تفسير سورة القمر

الدر المنثور
تفسير سورة سورة القمر من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة القمر بمكة.
وأخرج ابن الضريس وابن مردوية والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة ﴿ اقتربت الساعة ﴾.
وأخرج ابن مردوية عن ابن الزبير مثله.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال : قارىء اقتربت تدعى في التوراة المبيضة تبيض وجه صاحبها يوم تبيضّ الوجوه قال البيهقي : منكر.
وأخرج الديلمي عن عائشة مرفوعاً من قرأ ب ( الم تنزيل ) و ( يس ) و ﴿ اقتربت الساعة ﴾ و ﴿ تبارك الذي بيده الملك ﴾ كن له نوراً وحرزاً من الشيطان والشرك، ورفع له في الدرجات يوم القيامة.
وأخرج ابن الضريس عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه من قرأ ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ في كل ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.
وأخرج ابن الضريس عن ليث عن معن عن شيخ من همدان رفعه إلى النبي ﷺ قال :« من قرأ ﴿ اقتربت الساعة ﴾ غبا ليلة وليلة حتى يموت لقي الله تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر ».
وأخرج أحمد عن بريدة أن معاذاً بن جبل صلى بأصحابه صلاة العشاء فقرأ فيها ﴿ اقتربت الساعة ﴾ فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى وذهب، فقال له معاذ قولاً شديداً فأتى الرجل النبي ﷺ فاعتذر إليه فقال : إني كنت أعمل في نخل وخفت على الماء، فقال رسول الله ﷺ :« صلي بالشمس وضحاها ونحوها من السور ».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر والترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : سأل أهل مكة النبي ﷺ آية فانشق القمر بمكة فرقتين فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ إلى قوله ﴿ سحر مستمر ﴾ أي ذاهب.
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله ﷺ أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود قال : رأيت القمر منشقّاً شقتين بمكة قبل أن يخرج النبي ﷺ شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء، فقالوا : سحر القمر، فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قال مجاهد : يقول كما رأيتم القمر منشقاً فإن الذي أخبركم عن ﴿ اقتربت الساعة ﴾ حق.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طريق أبي معمر « عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله ﷺ :» اشهدوا « ».
338
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق الأسود عن عبد الله قال : رأيت القمر على الجبل وقد انشق فأبصرت الجبل من بين فرجتي القمر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من طريق مسروق عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد النبي ﷺ، فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا : انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم فقالوا : نعم قد رأيناه فأنزل الله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾.
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : انشق القمر في زمان النبي ﷺ.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق علقمة عن ابن مسعود قال :« كنا مع النبي ﷺ بمنى فانشق القمر حتى صار فرقتين، فتوارت فرقة خلف الجبل فقال النبي ﷺ :» اشهدوا « ».
وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الدلائل من طريق مجاهد « عن ابن عمر في قوله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قال : كان ذلك على عهد رسول الله ﷺ انشق فرقتين فرقة من دون الجبل وفرقة خلفه، فقال النبي ﷺ :» اللهم اشهد « ».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن جبير بن مطعم في قوله ﴿ وانشق القمر ﴾ قال : انشق القمر ونحن بمكة على عهد رسول الله ﷺ حتى صار فرقتين، فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقال الناس : سحرنا محمد، فقال رجل : إن كان سحركم فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قال : قد مضى ذلك قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه.
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد رسول الله ﷺ، فقالوا : سحر القمر، فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ إلى قوله ﴿ مستمر ﴾.
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس في قوله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قال :« اجتمع المشركون على عهد رسول الله ﷺ منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحرث، فقالوا للنبي ﷺ : إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فرقتين نصفاً على أبي قبيس ونصفاً على قعيقعان، فقال لهم النبي ﷺ :» إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا : نعم، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله ﷺ ربه أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر قد مثل نصفاً على أبي قبيس ونصفاً على قعيقعان، ورسول الله ﷺ ينادي يا أبا سلمة، بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم اشهدوا « ».
339
وأخرج أبو نعيم من طريق عطاء عن ابن عباس قال : انتهى أهل مكة إلى النبي ﷺ فقالوا : هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟ فهبط جبريل، فقال : يا محمد قل : يا أهل مكة إن تختلفوا هذه الليلة فسترون آية فأخبرهم رسول الله ﷺ بمقالة جبريل، فخرجوا ليلة أربع عشرة، فانشق القمر نصفين نصفاً على الصفا ونصفاً على المروة، فنظروا ثم مالوا بأبصارهم فمسحوها ثم أعادوا النظر فنظروا، ثم مسحوا أعينهم، ثم نظروا، فقالوا : يا محمد ما هذا إلا سحر ذاهب، فأنزل الله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾.
وأخرج أبو نعيم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله ﷺ فقالوا : أرنا آية حتى نؤمن فسأل النبي ﷺ ربه أن يريه آية فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين أحدهما على الصفا والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثم غاب القمر، فقالوا : هذا ﴿ سحر مستمر ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله ﷺ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم الضمار وغداً السباق.
وأخرج ابن المنذر عن حذيفة أنه قرأ [ اقتربت الساعة وقد انشق القمر ].
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كان انشقاق القمر ورسول الله ﷺ بمكة قبل أن يهاجر، فقالوا : هذا سحر أسحر السحرة فاقلعوا كما فعل المشركون إذا كسف القمر ضربوا بطساسهم وعما اصفر أحبارهم، وقالوا : هذا فعل السحر وذلك قوله ﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ثلاث ذكرهن الله في القرآن قد مضين ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قد انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ شقتين حتى رآه الناس ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ [ القمر : ٤٥ ] وقد ﴿ فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد ﴾ [ المؤمنون : ٧٧ ].
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قال : رأوه منشقاً فقالوا : هذا سحر ذاهب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ وكل أمر مستقر ﴾ قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ وكل أمر مستقر ﴾ قال : بأهله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة ﴿ وكل أمر مستقر ﴾ قال : مستقر بأهل الخير الخير وبأهل الشر الشر.
340
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ﴾ قال : هذا القرآن مزدجر قال : منتهى.
وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن عبد العزيز أنه خطب بالمدينة فتلا هذه الآية ﴿ ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ﴾ قال : أحل فيه الحلال وحرم فيه الحرام وأنبأكم فيه ما تأتون وما تدعون، لم يدعكم في لبس من دينكم، كرامة أكرمكم بها، ونعمة أتم بها عليكم.
قوله تعالى :﴿ خشعاً أبصارهم ﴾.
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس أنه كان يقرأ [ خاشعاً أبصارهم ] بالألف.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ خُشَّعاً أبصارهم ﴾ برفع الخاء.
وأخرج ابن جرير عن قتادة [ خاشعاً أبصارهم ] أي ذليلة أبصارهم، والله أعلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ قال : ناظرين.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ مهطعين ﴾ قال : مذعنين خاضعين، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول تبع :
تعبدني نمر بن سعد وقد درى ونمر بن سعد لي مدين ومهطع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ قال : عامدين إلى الداعي.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ قال : منطلقين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن تميم بن حدلم في قوله ﴿ مهطعين ﴾ قال : الإِهطاع التجميح.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ قال : هو النسلان.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ قال : صائخي أذانهم إلى الصوت.
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ وقالوا مجنون وازدجر ﴾ قال : استطير جنوناً.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله ﴿ وازدجر ﴾ قال : تهددوه بالقتل.
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علياً عن المجرة فقال : هي شرخ السماء، ومنها فتحت أبواب السماء بماء منهمر، ثم قرأ ﴿ ففتحنا أبواب السماء ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ﴾ قال : كثير لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب، وفتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم فالتقى الماءان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله ﴿ فالتقى الماء ﴾ قال : ماء السماء وماء الأرض ﴿ على أمر قد قدر ﴾ قال : كانت الأقوات قبل الأجساد وكان القدر قبل البلاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ قد قدر ﴾ قال : صاح بصاع.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ وحملناه على ذات ألواح ودُسر ﴾ قال : الألواح ألواح السفينة والدسر معاريضها التي تشد بها السفينة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : الألواح الصفائح، والدسر العوارض.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ وحملناه على ذات ألواح ﴾ قال : معاريض السفينة ﴿ ودسر ﴾ قال : دسرت بمسامير.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ ودسر ﴾ قال : المسامير.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : حدثنا أن دسرها مساميرها التي شدت بها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله ﴿ ودسر ﴾ قال : الدسر التي تحرز بها السفينة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟. قال : نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول :
سفينة نوتي قد احكم صنعها مثخنة الألواح منسوجة الدسر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الدسر كلكل السفينة.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الدسر صدرها الذي يضرب به الموج.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحوه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى ﴿ جزاء لمن كان كفر ﴾ قال : جزاء الله هو الذي كفر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ ولقد تركناها آية ﴾ قال : أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركها أوائل هذه الأمة.
أخرج آدم بن أبي اياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد ﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر ﴾ قال : هوّنا قراءته.
342
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر ﴾ قال : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعاً مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين أنه مر برجل يقول سورة خفيفة قال لا تقل سورة خفيفة، ولكن قل سورة ميسرة لأن الله يقول ﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ فهل من مدكر ﴾ قال : هل من متذكر.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله ﴿ فهل من مدكر ﴾ قال : هل من منزجر عن المعاصي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ هل من مدكر ﴾ قال : هل من طالب خير يعان عليه؟
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر عن مطر الوراق في قوله ﴿ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ﴾ قال : هل من طالب علم فيعان عليه؟
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قرأت على النبي ﷺ [ فهل من مذكر ] بالذال، فقال ﴿ فهل من مدكر ﴾ بالدال.
343
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً ﴾ قال : باردة ﴿ في يوم نحس ﴾ قال : أيام شداد.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ﴿ صرصراً ﴾ قال : شديدة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ ريحاً صرصراً ﴾ قال الباردة ﴿ في يوم نحس ﴾ قال : في يوم مشؤوم على القوم مستمر استمر عليهم شره.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ في يوم نحس ﴾ قال : النحس البلاء والشدة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول :
سواء عليه أي يوم أتيته أساعة نحس تتقي أم بأسعد
وأخرج ابن أبي حاتم عن زر بن حبيش ﴿ في يوم نحس مستمر ﴾ قال : يوم الأربعاء.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :« قال لي جبريل : اقض باليمين مع الشاهد وقال : يوم الأربعاء ﴿ يوم نحس مستمر ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن عليّ قال : نزل جبريل على النبي ﷺ باليمين مع الشاهد والحجامة ويوم الأربعاء يوم نحس مستمر.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله ﷺ يقول :« يوم نحس يوم الأربعاء ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال :« سئل رسول الله ﷺ عن الأيام وسئل عن يوم الأربعاء قال : يوم نحس، قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال : أغرق فيه الله فرعون وقومه وأهلك عاداً وثمود ».
وأخرج وكيع في الغرر وابن مردويه والخطيب بسند عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر ».
وأخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما أقبلت الريح قام إليها عاد فأخذ بعضهم بأيدي بعض وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا : من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كان صادقاً، فأرسل الله عليهم الريح تنزع الناس ﴿ كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من عاد ليتخذ المصراعين من حجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوه، فكان الرجل يغمز قدمه في الأرض فتدخل فيه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ كأنهم أعجاز نخل ﴾ قال : أصول نخل ﴿ منقعر ﴾ قال : منقطع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ أعجاز نخل منقعر ﴾ قال : أعجاز سود النخل.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴾ قال : وقعت رؤوسهم كأمثال الأخشبة وتقوّرت أعناقهم فشبهها بأعجاز نخل منقعر.
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ إنا إذاً لفي ضلال وسعر ﴾ قال : شقاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ إنا إذاً لفي ضلال وسعر ﴾ قال : في ضلال وعناء.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ وسعر ﴾ قال : ضلال، وفي قوله ﴿ كل شرب محتضر ﴾ قال : يحضرون الماء إذا غابت الناقة وإذا جاءت حضروا اللبن، وفي قوله ﴿ فتعاطى ﴾ قال : تناول، وفي قوله ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : الرجل هشم الحنتمة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله ﴿ فتعاطى فعقر ﴾ قال : تناول أحيمر ثمود الناقة فعقرها، وفي قوله ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : كرماد محترق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فتعاطى ﴾ قال : تناول.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : كالعظام المحترقة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : كالحشيش تأكله الغنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : هو الحشيش قد حظرته فأكلته يابساً فذهب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ قال : التراب الذي يسقط من الحائط.
قوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط ﴾ الآيات.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ فتماروا بالنذر ﴾ قال : لم يصدقوا بها، وفي قوله ﴿ فطمسنا أعينهم ﴾ قال : ذكر لنا أن جبريل استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطاً، وأنهم عاجلوا الباب ليدخلوا عليهم، فصعقهم بجناحه فتركهم عمياناً يترددون، وفي قوله ﴿ ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ﴾ قال : استقر بهم في نار جهنم، وفي قوله ﴿ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ﴾ قال : عزيز في نقمته إذا انتقم لا يخاف أن يسبق، وفي قوله ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ يقول : أكفاركم خير ممن قد مضى.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ﴾ قال : عذاب في الدنيا استقر بهم في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ يقول : ليس كفاركم خيراً من قوم نوح وقوم لوط.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ قال : أكفاركم أيتها الأمة خير مما ذكر من القرون الأولى الذين أهلكتهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ يقول : أكفاركم خير من أولئكم الذين مضوا ﴿ أم لكم براءة في الزبر ﴾ يعني في الكتب.
أخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ قال : كان ذلك يوم بدر قالوا ﴿ نحن جميع منتصر ﴾ فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري والنسائي وابن المنذر والطبراني وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال وهو في قبة له يوم بدر :« أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً، فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك يا رسول الله ألححت على ربك، فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول :﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ﴾ ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان يثب في الدرع يوم بدر ويقول « هزم الجمع وولوا الدبر ».
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل على محمد ﷺ وأنا بمكة وإني لجارية ألعب ﴿ بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنزل الله على نبيه بمكة قبل يوم بدر ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله أي جمع سيهزم؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله ﷺ في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ وكانت ليوم بدر فأنزل الله فيهم ﴿ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب ﴾ [ المؤمنون : ٦٤ ] الآية وأنزل الله ﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً ﴾ [ إبراهيم : ٢٨ ] الآية ورماهم رسول الله ﷺ فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم، حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه، فأنزل الله ﴿ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ﴾ [ الأنفال : ١٧ ].
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ قال عمر رضي الله عنه : جعلت أقول : أي جمع سيهزم؟ حتى كان يوم بدر رأيت النبي ﷺ يثب في الدرع وهو يقول ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ فعرفت تأويلها يومئذ.
وأخرجه ابن جرير ومن وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما موصولاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية رضي الله عنه ﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ قال : يوم بدر.
346
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي ﷺ قال يوم بدر :« هزموا وولوا الدبر ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله ﴿ والساعة أدهى وأمر ﴾ قال : ذكر الله قوم نوح وما أصابهم من العذاب، وذكر عاداً وما أصابهم من الريح، وذكر ثمود وما أصابهم من الصيحة، وذكر قوم لوط وما أصابهم من الحجارة، وذكر آل فرعون وما أصابهم من الغرق، فقال :﴿ أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر ﴾ إلى قوله ﴿ والساعة أدهى وأمر ﴾ يعني أدهى مما أصاب أولئك وأمرّ.
وأخرج ابن المبارك في الزهد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« بادروا بالأعمال سبعاً ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغياً أو فقراً منسياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال، والدجال شر غائب ينتظر أو الساعة ﴿ والساعة أدهى وأمر ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن معقل رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« إن الله جعل عقوبة هذه الأمة السيف وجعل موعدهم الساعة ﴿ والساعة أدهى وأمر ﴾ ».
347
أخرج أحمد ومسلم وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء مشركو قريش إلى النبي ﷺ يخاصمونه في القدر فنزلت ﴿ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾.
وأخرج البزار وابن المنذر بسند جيد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : ما أنزلت هذه الآية ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ إلا في أهل القدر.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن شاهين وابن منده والباوردي في الصحابة والخطيب في تالي التلخيص وابن عساكر عن زرارة رضي الله عنه « عن النبي ﷺ أنه تلا هذه الآية ﴿ ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ قال :» في أناس من أمتي في آخر الزمان يكذبون بقدر الله « ».
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله عنه : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إن هذه الآية نزلت في القدرية ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر ﴾ ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، وكانت أمه لبابة بنت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالت : كنت أزور جدي ابن عباس رضي الله عنهما في كل يوم جمعة قبل أن يكف بصره، فسمعته يقرأ في المصحف فلما أتى على هذه الآية ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ﴾ قال : يا بنية ما أعرف أصحاب هذه الآية ما كانوا بعد وليكونن.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له : قد تكلم في القدر، فقال : أو فعلوها؟ والله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم ﴿ ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ أولئك شرار هذه الأمة، لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم إن أريتني واحداً منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين.
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في القدرية ﴿ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ قال : خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق لهم الخير والشر بقدر.
348
وأخرج مسلم عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس ».
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : كل شيء بقضاء وقدر حتى وضعك يدك على خدك.
وأخرج أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال :« لكل أمة مجوس، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ».
وأخرج ابن شاهين في السنة عن محمد بن كعب القرظي قال : طلبت هذا القدر فيما أنزل الله على محمد ﷺ فوجدته في ﴿ اقتربت الساعة ﴾، ﴿ وكل شيء فعلوه في الزبر ﴾، ﴿ وكل صغير وكبير مستطر ﴾.
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن محمد بن كعب القرظي قال : إنما نزلت هذه ﴿ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ تعيير الأهل القدر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ وكل شيء فعلوه في الزبر ﴾ قال : في الكتاب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿ وكل صغير وكبير مستطر ﴾ قال : مسطور في الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ وكل صغير وكبير مستطر ﴾ قال : محفوظ مكتوب.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ وكل صغير وكبير مستطر ﴾ قال : مكتوب.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة ﴿ مستطر ﴾ مكتوب في سطر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ﴿ ولقد أهلكنا أشياعكم ﴾ قال : أشياعهم من أهل الكفر من الأمم السالفة ﴿ فهل من مدكر ﴾ يقول : هل من أحد يتذكر؟.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ما طنَّ ذباب إلا بقدر، ثم قرأ ﴿ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال : المكذبون بالقدر مجرمو هذه الأمة، وفيهم أنزلت هذه الآية ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر ﴾ إلى قوله ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ قال : يقول خلق كل شيء فقدره، فقدر الدرع للمرأة، والقميص للرجل، والقتب للبعير، والسرج للفرس، ونحو هذا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : جاء العاقب والسيد وكانا رأسي النصارى بنجران فتكلما بين يدي النبي ﷺ بكلام شديد في القدر، والنبي ﷺ ساكت ما يجيبهما بشيء حتى انصرفا، فأنزل الله ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ الذين كفروا وكذبوا بالله قبلكم ﴿ أم لكم براءة في الزبر ﴾ في الكتاب الأول إلى قوله ﴿ ولقد أهلكنا أشياعكم ﴾ الذين كفروا وكذبوا بالقدر قبلكم ﴿ وكل شيء فعلوه في الزبر ﴾ في أم الكتاب ﴿ وكل صغير وكبير مستطر ﴾ يعني مكتوب إلى آخر السورة.
349
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن كعب قال : كنت أقرأ هذه الآية فما أدري من عني بها حتى سقطت عليها ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر ﴾ إلى قوله ﴿ كلمح بالبصر ﴾ فإذا هم المكذبون بالقدر.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أهل التكذيب إلى آخر الآية، قال مجاهد : قلت لابن عباس : ما تقول فيمن يكذب بالقدر؟ قال : اجمع بيني وبينه، قلت : ما تصنع به؟ قال : أخنقه حتى أقتله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« صنفان من أمتي ليس لهما في الإِسلام نصيب المرجئة والقدرية، أنزلت فيهم آية من كتاب الله ﴿ إن المجرمين في ضلال وسعر ﴾ إلى آخر الآية ».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إني لأجد في كتاب الله قوماً يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم ﴿ ذوقوا مسَّ سقر ﴾ لأنهم كانوا يكذبون بالقدر وإني لا أراهم فلا أدري أشيء كان قبلنا أم شيء فيما بقي.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : ما نزلت هذه الآية إلا تعييراً لأهل القدر ﴿ ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله ﷺ :« إن لكل أمة مجوساً وإن مجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، فمن مرض فلا تعودوه وإن مات فلا تشهدوه، وهم من شيعة الدجال حق على الله أن يلحقهم به ».
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت بأذني هاتين رسول الله ﷺ يقول :« إن أول ما خلق الله القلم قيل : اكتب لا بد قال : وما لا بد قال : القدر، قال : وما القدر؟ قال : تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك إن مت على غير ذلك دخلت النار ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :« إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي أين خصماء الله؟ فيقومون مسودة وجوههم مزرقة عيونهم مائلاً شفاههم يسيل لعابهم، يقذرهم من رآهم، فيقولون : والله يا ربنا ما عبدنا من دونك شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً » قال ابن عباس رضي الله عنهما : لقد أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون، ثم تلا ابن عباس ﴿ يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ﴾ [ المجادلة : ١٨ ]، هم والله القدريون ثلاث مرات.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : ذكر لابن عباس أن قوماً يقولون في القدر فقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنهم يكذبون بكتاب الله فلآخذن بشعر أحدهم فَلأَنصينَّهُ، ان الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئاً، وأول شيء خلق القلم، وأمره أن يكتب ما هو كائن، فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه.
350
وأخرج عبد بن حميد عن أبي يحيى الأعرج قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وذكر القدرية، فقال : لو أدركت بعضهم لفعلت به كذا وكذا ثم قال : الزنا بقدر، والسرقة بقدر، وشرب الخمر بقدر.
وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل؟ أفي شيء نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه؟ فقال رسول الله ﷺ :« اعملوا فكل ميسر سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى ».
351
أخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« النهر الفضاء والسعة ليس بنهر جار ».
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ في جنات ونهر ﴾ قال : النهر السعة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول :
ملكت بها فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها
وأخرج عبد بن حميد عن شريك في قوله ﴿ في جنات ونهر ﴾ قال : جنات وعيون.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه أن عاصماً قرأ ﴿ في جنات ونهر ﴾ مثلثة منتصبة النون، قال أبو بكر رضي الله عنه : وكان زهير القرشي يقرأ ﴿ ونهر ﴾ يريد جماعة النهر.
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة « عن رسول الله ﷺ في قوله ﴿ في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾ قال : إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن، وقد جلس كل امرىء منهم مجلس الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة بالأعمال، فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك، ولم يسمعوا شيئاً أعظم منه ولا أحسن منه، ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد ».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله ﴿ إن المتقين في جنات ونهر ﴾ قال : في نور وضياء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ثور بن يزيد رضي الله عنه قال : بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون : يا أولياء الله انطلقوا، فيقولون : إلى أين؟ فيقولون : إلى الجنة، فيقولون : إنكم تذهبون بنا إلى غير بغيتنا، فيقال لهم : وما بغيتكم؟ فيقولون : المقعد مع الحبيب وهو قوله ﴿ إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : دخلت المسجد وأنا أرى أني قد أصبحت فإذا عليَّ ليل طويل، وإذا ليس فيه أحد غيري، فقمت فسمعت حركة خلفي ففزعت فقال : أيها الممتلىء قلبه فرقاً لا تفرق، أو لا تفزع، وقل : اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون، ثم سل ما بدا لك قال سعيد : فما سألت الله شيئاً إلا استجاب لي.
وأخرج أبو نعيم عن جابر قال :« بينما رسول الله ﷺ يوماً في مسجد المدينة فذكر بعض أصحابه الجنة، فقال النبي ﷺ :» يا أبا دجانة أما علمت أن من أحبنا وابتلي بمحبتنا أسكنه الله تعالى معنا « ثم تلا ﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾ ».
Icon