ﰡ
مكيّة وهى ثمان وتسعون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ربّ يسر وتمم بالخير.
كهيعص (١) قرأ أبو بكر والكسائي بامالة فتحة الهاء والياء وابن كثير وحفص بفتحهما وابن عامر وحمزة بفتح الهاء وامالة الياء ونافع بامالة الفاء والياء بين بين.
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ يظهر قال لفظة صاد عند الذال من ذكر نافع وعاصم والباقون يدغمونها ذكر خير لما قبله ان كان المراد به السورة او القران فانه مشتمل عليه او خبر مبتداء محذوف اى هذا المتلوّ ذكر رحمت ربّك او مبتدا حذف خبره اى فيما يتلى عليك ذكر رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ مفعول للرحمة او الذكر على ان الرحمة فاعله على الاتساع كقولك ذكرنى جود زيد زَكَرِيَّا (٢) بدل منه او عطف بيان قرأ حمزة والكسائي وحفص بالقصر والباقون بالمد.
إِذْ نادى الظرف متعلق بالرحمة او بالذكر يعنى دعا رَبَّهُ فى مجرابه نِداءً خَفِيًّا (٣) اى سرّا في جوف الليل لان الذكر والدعاء سرا اكثر إخلاصا والإخفاء سنة الدعا وثم فسر النداء بقوله.
قالَ رَبِّ اى يا ربى حذف حرف النداء والمضاف اليه اختصارا إِنِّي وَهَنَ اى ضعف ورق الْعَظْمُ مِنِّي أسند الوهن الى العظم لانه دعامة البدن واصل بنائه او لانه أصلب أعضاء البدن فاذا وهن كان ما وراؤه اوهن- وتوحيده بارادة الجنس وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً شبّه الشيب بالنار لبياضه وانتشاره في الشعر باشتعالها وأسند الاشتعال الى الراس وجعل الشيبا تمييزا مبالغة واشارة الى استيعاب الشيب جميع الراس واكتفى
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ اى انباء عمى مِنْ وَرائِي واى بعد موتى متعلق بمحذوف اى خفت فعل الموالي بعد موتى او الذين يلون الأمر من بعدي اى ان لا يحسنوا خلافتى في أمتي بعد موتى ويبدّلوا عليهم دينهم- والجملة اما معطوفة او حال من فاعل أكن وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً لا تلد فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ فان مثله لا يرجى الا بفضلك وكمال قدرتك فانى وامرأتى لا نصلح للولادة عادة وَلِيًّا (٥) يعنى ابنا يلى امرى بعد مونى.
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ قرأ ابو عمرو والكسائي الفعلين بالجزم على انهما جواب الدعاء والباقون بالرف على انهما صفتان لوليّا- والمراد ميراث العلم والنبوة دون المال لان الأنبياء لا يورثون المال قال رسول الله ﷺ ان العلماء ورثة الأنبياء وان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه أخذ بحظ وافر- رواه احمد وابو داود وابن ماجة والدارمي من حديث كثير بن قيس ورواه الترمذي وسماه قيس بن كثير- ولهذا منع ابو بكر فاطمه رضى الله عنهما عن ميراث أبيها ﷺ حين طلبته وعليه انعقد الإجماع- روى البخاري في الصحيح عن عائشة ان فاطمة والعباس أتيا أبا بكر رضى الله عنهم يلتمسان ميراثهما من النبي ﷺ فقال لهما أبو بكر سمعت رسول الله ﷺ يقول لا نورث ما تركناه صدقة وروى البخاري ايضا في الصحيح ان ازواج النبي ﷺ حين توفى رسول الله ﷺ أردن ان يبعثن عثمان
يا زَكَرِيَّا فيه اختصار تقديره فاستجاب الله دعاءه فقال يا زكريا- ولقد مرّ الخلاف في مد زكريا وقصوه في ال عمران إِنَّا نُبَشِّرُكَ قد مرّ الخلاف في الشديد والتخفيف فيه في ال عمران بِغُلامٍ ولد ذكر يرثك كما سألت اسْمُهُ يَحْيى صفة لغلام تولى الله سبحانه تسمينه تشريفا له لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) حال او صفية بعد صفة لغلام قال قتادة والكلبي لم يسم أحد بيحيى قبله وفيه دليل على ان التسمية بالأسامي الغريبة تعظيم للمسمى وقال سعيد بن جبير وعطاء اى لم نجعل له شبيها ومثلا كما قال الله تعالى هَلْ تَعْلَمُ له سميّا قال البغوي ومعنى؟؟؟ انه لم يكن له مثل انه لم يعص الله ولم يهم بمعصيته- قلت لعل المراد منه اجتماع اكثر الفضائل وان كان بعضها موجبا للفضل الجزئى ككونه حصورا وليس المراد كونه أفضل ممن قبله فضلّا عليا لان الخليل والكليم كانا قبله وكانا أفضل منه- وقال على بن ابى
قالَ رَبِّ اى يا ربى أَنَّى اى كيف يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً حال ثانية او معطوف على ما سبق وهذا سوال استكشاف اى باىّ طريق يكون الولد نحوّل شابين او نلذهرمين وفيه استعجاب من الولادة نظرا الى ملاحظة الأسباب لا بالنظر الى كمال قدرته تعالى وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) أصله عتق كقعود فاستثقلوا توال السفتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو الاولى ياء ثم قلبت الثانية وأدغمت- فقرأ الجمهور عتيّا بضم الفاء اى العين وكسر ما بعدها وحفص وحمزه والكسائي بكسرها اتباعا لما بعده ومعنى العتو الإباء من الطاعة والمراد هاهنا كمال الهرم فان الضعيف لا يطيع أعضاء نفسه ولا يستطيع ان يأتى بما يريد- وقال قتادة يريد نحول»
العظم يقال عتا الشيخ يعتو عتيّا وعسيّا إذا انتهى سنه وكبره فهو عات وعاس إذا صارا الى اليبس والجفاف.
قالَ الله تعالى او الملك المبلغ للبشارة تصديقا له كَذلِكَ اى الأمر كذلك اى كما قلت انه مستبعد بملاحظة الأسباب مستعجب لكن قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ او المعنى الأمر كما وعدت وقال ربّك هو علىّ هيّن لا احتاج فيما أريد ان افعل الى الأسباب وجاز ان يكون المعنى قال زكريا كنا لك يعنى كما سبق فهو تكرير على التأكيد- وجاز ان يكون كذلك منصوبا بقال في قال ربّك وتنازع الفعلان اعنى قال وقال في للفاعلية فاعمل الثاني وأضمر في الاول وجاز عكس ذلك يعنى قال ربّك كذلك وهو اشارة الى ما سبق يعنى نبشرك بغلام إلخ هو علىّ ميّن بان أرد عليك قوة الجماع وافتق رحم امرأتك للعلوق او اشارة الى مبهم يفسره قوله هو علىّ هيّن وَقَدْ خَلَقْتُكَ قرأ حمزة والكسائي خلقنك بالنون والالف على التعظيم والباقون بصيغة الافراد- حال من الضمير المجرور في علىّ متعلق بهيّن مِنْ قَبْلُ هذا «٢» وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩) بل كنت معدوما حال من كاف خلقتك- وفيه دليل على ان المعدوم ليس بشيء.
قالَ رَبِّ اى يا ربى اجْعَلْ لِي قرأ نافع وابو عمرو يفتح الياء والباقون بإسكانها آيَةً علامة تدل على حمل امراتى قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ وأيامها كما يدل عليه اية ال عمران في القصة انه لم يقدر في تلك والأيام والليالى على الكلام من الناس
(٢) الاولى في التفسير ان يقال اى من قبل هل ١٢؟؟؟ الفقير دهلوى. [.....]
فَخَرَجَ عطف على مقدر يعنى فظهرت الاية ومنع من التكلم فخرج عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ اى من المسجد فانها موضع الحرب مع الشيطان- وفي القاموس الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع الّذي ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس قال البغوي كان الناس من وراء المحراب ينتظرونه ان يفتح لهم الباب فيدخلون ويصلون إذ خرج عليهم زكريا متغير اللون فقالوا مالك يا زكريا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ فاونى إليهم لقوله تعالى الّا رمزا وقال مجاهد كتب لهم في الأرض أَنْ سَبِّحُوا ان مفسرة لا وحي فان فيه معنى القول او مصدرية اى صلوا ونزّهوا ربكم بُكْرَةً غدوة وَعَشِيًّا (١١).
يا يَحْيى تقديره فحملت أم يحيى بيحيى ثمّ ولدته- ثم قلنا له حين صار أهلا للخطاب- وقال المحلى بعد ولادته بسنتين يا يحيى خُذِ الْكِتابَ اى التورية بِقُوَّةٍ اى؟؟؟ استظهار بالتوفيق وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ اى الحكمة وفهم الكتب عطف على قلنا يا يحيى صَبِيًّا (١٢) وهو ابن ثلاث سنين فقرأ التورية فهو صغير- ومن هاهنا قيل انه من قرا القران قبل ان يبلغ فقد اوتى الحكم صبيا قيل دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما اللعب خلقنا- وقيل المراد بالحكم النبوة استنباه الله صغيرا.
وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا عطف على الحكم يعنى أعطيناه رحمة عليه من عندنا- او رحمة وتعطفا في قلبه على أبويه وغيرهما- او هيبة ووقارا او رزقا او بركة- فى القاموس حنان كسحاب الرحمة والرزق والهيبة والوقار ورقة القلب ومنه الحنّان اسم الله تعالى بمعنى الرحيم؟؟؟ وَزَكاةً طهارة من الذنوب وقيل عنى بالزكاة الطاعة والإخلاص وقال قتادة هى العمل الصالح وهو قول الضحاك وقال الكلبي صدقة تصدق الله بها على أبويه وَكانَ تَقِيًّا (١٣) مسلما مخلصا مطيعا لم يعمل خطيئة ولا هم بها عطف على اتيناه.
وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ
اى بارّا لطيفا محسنا إليهما وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً
اى متكبرا وقيل الجبار الّذي يضرب ويقتل على الغضب عَصِيًّا
(١٤) اى عاصيا ربه.
وَسَلامٌ عَلَيْهِ
جملة معترضة اى سلام من الله مما يؤذيه يَوْمَ وُلِدَ
سلم من ان يناله الشيطان بما ينال به بنى آدم وَيَوْمَ يَمُوتُ
من عذاب القبر وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
(١٥) من عذاب النار وهول يوم القيامة- قال سفيان بن عيينة بهم الإنسان في هذه الأحوال يوم ولد فيخرج هما كان فيه- ويوم يموت ويرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث حيّا فيرى نفسه في محشر
وَاذْكُرْ
عطف على مضمون الكلام السابق لان ما يذكر يذكر ليعلمه المخاطب وليحفظه فكانه متضمن لقوله اعلم هذه القصة واحفظه فالتقدير اعلم ذكر رحمة ربّك زكريّا واذكر فِي الْكِتابِ
اى في القران مَرْيَمَ
اى قصتها إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها
الظرف اما بدل من مريم بدل الاشتمال لان الوقت مشتمل على ما فيها- او بدل الكل لان المراد بمريم قصتها وبالظرف الأمر الواقع فيه وهما واحد او ظرف لمضاف مقدر وقيل إذ بمعنى ان المصدرية كقولك اكرمتك إذ لم تكرمنى فيكون بدلا لا محالة- اى اعتزلت وتباعدت منهم والنبذ إلقاء الشيء وهو يستلزم البعد مَكاناً شَرْقِيًّا
(١٦) اى مكانا في الدار مما يلى المشرق وكان يوما شاتيا فجلست في مشرقه تفلى رأسها وقيل كانت طهرت من الحيض فذهبت لتغسل- وقيل تخلّت للعبادة من البيت جانب المشرق قال الحسن ومن ثم اتخذ النصارى المشرق قبلة- ومكانا ظرف او مفعول به لان في انتبذت معنى أتت.
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً
قال ابن عباس سترا وقيل جلست من وراء جدار وقال مقاتل وراء جبل وقال عكرمة ان مريم كانت تكون في المسجد فاذا حاضت تحولت الى بيت خالتها حتى إذا طهرت عادت في المسجد فبينما هى تغتسل من الحيض قد تجردت إذ عرض لها جبرئيل في صورة رجل شابّ امرد وضئ الوجه جعد الشاعر سوى الخلق كما قال الله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
يعنى جبرئيل عليه السلام أضاف
(١٧) اى رجلا شابّا امر دسوىّ الخلق- وقيل المراد بالروح عيسى «١» جاء في صورة بشر فحملت به والاول أصح فلمّا رات مريم جبرئيل يقصد نحوها نادته من بعيد و.
قالَتْ إِنِّي
قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ
قالت ذلك من غاية عقتها إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
(١٨) وجواب الشرد محذوف اى فلا تتغرضنى او فتنتهى عنى بتعوذى وهذا كقول القائل ان كنت مومنا فلا تظلمنى اى ينبغى ان يكون إيمانك مانعا لك من الظلم فالمعنى ينبغى ان تتقى الله ويكون تقواك مانعا لك من الفجور وقيل مبنى هذا الكلام على المبالغة وتقديره ان كنت تقيّا فانى أعوذ منك فكيف إذا لم تكن كذلك- وجاز ان يكون ان نافية.
قالَ
جبرئيل إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
يعنى لست بشرا تخافينه وتتعوذين منه لكنى رسول ربّك من الملائكة أرسلني إليك لِأَهَبَ لَكِ
أسند الفعل الى نفسه مجازا لكونه سببا ظاهريّا بالنفخ في الدرع- ويجوز ان يكون حكاية لقوله تعال تقديره أرسلني ربّك إليك يقول أرسلت رسولى إليك لاهب لك بتوسط كسبه النفخ في درعك وقرأ ورش وابو عمرو لهب لك وكذلك روى الحلواني عن قالون يعنى ليهب ربّك لك غُلاماً زَكِيًّا
(١٩) طاهرا من الذنوب معصوما او ناميا على الخير لا يزال مرتقيا على مساعد الخير والصلاح- قال الصوفية العلية من استوى يوماه فهو مغبون.
قالَتْ مريم متعجبة من قوله لكونه على خلاف العادة أَنَّى كيف يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ حال يعنى انّى يكون لى غلم في حال لم يمسسنى بشر اى بنكاح فان هذه الكنايات انما يطلق فيه- واما في السفاح فيقال خبث بها وفجر ونحو ذلك وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) فاجرة عطف على ما سبق وهو فعول عند المبرّد أصله يغى في قلبت واوه ياء وأدغمت ثم كسرت الغين اتباعا ولذلك لم يلحقه التاء- وعند غيره فعيل بمعنى فاعل ولم يلحقه التاء لانه للمبالغة- أرادت مريم ان الولد يكوان من نكاح او سفاح ولم يتحقق شيء منهما-.
قالَ جبرئيل الأمر كَذلِكِ يعنى يهب الله لك غلاما وان لم يمسسك بشر ولم تك بغيا يعنى بلا اب قالَ رَبُّكِ هُوَ اى خلق الولد من غير اب عَلَيَّ هَيِّنٌ جملة قال ربك اما علة لجملة محذوفة دل عليه كذلك او حال منه بتقدير قد- وجاز ان يكون كذلك
فَحَمَلَتْهُ عطف على محذوف تقديره فاطمانّت بقول الملك فنفخ الملك في جيب درعها فحملت حين لبست كذا قيل وقيل مد جبرئيل جيب درعها بإصبعيه ونفخ في الجيب وقيل نفخ في كم قميصها- وقيل في فيها وقيل نفخ جبرئيل نفخة من بعيد فوصل الريح إليها فحملت بعيسى عليه السلام في الحال فَانْتَبَذَتْ به اى تنحت متلبسا بالحمل مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) اى في مكان بعيد من أهلها قال ابن عباس ا؟؟؟ طى الوادي وهو وادي بيت المقدس فرارا من قومها ان يعيروها بالحمل من غير زوج قال البغوي اختلفوا في مدة حملها ووقت وضعها فقال ابن عباس كان الحمل والولادة في ساعة واحدة وقيل كان مدة حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء وقيل ولدت لثمانية اشهد وقيل لستة أشهر وقال مقاتل بن سليمان حمته مريم في ساعة وصور في ساعة ووضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها وهى بنت عشر سنين وكانت حاضت حيضتين قبل ان تحمل بعيسى-.
فَأَجاءَهَا فالجاها وهو في الأصل مشتق من جاء ع؟؟؟ ى بهمزة الافعال لكنه خص بالإلجاء في الاستعمال كما استعمل اتى في اعطى الْمَخاضُ اى وجع الولا ومعيد مخضت المرأة إذ التحرك الولد في بطنها للخروج- أسند الفعل اليه مجازا يعنى أجاءها الله عند المخاض- او المعنى جاءت بسبب المخاض فالمخاض سبب داع للمجيئ فكانه أجاءها إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لنستتر به ولتعمد عليه وتتمسك به على وجع الولادة والجذع هو العرق والغصن وكانت نخلة يابسة في الصحراء في شدة الشتاء لم يكن لها سعف- اخرج ابن ابى حاتم عن ابى روق بلفظ انتهت مريم الى جذع ليس له راس فهزتها فجعل بها راسا وحوصا ورطبا والتعريف للجنس قال البيضاوي لعله تعالى ألهمها
.
وَهُزِّي إِلَيْكِ اى حركى بجذب ودفع واميلى إليك بِجِذْعِ النَّخْلَةِ والباء زائدة لتأكيد قال البغاء تقول العرب هزّه وهزّ به تُساقِطْ قرأ الجمهور بفتح التاء والقاف وتشديد السين وحمزة بضمهما مع التخفيف أصله يتساقط من التفاعل حذف حمزة احدى التاءين وادغمها غيره في السين وقرا حفص بضم التاء وكسر القاف من المفاعلة بمعنى أسقط والتأنيث لكون الضمير عائدا الى النخلة وقرأ يعقوب بالياء التحتانية والضمير حينئذ يعود الى الجذع عَلَيْكِ رُطَباً تمير من سة تتساقط وفيه مبالغة على قراة الجمهور ومفعولا به على قرأة حفص ويعقوب جَنِيًّا (٢٥) يعنى الّذي
فَكُلِي يا مريم من الرطب وَاشْرَبِي من السرى او من الرطب وعصيره وَقَرِّي عَيْناً اى طيبى نفسا وارفضى عنك ما أحزنك- عينا تميز من نسبة قرّى يعنى لتقر عينك قبل يعنى؟؟؟ ك واشتقاقه من القرار فان العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت اليه عن النقل الى غيره ويقال قر الله عينك اى صادف فوادك ما يرضيك فيقرك بالنظر اليه من النظر الى غيره- وقبل أقر الله عليه اى أنامها يقال أقر يقر إذا سكن او من القرّ ضد الحر فان دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة- ولذلك يقال قرة العين للمحبوب وسخنتها للمكروه فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً ما زائدة أدغمت نون ان الشرطية فيها والنون للتأكيد يعنى فكلّما ترينّ يا مريم ارميا فيسئلك عن شأن ولدك فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً اى صمتا كذلك كان ابن مسعود يقرأ يعنى نذرت الرحمن ان امسك عن الكلام في شأنه وغيره مع الاناسىّ- وقال السدى كان في بنى إسرائيل من يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم حتى يمسى- فقيل ان الله أمها ان تقول هذا اشارة لكراهة المجادلة والاكتفاء بكلام عيسى عليه السّلام فانه قاطع الطعن وقيل أمها ان تقول هذا لقدر نطقا ثم تمسك من الكلام بعده فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) بعد ان أخبرتكم بنذرى يقال كانت تكلم الملائكة ولا تكلم الانس.
فَأَتَتْ بِهِ اى بعيسى قَوْمَها تَحْمِلُهُ اى حاملة إياه قيل انها ولدت ثم حملته في الحال الى قومها- وقال الكلبي حمل يوسف النجار مريم وابنها عيسى الى غار مكثت فيه أربعين يوما حتى طهرت من نفاسها- ثم حملته مريم الى قومها فكلمها عيسى في الطريق فقال يا أماه أبشري فانى عبد الله ومسيحه- فلما دخلت على أهلها ومعها صبى راوا وبكوا وخزنوا وكانوا اهل بيت صالحين وقالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) جواب قسم محذوف اى منكرا من فرى الجلد بمعنى الشق ومنه قول الحسان لافرينّهم فرى الأديم اى اشقهم بالهجاء كما يشق الأديم ومنه يستعمل في القران كثيرا بمعنى تصنّع الكذب والشرك والظلم قال الله تعالى ومن اظلم ممّن افترى على الله الكذب- وقال ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما- فان المنكر من الشرك والمعاصي يشق عصمة الرجل وصلاحه- وقيل معناه عظيما عجيبا كانه يفرى العادة اى يقطعها ويشقها- قال وعبيدة كل امر فائق من عجب او عمل فهو فرىّ- قال النبي ﷺ في عمر فلم ار عبقريّا يفرى فريه
يا أُخْتَ هارُونَ اخرج ابن ابى حاتم عن السدي انهم عنوا به هارون النبي أخا موسى عليهما السّلام لانها كانت من نسله كما يقال للقيمى يا أخا تميم- وقيل لانها كانت من أعقاب من كان مع هارون النبي في طبقة الاخوة أخرجه ابن ابى حاتم عن علّى بن ابى طلحة- وقال الكلبي كان هرون أخا مريم من أبيها وكان أمثل رجل في بنى إسرائيل روى البغوي عن المغيرة بن شعبة قال شاقدمت نجران سالوق فقالوا انكم تقرءون ياخت هرون وموسى كان قبل عيسى بكذا وكذا- فلمّا قدمت رسول الله ﷺ سالته عن ذلك فقال انهم كانوا يسمون بانبيائهم والصالحين من قبلهم- رواه مسلم في الصحيح وقال البغوي قال قتادة وغيره كان هارون رجلا صالحا عابد في بنى إسرائيل روى انه تبع جنازته يوم مات أربعون الفا كلهم يسمى هارون بنى إسرائيل سوى سائر الناس- شبهوها به على معنى انك مثله في الصلاح وليس المراد منه الاخوة في النسب كما قال الله تعالى إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ اى أشباههم- كذا اخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن فتادة وانما شبهوها به تهكما او لما راو اقبل ذلك عن صلاحها وقيل كان هارون رجلا فاسقا من بنى إسرائيل عظيم الفسق فشبهوها به شتما كذا اخرج ابن ابى حاتم عن سعيد بن جبير ما كانَ أَبُوكِ عمران امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ عنّه بَغِيًّا (٢٨) زانية فيه تقرير لكون ذلك منها امرا فريّا فان الفواحش من أولاد الصالحين افحش واعجب.
فَأَشارَتْ مريم إِلَيْهِ اى الى عيسى ان كلموه قال ابن مسعود لمّا لم يكن لها حجة اشارت اليه ليكون كلامه حجة لها وفي القصة انها لما اشارت اليه غضب القوم وقالوا بئسما فعلت تسخرين منّا قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ كان زائدة كما في قوله تعالى هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا وصلة من قوله فِي الْمَهْدِ اى الظرف المستقر صَبِيًّا (٢٩) حال من المستكن في الظرف- وجاز ان يكون كان تامة او للدوام كما مرّ في قوله تعالى كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً او بمعنى صار- والمراد بالمهد حجر امه وقيل هو المهد بعينه- يعنون انه لم نعهد عاقلا كلم صبيّا اى في المهدى صبيا لم يعقل فلم يتكلم بعد قال السدى فلمّا سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع واقبل عليهم وقيل لما اشارت اليه ترك الثدي واتكى على يساره واقبل عليهم وجعل يشير بيمينه و.
قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أشار باضافة نفسه الى الله انه عبد مكرّم ولمّا كان القوم منكرين لذلك أورده بالتأكيد- قال وهب أنا ها زكريا عند مناظرتها اليهود فقال لعيسى النطق بحجتك ان كنت أمرت بها- فقال عند ذلك عيسى وهو ابن أربعين يوما
وَجَعَلَنِي مُبارَكاً البركة اما بمعنى ثبات الخير وقراره ماخوذ من برك البعير- واما بمعنى الزيادة في العطاء يقال اللهم بارك في عطائك- او بمعنى العظمة والكرم يقال هذا من بركة فلان- قيل معناه هاهنا اى نفّاعا وقال مجاهد معلما للخير وقال عطاء ادعوا الى الله والى توحيده وعبادته وقيل مباركا على من تبعني أَيْنَ ما كُنْتُ حيث كنت وفي الأرض او في السماء وحيث توجّهت- ويستفاد منه انه نفاع في السماء يستفيد منه الملائكة وَأَوْصانِي أمرني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ اى تطهير المال بأداء ما وجب فيه وتطهير النفس عن الرذائل- قال البغوي فان قيل لم يكن بعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة قيل معناه أمرني بالزكاة لو كان لى مال وقيل باستكثار الخير وقيل معناه أوصاني بان أمركم بالصلوة والزكوة ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) ظرف للصلوة والزكوة يعنى أوصاني بان أصلي وازكى مدة حياتى.
وَبَرًّا اى بارّا بِوالِدَتِي عطف على مباركا او منصوب بفعل دل عليه أوصاني اى وكلفنى برا وبرّا حينئذ مصدر وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً اى عاتيا منكبرا شَقِيًّا (٣٢) عاصيا بربه قيل الشقي الّذي يذنب ولا يتوب.
وَالسَّلامُ اى السلامة عَلَيَّ جملة فعليه في الأصل ولذلك عطف على فعلية سابقة جعلت اسمية للدلالة على الاستمرار يَوْمَ وُلِدْتُ من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من عذاب القبر وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٢) من الأهوال وعذاب النار او التحية من الله عند كل تغير الأحوال- واللام للعهف او للجنس وفيه تعريض باللعن على أعدائه فانه لما جعل جنس السلام على نفسه وعلى من هو في معناه بالايمان- عرض بان ضداه على من يضاده كقوله تعالى والسّلام على
ذلِكَ الّذي تقدم ذكره بكونه معترفا بالعبودية وغير ذلك عِيسَى مبتدا وخبر ابْنُ مَرْيَمَ نعت او خبرثان يعنى ليس عيسى من يصفه النصارى بالالوهية فانه منحوت خيالهم- فيه تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله الموصوف باضداد ما يصفونه- ثم عكس الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قرأ ابن عامر وعاصم ويعفو بالنصب على انه مصدر موكد تقديره أقول قول الحقّ او على المدح- والباقون بالرفع على انه خبر مبتداء محذوف اى الكلام السابق قول الحقّ لاريب فيه واضافة القول الى الحق للبيان وقيل هذا صفة لعيسى او بدل منه او خبرثان لذلك والحق هو الله ومعناه وكلمته الله الَّذِي فِيهِ اى في امره يَمْتَرُونَ (٣٤) اى يشكوّن ويتنازعون فقالت اليهود ساحر كذاب وقالت النصارى ابن الله او هو الله- ثم نفى عن نفسه الولد فقال.
ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ جىء بمن لتأكيد النفي سُبْحانَهُ مصدر أقيم مقام الفعل اى أسبحه سبحانا- فهو جملة معترضة للدلالة على تنزه ذاته عن اتخاذ الولد إِذا قَضى أَمْراً اى أراد ان يحدث شيئا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) ومن ذلك احداث عيسى بلا اب ومن كان كذلك كان منزعا من مشابهة الخلق بريّا من الحاجة في اتخاذ الولد باحبال الإناث والتجزى بالعلوق- فالجملة الشرطية في مقام التعليل لنفى اتخاذ الولد- قرأ ابن عامر فيكون بالنصب على الجواب-.
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ قرأ الكوفيون وابن عامر ويعقوب بكسر الالف على الاستيناف عطفا على انّى عبد الله- واهل الحجاز وابو عمرو بفتح الالف عطفا على الصلاة والزكوة يعنى وأوصاني بان الله ربى- او مبتدأ حذف خبره تقديره وثابت انّ الله ربّى وربّكم والجملة معطوفة على انّى عبد الله مقولة للقول- فيه اشارة الى استكمال القوّة النظريّة باعتقاد التوحيد وفي قوله فَاعْبُدُوهُ اشارة الى استكمال القوّة العمليّة بإتيان المأمورات والانتهاء عن المناهي والفاء للسبية- وفي قوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) تعليل لقوله فاعبدوه وتأكيد لما سبق يعنى الجمع بين الامرين هو الطريق المشهود له بالخير-.
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ يعنى اليهود والنصارى او فرق النصارى تحزّبوا اى تفرقوا ثلاث
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا يعنى يوم القيمة صيغة التعجب والله تعالى لا يوصف بالتعجب فالجمهور على ان المراد ان أسماعهم أبصارهم يوم القيامة جدير بان يتعجب منها لاجل شدة استماعهم وأبصارهم الحق حين لا ينفعهم الاستماع والابصار بعد ما كانوا صمّا وعميا في الدنيا منه حين كان ينفعهم لو سمعوا وابصروا- او تهديد بما سيسمعون ويبصرون يومئذ مما او عدوا به ولم يسمعوا الانذار في الدنيا والجار والجرور في محل الرفع بصيغة التعجب- وقيل هو صيغة امر امر الله نبيه ﷺ ان يسمعهم ويبصرهم مواعيد ذلك اليوم والجار والمجرور على هذا في محل النصب لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ اى في الدنيا طرف متعلق بالظرف المستقر اعنى قوله فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وضع الظالمين موضع الضمير اشعارا بانّهم ظلموا- حيث لم يستعملوا الاسماع والابصار حين كان ينفعهم واغفلوا أنفسهم- وسجل على إغفالهم بانهم في ضلال مبين-.
وَأَنْذِرْهُمْ يا محمد يَوْمَ الْحَسْرَةِ مفعول ثان لانذرهم- وجملة انذرهم معترضة او معطوفة على فاختلف بتقدير قلنا اى وقلنا لك انذرهم يوم الحسرة إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ او بدل من اليوم او ظرف للحسرة وذلك إذا فرغ من الحسابء ادخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار وذبح الموت عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول الله ﷺ يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادى بناد يا اهل الجنة فيشرفون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا قالوا هذا الموت وكلهم قدراؤه-
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها يعنى يغنى الأرض ومن عليها ويبقى الرب وحدة كما يبقى الوارث بعد موت المورث وذكر كلمة من تغليبا للعقلاء او المعنى يسلب الله تعالى مالكية غيره تعالى عن الأرض وعمن عليها باهلاك الملاك فيكون الملك لله وحده وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠) بعد ما يبعثون فنجازيهم على حسب أعمالهم وجملة إلينا يرجعون مرفوع المحل على انه خبر انا عطفا على نرث.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ ٥ اى خبره إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً قيل معناه كثير الصدق وقيل بل من لم يكذب قط وقيل بل من لم يتاتى منه الكذب لتعوده الصدق وقيل بل من صدّق بقوله واعتقاده وحقق صدقه وتصديقه بفعله وقيل كثير التصديق لله تعالى فيما غاب عنه من وحدانيته وصفاته وأنبيائه ورسوله وبالبعث بعد الموت وبحسن ما امر به وتقبح ما نهى عنه وحقق تصديقه بفعله فقام على إتيان الأوامر والانتهاء عن المناهي قلت ليس المراد بكثرة التصديق كثرته باعتبار متعلقه كما يدل عليه ظاهر عبارة البغوي فان التصديق جميع ما جاء به النبي ﷺ توجد في كل مومن حتى انه من لم يومن بشيء منها كان
إِذْ قالَ
بدل من ابراهيم وما بينهما اعتراض او متعلق بكان او صديقا نبيا لِأَبِيهِ
آزر وقد مر ذكره في سورة الانعام يا أَبَتِ
ذكر الابوة للاستعطاف ولذلك كردها لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
المفعول للفعلين منسي غير منوى اى ما لا سمع له ولا بصر وجاز ان يكون تقديره مالا يسمع شيئا ولا يبصره فيعرف حالك ويسمع ذكرك ويرى خضوعك وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
(٤٢) من الإغناء في جلب نفع او دفع ضر فشيئا منصوب على المصدرية او المعنى لا يدفع عنك شيئا من المضار فهو منصوب على المفعولية بيّن ابراهيم عليه السلام أباه ضلالته برفق وشفقة ودعاه الى الهدى واحتج عليه باوضح حجة وبرهان قاطع مع رعاية الأدب حيث لم يصح بضلالته بل طلب منه بيان ما يقتضى عبادة الأوثان وأشار الى انهن ادنى رتبة من ان يركن إليهن عاقل فان العاقل لا يفعل فعلا الا لغرض صحيح والعبادة الّتي هى غاية التعظيم لا يستحقه الا من له الاستغناء التام والانعام انعام القادر على الاثابة والإيلام فدرة تأته ليستطيع أحد مدافعته ولهو الخالق الرازق المحيي والمميت المقتدر المعاقب المثيب فاما من كان ممكنا مثله محتاجا فى الوجود وتوابعه الى غيره وان كان مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على الانعام والإيلام بل وإن كان اشرف الخلائق كالنبيين والملئكة فان العقل السليم يستنكف عن عبادته معرضا عن عبادة خالقه وجاعله
يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ بالله وأحكامه ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي على دينى أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) مستقيما يوصلك الى فلاح الدارين ومن كمال كربه وخلقه انه لم يسم إياه بالجهل المقرط ولا نفسه بالعلم الفائق بل جعل نفسه كرفيق له في مسير يكون اعرف بالطريق منه ثم اظهر مضار ما كان عليه أبوه بعد ذكر خلوه عن النفع بان ما هو عليم في الحقيقة عبادة للشيطان لكونه امرا به فقال.
يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ اى لا تطعه فيما يزين لك من الكفر وعبادة الأوثان وبين وجه المضرة فيه بان الشيطان مستعص على ربك المولى للنعم كلها بقوله إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) كثير العصيان ومعلوم ان المطاوع للعاصى عاص وكل عاص حقيق بان يسترد منه النعم وينتقم منه ولذلك عقبه بتخويفه وسوء عاقبته وما يجر اليه فقال.
يا أَبَتِ إِنِّي قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون باسكانهما أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ اى يصيبك عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ ان أقمت على الكفر وإطاعة الشيطان وفي ذكر الرحمن مع ذكر العذاب اشارة الى ان العصيان يقتضى العذاب ممن هو موصوف بالرحمة الكاملة فان كمال الرحمة على المطيعين لا ينافى كمال الغضب على العاصين المتمردين فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قريبا في اللعن في الدنيا وعذاب النار في الآخرة تليه ويليك قال البيضاوي لعل اقتصاره على عصيان الشيطان من جناياته لارتفاع همته في الربانية ولانه ملاكها او لانه من حيث انه نتيجة معاداته لادم وذريته.
قالَ ابو ابراهيم أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ فتعيبها قابل استعطاف ولطفه في الإرشاد بالغظاظة وغلطة العناد فناداه باسمه ولم يقابل يابت يا بنى وأخره وقدم الخبر على المبتدأ صدّره بالهمزة لانكار نفس الرغبة على ضرب من التعجب كانها مما لا يرغب عنها عاقل ثم هدده بقوله لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ عن مقالك فيها او عن الرغبة عنها لَأَرْجُمَنَّكَ قال الكلبي ومقاتل والضحاك لاشتمنك لابعدنك بالقول القبيح وقال ابن عباس لا ضربنك وقال الحسن لاقتلنك بالحجارة وَاهْجُرْنِي عطف على ما دل عليه لارجمنك اى فاحذرنى واهجرني مَلِيًّا (٤٦) قال الكلبي اجتنبى طويلا وقال مجاهد وعكرمة حينا وقال سعيد بن جبير دهرا
قالَ ابراهيم عليه السلام سَلامٌ عَلَيْكَ سلام توديع ومتاركة مقابلة للسيئة بالحسنة كما هو داب الحليم في مقابلة السفيه كما قال الله تعالى وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما اى سلمت منى لا اصيبك بمكروه سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي قرأ نافع وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها قال اكثر المفسرين معناه أسأل الله تعالى لك ان يرزقك التوحيد والإسلام ويوفقك للتوبة فيغفر لك فان السؤال بالمغفرة للكافر لا يجوز الا استدعاء التوفيق لما يوجب مغفرته وعندى ليس كذلك لما قال الله تعالى لقد كان لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه الى قوله تعالى الا قول ابراهيم لابيه لاستغفرن لك فانه صريح في انه لا يجوز اقتداء ابراهيم في الاستغفار للمشرك مع انه يجوز الدعاء للمشرك بالتوفيق فالاولى ان يقال ان ذلك كان قبل النهى عن الاستغفار للمشرك وقد قال رسول الله ﷺ لعمه ابى طالب والله لاستغفرن لك ما لو انه عنه فنزلت ما كان للنبى والذين أمنوا ان يستغفروا للمشركين الآية وقد مر في سورة التوبة وايضا لو كان ابراهيم سأل الله تعالى ان يرزق أباه الايمان لرزقه الله الايمان فان كل نبى مجاب لكنه لما لم يكن إيمانه مقدرا لم يسأل ابراهيم ذلك والله اعلم إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) اى بليغا في البر والألطاف قال الكلبي عالما يستجيب لى إذا دعوته قال مجاهد عودنى الاجابة لدعائي.
وَأَعْتَزِلُكُمْ بالمهاجرة بديني عطف على ساستغفر وَما تَدْعُونَ عطف على الضمير المنصوب يعنى واعتزل ما تدعونه اى تعبدونه مِنْ دُونِ اللَّهِ قال مقاتل كان اعتزاله إياهم انه فارقهم من كوثى فهاجر منها الى الأرض المقدسة وَأَدْعُوا اى اعبد رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) اى لا أشقى ولا أخيب بدعائه وعبادته كما تنشقون أنتم بعبادة الأصنام أورد كلمه عسى تواضعا وهضما للنفس وتنبيها على ان الاجابة والاثابة تفضل من الله غير واجب عليه وان ملاك الأمر الخاتمة وهى لا تدرى.
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مهاجرا الى الشام وَهَبْنا لَهُ بدلا ممن فارقهم من الكفرة إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أقر الله عينيه باولاد كرام على الله لما ظرف متعلق لوهبنا وجملة وهبنا معطوف على محذوف تقديره
جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ اى للثلاثة مِنْ رَحْمَتِنا وكلمة من للتبعيض اى بعض رحمتنا قال الكلبي هو المال والأولاد الكرام وقيل الكتاب والنبوة قال البيضاوي لعل تخصيصهما بالذكر لانهما شجرتا الانبيا او لانه أراد ان يذكر اسمعيل بفضله على الانفراد وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) المراد باللسان ما يصدر منه يقال لسان العرب اى لغتهم يعنى كلام صدق وهو ما يثنون عليهم اهل الملل كلهم ويفتخرون بهم استجابة لدعوته واجعل لى لسان صدق في الآخرين واضافة اللسان الى الصدق وتوصيفه بالعلو للدلالة على انهم أحقاء بما يثنون عليهم وان مجامدهم لا تخفى على تباعد الاعصار وتبدل الملل لهم ظرف مستقر مفعول ثان لجعلنا وعليا حال من الضمير المرفوع المستكن في الظرف.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً قرأ الكوفيون بفتح اللام يعنى أخلصه الله واختاره لنفسه ونزهه عن التدنس بالتوجه الى غيره والباقون بكسر اللام يعنى أسلمه وجهه وأخلص نفسه لله ونزه عبادته عن الشرك الجلى والخفي وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) يعنى أرسله الله الى الخلق فصار رفيعا في الدرجة مخبرا من الله باحكامه ولذلك قدم رسولا مع كون الرسالة أخص وأعلى من النبوة.
وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ وهو جبل بين مصر ومدين ويقال اسمه الزبير وذلك حين اقبل من مدين وراى النار فنودى يا موسى انى انا الله رب العلمين الْأَيْمَنِ اى جانب الّذي يلى يمين موسى عليه السلام إذ لا يمين للجبل وانما أضيف الى الطور لادنى ملابسة وكان موسى سائرا من مدين الى مصر فلما وصل الى الطور كان الطور على يمين موسى والمراد من جانبه الميمون فانه تمثل له الكلام من تلك الجهة وَقَرَّبْناهُ بذاته تعالى قربا غير متكيف من لم يذقه لم يدر نَجِيًّا (٥٢) حال من هذا الضميرين في قربناه اى مناجيا ربه بان اسمه كلامه.
وَوَهَبْنا لَهُ اى لموسى حين دعا وقال واجعل لى وزيرا من أهلي هارون أخي مِنْ رَحْمَتِنا اى من أجل رحمتنا او بعض رحمتنا أَخاهُ مفعول لوهبنا ان كان من للسببيته وبدل منه ان كان للتبعيض هارُونَ عطف بيان لاخاه نَبِيًّا (٥٣) حال من مفعول وهبنا يعنى وهبنا له نبوة أخيه والا فكان هارون اكبر سنامنه قال البغوي ولذلك سمى هارون هبة الله.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ بن ابراهيم جد النبي ﷺ عليه عليهما إِنَّهُ
قال مجاهد لم يعد شيئا إلا وفى به وقال مقاتل وعد رجلا ان يقيم مكانه حتى يرجع اليه الرجل فاقام اسمعيل مكانه ثلثة ايام للميعاد حتى رجع اليه الرجل وقال الكلبي انتظره حتى حال عليه الحول وناهيك انه وعد الصير على الذبح حيث قال ستجدنى إنشاء الله من الصابرين فوفى به وَكانَ رَسُولًا الى جرهم نَبِيًّا (٥٤) قال البيضاوي هذا يدل على ان الرسول لا يلزم ان يكون صاحب الشريعة فان أولاد ابراهيم عليه السلام كانوا على شريعته.
وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ اشتغالا بالأهم وهو ان يقبل الرجل على نفسه ومن هو اقرب الناس اليه بالتكميل قال الله تعالى وانذر عشيرتك الأقربين وامر أهلك بالصلوة قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقيل المراد به أمته فان الأنبياء اباء الأمم بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ قال ابن عباس يريد الّتي افترض الله عليهم وهى الحنفية الّتي افترضت علينا وخص العبادتين بالذكر لان الصلاة أفضل العبادات البدنية والزكوة أفضل العبادات المالية وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) رضى الله لنبوته ورسالته ورضى عنه لاجل قيامه على طاعته واستقامة اعماله وأفعاله.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ هو سبط شيث جد ابى نوح عليهم السلام اسمه أخنوخ قيل سمى إدريس لكثرة درسه الكتب وقال البيضاوي اشتقاقه من الدرس يرده منع الصرف نعم لا يبعد ان يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثره درسه حيث انزل الله تعالى عليه ثلثين صحيحفة قال البغوي هو أول من خط بالعالم وأول من خاط الثياب وليس المخيط وكان من قبله يلبسون الجلود وأول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار وأول من نظر في علم النجوم والحساب إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦).
وَرَفَعْناهُ عطف على كان صديقا مَكاناً عَلِيًّا (٥٧) قيل يعنى درجة رفيعة بشرق النبوة والزلفى عند الله وقيل الجنة وقيل السماء السادسة او الرابعة روى انس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي ﷺ انه رأى إدريس ليلة المعراج في السماء الرابعة وقد مر الحديث في سورة بنى إسرائيل وسورة النجم وكان سبب دفع إدريس على ما قاله كعب وغيره انه ساد يوما في حاجة فاصابه وهج الشمس فقال يا رب انا مشيت يوما فاصابنى من حر الشمس ما أصابني فكيف من يحملها مسيرة خمسمائة عام في يوم واحد اللهم خفف عنه من ثقلها وحرها فلما أصبح الملاف وجد من خفة الشمس وحرها مالا يعرف فقال يا رب ما الّذي قضيت فيه قال ان عبدى إدريس سألنى ان أخفف
بانواع النعم الدنيوية والدينية مِنَ النَّبِيِّينَ بيان للموصول حال من الضمير في عليهم مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وهو إدريس عليه السلام وغيره أجمعون بدل من من النّبيين باعادة الجار او صفة او حال من النبيين ويجوز ان يكون من فيه للتبعيض لان المنعم عليهم أعم من الأنبياء وأخص من الذرية وَمِمَّنْ اى من ذرية من حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ فى السفينة خصوصا وهم ماعدا إدريس فان ابراهيم كان من ذرية سام بن نوح عليهما السلام وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وهم اسمعيل واسحق وغيرهم وَإِسْرائِيلَ عطف على ابراهيم يعنى ومن ذرية اسراءيل ومنهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى
فيه دليل على ان أولاد البنات من الذرية وَمِمَّنْ هَدَيْنا اى من جملة من هديناه الى الحق يحتمل العطف على من الاولى البيانية وعلى من الثانية على تقدير كونها للتبعيض فان كان معطوفا على الاولى فهو يشتمل مريم واهل اسمعيل الذين ذكروا في قوله تعالى كان يأمر اهله بالصلوة وَاجْتَبَيْنا اى اجتبيناه من الأنام للنبوة والكرامة والهداية إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً جمع ساجد يعنى ساجدين رغبة فيها وَبُكِيًّا (٥٨) قرأ حمزة والكسائي بكسر الباء والجمهور بالضم ومعهم حفص هاهنا جمع باك يعنى باكين رهبة الظرف متعلق بخروا وجملة خروا خبر لاولئك ان جعلت الموصول صفته واستيناف ان جعلته خبره لبيان خشيتهم من الله تعالى مع مالهم من علو الرتبة في شرف النسب وكمال النفس والزلفى من الله عزّ وجلّ روى ابن ماجة واسحق بن راهويه والبزار في مسنديهما من حديث ابن ابى وقاص قال قال رسول الله ﷺ اتلو القران وابكوا فان لم تبكوا فتباكوا.
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ يعنى فعقبهم وجاء بعدهم خَلْفٌ يعنى عقب سوء يقال خلف صدق بفتح اللام وخلف سوء بسكونها أَضاعُوا اى تركوا الصَّلاةَ المفروضة وقال ابن مسعود وابراهيم أخروها عن وقتها وقال سعيد ابن المسيب هو ان لا يصلى الظهر حتى يأتي العصر ولا العصر حتى تغرب الشمس قلت ومن اضاعة الصلاة ان يأتوها على وجه مكروه او يتركوا سننها وآدابها ونحو ذلك وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ يعنى اثروا شهوات النفس على طاعة الله تعالى وأتوا بالمعاصي فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) اى يقذفون فيه والغى على ما قال البغوي
إِلَّا مَنْ تابَ عما ارتكبه من اتباع الشهوات وترك الصلاة وَآمَنَ بعد ما كان كافرا وَعَمِلَ صالِحاً على ما يقتضيه الايمان- قال البيضاوي هذه الاية تدل على ان الاية في الكفرة يعنى الوعيد المذكور مختص بالكفرة يعنى يدل الاية لاجل هذه الاستثناء قلت والمستثنى من أمن وعمل صالحا لا من أمن ولم يعمل صالحا فالفاسق ايضا داخل في الوعيد المذكور كما يدل عليه ما مرّ من حديث ابن عباس في الغى انه الزاني والشارب وغير ذلك اى المصرّين على الكبائر والله اعلم-
(٢) وفيه ولامراة أدخلته لا زوجها ولدا ١٢ الفقير الدهلوي
جَنَّاتِ عَدْنٍ بدل من الجنة بدل البعض لاشتمالها عليها او منصوب على المدح او مفعول لفعل محذوف وهو اعنى- وعدن ان كان بمعنى الاقامة فما أضيف اليه نكرة وقيل هو علم لجنة معينة والاضافة اضافة الى الاسم وقيل هى علم لارض الجنة فعلى هذين التقديرين جنّت عدن معرفة وصفت بقوله تعالى الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ وعلى تقدير كونه نكرة الموصول صفة للجنة او بدل من جنات عدن والضمير العائد في الصلة محذوف تقديره الّتي وعد الرّحمن بها عباده بِالْغَيْبِ حال من عباده اى مللبسين بالغيبة عن الجنة اى غائبين عنها- او حال من الجنة اى متلبسّة بالغيبة اى غائبة عنهم او متعلق بوعد بحذف المضاف يعنى وعد الرّحمن بسبب تصديق الغيب والايمان إِنَّهُ تعالى كانَ وَعْدُهُ اى ما وعد به وهو الجنة مَأْتِيًّا (٦١) يأتيها أهلها لا محالة- وقيل هو مفعول بمعنى فاعل يعنى أتيا لان كل ما أتاك فقد أتيته- والحرب لا يفرق بين قول القائل اتى على خمسون سنة وقوله أتيت على خمسين سنة ووصل الىّ الخبر؟؟؟ لتالى الخبر.
لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً اى فضولا من الكلام- جملة مستاففة او حال مقدرة من عباده او من الجنة او من الضمير المحذوف في الصلة العائد الى الموصوف بالموصول إِلَّا سَلاماً استثناء منقطع اى لكن يسمعون تسليما من الله تعالى ومن الملئكة او من بعضهم على بعض- او المعنى لكن يسمعون قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) قيل المراد به رفاهية العيش وسعة الرزق- قال الحسن البصري كانت العرب لا يعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشى فوصف الله جنته بذلك- واخرج سعيد بن منصور وابن ابى حاتم عن ابن عباس في هذه الآية انه قال يؤتون به
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ اى نورثها مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣) اى نبقيها عليهم من ثمرة تقواهم كما يبقى على الوارث مال مورثه- ذكر لفظ الوراثة لكونها أقوى الأسباب في التمليك والاستحقاق من حيث انها لا تعقب بفسح ولا استرجاع ولا يبطل برد وإسقاط- وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن الّتي كانت لاهل النار لو أطاعوه زيادة في كرامتهم والله اعلم- اخرج ابن ماجة والبيهقي بسند صحيح عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ما منكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فاذا مات فدخل النار ورث اهل الجنة منزلة فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون- واخرج ابن ماجة عن انس قال قال رسول الله ﷺ من فرّ من ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة- والله تعالى اعلم- اخرج البخاري عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ لجبرئيل ما يمنعك وان تزورنا فنزلت.
وَما نَتَنَزَّلُ تقديره قل يا جبرئيل لمحمّد ﷺ وما نتنزّل وللمتنزل هو النزول على مهلة لانه مطاوع نزّل من التنزيل- وقد يطلق بمعنى النزول مطلقا كما يطلق نزّل بمعنى انزل إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ منصوب المحل على الظرفية او المصدرية تقديره ما نتنزّل الا وقتا متلبسا بامر ربّك على ما يقتضيه حكمته- او تنزلا الّا تنزّلا متلبسا بامره- واخرج ابن ابى حاتم عن عكرمة قال ابطأ جبرئيل في النزول أربعين يوما فذكر لنحوه واخرج ابن مردوية عن انس قال سئل النبي ﷺ اى البقاع أحب الى الله وايها ابغض الى الله قال ما أدرى حتى اسئل- فنزل جبرئيل وكان قد ابطأ عليه فقال لقد أبطأت على حتى ظننت ان ترى على وحده فقال وما نتنزّل الّا بامر ربّك- واخرج ابو نعيم
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما بيان لامتناع النسيان عليه وهو خبر مبتدأ محذوف اى هو او بدل من ربك فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ خطاب لرسول الله ﷺ مرتب على ما سبق يعنى لمّا عرفت رحمت ربّك عليك وفضله وانه لا ينبغى له ان ينساك- فاقبل على عبادته شكرا لهذه النعمة واصطبر عليها ولا فتشوش بإبطاء الوحى واستهزاء الكفار- عدى الاصطبار باللام وكان حق الكلام على عبادته للاشعار بما في العبارة من الالتذاذ- قال رسول الله ﷺ جعلت قرة عينى في الصلاة- او المعنى اصطبر على المشاق والشدائد وإيذاء الكفار لاجل عبادته تعالى اى لتتمكن من عبادته ولتكون عابدا لله تعالى هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) قال ابن عباس يعنى مثلا يستحق ان يعبدوا يسمى انها- وقال الكلبي هل تعلم أحدا يسمى بالله غيره فان المشركين وان سموا الأصنام آلهة لم يسموا أحدا منها بالله قط- وذلك لظهور
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ المراد به الجنس فان قول بعضهم يسند الى الجنس او بعضهم المعهود قال البغوي المراد به ابى ابن خلف الجمحي كان منكرا للبعث روى انه أخذ عظما باليا ففتتها وقال يزعم محمد انا نبعث. بعد ما نموت- فحكى الله تعالى قوله حيث قال أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ من الأرض او من حالة الموت حَيًّا (٦٦) تقديم الظرف وايلاؤه حرف الإنكار لكون المنكر كون ما بعد الموت الحيوة- والظرف متعلق بفعل- دل عليه اخرج لابه لان ما بعد اللام لا يعمل فيما قبله- واللام هاهنا لمجرد التأكيد من غير ارادة معنى الحال- قرأ ابن ذكوان بهمزة واحدة مكسورة على صورة الخبر يحذف همزة الاستفهام في اللفظ والمراد معنى الإنكار والباقون بهمزتين.
أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ قرأ نافع وعاصم وابن عامر بإسكان الذال وضم الكاف مخففك على وزن ينصر والباقون بفتح الكاف والذال مشددا أصله بتذكّر أدغمت التاء في الذال ومعناه يتفكر عطف على يقول أورد همزة الاستفهام بين المعطوف والمعطوف عليه لانكار الجمع بينهما وكان الأصل إدخالها على المعطوف عليه لكن أريد الدلالة على ان المنكر بالذات هو المعطوف وانكار المعطوف عليه انما نشأ منه أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) أصلا مع ان إيجاز المعدوم الصرف اعجب من جمع المواد بعد التفريق وإيجاد مثل ما كان فيها من الاعراض.
فَوَ رَبِّكَ اقسم بنفسه مضافا الى نبيه تفخيما لشان النبي ﷺ والفاء للسببية فان انكارهم البعث سبب لحشرهم مع الشياطين الى جهنم لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ مفعول معه وجاز كونه معطوفا قال البغوي يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) حال من الضمير المنصوب قال ابن عباس يعنى جماعات جمع جثوة- وقال الحسن والضحاك جمع جاث اى جاتين على الركب- وقال السدىّ قائمين على الركب بضيق المقام قلت يحضر الله حول جهنم جميع الناس السعداء والأشقياء ليزداد السعداء غبطة وسرورا حين يرون ما نجاهم الله منه ويزداد الأشقياء وحسرة وغيظا من رجوع السعداء عنهم الى دار الثواب اخرج عبد الله بن احمد في زوائد الزهد والبيهقي عن عبد الله ابن نابتة قال قال رسول الله
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ اى من كل امة واهل دين وأصله من شاع يشيع شيعا وشيوعا ومشاعا وشيوعة كديمومة وشيعانا محركة ذاع وفشا وشيعة الرجل بالكسر اتباعه والضارة والفرقة علحدة- ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث كذا في القاموس قلت وانما يطلق الشيعة على اتباع الرجل وأنصاره لان الشيوع والانتشار يستلزم التقوية والاتباع والأنصار ينتشرون ويتقوى بهم امر المتبوع قال الجوهري الشياع الانتشار والتقوية يقال شاع الحديث اى كثر وقوى وشاع القوم انتشروا وكثروا وشيعت النار بالحطب قوت بها والشيعة من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه- ولما كان كل امة اهل دين ينتشرون بدينهم ويتقوى بهم أمرهم اطلق هاهنا عليه أَيُّهُمْ أَشَدُّ اى هو أشد عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) اى استكبارا او تجاوزا عن الحد في العصيان كذا في القاموس- او نبوا عن الطاعة قال البغوي قال ابن عباس يعنى جرأة وقال مجاهد فجورا- وكلمة عنيّا تميز من نسبة أشد يعنى أبهم أشد عتوة على الرّحمن وكلمة اىّ هاهنا في محل النصب على المفعولية لننزعنّ عند سيبويه- قال البيضاوي كان حقه ان يبنى كسائر الموصولات لشبهها بالحروف كسائر الموصولات لكنه أعرب حملا على كل وبعض الملزوم الاضافة وإذا حذف صدر صلته زاد نقصه فعاد الى أصله- وعند الخليل مرفوع اما بالابتداء على انه استفهامى وخبره أشد والجملة محكية وتقديره لننزعنّ من كلّ شيعة الذين يقال فيهم ايّهم أشدّ- او معلق عنها لننزعنّ لتضمّنه معنى التميز اللازم للعلم او مستانفة وكلمة من للتبعيض اى لننزعنّ بعض كل شيعة او زائدة والفعل واقع على كل شيعة واما لشيعة لانها بمعنى يشيع وعلى للبيان-.
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) اى لنحن اعلم بالّذين هم اولى بالصلي اوصليهم بالنار اولى- وكلمة ثم هاهنا للتراخى في الرتبة كما في قوله تعالى ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا- او يقال هذا الكلام كناية عن قولهم ثم لنعذبنهم
وَإِنْ مِنْكُمْ ان نافية ومنكم صفة لمحذوف اى ان أحد منكم إِلَّا وارِدُها اى جهنم قيل القسم مضمر اى والله ما منكم الّا واردها بدليل ما ورد في الأحاديث الا تحلة القسم وسنذكرها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً الحتم مصدر حتم الأمر إذا وجب يعنى واجبا أوجبه الله على نفسه مَقْضِيًّا (٧١) قضاه الله عليكم بان وعده وعدا لا يمكن خلفه............
ثُمَّ نُنَجِّي عطف على مضمون ما سبق تقديره نوردكم جميعا في جهنم ثمّ ننجّى- قرأ الكسائي بالتخفيف من الافعال والباقون بالتشديد من التفعيل الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك فيساقون الى الجنة بلا تعذيب او بعد التعذيب وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ اى الكافرين فِيها اى في النار جِثِيًّا (٧٢) جميعا وقيل جاثين على الركب والمراد بالورود الدخول وإن كان بطريق المرور على الصراط الّذي هو على متن جهنم- وقال قوم من اهل الأهواء ليس المراد بالورود الدخول فانه من يدخلها لا ليخرج منها ابدا وقالوا النار لا يدخلها مؤمن ابدا لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها- بل المراد به الحضور والروية فانهم يحضرون جميعا موضع الحساب وهو بقرب جهنم- ثم ينجى الله المتقين يأمرهم الى الجنة ويذر الظالمين فيها جثيا يأمرهم الى النار- نظيره قوله تعالى ولمّا ورد ماء مدين وقد كان موسى اشرف عليه ولم يدخله ويؤيده
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على الكفار معطوف على قوله فخلف من بعدهم او على قوله ويقول الإنسان آياتُنا بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها اما بنفسها او ببيان من الرسول ﷺ او واضحات الدلالة على صدق الرسول باعجازها قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى النضر بن حارث وأمثاله من القريش لِلَّذِينَ آمَنُوا يعنى الفقراء اصحاب النبي ﷺ وكانت فيهم قشافة وفي عيشهم خشونة وفي ثيابهم رثاثة- والمشركون كانوا يرجّلون شعورهم ويدهنون رؤسهم ويلبسون خير ثيابهم- فقالوا للمؤمنين أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ من المؤمنين وو الكافرين خَيْرٌ مَقاماً قرأ ابن كثير بضم الميم على انه ظرف او مصدر من الافعال يعنى خير اقامة او خير موضع للاقامة والباقون بفتح الميم على انه ظرف من القيام اى خير موضعا للقيام وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) اى مجلسا ومجتمعا يعنى انهم لما سمعوا الآيات البينات وعجزوا عن معارضتها أخذوا في الافتخار بمالهم من حظوظ الدنيا واستدلوا بها على فضلهم وحسن حالهم عند الله- فرد الله عليهم ذلك مع التهدين على سبيل النقض فقال.
وَكَمْ خبرية منصوب بما بعده أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ تميز لكم سمى اهل كل عصر قرنا لاقترانهم في الزمان هُمْ أَحْسَنُ
قال البغوي متاعا وأموالا وقال مقاتل ثيابا ولباسا وفي القاموس الأثاث متاع البيت بلا واحد والمال اجمع والواحدة اثاثة وهو مع ما عطف عليه تميز عن نسبة احسن الى الضمير المراجع الى القرن يعنى اثاثهم احسن وَرِءْياً (٧٤) قرأ قالون وابن ذكوان بتشديد الباء من غير همز على قلب الهمزة ياء وادغامها او على انه من الرىّ الّذى هو ضد العطش ومعناه الارتواء من النعمة وقرأ الجمهور بالهمزة ومعناه منظرا من الرؤية ووقف حمزة بابدال الهمز فوافق قالون جملة هم احسن صفة لقرن.
قُلْ يا محمد مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا امر بمعنى الخبر اى يمده ويدعه في طغيانه وبمهله استدراجا وفي إيراد لفظ الأمر إيذان بان امهاله مما ينبغى ان يفعله الرحمن حتى ينقطع معاذيره- قال الله تعالى أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ اما مع ما عطف عليه بدل من ما يوعدون تفصيل لما أجمل والمراد بالعذاب الاسر والقتل في الدنيا وإِمَّا السَّاعَةَ وما ينالهم فيه من الخرق العذاب في الاخرة غاية للمدّ؟؟؟ او لقول الّذين كفروا للّذين أمنوا اىّ الفريقين خير فَسَيَعْلَمُونَ عند ذلك مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) اى أعواناهم أم المؤمنون فان جندهم الشياطين وجند المؤمنين الملائكة- وجملة فسيعلمون جواب الشرط وهذا ود على قولهم اىّ الفريقين خير مّقاما واحسن نديّا- قابل شرّ مّكانا بخير مّقاما وأضعف جندا- بأحسن نديّا- لان حسن النادي باجتماع وجوه القوم وأعيانهم وظهور شوكتهم استظهارهم.
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً اى ايمانا وإيصالا الى مقاصدهم وهو مراتب القرب من الله- عطف على مضمون الشرطية الواقعة بعد قل يعنى من كان في الضلالة يمده الرحمان والذين اهتدوا زادهم هدى بالايمان بما ينزل عليهم من الآيات- يعنى امهال الكافرين وتمتيعهم في الدنيا ليس لفضلهم عند الله- وقصور حظ المؤمنين من الدنيا ليس لنقصهم بل لان الله تعالى جعل قلة حظهم من الدنيا سببا لمزيد ثوابهم ورفع درجاتهم عند الله وإيصالهم الى مقاصدهم من مراتب القرب- وقيل هو عطف على فليمدد لانه في معنى الخبر كانه قيل من كان في الضلالة بزيد الله في ضلالته ومن يعانده يزيد في هدايته وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ اى الاذكار والأعمال الصالحة الّتي تبقى عائدتها لصاحبها ابد الآبدين خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً عائدة
أَفَرَأَيْتَ إلخ لما كانت الروية أقوى سندا للاخبار استعمل ارايت بمعنى أخبرني- والخطاب للنبى ﷺ او لمخاطب غير معين- وكلمة رايت بالفاء معطوفة على محذوف تقديره أوقع نظرك قرائت الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا يعنى العاص بن وائل وَقالَ عطف على كفر لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً (٧٧) قرأ حمزة والكسائي ولدا بضم الواو وسكون اللام والباقون بفتحهما قال البغوي هما لغتان مثل العرب والعرب والعجم والعجم- وقيل بالضم والسكون جمع وبالفتحتين مفرد مثل اسد واسد.
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ الجملة بتأويل المفرد مفعول ثان لرايت واطلع هاهنا من قبيل اطلع الجبل اى ارتقى الى أعلاه واستغنى بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل قال ابن عباس انظر في اللوح المحفوظ وقال مجاهد اعلم علم الغيب حتى ادعى ان يؤتى في الاخرة مالا وولدا أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) يعنى قال لا اله الّا الله وقال قتادة يعنى عمل عملا صالحا وقال الكلبي عهد الله اليه ان يدخله الجنة.
كَلَّا رد عليه يعنى ليس الأمر كذلك سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ اى سنحفظ عليه او سنظهر له انا كتبنا قوله او سننتقم منه ما كتبنا من قوله ووجه هذه التأويلات ان نفس الكتابة لا يتاخر عن القول لقوله تعالى ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ واسناد الكتابة الى نفسه مع كون الملائكة الكرام كاتبين لان كتابتهم بامره تعالى وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) اى نزيد عذابه لاجل استهزائه بهذا القول فوق ما استحقه قبل ذلك بالكفر.
وَنَرِثُهُ باهلاكنا إياه وابطال ملكه ما يَقُولُ يعنى المال والولد وَيَأْتِينا يوم القيمة فَرْداً (٨٠) لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا
وَاتَّخَذُوا اى كفار قريش مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً يعنى الأصنام لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) اى ليتعززوا بهم عند الله بان يكونوا وصلة او شفعاء.
كَلَّا ردع وانكار لتعزرهم بها سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ اى سيجحد الالهة عبادتهم ويتبرءون منهم ويقولون تبرّانا إليك ما كانوا ايّانا يعبدون او سيجحد الكفار عبادتهم إياها ويقولون والله ربّنا ما كنّا مشركين وَيَكُونُونَ اى الأصنام عَلَيْهِمْ اى على الكفار ضِدًّا (٨٢) اى ذلّا وهوانا فانه ضد العز وهذا التأويل يؤيد التأويل الاول فيما سبق او يضدهم ويخالفهم على معنى انها تكون اعداء لهم يكذبونهم ويلعنونهم او معونه على الكفار في تعذيبهم بان توقد بها نيرانهم- وجاز ان يكون الضمير الاول الكفار والثاني للالهة والمعنى ويكون الكفار على الالهة منكرين كافرين بها بعد ان كانوا يعبدونها- وتوحيد الضد لوحدة المعنى الّذي به مضادتهم فانهم بذلك كالشيء الواحد نظيره قوله ﷺ وهم يد على من سواهم- أخرجه ابو داود وابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وابو داود والنسائي من حديث على وابن حبان من حديث ابن عمر- وفي القاموس ان الضد يكون جمعا ايضا ومنه قوله تعالى وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا-.
أَلَمْ تَرَ الم تعلم يا محمد أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ الاستفهام للانكار وانكار النفي اثبات اى سلطناهم عليهم وقيّضنا لهم قرناء- قال البغوي وذلك حين قال واستفزز من استطعت منهم بصوتك او المعنى خلّيناهم وإياهم من أرسلت البعير اى أطلقته تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) اى تهزهم وتعزّنهم على المعاصي بالتسويلات واتباع الشهوات- والاز والهز التحريك وجملة تؤزهم ازّا حال من الشياطين وفي الكلام تعجيب لرسول الله ﷺ من أقاويل الكفار وتماديهم في الغى وتصميمهم على الكفر بعد وضوح الحق على ما نطقت به الآيات المتقدمة.
فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ بدعائك عليهم بنزول العذاب إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ ايام اجالهم الّتي قضيناها مدة أعمارهم عَدًّا (٨٤) يعنى أعمارهم ايام محصورة معدودة والفاء في فلا تعجل للسببية وحملة
نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ مع ما عطف عليه ظرف لفعل محذوف اى نفعل بالفريقين ما نفعل او منصوب با ذكر او متعلق بلا يملكون إِلَى الرَّحْمنِ اى الى موضع كرامته وتجلياته وَفْداً (٨٥) حال من المتقين جمع وافد اى وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم- اخرج الحاكم والبيهقي وعبد الله بن احمد في زوائد المسند وابن جرير وابن ابى حاتم عن علىّ بن ابى طالب انه قرأ هذه الاية فقال والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم ينظر الخلائق الى مثلها عليها بر حال الذهب وازمّتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يقرعوا باب الجنة وذكر البغوي قول علىّ رضى الله عنه ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها الذهب ونجائب مرحبها اليواقيت ان هموابها سارت وان هموا طارت- واخرج البيهقي من طريق طلحة بن ابى طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال ركبانا ونسوق المجرمين الى جهنّم وردا قال عطاشا- واخرج ابن جرير عن ابى طلحة عن ابى هريرة قال وفدا اى على الإبل واخرج ابن ابى حاتم عن عمر بن قيس الملائى ان المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في احسن صورة وأطيب ريح فيقول هل تعرفنى فيقول لا الا ان الله قد طيب ريحك واحسن صورتك- فيقول كذلك كنت في الدنيا انا عملك الصالح طال ما ركبتك في الدنيا اركبنى اليوم وتلا يوم نحشر المتّقين الى الرّحمن وفدا- وان الكافر استقبله عمله في اقبحه صورة وأنتنه ريحا فيقول اولا تعرفنى فيقول لا الا ان الله فبح صورتك ونتن ريحك فقال كذلك كنت في الدنيا انا عملك السيء طال ما ركبتنى في الدنيا وانا أركبك اليوم وتلاوهم يحملون أوزارهم على ظهورهم.
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ بكفرهم إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) قال البغوي مشاة او قيل عطاشا وقد تقطعت أعناقهم من العطش والورد جماعة يردون الماء ولا يرد أحد الماء بعد العطش وقد قال ابن عباس في تفسيره يعنى عطاشا- قلت ذكر الله سبحانه حال الفريقين أحدهما المتقين الكاملين في التقوى الأنبياء وغيرهم- وثانيهما المجرمين اى الكافرين ولم يذكر حال عامة المؤمنين من الصالحين والمذنبين- وقد ذكر في الحديث انّ
لا يَمْلِكُونَ الضمير فيه للعباد المدلول عليها بذكر القسمين وجملة لا يملكون اما حال من المتقين والمجرمين واما مستانفة الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) يعنى الا من تحلى بما يستعد به ويستأهل ان يشفع للعصاة من الايمان والعمل الصالح على ما وعد الله- حيث قال ادعوني استجب لكم وقال يستجيب الّذين أمنوا وعملوا الصّلحت ويزيدهم من فضله- قال ابن صالح عن ابن عباس يشفعهم في إخوانهم ويزيدهم من فضله في اخوان إخوانهم- او المعنى الا من اتخذ من الله اذنا في الشفاعة نظيره قوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ- يقال عهد الأمير الى فلان بكذا إذا امره به ومحل الموصول الرفع على البدل من الضمير او النصب على الاستثناء وجاز ان يكون المستثنى مفرغا ويكون الواو في يملكون علامة الجمع لا الضمير مثل أكلوني البراغيث اى لا يملك الشفاعة أحد الّا من اتخذ- قيل المراد بمن اتّخذ عند الرّحمن عهدا من قال لا اله الا الله- فان الله وعد المؤمنين بالمغفرة حيث قال من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره- وقال انّ الله يغفر الذّنوب جميعا- وقال عليه السلام حق العباد على الله ان لا يعذب من لا يشرك به متفق عليه من حديث معاذ ومحل الموصول حينئذ النصب على تقدير المضاف تقديره لا يملكون الشّفاعة الّا شفاعة من اتّخذ عند الرّحمن عهدا على ان الشفاعة مضاف الى المفعول- نظيره قوله تعالى لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى - وقيل الضمير للمجرمين ويكون الشفاعة مصدرا مبنيّا للمفعول والاستثناء وحينئذ منقطع- والمعنى لا يملك المجرمون ان يشفع لهم لكن المؤمنين يشفع لهم-.
وَقالُوا اى اليهود والنصارى وبعض العرب القائلون بان الملائكة بنات الله- والضمير عائد الى غير مذكور لشهدة هذا القول منهم كانهم معلومون معهودون اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) قرأ حمزة والكسائي بضم الواو وسكون اللام في جميع المواضع من هذه السورة وفي الزخرف وسورة نوح- ووافقهما ابن كثير وابو عمرو ويعقوب في سورة نوح والباقون بفتحهما.
لَقَدْ جِئْتُمْ ايها القائلون بهذا القول- فيه التفات من الغيبة الى الخطاب تهديدا الكمال
تَكادُ السَّماواتُ قرأ نافع والكسائي هاهنا وفي خم عسق بالياء التحتانية لتقدم الفعل وكون التأنيث غير حقيقى- والباقون بالتاء الفوقانية لتأنيث الفاعل يَتَفَطَّرْنَ قرأ نافع وابن كثير وحفص والكسائي وابو جعفر بالياء التحتانية والتاء الفوقانية وفتح الطاء المشددة من التفعل- والباقون بالنون وكسر الطاء محففة من الانفعال- يقال انفطر الشيء وتفطّر اى تشقق والتفعل ابلغ لانه مطاوع للتفعيل بخلاف الانفعال فانه مطاوع للمجرد ولان اصل التفعل التكلّف مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) اى تنكسر كسرا في القاموس الهد الهدم الشديد والكسر قيل معنى يتفطّرن السّموات اى يسقطن عليهم وتنشقّ الأرض اى تخسف بهم وتخرّ الجبال هدّا اى تنطبق عليهم.
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) بضم الواو وسكون اللام وبفتحهما على ما مرّ من الخلاف- وان مع صلتها في محل النصب على العلة على حذف المصاف وإيصال الفعل اليه تقديره كراهة ان دعوا- او على الظرفية متعلقا بيتفطرن وتنشق وتخر على سبيل التنازع- او في محل الجر بإضمار اللام او بالابدال من الضمير في منه- او الرفع على انه خبر محذوف تقديره الموجب لذلك ان دعوا- او فاعل هذّا اى هدها دعاء الولد وهو من دعا بمعنى سمى المتعدى الى مفعولين وانما اقتصر على الثاني ليحيط بكل ما دعى له- او من دعا بمعنى نسب الّذي مطاوعه ادعى الى فلان إذا انتسب اليه- قال ابن عباس وكعب فزعت السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق الا الثقلين وكادت ان تزول وغضبت الملائكة وأسعرت جهنم حين قالوا ولد الله- وقيل معناه انّ هول هذه الكلمة وعظمها بحيث لولا حلم الله لخرّب العالم وبدّد قوائمه غضبا على من تفوّه بها.
وَما يَنْبَغِي انبغى ينبغى مطاوع لبغى إذا طلب ومعناه ما يتاتى لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) اى ما يتطلب لو طلب فرضاه يعنى ليس هذا داخلا تحت القدرة لكونه مستحيلا غير ممكن- او المعنى لا يليق ذلك لعلو شانه فانه نقص بالاضافة اليه وهو منزه عن المناقص وعمالا يليق به- قال البيضاوي لعل ترتيب الحكم بصفة الرحمانية للاشعار بان كل ما عداه نعمة او منعم عليه فلا يجانس من هو مبدا النعم كلها ومولى أصولها وفروعها- فكيف يمكن له ان يتخذ ولدا ثم صرح به في قوله.
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من لكرة موصوفة بالظرف وكلّ متده والمستثنى المفرغ خبره يعنى ما منهم أحد إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) اى الا وهو مملوك مخلوق له ويأوي اليه بالعبودية والانقياد ويأتيه يوم القيمة ذليلا- والعبودية المجازية ينافى النبوة ولذلك من ملك ابنه عتق عليه
لَقَدْ أَحْصاهُمْ اى حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يخرجون من علمه وقدرته وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) يعنى عدّ أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم وأحوالهم وأرزاقهم- فان كلّ شيء عنده بمقدار.
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) منفردا عن الامتاع والأنصار وليس معه شى مما في الدنيا- اخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف انه لمّا هاجر الى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم شيبت بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وامية بن خلف فانزل الله تعالى.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) يعنى محبة في قلوب المؤمنين او محبّا يحبهم- قال في القاموس الودّ والواد الحب ويثلثان يعنى يقران بكسر الواو وفتحها وضمها- والود ايضا المحب ويثلث كالوديد الكثير الحب- وفيه تسلية لعبد الرحمن بن عوف ووعد له بان يجعل الله له محبين عن المؤمنين بدلا من الكافرين- واخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال نزلت هذه الاية في علىّ ابن ابى طالب رضى الله عنه يعنى يجعل الله تعالى محبته في قلوب المؤمنين وسائر الخلائق غير الكافرين قال رسول الله ﷺ من كنت مولاه فعلى مولاه رواه احمد وابن ماجة عن البراء واحمد عن بريدة والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم وقال عليه السلام ذكر علّى عبادة- رواه صاحب مسند الفردوس عن عائشة وفي لفظ حبّ علىّ عبادة وقال رسول الله ﷺ إذا أحب الله العبد قال لجبرئيل قد أحببت فلانا فاحبه فيحبه جبرئيل ثم ينادى في اهل السماء ان الله قد أحب فلانا فاجده فيحبه اهل السماء ثم وضع له القبول في الأرض رواه البخاري ومسلم من حديث ابى هريرة قلت ويمكن تأويل هذه الاية ان الله تعالى يتخذه محبا لنفسه قال الله تعالى لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته الحديث.
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ الباء بمعنى على أدهى على أصله وعدى يسرناه بالباء لتضمنه معنى أنزلناه اى أنزلناه بلغتك هو على هذا حال اى متلبسا بلغتك- قلت ويمكن ان يقال تقديره يسرناه على أمتك متلبسا بافتك لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ عن الشرك وَتُنْذِرَ به الضمير المنصوب في يسّرناه والمجرور في به راجع الى القران قَوْماً لُدًّا (٩٧) أشداء الخصومة الذين يختارون النار مع وضوح الحق تعصبا وخصومة وعنادا وقال الحسن معناه ضمّا عن الحق وقال مجاهد الالدّ الظالم الّذي لا يستقيم- وقال ابو عبيدة الألد الّذي لا يقبل الحق ويدعى الباطل والحصر إضافي يعنى ما أنزلنا القرآن لتتعب نفسك وتبخعها ان لم يؤمنوا انما أنزلناه لتبشر وتنذر.
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ اى قبل كفار قومك مِنْ قَرْنٍ تخويف للكافرين وتجسير للرسول ﷺ على إنذارهم هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ اى هل فحس منهم أحدا بإحدى الحواس الخمس وقيل معناه هل ترى وقيل هل تجد وقيل هل تشعر أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨) الركز الصوت الخفي واصل التركيب للخفاء ومنه ركز الرمح أقاغيب طرفه في الأرض والركاز المال المدفون والله اعلم- تمت تفسير سورة المريم ويتلوه تفسير سورة طه ان شاء الله تعالى) يوم الاثنين خامس صفر من السنة الثالثة بعد الالف والمائتين سنة- ١٢٠٣.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مضمون صفحه حديث ان الأرضين على ظهر النون والنون على البحر والبحر على الصخرة والصخرة على قرن الثور والثور على الثرى إلخ ١٢٦ ما قيل في السر وأخفى ١٢٧ حديث حجابه النور لو كشفت لاحرقت سبحات وجهه ١٢٩ ما ورد في سماع موسى كلام الله من جميع الجهات والأعضاء ١٢٩ مسافة السلوك الى فوق العرش خمسين الف سنة ١٣٠ ما ورد في فضل الصلاة والاهتمام به ١٣٠ يقول الله انا عند ظن عبدى بي ١٣١ حديث من نسى صلوة او نام عنها ١٣١ مسئلة الايمان بالله وعبادته في مرتبة من الفضل كان حقيقا ان يكونا مقصودين بذاتهما لا نطمع في الجنة وخوف من النار ١٣٢ فائدة الوحى والنبوة الّتي للتشريع مختص بالأنبياء وختمت بخاتم النبيين وما ليس للتشريع فغير مختص ويكون للاولياء ايضا كمالات النبوة بالوراثة ١٣٧ ذكر مبتداء تعين الكليم والخليل والحبيب ﷺ ١٤٠ ذكر أصالة الطينة وأصالة الكبرى وما ادعى المجدد للالف الثاني رضى الله عنه ١٤٦ ما ورد في اهل الدرجات العلى ١٥٣ مضمون صفحه قيل الولاية أفضل من النبوة والحق ان النبوة أفضل وتحقيق العروج والنزول فيهما ١٥٦ ما ورد في ان الكافر يستقبله عمله القبيح فيتركبه ١٦١ ما ورد في انه من أخذ من عرض الدنيا شيئا بغير حق يحمله على عاتقه يوم القيامة ١٦٢ من بنى فوق ما يكفيه كلف ان يحمله ١٦٢ ما ورد في الصور ١٦٣ قصة أد و ١٦٨ حديث لما خلق الله آدم مسح ظهره الى لشى آدم ١٦٨ فنيست ذرّيته وخطا فخطات ١٦٨ حديث حج آدم موسى ١٧٠ حديث رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ١٧٠ تحقيق المعيشة الضنك وللكافر ١٧٢ حديث أشد الناس بلاء الأنبياء ١٧٣ مسئله وجوب قرأة الفاتحة في الصلاة ١٧٥ حديث لا صلوة الا بفاتحة الكتاب ١٧٥ حديث انكم ترون ربكم كما ترون القمر ١٧٦ مسئلة الايمان بالله والتوحيد واجب على العقلاء قبل بعثة الرسل والكفر حينئذ كان سببا لاستحقاق العذاب ١٧٩.