تفسير سورة الفرقان

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(٢٥) سورة الفرقان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣)
١- تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً:
تَبارَكَ الَّذِي تزايد عن كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وأفعاله، أو تزايد خيره وتكاثر.
نَزَّلَ الْفُرْقانَ القرآن، وسمى فرقانا لفصله بين الحق والباطل، أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ولكن مفروقا مفصولا بين بعضه وبعض فى الإنزال.
لِيَكُونَ الضمير للفرقان.
نَذِيراً منذرا ومخوفا.
٢- الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً:
الَّذِي لَهُ رفع على الابدال من الَّذِي نَزَّلَ أو على المدح، أو نصب على المدح.
فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً أي: وقدر كل شىء فقدره. والمعنى: أنه أحدث كل شىء إحداثا راعى فيه التقدير والتسوية، فقدره وهيأه لما يصلح له.
٣- وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً:
وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ أي: لا يستطيعون لأنفسهم.
ضَرًّا دفع ضرر عنها.
وَلا نَفْعاً ولا جلب نفع لها.
وَلا نُشُوراً ولا بعثا.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤ الى ٧]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦) وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧)
٤- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً:
إِنْ هَذا ما هذا، يعنون القرآن.
إِفْكٌ باطل وكذب.
افْتَراهُ اختلقه.
وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ يعنون اليهود.
جاؤُ ظُلْماً أي بظلم، وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من العجمي الرومي كلاما عربيا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب.
وَزُوراً أي بهتوه بنسبة ما هو برىء منه اليه.
٥- وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا:
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما سطره المتقدمون.
اكْتَتَبَها أي أراد اكتتابها، أو كتبت له.
فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ أي تلقى عليه وتقرأ.
بُكْرَةً وَأَصِيلًا دائما.
٦- قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً:
الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ أي يعلم كل سر خفى فى السموات والأرض، ومن جملته ما تسرونه من الكيد لرسول صلّى الله عليه وآله وسلم.
٧- وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً:
مالِ هذَا الرَّسُولِ كأنهم قالوا: ما لهذا الزاعم أنه رسول.
يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل.
وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ ويتردد فى الأسواق لطلب المعاش كما نتردد.
لَوْلا أُنْزِلَ هلا أنزل.
فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يساعده على الإنذار.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٨ الى ٩]
أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩)
٨- أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً:
كَنْزٌ من السماء.
مَسْحُوراً سحر تغلب على عقله. أو ذا سحر.
٩- انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا:
ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات.
فَضَلُّوا فجانبوا القصد والحق.
فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا فعميت عليهم السبل ولا يجدون لهم مما ورطوا أنفسهم فيه مخرجا.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٠ الى ١٢]
تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢)
١٠- تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً:
تَبارَكَ الَّذِي تكاثر خيره.
جَعَلَ لَكَ فى الدنيا.
خَيْراً مِنْ ذلِكَ مما قالوا.
١١- بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً:
بَلْ كَذَّبُوا عطف على ما حكى عنهم. أي: بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة.
وَأَعْتَدْنا أي أعددنا.
سَعِيراً نارا حامية.
١٢- إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً:
إِذا رَأَتْهُمْ أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر فى البعد.
سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً سمعوا صوت غليانها.
وَزَفِيراً أي صوت تأججها وما ينبعث عنها من نفثات.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٣ الى ١٦]
وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤) قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (١٦)
١٣- وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً:
وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً أي ألقاهم فى مكان ضيق يتراصون فيه تراصا.
مُقَرَّنِينَ مسلسلين فى السلاسل، قد قرنت أيديهم الى أعناقهم فى الجوامع.
دَعَوْا جأروا وصرخوا.
هُنالِكَ فى جهنم.
ثُبُوراً قائلين: وا ثبوراه. والثبور: الهلاك.
١٤- لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً:
لا تَدْعُوا يقال لهم ذلك.
وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً أي إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا، إنما هو ثبور كثير، لأن العذاب أنواع وألوان، كل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته.
١٥- قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً:
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي التي وعدها المتقون.
كانَتْ لأن ما وعده الله وحده فهو فى تحققه كأنه قد كان.
جَزاءً ثوابا.
وَمَصِيراً يصيرون اليه.
١٦- لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا:
ما يَشاؤُنَ من النعيم.
وَعْداً مَسْؤُلًا واجبا لك فتسأله.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٧ الى ٢٠]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)
١٧- وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ:
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ يجمعهم فى يوم الحشر.
أَأَنْتُمْ الخطاب لما عبدوه من دون الله.
١٨- قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً:
قالُوا الضمير لما كانوا يعبدون من دون الله.
سُبْحانَكَ تعجب منهم، أي تنزهت وتقدست.
مِنْ أَوْلِياءَ نصراء.
أي ما كان يحق لنا أبدا أن نطلب من دونك وليا ينصرنا ويتولى أمرنا، فكيف مع هذا ندعو أحدا أن يعبدنا دونك.
بُوراً مستحقين للهلاك.
١٩- فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً:
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ الخطاب لمن اتخذوا آلهة من دون الله، يعنى لقد كذبتكم الآلهة التي عبدتموها فيما زعمتم من اضلالهم إياكم.
صَرْفاً للعذاب عنكم.
وَلا نَصْراً من أحد يخلصكم.
وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ أي ولتعلموا معشر الناس أن من يجور عن الحق والايمان ويكفر.
نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً فإنا نعذبه عذابا شديدا.
٢٠- وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً:
فِتْنَةً أي يبتلى بعضكم ببعض.
أَتَصْبِرُونَ الخطاب للمؤمنين، أي اصبروا على ما تمتحنون به.
وَكانَ رَبُّكَ الخطاب لرسوله.
بَصِيراً مطلع على كل شىء ومجاز كلا بما قدم.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢١ الى ٢٣]
وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢) وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣)
٢١- وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً:
لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ينكرون البعث.
لَوْلا هلا.
أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ فيخبروا أن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلم صادقا.
أَوْ نَرى رَبَّنا فيخبرنا برسالته.
لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا بلغ بهم الكبر مبلغه.
وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً جاوزوا الحد فى الطغيان.
٢٢- يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً:
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ يعنى يوم القيامة.
لا بُشْرى فليس ثمة بشارة ولكن ثمة ما يسوءهم.
يَوْمَئِذٍ يوم القيامة.
لِلْمُجْرِمِينَ لمن أثموا وكفروا.
وَيَقُولُونَ أي الملائكة.
حِجْراً مَحْجُوراً أي حراما محرما أن يدخل الجنة الا من كان مؤمنا بالله وبرسوله.
٢٣- وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً:
وَقَدِمْنا أي وقصدنا.
إِلى ما عَمِلُوا الضمير لهؤلاء المجرمين.
مِنْ عَمَلٍ يحسبون أنه بر.
هَباءً مَنْثُوراً لا نفع به. والهباء المنثور: ما يخرج من الكوة فى ضوء الشمس شبيه بالغبار.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٤ الى ٢٩]
أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩)
٢٤- أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا:
مَقِيلًا منزلا ومأوى.
٢٥- وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا:
بِالْغَمامِ عن الغمام.
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا من السماء الى الأرض لحساب الثقلين.
٢٦- الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً:
عَسِيراً صعبا عصيبا.
٢٧- وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا:
يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ أسفا وتحسرا.
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ كنت معه على طريقه وما يدعو اليه ولم أخالفه.
٢٨- يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا:
يا وَيْلَتى دعاء بالويل والثبور على نفسه.
فُلاناً أي من أضله.
٢٩- لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا:
لَقَدْ أَضَلَّنِي صرفنى وأبعدنى.
عَنِ الذِّكْرِ أي عما جاء به الرسول.
خَذُولًا خاذلا له ومسلمه الى التهلكة.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٠ الى ٣٣]
وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣)
٣٠- وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً:
مَهْجُوراً أي قالوا فيه غير الحق من أنه سحر وشعر، أو متروكا.
٣١- وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً:
مِنَ الْمُجْرِمِينَ المكذبين الجاحدين.
وَكَفى بِرَبِّكَ وحسبك ربك.
هادِياً يثبت أقدامك على طريق الهدى.
وَنَصِيراً ينصرك بنصرة دينك.
٣٢- وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا:
لَوْلا هلا.
نُزِّلَ أنزل.
جُمْلَةً واحِدَةً دفعة واحدة فى وقت واحد.
كَذلِكَ جواب لهم، أي كذلك أنزل مفرقا.
لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ لنقوى بتفريقه فؤادك حتى تعيه وتحفظه.
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا قدرناه آية بعد آية ودفعة عقيب دفعة.
٣٣- وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً:
وَلا يَأْتُونَكَ ولا يجيئونك.
بِمَثَلٍ بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة، كأنه مثل فى البطلان.
إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ بالجواب الحق الذي لا محيد عنه.
وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً وبما هو أحسن معنى، ومؤدى من سؤالهم، ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٤ الى ٣٨]

الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨)
٣٤- الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلًا:
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ يجمعون ويحشدون.
عَلى وُجُوهِهِمْ مسحوبين على وجوههم.
شَرٌّ مَكاناً شر منزلة، لأنهم فى جهنم.
وَأَضَلُّ سَبِيلًا طريقا، لأنهم على الكفر.
٣٥- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً:
الْكِتابَ التوراة.
وَزِيراً يؤازره.
٣٦- فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً:
إِلَى الْقَوْمِ يعنى فرعون وآله.
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا جحدوا وكفروا بما حملت إليهم من آياتنا.
فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً أهلكناهم غرقا.
٣٧- وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً:
كَذَّبُوا الرُّسُلَ نوحا ومن قبله من الرسل.
أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان.
لِلنَّاسِ من بعدهم.
آيَةً عبرة وعظة.
وَأَعْتَدْنا وأعددنا.
٣٨- وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً:
وَأَصْحابَ الرَّسِّ كانوا قوما من عبدة الأصنام أصحاب آبار
ومواش فبعث الله إليهم شعيبا فدعاهم الى الإسلام، فتمادوا فى طغيانهم وإيذائه، فبينما هم حول الرس، وهو البئر غير المطوية، انهارت بهم فخسف بهم وبديارهم.
وقيل: الرس: قرية بفلج اليمامة قتلوا نبيهم فهلكوا، وهم بقية ثمود قوم صالح.
بَيْنَ ذلِكَ المذكور.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٩ الى ٤١]
وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠) وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١)
٣٩- وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً:
ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين، ووصفنا لهم ما نالهم من تكذيب الأنبياء وما جرى عليهم من عذاب الله وتدبيره.
وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً أهلكناهم بالعذاب. والتتبير: التفتيت والتكسير.
٤٠- وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً:
عَلَى الْقَرْيَةِ هى سدوم، من قرى قوم لوط.
مَطَرَ السَّوْءِ الحجارة التي أمطروا بها.
أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها يعنى قريشا، فلقد كانوا يمرون بها كثيرا فى تجارتهم الى الشام.
بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً بل كانوا قوما كفرة بالبعث لا يتوقعون أن ينشروا من قبورهم، فوضع الرجاء موضع التوقع.
٤١- وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا:
إِنْ نافية.
يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً يستهزئون بك.
أَهذَا استصغار لشأنه.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٢ الى ٤٥]

إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤) أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥)
٤٢- إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا:
إِنْ مخففة من الثقيلة.
كادَ لَيُضِلُّنا أي شارفوا أن يتركوا دينهم.
لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها أي لولا استمساكنا بعبادتها.
وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وعيد.
مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا كالجواب عن قولهم إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا أي من أضل دينا، أهم أم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم؟
٤٣- أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا:
مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ من كان فى طاعة الهوى فى دينه يتبعه فى كل ما يأتى ويذر لا يتبصر فهو عابد هواه وجاعله إلهه.
أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أتتوكل عليه وتجبره على الإسلام.
٤٤- أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا:
أَمْ تَحْسَبُ أم، منقطعة، أي بل أتحسب.
كَالْأَنْعامِ لا إرادة لهم ولا رأى رائد ينقذهم من التخبط.
بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا بل أضل من الأنعام فى الاهتداء الى الطريق.
٤٥- أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا:
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ ألم تنظر الى صنع ربك وقدرته.
كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ كيف جعله يمتد وينبسط فتنتفع به الناس.
وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي لاصقا بأصل كل مظل لا ينبسط.
ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا أي ان الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها فى مسيرها على أحوال الظل.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٦ الى ٥١]

ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩) وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٥٠)
وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١)
٤٦- ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً:
ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا أي ينسخه بضح الشمس.
يَسِيراً على مهل.
٤٧- وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً:
لِباساً شبه ما يستر من ظلال الليل باللباس الساتر.
سُباتاً راحة لأبدانكم.
نُشُوراً من الانتشار للمعاش.
٤٨- وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً:
بُشْراً تبشيرا.
بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي قدام المطر الذي هو رحمة للناس.
طَهُوراً بليغا فى طهارته.
٤٩- لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً:
مَيْتاً على التذكير، لأن البلدة فى معنى البلد.
وَأَناسِيَّ كَثِيراً أي بشرا كثيرا.
٥٠- وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً:
وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ أي ولقد بينا هذا القول- وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال المطر- بين الناس فى القرآن وفى سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل عليهم السلام.
لِيَذَّكَّرُوا ليفكروا ويعتبروا ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا.
فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً أي فأبى أكثرهم الا كفران النعمة وجحودها.
٥١- وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً:
يقول للرسول صلّى الله عليه وآله وسلم: ولو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى وبعثنا فى كل قرية نبيا ينذرها.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٢ الى ٥٥]

فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥)
٥٢- فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً:
فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ فيما يريدونك عليه.
وَجاهِدْهُمْ بِهِ أي بالقرآن، أي امض فى دعوتك إياهم الى ما فى القرآن.
جِهاداً كَبِيراً جامعا لكل مجاهدة.
٥٣- وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً:
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ خلاهما متجاورين متلاصقين.
هذا عَذْبٌ فُراتٌ بالغ العذوبة.
وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ بالغ الملوحة والمرارة.
وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً حائلا.
وَحِجْراً مَحْجُوراً أي وسترا مستورا يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر.
٥٤- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً:
خَلَقَ مِنَ الْماءِ من النطفة.
بَشَراً أي إنسانا.
نَسَباً أي ذكورا ينسب إليهم.
وَصِهْراً إناثا يصاهر بهن.
وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً حيث خلق من النطفة الواحدة بشرا نوعين ذكرا وأنثى.
٥٥- وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً:
ظَهِيراً أي ان الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة والشرك.
وقد يراد بالظهير: الجماعة: ويكون مرادا بالكافر: الجنس، أي ان بعضهم مظاهر لبعض على اطفاء نور دين الله.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٦ الى ٦١]
وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)
تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١)
٥٦- وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً:
مُبَشِّراً بالجنة.
وَنَذِيراً من النار.
٥٧- قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا:
إِلَّا مَنْ شاءَ أي الا فعل من شاء.
أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا أي يتقرب اليه بالايمان والطاعة.
٥٨- وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً:
وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ أي تنزه الله تعالى عما يصفه هؤلاء الكفار به من الشركاء.
٥٩- الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً:
الرَّحْمنُ خبر لقوله الَّذِي خَلَقَ أو هو خبر لمبتدأ محذوف.
٦٠- وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً:
وَمَا الرَّحْمنُ على جهة الإنكار والتعجب.
لِما تَأْمُرُنا أي للذى تأمرنا به، بمعنى تأمرنا بسجوده.
وَزادَهُمْ أي زادهم قول القائل اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ.
نُفُوراً صدودا.
٦١- تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً:
بُرُوجاً البروج منازل الكواكب السيارة.
سِراجاً يعنى الشمس، لقوله تعالى وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٢ الى ٦٧]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦)
وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧)
٦٢- وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً:
خِلْفَةً أي يعقب هذا ذاك وذاك هذا.
٦٣- وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً:
هَوْناً أي هينين، أو شيئا هينا.
الْجاهِلُونَ الذين بهم نزق وطيش.
سَلاماً تسلما منكم لا نجاهلكم، ومشاركة لا خير بيننا ولا شر.
أي نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسليم.
٦٤- وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً:
أي يبيتون على سجود وقيام. وفى الأثر: من أقام ركعتين بعد المغرب وأربعا بعد العشاء فقد بات ساجدا قائما.
٦٥- وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً:
غَراماً هلاكا وخسرانا ملحا لازما.
٦٦- إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً:
ساءَتْ بئست.
مُسْتَقَرًّا مكان استقرار.
وَمُقاماً وإقامة.
٦٧- وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً:
لَمْ يُسْرِفُوا لم يجاوزوا الحد فى الإنفاق.
وَلَمْ يَقْتُرُوا لم يقبضوا أيديهم ولم يضيقوا فى الإنفاق.
قَواماً أي بين هذا وبين ذاك، لا إسراف ولا تضييق.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٨ الى ٧٤]
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠) وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (٧١) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (٧٢)
وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤)
٦٨- وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً:
يَلْقَ أَثاماً جزاء وعقوبة.
٦٩- يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً:
مُهاناً ذليلا خاسئا مبعدا مطرودا.
٧٠- إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً:
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يجعل لهم مكان السيئات السالفة حسنات يثيبهم عليها أجزل الثواب.
٧١- وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً:
مَتاباً مرضيا عنده مكفرا للخطايا محصلا للثواب.
٧٢- وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً:
لا يَشْهَدُونَ لا يحضرون ولا يشاهدون.
الزُّورَ الكذب والباطل.
بِاللَّغْوِ ما لا يحمد من قول أو فعل.
مَرُّوا كِراماً لم يشتركوا فيه.
٧٣- وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً:
لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها لم يكبوا عليها.
صُمًّا وَعُمْياناً لا يصغون الى ما تحمل ولا يتبصرون ما فيها.
٧٤- وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً:
مِنْ أَزْواجِنا من، بيانية، كأنه قيل: هب لنا قرة أعين، ثم بينت القرة وفسرت بقوله مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا. والمعنى أن يجعلهم لهم قرة أعين.
وقد تكون ابتدائية، على معنى: هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا من طاعة وصلاح.
قُرَّةَ أَعْيُنٍ ما تفرح به عيوننا وتسر.
إِماماً أي قدوة يقتدى بنا فى الخير.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٧٥ الى ٧٧]
أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)
٧٥- أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً:
يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أي يجزون الغرفات، وهى العلالي فى الجنة، فوحد اقتصارا على الواحد الدال على الجنس.
بِما صَبَرُوا بصبرهم على الطاعات، وعن الشهوات، وعن أذى الكفار ومجاهدتهم.
تَحِيَّةً دعاء بالتعمير.
وَسَلاماً دعاء بالسلامة.
٧٦- خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً:
حَسُنَتْ طابت.
مُسْتَقَرًّا مكان استقرار.
وَمُقاماً اقامة.
٧٧- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً:
ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي ما، متضمنة لمعنى الاستفهام، وهى فى محل النصب، وهى عبارة عن المصدر كأنه قيل: وأي عبء يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم. يعنى أنكم لا تستأهلون شيئا من العبء بكم لولا عبادتكم.
ويجوز أن تكون ما نافية.
425
لَوْلا دُعاؤُكُمْ لولا عبادتكم.
فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فقد خالفتم بتكذيبكم حكمى.
فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم.
وقيل: معناه: ما يصنع بكم ربى لولا دعاؤه إياكم الى الإسلام.
وقيل: ما يصنع بكم دعاؤكم معه آلهة أخرى.
426
Icon