تفسير سورة المعارج

البسيط للواحدي
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب التفسير البسيط المعروف بـالبسيط للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ

تفسير سورة المعارج (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١)﴾ قال المفسرون: نزلت في النضر بن الحرث حين قال: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ﴾ (٢) هذه (٣) الآية، وهو قول عطاء (٤)، (والكلبي) (٥)، ومقاتل (٦)، (وسعيد بن جبير) (٧)، عن ابن عباس (٨)، [وابن
(١) تسمى بسورة المعارج، والواقع. انظر: "زاد المسير" ٨/ ٨٨، و"الإتفان" للسيوطي: ١/ ١٥٩، وعند ابن خالويه: سورة الدافع، و"إعراب القراءات السبع" ٢/ ٣٨٩. وهي مكية بلا خلاف. انظر: "جامع البيان" ٦٩/ ٢٩، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٠/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٤.
(٢) الأنفال: ٣٢.
(٣) في (أ): هذا.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ساقطة من: (أ). ولم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٠٨/ ب.
(٧) ساقطة من: أ.
(٨) أخرجه النسائي من طريق المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في "تفسيره" ٢/ ٤٦٣. كما أخرجه الحاكم من طريق الأعمش، عن سعيد بن جير ٢/ ٥٠٢، في التفسير: تفسير سورة "سأل سائل"، وقال: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي في أنه على شرط البخاري. وقال محققا تفسير النسائي: إسناده حسن موقوفًا. وانظر: "أسباب النزول" للواحدى ٤٤٥. وقد وردت الرواية عن ابن عباس في: "لباب النقول" للسيوطي ٢١٩، و"والكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ أ، و"النكت" =
199
أبي نجيح، عن (١) مجاهد (٢)، قال: دعا داع على نفسه، وذلك أن قولهم: ﴿اللَّهُمَّ (٣) إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [الأنفال: ٣٢] الآية، دعاء منه، وسؤال للعذاب.
قال ابن الأنباري: (على هذا القول تقدير (الباء) الإسقاط، وتأويل الآية: سأل سائل عذابًا واقعًا، فأكد بـ (الباء)، كقوله -عز وجل-: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: ٢٥]) (٤).
ومعنى قوله: (واقع) أي: كائن، يعني (٥) أن العذاب كائن للكفار، فاستعجله النضر وسأله؛ (هذا قول الأكثرين في هذه الآية) (٦).
= ٦/ ٨٩، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٩٢، و"زاد المسير" ٨/ ٨٩، و"الجامع" للقرطبي ١٨/ ٢٧٨، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٨، و"ابن كثير" ٤/ ٤٤٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٧، وعزاه إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، كما وردت عن مجاهد، والسدي أيضًا. انظر المراجع السابقة، وعن ابن جريج في "الدر" ٨/ ٢٧٧.
(١) في (أ): ومجاهد، وما أثبته من: ع، وهو الصواب لموافقته لما جاء في الطبري.
(٢) وردت الرواية عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في: "جامع البيان" ٦٩/ ٢٩، وذكرت من غير ذكر الطريق إلى مجاهد في "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٢، و"النكت" ٦/ ٨٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٨، وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) ساقطة من: (أ).
(٤) ما بين القوسين من قول ابن الأنباري. انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢١.
(٥) غير واضحة في: (ع).
(٦) ما بين القوسين ساقط من: (أ). قلت: وقد مضى قولهم هذا عند ورود سب نزول صدر السورة، وقد رجحه الفخر في "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٢.
200
وقال (١) الحسن (٢)، وقتادة (٣): لما بعث الله محمدًا، وخوف المشكرين بالعذاب، قال المشركون بعضهم لبعض: [سلوا] (٤) محمدًا لمن هذا العذاب، وبمن يقع؟ فأخبر الله عنهم بقوله: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١)﴾.
قال ابن الأنباري: (والتأويل على هذا القول: سأل سائل عن عذاب واقع، (الباء) بتأويل (عن) كقول علقمة:
فَإنْ تسألوني بالنِّسَاءِ فإنني بصيرٌ بأدْواءِ النسَاءِ طبيبُ (٥)
أي عن النساء) (٦). وكما قال الأخطل:
دعِ المُعَمَّرَ لا تسْألْ بمصرعِهِ واسْألْ بمصْقَلَةَ البَكْريِّ ما فَعَلا (٧)
(١) في (أ): قال من غير واو.
(٢) "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٤ بمعناه، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢١.
(٣) المرجعان السابقان، كما ورد غير منسوب بمعناه في: "النكت" ٦/ ٩٠.
(٤) وردت في النسختين: سألوا. والتصحيح من الفخر في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢١.
(٥) ورد البيت في "ديوانه" ٣٥، و"الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري: ١/ ٣٣١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٤، و"الدر المصون" للسمين الحلبي: ٦/ ٣٧٢، و"الشعر والشعراء" ١٢٦، و"علقمة بن عبدة حياته وشعره" ٨٥، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٠/ أ.
(٦) ما بين القوسين قول ابن الأنباري. انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢١، وورد بمعناه في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٤، و"زاد المسير" ٨/ ٨٩.
(٧) ورد البيت في "شعر الأخطل" للسكري: ١/ ١٥٧، و"إعراب القراءات السبع" لابن خالويه: ٢/ ١١٩، و٣٨٩. معنى البيت: المعمر: القعقاع الهذلي، مصقلة: هو الممدوح، يتخذ من هذا البيت وسيلة للتخلص إلى المدح، ويقول مخاطبًا امرءًا موهومًا: دع المعمر، ولا تُعْنَ بمصرعه، واهتم بأمر مصقلة الهذلي تذيعت في الناس فعاله.
"ديوان الأخطل" لإيليا الحاوي: ٣٤٩.
201
أراد: عن مصرعه. قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩]، وهذا قول الأخفش، قال: أي سأل (١) عن عذاب الله، يقال: خرجنا نسأل (٢) عن فلان وبفلان (٣)، ونحو ذلك قال الزجاج (٤).
وقال أبو علي الفارسي: (سأل سائل النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو المسلمين بعذاب واقع، فلم يذكر المفعول الأول لـ: "سأل" -هذا ما ذكره المفسرون (٥)، وأهل المعاني (٦) في هذه الآية-، وهو كله على قراءة من قرأ: (سأل) بالهمز (٧)، فاما من قرأ (سأل) بغير همز (٨)، فله وجهان:
أحدهما: أنه أراد سأل بالهمز، فخفف وقلب (٩)، كما قال:
(١) في (أ): سل.
(٢) في (أ): نسئل.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٩.
(٥) سبق ذكره عند قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ﴾ من هذه السورة، آية: ١.
(٦) انظر قول الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ١٨٣، والزجاج في "معاني القرآن" ٥/ ٢١٩.
(٧) قرأ بذلك: ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف. انظر: "الحجة" لأبي علي ١٧/ ٣٦، و"الكشف" لمكي ٢/ ٣٣٤، و"النشر" ٢/ ٣٩٠، و"الوافي في شرح الشاطبية" لعبد الفتاح القاضي ٣٧٢، و"البدور الزاهرة" للمؤلف السابق ٣٢٥. قال مكي: "وحجة من قرأ بالهمز أنه جعله من السؤال، فأتى به على أصله -وهو الاختيار- لأن الأكثر عليه، والمعنى به أمكن، وأكثر التفسير عليه؛ لأن الكفار سألوا تعجيل العذاب، وقالوا: متى هو". "الكشف" ٢/ ٣٣٥.
(٨) قرأ بذلك: نافع، وابن عامر، وأبو جعفر. انظر: المراجع السابقة.
(٩) قال عبد الفتاح القاضي: "وهذه الألف -يعني في "سأل"-: يحتمل أن تكون مبدلة من الواو، والأصل سول، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا. ويحتمل أن تكون مبدلة من الهمزة؛ بمعنى أن الهمزة المفتوحة خففت على غير قياس. ويحتمل أن تكون مبدلة من الياء". "الوافي في شرح الشاطبية" ٣٧٢ - ٣٧٣.
202
فارْعَي فزارةُ لا هناكِ المَرْتَعُ (١)
وحكى أبو عثمان عن أبي زيد أنه سمع من يقول: هُما يتساولان، فيجوز أن يكون (سال) بغير همز من هذه اللغة، وهو قول الشاعر:
سَالَتْ هُذَيْلُ رسولَ الله فاحشةً ضَلَّتْ هُذيْلٌ بما سألَت ولم تُصِبِ (٢)
يجوز فيه الأمران.
الوجه الثاني: ما ذكره المفسرون: روى (٣) عطاء عن ابن عباس من قرأ بلا همز فإنه يريدُ واديًا في جهنم (٤) (سال) (٥).
وهو قول زيد بن ثابت (٦)، وعبد الرحمن بن زيد، قالا (٧): سال واد من أودية جهنم بعذاب واقع (٨)) (٩).
(١) البيت للفرزدق، وصدر البيت كما في "ديوان الفرزدق" ٤٠٨:
ومضت لمسلمةَ الرِّكابُ مُوَدَّعًا
(٢) البيت في: "ديوان حسان بن ثابت" ٣٤ ط. دار صادر برواية: "بما جاءت ولم تصب"، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٢، و"الدر المصون" ٦/ ٣٧٣. ومعنى البيت: سألت: مسهل سألت، يعيّر هذيلًا بأنها طلبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أرادت الإسلام أن يحلل لها الزنا، فلم تصب مرادها. موضع الشاهد: قوله: "سألت" أراد سألت، فخفف الهمزة. وقد يقال: سال يقال، بغير همز، وهي لغة. "شرح ديوان حسان بن ثابت" لعبد الرحمن البرقوقي ١٢٥. وانظر: "ديوانه" المرجع السابق.
(٣) في (أ): وروى.
(٤) في (أ): بجهنم.
(٥) "القرطبي" ١٨/ ٢٧٩، و"الدر" ٨/ ٢٧٨، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٦) "الكشف والبيان" ١٢/ ٢٨١/ ب، و"زاد المسير" ٩/ ٨٩، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٨.
(٧) في (أ): قال.
(٨) "جامع البيان" ٢٩/ ٧٠، و"زاد المسير" ٨/ ٨٩، وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد، والصحيح الأول لدلالة السياق عليه، قاله ابن كثير ٤/ ٤٤٦.
(٩) ما بين القوسين نقله الواحدي عن أبي علي من "الحجة" بتصرف ٦/ ٣١٧ - ٣١٨.
203
والمعنى على هذا: أن ذلك الوادي يسيل بعذابهم، فذلك الوادي عذاب لهم على ما أراد الله تعالى وقدره.
(ولم يختلفوا في همزة (سائل)، ولا يجوز فيه غير الهمز؛ لأنه إن كان من: (سال) المهموز، فهو بالهمز، وإن لم يكن من المهموز فهو بالهمز أيضًا، نحو: قليل، وخائف، وذلك أن العين اعتل في الفعل، فاعتل في اسم الفاعل أيضًا، وإعلالها لا يكون بالحذف للالتباس؛ فإذا لم يكن بالحذف كان بالقلب إلى الهمز، إلا أنك إن شئت خففت الهمز، فجعلتها بين بين (١)) (٢). وهذا ما أحكمنا بيانه في (قوله) (٣): ﴿مَعَايِشَ﴾ (٤).
قوله تعالى: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ قال الفراء: التقدير في الآية: بعذاب للكافرين واقع، فـ: "الواقع" من نعت (٥) العذاب (٦)، واللام دخلت للعذاب لا للواقع.
والمعنى: إن هذا العذاب الذي سأل النضر في الدنيا هو للكافرين في الآخرة، فلا يدفعه (٧) عنهم أحد. قاله مقاتل (٨)، وهو قوله: {لَيْسَ لَهُ
(١) معنى بين بين: أي هي ضعيفة ليس لها تمكن المحققة، ولا خلوص الحرف الذي منه حركتها. انظر: "سر صناعة الإعراب" لابن جني ١/ ٤٩.
(٢) ما بين القوسين من قول أبي علي، نقله عنه الواحدي بتصرف. "الحجة" ٦/ ٣١٨.
(٣) ساقطة من: (أ).
(٤) انظر تحقيق المسألة في "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٨ - ٤٩.
(٥) يراد به الوصف والصفة، والتعبير بـ: "نعت" من اصطلاح الكوفيين. انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤٠.
(٦) بياض في: (ع).
(٧) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٢ بنصه.
(٨) "تفسير مقاتل" ٢٠٨/ ب.
204
دَافِعٌ}. وهذا القول الأول في الآية الأولى.
وعلى القول الثاني: قال قتادة: سأل سائل عن عذاب الله بِمَن ينزل؟، أو على من يقع (١)؟ فقال الله عز وجل: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾، وعلى هذا قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ جواب لهم وبيان عما سألوا (٢) أن العذاب لمن.
قوله تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ يعني بعذاب من الله. ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ وهي الدرجات، ومنه قوله: ﴿وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾ [الزخرف: ٣٣].
قال ابن عباس في رواية الكلبي: ذي السماوات، وسَمَاهَا معارج؛ لأن الملائكة تعرج فيها (٣)، وهذا معنى قول (٤) سعيد بن جبير: وذي الدرجات (٥).
وقول مجاهد: (معارج) الملائكة، وهي مواضع عروجهم (٦).
(١) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣١٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٩، و"زاد المسير" ٨/ ٨٩ من غير عزو.
(٢) بياض في: (ع).
(٣) "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ ب من غير ذكر طريق الكلبي إليه، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٢، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٨.
(٤) ساقطة من: (أ).
(٥) "جامع البيان" ٢٩/ ٧٠، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٢ - ٣٩٣. وانظر: تفسير سعيد بن جبير: ٣٥٤.
(٦) "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ ب، وبمعناه في: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٦، وعبارته فيهما: "معارج السماء".
قال ابن قتيبة: "وأصل المعارج: الدَّرج، وهو من: عَرَجَ: إذا صعد". غريب القرآن: وقال الراغب: "العُرُوج: ذهاب في صعود، والمعارج: المصاعِد". "المفردات" ٣٢٩ (عرج).
وفي اللغة: عَرَج في السُّلَّم: ارتقى. والمعارج: المصاعد. "مختار الصحاح" ٤٢٢.
205
وقال قتادة: ذي الفواضل والنِّعم (١).
ومعنى هذا: أن لإنعامه وفواضله مراتب، وهي تقع بالناس على درجات مختلفة، فالمعارج: مراتب العامة على الخلق.
وذكر في التفسير أيضًا أن المعارج: معالي الدرجات التي يعطيها أولياءه في الجنة (٢).
قوله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ الظاهر أنه إلى الله (٣).
والمعنى: إلى الموضع الذي أمرهم الله بالعُروج إليه (٤)، كقوله
(١) "جامع البيان" ٢٩/ ٧٠، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٢، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٥، و"زاد المسير" ٨/ ٩٠، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٢، الجامع لأحكام القرآن ١٨/ ٢٨١، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٨ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) ذكر معنى ذلك عن ابن عباس، قال: العلو والفواضل. "جامع البيان" ٣٠/ ٧٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٨ وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والقرظي. انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨١/ ب، وعبارته: "ذي الفضائل العالية". وورد هذا القول من غير عزو في "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٢.
(٣) بمعنى أن "الهاء" في: "إليه" عائدة إلى الله، وهذا قول المفسرين.
انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٠، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٢/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٢، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٥، و"زاد المسير" ٨/ ٩٠، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٨، و"تفسير ابن كثير" ٤/ ٤٤٦.
(٤) وقوله: "إلى الموضع" يعني -والله أعلم- أن "الهاء" في قوله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ عائدة إلى المكان والموضع لا إلى جهة الله سبحانه وتعالى، وعلوه على خلقه. وهذا القول فيه من المخالفة للمذهب الصحيح، والعقيدة الحقة التي عليها سلف الأمة من أهل السنة والجماعة من إثبات علو الله سبحانه على خلقه. وقد دلت الأدلة على ثبوت صفة العلو لله -سبحانه-، منها آية المعارج هذه: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)﴾. =
206
........................
= قال أسامة القصاص: " ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ أي تصعد، فالعروج هو الصعود لم يخالف في ذلك أحد من أهل التفسير، ثم قال: "إليه" يعني إلى الله -عز وجل-، قال الإمام الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره: تصعد الملائكة والروح، وهو جبريل -عليه السلام- إليه يعني إلى الله -جل وعز-، والهاء في قوله: "إليه" عائدة على اسم الله. ["جامع البيان" ٢٩/ ٧٠]. فإذا كانت هذه الملائكة التي هي في السموات تصعد إلى ما هو أعلى منها، ألا يدل هذا على تحتية من هم فوقنا بالنسبة لربهم؟ لا سيما أن هذا العروج يستغرق خمسين ألف سنة، وهو يوم بالنسبة للملائكة، وقال بعضهم -كابن عباس وغيره-: إن ذلك اليوم هو القيامة يجعله الله على الكافرين خمسين ألف سنة لشدته وهوله، وأن الملائكة والروح يعرجون إلى الله في يوم هذا مقداره على الكافرين يوم القيامة. قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: مفهوم عندهم -أي العرب- أن المعارج: المصاعد، قال تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾، وإنما يعرج الشيء من أسفل إلى أعلى وفوق، لا من أعلى إلى دون وأسفل، فتفهموا لغة العرب لا تغالطوا". "إثبات علو الله على خلقه" ١/ ١٣٠ - ١٣١ باختصار.
قال الإمام السعدي في تفسير الآية: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾: "أي ذي العلو والجلال والعظمة والتدبير لسائر الخلق، الذي تعرج إليه الملائكة بما جعلها على تدبيره، وتعرج إليه الروح". "تفسير الكريم الرحمن" ٥/ ٣٠٣. ومن الأحاديث ما أورده الإمام ابن قدامة في كتابه: "إثبات صفة العلو": ٨٣، وابن كثير في تفسيره من حديث طويل في قبض الروح الطيبة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الميت تحضره الملائكة فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل". أخرجه ابن ماجه ٢/ ٤٤٠ ح ٤٣١٦، في الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له. وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" ٢/ ٤٢٠ ح ٣٤٣٧. وقال ابن كثير ٤/ ٤٤٦: وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة.
ومن الأحاديث الصريحة أيضًا: قصة معاوية وضربه لجاريته عندما أكل الذئب الشاة له، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعتقها فإنها مؤمنة". أخرجه مسلم ١/ ٣٨٢: ح ٥٣٧، في المساجد، وانظر: إثبات صفة العلو: ٦٩. والأدلة =
207
تعالى: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي﴾ [الصافات: ٩٩] وأمرني بالذهاب إليه.
وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ الأكثرون على أن قوله: (في يوم) من: صلة تعرج (١).
وقال مقاتل: هذا على التقديم (٢). (التقدير) (٣): بعذاب واقع في يوم (٤).
واختلفوا في هذا اليوم المقدر (٥) بخمسين ألف سنة. فقال [ابن عباس] (٦): أيام سماها الله هو أعلم بها كيف تكون، وأكره أن أقول فيها ما لا (٧) أعلم (٨). وروى عكرمة عنه قال: هو يوم القيامة (٩).
= كثيرة، فليراجع فيها كتاب "إثبات علو الله على خلقه والرد على المخالفين" للقصاص، و"إثبات صفة العلو" لابن قدامة.
(١) ومعناه: إن مقدار صعود الملائكة في ذلك اليوم خمسون ألف سنة. وهو قول: مجاهد، وعكرمة، وقتادة، وابن عباس، وابن الزبير. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٧١، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٣.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٨/ ب.
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٤) ومعنى قول مقاتل: أي أن الآية في يوم صلة قوله: "بعذاب". انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٣.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) ما بين القوسين ساقط من النسختين، وورد قوله منسوبًا إليه بنصه في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٧.
(٧) بياض في: (ع).
(٨) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٤، و"القرطبي" ١٨/ ٢٨٣، و"تفسير ابن كثير" ٤/ ٤٤٧.
(٩) "جامع البيان" ٢٩/ ٧١، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٢، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٧، وقال: إسناده صحيح.
وهذا القول له دلالته من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من =
208
وهو (١) قول الحسن، قال: (وليس يعني مقدار (٢) طوله هذا دون غيره، ولو كان كذلك (٣) لكانت له غاية تفنى فيها الجنة والنار، ولكنه [يطول] (٤) موقفهم (٥) للحساب حتى يفصل الناس خمسين (٦) ألف سنة من سني الدنيا، وذلك أن ليوم القيامة (٧) أولاً وليس له آخر؛ لأنه يوم ممدود (٨)) (٩).
وعلى هذا تقدير الآية: كان مقدارَ المحاسبة فيه خمسون ألف سنة.
وروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد يوم القيامة (١٠)، يقول: لو حكم
= صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمر عليه في نار جهنم، فيُجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبينه، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار".
أخرجه مسلم ٢/ ٦٨٢ ح: ٢٦، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة.
(١) في (أ): هو بغير واو.
(٢) (وليس يعني مقدار): بياض في: (ع).
(٣) بياض في: (ع).
(٤) ورد في النسختين، وكذا عند الثعلبي (يقول)، ولعل الصواب ما أثبته إذ به يتضح المعنى. والله أعلم.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) في (ع): خمسون.
(٧) بياض في: (ع).
(٨) بياض في: (ع).
(٩) ما بين القوسين من قول الحسن. انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٢/ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٨.
(١٠) "جامع البيان" ٢٩/ ٧١، "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٢/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٢، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٥، و"زاد المسير" ٩/ ٩٠، و"ابن كثير" ٤/ ٤٤٧.
209
فيه أعقل خلقي، وأعرفهم بالحكم والقضاء، لأقام خمسين ألف سنة، وإذا أخذ الله في عرضهم يفرغ في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا (١).
وعلى هذا القول يكون تقدير الآية: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة لو ولي الحساب غير الله. وذكر الكلبي قولاً آخر فقال: تقول تصعد الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره على غيرهم خمسين ألف سنة (٢). وهذا قول وهب، ومحمد بن إسحاق.
قال وهب: ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة (٣).
وقال [ابن] (٤) إسحاق: لو سار بنو آدم من الأرض إلى العرش لساروا خمسين ألف سنة (٥).
والتقدير على هذا القول: في يوم كان مقداره من عُروج غيرهم خمسين ألف سنة. وهذا قول مجاهد.
وجمع (٦) بين هذه الآية، وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [السجدة: ٥]، فقال: يسار خمسين ألف سنة من أسفل الأرضين السبع إلى العرش، ومن السماء الدنيا إلى الأرض ألف سنة للنزول والصعود:
(١) "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٨، وعزاه إلى ابن عباس.
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨١، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٨.
(٣) السابق.
(٤) ورد في كلا النسختين: (أبو)، وهو خطأ ظاهر، والصواب ما أثبته، وقد ورد التصريح باسمه وبقوله في: الكشف.
(٥) غير واضحة في: (ع).
(٦) أي مجاهد.
210
خمسمائة نزولاً، وخمسمائة صعودًا (١).
وروي عن الحكم (٢)، وعكرمة (٣) أنهما قالا: الدنيا من أولها إلى آخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة، لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي إلا الله.
٥ - قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥)﴾ قال مقاتل: فاصبر يا محمد على تكذيبهم إياك بأن العذاب غير كائن، صبرًا لا جزع فيه (٤).
قال الكلبي: هذا قبل أن يؤمر (٥) بالقتال (٦).
(١) "جامع البيان" ٢٩/ ٧١، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٢/ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٢، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٧.
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٢، وعزا ابن كثير الراوية إلى الحكم بن أبان عن عكرمة، فأورد الرواية من طريقه: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٧.
(٣) ورد قوله في: غرائب التفسير وعجائب التأويل: للكرماني: ٢/ ١٢٥١، وقد اعتبره الكرماني من عجيب القول، انظر: البرهان في توجيه متشابه القرآن للمؤلف السابق: ١٥٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٢، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٧.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٠٨/ ب، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٩ مختصرًا.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) ورد قوله في: "التفسير الكبير" ٣/ ١٢٥. وأبطل ابن الجوزي دعوى النسخ فقال: "وزعم قوم، منهم ابن زيد، أن هذا كان قبل الأمر بالقتال، ثم نسخ بآية السيف. نواسخ القرآن: ٢٤٥، المصفَّى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ: ٥٨، وكلاهما لابن الجوزي. وممن قال بالنسخ: هبة الله بن سلامة في "الناسخ والمنسوخ" ١٨٤، وابن البارزي في "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" ٥٤. والصحيح -والله أعلم- أن الآية ليس فيها ما يدل على دعوى النسخ، إذ الأمر بالصبر على الأذى ليس فيه ما يتعارض مع القتال.
211
﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ﴾ يرون العذاب. ﴿بَعِيدًا﴾. غير كائن. ﴿وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧)﴾ كائناً؛ لأن ما هو آت قريب.
ثم أخبر متى يقع بهم العذاب فقال: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨)﴾ ذكرنا تفسير (المهل) عند قوله: ﴿بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ (١).
قال ابن عباس: كدُرْديِّ (٢) الزيت (٣).
وروى عنه عكرمة: كعكر (٤) القطران (٥).
(١) سورة الكهف: ٢٩، ومما جاء في تفسير المهل: قال أبو عبيد: المهل: كل فِلِّز أذيب. وروي في حديث أبي بكر -رضي الله عنه- أنه أوصى في موضعه فقال: ادفنوني في ثوبي هذين، فإنما هما للمهل والتراب. قال أبو عمرو: المهل في شيئين، هو في حديث أبي بكر: القيح والصديد، وفي غيره درديّ الزيت. وقال الليث: المهل: ضرب من القَطِران. وعن شمر: قال: المهل: الملة إذا حميت جدًّا رأيتها تموج. وعن سعيد بن جبير مرفوعًا: أنه كعكر الزيت. وعن ابن عباس: كدردي الزيت، وعنه أيضًا: هو عكر القطران. وعن مجاهد: القيح والدم. وعن ابن مسعود: أنه سئل عن المهل، فدعا بذهب وفضة، فخالطهما فأذيبا حتى إذا أزبدا وامّاعا قال: هذا أشبه شيء في الدنيا بالمهل الذي هو شراب أهل النار. وإلى هذا القول ذهب من قال: المهل هو الذي قد انتهى حرُّه. وهو اختيار الزجاج، قال: يعني أنهم يغاثون بماء كالرصاص المذاب، أو الصفر، أو الفضة.
(٢) دردي الزيت: هو ما يبقى في أسفله، وأصله ما يركد في أسفل كل مائع كالأشربة والأدهان. "لسان العرب" ٣/ ١٦٦، (درد)، وانظر: "الصحاح" ٢/ ٤٧٠.
(٣) "زاد المسير" ٨/ ٩٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٤، و١٠/ ٣٩٤ عند تناوله الآية ٢٩ من سورة الكهف، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٢، وعزاه إلى الطستي، وانظر أيضًا: ٥/ ٣٨٥ وعزاه في هذا الموضع إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) العكر: آخر الشيء وخاثره من شراب وماء ودُهن. انظر: "الصحاح" ٢/ ٧٥٦ (عكر)، و"المصباح المنير" ٢/ ٥٠٦ (عكر).
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
212
وقال الحسن: مثل الفضة إذا أذيبت (١)، وهو قول عبد الله (٢).
﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩)﴾ معنى العهن في اللغة: الصوف المصبوغ، والقطعة (٣): عهنة، والجميع: العُهُون.
وقال الليث: يقال لكل صوف عِهِن (٤).
والمفسرون يقولون: كالصوف المنفوش (٥).
وبعضهم (٦) يقول: كالصوف الأحمر؛ وذلك أن الجبال (٧) تصير رملاً مهيلاً، ثم تصير كالعهن المنفوش في خفتها وسيرها، ثم تصير هباءً منثوراً.
قوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠)﴾ قال ابن عباس: الحميم: القريب الذي تغضب له ويغضب لك (٨).
(١) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٥، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩.
(٢) أي عبد الله بن مسعود. انظر قوله في: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٤.
(٣) في (أ): القطعنة.
(٤) ورد قوله في "تهذيب اللغة" ١/ ١٤٥ مادة: (عهن). وانظر مادة (عهن) في: تهذيب اللغة، المرجع السابق، "الصحاح" ٦/ ٢١٦٩، و"لسان العرب" ١٣/ ٢٩٦، و"تاج العروس" ٩/ ٢٧٦.
(٥) وهو قول: مجاهد، وقتادة كما في: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٣، وقول مقاتل كما في: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ أ، وقول السدي كما في: "ابن كثير" ٤/ ٤٤٨، وانظر: تفسير السدي الكبير ٤٦١. وإليه ذهب الزجاج في "معاني القرآن" ٥/ ٢٢٠.
(٦) كالحسن، انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، وهو في "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩ من غير عزو، وقوله من "كالصوف الأحمر" إلى: "هباء منثورًا".
(٧) بياض في: (ع).
(٨) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٥.
213
يقول: لا يُسأل قرابة عن قرابته (١) إشغالاً بنفسه عنهم.
وقال مقاتل: يقول لا يسأل الرجل قرابته من شدة الأهوال (٢).
(والمعنى: لا يسأل الحميم عن حميمه في ذلك اليوم؛ لأنه يذهل عن ذلك ويشتغل عنه بشأنه، ألا ترى قوله: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ [الحج: ٢]، وقوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤)﴾ [عبس: ٣٤]، وقوله: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)﴾ [عبس: ٣٧].
فقوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠)﴾ (٣) (٤) من قولك: سألت زيداً، أي: سألته عن حاله وأمره.
ويجوز أن يكون المعنى: لا يَسْأل عن حميمه، فيُحذف الجار، ويوصل الفعل (٥).
وروي عن ابن كثير: ﴿وَلَا يُسْأَلُ﴾ بضم الياء (٦)، والمعنى: لا يُسأل
(١) هذه العبارة من قول الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٠ بيانًا منه لمعنى قراءة الضم في: "يُسأل".
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٩١.
(٣) في (أ): عن حميم.
(٤) في (أ): زيادة: (ليعرف شأنه من جهته حميمًا)، وهي زيادة لم ترد في الحجة، ولا فائدة من إثباتها.
(٥) من قوله: "والمعنى: لا يَسْأل الحميم عن حميمه في ذلك اليوم" إلى: "ويوصل الفعل". في بيان معنى من قرأ: "يَسأل" بفتح الياء. وقد قرأ بذلك: نافع، وابن عامر، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف. انظر: "كتاب السبعة في القراءات" ٦٥، و"الحجة" ٦/ ٣٢٠، و"حجة القراءات" ٧٢٢، و"تحبير التيسير" ١٩٢، و"النشر" لابن الجزري ٢/ ٣٩٠، و"إتحاف فضلاء البشر" للبنا: ٤٢٣، و"البدور الزاهرة" لعبد الفتاح القاضي ٣٢٤.
(٦) انظر مواضع قراءته في المراجع السابقة.
214
حميم عن حميمه ليعرف شأنه من جهته، كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه، والقريب عن قريبه، وهذا أيضًا على حذف الجار) (١).
وقال الفراء: أي لا يقال لحميم: أين حميمك؟ قال: ولست أشتهي ضم الياء؛ لأنه مخالف للتفسير، ولما أجمع عليه القراء (٢).
قوله: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ (يقال: بصرت به أبصر، قال الله تعالى: ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ [طه: ٩٦].
وتقول: بصَّرني زيدٌ كذا، فإذا بنيت الفعل للمفعول به، وقد حذفت الجار قلت: بُصِّرتُ [زيدٌ] (٣)، فعلى هذا ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾، وإنما جمع فقيل: (يبصَّرونهم) لأن الحميم (٤)، وإنس كان مفردًا في اللفظ، فالمراد به الكثرة والجمع، يدلك على (٥) ذلك قوله: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)﴾ [الشعراء: ١٠٠ - ١٠١].
ومعنى: (يبصرونهم): يعرفونهم، ويرونهم، أي: يعرف الحميم الحميم حتى يعرفه (٦)، ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه (هذا معنى
(١) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الفارسي باختصار. انظر: "الحجة" ٦/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٤ نقله عنه الواحدي بتصرف يسير.
(٣) في النسختين: زيدًا، وأثبت ما جاء في الحجة لصوابه.
(٤) بياض في: (ع).
(٥) ما بين القوسين نقله الواحدي عن الفارسي بتصرف. "الحجة" ٦/ ٣٢٠. وهذا القول في بيان صحة جواز حذف الجار، ثم وصل الفعل بالاسم الذي كان مجرورًا قبل حذف الجار، فينتصب لأنه مفعول الاسم الذي أسند إليه الفعل الممني للمفعول به.
(٦) بياض في: (ع).
215
قول المفسرين) (١).
قال مقاتل: يعني يعرفونهم فلا يكلمونهم (٢).
قالوا (٣): (وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صَاحبه من الجن والإنس، فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته، ولا يسأله، ويبصر الرجل حميمه فلا يكلمه لاشتغالهم بأنفسهم) (٤).
وتمام الكلام الأول عند قوله: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ (٥)، وهذا يدل على صحة قراءة العامة، ومعنى القراءة الثانية لا تتصل بقوله: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾.
قوله تعالى: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ﴾ قال المفسرون: يعني المشرك الكافر (٦).
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ). وممن قال بذلك: قتادة، وابن عباس. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٣ - ٧٤، وعزاه فقط إلى ابن عباس في: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٦، و"زاد المسير" ٨/ ٩١.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ.
(٣) لعله عني بذلك الثعلبي، لأن ما ساقه ورد بنصه عنه كما في: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ أ، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩.
(٤) ما بين القوسين أورده الثعلبي بنصه في: الكشف والبيان. انظر: الحاشية السابقة.
(٥) وهو أيضًا تام عند أبي حاتم، وحسن عند الأشموني. انظر: "القطع والائتناف" للنحاس: ٢/ ٧٦٠، و"المكتفى في الوقف والابتداء" للداني: ٥٨٦، و"منار الهدى في بيان الوقف والابتداء" للأشموني: ٤٠٤.
(٦) قال بذلك: ابن جرير، والثعلبي، والبغوي، وقال ابن عطية: المراد في هذه الآية الكافر؛ بدليل شدة الوعد، وابن الجوزي، والفخر، والقرطبي، والخازن. وذكر الفخر قولًا آخر، وهو: أن الآية تتناول كل مذنب. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٥، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٧، و"زاد المسير" ٨/ ٩١، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩.
216
قوله: ﴿وَفَصِيلَتِهِ﴾ فصيلة الرجل: رَهْطُه الأدْنَوْن (١)، وكان يقال للعباس: فصيلة النبي -صلى الله عليه وسلم-. قاله أبو عبيد (٢).
وقال الليث: الفصيلة: فَخِذ الرجل (٣) من قومه الذي هو منهم (٤).
وقال أبو عبيدة، (٥) والمبرد (٦): الفصيلة دون القبيلة في النسب، أي أقرب وأخص من القبيلة. وقال رؤبة:
والناسُ إن فَصَّلْتُهُمْ فصائلا (٧)
كلٌّ إلينا يَبْتَغي الوَسائِلا
وقال أبو العباس: الفصيلة: القِطْعة من أعضاء الجسد (٨)، وهي دون القبيلة (٩). وعشيرة الرجل سميت فصيلة تشبيهًا بالبعض منه.
قال ابن عباس: يريد عشيرته وأقاربه التي ينتهي إليه (١٠).
وقال مقاتل: يعني فخذه الأدنى يأوي إليهم (١١).
(١) بياض في: (ع).
(٢) "تهذيب اللغة" ١٢/ ١٩٢ فصل، وانظر قوله أيضًا في: "التفسير الكبير" ٣/ ١٢٧.
(٣) بياض في: (ع).
(٤) المرجع السابق.
(٥) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٩، وعبارته فيه: "دون القبيلة، الشعوب أكثر من القبائل، ثم الفصيلة فخذ الرجل التي تؤويه".
(٦) الجامع لأحكام القرآن بمعناه: ١٨/ ٢٨٦.
(٧) ورد البيت في: "ديوانه" ١٢٢، وفي "الكامل" ٣/ ١٠٩٢.
(٨) في (ع). الرجل، وكتبت في الهامش: (الجسد) من النسخة نفسها.
(٩) "تهذيب اللغة" ١٢/ ١٩٢ مادة: (فصل).
(١٠) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١١) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ.
217
يقول الله تعالى: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي﴾ بهذه الأشياء ﴿ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ ذلك الفداء. ﴿كَلَّا﴾ لا ينجيه ذلك، ولو افتدى به كله. ثم استأنف فقال: ﴿إِنَّهَا لَظَى﴾ (ولظى من أسماء النار نعوذ بالله منها، وهي معرفة لا تنصرف؛ فلذلك لا تنون. وقال الليث: اللظى: اللهب الخالص (١)، ويقال: لَظيت النارُ، تلظى لظًى (٢)، وتلظت (٣) تلظياً، ومنه قوله تعالى: ﴿نَارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤]) (٤).
وقوله: ﴿نَزَّاعَةً﴾ مرفوعة (٥) على وجوه:
أحدها: أن تجعل (الهاء) في (إنها) عماداً (٦)، وتجعل (لظى) اسم (إن)، و (نزاعة (٧)) خبر (إن)، كأنه قيل: إن لظى نزاعة.
والآخر: أن تجعل (٨) (الهاء) ضميراً للقصة، وهو الذي يسميه الكوفيون: المجهول، وتكون "لظى"، و (نزاعة) خبراً لـ (إن)، كما تقول:
(١) تهذيب اللغة: ١٤/ ٣٩٥، (لظى)، وانظر: "لسان العرب" ١٥/ ٢٤٨، (لظى).
(٢) في (ع): لظًا.
(٣) في (أ): تلظيت.
(٤) ما بين القوسين نقله الواحدي عن الأزهري في "تهذيب اللغة" بتصرف يسير.
(٥) قرأ بالرفع في: ﴿نَزَّاعَةً﴾ عامة القراء: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وجعفر، ويعقوب، وخلف. انظر: "الحجة" ٦/ ٣١٩، و"المبسوط" ٣٨١، و"التبصرة" لمكي ٧٠٨، و"إتحاف فضلاء البشر" ٤٢٤.
(٦) أي: ضميرًا منفصلًا، ولفظ "العماد" من اصطلاحات الكوفيين، وسموه بذلك لأنه يعتمد عليه في الفائدة، إذ به يتبين أن الثاني خبر لا تابع، وبعض الكوفيين يسميه: دعامة؛ لأنه يدعم به الكلام، أي: يُقَوَّى ويُؤَكَّدُ. انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤١.
(٧) بياض في: (ع).
(٨) في (أ): يجعل.
218
حُلْوٌ حامِضٌ تريد أنه قد جمع الطعمين. والمعنى: أن القصة والخبر لظى نزاعة (١) للشوى.
والوجه الثالث: أن يرفع على الذم بإضمار (هي) على معنى: هي نزاعة (٢). وهذا قول الأخفش (٣)، والفراء (٤)، والزجاج (٥).
ومن قرأ (نزاعةً) بالنصب (٦)، قال أبو إسحاق: أما نصب (نَزَّاعة) فعلى أنها حال مؤكدة، كما قال: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا﴾ [البقرة: ٩١]، وكما تقول: أنا زيدٌ معروفاً؛ قال (٧): ويجوز أن يُنصب على معنى: أنها تتلظى نزاعة للشوى (٨).
قال أبو علي: (حمله على الحال يبعد، وذلك لأنه ليس في الكلام ما يَعمل في الحال، فإن قلت: في قوله: (لظى) معنى (على) (٩) التلظي، والتلهب، فإن ذلك لا يستقيم؛ لأن لظى معرفة لا تنتصب عنها الأحوال، ألا ترى أن ما استعمل استعمال الأسماء من اسم فاعل، أو مصدر لم يعمل
(١) من قوله: "وهو الذي يسميه الكوفيون" إلى: "والخبر لظى" مكرر في نسخة: (ع، و) أحدهما في غير موضعه الصحيح، وهو خطأ من الناسخ.
(٢) بياض في: (ع).
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥، نقله الواحدي بالمعنى، ولم يذكر الفراء إلا وجهين فقط.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢١، ونقل الإمام الواحدي أغلب النص عنه.
(٦) ممن قرأ بالنصب في: "نزاعة": حفص عن عاصم. انظر: الحجة: ٦/ ٣١٩، كتاب التبصرة: ٧٠٨، و"إتحاف فضلاء البشر": ٤٢٤.
(٧) أي: أبو إسحاق الزجاج.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢١ بنصه.
(٩) ساقط من: (ع).
219
عمل الفعل نحو: صاحب، ودَرٍّ (١) في قولك: لله دَرُّك، فإن لم يعمل هذا النحو الذي هو اسمُ فاعل، أو مصدر عمل الفعل من حيث جرى مجرى الأسماء، فأن لا يعمل الاسم المعرفة عمله أولى. ويدلك على تعرف هذا الاسم وكونه علماً أن التنوين لم تلحقه، فإذا كان كذلك لم تنتصب الحال عنه، فإن جعلتها مع تعريفها قد صارت معروفة بشدة التلظي، جاز أن تنصبه بهذا المعنى الحادثِ في العَلَم، وإن علّقت (نزاعة) بفعل مضمر نحو: أعنيها نزاعة للشوى لم يمتنع) (٢).
والشوى: الأطراف، وهي: اليدان (٣)، والرجلان، ومنه قول امرئ القيس:
سليم الشظى (٤) عَبْلِ الشَّوَى شَنِجِ النَّسا (٥) (٦)
(١) الدر: العمل من خير وشر، ومنه قولهم: لله دَرُّك، يكون مدحًا، ويكون ذمًّا. انظر "تهذيب اللغة" ١٤/ ٦١، مادة: (درر).
(٢) ما بين القوسين من قول أبي علي؛ نقله عنه باختصار. "الحجة" ٦/ ٣١٩ - ٣٢٠.
(٣) بياض في: (ع).
(٤) في (ع): (الشظا).
(٥) في (ع): (شيخ النسا وعبل الشوى) تقديم وتأخير.
(٦) هذا صدر بيت، وعجزه:
لَه حَجَبَاتٌ مُشرِفاتٌ على الفالي
وقد ورد البيت في: "ديوانه" ١٤٣، دار صادر، و"الأضداد" لابن الأنباري: ٢٣٠، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٨٤/ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٩. ومعناه: الشظى: عظم لاصق بالذراع. الشوى: اليدان والرجلان، الشنج: الصلب، النسا: عرق في الفخذ، الحجبات: رؤوس عظام الوركين. الفالي: اللحم الذي على الورك، وأصله الفائل. كما ورد الشطر الأول من البيت منسوبًا لدريد بن الصمة في شعر يرثي به عبد الله أخاه، وقد قتلته بنو عبس، قال: =
220
ومن هذا يقال للرامي إذا لم يصب القتل: أشوى، أي أصاب الشوى، والشوى ليس بمقتل، والشوى أيضًا جلد الرأس، واحدتها شواة.
ومنه قول الأعشى:
قالتْ قُتَيْلَةُ ما لَه قدجُلِّلَتْ شَيْباً شَواتُه (١)
(هذا قول جميع أهل اللغة (٢)) (٣).
قال مقاتل: تنزع النار الهامة (٤) والأطراف، فلا تترك لحمًا ولا جلدًا إلا أحرقته (٥).
= سَليم الشَّظَى عَبْلِ الشَّوى شنجِ النسا طويلِ القَرا نهْدٍ أسيلِ المُقَلَّدِ
انظر: "ديوان دريد بن الصمة": ٥١.
(١) ورد البيت في "ديوانه" ١٣٨، وانظر: مادة: (شوى) من غير نسبة في "تهذيب اللغة" ١١/ ٤٤٢، و"الصحاح" ٦/ ٢٣٩٩، و"لسان العرب" ١٤/ ٤٤٧، و"تاج العروس" ١٠/ ٢٠٤، كتاب "الأضداد" لابن الأنباري ٢٣٠، و"مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٨، و"جامع البيان" ٢٩/ ٧٦، و"معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٢٠، و"النكت والعيون" ٦/ ٩٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٨، و"إعراب القراءات السبع" لابن خالويه ٢/ ٣٩٠، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٣٠، و"الدر المصون" ٦/ ٣٧٧، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٠، و"روح المعاني" ٢٩/ ٦٠.
(٢) انظر: الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥، أبو عبيدة في: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٨، الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢١، وانظر أيضًا: كتاب حروف الممدود والمقصور: لابن السكيت؛ تح د. حسن فرهود: ١١٧، و"تهذيب اللغة"، و"الصحاح"، و"لسان العرب"، و"تاج العروس" مراجع سابقة.
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (ع).
(٤) بياض في: (ع).
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤، و"بحر العلوم" ٣/ ٤٠٤.
221
وأكثر المفسرين (١) على أنها: الأطراف، (وهو قول مجاهد (٢) (٣)).
وقال سعيد بن جبير: للعصب والعقب (٤).
وقال أبو إسحاق: لحم (٥) الساقين (٦).
وقال ثابت البناني: لمكارم وجه بني آدم (٧).
قوله تعالى: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧)﴾ قال ابن عباس: تدعو (٨) من أدبر عن الإسلام، ودعاؤها أن تقول: إليَّ يا مشرك، إليَّ يا كافر، إليَّ يا منافق، إليَّ يا فاسق، إليَّ يا ظالم (٩).
(١) قال بذلك: قتادة، وأبو صالح. انظر: "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٣، و"النكت" ٦/ ٩٣، و"القرطبي" ٨/ ٢٨٩، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٢، وعزاه إلى ابن المنذر عن أبي صالح، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٠. وبه قال الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥، والزجاج في "معاني القرآن" ٥/ ٢٢١، وأبو عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٨، وإليه ذهب الطبري في "جامع البيان" ٢٩/ ٧٦، والبغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤.
(٢) "الدر المنثور" ٨/ ٢٨٢، وعزاه إلى ابن أبي شيبة.
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٤) "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤، و"زاد المسير" ٨/ ٩٢، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٢٨. ومعنى العَصَب -بفتحتين-: أطناب المفاصل التي تُلائم بينها وتشدها. انظر: "لسان العرب" ١/ ٦٠٢ (عصب)، و"المصباح المنير" ٢/ ٤٩٢. والعقب -أيضًا بفتحتين-: أطناب المفاصل، وبكسر القاف: مؤخر القدم، والمراد هنا المعنى الأول. انظر: "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٠، (عقب).
(٥) في (ع): للحم.
(٦) بياض في (ع). ولم أعثر على مصدر لقول أبي إسحاق.
(٧) "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٣/ ب، و"التفسير الكبير" ٣/ ١٢٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٢، وعزاه إلى ابن المنذر، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٠.
(٨) في كلا النسختين: تدعوا.
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد من غير عزو في "فتح القدير" ٥/ ٢٩٠.
222
وقال مقاتل: تدعو (١) النار يوم القيامة: إليَّ أهلي، إليَّ أهلي (٢).
فهذا دعاؤها، وهذا قول المفسرين؛ قالوا: تدعُو من أدبر عن الحق باسمه (٣).
وقال المبرد: تدعو معناه بعذاب (٤).
روى عمرو عن أبيه: الداعي المعذب دعاه الله، أي: عذبه (٥).
(قوله تعالى) (٦): ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)﴾ قالوا: جمع المال، فأمسكه ولم ينفقه في طاعة الله (٧).
(١) بياض في: (ع).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ.
(٣) وهو قول ابن عباس. انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٤/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٩، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩. وقال به الفراء في: "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢١ - ٢٢٢.
(٤) و (٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) ما بين القوسين ساقط من: (ع).
(٧) عني بقوله: قالوا: أي أهل التفسير، وممن قال بذلك: مجاهد كما في: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٨، وعبارته: "جمع المال". وقال بذلك أيضًا: الثعلبي في: "الكشف" ١٢: ١٨٤/ أ، والماوردي في "النكت والعيون" ٦/ ٩٤، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤، وبمعناه قال الفخر في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٨، وقد حكاه القرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٩، وابن كثير في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٩. ومعنى أوعى لغة: يقال: أوعيت الزاد والمتاع: إذا جعلته في الوعاء. انظر: "الصحاح" ٦/ ٢٥٢٥ مادة: (وعى). وقال ابن فارس: "الواو والعين والياء: كلمة تدل على ضم الشيء". "معجم مقاييس اللغة": ٦/ ١٢٤ مادة: (وعى).
223
ومعنى أوعى: جعله في وعاء، فلم يؤد منه زكاة، ولم يصل منه رحما.
(قوله تعالى) (١): ﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩)﴾ يقال: هلع الرجل، يهْلَع هَلَعًا وهلاعًا، فهو هالِع وهلُوع، وهو شدة الحرْص، وقلة الصبر، يقال: جَاعَ فهلع، وأصيب فهلع، أي قلّ صبرُه.
قال عمرو بن مَعْديكرب:
ما إن جزِعْتُ ولا هَلَعْـ ـتُ ولا يرد بكاي (٢) زَنْدا (٣)
هذا قول جماعة (٤) أهل اللغة (٥).
وقال الفراء: الهلوع: الضجور (٦) (٧).
وقال المبرد: الهلع، والجزع: يقال (٨): نعوذ بالله من الهَلَع عند
(١) ما بين القوسين ساقط من: (ع).
(٢) في (أ): بكا.
(٣) ورد البيت في: "شعر عمرو بن معدي كرب الزبيدي"، جمع مطاع الطرابيشي: ٦٥. ومعنى البيت: الهلع: أفحش أنواع الجزع؛ لأنه جزع مع قلة الصبر، فكأنه قال: ما جزعت عليه حزنًا هينًا ولا فظيعًا، وهذا نفي للحزن رأسًا. وقوله: ولا يرد بكاي زندا: يستعملون الزَّنْد في معنى القلة، كما يستعملون الفُوف والنقير والقطمير. انظر: شعر عمرو بن معدي كرب: المرجع السابق (الحاشية).
(٤) في (ع): جميع.
(٥) انظر مادة (هلع) في "تهذيب اللغة" ١/ ١٤٤، و"الصحاح" ٣/ ١٣٠٨، و"لسان العرب" ٨/ ٣٧٤ - ٣٧٥، و"تاج العروس" ٥/ ٥٦٠.
(٦) غير واضحة في (ع).
(٧) ورد قول الفراء في: "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥ بنصه.
(٨) في (أ): تقول.
224
منازلة الأقران (١) (٢).
وأكثر المفسرين (٣) وأهل اللغة (٤) قالوا: تفسير الهلوع:
(قوله تعالى) (٥): ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)﴾، وهو الحريص الجازع.
وألفاظ المفسرين في هذه قريبة المعنى؛ بعضها من بعض، قالوا: هو الجزع، الضجور، الشره، في ألفاظ كثيرة تعود إلى هذا المعنى (٦).
(١) غير واضحة في: (ع).
(٢) ورد قول المبرد في: "الكامل" ٣/ ١٠٩٢، ونقله الواحدي عنه بتصرف. ويراد بالأقران، ومفرده القِرْن -بالكسر-: الكُفْءُ، والنظير. انظر: "لسان العرب" ١٣/ ٣٣٧، (قرن).
(٣) وهو قول ابن عباس، انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٧٨، و"النكت والعيون" ٦/ ٩٤، و"زاد المسير" ٨/ ٩٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٣، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وبه قال أيضًا: ابن كثير ٤/ ٤٤٩.
(٤) وبه قال الفراء، وأبو عبيدة، والزجاج. انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٨٥، و"مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٠، و"معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٢.
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (ع).
(٦) والأقوال التي جاءت في تفسير: "الهلوع" عدها الماوردي سبعة أوجه: منها ما جاء عن ابن عباس. انظر: الحاشية السابقة. والآخر: الحريص على ما لا يحل له. وهو قول ابن عباس أيضًا. انظر: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٤/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٤، و"زاد المسير" ٨/ ٩٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٩. والثالث: الجزوع. قاله ابن زيد، وقتادة. انظر: "تفسير القرآن": لعبد الرزاق: ٢/ ٣١٧ معزوًا إلى قتادة فقط، جامع البيان، و"الكشف والبيان" مرجعان سابقان، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤، وعزاه إلى ابن المنذر، وعبد الرزاق عن قتادة، وإليه ذهب اليزيدي، ومكي بن أبي طالب. انظر: "غريب القرآن وتفسيره" ٣٨٩، و"تفسير المشكل من غريب القرآن العظيم": ٣٥٦. والرابع: البخيل. قاله الحسن، =
225
ثم نعته فقال: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠)﴾. يعني البؤس والفقر. ﴿جَزُوعًا﴾ لا يصبر، ولا يحتسب.
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ﴾ إذا أصاب المال. (منوعا) يمنعه من حقوق الله.
٢٢ - ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢)﴾ وذلك أن الإنسان اسم الجنس، فهو في معنى الناس (١).
٢٣ - وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣)﴾ قال عبد الله (٢) (٣)، وابن عباس (٤): يعني على مواقيتها يقيمونها في أوقاتها.
= والضحاك. انظر: "زاد المسير" ٨/ ٩٣. والخامس: الشره. قاله مجاهد، وابن عباس. المرجع السابق، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤، وعزاه إلى ابن المنذر عن ابن عباس. والسادس: الضجور: قاله عكرمة، وقتادة، ومقاتل. انظر المرجع السابق، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٠، وإليه ذهب السجستاني في "نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العظيم" ٤٧٧. والسابع: الشحيح الجزوع. قاله سعيد بن جبير. انظر: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٤/ ب، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٣، وعزاه إلى ابن المنذر.
(١) لعله قول الزجاج نقله عنه الواحدي بتصرف. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٢، وعبارة الزجاج: الإنسان هاهنا في معنى الناس، فاستثنى الله -عز وجل- المؤمنين المصلين، فقال: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣)﴾. انظر: "الدر المصون" ٦/ ٣٧٨.
(٢) بياض في: (ع).
(٣) عبد الله هو: عبد الله بن مسعود، وقد ورد قوله هذا في: أحكام القرآن للجصاص: ٣/ ٤٨٦، و"النكت والعيون" ٦/ ٩٥، و"زاد المسير" ٨/ ٩٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٩١، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤، وعزاه إلى ابن أبي شيبة في "المصنف".
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
226
قال إبراهيم: هي المكتوبة (١).
وقال مقاتل: لا يدعونها بالليل والنهار (٢).
وروي عن عمران بن حُصَين (٣)، وعقبة بن عامر (٤) -رضي (٥) الله عنهما- أنهما قالا: هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً.
قال أبو إسحاق: (أي أنهم لا يزيلون وجوههم عن سمْت (٦) القبلة، واشتقاقه من الدائم، وهو الساكن (٧)، ومنه الحديث في النهي عن البول في الماء الدائم) (٨) (٩).
(١) "جامع البيان" ٢٩/ ٧٩، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ أ.
(٣) ورد قوله هذا في: "أحكام القرآن": للجصاص: ٣/ ٤٦٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر.
(٤) ورد قوله هذا في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٠، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٥/ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ٩٥، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٥، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٨، و"زاد المسير" ٨/ ٩٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩١، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٤ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) غير مقروءة في (ع). ويراد بالسمت: الطريقة، والقصد. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: ٢/ ٣٩٧. وقال ابن منظور: السمت: حسن النحو في مذهب الدين. "لسان العرب" ٢/ ٤٦، (سمت).
(٧) بياض في: (ع).
(٨) ما بين القوسين ناقله الواحدي عن الزجاج -أبي إسحاق- بتصرف يسير: ٥/ ٢٢٢.
(٩) بياض في (ع). والحديت أخرجه مسلم ١/ ٢٣٥ ح: ٩٤ - ٩٧، في الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد، من طرق، منها عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه. ورواه أيضًا بألفاظ أخرى. =
227
٢٤ - قوله تعالى (١): ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤)﴾ قال الحسن (٢)، والكلبي (٣)، وابن سيرين: يعني الزكاة المفروضة (٤).
روى عكرمة عن ابن عباس (٥) قال: من أدى زكاة ماله فلا جناح عليه (٦) أن لا يتصدق (٧).
وقال آخرون: هذا الحق سوى الزكاة (٨)، وهو قول: عامر (٩)، ومجاهد (١٠)، وعطاء (١١) (وإبراهيم (١٢)، ورواية هشام (١٣) عن
= كما أخرجه الدرامي ١/ ١٩٧ ح ٧٣١، كتاب الطهارة، وأحمد في المسند ٢/ ٢٨٨، و٤٦٤، و٥٣٢، وابن ماجه ١/ ٦٨ح ٣٥١ - ٣٥٣، والترمذي ١/ ١٠٠ ح: ٦٨ وقال عنه: (هذا حديث حسن صحيح)، والنسائي ١/ ٥٢ ح: ٥٧ - ٥٨.
(١) (تعالى) ساقطة من: (ع).
(٢) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) ورد قوله في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠، و"زاد المسير" ٧/ ٢٠٧: آية ١٩ من سورة الذاريات، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٣٨، آية ١٩ من سورة الذاريات، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) بياض في: (ع).
(٧) ورد قوله هذا في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠.
(٨) في (ع): الزكوة.
(٩) ورد قوله في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٨.
(١٠) "جامع البيان" ٢٩/ ٨١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٨، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٣.
(١١) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠.
(١٢) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٨١، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠.
(١٣) هو: هشام بن حسان الأزدي القْرْدُوسيُّ، أبو عبد الله البصري، روى عن الحسن =
228
الحسن (١)) (٢)، وقول ابن عمر (٣)، قالوا: في المال حق سوى الزكاة (٤)، وهذا يكون على طريق الندب والاستحباب (٥).
قوله: ﴿لِلسَّائِلِ﴾ يعني الذي يسأل. ﴿وَالْمَحْرُومِ﴾ (٦) قال ابن عباس: هو
= البصري، وهو من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن، وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما. مات أول يوم من صفر سنة ١٤٨ هـ. روى له الجماعة. انظر: "العلل" لابن المديني ٦٣ - ٦٤ ت: ٨٣ - ٨٤، و"حلية الأولياء" ٦/ ٢٦٩ ت ٣٧٥، و"طبقات المدلسين" ٤٧ ت ١١٠، و"تقريب التهذيب" ٢/ ٣١٨.
(١) "المحرر الوجيز" ٥/ ٦٨٣.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ)، وقد ذكرت عبارة: (وغيرهم)، بدلًا مما بين القوسين.
(٣) "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٨، قال ابن عطية -فيما قاله ابن عمر-: وهذا هو الأصح في هذه الآية؛ لأن السورة مكية، وفرض الزكاة وبيانها إنما كان بالمدينة.
(٤) بياض في (ع). ومن قوله: "وهو قول عامر" إلى: "في المال حق سوى الزكاة" مكرر في نسخة أ.
(٥) قال ابن العربي عند تفسير الآية ١٩ من سورة الذاريات: "والأقوى في هذه الآية أنه الزكاة؛ لقوله تعالى في سورة سأل سائل: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾، والحق المعلوم هو الزكاة التي بين الشرع قدرها وجنسها ووقتها، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم؛ لأنه غير مقدر، ولا مجنس، ولا موقت". أحكام القرآن: ٤/ ١٧٣٠. وإلي هذا ذهب القرطبي. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩١. وقال الشوكاني: "والظاهر أنه الزكاة لوصفه لكونه معلومًا، ولجعله قرينًا للصلاة". "فتح القدير" ٥/ ٢٩٣. كما بين الشيخ الشنقيطي أن الآية في الزكاة المفروضة، قال: "لأن الحق المعلوم لا يكون إلا في المفروض، وهو قول أكثر المفسرين، ولا يمنع أن السورة مكية، فقد يكون أصل المشروعية فيه بمكة، ويأتي التفصيل بالمدينة، وهو السنة الثانية من الهجرة". أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ٨/ ٤٦٢.
(٦) في (أ): (المحروم) بغير واو.
229
الذي أصيب زرعه أو تجارته، وهو لا يسأل (١).
وقال أبو قلابة: كان رجل من أهل اليمامة (٢) له مال، فجاءه سيل (٣)، فذهب بماله، فقال رجل من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: هذا المحروم فاقسموا له (٤).
وقال أبو إسحاق: هو الذي حرم المكاسب وهو لا يسأل (٥).
وقد فسرنا هذا (٦) في سورة الذاريات (٧)، وما بعد هذا (٨) مفسر في
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) اليمامة: واحدة اليمام، وهو طائر. وهو بلد كبير فيه قرى وحصون وعيون ونخل. وهي معدودة من نجد، وقاعدتها حجر، وكان اسمها أولًا جوًّا، والعروض.
انظر: "معجم البلدان" لياقوت الحموي ٥/ ٤٤١، "مراصد الاطلاع" للبغدادي: ٣/ ١٤٨٣.
(٣) في (أ): سائل.
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ٨٣؛ "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٣٩، سورة الذاريات: الآية: ١٩؛ "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٥١ سورة الذاريات: ١٩.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٢ بشيء من التصرف.
(٦) أي من الآيات ٢٦ - ٣٣.
(٧) عند الآية ١٩ من الذاريات، ومما جاء في تفسيرها:
"معنى المحروم في اللغة: الذي حرم الخير حرمانًا. واختلفوا في المحروم من هو، فقال ابن عباس وغيره: هو المحارف. المحارف هو الذي ليس له في الغنيمة شيء، ولا في الإسلام سهم، ولا يجري عليه من الفيء شيء. وقال قتادة وغيره: المحروم المتعفف الذي لا يسأل. وقال عكرمة: هو الذي لا ينمو له مال. وقال ابن زيد: هو المصاب ثمره، أو زرعه، أو سل ماشيته. وقال ابن سيرين وغيره: هو الزكاة، أي إذا حصدوا أعفوا الزكاة. وعن ابن أبي نجيح: حق سوى الزكاة".
(٨) أي من الآيات ٥ - ٨، وتفسير الآيات كما هو في المشار إليه: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)﴾: =
230
سورة المؤمنين إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣)﴾ [المعارج: ٣٣].
(وقرئ ﴿بشهادتهم﴾ (١)، والإفراد أولى (٢)؛ لأنه مصدر، فيفرد كما
= قال الليث: الفرج اسم يجمع سوءات الرجال والنساء، فالقبلان هما وما حولهما كله فرج، وكذلك من الدواب. وفي اللغة: الفرجة بين الشيئين، ولهذا سمي ما بين قوائم الدابة الفروج. ومعنى الآية: قال الكلبي: يعفّون عما لا يحل لهم.
وقال الزجاج: يحفظون فروجهم عن المعاصي. قوله ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾، أي: إلا من أزواجهم، فـ"على" بمعنى "من". وقال مقاتل: يعني: حلائلهم والولائد، فإنهم لا يلامون على الحلال. وقال أهل المعاني: هذه الآية مخصوصة بالحالة التي تصح فيها، وعلى الزوجة والأمة، وهي أن لا تكون حائضًا، ولا مظاهرًا عنها، فلا تكون الأمة مزوجة، ولا في عدة زوج. قوله ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)﴾، أي: فمن ابتغى الفواحش بعد الأزواج والولائد. وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ يعني المبتغين. ﴿هُمُ الْعَادُونَ﴾، أي: الجائرون الظالمون.
قولى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)﴾ فيه قولان: أحدهما: أنها أمانات الناس التي ائتمنوا عليها.
والثاني: أنها أمانات بين الله وبين عبده مما لا يطلع عليه إلا الله، كالوضوء، والغسل من الجنابة، والصيام وغير ذلك. وقرأ ابن كثير [لأمانتهم] واحدة. والأمانة تختلف، ولها ضروب نحو: الأمانة التي بين الله وبين عبده.
والأمانة التي بين العباد في حقوقهم. ومعنى ﴿رَاعُونَ﴾ حافظون. وأصل الرعي في اللغة: القيام على إصلاح ما يتولاه من كل شيء. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤)﴾. قال إبراهيم: عن الصلوات المكتوبة. وقوله ﴿يُحَافِظُونَ﴾ قال ابن عباس، وأكثر المفسرين: على مواقيتها.
(١) قرأ ﴿بشهادتهم﴾ جماعة، روى عباس عن أبي عمرو، والحلواني عن أبي معمر، وعبد الوارث عن أبي عمرو، وحفص عن عاصم أيضا جماعة. انظر: كتاب السبعة: ٦٥١، الحجة: ٦/ ٣٢٢؛ المبسوط: ٣٨١؛ حجة القراءات: ٧٢٤؛ النشر: ٢/ ٣٩١، و"البدور الزاهرة" ٣٢٦.
(٢) بياض في (ع)، وقد قرأ بذلك -أي بالإفراد-: ابن كثير، ونافع، وعاصم في رواية أبي بكر، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي. انظر: المراجع السابقة.
231
تفرد المصادر وإن أضيف إلى الجمع، كما قال: ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: ١٩]، ومن جمع ذهب إلى اختلاف الشهادات (١)، وكثرة ضروبها، فحسن (٢) الجمع من جهة الاختلاف) (٣).
وأكثر المفسرين (٤) قالوا: يعني الشهادات عند الحكام يقومون بها بالحق ولا يكتمونها.
روى عطاء عن ابن عباس قال: يريد الشهادة بأن الله واحد لا شريك له (٥).
والمعنى: أنهم يحفظون ما شهدوا به من هذه الشهادة، فلا يشركون بالله.
٣٦ - (قوله تعالى) (٦): ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦)﴾ نزلت هذه الآيات (٧) في جماعة المستهزئين، جلسوا حول النبي -صلى الله عليه وسلم- حلقاً يستهزئون
(١) بياض في: (ع).
(٢) في (أ): يحسن.
(٣) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن أبي على الفارسي بتصرف. انظر: الحجة: ٦/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٤) قال بذلك السمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٤، والفخر في: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠، وعزاه إلى أكثر المفسرين؛ والقرطبي في: الجامع الأحكام القرآن: ١٨/ ٢٩٢، وأورد القول من غير تخصيص -عند الحكام- عند الطبري في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٤، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢: ٨٥/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٥، وابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٩؛ وعزاه إلى جماعة المفسرين.
(٥) "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٩؛ و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣١.
(٦) ساقط من ع.
(٧) في (ع) زيادة كلمة: (نزلت)، وهي زيادة لا فائدة فيها.
بالقرآن، ويكذبون به. يقول الله تعالى: ما لهم في النظر نحوك، والجلوس عندك، وهم لا ينتفعون بما يسمعون؛ وذلك أن نظرهم إليه كأنه نظر عداوة، وجلوسهم عند الاستهزاء (١).
قال ابن عباس: يريد: نحوك مقبلين (٢) (٣).
وقال الكلبي: ناظرين إليك تعجبًا (٤).
وقد تقدم تفسير "المهطع" (٥).
٣٧ - وقوله تعالى: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧)﴾، وذلك أنهم كانوا عن يمينه وعن شماله مجتمعين (٦). ومعنى ﴿عِزِينَ﴾ جماعات في تفرقة، واحدها عِزَة، وهي: العصبة من الناس، وهو من المنقوص الذي جاز جمعه بالواو والنون عوضاً من المحذوف، وأصلها عِزوة (٧).
(١) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٥؛ "زاد المسير" ٨/ ٩٤؛ "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٣؛ "لباب التأويل" ٤/ ٣١٠.
(٢) غير مقروءة في (ع).
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) "النكت والعيون" ٦/ ٩٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٣، و"فتح القدير" ٥/ ٢٩٣.
(٥) قال تعالى: ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)﴾ إبراهيم: ٤٣، وقال تعالى: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)﴾ سورة القمر: ٨. وخلاصة المعنى في قوله ﴿مُهْطِعِينَ﴾ أنها تتناول معنيين: أحدهما: مسرعين، والآخر: ناظرين مديمي النظر، قال الواحدي: والجامع لهذه الأقوال قول من قال: الإهطاع: إسراع مع إدامة نظر.
(٦) لعله من قول الزجاج، فقد ورد عنه: "فكانوا عن يمينه وشماله مجتمعين". "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٣.
(٧) لعل الواحدي نقله بتصرف عن تهذيب اللغة عن الليث: ٣/ ٩٨، مادة: (عزا)، =
233
والكلام في هذا كالكلام في (عضين (١))، وقد مرَّ.
وقال الأزهري: وأصلها من قولهم: عزا فلان نفسه إلى بني فلان، يعزوها عزوًا: إذا انتمى (٢) إليهم، والاسم: العَزوة، وكأن العزوة كل جماعة اعتزاؤها واحد (٣).
قال المفسرون (٤):
= وعبارته: "قال الليث: العِزة: عُصبة من الناس فوق الحَلْقة، والجماعة: عِزون، ونقصانها واو. وانظر أيضًا ما جاء عن الواحدي في مادة: (عزا) في المصادر التالية: "الصحاح" ٦/ ٢٤٢٥، و"لسان العرب" ١٥/ ٥٣.
(١) سورة الحجر: ٩١، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)﴾.
وقد جاء في تفسيرها: ذكر أهل اللغة في واحد ﴿عِضِينَ﴾ قولين: أحدهما: إن واحدها: عضة، وأصلها عضوة، من عضيت الشيء إذا فرقته، وكل قطعة عِضَة، وهي مما نقص منها واو، وهي لام الفعل، والتعضية: التجزئة والتفريق.
قال ابن عباس في قوله: ﴿جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾: يريد جزؤوه أجزاء، فقالوا: سحر، وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: مفترى.
القول الثاني: إنها عضة، وأصلها عضهة، فاستثقلوا الجمع بين هاءين، فقالوا: عضة. وهي من العضة بمعنى الكذب.
وقال ابن السكيت: العضية أن تعضه الإنسان وتقول فيه ما ليس فيه، قال عكرمة: العضهْ: السحر بلسان قريش، وهم يقولون للساحر عاضه. وذكر الفراء القولين جميعًا في المصادر والمعاني، وعلى هذا القول معنى قوله: ﴿جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ جعلوه سحرًا مفترى، وجمعت العضة جمع ما يعقل لما لحقها من الحذف، فجعل الجمع بالواو والنون عوضًا مما لحقها من الحذف.
(٢) في (أ): انتهى.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٩٨، مادة. (عزا)، ونقله الأزهري عن أبي زيد، وليس من قول الأزهري -كما ذكر الواحدي-، وقد نقله الواحدي عنه بتصرف واختصار.
(٤) ممن قال بذلك: الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٣، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٥/ ب، ١٨٦/ أ، وقال به أيضًا: ابن عطية في: =
234
كانوا يقولون: إن كان أصحاب (١) محمد يدخلون الجنة، فإنا ندخلها (٢) قبلهم، وإن أعطوا فيها شيئاً أعطينا أكثر منه، فقال الله عز وجل: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨)﴾، والنعيم: ضد البؤس.
قال (ابن) (٣) عباس: يقول: أيطمع كل رجل منهم أن يدخل جنتي كما يدخلها المسلمون، ويتنعم فيها، وقد كذب بنبيي (٤)؟.
﴿كَلَّا﴾ لا يكون ذلك، ثم استأنف كلامًا يدل على (٥) البعث (٦) فقال:
﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ أي من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. هذا معنى قول مقاتل (٧)، وعلى هذا لا تعلق لهذا الكلام بما قبله.
وقال غيره (٨): هذا يتعلق بما قبله؛ على معنى: أنهم يعلمون مما
= "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٠، وابن الجوزي في: "زاد المسير" ٨/ ٩٤، والقرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٤.
(١) غير واضحة في: (ع).
(٢) قوله: (الجنة فإنا ندخلها) بياض في. (ع).
(٣) ساقطة من: (أ).
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٥، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١١.
(٥) بياض في: (ع).
(٦) في (أ): النعت.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ ب.
(٨) وهو قول: قتادة، وأبي بكر. انظر: تفسير عبد الرزاق: ٢/ ٣١٨، وعزاه إلى قتادة، وكذا "جامع البيان" ٢٩،/٨٧، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٨٦/ أ، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٠، وإلى قتادة فقط في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٤، ومعنى قوليهما: إلى قوله: من المقاذير والأنجاس.
235
خلقوا من المقاذر (١) والأنجاس، فمتى يدخلون الجنة ولم يؤمنوا بربهم، ولم يصدقوا (٢) رسوله (٣)!
نبه الله تعالى بهذا (٤) على أن الناس متساوون (كلهم) (٥) من (٦) أصل واحد وشيء واحد، فتضمن هذا أنهم متساوون في أصل الخلقة، وإنما يتفاضلون بالإيمان والطاعة، هذا معنى قول أكثرهم (٧).
واختاره الزجاج، فقال: المعنى: فأي شيء لهم يدخلون به الجنة (٨) (٩).
وذُكر فيه قول آخر وهو أن المستهزئين (١٠) قالوا يحتقرون المؤمنين ويزرؤون بفقرائهم، فذكر الله أنهم مخلقون مما خلقوا.
وهذا معنى قول الفراء: ولمَ يحتقرونهم، وقد خلقناهم جميعًا من تراب (١١)؟!.
(١) بياض في: (ع).
(٢) قوله: (بربهم ولم يصدقوا) غير واضح في: (ع).
(٣) في (أ): رسله.
(٤) في (أ): هذا.
(٥) ساقطة من: (أ).
(٦) في (أ): في.
(٧) وهذا معنى قول: ابن جرير في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٧، وقال به أيضًا: ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٠، وأورده ابن الجوزي في: "زاد المسير" ٨/ ٩٥، والقرطبي في: "الجامع" ١٨/ ٢٩٤، والخازن في: "لباب التأويل" ٤/ ٣١١.
(٨) يدخلون به الجن: بياض في: (ع).
(٩) النص في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٣.
(١٠) بياض في: (ع).
(١١) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٦ باختصار يسير.
236
٤٠ - قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ﴾ معناه: وأقسم، وقد مر هذا في مواضع (١).
وقوله: ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ يعني مشرق كل (٢) يوم من السنة، ومغربه.
﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ﴾ على أن نهلكهم حين عصوا.
﴿أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ من يطيعني. وقال مقاتل: لقادرون على أن نخلق أمثل منهم، وأطوع لله (٣).
﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ مفسر في قوله: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ﴾ (٤).
وقوله: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا﴾ مفسر في آخر سورة الطور (٥).
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣)﴾، أي: ينسلون بسرعة، فكأنهم إلى عَلَمٍ نُصِبَ لهم يستبقون، وهذا كقوله: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾، و ﴿إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ [يس: ٥١]، وكقوله:
(١) منها ما جاء في سورة الواقعة: ٧٥، وسورة القلم: ١٧، وسورة الحاقة: ٣٨. وانظر ما جاء فيها من تفسير سورة الحاقة: ٣٨.
(٢) بياض في: (ع).
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٠٩/ ب.
(٤) سورة الواقعة: ٦٠. ومما جاء في تفسير: قوله تعالى: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾: يريد: لا يفوتني شيء أريده، ولا يمتنع مني أحد، وقال المفسرون: على أن نأتي بخلق مثلكم بدلًا منكم، وقال أبو إسحق: أي إن أردنا أن نخلق خلقًا غيركم لم يسبقنا سابق، ولا يفوتنا.
(٥) سورة الطور: ٤٥. ومما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)﴾: يقول: فخل عنهم، يعني لا يهتم بهم حتى يعاينوا يوم موتهم، وهذا تهديد لهم. ومعنى: ﴿يُصْعَقُونَ﴾ يموتون.
237
﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ (١) الآيات.
والنصب: كل شيء نُصب. قال ابن عباس: إلى غاية (٢)، أو علم يسرعون (٣). وهو [قول] (٤) أكثر المفسرين (٥).
وقال الحسن: يعني إلى أنصابهم أيهم يستلم أولاً (٦)، يعني الأوثان.
قال أبو إسحاق: وهذا على قراءة من قرأ: ﴿نَصَبٌ﴾ بضمتين (٧)، كقوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ قال: ومعناه: أصنام لهم (٨).
(١) لعله عني الآية التي في سورة القمر: ٧، فخلط الناسخ بينها وبين آية سورة المعارج، وتمامها: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧)﴾.
(٢) سورة القمر: ٧، وقد سبق ذكرها.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٦/ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٧. ووردت عنه بهذه الرواية في: "الكشف والبيان" ١٢: ١٨٧/ أ، وبنحوها في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٩ بعبارة: إلى علم يسعون، وكذا في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٧ وعزاه إلى ابن جرير.
(٤) في كلا النسختين: أقوال، وما أثبته هو الصواب.
(٥) وهو قول: أبي العالية، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، والضحاك، وسفيان، وابن زيد، ومجاهد. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٩ - ٩٠، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧١، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٧، وبه قال الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٤.
(٦) "جامع البيان" ٢٩/ ٩٠، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٦.
(٧) وممن قرأ بذلك: ابن عامر، وحفص عن عاصم بضمتين، وقرأ يعقوب: ﴿نَصَبٌ﴾ بفتح النون والصاد. وقرأ الباقون: ﴿إِلَى نُصُبٍ﴾ بفتح النون وسكون الصاد. انظر: "السبعة" ٦٥١، و"القراءات وعلل النحويين" ٢/ ٧١٤، و"الحجة" ٦/ ٣٢٢ - ٣٢٣، و"المبسوط في القراءات العشر" ٣٨٢، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٣٣٦/ ب، و"النشر" ٢/ ٣٩١.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٤ نقله عنه بالمعنى.
238
قال أبو علي: (النُصْب) يجوز أن يكون جمع نَصْب مثل: سَقْفٍ، وسُقْفٍ، ووَرْدٍ، ووُرْدٍ، فيجوز فيه التخفيف والتثقيل (١)، مثل: أَسدٍ في جمع أُسَدٍ، قال ويجوز أن يكون النَّصْبُ والنُّصْبُ لغتين مثل: الضَّعْف، والضُّعف، ويكون التثقيل كَشُغْل، وشُغُل، وطُنْب، وطُنُب (٢).
والكلام في النصب والأنصاب قد تقدم (٣).
وقوله: ﴿يُوفِضُونَ﴾ قال [أبو عبيدة] (٤): يسرعون (٥).
(١) بياض في: (ع).
(٢) الحجة: ٦/ ٣٢٣ نقله عنه الإمام الواحدي بتصرف يسير. قال ابن فارس: "النون والصاد والباء أصل صحيح يدل على إقامة شيء وإهداف في استواء، والنَّصب: حجر كان يُنصب فيُعبد، ويقال: هو النُّصُب، وهو حجر يُنْصب بين يدي الصنم تصب عليه دماء الذبائح للأصنام". ٦/ ٤٣٤ (نصب). وجاء في "الصحاح" "النَّصْب: ما نُصب فعبد من دون الله تعالى، وكذلك النُّصْب (بالضم، وقد يحرك"). ١/ ٢٢٥ (نصب). وفي "لسان العرب" "النَّصْب، والنُّصُب: العلم المنصوب، وقيل: النَّصْب: الغاية، والأول أصح". ١/ ٧٥٩ (نصب).
(٣) في سورة المائدة: ٣، والآية: ٩٠، قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾. "النصب جمع نصاب، وجائز أن يكون واحدًا وجمعه أنصاب، ويراد به -كما قال ابن عباس-: الأصنام التي تنصب وتعبد من دون الله. وقال الكلبي: النصب حجارة كانت يعبدونها. وقال الفراء: النصب: الآلهة التي كانت تعبد من حجارة، وقال الزجاج: النصب: حجارة كانت لهم يعبدونها، وهي الأوثان. وقال الآخرون: كانت حول الكعبة أحجار كان أهل الجاهلية يذبحون عليها، ويشرحون اللحم عليها، وكانوا يعظمون هذه الحجارة ويعبدونها، قالوا: وليست هي بأصنام، إنما الصنم ما يصور وينقش".
(٤) في كلا النسختين: (أبي) عبيد، وأثبت ما رأيت أنه صواب لمماثلة القول لقول أبي عبيدة، وكثيرًا ما يخلط الناسخ بينهما. والله أعلم.
(٥) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٠.
239
ونحو ذلك قال الزجاج (١)، والفراء (٢).
وأنشدوا:
لأنْعَتَنْ (٣) نَعامَةً مِيفاضا خَرْجاءَ ظلت تطلُبُ الأضاضا (٤)
قال الزجاج: الميفاض: السريعة، والأضاض: الموضع الذي يُلْجأ إليه، [يقال] (٥): أضَّتْني إليك حاجةً أضاضا (٦).
وقال المبرد: الإيفاض (٧): ضرب من السير (٨).
وجميع ألفاظ المفسرين دالة على الإسراع.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٤.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٦.
(٣) في (أ): لا نعيق.
(٤) عند الزجاج برواية: "تعدو" بدلًا من "ظلت". وقد ورد البيت عند الزجاج والفراء (مرجعان سابقان) من غير نسبة، وكذا في: شرح أبيات معاني القرآن للفراء ومواضع الاحتجاج بها. د. ناصر حسين علي: ١٩٦ شاهد: ٤٤٠ - ٤٤١، و"لسان العرب" ٧/ ١١٥، و٢٥٠ مادة: (أضض)، و (فض) برواية: "تغدو"، و"الإضاضا"، و"تاج العروس" ٥/ ٦، مادة: (أضَّ)، و"جامع البيان" ٢٩/ ٨٩ برواية: "تغدو" الإضاضا"، و"الدر المصون" ٦/ ٣٨١. وموضع الشاهد: "ميفاضا" من الإيفاض، وهو الإسراع. والمعنى: الخَرْج: اللون، فإذا رُقِّع القميص الأبيض برقعة حمراء، فهو أخرج، و: "تطلب الإضاضا"، أي: تطلب موضعًا تدخل فيه وتلجأ إليه. انظر: شرح أبيات معاني القرآن، مرجع سابق.
(٥) ساقط من النسخين، ومثبت من معاني القرآن وإعرابه، وبه يستقيم المعنى.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٢٤ باختصار.
(٧) في (أ): الإيضاض.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
240
قال ابن عباس (١)، وقتادة (٢)، ومقاتل (٣): يسعون.
وقال أبو (العالية) (٤)، ومجاهد (٥): يستبقون (٦).
وقال الحسن: يبتدرون (٧).
وقال محمد بن كعب: يشتدون (٨).
وقال الليث: الإبل تَفِضُ وَفْضًا، وتَسْتَوْفِض، وأوفَضَها صاحبها.
وعلى هذا الإيفاض واقع، وهو في الآية مطاوع (٩)، ويقال: وفض واستوفض بمعنى واحد (١٠).
(١) راجع الحاشية رقم: ١١ صفحة: ١٥٣.
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٨٩، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٨٧/ أ.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) غير واضحة لبياض في (ع)، وورد قوله هذا في: "جامع البيان" ٢٩/ ٨٩، و"الكشف والبيان" ١٨٧/ أ، و"النكت والعيون" ٦/ ٩٧، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧١، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٧، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) المراجع السابقة في مصادر قول أبي العالية عدا المحرر الوجيز.
(٦) في (أ): يستمعون.
(٧) "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٩٧ مطولًا، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٨٧، وعزاه إلى عبد بن حميد، كما ورد مطولًا أيضًا في "فتح القدير" ٥/ ٢٩٥.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) المطاوعة هي: قبول فاعل فعل أثر فاعل آخر يلاقيه اشتقاقًا، وهو حصول الأثر الأول للثاني مع التلاقي اشتقاقًا. انظر: معجم المصطلحات النحوية والصرفية: د. محمد اللبدي: ١٤١.
(١٠) "تهذيب اللغة" ١٢/ ٨٢ مادة: (وفض)، نقله الواحدي عن الأزهري باختصار. وانظر مادة: (وفض) في: مختار "الصحاح" ٧٣٠، و"تاج العروس" ٥/ ٩٧، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ٤٨٦، المفردات في غريب القرآن: للراغب الأصفهاني: ٥٢٨، و"نفس الصباح": ٧٧٤، و"تحفة الأريب" لأبي حيان: ٣١٩.
241
سورة نوح
243
Icon