ﰡ
﴿ أفلح ﴾ أي فاز.
تفسير المعاني :
قد فاز بأمانيهم المؤمنون.
﴿ خاشعون ﴾ أي خائفون متذللون.
تفسير المعاني :
الذين هم في صلاتهم خائفون من الله متذللون إليه.
﴿ اللغو ﴾ هو ما لا يُعتدّ به من القول. يقال لغا يلغو لغوا، أي قال ما لا يعتدّ به.
تفسير المعاني :
والذين هم عن الفضول وعما لا يُعتدّ به من الكلام معرضون.
والذين هم للزكاة مؤدون.
والذين هم لفروجهم حافظون.
﴿ أو ما ملكت أيمانهم ﴾ أي أو ما ملكت أيديهم، يعني الأرقاء.
تفسير المعاني :
لا يبذلونها إلا لأزواجهم أو رقيقاتهم فإنهم في ذلك غير معاتبين.
﴿ العادون ﴾ أي المعتدون. يقال عدا عليه يعدو عدوا وعدوانا أي اعتدى.
تفسير المعاني :
فمن طلب ما بعد ذلك مما حرّم الله فأولئك هم المعتدون.
﴿ راعون ﴾ أي مراعون. يقال رعا الشيء يرعاه رعيا أي حفظه.
تفسير المعاني :
والذين هم لأماناتهم التي يؤتمنون عليها، وعهدهم الذي يأخذونه على أنفسهم من جهة الحق أو الخلق.
﴿ والذين هم على صلواتهم يحافظون ﴾، أي يواظبون عليها ويؤدّونها في أوقاتها.
" الصلاة ذكرت أوّل السورة وفي الآية التاسعة، وليس هذا تكرارا ينافي البلاغة كما قد يتوهم، فإنه ذكر الصلاة أوّلا مقترنة بالخشوع، والخشوع فيها غير المحافظة عليها. وقد ختم صفات المؤمنين بالصلاة تعظيما لشأنها وإشارة إلى أنها أولى بالعناية لأنها مصدر جمع الكمالات النفسية ؛ إذ بها يستمد الإنسان من الله روحا عالية ويستشرفه نورا فياضا، فمن خشع فيها وحافظ عليها كان جديرا أن يتصف بجميع الصفات الأخرى ".
﴿ الفردوس ﴾ هي أعلى درجات الجنة.
تفسير المعاني :
الذين يرثون أعلى درجات الجنان هم فيها خالدون.
﴿ من سلالة ﴾ أي من خلاصة سلّت من بين الكدر، من سلّه يسلّه سلا.
تفسير المعاني :
ولقد خلقنا الإنسان من خلاصة سلّت من الطين.
﴿ نطفة ﴾ النطفة المراد بها هنا ماء الرجل، وأصلها الماء القليل. ﴿ قرار ﴾ مستقر بمعنى محل استقرار. ﴿ مكين ﴾ أي حصين متمكن. يقال مكن يمكن مكانة، أي صار مكينا.
تفسير المعاني :
ثم جعلناه ماء قليلا في مستقر مكين، هو الرحم.
﴿ علقة ﴾ أي دما متجمدا. ﴿ مضغة ﴾ أي قطعة لحم بقدر ما يمضغ الإنسان.
تفسير المعاني :
ثم أحلنا هذه النطفة بالتدبير والتربية إلى قطعة دم متجمدة. ثم أحلناها إلى قطعة لحم قدر ما يمضغه الإنسان. ثم أحلنا تلك القطعة من اللحم إلى عظام، ثم كسوْنا تلك العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر باين به ما كان عليه إلى تلك اللحظة وذلك بنفخنا الروح فيه، وقيل بإعطائه الصورة الإنسانية، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ثم إنكم بعد ذلك لميّتون.
ثم إنكم بعد ذلك لمبعوثون.
ولقد خلقنا فوقكم سبع سموات وما كنا لها بعد خلقها مهملين، بل نوليها العناية في كل حين.
﴿ بقدر ﴾ أي بتقدير، فإن قَدر وقدر بمعنى واحد.
تفسير المعاني :
وأنزلنا من السماء ماء بقدر محدود، فجعلناه في الأرض أنهارا وعيونا وإنا على إنضابه لقادرون.
فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب تثمر لكم فواكه كثيرة، ومنها تأكلون.
﴿ تنبت بالدهن ﴾ هي شجرة الزيتون تنبت مصحوبة بالزيت. ﴿ وصبغ ﴾ أي ما يصبغ به الخبز ويؤكل. فعله صبغ يصبغ، ويصبغ.
تفسير المعاني :
وأنتبنا لكم أيضا شجرة تخرج من طور سيناء هي شجرة الزيتون تنبت ثمراتها مصحوبة بالزيت وأدم للآكلين " وهو الغموس بلغتنا المصرية ". نقول : لقد عظّم الله من شأن الزيت والزيتون بإفراد شجرته بالذكر، وإنها من الوجهة الطبية والغذائية جديرة بهذه الكرامة.
﴿ الأنعام ﴾ جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم.
تفسير المعاني :
وإن لكم في البقر والإبل والغنم لعبرة يعتبر بها العقلاء. نسقيكم من ألبانها، ولكم فيها منافع من عملها ووبرها، ومنها تأكلون.
﴿ الفلك ﴾ السفينة لا يتغير لفظها في المفرد والجمع.
تفسير المعاني :
وعليها وعلى السفن تحملون.
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال : يا قوم اعبدوا الله وحده لا إله غيره، أفلا تخافون بطشه من الشرك به ؟
﴿ الملأ ﴾ الأشراف الذين يملئون العين مهابة، جمعه أملاء. ﴿ يتفضل ﴾ أي يصير أفضلكم.
تفسير المعاني :
فقال الأشراف ممن كفروا من قومه : ليس نوح إلا بشرا مثلكم يريد أن يسود عليكم بدعوى الرسالة، ولو شاء الله إرسال رسول لأرسل ملكا من عنده، ما سمعنا بمثل هذه الدعوى في آبائنا الأوّلين.
﴿ به جنة ﴾ أي جنون. والجنة أيضا الجنّ أو طائفة منهم. ﴿ فتربصوا ﴾ أي فانتظروا.
تفسير المعاني :
ما نوح إلاّ رجل به جنون فانتظروا به حتى حين، يظهر لكم ما هو عليه.
قال نوح : رب انصرني بما كذبوني.
﴿ بأعيننا ووحينا ﴾ أي تحت نظرنا ومؤيدا بوحينا. ﴿ وفار التنور ﴾ التنور موقد النار، وفار أي اشتدّ حرّه، والعبارة كناية عن اشتداد أزمة العذاب. ﴿ فأسلك ﴾ أي فأدخل. ﴿ من كل زوجين ﴾ أي من كل صنفين.
تفسير المعاني :
فأوحينا إليه أن اصنع السفينة تحت نظرنا ومؤيدا بوحينا، فإذا جاء أمرنا واشتدّت أزمة الحال، فأدخل فيها من كل شيء صنفين، ذكرا وأنثى، وأركب فيها أهلك، إلا من سبق عليه قول الله بالعذاب منهم، ولا تشفع للذين ظلموا إنهم محكوم عليهم بالغرق.
﴿ فإذا استويت ﴾ أي فإذا استقررت. من قولهم استوى على ظهر دابته، أي استقر عليها. ﴿ الفلك ﴾ السفينة لا يتغير لفظها في المفرد والجمع.
تفسير المعاني :
فإذا استقررت يا نوح أنت ومن معك في السفينة، فقل : الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
﴿ أنزلني منزلا مباركا ﴾ أي أنزلني إنزالا محفوفا بالخيرات، فإن منزلا مصدر أنزل.
تفسير المعاني :
وقل : رب أنزلني إنزالا مباركا حيث انتهيت وأنت خير المنزلين.
﴿ لمبتلين ﴾ أي لمختبرين وممتحنين.
تفسير المعاني :
إن في هذه الحادثة لمعجزات، وإننا كنا مبتلين، أي مختبرين، لنوح وقومه بما سلّطناه عليهم من اضطهاد الكافرين، أو لمصيبين قومه بالعذاب المهين.
ثم أنشأنا من بعدهم جيلا آخر.
فأرسلنا فيهم رسولا منهم فقالوا لهم : اعبدوا الله لا إله إلا هو، أفلا تخافون عذابه ؟
﴿ الملأ ﴾ الأشراف. ﴿ وأترفناهم ﴾ أي ونعمناهم. والإتراف التنعيم والإبطار. يقال أترفته النعمة، أي أبطرته.
تفسير المعاني :
فقال الأشراف من قومه من الذين كفروا وكذبوا بالحياة الآخرة وأبطرناهم في الحياة الدنيا : ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه، ويشرب مما تشربون.
ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذن لخاسرون.
﴿ مخرجون ﴾ أي مخرجون من القبور ومُحيَوْن ثانية.
تفسير المعاني :
أيعدكم أنكم إذا متّم وصرتم ترابا تذروه الرياح وعظما نخرة، إنكم لمبعوثون من جديد ومحاسبون على ما قدّمتم وأخرتم ؟ ذلك ليس بمعقول.
﴿ هيهات هيهات ﴾ هيهات كلمة استبعاد لحصول الشيء، وهي اسم فعل.
تفسير المعاني :
هيهات هيهات لمال توعدون.
﴿ إن هي ﴾ أي ما هي، وكثيرا ما يأتي حرف إن بمعنى ما النافية.
تفسير المعاني :
ما هي إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها نحيا، ثم نموت وتتلاشى أجسامنا ولا نبعث بعدها لحياة أخرى.
﴿ إن هو ﴾ أي ما هو.
تفسير المعاني :
وما هذا الرسول إلا رجل اختلق على الله كذبا، وما نحن له بمؤمنين.
قال الرسول : رب انصرني بما كذبون.
قال الله : عما قريب ليصبحنّ على ما كذّبوك نادمين.
﴿ الصيحة ﴾ صوت انبعث عليهم من قبل السماء، صعق منه كل من سمعه لشدّة هوله. ﴿ غثاء ﴾ الغثاء الزبد والبالي من ورق الشجر. يقال غثا الوادي يغثو غثوا، أي كثر فيه الغثاء.
تفسير المعاني :
فأخذتهم الصيحة ملتبسة بالحق بعيدة عن الظلم، فجعلناهم كورق الشجر البالي، فبعدا للظالمين.
﴿ قرونا ﴾ أي أجيالا. والقرن ثمانون سنة، وفي اصطلاحنا الآن مائة سنة. والمراد هنا بالقرون أجيال الناس.
تفسير المعاني :
ثم أنشأنا من بعدهم أجيالا أخرى، كل في عصر خاصّ به.
ما تسبق أمة أجلها ولا تتأخر عنه.
﴿ تترى ﴾ أي تتوالى واحدا بعد آخر. ﴿ فأتبعنا بعضهم بعض ﴾ أي فجعلنا بعضهم يتبع بعضا.
تفسير المعاني :
ثم أرسلنا رسلنا يتوالون الواحد بعد الآخر إلى تلك الأمم، فكان كلما جاء أمة رسولها كذبوه، فجعلنا بعضهم يتبع بعضا في الهلاك، وصيّرناهم أحاديث يتحدث بها الناس فبعدا للذين لا يؤمنون.
﴿ وسلطان مبين ﴾ أي وحجّة ظاهرة.
تفسير المعاني :
ثم أرسلنا موسى وأخاه إلى فرعون وقومه بمعجزاتنا وحجة بينة، فاستكبروا عن الإيمان بهما إذ كانوا قوما متكبرين، وكانت حجّتهم أن قالوا : أنؤمن لرجلين مثلنا وقومهما لنا عابدون.
﴿ عالين ﴾ المراد به هنا متكبرين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:تفسير الألفاظ :
﴿ وسلطان مبين ﴾ أي وحجّة ظاهرة.
تفسير المعاني :
ثم أرسلنا موسى وأخاه إلى فرعون وقومه بمعجزاتنا وحجة بينة، فاستكبروا عن الإيمان بهما إذ كانوا قوما متكبرين، وكانت حجّتهم أن قالوا : أنؤمن لرجلين مثلنا وقومهما لنا عابدون.
﴿ وسلطان مبين ﴾ أي وحجّة ظاهرة.
تفسير المعاني :
ثم أرسلنا موسى وأخاه إلى فرعون وقومه بمعجزاتنا وحجة بينة، فاستكبروا عن الإيمان بهما إذ كانوا قوما متكبرين، وكانت حجّتهم أن قالوا : أنؤمن لرجلين مثلنا وقومهما لنا عابدون.
فكذبوهما، فكانوا من الذين أهلكناهم.
ثم تجرد موسى لبني إسرائيل، فآتيناه الكتاب، أي التوراة، لعلهم يهتدون.
﴿ وآويناهما ﴾ أي وأنزلناهما. يقال آواه يؤاويه إيواء، أي أنزله مكانا. ﴿ ربوة ﴾ الربوة والرباوة مكان عال. ﴿ ذات قرار ومعين ﴾ أي ذات أرض وماء نابع من الأرض.
تفسير المعاني :
وجعلنا عيسى بن مريم وأمّه علامة على قدرتنا، إذ أولدناها إياه بدون أن يمسّها بشر، وآويناهما إلى مكان عال في قرار وماء نابع من الأرض.
وقلنا لهم : كلوا من الطيبات واعملوا صالحا، إني بما تعملون عليم.
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فخافون.
﴿ زبرا ﴾ أي قطعا جمع زبرة وهي القطعة.
تفسير المعاني :
فتوزعوا أمرهم بينهم واختلفوا فرقا، كل حزب بما لديهم فرحون، لتوهمهم أنه الحق اليقين.
﴿ فذرهم ﴾ أي فدعهم. هذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر. ﴿ في غمرتهم ﴾ أي في ضلالتهم. وأصل الغمرة الماء الكثير.
تفسير المعاني :
فدعهم في ضلالتهم إلى حين.
أيحسبون أن ما نبارك لهم فيه من المال والأولاد هو مسارعة منّالهم في الخيرات ؟ بل لا يشعرون أن هذا فتنة لهم لنرى إلى أي حدّ ينتهون.
﴿ نسارع ﴾ أي نسرع ونبادر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٥:تفسير المعاني :
أيحسبون أن ما نبارك لهم فيه من المال والأولاد هو مسارعة منّالهم في الخيرات ؟ بل لا يشعرون أن هذا فتنة لهم لنرى إلى أي حدّ ينتهون.
﴿ مشفقون ﴾ أي خائفون.
تفسير المعاني :
إن الذين هم من عذاب ربهم خائفون.
والذين هم بآياته يؤمنون وبربهم لا يشركون، وينفقون ما أنفقوا وقلوبهم خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون ومحاسبون.. أولئك نسارع لهم في الخيرات وهم لها سابقون.
والذين هم بآياته يؤمنون وبربهم لا يشركون، وينفقون ما أنفقوا وقلوبهم خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون ومحاسبون.. أولئك نسارع لهم في الخيرات وهم لها سابقون.
﴿ ويؤتون ما آتوا ﴾ أي يعطون من أموالهم ما أعطوا. ﴿ وجلة ﴾ أي خائفة. فعله وجل يوجل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:تفسير المعاني :
والذين هم بآياته يؤمنون وبربهم لا يشركون، وينفقون ما أنفقوا وقلوبهم خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون ومحاسبون.. أولئك نسارع لهم في الخيرات وهم لها سابقون.
والذين هم بآياته يؤمنون وبربهم لا يشركون، وينفقون ما أنفقوا وقلوبهم خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون ومحاسبون.. أولئك نسارع لهم في الخيرات وهم لها سابقون.
﴿ وسعها ﴾ أي طاقتها. ﴿ ولدينا كتاب ﴾ أي اللوح المحفوظ، أو صحيفة أعمال كل شخص.
تفسير المعاني :
ولا نكلف نفسا إلا على قدر طاقتها وعندنا كتاب أعمالهم يشهد عليهم بالحق وهم لا يظلمون.
﴿ في غمرة ﴾ أي في غفلة غامرة لها. وأصل الغمرة الماء الكثير.
تفسير المعاني :
بل قلوبهم غرقة في لجة الغفلة عن هذا الكتاب الذي يحصى عليهم أعمالهم، ولهم خبائث غير ما ذكرناه عنهم هم لها فاعلون.
﴿ مترفيهم ﴾ أي متنعميهم. ﴿ يجأرون ﴾ أي يصرخون مستغيثين. يقال جأر يجأر جؤارا.
تفسير المعاني :
حتى إذا أخذنا متنعميهم بالعذاب إذا هم يصرخون مستعينين.
فنقول لهم : لا تستغيثوا اليوم إنكم لا تجدون منا نصرا.
﴿ على أعقابكم تنكصون ﴾ الأعقاب جمع عقب وهو يؤخر القدم. والنكوص على الأعقاب كناية عن الهرب.
تفسير المعاني :
فقد كانت آياتنا تقرأ عليكم فكنتم منها تفرّون.
﴿ مستكبرين به ﴾ أي بالتكذيب، أو مستكبرين بالبيت الحرام لأنه كان في عهدتهم. ﴿ سامرا ﴾ مصدر سمر يسمر، أي تحدث وهو مصدر غريب جاء على وزن فاعل. والمعنى : وتسمرون بالطعن في القرآن سمرا، أي تتحدثون بالطعن فيه تحدثا. ﴿ تهجرون ﴾ أي تهذون من الهذيان.
تفسير المعاني :
مستكبرين بالبيت تجتمعون فيه وتجعلون الطعن في الإسلام موضع أحاديثكم التي بها تهذون.
أفلم يتدبروا القرآن ليعلموا ببداهة العقل أنه الحق، أم جاءهم من الرسول والكتاب ما لم يأت آباءهم الأوّلين ؟
أم هم لم يعرفوا رسولهم بالصدق والاستقامة فهم له منكرون ؟
أم يقولون قد أصابه الجنون ؟ بل جاءهم بالحق وأكثرهم كارهون لأنه يخالف شهواتهم.
﴿ بذكرهم ﴾ أي بالكتاب الذي هو ذكرهم أو وعظهم.
تفسير المعاني :
ولو اتبع الحق ميولهم المنبعثة عن شهواتهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، لأن أمر الكون لا يقوم على الباطل، وقد أتيناهم بكتاب فيه وعظهم فهم عنه معرضون.
﴿ خرجا ﴾ أي أجرا. ﴿ فخراج ربك ﴾ أي فرزقه. ﴿ خير ﴾ أي أخير، حذفت الألف لأنه أفصح.
تفسير المعاني :
أم تسألهم أجرا على إصلاحهم فأجر ربك خير وهو خير الرازقين.
﴿ صراط ﴾ أي طريق أصله سراط وجمعه صُرط.
تفسير المعاني :
وإنك لتدعوهم على صراط مستقيم.
﴿ لناكبون ﴾ أي لمائلون. يقال نكب عن الطريق ينكب نكوبا، أي مال عنه.
تفسير المعاني :
وإن الكافرين بالآخرة عن هذا الصراط لمائلون.
﴿ ضرّ ﴾ أي ضرر، والمراد به هنا القحط. ﴿ للجّوا ﴾ أي لألحوا. واللجاج التمادي في الشيء. يقال لجّ فيه يلجّ لجاجا أي ألحّ فيه. ﴿ طغيانهم ﴾ الطغيان مصدر طغى يطغى. ﴿ يعمهون ﴾ أي يضلّون، والعمه للبصيرة كالعمى للبصر.
تفسير المعاني :
ولو رحمناهم وكشفنا ضرّهم لتمادوا في عدوانهم ضالين.
﴿ يتضرعون ﴾ أي يتذللون مشتق من الضراعة وهي الخضوع والذلة.
تفسير المعاني :
ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا، أي فما ذلّوا لربهم وما خضعوا له.
﴿ مبسلون ﴾ متحيرون يائسون. يقال أبلس أي تحير ويئس.
تفسير المعاني :
حتى إذا فتحنا عليهم بابا من عذاب شديد إذا هم فيه متحيرون يائسون.
وهو الذي خلق لكم السمع والأعين والقلوب لتسمعوا بها الحق وتروا آثاره وتعوه، قليلا ما تشكرون.
﴿ ذرأكم ﴾ أي خلقكم. مضارعه يذرؤكم
تفسير المعاني :
وهو الذي خلقكم في الأرض وإليه تحشرون.
وهو الذي يحيى ويميت وخالف بين الليل والنهار، أفلا تعقلون حكمة هذا التدبير ؟
بل قالوا مثل ما كان يقوله الأقدمون.
قالوا : إذا متنا واستحالت أجسادنا إلى تراب وعظام أإنا لعائدون إلى الحياة ؟
﴿ أساطير ﴾ أي ما سطره الأقدمون من الخرافات. جمع أسطورة وإسطارة.
تفسير المعاني :
لقد وعدنا المرسلون ووعدوا آباءنا هذا من قبلنا، ما هذا إلا من الأوهام التي سطّرها الأقدمون.
فاسألهم يا محمد : لمن هذه الأرض ومن عليها من الناس والكائنات الحية والجامدة ؟
سيقولون : الله، لأن العقل الصريح يضطرهم إليه بأدنى نظر، فقل لهم : أفلا تعتبرون ؟
﴿ العرش ﴾ سرير الملك. وقيل هو خلق عظيم خلقه الله وأحاط به الكون، ورأينا أنه كناية عن الملك.
تفسير المعاني :
ثم قل لهم : من ربّ السماوات والسبع ورب الملك العظيم ؟
﴿ تتقون ﴾ أي تخافون.
تفسير المعاني :
سيقولون : الله. لأن مجرد التأمل يقضي به، فقل لهم : أفلا تخافون عقابه فلا تشركوا به شيئا ؟
﴿ ملكوت ﴾ أي الملك المطلق. وهو فعلوت من الملك. ﴿ ولا يجار عليه ﴾ أي ولا يستطيع أحد أن يجير من يطلبه لمعاقبته.
تفسير المعاني :
ثم قل لهم : من بيده التصرف المطلق على كل شيء وهو يجير فلا يستطيع أحد أن يتسلط على من يجيره، ولا يجرؤ أحد أن يحمي أحدا من سطوته، إن كنتم تعلمون ؟
﴿ تسحرون ﴾ أي تخدعون كما يخدعكم السحر.
تفسير المعاني :
سيقولون : الملك والتصرف فيه لله، فقل : فكيف تخدعون ؟
بل أتيناهم بالحق من التوحيد والوعد بالبعث والحساب والثواب، وإنهم لكاذبون في إنكارهم ذلك كله.
ما اتخذ الله من ولد، وما كان معه من إله غيره، ولو كان معه إله لاختلفا وذهب كل واحد منهما بما خلق، ولتكبر أحدهما على الآخر، فسبحان الله عما يصفونه به من الولد والشريك.
عالم بما هو مغيّب عن الحسّ، وبما هو ظاهر للعيان، فتعالى عما يشركونه معه من الآلهة الخيالية.
﴿ قل رب إما تريني ﴾ أي إن كان لا بد من أن تريني، لأن ما والنون للتوكيد.
تفسير المعاني :
قل : رب إن كان لا بد أن تشهدني ما تعدهم إياه من العذاب، فلا تجعلني قريبا لهم فيه.
﴿ قل رب إما تريني ﴾ أي إن كان لا بد من أن تريني، لأن ما والنون للتوكيد.
تفسير المعاني :
قل : رب إن كان لا بد أن تشهدني ما تعدهم إياه من العذاب، فلا تجعلني قريبا لهم فيه.
وإننا على أن نريك عذابهم لقادرون، إلا أننا نؤخره لعلهم يرجعون.
﴿ بالتي هي أحسن ﴾ أي بالخصلة التي هي أحسن. ﴿ بما يصفون ﴾ أي بما يصفونك به من الصفات الذميمة.
تفسير المعاني :
ادفع سيئتهم بالخصلة التي هي أحسن، نحن أعلم بما يصفونك به من الصفات الذميمة.
﴿ همزات الشياطين ﴾ أي وساوسهم، ومعنى الهمزات النخسات. يقال همزه يهمزه همزا أي نخسه.
تفسير المعاني :
وقل : رب ألجأ إليك من وسوسة الشياطين. وألجأ أن يحوموا حولي.
﴿ همزات الشياطين ﴾ أي وساوسهم، ومعنى الهمزات النخسات. يقال همزه يهمزه همزا أي نخسه.
تفسير المعاني :
وقل : رب ألجأ إليك من وسوسة الشياطين. وألجأ أن يحوموا حولي.
حتى إذا جاء أحدهم أجله ورأى قابضي الأرواح دعا ربه ليرجع إلى الدنيا لعله يعمل صالحا فيها أهمل من أموره. كلا ! إن قوله هذا كلمة لا تتحقق، وأمامهم حجاب دون الرجوع إلى يوم القيامة.
﴿ فيما تركت ﴾ أي في الإيمان الذي تركته، وقيل في المال أو الدنيا. ﴿ كلاّ ﴾ كلمة ردع. ﴿ برزخ ﴾ أي حائل بينهم وبين الرجعة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٩:تفسير المعاني :
حتى إذا جاء أحدهم أجله ورأى قابضي الأرواح دعا ربه ليرجع إلى الدنيا لعله يعمل صالحا فيها أهمل من أموره. كلا ! إن قوله هذا كلمة لا تتحقق، وأمامهم حجاب دون الرجوع إلى يوم القيامة.
﴿ فإذا نفخ في الصور ﴾ النفخ في الصور كناية عن بعث الموتى للحشر، وأصل الصور البوق. وقد فسّر هذا بأن إسرافيل ينفخ في بوق فتقوم الأموات. وقيل الصور جمع صورة، والمعنى : وإذا نفخ الله الأرواح في صورها، أي أجسادها.
تفسير المعاني :
فإذا بعثت الموتى للحساب فلا تنفعهم أنسابهم، ولا يسأل بعضهم بعضا لاشتغال كل منهم بنفسه.
﴿ موازينه ﴾ أي موزونات أعماله جمع موزون.
تفسير المعاني :
فمن ثقلت موزونات أعمالهم فهم الفائزون.
ومن خفّت فأولئك الذين أضاعوا أنفسهم.
﴿ تفلح ﴾ أي تحرق. واللفح كالنفخ إلا أنه أشدّ تأثيرا. يقال لفحته النار تلفحه لفحا أي أحرقته. ﴿ كالحون ﴾ أي متقلّصة شفاههم. والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان.
تفسير المعاني :
تحرق وجوههم النار وهم فيها متقلصة شفاههم عن أسنانهم من شدّة شعورهم بالاحتراق.
فيقال لهم : ألم تكن آياتنا تقرأ عليكم فكنتم بها تكذبون ؟
قالوا : يا ربنا ملكتنا شقاوتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدّية إلى سوء المصير.
ربنا أخرجنا من النار، فإن عدنا لما كنا عليه فإنا ظالمون.
﴿ اخسئوا ﴾ أي اسكتوا سكوت هوان، من قولك خسأتُ الكلب فخسأ أي زجرته فانزجر.
تفسير المعاني :
قال : اسكتوا سكوت ذّل وهوان، ولا تكلموني.
إنه كان فريق من عبادي، وهم المؤمنون، يقولون : ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين.
﴿ سخريا ﴾ أي هزؤا.
تفسير المعاني :
فاتخذتموهم هزؤا حتى أنسوكم ذكرى لتشاغلكم بالاستهزاء بهم، وكنتم منهم تضحكون.
إني جزيتهم اليوم بما صبورا على هذه المحن الفوز بمجامع مراداتهم.
قال الله أو الملك المأمور بسؤالهم : وكم مكثتم في الأرض عدد سنين ؟
قالوا : مكثنا يوما أو جزاءا من يوم، فقد كانت قصير الأجل سريعة الزوال، فاسأل الذين يتمكنون من عدّ أيامها، أما نحن فمشغولون بما نقاسيه من العذاب من عدّ أيامها.
قال : ما لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعملون.
﴿ عبثا ﴾ أي تلهيا ولعبا، وهو حال بمعنى عابثين.
تفسير المعاني :
أفظننتم أنما خلقناكم لعبا وتلهيا لا لغرض حكيم وأنكم إلينا لا ترجعون ؟
﴿ فتعالى الله الملك الحق ﴾ أي تنزّه عن أن يخلق شيئا عبثا. ﴿ العرش ﴾ لغة هو سرير الملك، وقيل المراد به في القرآن خلق عظيم يحيط بالأجرام وتنزل منه محكمات الأقضية والأحكام.
تفسير المعاني :
فتعالى الله وتنزه عن أن يخلق شيئا لعبا وتلهيا، هو الملك الحق الذي لا يصدر منه إلا الحق رب العرش الكريم.
ومن يعبد مع الله إلها آخر جريا منه محض الخيال، أو تقليدا منه للآباء والمعاشرين لا دليل له على إثباته فإنما حسابه عند ربه فهو يجازيه بما يستحقه عما حمل نفسه من أعباء العقائد الباطلة، إنه لا يفلح الكافرون.
وقل : رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.