ﰡ
يريد : الثلث الآخِر.
والمعنى : أو نصفه، ثم رخص له فقال :﴿ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ﴾ من النصف إلى الثلث أو زد على النصفِ إلى الثلثين، وَكان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، فلما فرضت الصلاة نسخَتْ هذا، كما نَسخَت الزكاةُ كلَّ صدقة، وشهر رمضان كلَّ صوم.
يقول : اقرأه على هِينتك ترسلا.
أي : ليس بالخفيف ولا السَّفْساف ؛ لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى.
يقول : هي أثبت قياما. ﴿ وَأَقْوَمُ [ ١١٠/ب ] قِيلاً ﴾ يقول : إن النهار يضطرب فيه الناس، ويتقلبون فيه للمعاش، والليل أخلى للقلب، فجعله أقوم قيلا.
وقال بعضهم. إن ناشئة الليل هي أشد على المصلي من صلاة النهار ؛ لأن الليل للنوم، فقال : هي، وإن كانت أشد وطئا فهي أقوم قيلا، وقد اجتمع القراء على نصب الواو من وطئاً وقرأ بعضهم :«هي أشَدُّ وطئاً » قال : قال الفراء : أكتب وطئا بلا ألف [ وقرأ بعضهم : هي أشد وِطَاء ] فكسر الواو ومده يريد : أشد علاجا ومعالجة ومواطأة. وأما الوِطء فلا وِطء لم نروه عن أحد من القراء.
يقول : لك في النهار ما يقضي حوائجك. وقد قرأ بعضهم :«سبخا » بالخاء، والتسبيخ : توسعة الصوف والقطن وما أشبهه، يقال : سبِّخي قطنك. قال أبو الفضل : سمعت أبا عبد الله يقول : حضر أبو زياد الكلابي مجلس الفراء في هذا اليوم، فسأله الفراء عن هذا الحرف فقال : أهل باديتنا يقولون : اللهم سبِّخ عنه للمريض والملسوع ونحوه.
أخْلِص لله إخلاصا، ويقال للعابد إذا ترك كل شيء، وأقبل على العبادة : قد تبتل، أي : قطع كل شيء إلا أمر الله وطاعته.
خفضها عاصم والأعمش، ورفعها أهل الحجاز، والرفع يحسن إِذا انفصلت الآية من الآية، ومثله :﴿ وتَذَرُونَ أحْسَنَ الْخَالِقِينَ، اللهُ رَبُّكُمْ ﴾ [ ١١١/ا ] في هذين الموضعين يحسن الاستئناف والإتباع.
وقوله عز وجل :﴿ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾.
كفيلا بما وعدك.
والكثيب : الرمل، والمهيل : الذي تحرك أسفله فينهال عليك من أعلاه، والمهيل : المفعول، والعرب تقول : مهيل ومهيول، ومكيد ومكيود، قال الشاعر :
وناهزُوا البيعَ من تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ | مُستَأْرَبٍ، عَضَّه السُّلطانُ مَديُونُ |
معناه : فكيف تتقون يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم، وكذلك هي في قراءة عبد الله سواء.
بذلك اليوم، والسماء تذكر وتؤنث، فهي ها هنا في وجه التذكير. قال الشاعر :
فلو رَفع السماء إليه قوماً | لحقنا بالنجومِ مع السحابِ |
طريقا ووجهة إلى الله.
قرأها عاصم والأعمش بالنصب، وقرأها أهل المدينة والحسنُ البصري بالخفض، فمن خفض أراد : تقوم أقل من الثلثين. وأقل من النصف. ومن الثلث. ومن نصب أراد : تقوم أدنى من الثلثين، فيقوم النصف أو الثلث، وهو أشبه بالصواب، لأنه قال : أقل من الثلثين، ثم ذكر تفسير القلة لا تفسير أقل من القلة. ألا ترى أنك تقول للرجل : لي عليك أقل من ألف درهم ثماني مائة أو تسع مائة، كأنه أوجه في المعنى من أن تفسر قلة أخرى [ ١١١/ب ] وكلٌّ صواب.
﴿ وَطَائفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ﴾ كان النبي صلى الله عليه، وطائفة من المسلمين يقومون الليل قبل أن تفرض الصلاة، فشق ذلك عليهم، فنزلت الرخصة. وقد يجوز أن يخفض النصف، وينصب الثلث لتأويل قوم : أنّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إِلى ثلث الليل، فقالوا : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من الثلثين، ومن النصف، ولا تنقص من الثلث، وهو وجه شاذ لم يقرأ به أحد. وأهل القراءة الذين يُتَّبعون أعلم بالتأويل من المحدثين. وقد يجوز، وهو عندي : يريد : الثلث.
وقوله عز وجل :﴿ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ ﴾.
أن لن تحفظوا مواقيت الليل ﴿ فَاقْرَءُواْ ما تَيَسَّرَ ﴾ المائة فما زاد. وقد ذكروا : أنه من قرأ عشر آيات لم يكتب من الغافلين، وكل شيء أحياه المصلي من الليل فهو ناشئة.
وقوله عز وجل :﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ﴾ يعني : المفروضة.