٍ مِنْ فوقُ لم يكنْ فيه شذوذٌ ولا إنكارٌ، وإنما يجيْءُ الشذوذُ والإِنكارُ إذا كان بتاءَيْنِ منقوطتَيْن مِنْ فوقُ، ثم إنَّه سواءٌ قُرِئَ» تَتَفَطَّرْنَ «بتاءَيْن أو بتاءٍ ونونٍ فإنه نادرٌ كما ذَكَرَ ابنُ خالوَيْه، وهذه القراءةُ لم يُقْرَأ بها في نظيرتِها في سورةِ مريم.
قوله:» مِنْ فَوْقِهِنَّ «في هذا الضميرِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه عائدٌ على السماوات أي: يَبْتَدِئُ انفطارُهُنَّ مِنْ هذه الجهةِ ف» مِنْ «لابتداءِ الغايةِ متعلقةً بما قبلَها. الثاني: أنه [عائد] على الأرضين لتقدُّم ذِكْرِ الأرضِ قبلَ ذلك. الثالث: أنه يعودُ على فِرَقِ الكفَّارِ والجماعاتِ المُلْحِدين، قاله الأخفش الصغير، وأنكره مكي، وقال:» لا يجوزُ ذلك في الذكور مِنْ بني آدم «. وهذا لا يُلْزِمُ الأخفشَ فإنَّه قال: على الفِرَقِ والجماعات، فراعى ذلك المعنى.
قوله:» مِنْ فَوْقِهِنَّ «في هذا الضميرِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه عائدٌ على السماوات أي: يَبْتَدِئُ انفطارُهُنَّ مِنْ هذه الجهةِ ف» مِنْ «لابتداءِ الغايةِ متعلقةً بما قبلَها. الثاني: أنه [عائد] على الأرضين لتقدُّم ذِكْرِ الأرضِ قبلَ ذلك. الثالث: أنه يعودُ على فِرَقِ الكفَّارِ والجماعاتِ المُلْحِدين، قاله الأخفش الصغير، وأنكره مكي، وقال:» لا يجوزُ ذلك في الذكور مِنْ بني آدم «. وهذا لا يُلْزِمُ الأخفشَ فإنَّه قال: على الفِرَقِ والجماعات، فراعى ذلك المعنى.
540
قوله: ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ : فيه وجهان، أظهرُهما: أنه مفعولُ «أَوْحَيْنا»، والكافُ للمصدرِ نعتاً أو حالاً. والثاني: أنَّه حالٌ من الكافِ، والكافُ هي المفعولُ ل «أَوْحَيْنا» أي: أَوْحَيْنا مثلَ ذلك الإِيحاءِ، وهو قرآنٌ عربيٌّ. وإليه نحا الزمخشريُّ، وكونُ الكافِ اسماً في النَّثْر مذهبُ الأخفش.
540
قوله: «ومَنْ حَوْلها» عطفٌ على «أهل» المقدرِ قبل «أمَّ القرى» أي: لِتُنْذِرَ أهلَ أمِّ القرى ومَنْ حَوْلَها. والمفعولُ الثاني محذوفٌ أي: العذابَ. وقُرِئَ «لِيُنْذِرَ» بالياءِ مِنْ تحتُ أي: القرآن. وقولُه: ﴿وَتُنذِرَ يَوْمَ الجمع﴾ هو المفعولُ الثاني. والأولُ محذوفٌ أي: وتُنْذِرَ الناسَ عذابَ يومِ الجمع، فحذفَ المفعولَ الأولَ من الإِنذار الثاني، كما حَذَفَ المفعولَ الثاني مِنْ الإِنذار الأولِ.
قوله: ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ إخبارٌ فهو مستأنَفٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ «يومَ الجمع»، وجعلَه الزمخشريُّ اعتراضاً وهو غيرُ ظاهرٍ صناعةً؛ إذ لم يَقَعْ بين متلازِمَيْنِ.
قوله: «فَرِيقٌ» العامَّةُ على رَفْعِه بأحدِ وجهَيْنِ: إمَّا الابتداءِ، وخبرُه الجارُّ بعدَه. وساغ هذا في النكرةِ لأنَّه مَقامُ تفصيلٍ كقولِه:
ويجوزُ أَنْ يكونَ الخبرُ مقدراً، تقديرُه: منهم فريقٌ. وساغ الابتداءُ بالنكرةِ لشيْئَيْنِ: تقديمِ خبرِها جارًّا ومجروراً، ووَصْفِها بالجارِّ بعدَها. والثاني: أنه خبرُ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هم، أي: المجموعون دَلَّ على ذلك قولُه: «يومَ الجَمْعِ».
وقرأ زيدُ بن علي «فريقاً، وفريقاً» نصباً على الحال مِنْ جملةٍ محذوفةٍ
قوله: ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ إخبارٌ فهو مستأنَفٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ «يومَ الجمع»، وجعلَه الزمخشريُّ اعتراضاً وهو غيرُ ظاهرٍ صناعةً؛ إذ لم يَقَعْ بين متلازِمَيْنِ.
قوله: «فَرِيقٌ» العامَّةُ على رَفْعِه بأحدِ وجهَيْنِ: إمَّا الابتداءِ، وخبرُه الجارُّ بعدَه. وساغ هذا في النكرةِ لأنَّه مَقامُ تفصيلٍ كقولِه:
٣٩٦٥ -........................... | فثوبٌ لَبِسْتُ وثَوْبٌ أَجُرّْ |
وقرأ زيدُ بن علي «فريقاً، وفريقاً» نصباً على الحال مِنْ جملةٍ محذوفةٍ
541
أي: افترقوا أي: المجموعون. وقال مكي: «وأجاز الكسائيُّ والفراءُ النصبَ في الكلام في» فريقاً «على معنى: تُنْذِرُ فريقاً في الجنة وفريقاً في السَّعير يومَ الجمع». قلت: قد تقدَّم أنَّ زيدَ بن علي قرأ بذلك، فكأنَّه لم يَطَّلِعْ على أنها قراءةٌ؛ بل ظاهرُ نَقْلِه عن هذَيْن الإِمامَيْن أنهما لَم يَطَّلعا عليها، وجَعَل «فريقاً» مفعولاً أولَ ل «تُنْذِرَ» و «يومَ الجَمْعِ» مفعولاً ثانياً. وفي ظاهرِه إشكالٌ: وهو أنَّ الإِنذارَ لا يقعُ للفريقَيْنِ، وهما في الجنة، وفي السَّعير، إنَّما يكونُ الإِنذارُ قبل استقرارِهما فيهما. ويمكنُ أَنْ يُجابَ عنه: بأنَّ المرادَ مَنْ هو مِنْ أهلِ الجنة ومِنْ أهلِ السَّعير، وإنْ لم يكنْ حاصلاً فيهما وقتَ الإِنذارِ، و «في الجنة» صفةٌ ل «فَريقاً» أو متعلِّقٌ بذلك المحذوفِ.
542
قوله: ﴿أَمِ اتخذوا﴾ : هذه «أم» المنقطعةُ تتقَدَّر ب بل التي للانتقالِ وبهمزةِ الإِنكارِ، أو بالهمزةِ فقط، أو ب بل فقط.
قوله: ﴿فالله هُوَ الولي﴾. الفاءُ عاطفةٌ ما بعدَها على ما قبلَها. وجعلها الزمخشريُّ جوابَ شرطٍ مقدرٍ. كأنَّه قيل: إنْ أرادوا أولياءَ بحقٍ فاللَّهُ هو الوليُّ.
قوله: ﴿فالله هُوَ الولي﴾. الفاءُ عاطفةٌ ما بعدَها على ما قبلَها. وجعلها الزمخشريُّ جوابَ شرطٍ مقدرٍ. كأنَّه قيل: إنْ أرادوا أولياءَ بحقٍ فاللَّهُ هو الوليُّ.
قوله: ﴿فَاطِرُ﴾ : العامَّةُ على رفعِه خبراً ل «ذلكم» أو نعتاً ل «ربِّي» على تَمَحُّضِ إضافتِه. و «عليه توكَّلْتُ» معترضٌ على هذا، أو مبتدأ، وخبرُه «جَعَلَ لكم» أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: هو. وزيد بن علي: «
542
فاطرِ» بالجرِّ نعتاً للجلالةِ في قوله: «إلى اللَّهِ»، وما بينهما اعتراضٌ أو بدلاً مِن الهاء في «عليه» أو «إليه».
وقال مكيٌّ: «وأجاز الكسائيُّ النصبَ على النداء». وقال غيرُه: على المدح. ويجوزُ في الكلامِ الخفضُ على البدلِ من الهاءِ في «عليه». قلت: قد قرأ بالخفضِ زيدُ بن علي. وأمَّا نصبُه فلم أحفَظْه قراءةً.
قوله: «يَذْرَؤُكُمْ فيه» يجوزُ أَنْ تكونَ «في» على بابِها. والمعنى: يُكَثِّرُكُمْ في هذا التدبير، وهو أنْ جَعَلَ للناسِ والأنعام أزواجاً حتى كان بين ذُكورِهم وإناثِهم التوالُدُ. والضميرُ في «يَذرَؤُكم» للمخاطبين والأنعامِ. وغَلَّب العُقلاءَ على غيرِهم الغُيَّبِ. قال الزمخشري: «وهي/ من الأحكامِ ذاتِ العلَّتَيْن». قال الشيخ: «وهو اصطلاحٌ غريبٌ، ويعني: أنَّ الخطابَ يُغَلَّبُ على الغَيْبة إذا اجتمعا». ثم قال الزمخشريُّ: «فإنْ قلت: ما معنى يَذْرَؤُكم في هذا التدبيرِ؟ وهلا قيل يَذْرَؤُكم به. قلت: جُعِل هذا التدبيرُ كالمَنْبَع والمَعدِنِ للبَثِّ والتكثيرِ. ألا تَراك تقول: للحَيَوان في خلق الأزواج تكثير، كما قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]. والثاني: أنها للسببية كالباء أي: يُكَثِّرُكم بسبِبه. والضميرُ يعودُ للجَعْلِ أو للمخلوقِ».
قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ في هذه الآيةِ أوجهٌ، أحدُها - وهو المشهورُ
وقال مكيٌّ: «وأجاز الكسائيُّ النصبَ على النداء». وقال غيرُه: على المدح. ويجوزُ في الكلامِ الخفضُ على البدلِ من الهاءِ في «عليه». قلت: قد قرأ بالخفضِ زيدُ بن علي. وأمَّا نصبُه فلم أحفَظْه قراءةً.
قوله: «يَذْرَؤُكُمْ فيه» يجوزُ أَنْ تكونَ «في» على بابِها. والمعنى: يُكَثِّرُكُمْ في هذا التدبير، وهو أنْ جَعَلَ للناسِ والأنعام أزواجاً حتى كان بين ذُكورِهم وإناثِهم التوالُدُ. والضميرُ في «يَذرَؤُكم» للمخاطبين والأنعامِ. وغَلَّب العُقلاءَ على غيرِهم الغُيَّبِ. قال الزمخشري: «وهي/ من الأحكامِ ذاتِ العلَّتَيْن». قال الشيخ: «وهو اصطلاحٌ غريبٌ، ويعني: أنَّ الخطابَ يُغَلَّبُ على الغَيْبة إذا اجتمعا». ثم قال الزمخشريُّ: «فإنْ قلت: ما معنى يَذْرَؤُكم في هذا التدبيرِ؟ وهلا قيل يَذْرَؤُكم به. قلت: جُعِل هذا التدبيرُ كالمَنْبَع والمَعدِنِ للبَثِّ والتكثيرِ. ألا تَراك تقول: للحَيَوان في خلق الأزواج تكثير، كما قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]. والثاني: أنها للسببية كالباء أي: يُكَثِّرُكم بسبِبه. والضميرُ يعودُ للجَعْلِ أو للمخلوقِ».
قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ في هذه الآيةِ أوجهٌ، أحدُها - وهو المشهورُ
543
عند المُعْرِبين - أنَّ الكافَ زائدةٌ في خبرِ ليس، و «شيءٌ» اسمُها. والتقدير: ليس شيءٌ مثلَه. قالوا: ولولا ادِّعاءُ زيادتِها لَلَزِمَ أَنْ يكونَ له مِثْلٌ. وهو مُحالٌ؛ إذ يَصيرُ التقديرُ على أصالةِ الكاف: ليس مثلَ مثلِه شيءٌ، فنفى المماثلةَ عن مثلِه، فثبَتَ أنَّ له مثْلاً، لا مثلَ لذلك المَثَلِ، وهذا مُحالٌ تَعالى اللَّه عن ذلك.
وقال أبو البقاء: «ولو لم تكنْ زائدةً لأَفْضَى ذلك إلى المُحال؛ إذ كان يكونُ المعنى: أنَّ له مِثْلاً وليس لمثلِه مِثْلٌ. وفي ذلك تناقضٌ؛ لأنَّه إذا كان له مِثْلٌ فلِمِثْله مِثْلٌ وهو هو، مع أنَّ إثباتَ المِثْلِ لله تعالى مُحالٌ». قلت: وهذه طريقةٌ غريبةٌ في تقريرِ الزيادةِ، وهي طريقةٌ حسنةٌ فيها حُسْنُ صناعةٍ.
والثاني: أنَّ مِثْلاً هي الزائدةُ كزيادتِها في قوله تعالى: ﴿بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [البقرة: ١٣٧]. قال الطبري: «كما زِيْدَتِ الكافُ في قوله:
٣٩٦٦ - وصَالياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ...
وقولِ الآخر:
٣٩٦٧ - فصُيِّروا مثلَ كعَصْفٍ مَأْكُوْلْ...
وقال أبو البقاء: «ولو لم تكنْ زائدةً لأَفْضَى ذلك إلى المُحال؛ إذ كان يكونُ المعنى: أنَّ له مِثْلاً وليس لمثلِه مِثْلٌ. وفي ذلك تناقضٌ؛ لأنَّه إذا كان له مِثْلٌ فلِمِثْله مِثْلٌ وهو هو، مع أنَّ إثباتَ المِثْلِ لله تعالى مُحالٌ». قلت: وهذه طريقةٌ غريبةٌ في تقريرِ الزيادةِ، وهي طريقةٌ حسنةٌ فيها حُسْنُ صناعةٍ.
والثاني: أنَّ مِثْلاً هي الزائدةُ كزيادتِها في قوله تعالى: ﴿بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [البقرة: ١٣٧]. قال الطبري: «كما زِيْدَتِ الكافُ في قوله:
٣٩٦٦ - وصَالياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ...
وقولِ الآخر:
٣٩٦٧ - فصُيِّروا مثلَ كعَصْفٍ مَأْكُوْلْ...
544
وهذا ليس بجيدٍ؛ لأنَّ زيادةَ الأسماءِ ليسَتْ بجائزةٍ. وأيضاً يصيرُ التقديرُ ليس ك هو شيءٌ، ودخولُ الكافِ على الضمائرِ لا يجوزُ إلاَّ في شعرٍ.
الثالث: أنَّ العربَ تقولُ «مثلُكَ لا يَفْعَلُ كذا» يعْنُون المخاطبَ نفسَه؛ لأنَّهم يُريدون المبالغةَ في نَفْيِ الوصفِ عن المخاطب، فينفونَها في اللفظِ عن مثلِه، فَيَثْبُتُ انتفاؤُها عنه بدليلِها. ومنه قول الشاعر:
وقال أوس بن حجر:
وقال آخر:
قال ابن قتيبة: «العرب تُقيم المِثْلَ مُقامَ النفسِ فتقول: مثلي لا يُقال
الثالث: أنَّ العربَ تقولُ «مثلُكَ لا يَفْعَلُ كذا» يعْنُون المخاطبَ نفسَه؛ لأنَّهم يُريدون المبالغةَ في نَفْيِ الوصفِ عن المخاطب، فينفونَها في اللفظِ عن مثلِه، فَيَثْبُتُ انتفاؤُها عنه بدليلِها. ومنه قول الشاعر:
٣٩٦٨ - على مِثْلِ ليلى يَقْتُل المرءُ نفسَه | وإنْ باتَ مِنْ ليلى على اليأس طاويا |
٣٩٦٩ - ليس كمثلِ الفتى زُهَيْرٍ | خَلْقٌ يُوازِيه في الفضائلِ |
٣٩٧٠ - سَعْدُ بنُ زيدٍ إذا أبصرْتَ فضلَهُمُ | فما كمِثْلِهِمْ في الناسِ مِنْ أَحَدِ |
545
له هذا، أي: أنا لا يُقال لي». قيل: و [نظيرُ] نسبةُ المِثْل إلى مَنْ لا مِثْل له قولُك: فلانٌ يدُه مبسوطةٌ تريد أنه جَوادٌ، ولا نَظَرَ في الحقيقة إلى اليد، حتى تقولُ ذلك لمَنْ لا يَدَ له كقولِه تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤].
الرابع: أَنْ يُرادَ بالمِثْلِ الصفةُ، وذلك أنَّ المِثْلَ بمعنى المَثَلَ والمَثَلُ الصفةُ، كقولِه تعالى: ﴿مَّثَلُ الجنة﴾ [الرعد: ٣٥] فيكونُ المعنى: ليس مِثْلُ صفتِه تعالى شيءٌ من الصفات التي لغيرِه، وهو مَحْمَلٌ سهلٌ.
الرابع: أَنْ يُرادَ بالمِثْلِ الصفةُ، وذلك أنَّ المِثْلَ بمعنى المَثَلَ والمَثَلُ الصفةُ، كقولِه تعالى: ﴿مَّثَلُ الجنة﴾ [الرعد: ٣٥] فيكونُ المعنى: ليس مِثْلُ صفتِه تعالى شيءٌ من الصفات التي لغيرِه، وهو مَحْمَلٌ سهلٌ.
546
قوله: ﴿أَنْ أَقِيمُواْ﴾ : يجوز فيها أوجهٌ، أحدُها: أَنْ تكونَ مصدريةً في محلِّ رفعٍ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ تقديرُه: هو أَنْ أَقيموا أي: الدينُ المشروعُ توحيدُ الله تعالى. الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ بدلاً من الموصولِ كأنَّه قيل: شَرَعَ لكم توحيدَ الله تعالى. الثالث: أنَّها في محلِّ جرٍّ بدلاً من الدين. الرابع: أنَّها في محلِّ جَرٍّ أيضاً بدلاً من الهاء. الخامس: أَنْ تكونَ مُفَسِّرةً؛ لأنها قد تقدَّمها ما هو بمعنى القول.
قوله: ﴿أُورِثُواْ﴾ : قرأ زيد بن علي «وُرِّثوا» بالتشديد [مِنْ] وُرِّثَ مبنياً للمفعول.
قوله: ﴿فَلِذَلِكَ فادع﴾ : في اللامِ وجهان، أحدهما: أَنْ تكونَ بمعنى إلى. والثاني: أنها للعلةِ أي: لأجلِ التفرُّقِ والاختلافِ ادْعُ للدِّين القيِّمِ.
546
قوله: «وأُمِرْتُ لأَعْدِلَ» يجوزُ أَنْ يكونَ التقديرُ: وأُمِرْت بذلك لأَعْدِلَ. وقيل: وأُمرت أَنْ أَعْدِلَ، فاللامُ مزيدةٌ. وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّك بعد زيادةِ اللام تحتاج إلى تقديرِ حرفِ جر أي: بأَنْ أَعْدِلَ.
547
قوله: ﴿والذين يُحَآجُّونَ﴾ : مبتدأٌ و «حُجَّتُهم» مبتدأٌ ثانٍ، و «داحِضَةٌ» خبرُ الثاني، والثاني وخبرُه خبرٌ عن الأول. وأعربَ مكيٌّ «حُجَّتُهم» بدلاً/ من الموصول بدلَ اشتمال. والهاءُ في «له» تعودُ على الله أو على الرسول عليه السلام أي: مِنْ بعدِ ما استجاب الناسُ لله تعالى، أو مِنْ بعدِما استجاب اللَّهُ لرسولِه حين دعا على قومِه.
قوله: ﴿لَعَلَّ الساعة قَرِيبٌ﴾ : إنما ذَكَّر «قَريب» وإنْ كان صفةً لمؤنث لأنَّ الساعةَ في معنى الوقتِ، أو البعثِ، أو على معنى النَّسب أي: ذاتُ قُرْب، أو على حَذْفِ مضافٍ أي: مجيء الساعةِ. وقيل: للفرق: بينها وبين قرابةِ النسَبِ. وقيل: لأنَّ تأنيثها مجازيٌّ، نقله مكي، وليس بشيءٍ؛ إذ لا يجوز: الشمسُ طالعٌ ولا القِدْرُ فائرٌ. وجملةُ الترجِّي أو الإِشفاقِ مُعَلِّقَةٌ للدرايةِ. وتقدَّم مثلُه آخرَ الأنبياء.
قوله: ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ : قد تَقَدَّم أنَّ كَوْنَ الشرطِ ماضياً والجزاءِ مضارعاً مجزوماً لا يختَصُّ مجيْئُه ب «كان» خلافاً لأبي الحكم مصنِّفِ «كتابِ الإِعراب» فإنَّه قال: «لا يجوز ذلك إلاَّ مع» كان «إلاَّ في ضرورةِ
547
شعرٍ». وأطلق النَّحْويون جوازَ ذلك، وأنشدوا بيتَ الفرزدق:
وقولَه أيضاً:
وقرأ ابن مقسم والزعفراني ومحبوب «يَزِدْ» و «يُؤْتِه» بالياء مِنْ تحتُ أي: الله تعالى. وقرأ سلام «نُؤْتِهُ» بضمِّ هاءِ الكناية وهو الأصلُ، وهي لغةُ الحجاز. وتقدَّمَ خلافُ القُرَّاءِ في ذلك.
٣٩٧١ - دَسَّتْ رسولاً بأنَّ القوم إنْ قَدِرُوا | عليك يَشْفُوا صدوراً ذاتَ تَوْغيرِ |
٣٩٧٢ - تَعَشَّ فإنْ عاهَدْتَني لا تَخُونني | نكنْ مِثْلَ مَنْ يا ذئبُ يصْطَحِبان |
548
قوله: ﴿شَرَعُواْ لَهُمْ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ المرفوع عائداً على الشركاء، والمجرورُ على الكفار. ويجوز العكسُ؛ لأنَّهم جَعَلوا لهم أنْصِباءَ.
قوله: «وإنَّ الظالمين» العامَّةُ بالكسر على الاستئناف. ومسلم ابن جندب والأعرج بفتحِها عطفاً على «كلمةُ»، وفَصَلَ بين المتعاطفَيْن بجوابِ «لولا» تقديرُه: ولولا كلمةٌ واستقرارُ الظالمين في العذاب لقُضِيَ، وهو نظيرُ: ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ [طه: ١٢٩].
قوله: «وإنَّ الظالمين» العامَّةُ بالكسر على الاستئناف. ومسلم ابن جندب والأعرج بفتحِها عطفاً على «كلمةُ»، وفَصَلَ بين المتعاطفَيْن بجوابِ «لولا» تقديرُه: ولولا كلمةٌ واستقرارُ الظالمين في العذاب لقُضِيَ، وهو نظيرُ: ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ [طه: ١٢٩].
قوله: ﴿وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ﴾ : أي: والإِشفاقُ أو والعذاب. و «روضاتُ الجنَّات» : قال الشيخ: «واللغةُ الكثيرةُ تسكينُ الواوِ، ولغةُ هُذَيْلٍ فَتْحُ الواو، إجراءً لها مُجْرى الصحيح نحو: جَفَنات، ولم يقرأ أحد فيما عَلِمْناه بلغتِهم». قلت: إن عَنى لم يَقْرأ أحدٌ بلغتهم في هذا البابِ من حيث هو هو فليس كذلك؛ لأني قد قَدَّمْتُ لك في سورة النور أنَّ الأعمشَ قرأ ﴿ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ﴾ [النور: ٥٨] بفتحِ الواو. وإنْ عنى أنَّه لم يُقْرأ في «رَوْضات» بخصوصِها - وليس بظاهرِ عبارته - فيُحْتمل ذلك.
قوله: «عندَ رَبِّهم» يجوزُ أَنْ يكونَ ظرفاً ل «يَشاؤُون» قاله الحوفي، أو للاستقرارِ العاملِ في «لهم» قاله الزمخشريُّ، والعِنْدِيَّةُ مجازٌ.
قوله: «عندَ رَبِّهم» يجوزُ أَنْ يكونَ ظرفاً ل «يَشاؤُون» قاله الحوفي، أو للاستقرارِ العاملِ في «لهم» قاله الزمخشريُّ، والعِنْدِيَّةُ مجازٌ.
قوله: ﴿يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ﴾ : كقولِه: ﴿كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩] وقد تقدَّم تحقيقُه، وتقدَّمَتِ القراءاتُ في «يُبَشِّر». وقرأ مجاهد وحميد بن قيس «يُبْشِرُ» بضمِّ الياءِ وسكونِ الباءِ وكسرِ الشينِ مِنْ أَبْشَر منقولاً مِنْ بَشِر بالكسر، لا مِنْ بَشَر بالفتح، لأنه متعدٍّ. والتشديدُ في «بَشَّر» للتكثيرِ لا للتعديةِ؛ لأنه متعدٍّ بدونها. ونقل الشيخ قراءةَ «يَبْشُرُ» بفتح الياء وضم الشين عن حمزةَ والكسائي من السبعة، ولم يذكرْ غيرَهما من السبعةِ، وقد وافَقَهما على ذلك ابن كثير وأبو عمرو. و «ذلك» مبتدأٌ والموصولُ بعده خبرُه،
549
وعائدُه محذوفٌ على التدريجِ المذكورِ في قولِه: ﴿كالذي خاضوا﴾ أي: يُبَشِّرُ به، ثم يُبَشِّره على الاتِّساع. وأمَّا على رأي يونسَ فلا تحتاج إلى عائدٍ لأنها عنده مصدريَّةٌ، وهو قول الفراء أيضاً. أي: ذلك تبشيرُ اللَّهِ عبادَه. و «ذلك» إشارةٌ إلى ما أَعَدَّه الله لهم من الكرامة.
وقال الزمخشري: «أو ذلك التبشيرَ الذي يُبَشِّره اللَّهُ عبادَه». قال الشيخ: «وليس بظاهرٍ؛ إذ لم يتقدَّمْ في هذه السورةِ لفظُ البُشْرى، ولا ما يَدُلُّ عليها مِنْ بَشَّر أو شبهِه».
قوله «إلاَّ المودَّةَ» فيها قولان، أحدهما: أنَّها استثناءٌ منقطعٌ؛ إذ ليسَتْ من جنسِ الأَجْرِ. والثاني: أنه متصلٌ أي: لا أسألُكم عليه أجراً إلاَّ هذا. وهو أَنْ تَوَدُّوا أهلَ قرابتي ولم يكنْ هذا أجراً في الحقيقةِ؛ لأنَّ قرابتَه قرابتُهم فكانت صلتُهم لازمةً لهم في المروءةِ، قاله الزمخشري. وقال أيضاً: «فإنْ قلت: هلاَّ قيل: إلاَّ مودةَ القُرْبَى، أو إلاَّ المودةَ للقُرْبى. قلت: جُعِلوا مكاناً للمودَّةِ ومَقَرًّا لها كقولِك: لي في آل فلان مَوَدَّة، وليست» في «صلةً للمودةِ كاللامِ إذا قلتَ: إلاَّ المودةَ للقربى، إنما هي متعلقةٌ بمحذوفٍ تَعَلُّقَ الظَرفِ به في قولك:» المالُ في الكيس «، وتقديرُه: إلاَّ المودةَ ثابتةً في القُرْبَى ومتمكنةً
وقال الزمخشري: «أو ذلك التبشيرَ الذي يُبَشِّره اللَّهُ عبادَه». قال الشيخ: «وليس بظاهرٍ؛ إذ لم يتقدَّمْ في هذه السورةِ لفظُ البُشْرى، ولا ما يَدُلُّ عليها مِنْ بَشَّر أو شبهِه».
قوله «إلاَّ المودَّةَ» فيها قولان، أحدهما: أنَّها استثناءٌ منقطعٌ؛ إذ ليسَتْ من جنسِ الأَجْرِ. والثاني: أنه متصلٌ أي: لا أسألُكم عليه أجراً إلاَّ هذا. وهو أَنْ تَوَدُّوا أهلَ قرابتي ولم يكنْ هذا أجراً في الحقيقةِ؛ لأنَّ قرابتَه قرابتُهم فكانت صلتُهم لازمةً لهم في المروءةِ، قاله الزمخشري. وقال أيضاً: «فإنْ قلت: هلاَّ قيل: إلاَّ مودةَ القُرْبَى، أو إلاَّ المودةَ للقُرْبى. قلت: جُعِلوا مكاناً للمودَّةِ ومَقَرًّا لها كقولِك: لي في آل فلان مَوَدَّة، وليست» في «صلةً للمودةِ كاللامِ إذا قلتَ: إلاَّ المودةَ للقربى، إنما هي متعلقةٌ بمحذوفٍ تَعَلُّقَ الظَرفِ به في قولك:» المالُ في الكيس «، وتقديرُه: إلاَّ المودةَ ثابتةً في القُرْبَى ومتمكنةً
550
فيها». قلت: وأحسنُ ما سَمِعْتُ في معنى هذه الآيةِ حكايةُ الشعبيِّ قال: أَكْثَرَ الناسُ علينا في هذه الآيةِ فكتَبْنا إلى ابن عباس نسألُه عنها. فكتب: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان أوسطَ الناسِ في قريش، ليس بطنٌ مِنْ بطونهم إلاَّ قد وَلَدَه، فقال الله تعالى: قل لا أسألُكم عليه أَجْراً إلاَّ أن تَوَدُّوني في قَرابتي منكم فارْعَوْا ما بيني وبينكم فصَدِّقوني.
وقال أبو البقاء: «وقيل: متصلٌ أي/: لا أسألكم شيئاً إلاَّ المودةَ». قلت: وفي تأويلِه متصلاً بما ذَكَر، نظرٌ لمجيئه ب «شيء» الذي هو عامٌّ، وما مِنْ استثناءٍ منقطع إلاَّ ويمكن تأويلُه بما ذَكَر، ألا ترى إلى قولِك: «ما جاءني أحدٌ إلاَّ حمارٌ» أنه يَصِحُّ: ما جاءني شيءٌ إلاَّ حماراً.
وقرأ زيد بن علي «مَوَدَّة» دون ألفٍ ولام.
قوله: ﴿نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً﴾ العامَّةُ على «نَزِدْ» بالنون للعظمة. وزيد ابن علي وعبدُ الوارث عن أبي عمروٍ «يَزِدْ» بالياءِ مِنْ تحتُ أي: يَزِدِ اللَّهُ. والعامَّةُ على «حُسْناً» بالتنوين مصدراً على فُعْل نحو: شُكْر. وهو مفعولٌ به. وعبدُ الوارث عن أبي عمرو «حُسْنى» بألفِ التأنيث على وزنِ بُشْرَى ورُجْعَى وهو مفعولٌ به أيضاً. ويجوز أَنْ يكونَ صفةً ك فُضْلَى، فيكونَ وصفاً لمحذوف أي خَصْلَةً حسنى.
وقال أبو البقاء: «وقيل: متصلٌ أي/: لا أسألكم شيئاً إلاَّ المودةَ». قلت: وفي تأويلِه متصلاً بما ذَكَر، نظرٌ لمجيئه ب «شيء» الذي هو عامٌّ، وما مِنْ استثناءٍ منقطع إلاَّ ويمكن تأويلُه بما ذَكَر، ألا ترى إلى قولِك: «ما جاءني أحدٌ إلاَّ حمارٌ» أنه يَصِحُّ: ما جاءني شيءٌ إلاَّ حماراً.
وقرأ زيد بن علي «مَوَدَّة» دون ألفٍ ولام.
قوله: ﴿نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً﴾ العامَّةُ على «نَزِدْ» بالنون للعظمة. وزيد ابن علي وعبدُ الوارث عن أبي عمروٍ «يَزِدْ» بالياءِ مِنْ تحتُ أي: يَزِدِ اللَّهُ. والعامَّةُ على «حُسْناً» بالتنوين مصدراً على فُعْل نحو: شُكْر. وهو مفعولٌ به. وعبدُ الوارث عن أبي عمرو «حُسْنى» بألفِ التأنيث على وزنِ بُشْرَى ورُجْعَى وهو مفعولٌ به أيضاً. ويجوز أَنْ يكونَ صفةً ك فُضْلَى، فيكونَ وصفاً لمحذوف أي خَصْلَةً حسنى.
551
قوله: ﴿وَيَمْحُ الله الباطل﴾ : هذا مستأنَفٌ غيرُ داخلٍ في جزاءِ الشرطِ، لأنه تعالى يمحو الباطلَ مطلقاً، وسَقَطت الواوُ منه
551
لفظاً لالتقاءِ الساكنين في الدَّرْج، وخَطَّاً حَمْلاً للخط على اللفظِ كما كتبوا ﴿سَنَدْعُ الزبانية﴾ [العلق: ١٨] عليه ولكن ينبغي أَنْ لا يجوزَ الوقفُ على هذا؛ لأنه إنْ وَقَفَ عليه بالأصلِ، وهو الواوُ، خالَفْنا خطَّ المصحفِ، وإنْ وَقَفْنا بغيرها موافَقَةً للرسمِ خالَفْنا الأصلَ، وقد مَرَّ لك بحثُ مثلِ هذا. وقد مَنَعَ مكي الوقفَ على نحوِ ﴿وَمَن تَقِ السيئات﴾ [غافر: ٩] وبابِه.
قوله: «ما تَفْعَلُون» قرأ الأخوَان وحفص «تَفْعلون» بالتاءِ مِنْ فوقُ نظراً إلى قولِه: «عن عبادِه». والباقون بالخطاب إقبالاً على الناسِ عامَّة.
قوله: «ما تَفْعَلُون» قرأ الأخوَان وحفص «تَفْعلون» بالتاءِ مِنْ فوقُ نظراً إلى قولِه: «عن عبادِه». والباقون بالخطاب إقبالاً على الناسِ عامَّة.
552
قوله: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الذين آمَنُواْ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ الموصولُ فاعلاً أي: يُجيبون ربَّهم إذا دعاهُمْ كقولِه: ﴿استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم﴾ [الأنفال: ٢٤]. واستجابَ كأَجاب. ومنه:
ويجوزُ أَنْ تكونَ السينُ للطلب على بابِها بمعنى: ويُسْتَدْعَى المؤمنون للإِجابة عن ربِّهم بالأعمالِ الصالحة. ويجوزُ أَنْ يكونَ الموصولُ مفعولاً به، والفاعلُ مضمرٌ يعودُ على الله بمعنى: ويُجيب اللَّهُ الذين آمنوا أي: دعاهم. وقيل: ثَمَّ لامٌ مقدرةٌ أي: ويَسْتجيب الله للذين آمنوا فَحَذَفها للعِلْم بها.
٣٩٧٣ - وداعٍ دَاع يا مَنْ يُجيب إلى النَّدى | فلم يَسْتَجِبْه عند ذاكَ مُجيبُ |
قوله: ﴿مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ﴾ :«ما» مصدريَّةٌ أي: مِنْ قُنوطهم. والعامَّةُ على فتح النون. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش بكسرِها وهي لغةٌ، وعليها قُرِئ «يَقْنَطُ» ﴿لاَ تَقْنَطُواْ﴾ [الزمر: ٥٣] بفتحِ النونِ في المتواتر. ولم يُقْرَأ بالكسر في الماضي إلاَّ شاذاً.
قوله: ﴿وَمَا بَثَّ﴾ : يجوزُ أَنْ تكونَ مجرورةَ المحلِّ عطفاً على «السماواتِ» أو مرفوعتَه عطفاً على «خَلْقُ» على حَذفِ مضافٍ أي: وخَلْقُ ما بَثَّ، قاله الشيخ. وفيه نظر؛ لأنَّه يَؤُول إلى جَرِّه بالإِضافةِ ل خَلْق المقدَّرِ، فلا يُعْدَلُ عنه.
قوله: «فيهما» أي: السماوات والأرض. والسماءُ لا ذَوات فيها فقيل: هو مثلُ قولِه: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾، [الكهف: ٦١] ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]. وقيل: بل خَلَقَ في السماء مَنْ يَدِبُّ. وقيل: مِن الملائكةِ مَنْ يمشي مع طَيَرانه. وقال الفارسي: «هو على حَذْفِ مضافٍ أي: وما بَثَّ في أحدِهما» وهذا إلغازٌ في الكلام.
قوله: «إذا يَشاء» «إذا» منصوبةٌ ب «جَمْعِهم» لا ب «قديرٌ». قال أبو
قوله: «فيهما» أي: السماوات والأرض. والسماءُ لا ذَوات فيها فقيل: هو مثلُ قولِه: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾، [الكهف: ٦١] ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]. وقيل: بل خَلَقَ في السماء مَنْ يَدِبُّ. وقيل: مِن الملائكةِ مَنْ يمشي مع طَيَرانه. وقال الفارسي: «هو على حَذْفِ مضافٍ أي: وما بَثَّ في أحدِهما» وهذا إلغازٌ في الكلام.
قوله: «إذا يَشاء» «إذا» منصوبةٌ ب «جَمْعِهم» لا ب «قديرٌ». قال أبو
553
البقاء: «لأنَّ ذلك يُؤَدِّي إلى أَنْ يَصيرَ المعنى: وهو على جَمْعِهم قديرٌ إذا يشاء، فتتعلَّقُ القدرةُ بالمشيئةِ وهو مُحالٌ». قلت: ولا أَدْري ما وجهُ كونِه مُحالاً على مذهبِ أهلِ السُّنة؟ فإنْ كان يقولُ بقولِ المعتزلةِ: وهو أنَّ القدرةَ تتعلَّق بما لم يَشَأ الله يمشي كلامُه، ولكنه مذهبٌ رديْءٌ لا يجوزُ اعتقادُه، ونقول: يجوزُ تعلُّقُ الظرفِ به أيضاً.
554
قوله: ﴿فَبِمَا﴾ : قرأ نافعٌ وابنُ عامر «بما» دونَ فاءٍ. والباقون «فبما» بإثباتِها. ف «ما» في القراءةِ الأولى الظاهرُ أنَّها موصولةٌ بمعنى الذي، والخبر الجارُّ مِنْ قولِه: «بما كَسَبَتْ». وقال قومٌ منهم أبو البقاء: إنَّها شرطيةٌ حُذِفَتْ منها الفاءُ. قال أبو البقاء: «كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١]. وقولِ الشاعر:
وهذا ليس مذهبَ الجمهورِ، إنما قال به الأخفشُ وبعضُ البغداديين. وأما الآية ف» إنَّكم لَمُشْرِكون «ليس جواباً للشرط، إنما هو جوابٌ لقَسمٍ مقدرٍ حُذِفَتْ لامُه الموطِّئَةُ قبل أداةِ الشرطِ.
وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فالظاهرُ أنها فيها شرطيةٌ، ولا يُلْتَفَتُ لقولِ أبي
٣٩٧٤ - مَنْ يَفْعَلِ الحسناتِ اللَّهُ يَشْكُرها | ........................ |
وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فالظاهرُ أنها فيها شرطيةٌ، ولا يُلْتَفَتُ لقولِ أبي
554
البقاء:» إنَّه ضعيفٌ «. ويجوزُ أَنْ تكونَ الموصولةَ، والفاءُ داخلةٌ في الخبر تشبيهاً للموصولِ بالشرط، بشروطٍ ذكَرْتُها مُسْتوفاةً في هذا الموضوعِ بحمدِ الله تعالى. وقد وافق نافعٌ وابنُ عامرٍ مصاحفَهما؛ فإنَّ الفاءَ ساقطةٌ من مصاحفِ المدينةِ والشامِ، وكذلك الباقون فإنها ثابتةٌ في مصاحفِ مكةَ والعراقِ.
555
قوله: ﴿الجوار﴾ : أي: السفنُ الجوارِي. فإن قلت: الصفةُ متى لم تكن خاصَّةً بموصوفِها امتنع حَذْفُ الموصوفِ. لا تقولُ: مررتُ بماشٍ؛ لأنَّ المَشْيَ عامٌّ. وتقول: مررتُ بمهندسٍ وكاتبٍ، والجَرْيُ ليس من الصفاتِ الخاصةِ فما وجهُ ذلك؟ فالجوابُ: / أنَّ قولَه: «في البحر» قرينةٌ دالَّةٌ على الموصوفِ. ويجوزُ أَنْ تكونَ هذه صفةً غالبةً كالأَبْطَح والأَبْرَق، فَوَلِيَتِ العواملَ دونَ موصوفِها.
و «في البحر» متعلقٌ ب «الجوَاري» إذا لم يَجْرِ مَجْرى الجوامدِ. فإنْ جَرَى مَجْراه كان حالاً منه، وكذا قولُه: «كالأَعْلام» هو حالٌ أي: مُشْبهةً بالأعلام - وهي الجبالُ - كقول الخنساء:
وسُمِع: هذه الجَوارُ، وركبْتُ الجوارَ، وفي الجوارِ، بالإِعراب على الراءِ تناسياً للمحذوفِ. وقد تقدَّم هذا في قولِه: ﴿وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١] في الأعراف.
و «في البحر» متعلقٌ ب «الجوَاري» إذا لم يَجْرِ مَجْرى الجوامدِ. فإنْ جَرَى مَجْراه كان حالاً منه، وكذا قولُه: «كالأَعْلام» هو حالٌ أي: مُشْبهةً بالأعلام - وهي الجبالُ - كقول الخنساء:
٣٩٧٥ - وإنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به | كأنَّه عَلَمٌ في رأسِه نارُ |
قوله: ﴿فَيَظْلَلْنَ﴾ : العامَّةُ على فتحِ اللامِ التي هي عينٌ، وهو القياسُ؛ لأنَّ الماضيَ بكسرِها، تقول: ظَلِلْتُ قائماً. وقرأ قتادةُ بكَسْرِها، وهو شاذٌ نحو: حَسِب يَحْسِب وأخواتِه وقد تقدَّمَتْ... وقال الزمخشري: «مِنْ ظَلَّ يَظَلُّ ويَظِلُّ، نحو: ضَلَّ يَضَلُّ ويَضِلُّ». قال الشيخ: «وليس كما ذَكر؛ لأنَّ يَضَلُّ بفتح العين مِنْ ضَلِلْتُ بكسرِها في الماضي، ويَضِلُّ بالكسر مِنْ ضَلَلْتُ بالفتحِ وكلاهما مَقيسٌ» يعني أنَّ كلاً منهما له أصلٌ يَرْجِعُ إليه بخلافِ «ظَلَّ» فإنَّ ماضيَه مكسورُ العينِ فقط.
والنون اسمُها، «ورَواكدَ» خبرُها. ويجوزُ أَنْ تكونَ «ظَلَّ» هنا بمعنى صار؛ لأنَّ المعنى ليس على وقتِ الظُّلول وهو النهارُ فقط، وهو نظيرُ: «أين باتَتْ يدُه» من هذه الحيثيَّةِ. والرُّكودُ: الثبوتُ والاستقرارُ قال:
والنون اسمُها، «ورَواكدَ» خبرُها. ويجوزُ أَنْ تكونَ «ظَلَّ» هنا بمعنى صار؛ لأنَّ المعنى ليس على وقتِ الظُّلول وهو النهارُ فقط، وهو نظيرُ: «أين باتَتْ يدُه» من هذه الحيثيَّةِ. والرُّكودُ: الثبوتُ والاستقرارُ قال: