ﰡ
مكية وآيها ثنتان وخمسون بالاتفاق بسم الله الرحمن الرحيم
ن اى هذه سورة ن او بحق ن وهى هذه السورة اقسم الله بها على سبيل التأكيد فى اثبات الحكم على ما عليه عادة الخلق مع ما فيه من بيان عظم شأن المقسم به والا فكما انه تعالى لا يليق القسم بشانه العالي فكذا لا يصح لغيره ان يكون مقسما به والنون حرف واحد فى الكتابة وثلاثة أحرف فى التلفظ وقد قال عليه السلام من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف أراد عليه السلام بالحرف ما يتهجى به فيرجى أن يعطى الله بلفظ ن ثلاثين حسنة لانه مشتمل فى التلفظ على نونين بينهما واو وقال بعضهم هو مفتاح اسم النور والناصر أو قسم بنصرة الله المؤمنين اعتبارا بقوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقال سهل قدس سره النون اسم من اسماء الله تعالى وذلك انه إذا اجتمعت أوائل هذه السور الثلاث الر وحم ون يكون الرحمن وقيل فيه إنه اسم من اسماء النبي عليه السلام كما فى التكملة لعل هذه القائل أشار الى قوله عليه السلام أول ما خلق الله نورى فيكون النور اسمه عليه السلام فان قلت فيلزم التكرار لان القلم أيضا من أسمائه كما قال أول ما خلق الله القلم قلت التغاير فى العنوان بمنزلة التغاير فى الذات فسمى عليه السلام باعتبار نورانيته نورا وباعتبار انه صاحب القلم قلما كما سمى خالدين وليد رضى الله عنه سيف الله المسلول لكونه صاحب سيف وقال بعضهم هو لوح من نور أو اسم نهر فى الجنة (وفى المفردات) النون الحوت العظيم ولذا قال عكرمة فى الآية اقسم الله بالحوت الذي لطخ سهم نمرود بدمه لان نمرود لما رمى السهم نحو السماء عاد السهم مختضبا بدم سمكة فى بحر معلق فى الهولء فأكرم الله ذلك الحوت بأن اقسم به وأحل جنسه من غير ذكاة فانه لا يحل الا ميتتان السمك والجراد وفى معناهما ما يستحيل من الاطعمة كدود الفتاح والجبن فان الاحتراز عنهما غير ممكن فاما إذا أفردت وأكلت فحكمها حكم الذباب والخنفساء والعقرب وكل ما ليس له نفس سائلة ولا سبب فى تحريمه الا الاستقذار ولو لم يكن لكان لا يكرء وان وجد شخص لا يستقذره لا يلتفت الى خصوص طبعه فانه التحق بالخبائث لعموم الاستقذار فيكره أكله كما لو جمع المخاط وشربه كره كما فى الاحياء يقال لو أريد به معنى الحوت كانت المناسبة بين المتعاطفين كما فى ما بين كم الخليفة والف باذنجانة. يقول الفقير المناسبة بينهما خفية لا يدركها الا اهل الحقائق وهى ان كبد الحوت غذآء اهل الجنة قبل كل شىء فيجدون بعد أكله حياة ابدية فى أبدانهم كما ان القلم يكتب به من العلوم ما فيه حياة باقية لارواحهم ولذا سمى جبريل روحا لانه كان يجيئ بالوحى الذي هو سبب لحياة القلوب والأرواح فيكون ن والقلم كالماء والعلم ولا شك فى ثبوت المناسبة التامة بينهما فالقياس الذي ذكره القائل باطل وقائل الباطل جاهل وقال بعضهم هو اسم الحوت الذي احتبس يونس عليه السلام فى بطنه ولذا سماء الله تعالى ذا النون وقال بعضهم هو الحوت الذي على ظهره الأرض وهو فى
مالى أراكم كلكم سكوتا | والله ربى خلق البر هوتا |
يكن لقوائمه قرار فخلق الله كمكاما من الرمل كغلظ سبع سموات وسبع ارضين فاستقر عليه قوائم الثور ثم لم يكن للكمكام مستقر فخلق الله حوتا يقال له برهو فوضع الكمكام على وبر الحوت والوبر الجناح الذي يكون فى وسط ظهره وذلك مزموم بسلسلة من القدرة كغلظ السموات والأرض مرار وانتهى إبليس لعنه الله الى ذلك الحوت فقال له ما خلق الله خلقا أعظم منك فلم لا تزيل الدنيا عن ظهرك فهم بشئ من ذلك فسلط الله عليه بقة فى انفه فشغلته وفى رواية بعث الله دابة فدحلت منخره فوصلت الى دماغه فعج الحوت الى الله تعالى منها فاذن لها فخرجت قال كعب فو الله الذي نفسى بيده انه لينظر إليها وانها لتنظر اليه ان هم بشئ من ذلك عادت كما كانت قبل وأنبت الله من تلك الياقوتة جبل قاف وهو من زمردة وله رأس ووجه وأسنان وأنبت من جبل قاف الجبال الشواهق كما نبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذلك لا يؤثر فى البحار زيادة فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة وزعم قوم ان الأرض على الماء والماء على الصخرة على سنام الثور والثور على كمكام من الرمل متلبدا والكمكام على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم الريح على حجاب من ظلمة والظلمة على الثرى وقد انتهى علم الخلائق الى الثرى ولا يعلم ما ورلء ذلك أحد الا الله الذي له ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وهذه الاخبار مما تزيد المرء بصيرة فى دينه وتعظيما لقدرة ربه وتحيرا فى عجائب خلقه فان صحت فما خلقها على الصانع القدير بعزيز وان تكن من اختراع اهل الكتاب وتنميق القصاص فكلها تمثيل وتشبيه ليس بمنكر كذا فى خريدة العجائب (وقال فى كشف الاسرار) بعض مفسران كفتند ماهيست بر آب زير هفت طبقه زمين ماهى از كرانئ بار زمين خم در خم كرديد بر مثال نون شد شكم بآب فرو برده وسر از مشرق بر آورده وذنب از مغرب وخواست كه از كران بارى بنالد جبريل بانك بروى زد چنان بترسيد كه كران بارئ زمين فراموش كرد وتا
الحاضرين واما بالنسبة الى من غاب وبعد من اهل عصر واحد ومن اهل الزمان الآتي فانما يكون بالكتابة كما قال بعضهم البيان اثنان بيان لسان وبيان بنان ومن فضل بيان البنان ان ما تثبة الأقلام باق على الأيام وبيان اللسان تدرسه الأعوام ولو لم يكن للقلم مزية سوى كونه آلة لتحرير كتب الله لكفى به فضلا موجبا لتعظيمه ومن تعظيمه تعظيم برايته فتوضع حيث لا تطأها الاقدام والا أورثت الآلام وعن بعض الحكماء قوام امور الدين والدنيا بشيئين القلم والسيف والسيف تحت القلم لولا القلم اما قام دين ولا صلح عيش قال بعضهم
ان يخدم القلم السيف الذي خضعت | له الرقاب ودانت خوفه الأمم |
كذا قضى الله للاقلام مذبريت | ان السيوف لها مذأر هفت خدم |
وقال بعضهم. إذا اقسم الابطال يوما بسيفهم | وعدوه مما يجلب المجد والكرم |
كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة | مدى الدهر ان الله اقسم بالقلم |
كأنك شمس والملوك كواكب | إذا طلعت لم يبد منهن كوكب |
فاق النبيين فى خلق وفى خلق | ولم يدانوه فى علم ولا كرم |
فانه شمس فضل هم كواكبها | يظهر أنوارها للناس فى الظلم |
مستكبر) وقيل بغت أم الوليد ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية فمعنى زنيم حينئذ ولد الزنى وبالفارسية حرام زاده كه پدر او معلوم نباشد قال الشاعر
زنيم ليس يعرف من أبوه | بغى الام ذو حسب لئيم |
جرم وكناه مدعى از فعل مادرست | كو را خطاى مادر او خاكسار كرد |
اى يلوم بعضهم بعضا على ما فعلوا فان منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من أنكره وبالفارسية اين آنرا مى كفت تو چنين انديشيدى وآن عذر مى آورد كه تو هم بدين راضى بودى قالُوا يعنى بگناه خود اعتراف نمودند واز روى نياز كفتند يا وَيْلَنا اى واى بر ما ودر دزدكى إِنَّا كُنَّا طاغِينَ متجاوزين حدود الله تعالى وبالفارسية از حد برندكان در كنهكارى كه درويشانرا محروم ساختيم عَسى رَبُّنا شايد پروردگار ما كه از كرم او اميدواريم أَنْ يُبْدِلَنا ان يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة خَيْراً مِنْها بهترى از ان باغ إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ راجعون العفو طالبون الخير والى لانتهاء الرغبة لان الله منتهى رجائهم وطلبهم او لتضمنها معنى الرجوع والا فالمشهور ان تتعدى الرغبة بكلمة فى او عن دون الى روى انهم تعاقدوا وقالوا ان أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا الله وتضرعوا اليه فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها قالوا ان الله أمر جبريل ان يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزعر من ارض الشام اى موضع قليل النبات ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها وقال ابن مسعود رضى الله عنه ان القوم لما أخلصوا وعرف الله منهم الصدق ابدلهم جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا قال أبو خالد اليماني دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم يعنى در ان باغ خوشه انگور ديدم برابر مردى سياه بر پاى ايستاده محققان كفته اند هر كه ببلائي مبتلا كردد ومثال او عرضة تلف شود واو تأمل نمايد وداند كه باستحقاق برو نازل شده پس بگناه اعتراف نموده بحضرت عزت بازگشت كند بهتر وخوشتر از آنچهـ ازو بازستده بدو دهد چنانچهـ بوستان حيوان بعوض باغ ضروانى و پير رومى قدس سره ازين معنى خبر ميدهد آنجا ميفرمايد
اولم خم شكست وسركه بريخت | من نكويم كه اين زيانم كرد |
صد خم شهد صافى از پى آن | عوضم داد وشادمانم كرد |
فى امر عظيم شديد يحتاج فيه الى جهد ومقاساة شمر عن ساقك وكذلك التفت الساق بالساق اى دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها فى بعض يوم القيامة وقيل ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان فان ساق الشجر مثلا أصله والاغصان تنبت على ذلك الأصل وتقوم به فالمعنى حينئذ يوم يكشف عن اصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصولها بحيث تصير عيانا وتنكيره على الوجه الاول للتهويل لان يوم القيامة يوم يقع فيه امر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف وعلى الثاني للتعظيم وَيُدْعَوْنَ اى الكفار والمنافقون إِلَى السُّجُودِ توبيخا وتعنيفا على تركهم إياه فى الدنيا وتحسيرا لهم على تفريطهم فى ذلك لا على سبيل التكليف والتعبد لان يوم القيامة لا يكون فيه تعيد ولا تكليف وسيأتى غير هذا فَلا يَسْتَطِيعُونَ لزوال القدرة الحقيقية عليه وسلامة الأسباب والآلات وفيه دلالة على انهم يقصدون السجود فلا يتأتى منهم ذلك ابن مسعود رضى الله عنه تعقم أصلابهم اى ترد عظاما بلا مفاصل لا تنثنى عند الرفع والخفض فيبقون قياما على حالهم حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على تفريطهم وفى الحديث (وتبقى أصلابهم طبعا واحدا) اى فقارة واحدة. ودر خبرست كه پشت كافر ومنافق چوق سرون كاويك مهره شود (كأن سفافيد الحديد فى ظهورهم) عن ابى بردة عن ابى موسى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه فى الدنيا فذهب كل قوم الى ما كانوا يعبدون فى الدنيا ويبقى اهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم فيقولون ذهب الناس فيقولون ان لناربا كنا نعبده فى الدنيا ولم نره فيقال تعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال لهم كيف ولم تروه قالوا الا يشبهه شىء فيكشف لهم الحجاب فينظرون الى الله تعالى فيخرون ن له سجدا ويبقى أقوام ظهورهم مثل صياصى البقر فيريدون السجود ولا يستطيعون كقوله تعالى يوم يكشف إلخ يقول الله يا عبادى ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى فى النار قال ابو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال والله الذي لا اله الا هو أحدثك أبوك بهذا الحديث فحلفت له بثلاث ايمان فقال
هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون وإذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون قال الله لهم ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فينصرف الله عنهم فيمكث ما شاء أن يمكث ثم يأتيهم فيقول ايها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به انه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه وتجعل أصلابهم كصياصى البقر ثم يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم انتهى. واعلم ان حديث التحول مجمع عليه وهو من آثار الصفات الالهية كرؤيته فى المنام فى الصورة الانسانية والا فالله تعالى بحسب ذاته منزه عن الصورة وما يتبعها ومن مشى على المراتب لم يعثر ثم ان الآية دلت على جواز ورود الأمر بتكليف مالا يطاق والقدرية لا يقولون بذلك ففيها حجة عليهم كما فى اسئلة المقحمة لكن ينبغى أن يعلم ان المراد بما لا يطاق هو المحال العادي كنظر الأعمى الى المصحف ولا نزاع فى تجويز التكليف به وكذا المحال العارضى كايمان أبى جهل فانه صار محالا بسبب عارض وهو اخبار الله
مده فرصت از دست كر بايدت | كه كوى سعادت ز ميدان برى |
كه فرصت عزيزست چون فوت شد | بسى دست حسرت بدندان برى |