في السورة تنويه بالقرآن وإحكامه ولغته وحكاية لما كان من موقف الكفار الحجاجية وشدة إنكارهم وإعراضهم وتحديهم للقرآن وردود عليهم وإنذارهم وتذكير لهم بما كان من أمثالهم. وفيها صور لما سوف يكون من أمرهم يوم القيامة من خزي وحسرة. وفيها لفت نظر إلى مشاهد قدرة الله وعظمته في الكون واستحقاقه للعبادة والخضوع وحده، وتنويه بالمؤمنين ومصائرهم، وبشرى لهم وحث على مكارم الأخلاق والتزامها وتطمين بنصره الله وتأييده وإرغام الجاحدين في الدنيا قبل الآخرة.
وفصول السورة مترابطة تلهم أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة، وتسمى السورة باسمة السجدة أيضا اقتباسا مما ورد فيها كما هو شأن الاسم الأول الموضوع عنونا.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ حم ( ١ ) تنزيل من الرحمن الرحيم ( ٢ ) كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ( ٣ ) بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ( ٤ ) وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ( ٥ ) قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين ( ٦ ) الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون ( ٧ ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ( ٨ ) ﴾ [ ١- ٨ ].بدأت السورة بحرفي الحاء والميم كسابقتها وما قلناه في حرفي سابقتها نقوله هنا. وقد أعقبهما تنويه بكتاب الله تعالى وتقرير بكونه منزلا من الرحمن الرحيم مفصل الآيات واضح البيان والغايات بلسان عربي لقوم يستطيعون أن يفهموه ويدركوا ما احتواه ليكون لهم بشيرا ونذيرا. ثم أعقب ذلك تنديد بالكفار الذين أعرضوا عنه، ولم يستمعوا له وكانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن قلوبنا محجوبة فلا يتسرب إليها شيء مما تدعونا إليه، وإن في آذانهم صمما يجعلهم لا يسمعون ما يتلوه عليهم وإن بيننا وبينك سدا لا ينفذ إلينا منه شيء من أقوالك ونذرك، وإنهم ثابتون مصرون على ما هم عليه فليفعل ما يشاء. وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرد عليهم فيها بقوله لهم إنه بشر مثلهم يوحى إليه أن إله الناس جميعا واحد، وإن كل ما عليه أن يدعوهم إليه وإلى السير في طريقه المستقيم والاستغفار عما بدا منهم من ذنوب وأخطاء، وأن ينذر المشركين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يؤتون زكاة أموالهم بالويل، وأن يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأجر الله الدائم.
والآيات كما هو المتبادر بسبيل حكاية موقف جدلي حجابي بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمشركين، وبدء السورة بمثابة مقدمة لحكاية هذا الموقف مما جرى عليه النظم القرآني.
ووصف سامعي القرآن بوصف ﴿ لقوم يعلمون ( ٣ ) ﴾ ينطوي على صورة لما كان عليه المخاطبون العرب أو زعماؤهم ونبهاؤهم على الأقل من الفهم والإدراك. وينطوي على الأقل على تقرير كونهم يفهمون اللغة القرآنية ومعاني الآيات القرآنية. ولذلك جاءت الآيات التالية للآية الثانية التي احتوت هذه الجملة تعلل موقفهم بكونه موقف المكابر العنيد المتصامم عن قصد وتصميم.
ولقد روى البغوي بطرقه في سياق الآية الأخيرة توضيحا لمدى جملة ﴿ لهم أجر غير ممنون ( ٨ ) ﴾ حديثا عن عبد الله بن عمر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو أكفته إلي ). حيث ينطوي في الحديث توضيح لمدى الجملة وتبشير وتطمين مستمران للمؤمنين المخلصين متساوقان مع ما انطوى فيها.
ووصف المشركين بوصفي ﴿ الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون ( ٧ ) ﴾ جدير بالتنويه حيث يمكن أن يكون بقصد وصفهم بأظهر سببين جعلاهم يقفون موقف الجحود من الرسالة النبوية. ولقد شغل هذان السببان حيزا كبيرا في القرآن، وبخاصة المكي منه مما مرت منه أمثلة كثيرة ؛ حيث يؤيد هذا ما قلناه من أنهما أظهر سببين فاقتضت حكمة التنزيل وصف المشركين بهما هنا.
ولقد روى بعض المفسرين١ في سياق تفسير هذه الآيات رواية ينطوي فيها صورة لما كان من تأثير القرآن على بعض زعماء قريش حينما كانت تتيح لهم الفرص سماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم على انفراد، حيث روي أن زعماء قريش كلفوا أحدهم عتبة بن ربيعة ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم فينصحه بالكف عما هو فيه ويعرض عليه باسمهم ما يرضاه من مطالب الدنيا فجاء إليه وقال له فيما قال : إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا لعلك تقبل منها بعضها. فقال له : قل أسمع. فقال : إن كنت تريد مالا جمعنا لك أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك حتى لا نقطع دونك أمر، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا – جنيا – طلبنا لك الأطباء وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك. فلما انتهى قال له : استمع مني ثم أخذ يقرأ هذه السورة حتى بلغ موضع السجدة منها فسجد، فسجد معه عتبة ثم انصرف إلى قومه متغير الوجه فسألوه فقال لهم : إني سمعت كلاما حلوا نافذا ما هو بقول شاعر ولا سجع كاهن ولا نفث ساحر ثم اقترح عليهم أن يخلوا بينه وبين العرب فإن تصبه العرب فقد كفوه بغيرهم وإن يظهر عليهم فملكه ملكهم وعزه عزهم وكانوا أسعد الناس به، فقالوا له : سحرك والله بلسانه، ثم ظلوا مصرين على عنادهم وجحودهم.
في الآيات :
أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال استنكاري فيه معنى التقريع عما إذا كان يصح منهم أن يكفروا بالله ويجعلوا له شركاء معادلين في حين أنه هو وحده رب العالمين جميعا وأنه خلق الأرض في يومين، وأوجد فيها ما تحتاج إليه هي وأهلها في يومين آخرين، وأنه هو الذي خلق السماوات السبع ورتب أمر كل سماء بما يقتضيه في يومين آخرين، وزين السماء الدنيا بمصابيح وشهب لحفظها. وكانت السماء دخانا فأمرها وأمر الأرض بالخضوع له طوعا أو كرها فلم يكن لهما إلا الإذعان والخضوع والطاعة. وكل هذا تقرير العزيز العليم القادر على كل شيء والعليم بكل شيء.
والآيات كما هو المتبادر استمرار في التقريع والإنذار والجدل الذي ابتدأ في الآيات السابقة لها.
وهي قوية الأسلوب والمضمون بسبيل ذلك، ولقد كان المشركون الذين توجه إليهم الآيات يعترفون بأن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما على ما حكته آيات عديدة عنهم مر بعض أمثلة منها في السور السابقة. ومنها هذه الآية في سورة الزخرف :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( ٩ ) ﴾ فجاءت الحجة فيها مفحمة لهم.
تعليق على
خلق السماوات والأرض الوارد في السورة
ولقد علقنا بما فيه الكفاية على مواضيع خلق السماوات والأرض في ستة أيام وعدد السماوات السبع وتزيين سماء الدنيا بالمصابيح والكواكب والشهب الحافظة لها في سياق سور عديدة سابقة مثل ( ص ) و ( ق ) و( الأعراف ) و( الجن ) و( الحجر ) فلا نرى حاجة إلى تعليق آخر إلا أن نقول : إن أسلوب الآيات هنا أيضا مع واجب الإيمان بما جاء فيها من كيفيات الخلق والإبداع وواجب إيكال كنه ذلك وحكمته إلى الله عز وجل واضح الدلالة على أن البيان الذي احتوته إنما قصد به استرعاء الأذهان إلى بالغ قدرة الله وعظمته في مشاهد الكون وأرضه وسمائه ووسائله ونواميسه الماثلة لعيون الناس والمالئة أفكارهم حيرة وروعة ليكون من ذلك وسيلة لإقناع وإفحام باستحقاق الله عز وجل وحده للعبادة وسخف اتخاذ شركاء له وضلال من كفر برسالة رسوله وكتابه الذي أنزله عليه. ولعل تكرار ورود هذه المواضيع في القرآن مرات عديدة بأساليب متنوعة مما يؤيد ذلك. والأولى والحالة هذه هو الوقوف من هذا الأمر عند هذا القصد الذي هو القصد القرآني فيما نعتقد وعدم التزيد فيما لا طائل من ورائه في هذا الباب من وجهة نظر التفسير القرآني ومحاولة استنباط النظريات الفنية أو تطبيقها، وإخراج القرآن من نطاق قدسيته وقصد هدايته وتعريضه للنقاش مع ملاحظة أن قدرة الله عز وجل لا تحد بأيام ووقت وكيفية وأنه إذا قضى أمرا فيكون كما قضاه بمجرد اقتران إرادته وقضائه وأن ما ورد من البيانات قد يكون بسبيل التقريب والتمثيل. والله أعلم.
سواء للسائلين : قرئت سواء بالنصب وبالجر على ما قاله المفسرون الذين قالوا إنها على الجر صفة لأربعة أيام لتفيد أن الأيام الأربعة هي مدة خلق جميع ما في الأرض وعلى النصب تكون تمييزا بمعنى أربعة أيام كاملة مستوية. قالوا في تأويل ﴿ للسائلين ﴾ إما أنها بمعنى : هذا هو مقدار المدة لمن أراد أن يسأل عنها، وإما أنها بمعنى إن الله قد أوجد في الأرض كل شيء ليستوفي كل سائل فيها ما هو في حاجة إليه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩:﴿ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ( ٩ ) وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ( ١٠ ) ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ( ١١ ) فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ( ١٢ ) ﴾ [ ٩ – ١٢ ].
في الآيات :
أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال استنكاري فيه معنى التقريع عما إذا كان يصح منهم أن يكفروا بالله ويجعلوا له شركاء معادلين في حين أنه هو وحده رب العالمين جميعا وأنه خلق الأرض في يومين، وأوجد فيها ما تحتاج إليه هي وأهلها في يومين آخرين، وأنه هو الذي خلق السماوات السبع ورتب أمر كل سماء بما يقتضيه في يومين آخرين، وزين السماء الدنيا بمصابيح وشهب لحفظها. وكانت السماء دخانا فأمرها وأمر الأرض بالخضوع له طوعا أو كرها فلم يكن لهما إلا الإذعان والخضوع والطاعة. وكل هذا تقرير العزيز العليم القادر على كل شيء والعليم بكل شيء.
والآيات كما هو المتبادر استمرار في التقريع والإنذار والجدل الذي ابتدأ في الآيات السابقة لها.
وهي قوية الأسلوب والمضمون بسبيل ذلك، ولقد كان المشركون الذين توجه إليهم الآيات يعترفون بأن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما على ما حكته آيات عديدة عنهم مر بعض أمثلة منها في السور السابقة. ومنها هذه الآية في سورة الزخرف :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( ٩ ) ﴾ فجاءت الحجة فيها مفحمة لهم.
تعليق على
خلق السماوات والأرض الوارد في السورة
ولقد علقنا بما فيه الكفاية على مواضيع خلق السماوات والأرض في ستة أيام وعدد السماوات السبع وتزيين سماء الدنيا بالمصابيح والكواكب والشهب الحافظة لها في سياق سور عديدة سابقة مثل ( ص ) و ( ق ) و( الأعراف ) و( الجن ) و( الحجر ) فلا نرى حاجة إلى تعليق آخر إلا أن نقول : إن أسلوب الآيات هنا أيضا مع واجب الإيمان بما جاء فيها من كيفيات الخلق والإبداع وواجب إيكال كنه ذلك وحكمته إلى الله عز وجل واضح الدلالة على أن البيان الذي احتوته إنما قصد به استرعاء الأذهان إلى بالغ قدرة الله وعظمته في مشاهد الكون وأرضه وسمائه ووسائله ونواميسه الماثلة لعيون الناس والمالئة أفكارهم حيرة وروعة ليكون من ذلك وسيلة لإقناع وإفحام باستحقاق الله عز وجل وحده للعبادة وسخف اتخاذ شركاء له وضلال من كفر برسالة رسوله وكتابه الذي أنزله عليه. ولعل تكرار ورود هذه المواضيع في القرآن مرات عديدة بأساليب متنوعة مما يؤيد ذلك. والأولى والحالة هذه هو الوقوف من هذا الأمر عند هذا القصد الذي هو القصد القرآني فيما نعتقد وعدم التزيد فيما لا طائل من ورائه في هذا الباب من وجهة نظر التفسير القرآني ومحاولة استنباط النظريات الفنية أو تطبيقها، وإخراج القرآن من نطاق قدسيته وقصد هدايته وتعريضه للنقاش مع ملاحظة أن قدرة الله عز وجل لا تحد بأيام ووقت وكيفية وأنه إذا قضى أمرا فيكون كما قضاه بمجرد اقتران إرادته وقضائه وأن ما ورد من البيانات قد يكون بسبيل التقريب والتمثيل. والله أعلم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩:﴿ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ( ٩ ) وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ( ١٠ ) ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ( ١١ ) فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ( ١٢ ) ﴾ [ ٩ – ١٢ ].
في الآيات :
أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال استنكاري فيه معنى التقريع عما إذا كان يصح منهم أن يكفروا بالله ويجعلوا له شركاء معادلين في حين أنه هو وحده رب العالمين جميعا وأنه خلق الأرض في يومين، وأوجد فيها ما تحتاج إليه هي وأهلها في يومين آخرين، وأنه هو الذي خلق السماوات السبع ورتب أمر كل سماء بما يقتضيه في يومين آخرين، وزين السماء الدنيا بمصابيح وشهب لحفظها. وكانت السماء دخانا فأمرها وأمر الأرض بالخضوع له طوعا أو كرها فلم يكن لهما إلا الإذعان والخضوع والطاعة. وكل هذا تقرير العزيز العليم القادر على كل شيء والعليم بكل شيء.
والآيات كما هو المتبادر استمرار في التقريع والإنذار والجدل الذي ابتدأ في الآيات السابقة لها.
وهي قوية الأسلوب والمضمون بسبيل ذلك، ولقد كان المشركون الذين توجه إليهم الآيات يعترفون بأن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما على ما حكته آيات عديدة عنهم مر بعض أمثلة منها في السور السابقة. ومنها هذه الآية في سورة الزخرف :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( ٩ ) ﴾ فجاءت الحجة فيها مفحمة لهم.
تعليق على
خلق السماوات والأرض الوارد في السورة
ولقد علقنا بما فيه الكفاية على مواضيع خلق السماوات والأرض في ستة أيام وعدد السماوات السبع وتزيين سماء الدنيا بالمصابيح والكواكب والشهب الحافظة لها في سياق سور عديدة سابقة مثل ( ص ) و ( ق ) و( الأعراف ) و( الجن ) و( الحجر ) فلا نرى حاجة إلى تعليق آخر إلا أن نقول : إن أسلوب الآيات هنا أيضا مع واجب الإيمان بما جاء فيها من كيفيات الخلق والإبداع وواجب إيكال كنه ذلك وحكمته إلى الله عز وجل واضح الدلالة على أن البيان الذي احتوته إنما قصد به استرعاء الأذهان إلى بالغ قدرة الله وعظمته في مشاهد الكون وأرضه وسمائه ووسائله ونواميسه الماثلة لعيون الناس والمالئة أفكارهم حيرة وروعة ليكون من ذلك وسيلة لإقناع وإفحام باستحقاق الله عز وجل وحده للعبادة وسخف اتخاذ شركاء له وضلال من كفر برسالة رسوله وكتابه الذي أنزله عليه. ولعل تكرار ورود هذه المواضيع في القرآن مرات عديدة بأساليب متنوعة مما يؤيد ذلك. والأولى والحالة هذه هو الوقوف من هذا الأمر عند هذا القصد الذي هو القصد القرآني فيما نعتقد وعدم التزيد فيما لا طائل من ورائه في هذا الباب من وجهة نظر التفسير القرآني ومحاولة استنباط النظريات الفنية أو تطبيقها، وإخراج القرآن من نطاق قدسيته وقصد هدايته وتعريضه للنقاش مع ملاحظة أن قدرة الله عز وجل لا تحد بأيام ووقت وكيفية وأنه إذا قضى أمرا فيكون كما قضاه بمجرد اقتران إرادته وقضائه وأن ما ورد من البيانات قد يكون بسبيل التقريب والتمثيل. والله أعلم.
صاعقة : هنا هي على الأرجح صفة لعذاب الله الصاعق.
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
نحسات : مشؤومات.
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
الهون : الهوان والخزي.
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإنذار الكفار إذا لم يرعووا ويعترفوا بحق الله وحده في العبادة ولم تقنعهم دلائل عظمة الله في كونه وفي أنفسهم بعذاب مثل العذاب الرباني الذي حل في قومي عاد وثمود. فقد جاءتهم رسل الله ودعوهم إلى عبادته وحده فأجابوا على سبيل التحدي والإنكار أن لو شاء الله لأرسل رسلا من الملائكة لا من البشر وأعلنوا كفرهم بالرسل. وكان من أمر عاد أن اغتروا بما هم عليه من قوة واستكبروا في الأرض وتساءلوا متبجحين عمن هو أشد منهم قوة دون أن يكفروا بأن الله الذي خلقهم هو بطبيعة الحال أشد منهم قوة. فأرسل الله عليهم ريحا شديدة قاصمة في أيام متوالية كانت عليهم شؤما ونحسا ؛ إذ ذاقوا فيها الخزي والبلاء في الدنيا جزاء جحودهم، وسيكون عذابهم في الآخرة أشد وأقوى ولن يكون لهم عاصم ولا نصير من الله. وكان من أمر ثمود أن أعرضوا هم الآخرون عن طريق الهدى التي دلهم الله عليها وفضلوا الضلال على الهدى والعمى على النور والباطل على الحق فسلط الله عليهم عذابا صاعقا مهينا بما كسبوا، وقد نجى الله من عاد وثمود أولئك الذين آمنوا به واتقوه بصالح الأعمال.
والآيات كسابقاتها استمرار في التقريع والإنذار بسبيل حكاية موقف مكابرة المشركين الكفار، ويلحظ فيها تماثل بين ما كان يقوله عاد وثمود لرسلهم وبين ما قال العرب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال وما تحدوه من تحد، ومن جملة استنزال الملائكة وما أظهروه من كبر واعتداد بالمال والنفس والقوة، وما كان من استحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة على ما حكته عنهم آيات عديدة في السورة والسور السابقة. وهذا التماثل يزيد في قوة الإنذار والتقريع والتنديد من جهة وينطوي فيه حكمة القصص القرآنية بالأسلوب الذي وردت من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي بعض الآيات القرآنية ما يفيد أن المشركين كانوا يعرفون بلاد ثمود وعاد حيث كانوا يرحلون إليها أو يمرون بها في رحلاتهم التجارية الصيفية والشتوية، وأنهم رأوا آثار تدمير الله فيها كما ترى في آية سورة العنكبوت هذه :﴿ وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( ٣٨ ) ﴾ فاستحكمت فيهم حجة الآيات وقوة إنذارها وتقريعها من هذه الناحية أيضا
يوزعون : يجمعون إلى بعضهم ويحبس أولهم إلى آخرهم حتى يوقفوا أمام الله جميعا.
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون – قبل سوقهم إلى النار – أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب – بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه – إلى الكفار، وفيه تأنيب وتقريع لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم، ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم ؛ لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون، وهذا الظن الخاطىء هو الذي أسقطهم في شر أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [ ٢٢ ] عن عبد الله حديثا جاء فيه :( اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم : أترون أن الله سميع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية )١.
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة، وأن الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكى عنهم من معاتبتهم لجوارحهم، وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال :( ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني قال : فإن ذلك لك. قال : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي، قال : أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين، فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهن : بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل ). ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [ ٦٥ ] من سورة يس علقنا عليه بما يغني عن التكرار.
تعليق على التباين في المشاهد الأخروية
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك يقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون – قبل سوقهم إلى النار – أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب – بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه – إلى الكفار، وفيه تأنيب وتقريع لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم، ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم ؛ لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون، وهذا الظن الخاطىء هو الذي أسقطهم في شر أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [ ٢٢ ] عن عبد الله حديثا جاء فيه :( اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم : أترون أن الله سميع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية )١.
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة، وأن الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكى عنهم من معاتبتهم لجوارحهم، وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال :( ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني قال : فإن ذلك لك. قال : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي، قال : أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين، فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهن : بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل ). ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [ ٦٥ ] من سورة يس علقنا عليه بما يغني عن التكرار.
تعليق على التباين في المشاهد الأخروية
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك يقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون – قبل سوقهم إلى النار – أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب – بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه – إلى الكفار، وفيه تأنيب وتقريع لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم، ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم ؛ لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون، وهذا الظن الخاطىء هو الذي أسقطهم في شر أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [ ٢٢ ] عن عبد الله حديثا جاء فيه :( اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم : أترون أن الله سميع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية )١.
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة، وأن الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكى عنهم من معاتبتهم لجوارحهم، وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال :( ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني قال : فإن ذلك لك. قال : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي، قال : أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين، فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهن : بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل ). ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [ ٦٥ ] من سورة يس علقنا عليه بما يغني عن التكرار.
تعليق على التباين في المشاهد الأخروية
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك يقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون – قبل سوقهم إلى النار – أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب – بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه – إلى الكفار، وفيه تأنيب وتقريع لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم، ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم ؛ لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون، وهذا الظن الخاطىء هو الذي أسقطهم في شر أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [ ٢٢ ] عن عبد الله حديثا جاء فيه :( اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم : أترون أن الله سميع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية )١.
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة، وأن الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكى عنهم من معاتبتهم لجوارحهم، وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال :( ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني قال : فإن ذلك لك. قال : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي، قال : أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين، فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهن : بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل ). ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [ ٦٥ ] من سورة يس علقنا عليه بما يغني عن التكرار.
تعليق على التباين في المشاهد الأخروية
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك يقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون – قبل سوقهم إلى النار – أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب – بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه – إلى الكفار، وفيه تأنيب وتقريع لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم، ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم ؛ لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون، وهذا الظن الخاطىء هو الذي أسقطهم في شر أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [ ٢٢ ] عن عبد الله حديثا جاء فيه :( اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم : أترون أن الله سميع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ﴾ الآية )١.
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة، وأن الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكى عنهم من معاتبتهم لجوارحهم، وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال :( ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب أليس وعدتني أن لا تظلمني قال : فإن ذلك لك. قال : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي، قال : أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين، فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهن : بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل ). ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [ ٦٥ ] من سورة يس علقنا عليه بما يغني عن التكرار.
تعليق على التباين في المشاهد الأخروية
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك ؛ لأنه ليس هناك ما يمنع أن يكون ذلك يقصد استكمال وصف صور الحياة الأخروية وبيان ما اقتضته حكمة الله من تنوعها. وهذا لا يقلل من اعتبار أن ذلك هادف في الوقت نفسه إلى إثارة الرعب والخوف والغبطة والطمأنينة فيمن يستمع للقرآن من الجاحدين والمؤمنين بأساليب تقريبية لما ألفوه من أسباب ووسائل، وأن تعدد وتنوع المواقف وأصحابها من مقتضيات ذلك. والله أعلم
يستعتبوا : يطلبون العفو ويبدون الأعذار.
فما هم من المعتبين : لا يقبل اعترافهم واعتذارهم.
تعليق على جملة
﴿ وقيضنا لهم قرناء ﴾
وقد أولنا جملة ﴿ وقيضنا لهم قرناء ﴾ بما أولناها به ؛ لأن هذا هو المتسق مع فحوى وروح الآيات التي وردت في معرض التنديد بالكفار وتقرير استحقاقهم للعذاب وخسرانهم نتيجة استماعهم لوسوسة أولئك القرناء. وقد أراد الله بامتحانهم إظهار المتقي من الآثم والطيب من الخبيث منهم ليحق على كل منهم ما يحق من عقاب وثواب حسب ذلك.
على أن في سورة الزخرف آيات بينها وبين هذه الآية تماثل مع زيادة تساعد على تأويل آخر يزول به كل وهم قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة من العبارة والعبارات المماثلة في آيات أخرى أيضا وهي :﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ( ٣٨ ) ﴾. حيث ينطوي فيها تقرير كون الشيطان ووسوسته إنما يؤثران بإذن الله على من يتعامى عن نور الهدى، وينصرف عن ذكر الله ولا يرغب فيه وبمعنى آخر على من فسدت طويته وخبثت نيته وانحرف عن الحق متعمدا، وهذا متسق مع المبدأ القرآني المحكم الذي تكرر في قصة إبليس المتكررة :﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ سورة [ ص/٨٣ ] و ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ﴾ سورة [ الإسراء/٦٥ ].
وما قلناه في سياق آيات سابقة استدلالا من إسلام أكثر سامعي القرآن من المشركين العرب من أنها تسجيل لواقع أمرهم، وأن فحواها يظل محكما بالنسبة لمن أصر على الكفر ومات عليه نقوله هنا في مناسبة هذه الآيات. وهذا ما جعلنا نقول : إنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الخوف والرعب في قلوب الكفار حتى يرتدعوا ويرعووا، وقد تحقق الهدف بمقياس واسع في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
تعليق على جملة
﴿ وقيضنا لهم قرناء ﴾
وقد أولنا جملة ﴿ وقيضنا لهم قرناء ﴾ بما أولناها به ؛ لأن هذا هو المتسق مع فحوى وروح الآيات التي وردت في معرض التنديد بالكفار وتقرير استحقاقهم للعذاب وخسرانهم نتيجة استماعهم لوسوسة أولئك القرناء. وقد أراد الله بامتحانهم إظهار المتقي من الآثم والطيب من الخبيث منهم ليحق على كل منهم ما يحق من عقاب وثواب حسب ذلك.
على أن في سورة الزخرف آيات بينها وبين هذه الآية تماثل مع زيادة تساعد على تأويل آخر يزول به كل وهم قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة من العبارة والعبارات المماثلة في آيات أخرى أيضا وهي :﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ( ٣٨ ) ﴾. حيث ينطوي فيها تقرير كون الشيطان ووسوسته إنما يؤثران بإذن الله على من يتعامى عن نور الهدى، وينصرف عن ذكر الله ولا يرغب فيه وبمعنى آخر على من فسدت طويته وخبثت نيته وانحرف عن الحق متعمدا، وهذا متسق مع المبدأ القرآني المحكم الذي تكرر في قصة إبليس المتكررة :﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ سورة [ ص/٨٣ ] و ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ﴾ سورة [ الإسراء/٦٥ ].
وما قلناه في سياق آيات سابقة استدلالا من إسلام أكثر سامعي القرآن من المشركين العرب من أنها تسجيل لواقع أمرهم، وأن فحواها يظل محكما بالنسبة لمن أصر على الكفر ومات عليه نقوله هنا في مناسبة هذه الآيات. وهذا ما جعلنا نقول : إنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الخوف والرعب في قلوب الكفار حتى يرتدعوا ويرعووا، وقد تحقق الهدف بمقياس واسع في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الغوا فيه : شوشوا عليه بلغو الكلام.
في الآية حكاية لبعض أقوال ومواقف الكفار إزاء القرآن حيث يتواصلون فيما بينهم على التشويش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما يتلو القرآن أو معارضته باللغو والتجريح والتهويش ذهابا منهم إلى أن هذا مما يضمن لهم الغلبة والفوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإحباط دعوته وإزالة أثر القرآن في نفوس سامعيه منهم.
ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزول الآية، وهي معطوفة على ما قبلها بحيث يسوغ القول إنها نزلت لتحكي صورة أخرى من مواقف المشركين وعنادهم، وأنها استمرار للسياق ومتصلة به.
ولقد نبهنا في المناسبات السابقة إلى ما كان من كثرة جدل المشركين في القرآن وطلبهم أحيانا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتي بقرآن آخر أو يبدله ويكف عن تسفيه أحلامهم وسب آلهتهم فيه على ما حكته آيات عديدة مرت أمثلة منها في السور السابقة. وكان القرآن يرد عليهم ثم يستمر في إنذارهم والتنديد بهم وبشركائهم. ولقد كانت بلاغته وروحانيته وهداه تنفذ إلى أعماق بعضهم وتحمل ذوي القلوب الصافية وخاصة من الشباب على الدخول في الإسلام على ما حكته الروايات الكثيرة ونوهت به الآيات العديدة. فالظاهر أن كبار المناوئين من المشركين يئسوا من تراجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة، واشتد خوفهم من استمرار نفوذ القرآن إلى الناس من جهة أخرى فكان منهم هذا التواصي الذي حكته الآية، والذي ينطوي فيه صورة من صور السيرة النبوية، ولقد روى الطبري عن مجاهد أن الكفار كانوا يوصون بعضهم بالتشويش على القرآن بالمكاء والصفير. وروى البغوي عن ابن عباس أنهم كانوا يتواصون بالتشويش عليه ومعارضته بالزجر والشعر والتخليط واللغو والعبارة القرآنية تتحمل كل ذلك.
جاءت هذه الآيات معقبة على الآية السابقة التي حكت موقف الكفار من القرآن متوعدة إياهم بأشد العذاب والخلود في النار جزاء كفرهم وجحودهم.
وفي الآية الأخيرة حكاية لطلبهم حينما يرون تحقيق وعيد الله فيهم بأن يمكنهم الله من الذين أضلوهم من الجن والإنس حتى يجعلوهم تحت أقدامهم في النار انتقاما منهم ؛ لأنهم كانوا سبب المصير الرهيب الذي صاروا إليه.
والمتبادر أن الآية الأخيرة بالإضافة إلى ما انطوى فيها من حقيقة العذاب الأخروي الإيمانية هي بسبيل وصف شعور الندم والحسرة الذي سينتاب الكفار، وأنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب فيهم وحملهم على الارعواء بل وإثارة نقمة جمهورهم على زعمائهم الذين يمنعونهم من الإسلام ؛ لأن الكلام المحكي في الآية هو بلسان الجمهور أكثر منه بلسان الزعماء.
ولقد روى المفسرون عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم أن المقصود من ﴿ الذين أضلانا من الجن والإنس ﴾ إبليس من الجن وقابيل قاتل أخيه هابيل ولدي آدم من الإنس لأنهما أصل الضلال والجريمة. ويتبادر لنا أن العبارة القرآنية أشمل من ذلك تتناول كل فعل موسوس وقرين شر وسوء من إنس وجن. والزعماء يأتون في الطليعة بالإضافة إلى كونها صورة عن حكاية الحسرة والندم اللذين يشعر بهما ويعبر عنهما الكفار تحقيقا للهدف الذي نوهنا به آنفا. والله أعلم.
جاءت هذه الآيات معقبة على الآية السابقة التي حكت موقف الكفار من القرآن متوعدة إياهم بأشد العذاب والخلود في النار جزاء كفرهم وجحودهم.
وفي الآية الأخيرة حكاية لطلبهم حينما يرون تحقيق وعيد الله فيهم بأن يمكنهم الله من الذين أضلوهم من الجن والإنس حتى يجعلوهم تحت أقدامهم في النار انتقاما منهم ؛ لأنهم كانوا سبب المصير الرهيب الذي صاروا إليه.
والمتبادر أن الآية الأخيرة بالإضافة إلى ما انطوى فيها من حقيقة العذاب الأخروي الإيمانية هي بسبيل وصف شعور الندم والحسرة الذي سينتاب الكفار، وأنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب فيهم وحملهم على الارعواء بل وإثارة نقمة جمهورهم على زعمائهم الذين يمنعونهم من الإسلام ؛ لأن الكلام المحكي في الآية هو بلسان الجمهور أكثر منه بلسان الزعماء.
ولقد روى المفسرون عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم أن المقصود من ﴿ الذين أضلانا من الجن والإنس ﴾ إبليس من الجن وقابيل قاتل أخيه هابيل ولدي آدم من الإنس لأنهما أصل الضلال والجريمة. ويتبادر لنا أن العبارة القرآنية أشمل من ذلك تتناول كل فعل موسوس وقرين شر وسوء من إنس وجن. والزعماء يأتون في الطليعة بالإضافة إلى كونها صورة عن حكاية الحسرة والندم اللذين يشعر بهما ويعبر عنهما الكفار تحقيقا للهدف الذي نوهنا به آنفا. والله أعلم.
جاءت هذه الآيات معقبة على الآية السابقة التي حكت موقف الكفار من القرآن متوعدة إياهم بأشد العذاب والخلود في النار جزاء كفرهم وجحودهم.
وفي الآية الأخيرة حكاية لطلبهم حينما يرون تحقيق وعيد الله فيهم بأن يمكنهم الله من الذين أضلوهم من الجن والإنس حتى يجعلوهم تحت أقدامهم في النار انتقاما منهم ؛ لأنهم كانوا سبب المصير الرهيب الذي صاروا إليه.
والمتبادر أن الآية الأخيرة بالإضافة إلى ما انطوى فيها من حقيقة العذاب الأخروي الإيمانية هي بسبيل وصف شعور الندم والحسرة الذي سينتاب الكفار، وأنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب فيهم وحملهم على الارعواء بل وإثارة نقمة جمهورهم على زعمائهم الذين يمنعونهم من الإسلام ؛ لأن الكلام المحكي في الآية هو بلسان الجمهور أكثر منه بلسان الزعماء.
ولقد روى المفسرون عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم أن المقصود من ﴿ الذين أضلانا من الجن والإنس ﴾ إبليس من الجن وقابيل قاتل أخيه هابيل ولدي آدم من الإنس لأنهما أصل الضلال والجريمة. ويتبادر لنا أن العبارة القرآنية أشمل من ذلك تتناول كل فعل موسوس وقرين شر وسوء من إنس وجن. والزعماء يأتون في الطليعة بالإضافة إلى كونها صورة عن حكاية الحسرة والندم اللذين يشعر بهما ويعبر عنهما الكفار تحقيقا للهدف الذي نوهنا به آنفا. والله أعلم.
توعدون : تطلبون أو تتمنون.
﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ﴾
وما بعدها
جاءت هذه الآيات لمقابلة ما جاء عن موقف الكافرين ومصيرهم الأخروي جريا على الأسلوب القرآني، وقد احتوت بشرى عظيمة للمؤمنين السابقين إلى الاستجابة للدعوة وتنويها من جهة، وانطوى فيها وصف محبب لما كان لهؤلاء من إخلاص وتمسك واستقامة والتفاف حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة أخرى في مجال المقايسة بينهم وبين الجاحدين كالذين قالوا ربنا الله وآمنوا به ثم استقاموا على طريق هداه ولم ينحرفوا حيث تتنزل عليهم الملائكة حينما ينتهي أجلهم فيهدئون من روعهم وينفون عنهم شعور الخوف والحزن ويبشرونهم بالجنة التي وعدوا بها قائلين لهم نحن أولياؤكم ونصراؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة التي لكم فيها كل ما تشتهي أنفسكم وتتمناه ؛ تكريما لكم من الله الغفور الرحيم الذي يعامل عباده الصالحين بالغفران الشامل والرحمة الواسعة. وقد جاءت الآية الأخيرة بمثابة تعليق بأسلوب التساؤل الذي يتضمن التقرير الإيجابي بأنه ليس من أحد أفضل وأحسن ممن دعا إلى الله وأسلم النفس إليه وعمل الأعمال الصالحة.
ومما يحسن لفت النظر إليه مقايسة أخرى تتضمنها الآيات بالإضافة إلى الآيات السابقة فالمؤمنون المستقيمون على الإيمان والعمل الصالح تتوفاهم الملائكة وتبشرهم وهم أولياؤهم، في حين أن أولياء الكفار هم قرناء السوء من الجن والإنس يضلونهم ويورطونهم. والمقايسة مألوفة في النظم القرآني، وقد مرت أمثلة عديدة منها وتستهدف التنديد والتقريع للكفار والتنويه والتطمين للمؤمنين. وما في أذهان العرب من صور عن الملائكة في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته يجعلها أقوى تأثيرا كما هو المتبادر، فالملائكة الذين كان المشركون يشركونهم مع الله ويتخذونهم شفعاءهم لديه إنما هم أولياء المؤمنين المستقيمين وحسب.
والآيات وإن كانت كما قلنا تتضمن التنويه بالمؤمنين الأولين، فإن إطلاق الكلام فيها يجعلها مستمدا لإلهام مستمر قوي التلقين في كل ظرف ومكان سواء في الاستقامة على دين الحق والإخلاص له أم في التنويه بفضل من يدعوا إلى الله ويسلم النفس إليه ويعمل الصالحات ويستشعر بأنه يكون بذلك قائما بأفضل الواجبات ومتمسكا بأفضل الأخلاق والصفات. وخلق الاستقامة على الحق والصدق والواجب والمعروف وعدم الروغان والحيدان عن ذلك من أعظم الأخلاق وأفضلها. ولذلك تكرر الأمر بها في القرآن بمتنوع الأساليب، وقد مرت أمثلة من ذلك في السور السابقة.
ولقد روى بعض المفسرين١ عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أن الآية الأخيرة عنت المؤذنين أو نزلت فيهم، وأوردوا في سياق ذلك٢ بعض الأحاديث النبوية في فضل المؤذنين وأجرهم عند الله. وهذا غريب في هذا المقام ؛ لأن فحوى الآية أوسع وأشمل من ذلك، بل هي من أوسع وأشمل ما يكون في بابها من حيث التنويه بالمؤمن الصالح في عمله المسلم لله الداعي غيره إلى مثل ذلك، ولأن الأذان إنما بدأ أو شرع في العهد المدني ولا خلاف على مكية هذه الآية.
ومن العجيب أن الطبري وهو من الذين رووا ذلك عن الحسن وقتادة من علماء التابعين أنها بصدد كل من صدق قوله عمله ومولجه مخرجه وسره علانيته وشاهده مغيبه وهو خيرة الله وولي الله وأحب إلى الله كما روي عن السدي أنها عنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وليس من ريب في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول وأعظم من تنطبق عليه، ولكنها مع ذلك أوسع وأشمل كما قلنا وعلى ما هو المتبادر من نصها وروحها.
سورة فصلت
في السورة تنويه بالقرآن وإحكامه ولغته وحكاية لما كان من موقف الكفار الحجاجية وشدة إنكارهم وإعراضهم وتحديهم للقرآن وردود عليهم وإنذارهم وتذكير لهم بما كان من أمثالهم. وفيها صور لما سوف يكون من أمرهم يوم القيامة من خزي وحسرة. وفيها لفت نظر إلى مشاهد قدرة الله وعظمته في الكون واستحقاقه للعبادة والخضوع وحده، وتنويه بالمؤمنين ومصائرهم، وبشرى لهم وحث على مكارم الأخلاق والتزامها وتطمين بنصره الله وتأييده وإرغام الجاحدين في الدنيا قبل الآخرة.
وفصول السورة مترابطة تلهم أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة، وتسمى السورة باسمة السجدة أيضا اقتباسا مما ورد فيها كما هو شأن الاسم الأول الموضوع عنونا.
في السورة تنويه بالقرآن وإحكامه ولغته وحكاية لما كان من موقف الكفار الحجاجية وشدة إنكارهم وإعراضهم وتحديهم للقرآن وردود عليهم وإنذارهم وتذكير لهم بما كان من أمثالهم. وفيها صور لما سوف يكون من أمرهم يوم القيامة من خزي وحسرة. وفيها لفت نظر إلى مشاهد قدرة الله وعظمته في الكون واستحقاقه للعبادة والخضوع وحده، وتنويه بالمؤمنين ومصائرهم، وبشرى لهم وحث على مكارم الأخلاق والتزامها وتطمين بنصره الله وتأييده وإرغام الجاحدين في الدنيا قبل الآخرة.
وفصول السورة مترابطة تلهم أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة، وتسمى السورة باسمة السجدة أيضا اقتباسا مما ورد فيها كما هو شأن الاسم الأول الموضوع عنونا.
ولي حميم : نصير صديق شديد الولاء والإشفاق.
وفي الآية الثانية تنويه بهذه المقابلة وفاعلها وإشارة إلى أن ذلك لا يكون إلا من الذين تجملوا بالصبر وضبط والنفس وكانوا على حظ عظيم من كرم الخلق.
وفي الآية الثالثة تنبيه موجه بأن الشيطان إذا حاول أن يوسوس له بسوء ليحول بينه وبين فعل الخير أو يدفعه إلى الشر ويثير فيه الغضب والنزق فليسارع إلى الاستعاذة بالله السميع العليم.
تعليق على آية
﴿ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ﴾
وما بعدها.
والآيات الثلاث منسجمة مع بعضها أولا، ومتصلة بسابقتها اتصال سياق وموضوع ثانيا، فليس من أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا في مجال المقايسة والمفاضلة كما أنه لا يمكن التسوية بين الحسنة والسيئة، ومن حسن خلق المسلم الذي قال ربي الله ثم استقام أن يتخلق بكل خلق كريم.
والمتبادر أن كلمتي الحسنة والسيئة تتناولان الأفعال والأقوال معا، وصيغة الأمر في الآيات يمكن أن تكون موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن تكون موجهة للسامع وبخاصة للسامع المسلم، ونحن نرجح هذا لأنه متسق مع روح الآيات. على أنها إذا كانت موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن الخطاب يشمل أيضا كل مسلم كما هو المتبادر.
وفي الآيات تعليم قرآني جليل مستمر الإلهام والمدى، فمقابلة السيئة بالسيئة يورث العداء والأحقاد بعكس مقابلة السيئة بالحسنة التي تقلب العدو صديقا وتدل على نبل النفس وكرم الخلق. وقد يندفع المرء أحيانا إلى مقابلة السيئة بالسيئة، ففي هذا الموقف يجب على المسلم أن ينتبه إلى أن هذا إنما يكون من نزعات الشيطان ووساوسه، وألا يندفع فيه، وأن يجنح إلى الأفضل الذي يليق بإسلامه وهو الصبر ودفع السيئة بالحسنة.
ولقد مر في سورة الأعراف آيتان مماثلتان لهذه الآيات بعض الشيء في العبارة والهدف وهما :﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ( ١٩٩ ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ( ٢٠٠ ) ﴾ حيث يبدو من ذلك اهتمام القرآن العظيم لبث روح الخير والتسامح وضبط النفس والبعد عن النزق والغضب ومقابلة السوء بمثله في نفس المسلم.
بل إن القرآن لم يكتف بهذا حيث احتوى آيات أوجبت على المسلم أن تكون صلاته ومعاملاته مع جميع الفئات من أقارب وأجانب وأغنياء وفقراء وعبيد على أساس الإحسان وحثته على ألا يكتفي بما يجب عليه من العدل وتقوى الله، بل يتجاوزهما إلى ما هو خير منهما وهو الإحسان كما ترى في هذه الآيات :
﴿ واعبدو الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ﴾ [ النساء/٣٦ ].
﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ﴾ [ المائد/٩٠ ].
﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ [ النحل/٩٠ ].
وقد توهم جملة ﴿ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ( ٣٥ ) ﴾ أنها بسبيل بيان صعوبة الأمر. وعلى احتمال ذلك فإنها قصدت إلى التنويه بالفعل وفاعله وتعظيم شأنهما أيضا بل نحن نظن أن هذا القصد هو الأكثر ورودا إن شاء الله.
وليس من محل لتوهم التناقض بين هذا التلقين المنطوي في الآيات وبين ما جاء في آيات مكية ومدنية عديدة على ما سوف يأتي بعد من تسويغ مقابلة العدوان بمثله وانتصار المسلم من بغي ينزل به وبإخوانه. فهذا التلقين كما يتبادر لنا هو في صدد السلوك الشخصي بين الناس وبين المسلمين. ويمكن أن يصرف إلى ما يكون فيه بغي وعدوان شديدا النكاية والأذى. كما أن التنوع في التلقين يمكن أن يصرف إلى ما هو طبيعي من تنوع ظروف البشر أفرادهم وجماعاتهم ليسير الناس فيما يواجههم من هذه الظروف سيرا منسجما مع روح القرآن عامة. وهي العفو عند المقدرة حينما لا يكون سببا في ازدياد الشر والبغي. ويؤدي إلى الهدوء والسكينة والرضا ومقابلة البغي بمثله حينما لا يكون بد من ذلك. والنظام العام هو عدم بدء المسلم غيره بالسوء والبغي، وأن يكون هذا منه مقابلة ودفاعا. وفي سورة الشورى التي تلي هذه السورة فصل احتوى تلقينا في صدد هذه المواقف المتنوعة يصح أن يكون فيه قرينة على صواب ما نقرره إن شاء الله، على ما سوف يأتي شرحه بعد هذه السورة.
ولقد رويت أحاديث عديدة صحيحة في موضوع معاملة الناس بالحلم والصبر وحسن الخلق، منها حديث رواه الثلاثة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )١. وحديث رواه أبو داود والترمذي عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور العين شاء )٢. وحديث رواه البخاري والترمذي وأحمد عن أبي هريرة قال :( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : علمني شيئا ولا تكثر علي لعلي أعيه. قال : لا تغضب فردد ذلك يقول لا تغضب )٣. وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء )٤. وحديث رواه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن عائشة قال :( سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )٥. وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال :( سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج )٦. وحديث رواه الترمذي عن أبي ذر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )٧. وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( خياركم أحاسنكم أخلاقا )٨. حيث ينطوي في هذه الأحاديث تلقين نبوي جليل متساوق مع التلقين القرآني مثل كل شأن.
هذا، ولقد احتوت سورة الأعراف آية مماثلة للآية [ ٣٦ ] من الآيات التي نحن في صددها، وعلقنا على مداها بما يغني عن التكرار.
وفي الآية الثانية تنويه بهذه المقابلة وفاعلها وإشارة إلى أن ذلك لا يكون إلا من الذين تجملوا بالصبر وضبط والنفس وكانوا على حظ عظيم من كرم الخلق.
وفي الآية الثالثة تنبيه موجه بأن الشيطان إذا حاول أن يوسوس له بسوء ليحول بينه وبين فعل الخير أو يدفعه إلى الشر ويثير فيه الغضب والنزق فليسارع إلى الاستعاذة بالله السميع العليم.
تعليق على آية
﴿ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ﴾
وما بعدها.
والآيات الثلاث منسجمة مع بعضها أولا، ومتصلة بسابقتها اتصال سياق وموضوع ثانيا، فليس من أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا في مجال المقايسة والمفاضلة كما أنه لا يمكن التسوية بين الحسنة والسيئة، ومن حسن خلق المسلم الذي قال ربي الله ثم استقام أن يتخلق بكل خلق كريم.
والمتبادر أن كلمتي الحسنة والسيئة تتناولان الأفعال والأقوال معا، وصيغة الأمر في الآيات يمكن أن تكون موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن تكون موجهة للسامع وبخاصة للسامع المسلم، ونحن نرجح هذا لأنه متسق مع روح الآيات. على أنها إذا كانت موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن الخطاب يشمل أيضا كل مسلم كما هو المتبادر.
وفي الآيات تعليم قرآني جليل مستمر الإلهام والمدى، فمقابلة السيئة بالسيئة يورث العداء والأحقاد بعكس مقابلة السيئة بالحسنة التي تقلب العدو صديقا وتدل على نبل النفس وكرم الخلق. وقد يندفع المرء أحيانا إلى مقابلة السيئة بالسيئة، ففي هذا الموقف يجب على المسلم أن ينتبه إلى أن هذا إنما يكون من نزعات الشيطان ووساوسه، وألا يندفع فيه، وأن يجنح إلى الأفضل الذي يليق بإسلامه وهو الصبر ودفع السيئة بالحسنة.
ولقد مر في سورة الأعراف آيتان مماثلتان لهذه الآيات بعض الشيء في العبارة والهدف وهما :﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ( ١٩٩ ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ( ٢٠٠ ) ﴾ حيث يبدو من ذلك اهتمام القرآن العظيم لبث روح الخير والتسامح وضبط النفس والبعد عن النزق والغضب ومقابلة السوء بمثله في نفس المسلم.
بل إن القرآن لم يكتف بهذا حيث احتوى آيات أوجبت على المسلم أن تكون صلاته ومعاملاته مع جميع الفئات من أقارب وأجانب وأغنياء وفقراء وعبيد على أساس الإحسان وحثته على ألا يكتفي بما يجب عليه من العدل وتقوى الله، بل يتجاوزهما إلى ما هو خير منهما وهو الإحسان كما ترى في هذه الآيات :
﴿ واعبدو الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ﴾ [ النساء/٣٦ ].
﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ﴾ [ المائد/٩٠ ].
﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ [ النحل/٩٠ ].
وقد توهم جملة ﴿ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ( ٣٥ ) ﴾ أنها بسبيل بيان صعوبة الأمر. وعلى احتمال ذلك فإنها قصدت إلى التنويه بالفعل وفاعله وتعظيم شأنهما أيضا بل نحن نظن أن هذا القصد هو الأكثر ورودا إن شاء الله.
وليس من محل لتوهم التناقض بين هذا التلقين المنطوي في الآيات وبين ما جاء في آيات مكية ومدنية عديدة على ما سوف يأتي بعد من تسويغ مقابلة العدوان بمثله وانتصار المسلم من بغي ينزل به وبإخوانه. فهذا التلقين كما يتبادر لنا هو في صدد السلوك الشخصي بين الناس وبين المسلمين. ويمكن أن يصرف إلى ما يكون فيه بغي وعدوان شديدا النكاية والأذى. كما أن التنوع في التلقين يمكن أن يصرف إلى ما هو طبيعي من تنوع ظروف البشر أفرادهم وجماعاتهم ليسير الناس فيما يواجههم من هذه الظروف سيرا منسجما مع روح القرآن عامة. وهي العفو عند المقدرة حينما لا يكون سببا في ازدياد الشر والبغي. ويؤدي إلى الهدوء والسكينة والرضا ومقابلة البغي بمثله حينما لا يكون بد من ذلك. والنظام العام هو عدم بدء المسلم غيره بالسوء والبغي، وأن يكون هذا منه مقابلة ودفاعا. وفي سورة الشورى التي تلي هذه السورة فصل احتوى تلقينا في صدد هذه المواقف المتنوعة يصح أن يكون فيه قرينة على صواب ما نقرره إن شاء الله، على ما سوف يأتي شرحه بعد هذه السورة.
ولقد رويت أحاديث عديدة صحيحة في موضوع معاملة الناس بالحلم والصبر وحسن الخلق، منها حديث رواه الثلاثة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )١. وحديث رواه أبو داود والترمذي عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور العين شاء )٢. وحديث رواه البخاري والترمذي وأحمد عن أبي هريرة قال :( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : علمني شيئا ولا تكثر علي لعلي أعيه. قال : لا تغضب فردد ذلك يقول لا تغضب )٣. وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء )٤. وحديث رواه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن عائشة قال :( سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )٥. وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال :( سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج )٦. وحديث رواه الترمذي عن أبي ذر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )٧. وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( خياركم أحاسنكم أخلاقا )٨. حيث ينطوي في هذه الأحاديث تلقين نبوي جليل متساوق مع التلقين القرآني مثل كل شأن.
هذا، ولقد احتوت سورة الأعراف آية مماثلة للآية [ ٣٦ ] من الآيات التي نحن في صددها، وعلقنا على مداها بما يغني عن التكرار.
تعليق على رواية عجيبة
في صدد نزول الآية [ ٣٥ ].
ولقد روى البغوي عن مقاتل أن الآية [ ٣٥ ] نزلت في أبي سفيان بن حرب ؛ لأنه لان للمسلمين بعد شدة عداوته بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أسلم وصار وليا بالإسلام حميما بالقرابة. وهذه الرواية من أعجب الأمثلة على الأخذ بالروايات دون تمعن في النص والملابسة. فزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببنت أبي سفيان وقع بعد الهجرة بست سنوات ولم يكن لأبيها يد فيه حيث كانت في الحبشة مترملة عن عبد الله بن جحش الذي هاجرت معه في الهجرة الأولى. وقد خطبها النبي وعقد له عليها وهي في الحبشة، وقدمت إليه رأسا منها. وإسلام أبيها كان في ظرف فتح مكة بعد سنتين ولم يرو أحد بعد أن الآية مدنية، وعبارة الآية المنسجمة مع ما قبلها وما بعدها لا يمكن أن تتسق مع الرواية قط.
وفي الآية الثانية تنويه بهذه المقابلة وفاعلها وإشارة إلى أن ذلك لا يكون إلا من الذين تجملوا بالصبر وضبط والنفس وكانوا على حظ عظيم من كرم الخلق.
وفي الآية الثالثة تنبيه موجه بأن الشيطان إذا حاول أن يوسوس له بسوء ليحول بينه وبين فعل الخير أو يدفعه إلى الشر ويثير فيه الغضب والنزق فليسارع إلى الاستعاذة بالله السميع العليم.
تعليق على آية
﴿ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ﴾
وما بعدها.
والآيات الثلاث منسجمة مع بعضها أولا، ومتصلة بسابقتها اتصال سياق وموضوع ثانيا، فليس من أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا في مجال المقايسة والمفاضلة كما أنه لا يمكن التسوية بين الحسنة والسيئة، ومن حسن خلق المسلم الذي قال ربي الله ثم استقام أن يتخلق بكل خلق كريم.
والمتبادر أن كلمتي الحسنة والسيئة تتناولان الأفعال والأقوال معا، وصيغة الأمر في الآيات يمكن أن تكون موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن تكون موجهة للسامع وبخاصة للسامع المسلم، ونحن نرجح هذا لأنه متسق مع روح الآيات. على أنها إذا كانت موجهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن الخطاب يشمل أيضا كل مسلم كما هو المتبادر.
وفي الآيات تعليم قرآني جليل مستمر الإلهام والمدى، فمقابلة السيئة بالسيئة يورث العداء والأحقاد بعكس مقابلة السيئة بالحسنة التي تقلب العدو صديقا وتدل على نبل النفس وكرم الخلق. وقد يندفع المرء أحيانا إلى مقابلة السيئة بالسيئة، ففي هذا الموقف يجب على المسلم أن ينتبه إلى أن هذا إنما يكون من نزعات الشيطان ووساوسه، وألا يندفع فيه، وأن يجنح إلى الأفضل الذي يليق بإسلامه وهو الصبر ودفع السيئة بالحسنة.
ولقد مر في سورة الأعراف آيتان مماثلتان لهذه الآيات بعض الشيء في العبارة والهدف وهما :﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ( ١٩٩ ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ( ٢٠٠ ) ﴾ حيث يبدو من ذلك اهتمام القرآن العظيم لبث روح الخير والتسامح وضبط النفس والبعد عن النزق والغضب ومقابلة السوء بمثله في نفس المسلم.
بل إن القرآن لم يكتف بهذا حيث احتوى آيات أوجبت على المسلم أن تكون صلاته ومعاملاته مع جميع الفئات من أقارب وأجانب وأغنياء وفقراء وعبيد على أساس الإحسان وحثته على ألا يكتفي بما يجب عليه من العدل وتقوى الله، بل يتجاوزهما إلى ما هو خير منهما وهو الإحسان كما ترى في هذه الآيات :
﴿ واعبدو الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ﴾ [ النساء/٣٦ ].
﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ﴾ [ المائد/٩٠ ].
﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ [ النحل/٩٠ ].
وقد توهم جملة ﴿ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ( ٣٥ ) ﴾ أنها بسبيل بيان صعوبة الأمر. وعلى احتمال ذلك فإنها قصدت إلى التنويه بالفعل وفاعله وتعظيم شأنهما أيضا بل نحن نظن أن هذا القصد هو الأكثر ورودا إن شاء الله.
وليس من محل لتوهم التناقض بين هذا التلقين المنطوي في الآيات وبين ما جاء في آيات مكية ومدنية عديدة على ما سوف يأتي بعد من تسويغ مقابلة العدوان بمثله وانتصار المسلم من بغي ينزل به وبإخوانه. فهذا التلقين كما يتبادر لنا هو في صدد السلوك الشخصي بين الناس وبين المسلمين. ويمكن أن يصرف إلى ما يكون فيه بغي وعدوان شديدا النكاية والأذى. كما أن التنوع في التلقين يمكن أن يصرف إلى ما هو طبيعي من تنوع ظروف البشر أفرادهم وجماعاتهم ليسير الناس فيما يواجههم من هذه الظروف سيرا منسجما مع روح القرآن عامة. وهي العفو عند المقدرة حينما لا يكون سببا في ازدياد الشر والبغي. ويؤدي إلى الهدوء والسكينة والرضا ومقابلة البغي بمثله حينما لا يكون بد من ذلك. والنظام العام هو عدم بدء المسلم غيره بالسوء والبغي، وأن يكون هذا منه مقابلة ودفاعا. وفي سورة الشورى التي تلي هذه السورة فصل احتوى تلقينا في صدد هذه المواقف المتنوعة يصح أن يكون فيه قرينة على صواب ما نقرره إن شاء الله، على ما سوف يأتي شرحه بعد هذه السورة.
ولقد رويت أحاديث عديدة صحيحة في موضوع معاملة الناس بالحلم والصبر وحسن الخلق، منها حديث رواه الثلاثة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )١. وحديث رواه أبو داود والترمذي عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور العين شاء )٢. وحديث رواه البخاري والترمذي وأحمد عن أبي هريرة قال :( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : علمني شيئا ولا تكثر علي لعلي أعيه. قال : لا تغضب فردد ذلك يقول لا تغضب )٣. وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء )٤. وحديث رواه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن عائشة قال :( سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )٥. وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال :( سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج )٦. وحديث رواه الترمذي عن أبي ذر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )٧. وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( خياركم أحاسنكم أخلاقا )٨. حيث ينطوي في هذه الأحاديث تلقين نبوي جليل متساوق مع التلقين القرآني مثل كل شأن.
هذا، ولقد احتوت سورة الأعراف آية مماثلة للآية [ ٣٦ ] من الآيات التي نحن في صددها، وعلقنا على مداها بما يغني عن التكرار.
المتبادر أن الجملة ﴿ فالذين عند ربك ﴾ تعني الملائكة الذين ذكرت تسبيحهم الدائم والتفافهم حول الله وعرشه آيات كثيرة ومنها ما جاء في السورتين السابقتين لهذه السورة وهو ما قاله جمهور المفسرين مباشرة أو رواية.
وعبارة الآيتين واضحة، والخطاب فيهما موجه إلى المشركين، وفي الثانية تأنيب وتسفيه لهم بأسلوب حكيم، فإذا كانوا حقا يعترفون بالله ويعبدونه فلا يصح أن يسجدوا للشمس والقمر كما يفعلون بل عليهم أن يسجدوا له وحده. أما إذا استكبروا فلن يضيره استكبارهم فإن أعظم المخلوقات خطورة في أذهانهم وهم الملاكة دائبون على تقديسه، والحجة مفحمة لهم لأنهم يعترفون بالله ويعبدونه أيضا.
وليس هناك رواية خاصة في سبب نزول الآيات، والأرجح أنها جاءت بمثابة تعقيب واستطراد بعد الآية السابقة لها، فقد انتهت الآية بوصف الله سبحانه بالسميع العليم فاستطردت هذه إلى ذكر بعض آياته وتأنيب الذين لا يحصرون العبادة والسجود فيه ويشركون الشمس والقمر معه فيهما.
تعليق على عبادة الشمس والقمر عند العرب
وتأليه الشمس والقمر وعبادتهما مما كان سائدا في الأزمنة القديمة في بلاد اليمن من جزيرة العرب ثم في بلاد العراق والشام ومصر المجاورة لجزيرة العرب، والتي جاء معظم سكانها القدماء من هذه الجزيرة. وقد عرف من الروايات المتعددة أن العرب في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته كانوا يتسمون باسم عبد شمس ومن ذلك جد بني أمية.
ولا بد من أن يكون ذلك متصلا بعقيدة من عقائدهم، وقد ذكرت بعض الروايات أن قبيلة كنانة كانت تعبد القمر وأن قبيلة تميم كانت تعبد الشمس، وأن هذه القبيلة صنعت تمثالا للشمس ووضعته في بيت خاص١، حيث يفيد هذا أن عبادة الشمس والقمر كانت ممارسة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند بعض القبائل العربية. وصيغة الآيات تفيد ذلك حتما لأنها تنهى عنه وإن كانت لا تسوغ الجزم بما إذا كان الخطاب موجها إلى فريق من عباد الشمس والقمر وجاهاً أم خطابا عاما لعبادهما من المشركين وإن كنا نرجح الاحتمال الأول مع التوجيه العام في الوقت نفسه جريا على الأسلوب القرآني.
المتبادر أن الجملة ﴿ فالذين عند ربك ﴾ تعني الملائكة الذين ذكرت تسبيحهم الدائم والتفافهم حول الله وعرشه آيات كثيرة ومنها ما جاء في السورتين السابقتين لهذه السورة وهو ما قاله جمهور المفسرين مباشرة أو رواية.
وعبارة الآيتين واضحة، والخطاب فيهما موجه إلى المشركين، وفي الثانية تأنيب وتسفيه لهم بأسلوب حكيم، فإذا كانوا حقا يعترفون بالله ويعبدونه فلا يصح أن يسجدوا للشمس والقمر كما يفعلون بل عليهم أن يسجدوا له وحده. أما إذا استكبروا فلن يضيره استكبارهم فإن أعظم المخلوقات خطورة في أذهانهم وهم الملاكة دائبون على تقديسه، والحجة مفحمة لهم لأنهم يعترفون بالله ويعبدونه أيضا.
وليس هناك رواية خاصة في سبب نزول الآيات، والأرجح أنها جاءت بمثابة تعقيب واستطراد بعد الآية السابقة لها، فقد انتهت الآية بوصف الله سبحانه بالسميع العليم فاستطردت هذه إلى ذكر بعض آياته وتأنيب الذين لا يحصرون العبادة والسجود فيه ويشركون الشمس والقمر معه فيهما.
تعليق على عبادة الشمس والقمر عند العرب
وتأليه الشمس والقمر وعبادتهما مما كان سائدا في الأزمنة القديمة في بلاد اليمن من جزيرة العرب ثم في بلاد العراق والشام ومصر المجاورة لجزيرة العرب، والتي جاء معظم سكانها القدماء من هذه الجزيرة. وقد عرف من الروايات المتعددة أن العرب في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته كانوا يتسمون باسم عبد شمس ومن ذلك جد بني أمية.
ولا بد من أن يكون ذلك متصلا بعقيدة من عقائدهم، وقد ذكرت بعض الروايات أن قبيلة كنانة كانت تعبد القمر وأن قبيلة تميم كانت تعبد الشمس، وأن هذه القبيلة صنعت تمثالا للشمس ووضعته في بيت خاص١، حيث يفيد هذا أن عبادة الشمس والقمر كانت ممارسة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند بعض القبائل العربية. وصيغة الآيات تفيد ذلك حتما لأنها تنهى عنه وإن كانت لا تسوغ الجزم بما إذا كان الخطاب موجها إلى فريق من عباد الشمس والقمر وجاهاً أم خطابا عاما لعبادهما من المشركين وإن كنا نرجح الاحتمال الأول مع التوجيه العام في الوقت نفسه جريا على الأسلوب القرآني.
خاشعة : لعلها بمعنى جافة أو جامدة، وفسر بعض المفسرين الكلمة بأنها لا نبات ولا زرع فيها.
اهتزت : لعلها هنا بمعنى تشققت أو تحركت.
ربت : نمت وزادت.
الآية استمرار في السياق ومعطوفة على ما سبقها كما هو ظاهر. وقد تضمنت التنبيه إلى مشهد آخر من مشاهد قدرة الله في الأرض التي تكون يابسة خامدة لا نبات ولا حياة فيها فإذا هي إذا ما أنزل الله عليها الماء اهتزت وانتعشت وأخذت تتكشف عن أنواع النبات وتعج بمظاهر الحياة. ثم استطردت الآية إلى التنبيه إلى قدرة الله على إحياء الموتى استدلالا من ذلك. فالذي أحيا الأرض بعد موتها على هذا الوجه الذي يشاهده الناس جميعا قادر على إحياء الموتى بعد موتهم أيضا وهو قادر على كل شيء في كل حال.
وقد تكرر هذا المثل في القرآن على اعتبار أنه مثل مشاهد في كل آن ومكان لا ينكر ولا يدحض.
يلحدون : أصل الإلحاد الإنحراف عن الشيء أو عن الحق، ولعلها هنا بمعنى الجحود والمكابرة.
من المحتمل أن تكون هذه الآية تعقيبية على الآيات السابقة، كما أن من المحتمل أن تكون مقدمة للآيات التالية. وعلى الاحتمال الأول يكون تأويلها إن آيات الله في كونه ماثلة للعيان كافية للإقناع والبرهنة على ربوبيته واستحقاقه وحده للعبادة، ولا ينكرها إلا المكابرون الذين يتعامون عن الحق عمدا. وهؤلاء لا يخفون على الله، ومصير الناس سيكون حسب موقفهم وأعمالهم. ولا يمكن أن يكون الذي مصيره النار خيرا من الذي يأتي يوم القيامة آمنا مطمئنا، فليعمل الكافرون المكابرون ما يشاءون فمصيرهم إلى الله وهو عليم بصير بما يعملون ومجزيهم عليه بما يستحقون.
وعلى الاحتمال الثاني يكون الإلحاد الوارد فيها أي المكابرة والانحراف والجحود بالنسبة للقرآن الذي ذكر في الآيات التالية، وما جاء في الآية من مقايسة وإنذار يبقى واردا بالنسبة للاحتمالين.
والفقرة الأخيرة بسبيل الإنذار. وهي أيضا من العبادات القرآنية الحاسمة في الدلالة على تقرير قابلية الإنسان واختياره وإرادته وكسبه.
والصلة بين الآية والسياق لا تنقطع في حالة صحة الاحتمال الثاني، فالسياق السابق ذكر بعض آيات الله ومشاهدة عظمته وربوبيته والقرآن هو الذي يقص ذلك، فالمناسبة قائمة كما هو المتبادر.
الذكر : هنا كناية عن القرآن.
عزيز : قد تكون الكلمة بمعنى كريم معزز، وقد تكون بمعنى منيع لا يرام ولا يستطيع أحد أن ينفذ إليه بتحريف أو باطل أو زيادة أو نقص والمعنى الثاني أكثر توافقا مع الآية الثانية.
وعلى كل حال ففي الآيات صورة من صور الجدل الذي كان يدور حول القرآن بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار المكابرين :
فالذين كابروا في آيات الله الماثلة في الكون هم الذين كابروا أيضا في القرآن لما جاءهم وحاولوا التشويش عليه وهو الكتاب المنيع العلي المعتد الذي لا يرام والذي لا يأتيه الباطل والتحريف من أي جهة لأنه تنزيل من الله الحكيم الذي يفعل ما يفعل على غاية من الصواب والإحكام ويستوجب على كل ما يفعل الحمد والثناء. وما يقوله الكفار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قاله أمثالهم للرسل من قبله، وإن الله لرقيب عليهم وهو ذو العقاب الأليم كما هو ذو المغفرة الواسعة لمن يستحقها.
ولو أنزل الله القرآن بلسان غير عربي لاعترض الكفار أيضا وتساءلوا عن عدم تفصيل آياته بلسان يفهمونه فكيف يكون قرآنا عربيا وأعجميا في آن واحد.
وعلى النبي أن يعلن – ردا على ما يقولونه – أن القرآن هو هدى وشفاء للذين آمنوا وصدقوا وحسنت نياتهم وصفت طواياهم ورغبوا في الحق في حين أن الكافرين لن ينتفعوا به لأن في آذانهم صمما وفي عيونهم ظلمة أو كأنهم ينادون من مكان بعيد فلا إمكان لإسماعهم النداء.
ولقد كان هذا شأن الناس تجاه الكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام، فقد اختلفوا فيه بين مصدق ومكذب.
والله قادر على أن يقضي بين الناس قضاء عاجلا فيمحق الكافرين المكذبين وينجي المصدقين المؤمنين، ولكن حكمته اقتضت تأجيل هذا القضاء إلى يوم القيامة الذي هو آت لا ريب فيه.
والفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة تحتمل أن تكون في صدد القرآن أو في صدد يوم القيامة أو في صدد كتاب موسى، وفيها تقرير بأنهم غير متثبتين فيما يشكون وهم في ريب منه.
والوصف الذي وصف به الذين لا يؤمنون بالقرآن في الآية [ ٤٤ ] هو بقصد وصف شدة عنادهم ومكابرتهم، وقد تكرر في المناسبات المماثلة بهذا القصد ومر من ذلك أمثلة في السورة السابقة. ولقد قال بعض المفسرين : إن جملة ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ بمعنى أنه لو أنزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا كيف ينزل قرآن أعجمي على رسول عربي ؟ ومع أن هذا لا يخلو من وجاهة فإن ما أوردناه في الشرح هو الذي تبادر لنا أنه الصواب. والله أعلم
تعليق على جملة
﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ﴾
والتقرير الذي احتوته جملة ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ﴾ هو في صدد كون القرآن في محكماته وأحكامه وأهدافه ومبادئه وتلقيناته ومتساوق كل التساوق كله حق ليس فيه أي تناقض ولا اختلاف فضلا عن أنه مبرأ من كل باطل أو شبهة باطل. وكل من أمعن النظر في فصوله بأناة وتدبر ومقارنة ومقابلة وربط بعض فصوله ببعض وتفسير بعض فصوله ببعض وكان منصفا بعيدا عن الهوى والمكابرة يظهر على هذه المعجزة العظمى التي تقررها هذه الجملة. وفي سورة النساء هذه الآية :﴿ أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ( ٨٢ ) ﴾ حيث ينطوي فيها توكيد تقريري آخر فيه معنى التحدي مع الوثوق بصحة التقرير.
وقد يكون في الفصول المتشابهة والوسائلية من قصص ومشاهد كونية وأخروية وغيبية شيء من التنوع والتباين أو ما لا يدركه عقل الإنسان ولكن ذلك لا يمكن أن ينطبق عليه وصف باطل قط. وإنما جاء بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل لتحقيق غاية التدعيم والتأييد لرسالة الله من إنذار وتبشير واسترعاء بما هو ماثل في الأذهان أو على سبيل التقريب والتمثيل على ما نبهنا إليه في المناسبات العديدة السابقة.
وقوة العبارة التأكيدية جديرة بالتنويه من حيث انطواؤها على توكيد كون القرآن تنزيلا من الله وكون ما ينزل الله لايمكن أن يتسرب إليه باطل أو شبهة من باطل، وينطوي في العبارة إلى هذا بث شعور قوي في النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالوثوق والاستعلاء على الكفار كما يتبادر لنا وقد يكون هذا من أهداف العبارة القرآنية والله أعلم.
وعلى كل حال ففي الآيات صورة من صور الجدل الذي كان يدور حول القرآن بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار المكابرين :
فالذين كابروا في آيات الله الماثلة في الكون هم الذين كابروا أيضا في القرآن لما جاءهم وحاولوا التشويش عليه وهو الكتاب المنيع العلي المعتد الذي لا يرام والذي لا يأتيه الباطل والتحريف من أي جهة لأنه تنزيل من الله الحكيم الذي يفعل ما يفعل على غاية من الصواب والإحكام ويستوجب على كل ما يفعل الحمد والثناء. وما يقوله الكفار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قاله أمثالهم للرسل من قبله، وإن الله لرقيب عليهم وهو ذو العقاب الأليم كما هو ذو المغفرة الواسعة لمن يستحقها.
ولو أنزل الله القرآن بلسان غير عربي لاعترض الكفار أيضا وتساءلوا عن عدم تفصيل آياته بلسان يفهمونه فكيف يكون قرآنا عربيا وأعجميا في آن واحد.
وعلى النبي أن يعلن – ردا على ما يقولونه – أن القرآن هو هدى وشفاء للذين آمنوا وصدقوا وحسنت نياتهم وصفت طواياهم ورغبوا في الحق في حين أن الكافرين لن ينتفعوا به لأن في آذانهم صمما وفي عيونهم ظلمة أو كأنهم ينادون من مكان بعيد فلا إمكان لإسماعهم النداء.
ولقد كان هذا شأن الناس تجاه الكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام، فقد اختلفوا فيه بين مصدق ومكذب.
والله قادر على أن يقضي بين الناس قضاء عاجلا فيمحق الكافرين المكذبين وينجي المصدقين المؤمنين، ولكن حكمته اقتضت تأجيل هذا القضاء إلى يوم القيامة الذي هو آت لا ريب فيه.
والفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة تحتمل أن تكون في صدد القرآن أو في صدد يوم القيامة أو في صدد كتاب موسى، وفيها تقرير بأنهم غير متثبتين فيما يشكون وهم في ريب منه.
والوصف الذي وصف به الذين لا يؤمنون بالقرآن في الآية [ ٤٤ ] هو بقصد وصف شدة عنادهم ومكابرتهم، وقد تكرر في المناسبات المماثلة بهذا القصد ومر من ذلك أمثلة في السورة السابقة. ولقد قال بعض المفسرين : إن جملة ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ بمعنى أنه لو أنزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا كيف ينزل قرآن أعجمي على رسول عربي ؟ ومع أن هذا لا يخلو من وجاهة فإن ما أوردناه في الشرح هو الذي تبادر لنا أنه الصواب. والله أعلم
وعلى كل حال ففي الآيات صورة من صور الجدل الذي كان يدور حول القرآن بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار المكابرين :
فالذين كابروا في آيات الله الماثلة في الكون هم الذين كابروا أيضا في القرآن لما جاءهم وحاولوا التشويش عليه وهو الكتاب المنيع العلي المعتد الذي لا يرام والذي لا يأتيه الباطل والتحريف من أي جهة لأنه تنزيل من الله الحكيم الذي يفعل ما يفعل على غاية من الصواب والإحكام ويستوجب على كل ما يفعل الحمد والثناء. وما يقوله الكفار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قاله أمثالهم للرسل من قبله، وإن الله لرقيب عليهم وهو ذو العقاب الأليم كما هو ذو المغفرة الواسعة لمن يستحقها.
ولو أنزل الله القرآن بلسان غير عربي لاعترض الكفار أيضا وتساءلوا عن عدم تفصيل آياته بلسان يفهمونه فكيف يكون قرآنا عربيا وأعجميا في آن واحد.
وعلى النبي أن يعلن – ردا على ما يقولونه – أن القرآن هو هدى وشفاء للذين آمنوا وصدقوا وحسنت نياتهم وصفت طواياهم ورغبوا في الحق في حين أن الكافرين لن ينتفعوا به لأن في آذانهم صمما وفي عيونهم ظلمة أو كأنهم ينادون من مكان بعيد فلا إمكان لإسماعهم النداء.
ولقد كان هذا شأن الناس تجاه الكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام، فقد اختلفوا فيه بين مصدق ومكذب.
والله قادر على أن يقضي بين الناس قضاء عاجلا فيمحق الكافرين المكذبين وينجي المصدقين المؤمنين، ولكن حكمته اقتضت تأجيل هذا القضاء إلى يوم القيامة الذي هو آت لا ريب فيه.
والفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة تحتمل أن تكون في صدد القرآن أو في صدد يوم القيامة أو في صدد كتاب موسى، وفيها تقرير بأنهم غير متثبتين فيما يشكون وهم في ريب منه.
والوصف الذي وصف به الذين لا يؤمنون بالقرآن في الآية [ ٤٤ ] هو بقصد وصف شدة عنادهم ومكابرتهم، وقد تكرر في المناسبات المماثلة بهذا القصد ومر من ذلك أمثلة في السورة السابقة. ولقد قال بعض المفسرين : إن جملة ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ بمعنى أنه لو أنزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا كيف ينزل قرآن أعجمي على رسول عربي ؟ ومع أن هذا لا يخلو من وجاهة فإن ما أوردناه في الشرح هو الذي تبادر لنا أنه الصواب. والله أعلم
وعلى كل حال ففي الآيات صورة من صور الجدل الذي كان يدور حول القرآن بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار المكابرين :
فالذين كابروا في آيات الله الماثلة في الكون هم الذين كابروا أيضا في القرآن لما جاءهم وحاولوا التشويش عليه وهو الكتاب المنيع العلي المعتد الذي لا يرام والذي لا يأتيه الباطل والتحريف من أي جهة لأنه تنزيل من الله الحكيم الذي يفعل ما يفعل على غاية من الصواب والإحكام ويستوجب على كل ما يفعل الحمد والثناء. وما يقوله الكفار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قاله أمثالهم للرسل من قبله، وإن الله لرقيب عليهم وهو ذو العقاب الأليم كما هو ذو المغفرة الواسعة لمن يستحقها.
ولو أنزل الله القرآن بلسان غير عربي لاعترض الكفار أيضا وتساءلوا عن عدم تفصيل آياته بلسان يفهمونه فكيف يكون قرآنا عربيا وأعجميا في آن واحد.
وعلى النبي أن يعلن – ردا على ما يقولونه – أن القرآن هو هدى وشفاء للذين آمنوا وصدقوا وحسنت نياتهم وصفت طواياهم ورغبوا في الحق في حين أن الكافرين لن ينتفعوا به لأن في آذانهم صمما وفي عيونهم ظلمة أو كأنهم ينادون من مكان بعيد فلا إمكان لإسماعهم النداء.
ولقد كان هذا شأن الناس تجاه الكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام، فقد اختلفوا فيه بين مصدق ومكذب.
والله قادر على أن يقضي بين الناس قضاء عاجلا فيمحق الكافرين المكذبين وينجي المصدقين المؤمنين، ولكن حكمته اقتضت تأجيل هذا القضاء إلى يوم القيامة الذي هو آت لا ريب فيه.
والفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة تحتمل أن تكون في صدد القرآن أو في صدد يوم القيامة أو في صدد كتاب موسى، وفيها تقرير بأنهم غير متثبتين فيما يشكون وهم في ريب منه.
والوصف الذي وصف به الذين لا يؤمنون بالقرآن في الآية [ ٤٤ ] هو بقصد وصف شدة عنادهم ومكابرتهم، وقد تكرر في المناسبات المماثلة بهذا القصد ومر من ذلك أمثلة في السورة السابقة. ولقد قال بعض المفسرين : إن جملة ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ بمعنى أنه لو أنزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا كيف ينزل قرآن أعجمي على رسول عربي ؟ ومع أن هذا لا يخلو من وجاهة فإن ما أوردناه في الشرح هو الذي تبادر لنا أنه الصواب. والله أعلم
تعليق على جملة
﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾
والآية [ ٤٤ ] تلهم أن الكفار كانوا يتساءلون عن سبب عدم وحدة اللغة بين القرآن والكتب السماوية الأولى ما دامت كلها من عند الله. وكانوا يعرفون أن الكتب السابقة بلغة غير عربية، ومن المحتمل أن يكون هذا التساؤل إذا صح استلهامنا إن شاء الله قد وقع منهم في معرض التحدي والطعن والتكذيب. فردت الآيات ردا فيه تسفيه قوي مفحم للمكابرة التي دفعتهم إلى هذا التساؤل. ومن المحتمل أن يكون هذا قد وقع في مواجهة جدلية فنزلت الآيات بسبيل حكاية ما وقع الرد عليه. كما أن من المحتمل أن يكون هذا مما كانوا يتقولونه في مختلف المواقف على سبيل التحدي والمكابرة، وهو ما نرجحه بدليل آيات وردت في سورة الشعراء التي سبق تفسيرها، فيها شيء ما مما في هذه الآية وهي :﴿ ولو نزلناه على بعض الأعجمين ( ١٩٨ ) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ( ١٩٩ ) ﴾ وقبل هذه الآيات جاءت الآيات [ ١٩٣ – ١٩٥ ]، تقرر أن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، كأنما احتوت تعليلا لإنزاله باللسان العربي دون اللسان الأعجمي.
وفي سورة إبراهيم التي نزلت بعد هذه السورة بمدة ما آية جاء فيه ﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ حيث يمكن أن يكون قد بدأ اعتراض آخر مماثل منهم فاقتضت حكمة التنزيل أنزل هذه الآية محتوية على توكيد آخر لهذا التعليل، وحيث يمكن أن فيها تدعيم لما استلهمناه من الآية التي نحن في صددها.
ولقد قال بعض المفسرين : إن الجمة بمعنى أنه لو نزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا : كيف ينزل.
وعلى كل حال ففي الآيات صورة من صور الجدل الذي كان يدور حول القرآن بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار المكابرين :
فالذين كابروا في آيات الله الماثلة في الكون هم الذين كابروا أيضا في القرآن لما جاءهم وحاولوا التشويش عليه وهو الكتاب المنيع العلي المعتد الذي لا يرام والذي لا يأتيه الباطل والتحريف من أي جهة لأنه تنزيل من الله الحكيم الذي يفعل ما يفعل على غاية من الصواب والإحكام ويستوجب على كل ما يفعل الحمد والثناء. وما يقوله الكفار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قاله أمثالهم للرسل من قبله، وإن الله لرقيب عليهم وهو ذو العقاب الأليم كما هو ذو المغفرة الواسعة لمن يستحقها.
ولو أنزل الله القرآن بلسان غير عربي لاعترض الكفار أيضا وتساءلوا عن عدم تفصيل آياته بلسان يفهمونه فكيف يكون قرآنا عربيا وأعجميا في آن واحد.
وعلى النبي أن يعلن – ردا على ما يقولونه – أن القرآن هو هدى وشفاء للذين آمنوا وصدقوا وحسنت نياتهم وصفت طواياهم ورغبوا في الحق في حين أن الكافرين لن ينتفعوا به لأن في آذانهم صمما وفي عيونهم ظلمة أو كأنهم ينادون من مكان بعيد فلا إمكان لإسماعهم النداء.
ولقد كان هذا شأن الناس تجاه الكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام، فقد اختلفوا فيه بين مصدق ومكذب.
والله قادر على أن يقضي بين الناس قضاء عاجلا فيمحق الكافرين المكذبين وينجي المصدقين المؤمنين، ولكن حكمته اقتضت تأجيل هذا القضاء إلى يوم القيامة الذي هو آت لا ريب فيه.
والفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة تحتمل أن تكون في صدد القرآن أو في صدد يوم القيامة أو في صدد كتاب موسى، وفيها تقرير بأنهم غير متثبتين فيما يشكون وهم في ريب منه.
والوصف الذي وصف به الذين لا يؤمنون بالقرآن في الآية [ ٤٤ ] هو بقصد وصف شدة عنادهم ومكابرتهم، وقد تكرر في المناسبات المماثلة بهذا القصد ومر من ذلك أمثلة في السورة السابقة. ولقد قال بعض المفسرين : إن جملة ﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ بمعنى أنه لو أنزل القرآن أعجمي اللغة لاعترضوا أيضا وقالوا كيف ينزل قرآن أعجمي على رسول عربي ؟ ومع أن هذا لا يخلو من وجاهة فإن ما أوردناه في الشرح هو الذي تبادر لنا أنه الصواب. والله أعلم
أولا : مسؤولية كل امرئ عن عمله صالحا كان أو سيئا وجزاؤه عند الله عليه حسب ذلك دون ظلم ولا إجحاف ؛ لأن الله لا يمكن أن يظلم عبده.
ثانيا : ولتعلن أن مرد علم الساعة أي موعد يوم القيامة إلى الله الذي عنده كل شيء كان أو سيكون حتى لا تخرج ثمرة من برعمها، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه.
ثالثا : ولتحكي ما سوف يكون من أمر المشركين يوم القيامة حيث يسألهم الله عن شركائه الذين أشركوهم معه فلا يجدون مناصا من الاعتراف بحقيقة الأمر والتراجع عما كانوا يقولون به وتنزيه الله عن الشركاء وقد غاب عنهم شركاؤهم الذين كانوا يدعونهم وتيقنوا أن لا محيد لهم ولا مخلص من عقاب الله وعذابه.
والآيات في مجموعها في معرض إنذار المشركين والتنديد بهم. وقد استهدفت فيما استهدفته إثارة الندم والارعواء فيهم إذ يسمعون ما سوف يكون من أمرهم وخذلان شركائهم لهم يوم القيامة.
والآية الأولى من الآيات الحاسمة في صراحتها وقطيعتها بأن المرء إنما يعمل من أعمال صالحة وسيئة – ومن ذلك الإيمان والكفر – باختياره وإرادته وأنه يتحمل من أجل ذلك تبعة عمله وأن الثواب والعقاب إنما يكونا وفق هذا الاختيار ونتيجة له.
وجملة ﴿ وما ربك بظلام للعبيد ( ٤٦ ) ﴾ على لسان الله عز وجل تأتي هنا مرة أخرى وقد جاءت في الآية [ ٢٩ ] من سورة ( ق ) التي سبق تفسيرها. وقد علقنا على مداها بما يغني عن التكرار فنكتفي بهذا التنبيه.
آذناك : بمعنى اعترفنا لك وأعلناك.
ما منا من شهيد : ما منا أحد يشهد أن لك شريكا.
أولا : مسؤولية كل امرئ عن عمله صالحا كان أو سيئا وجزاؤه عند الله عليه حسب ذلك دون ظلم ولا إجحاف ؛ لأن الله لا يمكن أن يظلم عبده.
ثانيا : ولتعلن أن مرد علم الساعة أي موعد يوم القيامة إلى الله الذي عنده كل شيء كان أو سيكون حتى لا تخرج ثمرة من برعمها، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه.
ثالثا : ولتحكي ما سوف يكون من أمر المشركين يوم القيامة حيث يسألهم الله عن شركائه الذين أشركوهم معه فلا يجدون مناصا من الاعتراف بحقيقة الأمر والتراجع عما كانوا يقولون به وتنزيه الله عن الشركاء وقد غاب عنهم شركاؤهم الذين كانوا يدعونهم وتيقنوا أن لا محيد لهم ولا مخلص من عقاب الله وعذابه.
والآيات في مجموعها في معرض إنذار المشركين والتنديد بهم. وقد استهدفت فيما استهدفته إثارة الندم والارعواء فيهم إذ يسمعون ما سوف يكون من أمرهم وخذلان شركائهم لهم يوم القيامة.
والآية الأولى من الآيات الحاسمة في صراحتها وقطيعتها بأن المرء إنما يعمل من أعمال صالحة وسيئة – ومن ذلك الإيمان والكفر – باختياره وإرادته وأنه يتحمل من أجل ذلك تبعة عمله وأن الثواب والعقاب إنما يكونا وفق هذا الاختيار ونتيجة له.
ظنوا : هنا بمعنى أيقنوا والكلمة من الأضداد.
محيص : مفر أو ملجأ.
أولا : مسؤولية كل امرئ عن عمله صالحا كان أو سيئا وجزاؤه عند الله عليه حسب ذلك دون ظلم ولا إجحاف ؛ لأن الله لا يمكن أن يظلم عبده.
ثانيا : ولتعلن أن مرد علم الساعة أي موعد يوم القيامة إلى الله الذي عنده كل شيء كان أو سيكون حتى لا تخرج ثمرة من برعمها، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه.
ثالثا : ولتحكي ما سوف يكون من أمر المشركين يوم القيامة حيث يسألهم الله عن شركائه الذين أشركوهم معه فلا يجدون مناصا من الاعتراف بحقيقة الأمر والتراجع عما كانوا يقولون به وتنزيه الله عن الشركاء وقد غاب عنهم شركاؤهم الذين كانوا يدعونهم وتيقنوا أن لا محيد لهم ولا مخلص من عقاب الله وعذابه.
والآيات في مجموعها في معرض إنذار المشركين والتنديد بهم. وقد استهدفت فيما استهدفته إثارة الندم والارعواء فيهم إذ يسمعون ما سوف يكون من أمرهم وخذلان شركائهم لهم يوم القيامة.
والآية الأولى من الآيات الحاسمة في صراحتها وقطيعتها بأن المرء إنما يعمل من أعمال صالحة وسيئة – ومن ذلك الإيمان والكفر – باختياره وإرادته وأنه يتحمل من أجل ذلك تبعة عمله وأن الثواب والعقاب إنما يكونا وفق هذا الاختيار ونتيجة له.
دعاء : بمعنى طلب أو رغبة.
ويسوغان القول : إنها جاءت استطرادية لتصف الكفار الذين كانت تتألف منهم أكثرية الناس في البيئة التي تنزل فيها : فالإنسان من هذه الأكثرية لا يسأم من طلب الخير والاستمتاع به فإذا مسه شر وقع في اليأس واستولى عليه القنوط، وإذا كشف الله ضره وبدله بنعمة ورحمة فإنه يجحد فضل الله ويعتبر ما أصابه من ذلك طبيعيا وحقا، ولا يلبث أن يستغرق في الدنيا ويطمئن إليها وينسى الله والآخرة وما فيها من خير للصالحين، وعذاب للجاحدين، ويجحد أن يكون ما ينذر به بعد الموت من خير وحسنى، وهكذا يكون ديدنه، فإذا أنعم الله عليه انصرف عنه وجحده وإذا مسه هلع ملأ الدنيا دعاء وشكوى، والله محص على الكافرين الجاحدين ما فعلوه ومخبرهم به ومذيقهم بسببه أشد العذاب.
والآيات قوية نافذة في تقريرها وتنديدها. وهي وإن كانت بسبيل وصف أخلاق أكثرية الناس الذين يسمعون القرآن الجاحدين لله ونعمه فإنها تمثل حالة من المجتمعات الإنسانية بصورة عامة في كل ظرف فيما يبدو من أفرادهم من تقصير في حق الله وجحود لفضله ونسيانه في أوقات الرخاء واستغراقهم في الدنيا وشهواتها ومطالبها دون تفكير في الواجبات والعواقب، وهذا يجعلها مستمد إلهام وفيض دائم للمسلم يذكره بواجبه نحو الله والناس دون ما بطر ولا جحود ولا إسراف ولا استغراق ولا قنوط.
ويسوغان القول : إنها جاءت استطرادية لتصف الكفار الذين كانت تتألف منهم أكثرية الناس في البيئة التي تنزل فيها : فالإنسان من هذه الأكثرية لا يسأم من طلب الخير والاستمتاع به فإذا مسه شر وقع في اليأس واستولى عليه القنوط، وإذا كشف الله ضره وبدله بنعمة ورحمة فإنه يجحد فضل الله ويعتبر ما أصابه من ذلك طبيعيا وحقا، ولا يلبث أن يستغرق في الدنيا ويطمئن إليها وينسى الله والآخرة وما فيها من خير للصالحين، وعذاب للجاحدين، ويجحد أن يكون ما ينذر به بعد الموت من خير وحسنى، وهكذا يكون ديدنه، فإذا أنعم الله عليه انصرف عنه وجحده وإذا مسه هلع ملأ الدنيا دعاء وشكوى، والله محص على الكافرين الجاحدين ما فعلوه ومخبرهم به ومذيقهم بسببه أشد العذاب.
والآيات قوية نافذة في تقريرها وتنديدها. وهي وإن كانت بسبيل وصف أخلاق أكثرية الناس الذين يسمعون القرآن الجاحدين لله ونعمه فإنها تمثل حالة من المجتمعات الإنسانية بصورة عامة في كل ظرف فيما يبدو من أفرادهم من تقصير في حق الله وجحود لفضله ونسيانه في أوقات الرخاء واستغراقهم في الدنيا وشهواتها ومطالبها دون تفكير في الواجبات والعواقب، وهذا يجعلها مستمد إلهام وفيض دائم للمسلم يذكره بواجبه نحو الله والناس دون ما بطر ولا جحود ولا إسراف ولا استغراق ولا قنوط.
ويسوغان القول : إنها جاءت استطرادية لتصف الكفار الذين كانت تتألف منهم أكثرية الناس في البيئة التي تنزل فيها : فالإنسان من هذه الأكثرية لا يسأم من طلب الخير والاستمتاع به فإذا مسه شر وقع في اليأس واستولى عليه القنوط، وإذا كشف الله ضره وبدله بنعمة ورحمة فإنه يجحد فضل الله ويعتبر ما أصابه من ذلك طبيعيا وحقا، ولا يلبث أن يستغرق في الدنيا ويطمئن إليها وينسى الله والآخرة وما فيها من خير للصالحين، وعذاب للجاحدين، ويجحد أن يكون ما ينذر به بعد الموت من خير وحسنى، وهكذا يكون ديدنه، فإذا أنعم الله عليه انصرف عنه وجحده وإذا مسه هلع ملأ الدنيا دعاء وشكوى، والله محص على الكافرين الجاحدين ما فعلوه ومخبرهم به ومذيقهم بسببه أشد العذاب.
والآيات قوية نافذة في تقريرها وتنديدها. وهي وإن كانت بسبيل وصف أخلاق أكثرية الناس الذين يسمعون القرآن الجاحدين لله ونعمه فإنها تمثل حالة من المجتمعات الإنسانية بصورة عامة في كل ظرف فيما يبدو من أفرادهم من تقصير في حق الله وجحود لفضله ونسيانه في أوقات الرخاء واستغراقهم في الدنيا وشهواتها ومطالبها دون تفكير في الواجبات والعواقب، وهذا يجعلها مستمد إلهام وفيض دائم للمسلم يذكره بواجبه نحو الله والناس دون ما بطر ولا جحود ولا إسراف ولا استغراق ولا قنوط.
شقاق بعيد : هنا بمعنى شدة الخلاف والمشاقة والمعارضة.
وقد احتوت الآية الأولى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال إنكاري وتقريعي للكفار عما تكون حالتهم إذا كان ما يسمعونه هو من عند الله حقا ثم كفروا به وعما إذا كان هناك من هو أشد ضلالا وأبعد في السخف والباطل ممن يقف موقف المعارضة والمشاققة بدون علم بينة، وقد انطوى في صيغة الآية وروحها تقرير ضلالتهم وسخفهم وموقفهم الباطل.
واحتوت الآية الثانية إنذارا لهم بأن الله سيريهم آياته في أنفسهم وفي الآفاق حتى يجعلهم يتيقنون بأن ما جاءهم هو الحق، وتدليلا على قدرة الله على ذلك بأنه شهيد على كل شيء.
واحتوت الآية الثالثة تقريعا بأسلوب التنبيه والتعجب للكفار على شدة شكهم في لقاء الله والوقوف بين يديه وتذكيرا بأسلوب التنبيه بأن الله يحيط بكل شيء مما فيه برهان على قدرته عليهم وأنهم لن يفلتوا منه ولن يعجزوه.
وقد جاءت الآيات خاتمة قوية لموقف الجدل والإنذار وخاتمة قوية للسورة معا مما جرى عليه الأسلوب القرآني ومرت أمثلة عديدة له. وقد استهدفت فيما استهدفته تثبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتطمينه من جهة وإثارة الندم والخوف والارعواء في نفوس المشركين من جهة أخرى.
وقد تعددت تأويلات المفسرين لجملة ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾ حيث قالوا : إنها عنت آيات الله ودلائل وحدانيته وربوبيته في مختلف مشاهد الكون ونواميسه وفي تركيب أجسامهم أنفسهم كما قالوا : إنها عنت ما تحقق من وعد ووعيده بما كان من هلاك طواغيت الكفر منهم في بدر وغيرهم وفتح مكة واعتراف جمهور العرب بأن الإسلام هو دين الحق ودخولهم فيه، ثم انتصار الإسلام وانتشاره في آفاق الدنيا.
وكلا القولين وجيه ووارد، والقول الثاني متسق مع البشائر والتطمينات القرآنية العديدة التي مر بعض أمثلة منها.
وبعض الباحثين الحديثين يسوقون هذه الجملة في الظروف ما يقع من اكتشافات كونية كدليل على إعجاز القرآن في إخباره بذلك قبل اكتشافها بعشرات القرون. ونحن نرى في هذا شيئا من التكليف الذي لا ضرورة له ولا طائل منه بسبيل إثبات وجود الله وقدرته وعظمته ببديع نواميس كونه الماثلة للعيان في كل زمان. والخطاب يعد للسامعين مباشرة الجاحدين للرسالة على سبيل التنديد والوعيد. ولذلك نرى الأولى أن تبقى الجملة في نطاق أحد الوجهين اللذين قال المفسرون إنها عنتهما.
وقد احتوت الآية الأولى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال إنكاري وتقريعي للكفار عما تكون حالتهم إذا كان ما يسمعونه هو من عند الله حقا ثم كفروا به وعما إذا كان هناك من هو أشد ضلالا وأبعد في السخف والباطل ممن يقف موقف المعارضة والمشاققة بدون علم بينة، وقد انطوى في صيغة الآية وروحها تقرير ضلالتهم وسخفهم وموقفهم الباطل.
واحتوت الآية الثانية إنذارا لهم بأن الله سيريهم آياته في أنفسهم وفي الآفاق حتى يجعلهم يتيقنون بأن ما جاءهم هو الحق، وتدليلا على قدرة الله على ذلك بأنه شهيد على كل شيء.
واحتوت الآية الثالثة تقريعا بأسلوب التنبيه والتعجب للكفار على شدة شكهم في لقاء الله والوقوف بين يديه وتذكيرا بأسلوب التنبيه بأن الله يحيط بكل شيء مما فيه برهان على قدرته عليهم وأنهم لن يفلتوا منه ولن يعجزوه.
وقد جاءت الآيات خاتمة قوية لموقف الجدل والإنذار وخاتمة قوية للسورة معا مما جرى عليه الأسلوب القرآني ومرت أمثلة عديدة له. وقد استهدفت فيما استهدفته تثبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتطمينه من جهة وإثارة الندم والخوف والارعواء في نفوس المشركين من جهة أخرى.
وقد تعددت تأويلات المفسرين لجملة ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾ حيث قالوا : إنها عنت آيات الله ودلائل وحدانيته وربوبيته في مختلف مشاهد الكون ونواميسه وفي تركيب أجسامهم أنفسهم كما قالوا : إنها عنت ما تحقق من وعد ووعيده بما كان من هلاك طواغيت الكفر منهم في بدر وغيرهم وفتح مكة واعتراف جمهور العرب بأن الإسلام هو دين الحق ودخولهم فيه، ثم انتصار الإسلام وانتشاره في آفاق الدنيا.
وكلا القولين وجيه ووارد، والقول الثاني متسق مع البشائر والتطمينات القرآنية العديدة التي مر بعض أمثلة منها.
وبعض الباحثين الحديثين يسوقون هذه الجملة في الظروف ما يقع من اكتشافات كونية كدليل على إعجاز القرآن في إخباره بذلك قبل اكتشافها بعشرات القرون. ونحن نرى في هذا شيئا من التكليف الذي لا ضرورة له ولا طائل منه بسبيل إثبات وجود الله وقدرته وعظمته ببديع نواميس كونه الماثلة للعيان في كل زمان. والخطاب يعد للسامعين مباشرة الجاحدين للرسالة على سبيل التنديد والوعيد. ولذلك نرى الأولى أن تبقى الجملة في نطاق أحد الوجهين اللذين قال المفسرون إنها عنتهما.
وقد احتوت الآية الأولى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه سؤال إنكاري وتقريعي للكفار عما تكون حالتهم إذا كان ما يسمعونه هو من عند الله حقا ثم كفروا به وعما إذا كان هناك من هو أشد ضلالا وأبعد في السخف والباطل ممن يقف موقف المعارضة والمشاققة بدون علم بينة، وقد انطوى في صيغة الآية وروحها تقرير ضلالتهم وسخفهم وموقفهم الباطل.
واحتوت الآية الثانية إنذارا لهم بأن الله سيريهم آياته في أنفسهم وفي الآفاق حتى يجعلهم يتيقنون بأن ما جاءهم هو الحق، وتدليلا على قدرة الله على ذلك بأنه شهيد على كل شيء.
واحتوت الآية الثالثة تقريعا بأسلوب التنبيه والتعجب للكفار على شدة شكهم في لقاء الله والوقوف بين يديه وتذكيرا بأسلوب التنبيه بأن الله يحيط بكل شيء مما فيه برهان على قدرته عليهم وأنهم لن يفلتوا منه ولن يعجزوه.
وقد جاءت الآيات خاتمة قوية لموقف الجدل والإنذار وخاتمة قوية للسورة معا مما جرى عليه الأسلوب القرآني ومرت أمثلة عديدة له. وقد استهدفت فيما استهدفته تثبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتطمينه من جهة وإثارة الندم والخوف والارعواء في نفوس المشركين من جهة أخرى.
وقد تعددت تأويلات المفسرين لجملة ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ﴾ حيث قالوا : إنها عنت آيات الله ودلائل وحدانيته وربوبيته في مختلف مشاهد الكون ونواميسه وفي تركيب أجسامهم أنفسهم كما قالوا : إنها عنت ما تحقق من وعد ووعيده بما كان من هلاك طواغيت الكفر منهم في بدر وغيرهم وفتح مكة واعتراف جمهور العرب بأن الإسلام هو دين الحق ودخولهم فيه، ثم انتصار الإسلام وانتشاره في آفاق الدنيا.
وكلا القولين وجيه ووارد، والقول الثاني متسق مع البشائر والتطمينات القرآنية العديدة التي مر بعض أمثلة منها.
وبعض الباحثين الحديثين يسوقون هذه الجملة في الظروف ما يقع من اكتشافات كونية كدليل على إعجاز القرآن في إخباره بذلك قبل اكتشافها بعشرات القرون. ونحن نرى في هذا شيئا من التكليف الذي لا ضرورة له ولا طائل منه بسبيل إثبات وجود الله وقدرته وعظمته ببديع نواميس كونه الماثلة للعيان في كل زمان. والخطاب يعد للسامعين مباشرة الجاحدين للرسالة على سبيل التنديد والوعيد. ولذلك نرى الأولى أن تبقى الجملة في نطاق أحد الوجهين اللذين قال المفسرون إنها عنتهما.