آياتها اثنان وستون وثلاث ركوعات وهي مكية
ﰡ
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
٢ سورة الأنعام، الآية : ٧٦.
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
٢ سورة الضحى: الآية ٦.
٣ سورة الشرح الآية ٤.
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
٢ سورة.
٣ سورة الشعراء الآية ٦١ ـ ٦٢.
٤ سورة الشورى الآية ٥١.
٥ أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب في قوله عليه السلام (نور أنى أراه) وفي قوله (رأيت نورا) (١٧٨).
٦ أخرجه البخاري في التاريخ ورواه أحمد والدلرمي وقال النووي في الرياض: إسناده حسن، وروى الطبراني قريبا منه وفي سنده مجهول انظر فيض القدير (٩٩١).
٧ سورة البقرة الآية ٢١٠.
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
وقال السدي من الطيور وروي عن أبي العالية عن أبي هريرة رضي الله عنه أو غيره قال غشيها نور الخلائق وغشيتها الملائكة من حب الله أمثال الغربان حتى يقعن على الشجر قلت : ولا منافاة بين تغشية نور رب العزة وتغشية الملائكة فإن تغشية الملائكة إنما هي لأجل تغشية نور رب العزة كما يدل عليه قول غشيها من الملائكة من حب الله أمثال الغربان وتغشية النور من قبيل التجليات النورية والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
من العشق وحالاته أحرق قلبي بحرارته
ما نظر العين إلى غيركم أقسم بالله وآياته.
قيل معناه ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
في الصحيحين عن أنس ابن مالك عن مالك ابن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( بينما أنا في الحطيم مضطجعا إذا أتاني آت فشق بين هذه وهذه يعني من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد وفي رواية ( ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أتيت بداية دون البغل وفوق الحمار يقال له البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال محمد قيل وقد أرسلت إليه ؟ قال نعم قيل مرحبا به فتعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فذكر نحو ما ذكر في السماء الدنيا وكذا ذكر كل السماء قال فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحي وهذا عيسى فسلم فسلمت عليهما فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح وذكر في السماء الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى كل قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عليه السلام :( فلما جاوزت بكى يعني موسى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فذكر الاستفتاح وغير ذلك نحو ما مر وذكر هناك إبراهيم قال جبرائيل هذا أبو ك إبراهيم فسلم عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجروا إذا ورقها مثل آذان الفيلة قاتل هذه سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران قلت ما هذا يا جبرائيل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع بي إلى البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم فرجعت ومررت على موسى فقال بما أمرت ؟ قلت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرات فرجعت إلى موسى فقال مثله فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال عن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فأرجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك قلت سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى منادي أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )١ وروى مسلم عن ثابت البناني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء } وقال ابن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرائيل بأصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبرائيل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبرائيل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء ) وساق مثل معنى ما ذكر من الحديث ( قال فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير وقال في السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف إذا هو أعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي خير ولم يذكر بكاء موسى وقال في السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية قال جبرائيل هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لا يعودوا آخر ما عليهم ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها وأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيق ذلك فإني بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فسأله التخفيف قال فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فلذلك خمسون من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عمل بها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب له بشيء فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. وفي الصحيحين عن ابن عباس عن أبي ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( فرج عني سقف بيتي وأنا بمكة فذكر شق الصدر نحو ما ذكر ولم يذكر البراق قال ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئت إلى السماء الدنيا فقال جبرائيل الخازن السماء افتح فذكر نحوه، فلما فتح علوانا السماء الدنيا إذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت لجبرائيل من هذا قال هذا لآدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والاسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السادسة، قال ابن شهاب فأخبرني ابن جزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقال ابن جزم وأنس ففرض الله على أمتي خمسين فرجعت بذلك حتى مررت على موسى قال ما فرض الله لك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعه فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقلت وضع الله شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا يطيق فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييت من ربي فانطلق بي حتى انتهى بي إلى السدرة وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذا اللؤلؤ وإذا ترابها المسك، وروى معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البراق ليلة أسري به مسرجا ملجما فأصعب عليه فقال جبرائيل : أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا، وروى مسلم عن ابن مسعود قال لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى السدرة المنتهي وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيفيض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وذكر البغوي أنه قال هلال ابن يسار سأل ابن عباس كعبا عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال إنها سدرة في أصل العرش وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله قلت ومعنى قوله إليها ينتهي علم الخلائق يعني أن بعض المخلوقات يعني الملائكة يحضرون إلى سدرة المنتهى ولا يتجاوزها أحد من الخلائق فما ورائها غيب من كل وجه وأما سدرة المنتهى فهي وإن كان غيبا بالنسبة إلى البشر فليس يغيب بالنسبة إلى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال :( يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال ) وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لو أن ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض وهي طوبي التي ذكرها الله في سورة الرعد.
مسألة.
أجمع المؤمنون من أهل السنة والجماعة أن معراجه صلى الله عليه وسلم في اليقظة حق فقيل مسراه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى الأقصى قطع ثابت بقوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ﴾ الآية فيكفر جاحده وأما معراجه إلى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح فينسق جاحده ولا يكفر والصحيح أن معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السدرة المنتهى قطع ثابت بهذه الآية يكفر جاحده. فإن قيل ما رواه الشيخان في الصحيحين عن شريك ابن عبد الله قال سمعت أني ابن مالك يقول ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في المسجد الحرام وساق حديث المعراج بقصته قال فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان قال هذا النيل والفرات ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عله قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أزفر قال ما هذا يا جبرائيل ؟ قال هذا الكوثر الذي هيأ لك ربك وساق الحديث وقال ثم عرج بي على السماء السابعة وقال : قال موسى رب لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به بما جلا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان مكنه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه ما أوحى الله خمسين صلاة كل يوم وليلة قال فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم أجبته موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى هذا فضعفوا عنه وتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبرائيل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وإسماعهم وأبصارهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد فقال لبيك وسعديك قال لأنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فقال موسى ارجع إلى ربك فسأله فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام٢ هذا لفظ البخاري ورواه مسلم مختصرا يدل على كون المعراج في المنام ؟ قلنا : طعن بعض أهل الحديث على هذا الحديث وقالوا وجدنا لمحمد ابن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا وهذا وأحال الآفة فيه إلى شريك ابن عبد الله وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحي إليه واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثني عشر سنة قبل الهجرة بسنة، وقال بعض أهل الحديث إن هذا كان رؤيا في المنام أراه عز وجل قبل الوحي وهو في المسجد الحرام ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى :﴿ لقد صدق الله رسوله الرءيا بالحق ﴾ ٣ والله تعالى أعلم
٢ خرجه البخاري في كتاب: التفسير باب: {لقد رأى من آيات ربه الطبرى) {٤٨٥٨).
٣ ورة الحج الآية: ٧٣.
اختلف القراء في الوقف على اللات ومناة فوقف بعضهم عليهما بالهاء وبعضهم بالتاء، وقال بعضهم ما كتب في المصحف بالتاء يعني اللات يوقف بالتاء وما كتب بالهاء يعني مناة يوقف عليه الهاء ﴿ الثالثة ﴾ صفة لمناة أي الثالثة للصنمين المذكورين ﴿ الأخرى ﴾ صفة لمناة بعد صفة للتأكيد أو الأخرى من التأخر في الرتبة واللات والعزى ومناة منصوبان على أنها مفعول أول لرأيتم ومفعوله الثاني محذوف تقديره تم ما تعبدونه فرأيتم اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى البتة مستحقة للعبادة يعني ليس كذلك والله تعالى أعلم
٢ سورة الزخرف الآية ٣١.
٢ ورة الحشر: الآية: ٢.
٢ أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام (٢٦٥٣).
٣ خرجه الترمذي في كتاب القدر (-٢١٥٥).
٤ خرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة الأعراف (٣٠٧٥) وأخرجه أبو داود في كتاب السنة باب في القضاء (٤٦٩١).
٥ أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة (٣٢٠٨) وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب كيفية خلق الأدمي في بطن أمه (٢٦٤٣).
وقد ذكرنا القصة في سورة البقرة وهذه الآية لا يخالف قوله تعالى :﴿ كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ﴾ ٢ وقوله صلى الله عليه وسلم ( من سن سنة سيئة فعله وزرها ووزر من عمل بها على يوم القيامة } ٣ أخرجه أحمد ومسلم من حديث جرير رضي الله ابن عبد الله رضي الله عنه فإن ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره ولذا ورد في الحديث ( من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا ) وكذا قوله تعالى :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ﴾ ٤ وقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم )٥ متفق عليه من حديث ابن عمر محمول على ترك الأمر بالمعروف نحو قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الناس إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب )٦ رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث أبي بكر الصديق مسألة اختلف أقوال السلف في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه وقد ورد في الصحيحين عن عبد الله ابن مليكة قال توفيت بنت لعثمان ابن عفان بمكة فجئنا نشهد وحضر ابن عمر وابن عباس فقال ابن عمر لعمر ابن عثمان وهو مواجهة ألا تنتهي عن البكاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه )٧ فقال ابن عباس قد كان يقول بعض ذلك ثم حدث وقال لما أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول واأخاه واصحباه فقال عمر يا صهيب أتبكي على وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه ) فقال ابن عباس فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ولكن إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت عائشة حسبكم القرآن ولا تزر وازرة وزر أخرى قال ابن عباس عند ذلك والله أضحك وأبكى قال ابن أبي مليكة فما قال ابن عمر شيئا قلت وتخطئة عائشة عمر رضي الله عنها ضعيف وقد كان عمر أفقه من عائشة وكان شهادة الإثبات وتأيد حديث عمر بأحاديث أخر منها حديث المغيرة ابن شعبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه )٨ ومنها حديث أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو يعلى بلفظ :( الميت ينضج عليه الحميم ببكاء الحي ) ومنها حديث أنس وعمران ابن حصين عند ابن حبان في صحيحه وحديث سمرة ابن جندب عند الطبراني في الكبير وحديث أبي هريرة عند أبي يعلى فظهر أن الحديث صحيح بقي الكلام في تعارض الحديث بقوله تعالى :﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ فقال بعض العلماء إن التعذيب بالبقاء مختص بالكافر أو ممن أوصى به لا بسبب البكاء والباء للحال أي يعذب حال بكائهم عليه والقولان عن عائشة لا يصحان لأن القول باختصاص التعذيب بالكافر لا يدفع التعارض لأن قوله تعالى ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ يعم المؤمن والكافر وألفاظ الحديث ببعض طرقها يأبى عن كون الباء للحال ألا ترى أن قوله ( ينضج الحميم بالبكاء الحي ) صريح في التعذيب في الآخرة فإن الحميم إنما هو الجحيم لا في الغير فكف يتحد زمان التعذيب زمان البكاء الحي فلا يتصور كونه حالا، وقيل المراد بالتعذيب توبيخ الملائكة له بما يندب به أهله الحديث الترمذي والحاكم وابن ماجه مرفوعا ( ما من ميت يموت فتقوم نادبة فتقول واجبلاه واسيداه شبه ذلك من القول إلا وكل به ملكان يلهزانه وهكذا كنت ) ٩ قلت وهذا التأويل أيضا لا يدفع التعارض فإن التوبيخ بفعل غيره أيضا مما يمنعه لا تزر وازرة وزر أخرى وقيل المراد بالتعذيب تألم الميت بما يقع من أهله الحديث الطبراني وابن أبي شيبة عن قيلة بنت محترمة أنها ذكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدا لها مات ثم بكت رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحية فيا عباد الله لا تعذبوا أمواتكم ) وهذا القول عليه ابن جرير وما اختاره الأئمة آخرهم ابن تيمية وأخرج سعيد ابن منصور عن ابن مسعود أنه رأى نسوة في جنازة فقال ارجعن مأزورات غير مأجورات إنكن تفتن الأحياء وتؤذين الأموات، والقول الصحيح في دفع التعارض أن الحديث فيمن كان النوح من سنته أو فيمن أوصى به أو فيمن لم يوص بتركه إذا علم أن من شأن أهله أنهم يفعلون فيكون التعذيب على وزره دون وزر غيره واختار البخاري هذا القول
٢ ورة المائدة الآية ٣٢.
٣ خرجه مسلم في كتاب: الزكاة باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة وأنها حجاب من النار {١٠١٧):.
٤ ورة الأنفال الآية ٢٥:.
٥ أخرجه البخاري في كتاب: الفتن باب إذا أنزل الله بقوم عذابا {٧١٠٨) وأخرجه مسلم في كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب: الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت {٢٨٧٩).
٦ أخرجه الترمذي في كتاب الفتن باب: ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر {٢١٦٧) وأخرجه أبو داود في كتاب الملاحم باب: الأمر والنهي {٤٣٢٩) وأخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن باب: الأمر بالمعروف والنهي عنا لمنكر {٤٠٠٥).
٧ أخرجه البخاري في كتاب: الجنائز باب: ما يرخص من البكاء من غير نوح {١٢٨٦) وأخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه {٩٢٧.
٨ أخرجه البخاري في كتاب: الجنائز باب: ما يكره من النياحة على الميت {١٢٩١) وأخرجه مسلم في كتاب: الجنائز باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه {٩٣٣).
٩ خرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب: ما جاء في كراهية البكاء على الميت {٩٩٧).
رواه مسلم كما أخرج أحمد عن أبي أمامة وجه الاحتجاج بهذا الحديث أن الصدقة الجارية وعلم ينتفع به وإن كانا من سعيه ولكن دعاء الولد ليس من عمله وهو ينفق وحديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب أني لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) رواه الطبراني وروى نحوه عن أبي سعيد مرفوعا وحديث ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :( ما الميت في قبره إلا شبه الغريق المتفوث ينتظر دعوة ملحقة من أب وأم أو ولد أو صديق فإذا ألحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها وإن الله ليدخل على القبور من دعاء أهل الأرض أمثال الجبال وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم ) رواه البيهقي والديلمي وحديث مرفوعا ( أمتي مرحومة تدخل قبورها بذنوبها وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها يمحص عنها باستغفار المؤمنين لها.
رواه الطبراني في الأوسط قال السيوطي وقد نقل غير واحد الإجماع على أن الدعاء ينفع الميت ودليله من القرآن قوله تعالى :﴿ والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ﴾ ٤ قلت : والظاهر أن انتفاع الأموات والأحياء بدعاء الأحياء غير مختصة بهذه الأمة وقد قال نوح عليه السلام ﴿ رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ﴾ ٥ وقال إبراهيم عليه السلام ﴿ سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ﴾ ٦ وقال يوسف لإخواتهم :﴿ قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ﴾٧ قال أخوة يوسف لأبيهم :﴿ قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ٩٧ قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ٩٨ ﴾ ٨ وقال موسى :﴿ رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك ﴾ ٩ فانظر أن المراد بقوله تعالى :﴿ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ﴾ المذكور في صحف إبراهيم وموسى أنه لا يصل لا لأحد ثواب حسنات غيره من الصلاة والصوم والصدقة والحج ونحو ذلك ويكون من خصوصيات هذه الأمة المرحومة نسخ ذلك الحكم بقوله ﴿ ألحقنا بهم ذريتهم ﴾ من الأحاديث حديث عائشة أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها لم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم }١٠ متفق عليه وحديث ابن عباس ( أن سعد ابن عبادة توفيت أمه وهو غائب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وأنا غائب فهل ينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال ﴿ نعم ﴾ قال فإني أشهدك أن حائطي صدقة عنها ) رواه البخاري وأخرج أحمد وأربعة عن سعد ابن عبادة أنه قال يا رسول الله إن أمي ماتت فأي صدقة أفضل قال الماء فحفر بئرا فقال هذه لأم سعد، وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أنس نحوه وحديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا تصدق أحدكم بصدقة تطوعا فليجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من أجره شيئا ) وأخرج الديلمي نحوه من حديث معاوية ابن جندة وحديث أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كما من أهل بيت يموت منهم فيتصدقون عنه بعد موته إلا أهدأ له جبرائيل على طبق من نور ثم يقف على شفير القبر فيقول يا صاحب القبر العميق هذه هدية أهداها إليك أهلك فأقبلها فيدخل عليه فيفرح بها ويستبشر ويحزن جيرانه الذين لا يهدي إليهم شيء ) رواه الطبراني في الأوسط وحديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حج عن والديه بعد وفاتهما كتب الله لهما عتقا من النار وكان للمحجوج أجر حجة تامة من غير أن ينقص من أجورهما شيء ) وقال صلى الله عليه وسلم :( ما وصل ذو رحم رحمه بأفضل من حجة يدخلها عليه بعد موته في قبره ) رواه البيهقي والأصبهاني بسند فيه مجهولان، وعن زيد ابن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من حج عن أبويه ولم يحجا فيرى عنهما وبشرت أرواحهما في السماء وكتب عند ) أخرجه أبو عبد الله الثقفي وحديث عقبة ابن عامر أن امرأة جاءت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أحج عن أمي وقد ماتت قال :( أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته قالت بلى فأمرها أن تحج ) رواه الطبراني وحديث أنس قال جاء على النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن أبي مات ولم يحج حجة الإسلام فقال أرأيت لو كان على أبيك دين كنت تقضيه عنه ؟ قال نعم قال :( فإنه دين عليه فأقضيه رواه البزار والطبراني بسند حسن وحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره ) رواه الطبراني في أوسط وحديث عطاء وزيد ابن اسلم مرسلا قال جاء رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعتق عن أبي وقد مات قال نعم ) رواهما ابن أبي شيبة وحديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن شبرمة قال أخ لي أو قريب قال أحججت عن نفسك ؟ قال لا، قال :( حج عن نفسك ثم عن شبرمة )١١ رواه أبو داوود وابن ماجه والدار قطني والبيهقي وقال البيهقي إسناده صحيح وحديث عمرو ابن العاص أنه قال يا رسول الله إن العاص أوصى أن يعتق عنه بأمه نسمة فأعتق هشام منها خمسين قال لا إنما يتصدق ويحج ويعتق عن المسلم وكان مسلما بلغه ) رواه أبو الشيخ وحديث الحجاج ابن دينار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من البر بعد البر أن تصلي عنهما مع صلواتك وتصوم عنهما مع صيامك وتصدق عنهما مع صدقتك ) رواه ابن أبي شيبة وقد مر حديث بريدة أن امرأة قالت يا رسول الله إن كان على أمي صوم شهرين أفيجزئ أن أصوم عنها قال نعم قالت فإن أمي لم تحج قط أفيجزئ أن أحج عنها ؟ قال نعم ) رواه مسلم وحديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )١٢ متفق عليه وحديث علي رضي الله عنه مرفوعا :( من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد أحد عشرة مرة ووهب أجره للأموات أعطى من الأجر بعدد الأموات ) رواه أبو محمد السمرقندي وحديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وألهكم التكاثر ثم قال إني جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له إلى الله ) رواه أبو القاسم سعد ابن علي وحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من دخل المقبر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم وكان له بعدد من فيها حسنات ) أخرجه عبد العزيز صاحب الخلال بسنده وقال السيوطي قد ورد قراءة الفاتحة عند رأس الميت وخواتيم البقر عند رجله من حديث ابن عمر مرفوعا وقت الدفن وفواتح البقرة وخواتمها عن حديث العلاء ابن اللجلاح مرفوعا وقال القرطبي في حديث ( اقرأوا على موتاكم يس ) فقال الجمهور في حال موته قال ابن عبد الواحد المقدسي عند القبور وقال المحب الطبري في الحالتين وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال يتبع بعد موته العتق والحج والصدقة وأخرج عن أبي جعفر أن الحسن والحسين كان يعتقان عن علي بعد موته وأخرج ابن سعد عن القاسم ابن محمد عن عائشة أعتقت عن أخيها عبد الرحمان رقيقا من تلاده.
ترجوا أن ينفعه بذلك بعد موته وقال الحافظ شمس الدين ابن عبد الواحد ما زالوا في كل مصر يجتمعون ويقرؤون لموتاهم من غير نكير فكان ذلك إجماعا وأخرج الخلالي عن الشعبي كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون القرآن، وفي الإحياء عن أحمد ابن حنبل قال إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم وقال البيضاوي في توجيه الآية إنه ما جاء في الأخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فلأن التأدي له كالنائب عنه وقال بعض العلماء في توجيهها إن انتفاع المؤمن بسعي غير مبني على إيمانه وهو سعي نفسه فكان سعيب غيره تابعا لسعي نفسه قائما بقيامه والله تعالى أعلم
٢ ورة البقرة الآية: ٢١٧٤.
٣ خرجه مسلم في كتاب الوصية باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته {١٦٣١).
٤ ورة الحشر الآية ١٠.
٥ ورة نوح الآية ٢٨:.
٦ ورة مريم الآية ٤٧.
٧ ورة يوسف الآية ٩٢.
٨ ورة يوسف الآية ٩٧ ٩٨.
٩ ورة الأعراف الآية ١٥١.
١٠ أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب موت الفجأة البغتة (١٣٨٨) وأخرجه مسلم في كتاب الوصية باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت (١٠٠٤).
١١ أخرجه أبو داود في كتاب: المناسك باب: الرجل يحج عن غيره {١٨١٠) وأخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك باب: الحج عن الميت.
١٢ أخرجه البخاري في كتاب: الصوم باب: من مات وعليه صوم {١٩٥٢) وأخرجه مسلم في كتاب: الصيام باب: قضاء الصيام عن الميت {١١٤٧)..
روى البغوي في شرح السنة عن قتادة قال سئل ابن عمر هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون قال نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل وقال بلال ابن سعد يشتدون بين الأغراض ويضحك بعضهم إلى بعض فإذا كان الليل كانوا رهبانا وروى البخاري عن عائشة ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم٢ وفي الصحيحين عن جرير قال ما حجني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم وروى الترمذي عن عبد الله ابن الحارث ابن جزء قال ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم٣ وروى البخاري عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم قال صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا٤ ) وكذا روى أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي ذر وزاد ( وما تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم إلى الهدات تجأرون إلى الله )٥
٢ خرجه البخاري في كتاب الأدب باب: التبسم والضحك {٦٠٩٢).
٣ خرجه الترمذي في كتاب: المناقب باب: في بشاشة النبي صلى الله عليه وسلم {٣٦٥٠).
٤ خرجه البخاري في كتاب: الكسوف باب: الصدقة في الكسوف {١٠٤٤).
٥ أخرجه الترمذي في كتاب: الزهد باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا) {٢٣١٢) وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد باب: الحزن والبكاء {٤١٩٠).
٢ أخرجه البخاري في كتاب: سجود القرآن باب: ما جاء في سجود القرآن وسنتها {١٠٦٧) واخرجه مسلم في كتاب: المساجد ومواضع الصلاة باب: سجود التلاوة {٥٧٦).
٣ أخرجه البخاري في كتاب: سجود القرآن باب: من قرأ السجدة ولم يسجد {١٠٧٢) وأخرجه مسلم في كتاب: المساجد ومواضع الصلاة باب: سجود التلاوة {٥٧٧).