تفسير سورة الحجر

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
السورة التي فيها ذكر الحجر

بسم الله الرحمن الرحيم

سقطت ألف الوصل من كتابة بسم الله وليس لإسقاطها علة، وزيد في شكل الباء من بسم الله وليس لزيادتها علة، ليعلم أن الإثبات والإسقاط بلا علة، فلم يقبل من قبل لاستحقاق علة، ولا رد من رد لاستيجاب علة. فإن قيل العلة في إسقاط الألف من بسم الله كثرة الاستعمال في كتابتها أشكل بأن الباء من بسم الله زيد في كتابتها وكثرة الاستعمال موجودة. فإن قيل العلة في زيادة شكل الباء بركة أفضالها باسم الله أشكل بحذف ألف الوصل لأن الاتصال بها موجود، فلم يبق إلا أن الإثبات والنفي ليس لها علة ؛ يرفع من يشاء ويمنع من يشاء.

قوله جل ذكره :﴿ المر تلك ءايات الكتاب وقرآ ن مبين ﴾
أسمعهم هذه الحروف مُقَطَّعَةً على خلاف ما كانوا يسمعون الحروف المنظومة في الخطاب، فأعرضوا عن كل شيءٍ وسمعوا لها. ونبههم القرآنُ إلى أن هذه التي يسمعونها آياتُ الكتاب، فقال لهم لما حضرت ألبابُهم، واستعدت لسماع ما يقول آذانُهم :﴿ تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ ﴾.
ووصف القرآن بأنه مبين ؛ لأنه يُبَينُ للمؤمنين ما يسكن قلوبهم، وللمريدين ما يقوي رجاءَهم، وللمحسنين ما يهيج اشتياقهم، وللمشتاقين ما يثير لواعجَ أسرارهم، ويبيِّن للمصطفى- صلى الله عليه وسلم - تحقيقَ ما مَنَعَ غَيْرِه بعد سؤاله. . . ألم تر إلى ربك قال لموسى عليه السلام :" لن تراني " بعد سؤاله :﴿ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ].
إذا عرفوا حالهم وحال المسلمين يوم القيامة لعلموا كيف شقوا، وأي كأس رشفوا. ويقال إذا صارت المعارفُ ضروريةً أحرقَتْ نفوسَ أقوامٍ العقوبةُ، وقطَّعَتْ قلوبَهم الحَسْرَةُ.
ويقال لو عرفوا حالَهم وحالَ المؤمنين لَعَلِمُوا أن العقوبةَ بإهلاكهم حاصلةٌ لقوله تعالى بعدئذ : قوله جل ذكره :﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ﴾.
﴿ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ﴾. قيمة كل امرئٍ على حسب هِمَّتِه ؛ فإذا كانت الهمةُ مقصورةً على الأكل والتمتع بالصفة البهيمية لا يُحَاسَبُ، وعلى العقل لا يُطَالَبُ : فالتَّكليفُ يتبعه التشريف ! وغداً سوف يعلمون.
الآجال معلومة، والأحوال مقسومة ؛ والمشيئة في الكائنات ماضية، ولا تخفى على الحق خافيه.
الجنون معنى يوجب إسناد ما ينكشف للعقلاء من التحصيل على صاحبه، فلمَّا كانوا بوصف التباس الحقائق عليهم فهم أَوْلَى بما وصفوه به، فهم كان في المَثَل : رَمَتْنِي بِدَاْئِها وانْسَلَّت.
اقترحوا عليه الإتيان بالملائكة بعد ما أزيحت العلة عليهم بما أَيَّد به معجزاته، فيتوجب اللَّوْمُ عليهم لسوءِ أَدَبِهم. وأخبر الحقُّ - سبحانه - أنه أجرى عادته أنه إذا أظهر الملائكةَ لأبصارِ بني آدم فيكون ذلك عند استبصارهم ؛ لأنه تصير المعرفة ضرورية. وفي المعلوم أنه لم يكن ذلك الوقتُ أَوَانَ هَلاَكِهم ؛ لِعِلْمِه أنَّ في أصلابهم مَنْ يُؤْمِنُ بالله سبحانه في المستأنف.
أنزل التوراة وقد وَكَلَ حفظها إلى بني إسرائيل بم استحفظوا من كتاب الله، فحرّفوا وبَدَّلوا، وأنزل الفرقان وأخبر أنه حافظة، وإنما يحفظه بقرائه ؛ فقلوبُ القُرَّاءِ خزائنُ كتابهِ، وهو لا يضيع كتابه
أخبر أنه كانت عادتهم التكذيب، وأنه أدام سُنَّته معهم في التعذيب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:أخبر أنه كانت عادتهم التكذيب، وأنه أدام سُنَّته معهم في التعذيب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:أخبر أنه كانت عادتهم التكذيب، وأنه أدام سُنَّته معهم في التعذيب.

ثم قال :﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ في قُلُوبِ المُجرِمِينَ ﴾ : وهم لا يؤمنون به لأنه أزاح قلوبهم عن شهود الحقيقة، وسَدَّ بالحرمان عليهم سلوكَ الطريقة، وبيَّن أنه لو أراهم الآياتِ عياناً ما ازدادوا إلا عتواً وطغياناً، وأن مَنْ سَبَقَ له الحُكْمُ بالشفاء فلا يزداد على ممر الأيام إلا ما سَبَقَ به القضاء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:أخبر أنه كانت عادتهم التكذيب، وأنه أدام سُنَّته معهم في التعذيب.

ثم قال :﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ في قُلُوبِ المُجرِمِينَ ﴾ : وهم لا يؤمنون به لأنه أزاح قلوبهم عن شهود الحقيقة، وسَدَّ بالحرمان عليهم سلوكَ الطريقة، وبيَّن أنه لو أراهم الآياتِ عياناً ما ازدادوا إلا عتواً وطغياناً، وأن مَنْ سَبَقَ له الحُكْمُ بالشفاء فلا يزداد على ممر الأيام إلا ما سَبَقَ به القضاء.

مَنْ عليه التقدير كان بأمر التكليف مدعوا، وبأمر التكوين مقضياً. فمتى ينفع فيه النصح ؟ ومتى يكون للوعظ فيه مساغ ؟ كلا. . إن البصيرةَ له مسدودةٌ، و(. . . ) الخذلان بِقَدَمِه مشدودة، فهو يحمل النصيحة له على الوقيعة، والحقيقة على الخديعة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤:مَنْ عليه التقدير كان بأمر التكليف مدعوا، وبأمر التكوين مقضياً. فمتى ينفع فيه النصح ؟ ومتى يكون للوعظ فيه مساغ ؟ كلا.. إن البصيرةَ له مسدودةٌ، و(... ) الخذلان بِقَدَمِه مشدودة، فهو يحمل النصيحة له على الوقيعة، والحقيقة على الخديعة.
بروجاً أي نجوماً هي لها زينة، ثم تلك النجوم للشياطين رجوم.
إذا رام الشياطينُ أن يسترقوا السمع كانت النجومُ لها رجوماً.
كذلك للقلوب نجومٌ وهي المعارف وهي في الوقت ذاته رجوم على الشياطين ؛ فلو دنا إبليسُ وجنودُه من قلب ولِّي من الأولياء أحرقَتْه بل محقَّتْه نجومُ عقلِه وأقمارُ علمِه وشموسُ توحيده.
وكما أنَّ نجومَ السماءِ زينةٌ للناظرين إذا لاحظوها فقلوبُ العارفين إذا نظر إليها ملائكة السماءِ لهي زينة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:إذا رام الشياطينُ أن يسترقوا السمع كانت النجومُ لها رجوماً.
كذلك للقلوب نجومٌ وهي المعارف وهي في الوقت ذاته رجوم على الشياطين ؛ فلو دنا إبليسُ وجنودُه من قلب ولِّي من الأولياء أحرقَتْه بل محقَّتْه نجومُ عقلِه وأقمارُ علمِه وشموسُ توحيده.
وكما أنَّ نجومَ السماءِ زينةٌ للناظرين إذا لاحظوها فقلوبُ العارفين إذا نظر إليها ملائكة السماءِ لهي زينة.

النفوس أرض عبادة العابدين، وقلوبُ العارفين أرض المعرفة وأرواح المشتاقين أرض المحبة، والخوف، والرجاء لها رواسٍ. وكذلك الرغبة والرهبة.
ويقال من الرواسي التي أثبتها في الأرض الأولياءُ فَبِهِمْ يثبت الناس إذا وَقَعَ بهم الفزعُ ومن الرواسي العلماءُ الذين بهم قِوَامُ الشريعة ؛ فعلماءُ الأصول هم قِوامُ أصلِ الدِّين، والفقهاء بهم نظامُ الشرع، قال بعضهم :
واحسرتا من فراق قوم هم المصابيحُ والأمنُ والمُزْنُ
قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْزُونٍ ﴾.
كما أنبت فنوناً من النبات دَات أنوار أنبت في القلوب صنوفاً في الأنوار، منها نور اليقين ونور العرفان، ونور الحضور ونور الشهود، ونور التوحيد. . . إلى غير ذلك من الأنوار.
سببُ عيشِ كلِّ مختلفٌ ؛ فعْيْشُ المريدين من إقباله، وعيش العارفين التجمل بأفضاله.
خزائنه في الحقيقة مقدوراته، وهو - سبحانه - قادر على كل ما هو مرسوم بالحدوث.
ويقال خزائنه في الأرض قلوبُ العارفين بالله، وفي الخزانة جواهر في كل صنف ؛ فحقائقُ العقل جواهر وضعها في قلوب قوم، ولطائف العلم جواهر بدائع المعرفة، وأسرار العارفين مواضع سِرِّه، والنفوس خزائن توفيقه، والقلوب خزائن تحقيقه، واللسان خزانةُ ذِكْرِه.
ويقال من عرف أن خزائن الأشياء عند الله تقاصرت خُطَاه عن التردد على منازل الناس في طَلَبِ الإرفاق منهم، وسعى في الآفاق في طلب الأرزاق منها، قاطعاً أَمَلَه عن الخَلْق، مُفرِداً قلبَه لله متجرِّداً عن التعلُّق بغير الله.
قوله ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ إلاَّ بِقَدَرٍ معْلُومٍ ﴾ : عَرَفَ القِسْمَة منْ استراح عن كدِّ الطلب ؛ فإِنَّ المعلومَ لا يتغير، والمقسوم لا يزيد ولا ينقص، وإذا لم يَجِبْ عليه شيءٌ لأحد فبقدرته على إجابة العبد إلى طلبته لا يتوجب عليه شيء.
ويقال أراح قلوب الفقراء مِنْ تَحمُّل المِنَّةِ من الأغنياء مما يعطونهم، وأراح الأغنياء من مطالبة الفقراء منهم شيئاً، فليس للفقير صَرْفُ القلب عن الله سبحانه إلى مخلوق واعتقادُ مِنَّةٍ لأحد، إذ المُلْكُ كله لله، والأمر بيد الله، ولا قادر على الإبداع إلا الله.
كما أن الرياحَ في الآفاق مُقَدِّمَاتُ المطر كذلك الآمال في القلوب، وما يقرب العبد مما يتوارد على قلبه من مبشرات الخواطر، ونسيم النجاة في الطلب يحصل، فيستروح القلب إليه قبل حصول المأمول من الكفاية واللطف.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَسْقَيْنَاكُمُوُهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾.
أسفاه إذا جعل له السُّقيا ؛ كذلك يجعل الحق - سبحانه- لأوليائه ألطافاً معلومة في أوقات محدودة ! كما قال في وصف أهل الجنة :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةَ وعَشِيّاً ﴾
[ مريم : ٦٢ ].
كذلك يجعل من شراب القلوب لِكُلِّ ورداً معلوماً، ثم قضايا ذلك تختلف : فمِنْ شراب يُسْكِر، ومن شراب يُحْضِر، ومن شراب يزيل الإحساس، كما قيل :
فصحوك من لفظي هو الصحو كله وسُكْرُكَ من لحظي يبيح لك الشُّرْبا
ويقال إذا هبَّت رياح التوحيد على الأسرار كنست آثار البشرية، فلا للأغيار فيها أثر، ولا عن الخلائق لهم خبر.
ويقال إذا هبَّت رياح القرب على قلوب العارفين عَطَّرَتْها بنفخات الأنس، فيَسْقَوْن في نسيمها على الدوام، وفي معناه أنشدوا :
وهبَّتْ شمال آخر الليل قَرَّةٌ ولا ثوبَ إلا بُرْدَةَ ورائيا
وما زال بُردِي لينا من ردائها*** إلى الحوْلِ حتى أصبح البُرْدُ باليا
ويقال إذا هبَّت رياح العناية على أحوال عبد عادت مَسَاوِيه مناقِبَه ومثالبُه محاسنه.
نحيي قلوبهم بالمشاهدة، ونميت نفوسهم بالمجاهدة.
ويقال نحييهم بأن نفْنِيَهمْ بالمشاهدة، ونميتَهم بأَنْ نأخذَهم عن شواهدهم.
ويقال يحيي المريدين بذكره، ويميت الغافلين بهجره.
ويقال يحيي قوماً بموافقة الأمر في الطاعات، ويميت قوماً بمتابعة الشهوات.
ويقال يحيي قوماً بأن يلاطفهم بلطف جماله، ويميت قوماً بأن يحجبهم عن أفضاله.
العارفون مستقدمون بِهَمَمَهم، والعابدون مستقدمون بقَدَمهم، والتائبون بندمهم وأقوام مستأخِرون بقدمهم وهم العُصاة، وآخرون مستأخرون بهمومهم وهم الراضون بخسائس الحالات.
ويقال المستقدمون الذين يسارعون في الخيرات، والمستأخرون المتكاسلون عن الخيرات.
ويقال المستقدمون الذين يستجيبون خواطرَ الحقِّ- من غير تَعريجٍ - إلى تفكر، والمستأخِرون الذين يرجعون إلى الرُّخصِ والتأويلات.
ويقال المستقدمون الذين يأتون على مراكب التوفيق، والمستأخرون الذين تثبطهم مشقة الخذلان.
يبعث كلاً على الوصل الذي خرجوا من الدنيا عليه : فمن منفرد القلب بربه، ومن مُتَطَوِّحٍ في أودية التفرقة، ثم يحاسبهم على ما يستوجبونه.
ذَكِّرَهم بِخِسَّتِهم لئلا يُعْجَبُوا بحالتهم.
ويقال القيمة في القُربةِ لا بالتُّربة ؛ والنسب تربة ولكن النعتَ قربة.
﴿ وَالجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ ﴾ : وإذا انطفأت النار صارت رماداً لا يجيء منها شيء، والطين إذا انكسر عاد به الماء إلى ما كان عليه، كذلك العدو لمَّا انطفأ ما كان يلوح عليه من سراج الطاعة لم ينجبر بعده، وأمَّا آدم - عليه السلام - فلمَّا اغْتَرَّ جَبَرَهُ ماءُ العناية، قال تعالى :﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾ [ طه : ١٢٢ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:ذَكِّرَهم بِخِسَّتِهم لئلا يُعْجَبُوا بحالتهم.
ويقال القيمة في القُربةِ لا بالتُّربة ؛ والنسب تربة ولكن النعتَ قربة.
﴿ وَالجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ ﴾ : وإذا انطفأت النار صارت رماداً لا يجيء منها شيء، والطين إذا انكسر عاد به الماء إلى ما كان عليه، كذلك العدو لمَّا انطفأ ما كان يلوح عليه من سراج الطاعة لم ينجبر بعده، وأمَّا آدم - عليه السلام - فلمَّا اغْتَرَّ جَبَرَهُ ماءُ العناية، قال تعالى :﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾ [ طه : ١٢٢ ].

أظهرهم بهذا القول، وفي عين ما أظهرهم سَتَرهم.
ويقال ليست العِبْرَة بقوالبهم. إنما الاعتبار بالمعاني التي أودعها فيهم.
ويقال الملائكة لاحظوه بعين الخِلْقَة فاستصْغروا قَدْرَه وحاله، ولهذا عَجِبوا من أَمْرِ الله - سبحانه - لهم بالسجود له، فكشف لهم شظية مما اختَصَّه به فسجدوا له.
قوله :﴿ إلاَّ إِبْلِيسَ أَبِى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴾ : وكذا أمرُ مَنْ حُجِبَ عن أحواله ادَّعى الخَيْرَةَ وَبَقِيَ في ظُلمة الحَيْرةِ.
ويقال بَخِلَ بسجدةٍ واحدةٍ، وقال : أَسْتَنْكِفْ أَنْ أسجد لغير الله. ثم من شقاوته لا يبالي بكثرة معاصيهِ، فإنه لا يَعْصِي أحدٌ إلاَّ وهو سببُ وسواسه، وداعيه إلى الزِّلَّةِ. . وذلك هو عين الشَّقوة وقضية الخذلان.
سأله ومعلومٌ له حالُه، ولو ساعدته المعرفةُ لقال : قُلْ لي مالك ؟ وما مَنَعَكَ ؟ وَمَنْ مَنَعَك حتى أقول أنت. . حيث أَشْقَيْتني، وبقهرِك أَغْوَيْتَني، ولو رَحِمْتَني، لَهَدَيْتَنِي وفي كنف عصمتك آويتني. . . ولكنَّ الحرمانَ أدركه حتى قال :﴿ لَمْ أَكُن لأَِسْجُدَ لِبَشَرٍ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٢:سأله ومعلومٌ له حالُه، ولو ساعدته المعرفةُ لقال : قُلْ لي مالك ؟ وما مَنَعَكَ ؟ وَمَنْ مَنَعَك حتى أقول أنت.. حيث أَشْقَيْتني، وبقهرِك أَغْوَيْتَني، ولو رَحِمْتَني، لَهَدَيْتَنِي وفي كنف عصمتك آويتني... ولكنَّ الحرمانَ أدركه حتى قال :﴿ لَمْ أَكُن لأَِسْجُدَ لِبَشَرٍ ﴾.
ولمَّا أبعده الحقُّ- سبحانه - عن معرفته، وأفرده باللعنة استنظره إلى يوم القيامة والبعث، فأجابه. وظَنَّ اللَّعينُ أنه حصل في الخير مقصوده، ولم يعلم أنه أراد بذلك تعذيبه عذاباً شديداً، فكأنه كان في الحقيقة مكراً- وإن كان في الحال في صورة إجابة السؤال بما يُشْبِهُ اللطفَ والبِرَّ.
وبعض أهل الرجاء يقول : إن الحق - سبحانه - حينما يهين عدوَّه لا يَرُدُّ دعاءَه في الإمهال ولا يمنعه من الاستنظار ؛ فالمؤمن- إذ أَمْرُهُ الاستغفارُ السؤالُ بوصفِ الافتقارِ- أَوْلَى ألا يقنظ مِنْ رحمتهِ، لأنَّ إنظارَ اللعين زيادةُ شقاء لا تحقيق عطاء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:ولمَّا أبعده الحقُّ- سبحانه - عن معرفته، وأفرده باللعنة استنظره إلى يوم القيامة والبعث، فأجابه. وظَنَّ اللَّعينُ أنه حصل في الخير مقصوده، ولم يعلم أنه أراد بذلك تعذيبه عذاباً شديداً، فكأنه كان في الحقيقة مكراً- وإن كان في الحال في صورة إجابة السؤال بما يُشْبِهُ اللطفَ والبِرَّ.
وبعض أهل الرجاء يقول : إن الحق - سبحانه - حينما يهين عدوَّه لا يَرُدُّ دعاءَه في الإمهال ولا يمنعه من الاستنظار ؛ فالمؤمن- إذ أَمْرُهُ الاستغفارُ السؤالُ بوصفِ الافتقارِ- أَوْلَى ألا يقنظ مِنْ رحمتهِ، لأنَّ إنظارَ اللعين زيادةُ شقاء لا تحقيق عطاء.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:ولمَّا أبعده الحقُّ- سبحانه - عن معرفته، وأفرده باللعنة استنظره إلى يوم القيامة والبعث، فأجابه. وظَنَّ اللَّعينُ أنه حصل في الخير مقصوده، ولم يعلم أنه أراد بذلك تعذيبه عذاباً شديداً، فكأنه كان في الحقيقة مكراً- وإن كان في الحال في صورة إجابة السؤال بما يُشْبِهُ اللطفَ والبِرَّ.
وبعض أهل الرجاء يقول : إن الحق - سبحانه - حينما يهين عدوَّه لا يَرُدُّ دعاءَه في الإمهال ولا يمنعه من الاستنظار ؛ فالمؤمن- إذ أَمْرُهُ الاستغفارُ السؤالُ بوصفِ الافتقارِ- أَوْلَى ألا يقنظ مِنْ رحمتهِ، لأنَّ إنظارَ اللعين زيادةُ شقاء لا تحقيق عطاء.

الباء في ﴿ بِمَا أَغْوَيْتَنى ﴾ باء القسم، ولم يكن إغواؤه إياه مما يجب أن يُقْسِم به لولا فَرْطُ جَهْلِه. ثم هو في المعنى صحيح، لأنَّ الإغواء مما يتفرَّدُ الحق بالقدرة عليه، ولا يشاركه فيه أحد، ولكن اللَّعِينَ لا يعرف الله الحقيقة، إذ لو عَرَفَه لم يدعُ إلى الضلال، لأنه لو قدر على إضلالِ غيره لاستبقى على الهدايةِ نَفْسَه. وعند أهل التحقيق إنه يقول جميع ذلك حَدْساً وهو لم يَعْرِفْ الله - على الحقيقة - قَطُّ.
الإخلاصُ هو تصفيةُ الأعمالُ عن الغَيْن وعن الآفات المانعة من صالح الأعمال. وقد عَلِمَ اللعينُ أنه لا سبيل له إليهم بالإغواء لمَّا تَحَقَقَ من عناية الحقِّ بشأنهم.
﴿ قال هذا صراط عليَّ مستقيم ﴾ تهديدٌ، كما تقول : افعل ما شِئْتَ. . وهذا طريقي.
السلطان الحجة، وهي لله على خَلْقه، وليس للعدوِّ حجة على مخلوق، إذ لا تَتَعدَّى مقدرتُه محلَّه، فلا تَسلَّطَ- في الحقيقة - لمخلوق بالتأثير فيه.
﴿ إِنَّ عِبَادِي ﴾ : إذا سمى الله واحداً عبداً فهو من جملة الخواص، فإذا أضافه إلى نفسه فهو خاص الخاص، وهم الذين محاهم عن شواهدهم، وحفظهم وصانهم عن أسباب التفرقة وجرَّدهم عن حَوْلهم وقُوَّتِهم، وكان النائبَ عنهم في جميع تصرفاتهم وحالاتهم، وحفظ عليهم آدابَ الشرع، وألبَسُهم صِدارَ الاختيار في أوان أداء التكليف، وأخذهم عنهم باستهلاكهم في شهوده، واستغراقهم في وجوده. . فأيُّ سبيلٍ للشيطان إليهم ؟ وأي يدٍ للعدو عليهم ؟
ومَنْ أشهدِ الحقُّ حقائقَ التوحيد، ورأى العالَمَ مُصَرَّفاً في قبضة التقدير، ولم يكن نهباً للأغيار. . فمتى يكون لِلَّعين عليه تسلط، وفي معناه قالوا :
جحودي فيك تقديسُ *** وعقلي فيك تهويسُ
فمن آدم إلاَّكَ *** ومَنْ في البيت إبليسُ
اجتمعوا اليومَ في أصل الضلالة، ثم الكفر مِلَلٌ مختلفةٌ، ثم يجتمعون غداً في العقوبة وهم زُمَرٌ مختلفون، لكلِّ دَرَكَةٍ من دركات جهنم قوم مُخَصُّون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:اجتمعوا اليومَ في أصل الضلالة، ثم الكفر مِلَلٌ مختلفةٌ، ثم يجتمعون غداً في العقوبة وهم زُمَرٌ مختلفون، لكلِّ دَرَكَةٍ من دركات جهنم قوم مُخَصُّون.
المتقي مَنْ وقَّاه الله بفضله لا مَنْ اتَّقى بَتَكلُّفِه، بل إنه ما اتقى بتكلفه إلاَّ بعد أن وقَّاه الحقُّ - سبحانه - بفضله. هم اليومَ في جنات ولها دَرَجات بعضها أرفعُ من بعض، كما أنهم غداَ في جنَّات ولها درجات بعضها فوق بعض.
اليوم لقومٍ درجةُ حلاوة الخدمة وتوفيق الطاعة، ولقوم درجة البسط والراحة، ولآخرين درجة الرجاء والرغبة، ولآخرين درجة الأنْسِ والقربة، قد علم كلُّ أناسٍ مشربَهم ولزم كلُّ قومٍ مذهبَهم.
معناه يقال لهم :﴿ أدخلوها ﴾، وأَجْمَلَ ذلك ولم يقل مَنْ الذي يقول لهم. ويرى قومٌ أن المَلكَ يقول لهم : أدخلوها.
ويقال إذا وافَوْا الجنة وقد قطعوا المسافة البعيدةَ، وقاسوا الأمورَ الشديدة َ، فَمِنْ حقِّهم أن يدخلوا الجنة، خاصةً وقد علموا أَنَّ الجنةَ مُبَاحةٌ لهم، ولعلهم لا يفقهون حتى يقال لهم.
ويقال يحتمل أنهم لا يدخلونها بقول المَلَكِ حتى يقول الحقُّ : أدخلوها، كما قالوا :
ولا أَلْبَسُ النُّعمى وغيرُك مُلْبِسٌ ولا أَقْبَلُ الدنيا وغيرك واهبُ
قوله :﴿ بِسَلاَمٍ ءَامِنِينَ ﴾ : بمعنى السلامة، وهي الأمان، فيأمنون أنهم لا يخرجون منها.
ويقال كما لا يخرجون من الجنة لا يخرجون عما هم عليه من الحال ؛ فالرؤية لهم وما هم فيه من الأحوال الوافية- مديدةٌ.
أَمَرَ الخليلَ عليه السلام ببناء الكعبة وتطهيرها فقال :﴿ وَطَهِّرْ بيتي ﴾ [ الحج : ٢٦ ]، وأَمَرَ جبريلَ عليه السلام حتى غَسَلَ قلبَ المصطفى – صلى الله عليه وسلم - فَطَهَّرَهِ. وتولّى هو - سبحانه - بنفسه تطهيرَ قلوب العاصين، فقال :﴿ وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ [ الحجر : ٤٧ ] وذلك رفقاً بهم، فقد يصنع الله بالضعيف ما يتعجَّبُ منه القوي، ولو وكل تطهير قلوبهم إلى الملائكة لاشتهرت عيوبُهم، فتولَّى ذلك بنفسه رفقاً بهم.
ويقال قال :﴿ مَا في صُدُورِهِم ﴾ ولم يقل ما في قلوبهم لأن القلوب في قبضته يقلبها، وفي الخبر :" قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن " يريد بذلك قدرته، فاستعمل لفظ الإصبع لذلك توسعاً. وقيل بين إصبعين أي نعمتين.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾.
قابل بعضُهم بعضاً بالوجه، وحفظ كلُّ واحدٍ عن صاحبه سِرَّه وقلبَه، فالنفوس متقابلة ولكنَّ القلوبَ غيرُ متقابلة ؛ إذ لا يشتغل بعضهم ببعض، قال تعالى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾.
أي لا يلحقهم تعبٌ ؛ لا بنفوسهم ولا بقلوبهم. وإذا أرادوا أمراً لا يحتاجون إلى أن ينتقلوا من مكانٍ إلى مكان، ولا تحار أبصارهم، ولا يلحقهم دَهَشٌ، ولا يتغير عليهم حالٌ عما هم عليه من الأمر، ولا تشكل عليه صفة من صفات الحق.
﴿ وَمَا هُم مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ أي لا يلحقهم ذلُّ الإخراج بل هم بدوام الوصال.
لمَّا ذَكَرَ حديثَ المتقين وما لهم من علوِّ المنزلة انكسرت قلوب العاصين، فَتَدارَك اللَّهُ قلوبهم، وقال لنبيِّه- صلى الله عليه وسلم - أخبر عبادي العاصين أني غفور رحيم، وأني إنْ كنتُ الشكورَ الكريمَ بالمطيعين فأنا الغفورُ الرحيمُ بالعاصين.
ويقال مَنْ سَمِعَ قوله :﴿ أَنِّى أَنَا ﴾ بسمع التحقيق لا يبقى فيه مساغٌ لسماع المغفرة والرحمة ؛ لأنه يكون عندئذ مُخْتَطَفاً عن شاهده، مُسْتَهَلكاً في أنيته.
العذابُ الأليم هنا هو الفراق، ولا عذابَ فوق الفراق في الصعوبة والألم.
أَلا عرَّفهم كيف كانت فتوة الخليل في الضيافة، وقيامه بحقِّ الضيفان، وكان الخليلُ عليه السلام يقوم بنفسه بخدمة الضيفان
فلمَّا سلموا من جانبهم وردَّ عليهم وانْفَضُّوا عن تناولِ طعامِه : قوله جلّ ذكره :﴿ قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴾.
وَجلون أي خائفون، فإنَّ الإمساكَ عن تناول طعام الكرام موضعٌ للريبة. ولمَّا عَلِمَ أنهم ملائكة خاف أن يكونوا نزلوا لتعذيب قومه إذ كانوا مجرمين. ولكن سكن رَوْعُه.
فليس لك موضِعٌ للوَجَلِ لكن موضِعٌ لفَرَجِ ؛ فإنا جئناك مُبَشِّرين، وإن كُنَّا لغيرِكَ مُعَذِّبين.
نحن ﴿ نبشرك بغلام عليم ﴾ : أي يعيش حتى يعلم، لأن الطفل ليس من أهل العلم، وكانت بشارتُهم بالوَلَدِ وببقاءِ الولد هي العجب.
قال أبشرتموني وقد مسَّني الكِبَرُ ؟ وإنَّ الكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشيء. بماذا تبشروني وقد طَعَنْتُ في السنِّ، وعن قريب أرتحل إلى الآخرة ؟ قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله، ولا يقنط من رحمة ربه إلا من كان ضالاً.
قال : كيف أخطأ ظنكم فيّ فتوهمتم أني أقنط من رحمة ربي ؟
فلما فرغ قلبه من هذا الحديث، وعرف أنه لن يُصيبَه ضررٌ منهم سألهم عن حالهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:قال أبشرتموني وقد مسَّني الكِبَرُ ؟ وإنَّ الكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشيء. بماذا تبشروني وقد طَعَنْتُ في السنِّ، وعن قريب أرتحل إلى الآخرة ؟ قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله، ولا يقنط من رحمة ربه إلا من كان ضالاً.
قال : كيف أخطأ ظنكم فيّ فتوهمتم أني أقنط من رحمة ربي ؟
فلما فرغ قلبه من هذا الحديث، وعرف أنه لن يُصيبَه ضررٌ منهم سألهم عن حالهم.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:قال أبشرتموني وقد مسَّني الكِبَرُ ؟ وإنَّ الكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشيء. بماذا تبشروني وقد طَعَنْتُ في السنِّ، وعن قريب أرتحل إلى الآخرة ؟ قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله، ولا يقنط من رحمة ربه إلا من كان ضالاً.
قال : كيف أخطأ ظنكم فيّ فتوهمتم أني أقنط من رحمة ربي ؟
فلما فرغ قلبه من هذا الحديث، وعرف أنه لن يُصيبَه ضررٌ منهم سألهم عن حالهم.

قال ما شأنكم ؟ وإلى أين قصدكم ؟
قالوا : أُرْسِلْنا لعذاب قوم لوط، ولننجيَ أهله إلا امرأته لمشاركتها معهم في الفساد، وكانت تدل على أضيافه، فاستوجبت العقوبة.
فلمَّا وافى المرسلون من آل لوطٍ أنكرهم لأنه لم يجدهم على صورة البشر، وتفرَّس فيهم على الجملة أنهم جاءوا لأمر عظيم، قالوا : بل جئناك بما كان قومك يَشُكُّونَ فيه مِنْ تعذيبنا إياهم، وآتيناك بالحق، أي بالحكم الحق.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:قال ما شأنكم ؟ وإلى أين قصدكم ؟
قالوا : أُرْسِلْنا لعذاب قوم لوط، ولننجيَ أهله إلا امرأته لمشاركتها معهم في الفساد، وكانت تدل على أضيافه، فاستوجبت العقوبة.
فلمَّا وافى المرسلون من آل لوطٍ أنكرهم لأنه لم يجدهم على صورة البشر، وتفرَّس فيهم على الجملة أنهم جاءوا لأمر عظيم، قالوا : بل جئناك بما كان قومك يَشُكُّونَ فيه مِنْ تعذيبنا إياهم، وآتيناك بالحق، أي بالحكم الحق.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:قال ما شأنكم ؟ وإلى أين قصدكم ؟
قالوا : أُرْسِلْنا لعذاب قوم لوط، ولننجيَ أهله إلا امرأته لمشاركتها معهم في الفساد، وكانت تدل على أضيافه، فاستوجبت العقوبة.
فلمَّا وافى المرسلون من آل لوطٍ أنكرهم لأنه لم يجدهم على صورة البشر، وتفرَّس فيهم على الجملة أنهم جاءوا لأمر عظيم، قالوا : بل جئناك بما كان قومك يَشُكُّونَ فيه مِنْ تعذيبنا إياهم، وآتيناك بالحق، أي بالحكم الحق.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:قال ما شأنكم ؟ وإلى أين قصدكم ؟
قالوا : أُرْسِلْنا لعذاب قوم لوط، ولننجيَ أهله إلا امرأته لمشاركتها معهم في الفساد، وكانت تدل على أضيافه، فاستوجبت العقوبة.
فلمَّا وافى المرسلون من آل لوطٍ أنكرهم لأنه لم يجدهم على صورة البشر، وتفرَّس فيهم على الجملة أنهم جاءوا لأمر عظيم، قالوا : بل جئناك بما كان قومك يَشُكُّونَ فيه مِنْ تعذيبنا إياهم، وآتيناك بالحق، أي بالحكم الحق.

فأَسْرِ بأهلك بعدما يمضي شيءٌ من الليل، وامش خلفهم، وقدَّمهم عليك، واتبع أدبارهم، ولا يلتفت منكم أحد لئلا يَرَوْا ما ينزل بقومهم من العذاب، وإنا ننقذك وأهلَكَ إلا امرأَتَك، فإنا نعذبها بمشاركتها مع قومك في العصيان. ﴿ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾ فلكم السلام ولقومكم العقوبة.
﴿ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ ﴾ أي عَلَّمْناه وعَرَّفْناه :﴿ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ ﴾ ؛ أي أنهم مُهْلَكون ومُسْتَأْصَلُون بالعقوبة.
ثم لما نزل الملائكةُ بلوط عليه السلام قال لقومه إن هؤلاء أضيافي، فلا تتعرضوا لهم فتفضحوني، واتقوا اللَّهَ، وذروا مخالفة أمره ولا تخْجِلوني. فقال قومه : ألم نَنْهَكَ عن أن تحمي أحداً، وأمرناك ألا تمنعَ مِنَّا أحداً ؟ فقال : هؤلاء بناتي يعني نساء أمتي. وقال قومٌ : أراد بناتِه من صلبه، عَرَضهن عليهم لئلا يُلِمُّوا بتلك الغلطة الفحشاء، فلم تنجع فيهم نصيحة، ولم يُقْلِعوا عن خبيثِ قَصْدِهم.
فأخبره الملائكة ألا يخافَ عليهم، وسكنوا من رَوْعه حين أخبروه بحقيقة أمرهم، وأنهم إنما أرسلوا للعقوبة.
اقسم بحياته تخصيصاً له في شرفه، وتفضيلاً له على سائر البرية، فقال وحياتك - يا محمد - إنهم لفي ضلالتهم وسكرة غفلتهم يتردُّون، وإنهم عن شِرْكهم لا يُقْلِعون.
ويقال أقسم بحياته لأنه لم يكن في وقته حياة أشرف من حياته- إنهم في خُمَارِ سُكْرِهم، وغفلةِ ضلالتهم لا يترقبون عقوبةً، ولا يخافون سوءاً.
باتوا في حبور وسرور، وأصبحوا في محنة وثبور
وخرَّر عليهم سقوفُهم، وجعلنا مُدَتَهم ومنازِلهم عاليَها سافِلَها، وأمطرنا عليهم من العقوبة ما لم يُبْقِ عيناً ولا أَثَراً، إنَّ في ذلك لَعِبْرة لمن اعتبر، ودلالةً ظاهرة لمن استبصر، ﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴾ لِمَنْ شاءَ أن يَعْتَبِرْ.
جاء في التفسير " المتفرسين "، والفراسةُ خاطرٌ يحصل من غير أن يعارضه ما يخالفه عند ظهورِ يرهانٍ عليه، فيخرج من القلب عين ما يقع لصاحب الفراسة. مشتق من فريسة الأسد إذ لفريسته يقهر. والحق- سبحانه- يُطْلِعُ أولئاءه على ما خفي على غيرهم. وصاحب الفراسة لا يكون بشرط التفرس في جميع الأشياء وفي جميع الأوقات ؛ بل يجوز أن تُسَدَّ عليه عيونُ الفراسة في بعض الأوقات كالأنبياء عليهم السلام ؛ فَنِبِيُّنا- صلى الله عليه وسلم - كان يقول لعائشة - رضي الله عنها- في زمان الإفك :" إنْ كُنْتِ فعلتِ فتوبى إلى الله " وكإبراهيم ولوط -عليهما السلام- لم يعرفا الرسل.
أصحاب الأيكة هم قوم شعيب، وكان شعيب - عليه السلام - مبعوثاً لهم فَكَذَّبوه
فانتقمنا منهم.
قوله :﴿ وَإِنَّهُمَا ﴾ يعني مدين والأيكة. . . ﴿ لَِبإِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ : أي بطريق واضح مَنْ قصده (. . . ).
وكذلك أخبر أن أصحاب الحجر - وهم ثمود - كذبوا المرسلين إليهم
وأنهم أعرضوا عن الآيات التي هي المعجزات كنافِة صالح وغيرها، وأنهم كانوا أخلدوا إلى الأرضين
وكانوا مُغْتَرِّين بطول إمهال الله إياهم من تأخير العقوبة عنهم، وكانوا يتخذون من الجبال بيوتاً، ويظنون أنهم على أنفسهم آمِنُون من الموت والعذاب.
ثم أخبر أنهم أَخَذَتْهم الصيحةُ على بغتةِ
ولم تُغْنِ عنهم حيلتُهم لمَّا حَلَّ حَيْنُهم.
دلَّت الآيةُ على أنَّ أكسابَ العباد مخلوقةٌ لله لأنها بين السماوات والأرض.
﴿ إِلاَّ بِالحَقِّ ﴾ : أي وأنا مُحقٌّ فيه ويقال ﴿ بِالحَقِّ ﴾ : بالأمرِ العظيم الكائن إنْ الساعة لآتيةٌ يعني القيامَةَ.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ ﴾.
يقال الصفح الجميل الذي تذكر الزَّلَّةُ فيه.
ويقال الصفح الجميل سحبُ ذيل الكَرَمِ على ما كان مِنْ غير عَقْدِ الزَّلَّة، بلا ذِكْرٍ لما سَلَفَ من الذنب، كما قيل :
تعالوا نصطلح ويكون مِنَّا ***
ويقال الصفح الجميل الاعتذار عن الجُرْم بلا عدِّ الذنوب من المجرم، والإقرار بأن، الذنب كان منك لا من العاصي، قال قائلهم :
( وتُذْنِبون فنسي ونعتذر )
﴿ هُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ ﴾ إذ لا يصح الفعل بوصف الانتظام والاتساق من غير عالِم.
أكثَرُ المفسرين على أنها سورة الفاتحة، وسميت مثاني لأنها نزلت مرتين : مرة بمكة ومرة بالمدينة، ولأنها شيء في كل صلاةِ يتكرر، من " التثنية " وهي التكرير، أو لأن بعضها يضاف إلى الحق وبعضها يضاف إلى الخلق. . ومعنى هذا مذكور في كتب التفاسير.
لم يُسَلِّمْ له إشباع النظر إلى زَهْرَة الدنيا وزينتها.
ويقال غار على عينيه - صلى الله عليه وسلم - أن يستعملَها في النظر إلى المخلوقات.
ويقال أَدَّبَه اللَّهُ - سبحانه - بهذا التأديب حتى لا يُعِيرَ طَرْفَه من حيث الاستئناس به.
ويقال أمره بحفظ الوفاء لأنه لمًّا لم يكن اليومَ سبيلٌ لأحد إلى رؤيته، فلا تمدن عينيك إلى ملاحظة شيء من جملة ما خوَّلْناهم، كما قال بعضهم :
لمَّا تَيَقَّنْتُ أني لسْتُ أبصركم أغمضتُ عيني فلم أنظر إلى أحد
ويقال شَتَّانَ بينه وبين موسى - عليه السلام ! قال له :﴿ لَن تراني وَلَكِن انظُرْ إِلَى الجَبَلِ ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ]، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - مَنَعَه من النظر إلى المخلوقات بوصفٍ هو تمام النظر فقال :﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ [ الحجر : ٨٨ ].
ويقال إذا لم يسلم له إشباع النظر بظاهره إلى الدنيا فكيف يسلم له السكون بقلبه إلى غير الله ؟ !
ويقال لما أُمِرَ بِغَضِّ بَصَرِه عما يتمتُّع به الكفارُ في الدنيا تَأَدَّبَ- عليه السلام- فلم ينظرْ ليلةَ المعراج إلى شيءٍ مما رأى في الآخرة، فأثنى عليه الحقُّ بقوله :﴿ مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [ النجم : ١٧ ] وكان يقول لكل شيءٍ رآه " التحيات لله " أي المُلْكُ لله.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِم ﴾.
أدّبه حتى لا يتغير بصفة أحد، وهذه حال التمكين.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَاخفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
أي أَلمِنْ لهم جانبَكَ. وكان عليه السلام إذا استعانت به الوليدة في الشافعة إلى مواليها يمضي معها. . . إلى غير ذلك من حسن خُلُق - صلوات الله عليه - وكان في الخبر إنه كان يخدم بيته وكان في ( مهنة ) أهله. وتولَّى خدمة الوفد، وكان يقول ؛ " سيدُ القومِ خادمُهم "
لمَّا لم يكن بنفسه وكان قائماً بحقه - سبحانه وتعالى - سَلّمَ له أن يقول : إني وأنا. وفي الخبر : أن جابراً دَقَّ عليه الباب، فقال :" مَنْ ؟ " قال : أنا. . . فقال النبي عليه السلام :" أنا أنا ". . كأنه كرهها.
ويقال : قُلْ لا حدَّ لاستهلاكك فينا، سلَّمنا أن تقول : إني أنا، لما كنتَ بنا ولنا.
أي قل إني أنا لكم مُنذِرٌ بعذابٍ كالعذاب الذي عذَّبْنا به المقتسمين ؛ وهم الذين تقاسموا بالله لنبيِّه في قصة صالح عليه السلام. وقيل هم من أهل الكتاب الذين اقتسموا كتاب الله ؛ فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضِه.
ويقال إني لكم نذير أخوفكم عقوبة المقتسمين الذين اقتسموا الجبال والطرق بمكة في الموسم، وصدوا الناس. وكان الواحد منهم يقول لِمَنْ مَرَّ به : لا تُؤْمِنْ بمحمدٍ فإنه ساحر، ويقول الآخر : إنه كاهن ويقول ثالث : إنه مجنون، فهم بأقسامهم :﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ ﴾.
ففرقوا القول فيه، فقال بعضهم إنه شعر، وقال بعضهم إنه سحر، وقال بعضهم إنه كهانة. . . إلى غير ذلك.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٠:أي قل إني أنا لكم مُنذِرٌ بعذابٍ كالعذاب الذي عذَّبْنا به المقتسمين ؛ وهم الذين تقاسموا بالله لنبيِّه في قصة صالح عليه السلام. وقيل هم من أهل الكتاب الذين اقتسموا كتاب الله ؛ فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضِه.
ويقال إني لكم نذير أخوفكم عقوبة المقتسمين الذين اقتسموا الجبال والطرق بمكة في الموسم، وصدوا الناس. وكان الواحد منهم يقول لِمَنْ مَرَّ به : لا تُؤْمِنْ بمحمدٍ فإنه ساحر، ويقول الآخر : إنه كاهن ويقول ثالث : إنه مجنون، فهم بأقسامهم :﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ ﴾.
ففرقوا القول فيه، فقال بعضهم إنه شعر، وقال بعضهم إنه سحر، وقال بعضهم إنه كهانة... إلى غير ذلك.

العوام يسألهم عن تصحيح أعمالهم، والخواص يسألهم عن تصحيح أحوالهم.
ويقال يسأل قوماً عن حركات ظواهرهم، ويسأل آخرين عن خطرات سرائرهم. ويسأل الصديقين عن تصحيح المعاني بفعالهم، ويسأل المدَّعين عن تصحيح الدعاوى تعنيفاً لهم.
ويقال سماع هذه الآية يوجب لقوم أْنساً وسروراً حيث علموا أنه يكلِّمهم ونُسْمِعُهُم خطابَه لاشتياقِهم إليه، ولا عَجَبَ في ذلك فالمخلوق يقول في مخلوق :
في الخَفِراتِ البيضِ وَدَّ جليسُها*** إذا ما انتهت أُحْدُوثَةٌ لَوْ تُعِيدُهَا
فلا أسعدَ مِنْ بَشَرٍ يعرف أَنَّ مولاه غداً سيكلمه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٢:العوام يسألهم عن تصحيح أعمالهم، والخواص يسألهم عن تصحيح أحوالهم.
ويقال يسأل قوماً عن حركات ظواهرهم، ويسأل آخرين عن خطرات سرائرهم. ويسأل الصديقين عن تصحيح المعاني بفعالهم، ويسأل المدَّعين عن تصحيح الدعاوى تعنيفاً لهم.
ويقال سماع هذه الآية يوجب لقوم أْنساً وسروراً حيث علموا أنه يكلِّمهم ونُسْمِعُهُم خطابَه لاشتياقِهم إليه، ولا عَجَبَ في ذلك فالمخلوق يقول في مخلوق :
في الخَفِراتِ البيضِ وَدَّ جليسُها*** إذا ما انتهت أُحْدُوثَةٌ لَوْ تُعِيدُهَا
فلا أسعدَ مِنْ بَشَرٍ يعرف أَنَّ مولاه غداً سيكلمه.

كُنْ بنا وقُلْ بنا، وإِذَا كنتَ بِنا ولَنَا فلا تجعلْ حِساباً لغيرنا، وصرِّحْ بما خاطبناك به، وأَفْصِحْ عَمَّا نحن خصصناكَ به، وأَعْلْنْ محبتنا لك :
فسبِّحْ باسم مَنْ تَهْوى ودَعْنا من الكُنى فلا خيرَ في اللَّذاتِ مِنْ بعدها سَتْرُ.
الذين دَفَعْنَا عنكَ عاديةَ شَرِّهم، ودَرَأْنا عنكَ سوءَ مكرهم، ونصرناك بموجب عنايتنا بشأنك. . فلا عليكَ فيما يقولون أو يفعلون، فما العقبى إلا لَك بالنصر والظفر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٥:الذين دَفَعْنَا عنكَ عاديةَ شَرِّهم، ودَرَأْنا عنكَ سوءَ مكرهم، ونصرناك بموجب عنايتنا بشأنك.. فلا عليكَ فيما يقولون أو يفعلون، فما العقبى إلا لَك بالنصر والظفر.
وقال :﴿ يَضِيقُ صَدْرُكَ ﴾ ولم يقل يضيق قلبك ؛ لأنه كان في محل الشهود، ولا راحة للمؤمن دون لقاء الله، ولا تكون مع اللقاء وحشة.
ويقال هَوَّنَ عليه ضيق الصدر بقوله :﴿ ولقد نعلم ﴾ ويقال إن ضاق صدرُك بسماع ما يقولون فيك من ذمِّكَ فارتفع بلسانك في رياض تسبيحنا، والثناءِ علينا، فيكون ذلك سبباً لزوال ضيق صدرك ؛ وسلوة لك بما تتذكر من جلال قدرنا وتقديسنا، واستحقاق عِزِّنا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٧:وقال :﴿ يَضِيقُ صَدْرُكَ ﴾ ولم يقل يضيق قلبك ؛ لأنه كان في محل الشهود، ولا راحة للمؤمن دون لقاء الله، ولا تكون مع اللقاء وحشة.
ويقال هَوَّنَ عليه ضيق الصدر بقوله :﴿ ولقد نعلم ﴾ ويقال إن ضاق صدرُك بسماع ما يقولون فيك من ذمِّكَ فارتفع بلسانك في رياض تسبيحنا، والثناءِ علينا، فيكون ذلك سبباً لزوال ضيق صدرك ؛ وسلوة لك بما تتذكر من جلال قدرنا وتقديسنا، واستحقاق عِزِّنا.

قف على بساط العبودية معتنقاً للخدمة، إلى أَنْ تَجلس على بِساط القربة، وتطالَبَ بآداب الوصلة.
ويقال التزِمْ شرائطَ العبودية إلى أنْ تَرْقَى بل تُكْفَى بصفات الحرية. ويقال في ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ ﴾ : إن أشرف خصالك قيامك بحقِّ العبودية.
Icon