تفسير سورة الكهف

معاني القرآن للفراء
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

نصب. مثله (وَفَرِيقاً «١» حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) وأما (فَرَقْناهُ) بالتخفيف فقد قرأه أصحاب «٢» عبد الله.
والمعنى أحكمناهُ وفصَّلناهُ كما قال (فِيها «٣» يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) أي يفصل. وروي عَن ابن عباس (فَرَّقْنَاهُ يقول: لَمْ ينزل فِي يوم ولا يومين. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مالك عن ابن عباس (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) مخففة.
وقوله: أَيًّا ما تَدْعُوا [١١٠] (ما) قد يكون صلة، كما قَالَ تبارك وتعالى (عَمَّا قَلِيلٍ «٤» لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) وتكون فِي معنى أي معادة لِمَا اختلف لفظهما:
وقوله: (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا) أي قصدا.
ومن سورة الكهف
قوله تبارك وتعالى: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً المعنى: الحمد لله الَّذِي أنزل عَلَى عبده الكتاب قَيّما، ولم يجعل لَهُ عوجًا. ويُقال فى القيّم: قيّم على الكتب أي أنه بصدّقها.
وقوله (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً) مع البأس أسماء «٥» مضمرة يقع عليها الفعل قبل أن يقع عَلَى البأس. ومثله فِي آل عمران (إِنَّما ذلِكُمُ «٦» الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) معناهُ:
يخوفكم أولياءه.
وقوله: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ معناهُ ولا لأسلافهم: آبائهم وآباء آبائهم [ولا] يعنى الآباء الذين هم لأصلابهم فقط.
(١) الآية ٣٠ سورة الأعراف
(٢) هى قراءة عامة القراء. وقرأ بالتشديد ابن محيصن
(٣) الآية ٤ سورة الدخان
(٤) الآية ٤٠ سورة المؤمنين
(٥) والأصل لينذركم أو لينذر المشركين. وكأن المراد بالأسماء الجنس فيصدق بالواحد
(٦) الآية ١٧٥ سورة آل عمران
وقوله: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) نصبها أصحاب عبد الله، ورفعها الْحَسَن وبعض «١» أهل المدينة. فمن نصب أضمر فِي (كَبُرَتْ) : كبرت تِلْكَ الكلمة كلمة. ومن رفع لَمْ يضمر شيئًا كما تَقُولُ: عظم قولك وكبر كلامك.
وقوله فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ [٦] أي مخرج نفسك قاتل نفسك.
وقوله: (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) تكسرها «٢» إذا لَمْ يكونوا آمنوا عَلَى نيّة الجزاء، وتفتحها إذا أردت أنها قد مضت مثل قوله فِي موضع آخر: (أَفَنَضْرِبُ «٣» عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ) و (أن كنتم).
ومثله قول الشاعر:
أتجزع أن بان الخليط المودّع وجبل الصّفا من عزّة المتقطع
وقوله: صَعِيداً [٨] الصعيد التراب. والجُرز: أن تكون الأرض لا نبات فيها. يُقال:
جرِزَت الأرض وهي مجروزة. وجرزَها الجرادُ أو الشاء أو الإبل فأكلن ما عليها.
وقوله: أَمْ حَسِبْتَ [٩] يخاطب محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) الكهف:
الجبل «٤» الَّذِي أَوَوْا إِلَيْهِ. والرقيم: لوح رصاص كتبت فِيهِ أنسابهم ودينهم وممَّ هربوا.
وقوله: هَيِّئْ [١٠] كتبت الْهَمْزَةُ بالألف (وهَيَّأ) بهجائه. وأكثر ما يكتب الْهَمْز عَلَى ما قبله. فإن كان ما قبله مفتوحا كتبت بالألف. وإن كَانَ مضمومًا كتب بالواو، وإن كَانَ مكسورًا كُتِبت بالياء. وربما كتبتها العرب بالألف فِي كل حال لأن أصلها ألف. قالوا نراها إذا ابتدئت
(١) وقد نسبت هذه القراءة إلى ابن محيصن
(٢) الكسر قراءة العامة
(٣) الآية ٥ سورة الزخرف والكسر قراءة نافع وحمزة والكسائي وأبى جعفر وخلف، وافقهم الحسن والأعمش، والباقون بالفتح
(٤) فى الطبري: «الكهف كهف الجبل» وهى أولى. فالكهف هو المغارة فى الجبل [.....]
134
تكتب بالألف فِي نصبها وكسرها وضمّها مثل قولك: أُمِرُوا، وأمرت، وقد جئت «١» شيئًا إمرًا فذهبوا هَذَا المذهب. قَالَ: ورأيتها «٢» فِي مصحف عبد الله (شَيْأً) فِي رفعه وخفضه بالألف.
ورأيتُ يستهزءون يستهزأون بالألف وهو القياس. والأول أكثر فِي الكتب، وقوله: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ [١١] بالنوم «٣».
وقوله: (سِنِينَ عَدَداً) العدد هاهنا فِي معنى معدودة والله أعلم. فإذا كَانَ ما قبل العدد مُسَمًّى مثل المائة والألف والعشرة والخمسة كَانَ فِي العدد وجهان:
أحدهما: أن تنصبه عَلَى المصدر فتقول: لك عندي عشرة عَدَدًا. أخرجت العدد من العشرة لأن فِي العشرة معنى عُدَّت، كأنك قلت: أُحصيت وعُدَّت عَدَدًا وَعَدّا. وإن شئت رفعت العدد، تريد: لك عشرة معدودة فالعدد هاهنا مع السنين بِمنزلة قوله تبارك وتعالى فِي يوسف (وَشَرَوْهُ «٤» بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) لأن الدراهم ليست بِمسمَّاة «٥» بعدد. وكذلك ما كَانَ يُكال ويوزن تخرجه (إذا جاء «٦» ) بعد أسمائه عَلَى الوجهين «٧». فتقول لك عندي عشرة أرطال وزنًا ووزن وكيلًا وكيلٌ عَلَى ذَلِكَ.
وقوله: ١٠٣ ا- لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى [١٢] رفعت أيَّا بأحصى لأن العلم لَيْسَ بواقع عَلَى أيّ إنَّما هُوَ: لتعلم بالنظر والمسألة وهو كقولك اذهب فاعلم لي أيُّهم قام، أفلا ترى أنك إنما توقع العلم عَلَى من تستخبره. ويُبين ذَلِكَ أنك تَقُولُ: سل عبد الله أيهم قام فلو حذفت عبد الله لكنت لَهُ مريدًا، ولمثله من المخبرين.
(١) فى الآية ٧١ سورة الكهف: «لقد جئت شيئا إمرا»
(٢) أي الهمزة
(٣) ش: «فى النوم»
(٤) الآية ٢٠ سورة يوسف
(٥) ش، ب: «بمسميات»
(٦) سقط ما بين القوسين فى ا
(٧) ب: «وجهين»
135
وقوله: (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) فيقال: إن طائفتين من المسلمين فِي دهر أصحاب الكهف اختلفوا فِي عددهم. ويُقال: اختلف الكفار والمسلمون. وأما (أَحْصى) فيقال: أصوب: أي أيهم قَالَ بالصواب.
وقوله: (أَمَداً) الأمد يكون نصبه عَلَى جهتين إن شئت جعلته خرج من (أَحْصى) مفسِّرًا، كما تَقُولُ: أيّ الحزبين أصوب قولًا وإن شئت أوقعت عَلَيْهِ اللُّبَاث: للباثهم أمدًا.
وقوله: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ [١٦] يعني أصحاب الكهف «١» فقال: وإذ اعتزلتم جَميع ما يعبدون من الآلهة إلّا الله. و (ما) فِي موضع نصب. وَذَلِكَ أنهم كانوا يشركون بالله، فقال:
اعتزلتم الأصنام ولم تعتزلوا الله تبارك وتعالى ولا عبادته:
وقوله: (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) جواب لإذْ كما تَقُولُ: إذ فعلت ما فعلت فتُبْ.
وقوله: (مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً) كسر «٢» الميم الأعمش والحسن، ونصبها أهلُ المدينة وَعَاصِم.
فكأن الَّذِينَ فتحوا الميم وكسروا الفاء أرادوا أن يفرقوا بين المرفق من الأمر والمرفق من الْإِنْسَان وأكثر العرب عَلَى كسر الميم من الأمر ومن الْإِنْسَان. والعرب أيضًا تفتح الميم من مرفق الْإِنْسَان.
لغتان فيهما.
وقوله تَتَزاوَرُ [١٧] وقرئت (تزَّاوَرُ) «٣» وتريد (تَتَزاور) فتدغم التاء عند الزَّاي. وقرأ بعضهم (تَزْوَرّ) «٤» وبعضهم «٥» (تَزْوَارّ) مثل تَحْمَر وتَحْمَارّ. والازورار فِي هَذَا الموضع أنها كانت تطلع
(١) أي فقال الله فى الحديث عن قولهم. أو فقال بعضهم. وقد يكون الأولى: فقالوا.
(٢) فى الإتحاف أن فتح الميم قراءة نافع وابن عامر وأبى جعفر، وأن الكسر للباقين، ومنهم عاصم. وقد نسب الفراء الفتح إلى عاصم، فكأنه فى بعض الروايات عنه.
(٣) قرأ (تزوار) ابن عامر ويعقوب، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف (تزوار) بتخفيف الزاى وافقهم الأعمش. وقرأ الباقون (تزاور) بتشديد الزاى.
(٤) قرأ (تزوار) ابن عامر ويعقوب، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف (تزوار) بتخفيف الزاى وافقهم الأعمش. وقرأ الباقون (تزاور) بتشديد الزاى.
(٥) فى البحر ٦/ ١٠٧ أن هذه قراءة أبى رجاء وأيوب السختياني وابن أبى عبلة. وهى قراءة شاذة.
عَلَى كهفهم ذات اليمين ولا تدخل عليهم، وذات الشمال. والعربُ تَقُولُ: قرضته ذات اليمين وحذوته وكذلك ذات الشمال وقُبُلًا ودُبُرًا، كل ذَلِكَ أي كنت بِحذائه من كل ناحية.
وقوله: ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [١٨] الْوَصِيد: الفناء. والوصيد والأصيد لغتان مثل الإكاف «١» والوكاف «٢»، ومثل أرَّخت الكتاب وورخته، ووكدت الأمر وأكدّته، ووضعته يتنا «٣» وأَتْنا «٤» ووتْنَا «٥» يعني الْوَلد. فأمّا قول العرب: واخيت ووامرت وواتيت وواسيت فإنها بنيت على المواخاة والمواساة والمواتاة والمؤامرة، وأصلها الهمز كما قيل: هو سول منك، وأصله الْهَمْز فبُدِّل وَاوًا وبُني على السؤال.
وقوله «٦» :(فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي ناحية متّسعة.
وقوله: (وَلَمُلِئْتَ) بالتخفيف قرأه عَاصِم والأعمش وقرأ «٧» أهل المدينة (وَلَمُلِّئْتَ مِنْهُمْ) مشددًا. وهذا خوطب بِهِ مُحَمَّد صلّى الله عليه وسلم.
وقوله: بِوَرِقِكُمْ [١٩] قرأها عَاصِم والأعمش بالتخفيف «٨» وهو الْوَرِق. ومن العرب من يقول الْوِرْق، كما يقال كَبِد وكِبْدٌ وكَبْدٌ، وَكَلِمَةٌ وَكَلْمَةٌ وكِلْمَة.
وقوله (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى) يُقال: أحَلّ ذَبيحة لأنهم كانوا مَجوسًا.
وقوله: أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ [٢١] أظهرنا وأطلعنا. ومثله فِي المائدة (فَإِنْ عُثِرَ «٩» ) : اطّلع (واحد «١٠» الأيقاظ يقظ ويقظ).
(١) هو برذعة الحمار.
(٢) هو برذعة الحمار. [.....]
(٣) هو أن تخرج رجلا المولود قبل يديه.
(٤) هو أن تخرج رجلا المولود قبل يديه.
(٥) هو أن تخرج رجلا المولود قبل يديه.
(٦) هذا فى الآية ١٧
(٧) ش، ب: «قرأها».
(٨) أي بإسكان الراء. والتخفيف عند عاصم فى رواية أبى بكر، أما رواية حفص عنه فكسر الراء.
(٩) الآية ١٠٧ سورة المائدة.
(١٠) ما بين القوسين مكانه فى الآية ١٧ السابقة ففيها: «وتحسبهم أيقاظا وهم رقود».
137
قوله: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [٢٢] قَالَ ابن عباس: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم.
وقال ابن عباس: أنا من القليل الَّذِينَ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ).
ثم قال الله تبارك وتعالى لنبيه عَلَيْهِ السَّلَام (فَلا تُمارِ فِيهِمْ) يا محمد (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) إلا أن تحدّثهم بِهِ حديثًا.
وقوله: (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ) فِي أهل الكهف (مِنْهُمْ) من النصارى (أَحَداً) وهم فريقان أتوه من أهل نجران: يعقوبي ونُسطوري. فسألهم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن عددهم، فنُهِيَ.
فذلك قوله (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً).
وقوله: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً [٢٣] إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [٢٤] إلا أن تَقُولَ:
إن شاء الله (ويكون مع القول «١» : ولا تقولنه إلا أن يشاء الله) أي إلا ما يُريد الله.
وقوله (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) قَالَ ابن عباس: إذا حلفت فنسيت أن تستثني فاستثن متى ما ذكرت ما لَمْ تَحْنَث.
وقوله: ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ [٢٥] مضافة «٢». وقد قرأ كَثِير من القراء (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) يريدونَ ولبثوا فِي كهفهم سنين ثلاثمائة فينصبونها بالفعل.
ومن العرب من يضع السنين فِي موضع سنة فهي حينئذ فِي موضع خفض لمن أضاف. ومن نَوَّن عَلَى هَذَا المعنى يريدُ الإضافة نصب السنين بالتفسير للعدد كقول عنترة:
فيها اثنتان وأربعونَ حَلُوبةً سُودا كخافية الْغُرابِ الْأَسْحَمِ «٣»
فجعل (سودًا) وهي جمع مفسِّرة كما يفسّر الواحد.
(١) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٢) هذه قراءة حمزة والكسائي وخلف، وافقهم الحسن والأعمش.
(٣) هذا من معلقته. وقوله: «فيها» أي في حمولة أهل محبوبته التي يتغزل بها. والحلوبة: المحلوبة يريد؟؟؟.
وخافية الغراب آخر ريش الجناح مما يلى الظهر. والأسحم: الأسود.
138
وقوله: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ [٢٦] يريدُ الله تبارك وتعالى كقولك فِي الكلام: أكرم بعبد الله ومعناهُ: ما أكرم عبد الله وكذلك قوله (أَسْمِعْ «١» بِهِمْ وَأَبْصِرْ) : ما أسمعهم ما أبصرهم. وكل ما كَانَ فِيهِ معنى من المدح والذم فإنك تَقُولُ «٢» فِيهِ: أظرف بِهِ وأكرم بِهِ، ومن الياء والواو: أطيب بِهِ طعامًا، وأجود بِهِ ثوبًا، ومن المضاعف تظهر فِيهِ التضعيف ولا يجوز الإدغام، كما لَمْ يجز نقص الياء ولا الواو لأن أصله ما أجوده وما أشده وأطيبه فترك عَلَى ذَلِكَ، وأمّا أشدد بِهِ فإنه ظهر التضعيف لسكون اللام من الفعل، وترك فِيهِ التضعيف فلم يدغم لأنه لا يثنى ولا يؤنث، لا تقول للاثنين:
أشدَّا بِهما، ولا للقوم أشِدُّوا بِهم. وإنّما استجازت العرب أن يقولوا مُدّ فِي موضع أمدد لأنهم قد يقولون فِي الاثنين: مُدَّا وللجميع: مُدُّوا، فبُني الواحدُ عَلَى الجميع.
وقوله (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) ترفع إذا كَانَ «٣» بالياء عَلَى: وليس يُشرك. ومن «٤» قَالَ (لا تُشْرِكْ) جزمها لأنها نَهْي.
وقوله: مُلْتَحَداً [٢٧] الْمُلْتَحد: الملجأ.
وقوله: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ [٢٨] قرأ «٥» أَبُو عبد الرحمن السلمي (بالغُدْوةِ والْعَشِيِّ) ولا أعلمُ أحدًا قرأ غيره. والعربُ لا تُدخل الألف واللام فِي الغدوة لأنها معرفة بغير ألف ولام سمعت أبا الجراح يقول: ما رأيتُ كغُدْوة قَطُّ، يعني غداة يومه. وذاك أنَّها كانت باردة ألا ترى أن العرب لا تضيفها فكذلك لا تُدخلها الألف واللام.
إنّما يقولون: أتيتك غَدَاة الخميس، ولا يقولون: غُدْوَة الخميس. فهذا دليل على أنها معرفة.
(١) الآية ٣٨ سورة مريم.
(٢) سقط فى ا.
(٣) ا: «كانت». [.....]
(٤) هو ابن عامر، وافقه المطوعى والحسن.
(٥) هى قراءة ابن عامر من السبعة. وقد ورد تنكير غدوة حكاه سيبويه والخليل عن العرب، فعلى هذا جاءت هذه القراءة ولا يصح إنكارها. وانظر البحر المحيط ٤/ ١٣٦
139
وقوله (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) الفعل للعينين: لا تنصرف عيناك عنهم. وهذه نزلت فِي سلمان وأصحابه.
وقوله (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) متروكًا قد تُرك فِيهِ الطاعة وغُفِلَ عنها. ويُقال إنه أفرط فِي القول فقال: نحن رءوس مُضَر وأشرافها، وليس كذلك. وهو عيينة ابن حصن. وقد ذكرنا «١» حديثه فى سورة الأنعام.
وقوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ [٣٠] خبر (الَّذِينَ آمَنُوا) فِي قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) وهو مثل قول الشاعر:
إن الخليفة إنّ الله سَرْبله سِرْبَالَ مُلْكٍ بِهَا تُزْجَى الخواتيمُ «٢»
كأنه فِي المعنى: إنا لا نضيعُ أجر من عمل صالِحًا فتُرِكَ الكلام الأول واعتُمد على الثاني بنيّة التكرير كما قال (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ «٣» ) ثم قال (قِتالٍ فِيهِ) يريد: عَن قتال فِيهِ بالتكرير ويكون أن تجعل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) فِي مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالِحًا فإِنّا لا نضيع أجره، ب: فتضمر فتضمّن الفاء فِي قوله (فإنّا) وإلقاؤها جائز. وهو أحبُّ الوجوه إليّ.
وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرًا كأنك قلت: إن الَّذِينَ آمنوا وعملوا الصالِحات أولئكَ لَهم جنَّات عدن.
وقوله: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ [٣١] لو ألقيت (مِنْ) مِنَ الأساور كانت نصبًا. ولو ألقيت (مِنْ) مِنَ الذهب جاز نصبه عَلَى بعض القبح، لأن الأساورَ لَيْسَ بِمعلوم عددها، وإنما يحسن «٤»
(١) انظر ص ٣٣٦ من الجزء الأولى.
(٢) «بها» كذا والسربال مذكر فكأنه أراد الحلة. وفى الطبري: «به» وقوله: «تزجى» أي تدفع وتساق. وفى الطبري: «ترجى».
(٣) الآية ٢١٧ سورة البقرة.
(٤) ا: «حسن».
140
النصب فِي المفسر إذا كَانَ معروف العدد، كقولك: عندي جُبَّتان خَزّا، وأسواران ذهبًا، وثلاثة أساور ذهبًا. فإذا قلت: عندي أساورُ ذهبًا فلم تبيّن عددها كَانَ بِمن، لأن المفسر ينبغي لِمَا قبله أن يكون معروف المقدار. ومثله قَوْل الله تبارك وتعالى (وَيُنَزِّلُ «١» مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) المعنى: فيها جبال بَرد، فدخلت (من) لأن الجبال غير معدودة فِي اللفظ. ولكنه يَجوز كأنك تريد بالجبال والأساور الكثيرة، كقول القائل: ما عنده إلا خاتمان ذهبًا قلت أنت: عنده خواتم ذهبًا لمّا أن كَانَ ردًّا عَلَى شيء معلوم العدد فأنزل الأساورَ والجبال من بَرد عَلَى هَذَا المذهب.
فأما (يُحَلَّوْنَ) فلو قَالَ قائل: يَحْلَون لجازَ، لأن العرب تَقُولُ: امرأة حالية، وقد حليت فهي تحلى إذا لبست الْحُلِيّ فهي تحلى حُلِيًّا وحَلْيًا.
وقوله (نِعْمَ الثَّوابُ) ولم يقل: نعمت الثواب، وقال (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) فأنَّثَ الفعل عَلَى معنى الجنَّة ولو ذكر بتذكير المرتفق كَانَ صوابًا، كما قَالَ (وَبِئْسَ «٢» الْمِهادُ)، وبئس «٣» القرار)، (وَبِئْسَ «٤» الْمَصِيرُ) وكما قال (بِئْسَ «٥» لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) يريد إبليس وذريته، ولم يقل بئسوا.
وقد يكون (بئس) لإبليس وحده أيضًا. والعرب تُوحد نعم وبئس وإن كانتا بعد الأسماء فيقولون:
أما قومك فنعموا قومًا، ونعم قومًا، وكذلك بئس. وإنما جازَ توحيدها لأنهما ليستا «٦» بفعل يلتمس معناه، إنما أدخلوهما لتدلا عَلَى المدح والذم، ألا ترى أن لفظهما لفظ فَعَل «٧» وليس معناهما كذلك، وأنه لا يُقال منهما يبأس الرجل زيد، ولا ينعم الرجل أخوك، فلذلك استجازوا الجمع
(١) الآية ٤٣ سورة النور.
(٢) الآية ١٩٧ سورة آل عمران. وورد فى مواضع أخر.
(٣) الآية ٢٩ سورة إبراهيم.
(٤) الآية ١٢٦ سورة البقرة. وورد فى مواطن أخر.
(٥) الآية ٥٠ سورة الكهف.
(٦) ا: «ليسا».
(٧) يريد لفظ الفعل الماضي.
141
والتوحيد فِي الفعل. ونظيرهما (عَسى أَنْ يَكُونُوا «١» خَيْراً مِنْهُمْ) وَفِي قراءة عبد الله (عسوا أن يَكونوا خيرًا منهم) ألا ترى أنك لا تَقُولُ، هُوَ يَعْسِي كما لَمْ تقل يَبْأَس.
وقوله: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها [٣٣] ولم يقل: أتتا. وَذَلِكَ أن (كِلْتَا) ثنتان لا يُفرد واحدتهما، وأصله كُلّ كما تَقُولُ للثلاثة: كل: فكان القضاء أن يكون للثنتين ما كَانَ للجمع، لا أن يفرد للواحدة شىء فجاز توحيده ١٠٤ ب عَلَى مذهب كلّ. وتأنيثه جائز للتأنيث الَّذِي ظهر فِي كلتا. وكذلك فافعل بكلتا وكِلا وكُلّ إذا أضفتهنّ إلى معرفة وجاء الفعل بعدهن، فاجمع ووحِّد.
من التوحيد قوله (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ «٢» يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) ومن الجمع (وَكُلٌّ أَتَوْهُ «٣» داخِرِينَ) و (آتوه) مثله. وهو كَثِير فِي القرآن وسائر الكلام. قَالَ الشاعر:
وكلتاهما قد خُطّ لي فِي صحيفتي فلا العيشُ أهواهُ ولا الموتُ أرْوح
وقد تفرد العربُ إحدى كلتا وهم يذهبونَ بإفرادها إلى اثنتيها، أنشدني بعضهم.
فِي كِلْت رجليها سُلَامَى واحدة كلتاهما مقرونة بزائده «٤»
يريد بكلت كلتا.
والعرب تفعل ذَلِكَ أيضًا فِي (أىّ) فيؤنثون ويذكّرون، والمعنى التأنيث، من ذلك قول الله تبارك
(١) الآية ١١ سورة الحجرات. [.....]
(٢) الآية ٩٥ سورة مريم.
(٣) الآية ٨٧ سورة النمل.
(٤) ورد هذا الرجز فى الخزانة فى الشاهد الثالث عشر. وفيها أنه فى وصف نعامة. والسلامى: عظم فى فرسن البعير، وعظام صغار طول إصبع أو أقل فى اليد والرجل والفرسن للبعير بمنزلة الحافر للفرس والضمير فى كلتاهما للرجلين.
والشطر الأخير مؤكد لما فى الشطر الأول فالزائدة هى السلامى. وقد ضبط «كلت» بالكسر، والذي فى الخزانة والإنصاف ضبطه بالفتح، وقد يسر هذا للبصريين أن يقولوا: الأصل كلتا فحذفت الألف. والأقرب إلى مذهب الفراء والكوفيين الجر بالكسر إذ يجعلونها مفرد كلتا. وفى الخزانة أورد عبارة الفراء هكذا. «وقد تفرد العرب إحدى كلتى بالإحالة وهم يذهبون بافرادها إلى اثنينيتها وأنشد فى بعضهم البيت. يعنى الظليم يريد بكلت كلّى».
142
وتعالى (وَما تَدْرِي «١» نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ويَجوز فِي الكلام بأيَّة أرض. ومثله (فِي أىّ «٢» صورة) يجوز فِي الكلام فِي أيَّة صورة. وقال الشاعر:
بأيّ بلاء أَمْ بأيَّة نعمة يقدّم قبلي مسلم والمهلب
ويجوز أيتهما قَالَ ذاك. وقالت ذاك أجود. فتذكر وقد أدخلت الْهَاء، تتوهم أن الْهَاء ساقطة إذا جاز للتأنيث (بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) وكذلك يَجوز أن تَقُولُ للاثنتين «٣» : كلاهما وكلتاهما.
قَالَ الشاعر:
كلا عقبيه قد تشعّب رأسُهَا من الضرب فِي جنْبِي ثَفال مباشر
الثفال: البعير البطيء فإن قَالَ قائل: إنما استجزت توحيد (كِلْتَا) لأن الواحد منهما لا يُفرد فهل تجيز: الاثنتان قام وتوحد، والاثنان قام إذ لَمْ يفرد لَهُ واحد؟
قلت: إن الاثنين بنيا عَلَى واحد ولم يُبن (كلا) عَلَى واحد، ألا ترى أن قولك: قام عبد الله كلُّه خطأ، وأنك تَجد معنى الاثنين عَلَى واحد كمعنى الثلاثة وزيادات «٤» العدد، ولا يَجوز إلا أن تَقُولُ: الاثنان قاما والاثنتان قامَتَا.
وهي فِي قراءة عبد الله.
كُلّ الجنتين آتى أُكُله
ومعناه كل شيء من ثمر الجنتين آتى أكله. ولو أراد جمع الثنتين ولم يرد كل الثمر لَمْ يجز إلا كلتاهما، ألا ترى أنك لا تَقُولُ: قامت المرأتان كلهما، لأن (كل) لا تصلح لإحدى المرأتين وتصلح لإحدى الجنتين. فقس عَلَى هاتين كل ما يتبعض مما يقسم أولا يقسم.
(١) الآية ٣٤ سورة لقمان.
(٢) الآية ٨ سورة الانفطار.
(٣) ا، ش، ب «للاثنين» والمناسب ما أثبت.
(٤) يريد أربعة فما قوقها.
143
وقوله (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) يقال: كيف جَازَ التشديد وإنَّما النهر واحد؟ قلت: لأن النهر يمتد حَتَّى صار التفجر كأنه فِيهِ كله فالتخفيف فِيهِ والتثقيل جائزان. ومثله (حَتَّى تَفْجُرَ «١» لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) يثقّل ويخفّف «٢».
(قوله: وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [٣٤] ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي المعلَّى بن هلال الْجَعَفِيّ عَن ابن أبي نجيح عَن مجاهد قَالَ: ما كَانَ فِي القرآن من ثُمُر بالضم «٣» فهو مال، وما كَانَ من ثَمَر مفتوح فهو من الثمار.
وقوله: خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً [٣٦] مردودة عَلَى الجنة وَفِي بعض مصاحف «٤» أهل المدينة (منْهُمَا مُنْقَلَبًا) مردودة عَلَى الجنتين.
وقوله: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي [٣٨] معناهُ: لكن أنا هُوَ الله ربي تُرك همزة الألف من أنا، وكثر بِهَا الكلام «٥»، فأدغمت النون من (أنا) مع النون من (لكن) ومن العرب من يقول:
أنا قلت ذاك بِتمام الألف فقرئت لكنّا عَلَى تِلْكَ اللغة وأثبتوا الألف فِي اللغتين فِي المصحف: كما قالوا: رأيت يزيدا وقواريرا فثبتت «٦» فيهما الألف فِي القولين «٧» إذا وقفت. ويَجوز الوقوف بغير ألف فِي غير القرآن فِي أنا. ومن العرب من يقول إذا وقف: أَنَّهُ وهي فِي لغة جيدة. وهي فِي علياتميم وسُفْلَى قيس وأنشدني أَبُو ثروان:
وترمينني بالطّرْف أيْ أنت مذنب وتقلينني لكن إيّاك لا أَقلي
يريد: لكن أنا إياك لا أقلي، فترك الْهَمْز فصار كالحرف الواحد. وزعم الْكِسَائي
(١) الآية ٩٠ سورة الإسراء.
(٢) التخفيف لعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وافقهم الحسن والأعمش، والتثقيل للباقين.
(٣) قرأ بالفتح هنا، وفى الآية الآتية «وأحيط بثمره» عاصم وأبو جعفر وروح، وقرأ الباقون بالضم. وفى اللسان (ثمر) أن يونس لم يقبل هذه التفرقة فكأنهما عنده سواء.
(٤) هى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبى جعفر وافقهم ابن محيصن.
(٥) فى ا: فى «الكلام».
(٦) ا: «تثبت».
(٧) أي عند من يقول فى الوصل: «لكنا» بالألف وهم ابن عامر وأبو جعفر ورويس، وعند من يقول فى الوصل: «لكنا» بدون ألف وهم الباقون. [.....]
144
أَنَّهُ سمع العرب تَقُولُ لكن والله، يريدون: لكن أنا والله. وقال الْكِسَائي: سمعتُ بعض العرب يقول: إنّ قائم يريد إن أنا قائم فترك الْهَمْز: وأدغم فهي نظير «١» للكن.
وقوله: ما شاءَ اللَّهُ [٣٩] مَا، فِي موضع رفع، إن شئت رفعته بإضمار (هُوَ) تريد:
هُوَ ما شاء الله. وإن شئت أضمرت ما شاء الله كَانَ فطرحت (كان) وكان موضع (ما) نصبا بشاء، لأن الفعل واقع عَلَيْهِ. وجاز طرحُ الجواب كما قَالَ (فَإِنِ «٢» اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ) لَيْسَ لَهُ جواب لأن معناهُ «٣» معروف.
وقوله: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ) (أنا) إذا نصبت (أقلَّ) عماد «٤». وإذا رفعت (أقل) فهي اسم والقراءة بِهما «٥» جائزة.
وقوله: صَعِيداً زَلَقاً [٤٠] الزلق: التراب الَّذِي لا نبات فِيهِ محترق «٦» رميم [قوله:] ماؤُها غَوْراً [٤١] العرب تَقُولُ: ماء غَوْر، وماءان غَوْر، ومياه غور بالتوحيد فِي كل شيء.
وقوله: خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها [٤٢] عَلَى سقوفها.
وقوله: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ ينصرنه [٤٣] ذهب إلى الرجال. ولو قيل: تنصره يذهب إلى الفئة- كما قَالَ (فِئَةٌ) تُقَاتِلُ فِي «٧» سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ- لجاز:
وقوله: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [٤٤] رفع «٨» من نعت (الْوَلايَةُ) وَفِي قراءة أُبَيّ
(١) ش: «نظيرة».
(٢) الآية ٣٥ سورة الأنعام.
(٣) يريد أن معنى الجواب لا يحتاج إلى ذكره وهو: «فافعل» كما ذكره المؤلف فى ص ٣٣١ من الجزء الأول.
(٤) هو ضمير الفصل عند البصريين.
(٥) قراءة النصب للجمهور. وقراءة الرفع لعيسى بن عمر. وهى قراءة شاذة. وانظر البحر ٦/ ١٢٩.
(٦) كذا. وكأن الأصل. «فما فيها محترق رميم» أي الشجر الذي كان فى الجنة.
(٧) الآية ١٣ سورة آل عمران.
(٨) الرفع قراءة أبى عمر والكسائي والباقون بالجر.
145
(هُنَالِكَ الْوَلايةُ الحقُّ َّلِلَّهِ) وإن شئت خفضت تجعله من نعت (الله) والولاية «١» الملك. ولو نصبت «٢» (الْحَقِّ) عَلَى معنى حقًّا كَانَ صوابًا.
وقوله: تَذْرُوهُ الرِّياحُ [٤٥] من ذَرَوْت وذَرَيْت لغة، وهي كذلك فِي قراءة عبد الله (تَذْرِيهِ الريح) ولو قرأ قارئ (تذريه الريح) من أذريت أي تلقيه كَانَ وجهًا وأنشدني المفضل:
فقلتُ لَهُ صوِّب ولا تجهدنَّه فيُذرك من أُخرى القطاة فتزلق «٣»
تَقُولُ «٤» : أذريت الرجل عَن الدابة وعن «٥» البعير أي ألقيته.
وقوله: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ [٤٦] يُقال هي الصلوات الخمس ويُقال هي سبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وقوله: (وَخَيْرٌ أَمَلًا) (يقول خير ما يؤْمَل) والأمل للعمل الصالِح خير من الأمل للعمل السيّء.
وقوله وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ [٤٧] و (تَسِيرُ «٦» الْجِبالُ).
وقوله: (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) يقول: أبرزنا أهلها من بطنها. ويُقال: سُيرت عنها الجبال فصارت كلها بارزة لا يستر بعضها بعضا.
(١) هذا على القراءة بكسر الواو. وهى لحمزة والكسائي وخلف. فأما على فتح الواو فمعناها الموالاة والنصرة.
(٢) هى قراءة عمرو بن عبيد كما فى الكشاف.
(٣) من قصيدة لامرىء القيس. وهو فى البيت يخاطب غلامه وقد حمله على فرس جواد للصيد ويقال: صوب الفرس إذا أرسله للجرى. والقطاة من الفرس: موضع الردف. يقول لا تجهده فى العدو فيصرعك. وانظر الديوان ١٧٤، ص ٢٠٦ من الجزء الأول.
(٤) ا: «يقال».
(٥) سقط فى ا.
(٦) هى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وابن عامر. [.....]
146
وقوله (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ) هذه القراءة (ولو «١» قرئت «ولم نغْدِرْ» كَانَ صوابًا) ومعناهما واحد يقال: ما أغدرت منهم أحدًا، وما غادرت وأنشدني بعضهم «٢» :
هَلْ لك والعائض منهم عائِض فِي هجمة يغدر منها القابض
سُدْسا ورُبعا تحتها فرائض قَالَ، الفراء سدس ورُبْع من أسنان الإبل.
وقوله فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [٥٠] أي خرج «٣» عَن طاعة ربه. والعربُ تَقُولُ، فَسقت الرُّطَبة من (جلدها «٤» ) وقشرها لخروجها منه وكأن الفأرة إنها سميت فويسقة لخروجها من جحرها عَلَى الناس.
وقوله: وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً [٥٢] يقال: جعلنا تواصلهم فِي الدُّنْيَا (مَوْبِقاً) يقول مَهْلِكًا لَهُم فِي الآخرة ويُقال: إنه وادٍ فى جهنم.
وقوله: فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها [٥٣] أي علموا.
وقوله: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا [٥٥] يُقال: الناس هاهنا فِي معنى رجل واحد. وقوله (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) أن فِي موضع رَفع وقوله (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) يقول: سنتنا فِي إهلاك الأمم المكذبة. وقوله (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا) : عيانا. وقد تكون (قُبُلًا «٥» ) لهذا المعنى.
وتكون (قُبُلًا) كأنه جمع قَبيل وقُبُل أي عذاب متفرق يتلو بعضه بعضا.
(١) ما بين القوسين فى ش وفى ابدله: «ولم تغدر جائزة لو قرئت».
(٢) ا، ب «بعض بنى فقعس» والرجز لأبى محمد الفقعسي كما فى اللسان (عرض) وهو يخاطب امرأة خطبها إلى نفسه ورغبها أن تنكحه. والهجمة من الإبل أولها الأربعون إلى ما زادت وأراد أنها إبل كثيرة لا يقدر القابض على سوقها فهو يترك بعضها. وقوله: والعائض منك عائض أي الذي يعطيك عوضا أوقع الشيء موقعه فهو عائض. وبروى: والعارض منك عائض والسدس جمع سدبس وهو فى أسنان الإبل قبل البازل والبازل يكون فى تاسع سنيه والربع جمع رباع للذى ألقى الرباعية وهى السن بين الثنية والناب وهو فى الإبل فى السنة السابعة. والفرائض ما يؤخذ من الإبل فى الزكاة وكأنه يريد أن معها ما يؤخذ فى زكاتها.
(٣) ا: «من».
(٤) سقط فى ا.
(٥) هذه قراءة غير عاصم وحمزة والكسائي وأبى جعفر وخلف والأعمش أما هؤلاء فقراءتهم ضم القاف والباء.
وقوله: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [٥٨] (الموئل «١» الْمَنْجَى) وهو الملجأ فِي المعنى واحد.
والعربُ تَقُولُ: إنه ليوائل إلى موضعه يريدون: بذهب إلى موضعه وحِرْزه.
وقال الشاعر:
لا وألت نفسك خلَّيتها للعامريّين ولم تُكْلَم «٢»
(يريد «٣» : لا نجت).
وقوله: لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً [٥٩] يقول: لإهلاكنا إيّاهم (مَوْعِداً) أجلًا وقرأ «٤» عَاصِم (لَمهْلَكهِمْ) فتح الميم واللام ويَجوز (لمهِلكهم) بكسر اللام تبنيه عَلَى هَلَك يَهْلِك. فمن أراد الاسم «٥» مِمّا يُفْعَل منه مكسور الْعَين كسر مفعلًا.
ومن أراد المصدر فتح الْعَين. مثل المضرب والمضرب والمدبّ والمدبّ والمفرّ المفرّ فإذا كَانَ يفعل مفتوح الْعَين آثرت العرب فَتَحها فِي مفعل، اسمًا كَانَ أو مصدرًا. وربما كسروا الْعَين فِي مفعل إذا أرادوا بِهِ الاسم. منهم من قَالَ (مَجْمَعَ «٦» الْبَحْرَيْنِ) وهو القياس «٧» وإن كَانَ قليلًا.
فإذا كَانَ يفعل مضموم الْعَين مثل يدخل ويخرج آثرت العرب فِي الاسم منه والمصدر فتح الْعَين إلا أحرفًا من الأسماء ألزموها كسر الْعَين فِي مفعل. من ذَلِكَ المسجد والمطلع والمغرب والمشرق والمسقط والمفرق والمجزر والمسكن والمَرْفِق من رَفَق يَرْفُق والمنسِك من نسك ينسك، والمنبت.
(١) فى افى مكان ما بين القوسين: «منجى مقصور».
(٢) ورد فى اللسان (وأل) وفيه ا: «واءلت».
(٣) فى ا: «يقول: لا نجت نفسك».
(٤) أي فى رواية أبى بكر أما فى رواية حفص فيفتح الميم وكسر اللام والباقون بضم الميم وفتح اللام
(٥) أي اسم الزمان والمكان.
(٦) ورد فى الآية ٦٠ سورة الكهف. وقرأ بكسر الميم الضحاك وعبد الله بن مسلم كما فى البحر ٦/ ١٤٤.
(٧) كذا وكأنه يريد بالقياس أن الأصل الفرق بين المصدر والاسم فالفتح للمصدر والكسر للاسم فهذا هو القياس فى الأصل، ولكن خولف فى بعض المواطن.
148
فجعلوا الكسر علامة للاسم، والفتح علامة للمصدر. وربما فتحه بعض العرب (فِي الاسم «١» ) وقد قرئ مسكن «٢» ومسكَن. وقد سمعنا المسجد والمسجَد وهم يريدون الاسم، والمطلَع والمطلِع.
والنصب فِي كلّه جائزِ وإن لَمْ تسمعه فلا تنكرنه إن أتى.
وما كَانَ من ذوات الياء والواو من دعوت وقضيت فالمفعل منه فِيهِ مفتوح اسمًا كَانَ أو مصدرًا، إلا المأقِي من الْعَين فإن العرب كسرت هَذَا الحرف. وبعضُ العرب يُسمّي مأوَى الإبل مَأوِي فهذان نادران. وإنّما امتنعوا من (كسر «٣» الْعَين) فِي الياء والواو لأن الياء والواو تذهبان فِي السكت للتنوين الَّذِي يلحق، فردّوها إلى الألف إذ كانت لا تسقط فِي السكوت.
وإذا كَانَ المفعل من كال يكيل وشبهه من الفعل فالاسم منه مكسور، والمصدر مفتوح من ذلك مال مميلا ومما لا تذهب بالكسر إلى الأسماء، وبالفتح إلى المصادر. ولو فتحتهما جَميعًا أو كسرتهما فِي المصدر والاسم لَجاز. تَقُولُ العرب: المعاش. وقد قالوا: المعيش. وقال رؤبة ابن العجّاج:
إليك أشكو شدّة المعيش ١٠٦ ا ومرّ أعوام نتَفْن ريشي
نتف الْحُبَارَى عَن قَرَا رَهِيشِ «٤» القَرَا: الظهر، وقال الآخر:
أنا الرجل الَّذِي قد عبتموهُ وما فيكم لَعيّاب معاب «٥»
(١) سقط فى ا.
(٢) ورد فى الآية ١٥ سورة سبأ «لقد كان سبأ. فى مسكنهم آية جنتان» قرأ بفتح الكاف حفص وحمزة، وقرأ بكسرها الكسائي وخلف. [.....]
(٣) ا: «الكسر».
(٤) الرهيش من الإبل: المهزولة.
(٥) ورد البيت فى اللسان والتاج (عيب). وفيهما: «فيه» فى مكان «فيكم». وكأن المعنى هنا أنكم ليس عندكم شىء تعابون به إذ إن العيب يكون للاديم الصحيح، فأما الأديم الفاسد فلا مجال للعيب فيه.
149
ومثله مَسَار ومَسِير، وما كَانَ يشبهه فهو مثله.
وإذا كَانَ يفعل مفتوحًا من ذوات الياء والواو مثل يخاف ويَهاب فالاسم والمصدر منه مفتوحان مثل المخاف والمهاب:
وما كَانَ من الواو مضمومًا مثل يقوم ويقول ويعود ويقود وأشباهه فالاسم والمصدر فِيهِ «١» مفتوحان، وإنّما فتحوهُ إذا نووا الاسم ولم يكسروه كما كُسِرَ المغرب لأنهم كرهوا تَحول الواو إلى الياء فتلتبس الواو بالياء.
وما كَانَ أوّله وَاوًا مثل وزنت وورثت ووجِلت فالمفعل فِيهِ اسمًا كَانَ أو مصدرًا مكسور مثل قولهَ لَّنْ
«٢» جْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) وكذلك يَوْحَل ويَوْجَل المفعل منهما مكسور (فِي الوجهين «٣» ) وزعم الْكِسَائي أَنَّهُ سمع مَوْجَل ومَوْحَل. قَالَ الفراء: وسمعت أنا موضع. وإنّما كسروا ما أوّله الواو، لأن الفعل فِيهِ إذا فتح يكون عَلَى وجهين. فأما الَّذِي يقع «٤» فالواو منه ساقطة مثل وَزَن يَزِنُ. والذي لا يقع «٥» تثبت «٦» واوه فِي يفعل. والمصادر تستوي فِي الواقع وغير الواقع. فلم يَجعلوا فِي مصدريهما فرقًا «٧»، إنَّما تكون الفروق فِي فعل يفعل.
وما كَانَ من الْهَمْز فإنه مفتوح فِي الوجهين. وكأنَّهم بَنَوه عَلَى يفعل لأن ما لامه همزة يأتي بفتح الْعَين من فَعَل ومن فَعِل. فإن قلت: فلو «٨» كسروه إرادة الاسم كما كسروا مجمعًا «٩». قلت:
(١) ا: «منه».
(٢) الآية ٤٨ سورة الكهف.
(٣) سقط فى ا. ويريد الاسم والمصدر.
(٤) يريد الكوفيون بالفعل الواقع المتعدى، وبالذي لا يقع اللازم.
(٥) يريد الكوفيون بالفعل الواقع المتعدى، وبالذي لا يقع اللازم.
(٦) مثل وجل يوجل.
(٧) كأنه يريد أنه لو أريد الفرق لكان المصدر من وزن الموزن بكسر العين، ومن وجل الموجل بفتحها. «وقد يقال: هلا استويا فى فتح العين، كما هو الأصل فى المصدر.
(٨) جواب لو محذوف أي فماذا يكون مثلا.
(٩) ش، ب: «مجمع»
على حكاية الرفع.
150
لَمْ يأت. وكأنهم أنزلوا المهموز. بِمنزلة الياء والواو لأن الْهَمْز قد يُترك فتلحقهما «١».
وما كَانَ مفعل مُشتقًا من أفعلت فلك فِيهِ ضم الميم من اسمه ومصدره. ولك أن تُخرجه عَلَى أوَّليته قبل أن تزاد عَلَيْهِ «٢» الألف. فتقول: أخرجته مُخرجًا ومَخْرَجًا، وأنزلته مُنْزَلًا ومَنْزِلًا.
وقرئ (أَنْزِلْنِي «٣» مُنْزَلًا «٤» مُبارَكاً) (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) و (مُنْزَلًا «٥» ).
وما كَانَ مما يعمل بِهِ من الآلة مثل «٦» المروحة والمطرقة وأشباه ذَلِكَ مما تكون فِيهِ الْهَاء «٧» أو لا تكون فهو مكسور الميم منصوب الْعَين مثل المدرع والملحف والمطرق وأشباه ذَلِكَ. إلا أنهم. قالوا: المطهرة والمِطهرة، والمرقاة والمرقاة والمسقاة والمسقاة. فمن كسرها شبّهها بالآلة التي يُعمل بِهَا. ومن فتح قَالَ: هَذَا موضع يُفعل فِيهِ فجعله مخالفًا ففتح «٨» الميم ألا ترى أن المروحة وأشباهها آلة يعمل بِهَا، وأن المطهرة والمرقاة فِي موضعهما لا تزولان يعمل «٩» فيهما.
وما كَانَ مصدرًا مؤنثًا فإن العرب قد ترفع عينه مثل المقدرة وأشباهه «١٠». ولا يفعلون ذَلِكَ فِي مذكر ليست فِيهِ الْهَاء لأن الْهَاء إذا أدخلت «١١» سقط عنها بناء فعل يفعل فصارت اسمًا مختلفًا، ومفعل يبنى عَلَى يفعل، فاجتنوا الرَّفعة فِي مفعل، لأن خِلقة يفعل التي يلزمها الضم كرُم يكرُم فكرهوا «١٢» أن يُلزموا الْعَين من ١٠٦ ب مفعل ضمَّة فيَظنَّ الجاهل أن فِي مفعل فرقًا يلزم كما يلزم فَعِلَ يَفعَل الْفُروق، ففتحت إرادة أن تَخلط بِمصادر الواقع. فأمّا قول الشاعر:
(١) أي تدركهما فى الحكم، وهو فتح العين فى المفعل.
(٢) ا: «عليها» أي على أوليته. [.....]
(٣) الآية ٢٩ سورة المؤمنين.
(٤، ٥) قراءة فتح الميم لأبى بكر، وقراءة الضم للباقين.
(٦) ا: «نحو».
(٧) ا: «و».
(٨) ا: «بفتح».
(٩) ا: «بفعل».
(١٠) ا: «أشباهها».
(١١) ا: «دخلت».
(١٢) ا: «فتركوا».
151
لِيوم رَوْعٍ أو فَعَال مَكْرُم «١»
فإنه جمع مَكْرُمة ومَكْرُم. ومثله قول الآخر «٢» :
بثين الزمي لا إنه إن لزمتِه عَلَى كثرة الواشينَ أيُّ مَعُونِ
أراد جمع معونة. وَكَانَ الْكِسَائي يقول: هما مفعل نادران «٣» لا يُقاس عليهما وقد ذهب مذهبًا. إلا أني أجد الوجه الأول أجمل للعربية مِمّا قَالَ. وقد تقلب فِيهِ الياء إلى الواو فيقال:
وكنت إذا جارى دعا لمضُوفةٍ أشمِّر حَتَّى يَنْصُف الساق مئزري «٤»
جعلها مفعُلة وهي من الياء فقلبها إلى الواو لضمّة ما قبلها، كما قالوا: قد سُور بِهِ.
وقد قالت العرب فِي أحرف فضمّوا الميم والعين، وكسروا الميم والعين جميعًا. فمِمّا ضموا عينه وميمه قَوْلهم: مُكْحُلة ومُسْعُط ومُدْهُن ومُدُقّ. ومما «٥» كسروا ميمه وعينه مِنْخِر ومِنْتِن.
ومما زادوا عَلَيْهِ ياء للكسر، وواوًا للضم مسكين ومِنديل ومنطيق. والواو نَحو مُغْفُور وَمُغْثُور وهو الَّذِي يسقط عَلَى الثُّمام ويقال «٦» للمنخر: منخور وهم «٧» طيّىء. والذين ضمّوا أوله وعينه شبهوا الميم بِما هُوَ من الأصل، كأنه فُعلول. وكذلك الَّذِينَ كسروا الميم والعين شبّهوه بفعليل وفعلل.
(١) هو لأبى الأخزر الحماني: وقبله:
مروان مروان أخو اليوم اليمى
وانظر شرح شواهد الشافية للبغدادى ٦٨
(٢) هو جميل. وانظر المرجع السابق ٦٨
(٣) ا: «نادرتان».
(٤) هو لأبى جندب الهذلي. والمضوفة: الأمر يشفق منه ويخاف، وانظر ديوان الهذليين ٣/ ٩٢
(٥) ا: «ما». [.....]
(٦) ا: «تقول».
(٧) يريد أصحاب هذه اللغة.
152
وما كَانَ من ميم زائدة أدخلتها عَلَى فعل رباعى قد زيد على ثلاثيّه شيء من الزيادات فالميم منه فِي الفاعل والمفعول بِهِ والمصدر مضمومة. من ذَلِكَ قولك رجل مُستضرَبٌ (ومُسْتضَربٌ «١» ) ومستطعِم ومستطعَم.
يكون المستطعم- بالفتح- مصدرًا ورجلًا وكذلك المضارب هُوَ الفاعل والمضارب- بالفتح- مصدر ورجل. وكل الزيادات عَلَى هَذَا لا ينكسر، ولا يَختلف فِيهِ فِي لغات ولا غيرها إلا أن من العرب- وهم قليل- من يقول في المتكبِّر: متكبَّر كأنهم بنوه عل يتكبَّر. وهو من لغة الأنصار.
وليس مِمَّا يُبنى عَلَيْهِ. قَالَ الفراء: وحدّثت أن بعض العرب يكسر الميم فِي هَذَا النوع إذا أدغم فيقول هم المطّوّعة والمسّمع المستمع. وهم من الأنصار. وهي من المرفوض. وقالت العرب: مَوْهَب فجعلوه اسمًا موضوعًا عَلَى غير بناء، ومَوْكَل «٢» اسمًا موضوعًا. ومنه مَوْحَد لأنهم لَمْ يريدوا مصدر وَحَد، إنَّما جُعل اسمًا فِي معنى واحد مثل مَثْنَى وثُلاث ورُبَاع. وأمّا قولهم: مَزيد ومَزْوَد فهما أيضًا اسمان مختلفان عَلَى غير بناء الفعل ولك فِي الاختلاف أن تفتح ما سبيله الكسر إذا أشبه بعض الْمُثُل، وتضم المفتوح أو تكسره إذا وجهته «٣» إلى مثال من أسمائهم كما قيل معفور للدى يسقط عَلى الثمام وميمه زائدة فشبه «٤» بفُعلول، وكما قالت العرب (فِي المصير وهو «٥» من صِرْت مُصْران للجميع) ومَسيلِ الماء وهو مفعِل: مُسْلان للجميع فشبَّهوا مفعلا بفَعِيل ألا ترى أنهم قالوا سُؤته مسائية وإنَّما هي مساءة عَلَى مَفْعَلة فزيدت عليها الياء من آخرها كما تزاد عَلَى فعالة نَحو كراهة وكراهية وطَبَانة «٦» وطبانِيَة.
وقوله: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ [٦٠] يريد: لا أزال حتى أبلغ، لَمْ يرد: لا أبرح مكاني.
وقوله (فَلَنْ أَبْرَحَ «٧» الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) غير معنى أزال، هَذِه إقامة. وقوله (لَنْ نَبْرَحَ «٨» عَلَيْهِ عاكِفِينَ)
(١) سقط فى ا.
(٢) هو اسم حصن أو جبل.
(٣) ا: «واجهته».
(٤) ا: «فيشبه».
(٥) فى ش: «مصير وهو من صرت فجمعوه مصران».
(٦) الطبانة والطبانية «الفطنة» وفى هامش ا: «رجل طبن أي فطين».
(٧) الآية ٨٠ سورة يوسف.
(٨) الآية ٩١ سورة طه.
153
: لن نزال عَلَيْهِ عاكفين. ومثلها ما فتئت وما فتأت- لغة- ولا أفتأ أذكرك.
وقوله (تَاللَّهِ «١» تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) معناهُ: لا تزال تذكر يوسف. ولا يكون تزال وأفتأ وأبرح إذا كانت فِي معناهما إلا بجحد ظاهر أو مضمر. فأمّا الظاهر فقد تراهُ فِي القرآن (وَلا يَزالُونَ «٢» مُخْتَلِفِينَ) (وَلا يَزالُ «٣» الَّذِينَ كَفَرُوا) (فَما زالَتْ تِلْكَ «٤» دَعْواهُمْ) وكذلك (لا أَبْرَحُ) والمضمر فِيهِ الجحدُ قول الله (تَفْتَؤُا) ومعناهُ: لا تفتأ. لا تزال تذكر يوسف: ومثله قول الشاعر:
فلا وأبي دَهْمَاء زالت عزيزةً عَلَى قَوْمها ما فتَّل الزَّنْدَ قادِحُ»
وكذلك قول امرئ القيس:
فقلتُ يَمينَ الله أبرحُ قاعدًا ولو قطعُوا رأسي لديك وأوصالِي
قوله: (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) الْحُقُب فِي لغة قيس: سنَة. وجاء التفسير أَنَّهُ ثَمانون سنة. وأما قوله:
مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ فبحر فارس والروم. وإنّما سمي فتى موسى لأنه كَانَ لازمًا لَهُ يأخذ عَنْهُ العلم. وهو يوشع بن نون.
وقوله: (نَسِيا حُوتَهُما [٦١] وإنّما نسيه يوشع فأضافه إليهما، كما قَالَ (يَخْرُجُ «٦» مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وإنَّما يخرج من الملح دون العذب. وقوله (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) كَانَ مالِحًا فلمّا حَيِيَ بالماء «٧» الَّذِي أصابه من الْعَين فوقع فِي البحر جمد طريقه فى البحر فكان كالسرب.
وقول: واتّخذ سبيله.
يقول: اتخذ موسى سبيل الحوت (فِي الْبَحْرِ عَجَباً).
(١) الآية ٨٥ سورة يوسف.
(٢) الآية ١١٨ سورة هود.
(٣) الآية ٣١ سورة الرعد، والآية ٥٥ سورة الحج.
(٤) الآية ١٥ سورة الأنبياء. [.....]
(٥) آخر هذا البيت فى اعن بيت امرئ القيس. وسبق البيتان فى سورة يوسف.
(٦) الآية ٢٢٠ سورة الرحمن.
(٧) ش: «فى الماء».
154
ثُمَّ قَالَ حين أخبره بقصَّة الحوت: ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ [٦٤] أي هَذَا الَّذِي كُنَّا نبغي.
وقوله حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً [٧٠] يقول: حَتَّى أكون أنا الَّذِي أسألك.
وقوله: لِيَغْرَق أهلها [٧١] قرأها يَحْيَى «١» بن وثّاب والحسن بالرفع والياء وقرأها سائرُ الناس (لِتُغْرِقَ أَهْلَها).
وقوله: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ [٧٣] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ- وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ- عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمْ يَنْسَ وَلَكِنَّهَا مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلامِ.
وقوله (وَلا تُرْهِقْنِي) يقول: لا تُعجلني.
وقوله: أَقَتَلْتَ نَفْساً (زَكِيَّةً) [٧٤] مَرَّ بغلام لَمْ تجن جناية رآها موسى فقتله. وقوله (زَكِيَّةً) قرأها عَاصِم ويحيى بن وثاب والحسن (زَكِيَّةً) وقرأها أهل الحجاز وأبو الرحمن السُّلَمي (زَاكيةً) بألف «٢». وهي مثل قوله (وَجَعَلْنا «٣» قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) (وقسيّة) «٤».
وقوله: فَلا تُصاحِبْنِي [٧٦] و (فَلَا تَصْحَبْنِي «٥» ) نَفْسُكَ ولا تصحبني أنت كل ذَلِكَ صواب والله مَحْمُود.
وقوله: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما [٧٧] (سألوهم الْقِرَى: الإضافة فلم يفعلوا. فلو قرئت «٦» (أَنْ يُضَيِّفُوهُما) كَانَ صَوَابًا. ويُقال القرية أنطاكية) [وقوله] (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) يقال: كيف يريد
(١) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف وافقهم الأعمش.
(٢) ا: «بالألف».
(٣) الآية ١٣ سورة المائدة. والقراءة الأخيرة لحمزة والكسائي وافقهما الأعمش. والأولى للباقين.
(٤) هذه القراءة تروى عن روح عن يعقوب.
(٥) جاء نظم الكلام فى اهكذا: «وقال: القرية انطاكية. القرى: الإضافة. سألوهم الإضافة فلم يفعلوا.
فلو قرئت يضيفوهما كان صوابا»
.
(٦) وردت هذه القراءة عن ابن محيصن والمطوعى.
155
الجدار أن ينقض؟ وَذَلِكَ «١» من كلام العرب أن يقولوا: الجدارُ يريد أن يسقط. ومثله قول الله (وَلَمَّا سَكَتَ «٢» عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) والغضب لا يسكت (إنما يسكت «٣» صاحبه) وإنّما معناه:
سكن، وقوله: (فَإِذا «٤» عَزَمَ الْأَمْرُ) [و] إنما يعزم الأمر أهلهُ وقد قَالَ الشاعر:
إن دهرًا يَلُفَّ شملي بجُمْلٍ لزمان يَهُمُّ بالإحسانِ «٥»
١٠٧ ب وقال الآخر:
شكا إِليَّ جَمَلي طُول السُّرى صَبْرًا جَميلًا فَكِلانا مُبْتَلَى «٦».
والجملُ لَمْ يَشْك، إنما تُكلم بِهِ عَلَى أَنَّهُ لو نطق لقال ذَلِكَ. وكذلك قول عنترة.
فازوَرَّ من وَقْع الْقَنَا بِلبانه وشكا إليّ بعبرة وتَحمحُمِ «٧»
وقد ذكرت (يَنْقَاض) للجدار والانقياض: الشِّقّ فِي طول الجدار «٨» وَفِي طيّ البئر وَفِي سِنّ الرَّجُل يقال: انقاضت سِنَّة إذا انشقت طولًا. فقال موسى لو شئت [لَمْ تُقِمه حَتَّى يَقرونا فهو الأجر. وقرأ «٩» مُجاهد] (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) وأنشدني القنانِيّ.
تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقَعِّده «١٠»
وأصلها اتّخذ: افتعل.
وقوله: هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [٧٨].
[ولو نصبت الثانية كَانَ صوابًا، يتوهم أَنَّهُ كان (فراق ما بينى «١١» وبينك) ].
(١) هذا جواب السؤال.
(٢) الآية ١٥٤ سورة الأعراف.
(٣) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٤) الآية ٢١ سورة محمد.
(٥) يعزى إلى حسان. [.....]
(٦) سبق هذا البيت فى سورة يوسف.
(٧) هذا البيت من معلقته. وهو فى الحديث عن فرسه فى حومة الحرب. والازورار: الميل. والقنا: الرماح.
واللبان: الصدر، والتحمحم: صوت مقطع ليس بالصهيل.
(٨) ا: «الحائط».
(٩) هى قراءة ابن كثير وأبى عمرو ويعقوب وافقهم ابن محيصن واليزيدي والحسن:
(١٠) تقعده: تخدمه. والسرية: الأمة تتخذ للفراش وبعد لها بيت.
(١١) ا: «بينى وبينك فراق بغير نون».
156
وقوله: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [٧٩] يقول: أمامهم مَلِك. وهو كقوله (مِنْ «١» وَرائِهِ جَهَنَّمُ) أي أنها بين يديه. ولا يَجوز أن تَقُولَ لرجل وراءك: هُوَ بين يديك، ولا لرجل هُوَ بين يديك: هُوَ وراءك، إنما يَجوز ذَلِكَ فِي المواقيت من الأيام والليالي والدهر أن تَقُولَ: وراءك بَرد شديد: وبين يديك بَرْد شديد لأنك أنت وراءه فجاز لأنه شيء يأتي، فكأنه إذا لحقك صارَ من ورائك، وكأنك إذا بلغته صار بين يديك. فلذلك جاز الوجهان.
وقوله: فَخَشِينا [٨٠] : فعلمنا. وهي فِي قراءة أُبَيّ (فخافَ ربُّك أن يرهقهما) عَلَى معنى: علم ربُّكَ. وهو مثل قوله (إِلَّا أَنْ «٢» يَخافا) قَالَ: إلا أن يعلما ويظنّا. والخوفُ والظن يُذهب بِهما مذهب العلم.
وقوله: خَيْراً مِنْهُ زَكاةً [٨١] صلاحا «٣» (وَأَقْرَبَ رُحْماً) يقول: أقرب أن يُرْحما بِهِ. وهو مصدر رحمت.
وقوله: كَنْزٌ لَهُما [٨٢] يقال: علم.
وقوله (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) نصب: فَعَل ذَلِكَ رحمة منه. وكل فعل رأيته مفسِّرًا للخبر الَّذِي قبله فهو منصوب. وتعرفه بأن ترى هُوَ وهي تصلحان قبل المصدر، فإذا ألقيتا اتّصل المصدر بالكلام الَّذِي قبله فنصب، كقوله (فَضْلًا «٤» مِنْ رَبِّكَ) وكقوله (إِنَّكَ لَمِنَ «٥» الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) معناهُ: إنك من المرسلين وهو تنزيل العزيز (وهذا «٦» تنزيل العزيز الرحيم) وكذلك قوله (فِيها «٧» يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) معناهُ: الفرق فيها أمر من عندنا.
فإذا ألقيت ما يرفع المصدر اتصل بِما قبله فنصب.
(١) الآية ١٦ سورة إبراهيم.
(٢) الآية ٢٢٩ سورة البقرة.
(٣) سقط فى ا.
(٤) الآية ٥٧ سورة الدخان.
(٥) الآيات ٣- ٥ سورة يس.
(٦) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٧) الآيتان ٤، ٥ سورة الدخان.
157
وقوله: فَأَتْبَعَ سَبَباً [٨٥] قرئت (فأتبع «١» ) و (اتَّبَع «٢» ) وأَتْبَع أحسن من اتَّبع، لأن اتبعت الرجل إذا كَانَ يسير وأنت تسير وراءه. وإذا قلت أتبعته بقطع الألف فكأنك قفوته.
وقوله: حَمِئَةٍ [٨٦] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (حَمِئَةٍ) قَالَ: تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ سَوْدَاءَ. وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي سفيان ابن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قرأ (حمئة) حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَرَأَ (حَامِيَةٍ) وذكر بعض المشيخة عَن خُصيف عَن أبي عبيدة (أن ابن «٣» مسعود قرأ) (حامِيَةٍ).
وقوله (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) موضع «٤» أن كلتيهما نَصب. ولو رفعت كَانَ صوابًا أي فإنما هُوَ هَذَا أو هَذَا. وأنشدنى بعض العرب:
فسيرا فإما حاجة تقضيانها وإما مقيل صالح وصديق
١٠٨ اولو كَانَ قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ «٥» وَإِمَّا فِداءً) رفعًا كَانَ «٦» صوابًا والعرب تستأنف بإمّا وَإِمَّا.
أنشدني بعض بني عُكْلٍ:
ومن لا يزل يستودع الناس مَاله تَرِبْهُ عَلَى بعض الخطوبِ الودائع
ترى الناس إمّا جاعلوه وقاية لمالهم أو تاركوه فضائع
(١) القراءة بقطع الهمزة لابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف، وافقهم الأعمش. والقراءة بوصل الهمزة للباقين. [.....]
(٢) وهى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو وحفص ويعقوب. وافقهم اليزيدي. والباقون عندهم (حامية).
(٣) ا: «عن ابن مسعود».
(٤) ا: «فموضع».
(٥) الآية ٤ سورة محمد.
(٦) ا: «لكان».
وقايةً ووِقاءَهُمْ. والنصبُ عَلَى افعل بنا هَذَا أو هَذَا، والرفعُ عَلَى هُوَ «١» هَذَا أو هذا.
وقوله: فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى [٨٨] أي فله جزاءً الحسنى نَصَبت الجزاء عَلَى التفسير وهذا مما فسرت لك. وقوله (جَزاءً الْحُسْنى) مضاف «٢». وقد تكون الحسنى حسناته فهو جزاؤها. وتكون الحسنى الجنة، تضيف الجزاء إليها، وهي هو، كما قال (حَقُّ «٣» الْيَقِينِ) و (دِينُ «٤» الْقَيِّمَةِ) (وَلَدارُ «٥» الْآخِرَةِ خَيْرٌ) ولو جعلت (الْحُسْنى) رفعًا وقد رفعت الجزاء ونوَّنت فِيهِ كَانَ وجهًا. ولم يقرأ بِهِ «٦» أحد. فتكون كقراءة مسروق (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ «٧» الدّنيا بزينة الكواكب) فخفض الكواكب ترجمة عَن «٨» الزينة.
وقوله: لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً [٩٠] يقول: لا جبل ولا ستر ولا شجر هم عراة.
وقوله: يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ [٩٤] همزهما عَاصِم ولم يهمزهما غيره [وقوله: (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) ] الخراج «٩» الاسم الأول. والخرج كالمصدر كأنه الْجُعْلُ.
وقوله: ما مَكَّنِّي [٩٥] أدغمت نونه فِي النون التي بعدها. وقد ذكر عَن مجاهد (ذكره أَبُو طلحة «١٠» الناقط ما يحضرني عَن غيره) قَالَ: (ما مَكَّنَني) بنونين ظاهرتين وهو الأصل.
وقوله: حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ [٩٦].
(١) سقط فى ا.
(٢) القراءة الأولى لحفص وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب، وافقهم الأعمش. وقراءة الإضافة هذه للباقين.
(٣) الآية ٩٥ سورة الواقعة.
(٤) الآية ٥ سورة البينة.
(٥) الآية ١٠٩ سورة يوسف.
(٦) ش «فيه».
(٧) الآية ٦ سورة الصافات. وهذه القراءة بتنوين (زينة) قراءة حمزة وحفص، وافقهما الحسن والأعمش.
(٨) ش: «على».
(٩) قراءة الخراج بالألف لحمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش. وقراءة الخرج للباقين. [.....]
(١٠) سقط ما بين القوسين فى ا.
و (الصَّدَفَيْنِ) «١» و (الصّدفين «٢» ) سَاوَى وسوَّى بينهما واحد.
[قوله: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ] : قرأ حمزة والأعمش (قال أتوني) (مقصورة) قنصبا «٣» القطر بها وجعلاها «٤» (من «٥» جيئونى) و (آتوني) أعطوني. إذا طولت الألف كَانَ جيدًا (آتِنا غَداءَنا «٦» ) : آتوني قِطرا أفرغ عَلَيْهِ. وإذا لَمْ تطوّل الألف أدخلت الياء فِي المنصوب فقلت «٧» ائتنا بغدائنا. وقول حَمْزَةَ والأعمش صواب جائز من وجهين. يكون مثل قولك: أخذت الْخِطَام وأخذت بالخطام. ويكون عَلَى ترك الهمزة الأولى فِي (آتُونِي) فإذا أسقطت الأولى همزت الثانية.
وقوله: جَعَلَهُ دَكَّاءَ [٩٨] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي قيس بن الربيع عَن سعيد بن مسروق عَن الشعبي عَن الربيع بن خَيْثم الثوري أن رجلًا قرأ عليه (دكا «٨» ) فقال (دكّاء) «٩» فخّمها. قَالَ الفراء: يعني: أطلها.
وقوله: وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ [١٠٠] : أبرزناها حَتَّى نظر إليها الكفار وأعرضت هي:
استبانت وظهرت.
وقوله: لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً [١٠١] كقولك: لا يستطيعونَ سمع الهدى فيهتدوا.
وقوله: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا [١٠٢] قراءة أصحاب عبد الله ومجاهد (أفحسب) حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ «١٠» الْخُرَاسَانِيُّ عن الصلت
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بضم الصاد والدال، وافقهم اليزيدي وابن محيصن والحسن. وقرأ أبو بكر بضم الصاد وإسكان الدال، وقرأ الباقون بفتح الصاد والدال.
(٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بضم الصاد والدال، وافقهم اليزيدي وابن محيصن والحسن. وقرأ أبو بكر بضم الصاد وإسكان الدال، وقرأ الباقون بفتح الصاد والدال.
(٣) ا: «فنصب» «وجعلها».
(٤) ا: «فنصب» «وجعلها».
(٥) أي بمعنى جيئونى.
(٦) الآية ٦٢ سورة الكهف.
(٧) ا: «قلت».
(٨) هذه قراءة غير عاصم وحمزة والكسائي وخلف.
(٩) هذه قراءة غير عاصم وحمزة والكسائي وخلف.
(١٠) ش، ب: «الفضل».
Icon