تفسير سورة الممتحنة

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الممتحنة من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سورة الممتحنة
مدنية، وآيها: ثلاث عشرة آية، وحروفها: ألف وخمس مئة وعشرة أحرف، وكلمها: ثلاث مئة وثمان وأربعون كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١)﴾.
[١] لما أراد رسول الله الخروج إلى مكة عام الحديبية، فورَّى عن ذلك بخيبر، فشاع في الناس أنهم خارجون إلى خيبر، وأخبر هو جماعة من كبار الصحابة بقصده إلى مكة، منهم حاطبُ بن أبي بلتعة، فكتب حاطب إلى قوم من كفار مكة يخبرهم بقصد رسول الله، وحذَّرهم، وأرسل مع سارة مولاة بني المطلب، فجاء جبريل إلى رسول الله - ﷺ -، فأخبره بذلك، فبعث عليًّا والزبير وعمارًا وطلحة والمقداد وأبا مرثد، وقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضةَ خاخ؛ فإنَّ بها ظَعينةً معها كتابُ حاطبٍ إلى أهلِ مكة، فخُذوا منها، وخَلُّوها، فإن أبت، فاضربوا عنقَها"، فأدركوها ثَمَّ، فجحدت، ففتشوا
23
جميع رحلها فما وجدوا شيئًا، فقال بعضهم: ما معها كتاب، فقال علي: ما كذب رسولُ الله - ﷺ -، واللهِ لتخرجِنَّ الكتاب، وإلا لأجردَنَّك ولأضربَنَّ عنقَك، فأخرجته من ذؤابتها، قد خبأته في شعرها، فخلوها، ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله - ﷺ -، فاستحضر حاطبًا، وقال: "ما حَمَلَكَ عليه؟ فقالَ: ما كفرتُ منذ أسلمتُ، ولا غششتك منذ نصحتُك، ولكني كنتُ امرأً ملصَقًا في قريش، وليس فيهم من يحمي أهلي، فأردت أن آخذ عندهم يدًا يرعوني بها في قرابتي، وقد علمت أن كتابي لا يغني عنهم شيئًا، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: دعني يا رسول الله أضربْ عنقَ هذا المنافق، فقال رسول الله: - ﷺ - صدقَ حاطبٌ إنه من أهل بدر، وما يدريك يا عمرُ لعلَّ الله قد اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم، لا تقولوا لحاطب إلا خيرًا" (١).
وروي أن حاطبًا كتب أن رسول الله - ﷺ - يريد غزوكم مثل (٢) الليل والسيل، وأقسم بالله، لو غزاكم هو وحده، لنصر عليكم، فكيف وهو في جمع كثير؟! فنزل في شأن حاطب:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا﴾ (٣) مفعولُه الأول ﴿عَدُوِّي﴾ ويعطف عليه ﴿وَعَدُوَّكُمْ﴾ والثاني ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ والعدو: اسم يقع للجمع والمفرد، والمراد هنا: كفار قريش.
(١) رواه البخاري (٤٦٠٨)، كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾، ومسلم (٢٤٩٤)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل أهل بَدر رضي الله عنهم من حديث عليٍّ -رضي الله عنه-.
(٢) في "ت": "في حكم".
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٢٩٣)، و" "تفسير الثعالبي" (٤/ ٢٩٠).
24
﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ﴾ صفة لـ (أَوْلِياءَ) والباء زائدة في ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ أي: لا تظهروا مودتكم لهم ﴿وَقَدْ﴾ الواو للحال؛ أي: وحالهم أنهم.
﴿كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ وهو القرآن.
﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ من مكة ﴿أَنْ تُؤْمِنُوا﴾ تعليل؛ أي: لإيمانكم ﴿بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ﴾ شرطٌ جوابه متقدم في معنى ما قبله، تقديره: إن كنتم خرجتم ﴿جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي﴾ فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، و (جِهَادًا) و (ابْتِغَاءَ) مفعولان له، والمرضاة مصدر كالرضا. قرأ الكسائي: (مَرْضَاتِي) بالإمالة، والباقون: بالفتح (١).
﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ بالنصيحة فعل ابتدأ به القول؛ أي: تفعلون ذلك ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ﴾ قرأ نافع، وأبو جعفر: (وَأَنَا أَعْلَمُ) بالمد (٢).
﴿مَا أَخْفَيْتُمْ﴾ من المودة للكفار ﴿وَمَا أَعْلَنْتُمْ﴾ أظهرتم.
﴿وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ﴾ أي: الإسرارَ.
﴿فَقَدْ ضَلَّ﴾ أخطأ ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ طريق الهدى.
﴿إنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢﴾.
[٢] ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ﴾ يظفروا بكم ﴿يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً﴾ ولا تنفعكم مودتهم.
(١) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٦٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٥).
(٢) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٥).
﴿وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ بالضرب والقتل ﴿وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ بالشتم.
﴿وَوَدُّوا﴾ كفار مكة ﴿لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ فتكونون مثلَهم.
﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)﴾.
[٣] ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ﴾ قراباتُكم.
﴿وَلَا أَوْلَادُكُمْ﴾ بمكة الذين بسببهم كتب الكتاب خوفًا عليهم إلى مكة.
﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ فيدخل أهل طاعته الجنة، وأهل معصيته النار. قرأ عاصم، ويعقوب: (يَفْصِلُ) بفتح الياء وإسكان الفاء وكسر الصاد مخففة، وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة، وقرأ ابن عامر بخلاف عن راويه هشام: بضم الياء وفتح الفاء والصاد مشددة، وقرأ الباقون: بضم الياء وإسكان الفاء وفتح الصاد مخففة (١)، المعنى: يفرق تعالى بينكم وبين أقاربكم، فيدخل المؤمنَ الجنة، والكافرَ النار.
﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيكم عليه.
(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢١٠)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٣٧٣)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٨٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٥ - ١٢٦).
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤)﴾.
[٤] ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ﴾ أيها المؤمنون ﴿أُسْوَةٌ﴾ قدوة ﴿حَسَنَةٌ﴾ قرأ عاصم: (أُسْوَةٌ) بضم الهمزة، والباقون: بكسرها (١).
﴿فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ قرأ هشام؛ (أَبْرَاهَامَ) بالألف، والباقون: بالياء (٢).
[﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ من المؤمنين، وقيل: الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبًا منه، قال ابن عطية (٣): وهذا القول أرجح؛ لأنه لم يرد (٤) أن إبراهيم كان له أتباع مؤمنون في مكافحة نمرود، وفي "البخاري" (٥)؛ أنه قال لسارة حين دخل بها إلى الشام مهاجرًا من بلاد نمرود: ما على الأرض من يعبد الله غيري وغيرك] (٦).
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٣٣)، و"التيسير" للداني (ص: ١٧٨)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٧).
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤١٥)، و "معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٧).
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" (٥/ ٢٩٥).
(٤) في "المحرر الوجيز": "لم يروَ".
(٥) رواه البخاري (٣١٧٩)، كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ ومسلم (٢٣٧١)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) ما بين معكوفتين سقط من "ت".
﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ﴾ المشركين ﴿إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ﴾ جمع بريء.
﴿وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ﴾ جحدنا دينكم.
﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ فتنقلب العداوة محبة، وهذا أمر لحاطب والمؤمنين بالاقتداء بإبراهيم ومن معه من المؤمنين في التبرؤ من المشركين. واختلاف القراء في الهمزتين من (الْبَغْضَاءُ أَبَدًا) كاختلافهم فيهما من (الْمَلأُ أَفْتوني) في سورة النمل [الآية: ٣٢].
﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ مستثنى من (أُسْوَة) يعني: لكم أسوة في إبراهيم، إلا في استغفاره لأبيه المشرك؛ فإن إبراهيم عليه السلام كان قد قال لأبيه: ﴿لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ ثم تبرأ منه كما تقدم في سورة التوبة؛ لأن استغفار المؤمن للكافر لا يجوز، قال إبراهيم لأبيه:
﴿وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ﴾ ما أدفعُ عنك من عذابه ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ إن عصيتُه وأشركتُ.
﴿رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ حكاية عن قول إبراهيم والذين معه: أنه هكذا كان، وقيل: هو أمر للمؤمنين؛ أي: قولوا ذلك.
﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٥)﴾.
[٥] ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: لا تُظفرهم بنا، فيفتنونا عن ديننا.
﴿وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا﴾ ما فرطَ ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾.
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦)﴾.
[٦] ثم خاطب الله أمة (١) محمد - ﷺ -، فقال:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ﴾ في إبراهيم ومؤمنيه ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ تقدم مذهب عاصم في (أُسْوَة)، فإن قيل: لم كرر الله الأسوة مرتين؟ فالجواب أن الأسوة الأولى غير الثانية، فالأولى أسوة في العداوة، والثانية في الخوف والخشية، فلا تكرار، وتبدل من ﴿لَكمْ﴾ بدل اشتمال.
﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ أي: يخاف الله، ويخاف عذاب الآخرة.
﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ﴾ عن الإيمان ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ عن خلقه.
﴿الْحَمِيدُ﴾ في ذاته وأفعاله، لا ينقص ذلك كفرُ كافر، ولا نفاقُ منافق.
﴿عسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)﴾.
[٧] ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ﴾ أي: من كفار مكة.
﴿مَوَدَّةً﴾ محبة، ففعل الله ذلك؛ بأن أسلم كثير منهم يوم فتح مكة، وتحابوا.
(١) "أمة" زيادة من "ت".
روي أنها نزلت في أبي سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وذلك أن أم حبيبة بنت أبي سفيان وزوجها عبيد الله بن جحش أسلما وهاجرا إلى الحبشة، فقُبض زوجها، فأُخبر بذلك رسول الله - ﷺ -، فكتب كتابًا إلى النجاشي، وخطب أم حبيبة وتزوجها، وأحبَّ أن يكون صهرُه مسلمًا، فأنزل الله الآية، وأسلم هؤلاء (١) الأربعة لمحبته (٢).
﴿وَاللَّهُ قَدِيرٌ﴾ على ذلك ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم﴾ لما فرط منكم في موالاتهم من قبل.
﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)﴾.
[٨] ونزل رخصة في بِرِّ من لم يعاد المسلمين، ولم يقاتلهم من الكفار ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ وتبدل من ﴿الَّذِينَ﴾.
﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ تعدلوا فيهم بالإحسان.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ العادلين، ونسختها ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥].
(١) في "ت": "هذه".
(٢) انظر: "تفسير الثعالبي" (٩/ ٢٩٤)، و"تفسير القرطبي" (١٨/ ٥٨).
﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)﴾.
[٩] ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا﴾ أعانوا ﴿عَلَى إِخْرَاجِكُمْ﴾ فإن بعضهم سعى في إخراج المؤمنين، وبعضٌ أعان عليه، وتبدل من ﴿الَّذِين﴾.
﴿أَنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾ تلخيصه: لم ينهكم عن بر هؤلاء، إنما ينهاكم عن تولِّي هؤلاء. قرأ البزي: (أَن تَّوَلَّوْهُمْ) بتشديد التاء، والباقون: بتخفيفها (١).
﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ لوضعهم الولاية في غير موضعها.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)﴾.
[١٠] ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ من دار الكفر إلى دار الإسلام.
﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ فاختبروهن بالحلف إنهن ما خرجن إلا حبًّا لله ورسوله، فكان رسول الله - ﷺ - يحلِّف المهاجرة بالله إنها ما خرجت بغضًا لزوج،
(١) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤١٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٢٩).
31
ولا عشقًا لرجل، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا لحدث أحدثته، ولا لالتماس الدنيا، ولا خرجت إلا رغبة في الإسلام، وحبًّا لله ورسوله، فإذا حلفت، لم يردَّها، وأعطى زوجَها مهرَها وما أنفقَ عليها، وحكم بإيمانها.
﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾ فإنَّه المطَّلع على ما في قلوبهن.
﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ أي: غلب على ظنكم إيمانُهنَّ بالحلف؛ لأن غلبة الظن تسمى: علمًا ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ﴾ تردُّوهن ﴿إِلَى الْكُفَّارِ﴾ بعدَما أسلمن، وإن كانوا أزواجهن.
﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ أي: لا يحل أحدهما لصاحبه.
﴿وَءَاتُوهُم﴾ يعني: أزواجَهن ﴿مَا أَنْفَقُوا﴾ من المهر.
﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ أيها المؤمنون ﴿أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ وإن كان لهن أزواج كفار؛ لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفار.
﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ مهورهن.
﴿وَلَا تُمْسِكُوا﴾ قرأ أبو عمرو، ويعقوب: بفتح الميم وتشديد السين، وقرأ الباقون: بإسكان الميم وتخفيف السين (١)، ومعناهما الإمساك.
﴿بِعِصَمِ﴾ جمع عصمة، وهو ما يعتمد عليه.
﴿الْكَوَافِرِ﴾ جمع كافرة، المعنى: من كانت له زوجة كافرة، فلا يعتدَّنَّ
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٣٤)، و "التيسير" للداني (ص: ٢١٠)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٣٧٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٨٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٣٠).
32
بها؛ لانقطاع الزوجية بينهما، فلما نزلت هذه الآية، طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين: قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وهما على الشرك في مكة، والأخرى: أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر، فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن عاصم، وهما على الشرك، وكانت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله، فهاجر طلحة وهي بمكة على دين قومها، ففرق الإسلام بينهما، فتزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وكانت زينبُ بنتُ رسول الله - ﷺ - امرأةَ أبي العاص بن الربيع، ولحقت بالنبي - ﷺ -، وأقام أبو العاص بمكة مشركًا، ثم أتى المدينةَ، فأسلم، فردها عليه رسول الله - ﷺ - (١).
وأما حكم الشرع إذا أسلم الزوجان معًا، أو أسلم زوج الكتابية، فهما على نكاحهما بالاتفاق، وإذا أسلمت المرأة، فإن كانت مدخولًا بها، فأسلم في عدتها، فهي امرأته بالاتفاق، وإن كانت غير مدخول بها، وقعت الفرقة بينهما، وكانت فسخًا عند الثلاثة، وقال أبو حنيفة: يعرض عليه الإسلام، فإن أسلم، فهي امرأته، وإلا فرق القاضي بينهما بإبائه عن الإسلام، وتكون هذه الفرقة طلاقًا عند أبي حنيفة ومحمد، وفسخًا عند أبي يوسف، ولها المهر إن كانت مدخولًا بها، وإلا فلا، بالاتفاق.
وأما إذا ارتد أحد الزوجين المسلمَين، فقال أبو حنيفة ومالك: تقع الفرقة حال الردة بلا تأخير، قبل الدخول وبعده، وقال الشافعي وأحمد: إن
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٣٧٨)، و"تفسير القرطبي" (١٨/ ٦٦).
33
كانت الردة من أحدهما قبل الدخول، انفسخ النكاح، وإن كانت بعدها، وقعت الفرقة على انقضاء العدة، فإن أسلم المرتد منهما في العدة، ثبت النكاح، وإلا انفسخ بانقضائها، ثم إن كان المرتد الزوجة بعد الدخول، فلها المهر، وقبله لا شيء لها، وإن كان الزوج، فلها الكل بعده، والنصف قبله بالاتفاق.
﴿وَاسْأَلُوا﴾ أيها المؤمنون ﴿مَا أَنْفَقْتُمْ﴾ أي: واسألوا أهل مكة أن يردوا عليكم مهورَ النساء اللواتي يخرجن إليهن مرتدات ممن يتزوجهن. قرأ ابن كثير، والكسائي، وخلف: (سَلُوا) بنقل حركة الهمز إلى ساكن قبله وهو السين، وقرأ الباقون: بإسكان السين والهمز (١).
﴿وَلْيَسْأَلُوا﴾ أي: المشركون ﴿مَا أَنْفَقُوا﴾ من المهر على زوجاتهم المهاجرات ممن تزوجوهن.
﴿ذَلِكُمْ﴾ الحكم المذكور.
﴿حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ يحكم (٢) ما تقتضيه حكمته، ثم نسخ هذا الحكم بعد ذلك.
﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)﴾.
[١١] فلما نزلت هذه الآية، أقر المؤمنون بحكم الله -عز وجل-، وأدَّوا ما أُمروا به من نفقات المشركين على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا
(١) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤١٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٧/ ١٣١).
(٢) في "ت": "يشرع".
بحكم الله فيما أمر به من أداء نفقات المسلمين، فنزل قوله تعالى:
﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ﴾ (١) أي: أحد ﴿مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ أي: سبقكم، وانقلب منكم ﴿إِلَى الْكُفَّارِ﴾، فلحق بهم مرتدات.
﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾ فغنمتم من الكفار.
﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ﴾ منكم إلى الكفار مرتدات.
﴿مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾ عليهن من الغنائم التي صارت في أيديكم.
قال ابن عباس: "لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ستُّ نسوة رجعنَ عن الإسلام، فأعطى رسول الله - ﷺ - أزواجهنَّ مهورهن من الغنيمة" (٢)، وهذا كله منسوخ حكمه.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ فإن الإيمان به يقتضي التقوى منه.
﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)﴾.
[١٢] ونزل يوم فتح مكة لما فرغ رسول الله - ﷺ - من بيعة الرجال وهو على الصفا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾ قرأ نافع: (النَّبِيءُ إِذَا)
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٣٧٨).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٣٧٩).
35
بالهمز والمد وتسهيل الهمزة الثانية، والباقون: بتشديد الياء بغير مد ولا همز، وتحقيق الهمزة الثانية.
﴿عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ والمراد: وأد البنات الذي كانوا يفعلونه، وهو دفنهن في حياتهن.
﴿وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ﴾ أي: تلتقط مولودًا وتقول لزوجها: هذا ولدي منك، فهو البهتان المفترى؛ لأن الولد إذا وضعته الأم، سقط بين يديها ورجليها. قرأ يعقوب: (أَيْدِيهُنَّ) بضم الهاء، والباقون: بكسرها (١).
﴿وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ هو ما وافق طاعة الله ورسوله.
﴿فَبَايِعْهُنَّ﴾ إذا بايعنك.
﴿وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فكان رسول الله - ﷺ - على الصفا، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أسفل منه، وهو يبايع النساء بأمره، ويبلغهن عنه، وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة مع النساء؛ خوفًا من رسول الله - ﷺ - أن يعرفها، ثم عرفها، وعفا عنها، وصح أنه - ﷺ - لم يصافح امرأة في البيعة، وإنما بايعهن بالكلام، وقال: "إني لا أصافحُ النساءَ، وإنما قولي لامرأةٍ كقولي لمئةِ امرأة" (٢).
(١) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤١٥)، و "معجم القراءات القرآنية، (٧/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٢) رواه النسائي (٤١٨١)، كتاب: البيعة، باب: بيعة النساء، والترمذي (١٥٩٧)، كتاب: السير، باب: ما جاء في بيعة النساء، وقال: حسن صحيح، من حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها.
36
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (١٣)﴾.
[١٣] وكان بعض فقراء المسلمين يواصلون اليهود لينالوا شيئًا من ثمارهم، فنزل: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ (١) وهم اليهود.
﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ أي: من أن يكون لهم حظ فيها.
﴿كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ أي: من رجوع موتاهم؛ لأنهم لا يوقنون بالبعث، والله أعلم.
(١) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٤/ ٥٢٠)، و"تفسير البيضاوي" (٥/ ٣٣١).
Icon