تفسير سورة المرسلات

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً * والنَّاشِرَاتِ نَشْراً * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً﴾ أقسم سبحانه وتعالى بطوائف الملائكة؛ اللاتي أرسلهن بأوامره، واللاتي عصفن الرياح لتعذيب بعض الكفرة، واللاتي نشرن الشرائع في الأرض، وفرقن بين الحق والباطل، وألقين الذكر إلى الأنبياء عليهم السلام. والعرف: ضد النكر. أو هو إقسام من الله تعالى برياح عذاب أرسلهن فعصفهن. وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجو، ففرقن بينه، فألقين ذكراً
﴿عُذْراً أَوْ نُذْراً﴾ وهذا الذكر: إما عذراً للمعتذرين إلى الله تعالى بتوبتهم واستغفارهم عند مشاهدتهم لآثار نعمة الله تعالى ورحمته في الغيث فيشكرونهما؛ فتخصب أراضيهم، ويحل الخير بواديهم. وإما إنذاراً للذين يكفرون بها، وينسبونها إلى الأنواء ويقولون: مطرنا بنوء كذا. فتنقلب عليهم عذاباً، وتدع ديارهم يباباً. وجواب القسم
﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ به: من القيامة، والحساب، والثواب، والعقاب ﴿لَوَاقِعٌ﴾ لا محالة ومن دلائل القيامة
﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ محيت، أو ذهب ضوؤها
﴿وَإِذَا السَّمَآءُ فُرِجَتْ﴾ فتحت وشققت
﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ أي جعل لها وقت معلوم؛ يحضرون فيه للشهادة على أممهم
﴿لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ سؤال للتهويل والإشادة بشأن ذلك اليوم، وما يتم فيه من أمور جسام فما أعظمه، وما أهوله
﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ الذي يفصل فيه الله تعالى بين الخلائق؛ فيأخذ للمظلوم من ظالمه؛ وللمحكوم من حاكمه؛ ويجزي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته
﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ﴾ الأمم الماضية؛ حين كذبوا الرسل، وجحدوا بالآيات والمعجزات
﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ﴾ ممن سلك سبيلهم في التكذيب والكفر
﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ الذين يسيرون على سنتهم، ويتبعون طريقتهم
﴿أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ﴾ حقير؛ وهوالنطفة
﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾
هو الرحم
﴿إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ توقيت يعلمه الله تعالى؛ هو مدة الحمل؛ فإنها تختلف بين الستة أشهر والتسع؛ عدا بعض الحالات الشاذة
﴿فَقَدَرْنَا﴾ جميع ذلك لحكمة عظيمة؛ لا يعلمها الأكثرون: فقد يتلف الجنين لو بقي في بطن أمه أكثر من ستة أشهر، وقد يتلف غيره من الأجنة لو لم يمكث تمام شهوره التسعة، وقد تتلف الأم لو بقي الجنين أكثر، أو أقل فتعالى المقدر الحكيم العليم
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْواتاً﴾ أي تكفت الناس أحياء على ظهرها، وأمواتاً في بطنها. والكفت: الجمع والضم
﴿رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ جبالاً ثوابت، طوالاً شواهق ﴿مَّآءً فُرَاتاً﴾ عذباً. يقال: فرت الماء؛ إذا عذب
﴿انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ أي انطلقوا إلى الذي كذبتم به
﴿انطَلِقُواْ إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ﴾ وهو دخان جهنم: يتشعب ثلاث شعب؛ لعظمه
﴿لاَّ ظَلِيلٍ﴾ أي لا يظل من حر ذلك اليوم
﴿إِنَّهَا﴾ أي جهنم ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ وهو البناء الشامخ العظيم، أو الحصن، أو هو الغليظ من الشجر
﴿كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ﴾ جمع جمل؛ كحجر وحجارة ﴿صُفْرٌ﴾ أي سود. جاء في لغة العرب: الأصفر: الأسود
﴿هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ﴾ فيه بشيء
﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ بين الخلائق
﴿فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ﴾ حيلة تدفعون بها عذابي عنكم وتحولون بين بطشي بكم ﴿فَكِيدُونِ﴾ فافعلوا هذه الحيلة. وهو سؤال تحد: لإظهار ضعفهم، وتبكيتهم على ما فعلوه في الدنيا
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ﴾ جمع ظل؛ والمراد به تكاثف أشجار الجنة، لأن الجنة ليست فيها شمس فيستظل من حرها ﴿وَعُيُونٍ﴾ جارية
﴿كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً﴾ في الدنيا، وهو خطاب للكافرين
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ أي بعد القرآن؛ وما فيه من عبر؛ تدعو إلى الاعتبار، وآيات؛ تدعو إلى الاستبصار
728
سورة النبإ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

728
Icon