تفسير سورة النجم

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة النجم من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة النجم مكية وآياتها ثنتان وستون، نزلت بعد سورة الإخلاص. ولسورة النجم وقع خاص، وقافية منسجمة منغّمة، لطيفة المبنى، خفيفة على اللسان والسمع. وهي من السور المكية التي تعالج أصول العقيدة بموضوعاتها : الوحدانية، والرسالة، والبعث. وتبدأ السورة بالقسَم بالنجم أن الرسول الكريم صادق فيما يقول من الوحي من رب العالمين، قد تلقاه عن ملك كريم شديد القوى هو جبريل. ثم تشير إلى الرحلة السماوية التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم والتقى فيها أمين السماء بأمين الأرض، ورأى جبريل على حقيقته مرتين، مرة في الأرض حيت تطلع في الأفق الأعلى، ومرة أخرى عند سدرة المنتهى في السموات العلى، ليلة الإسراء والمعراج. ويقول بعض المفسرين أن الرسول الكريم رأى ربه عند سِدرة المنتهى ﴿ عندها جنة المأوى ﴾.
وينتقل الحديث بعد ذلك عن المشركين وتكذيبهم وتعلقهم بأصنامهم اللاّت والعزى ومناة، ثم يتهكم الله بهم فيما يزعمونه من أن الملائكة بنات الله فيقول :﴿ ألكم الذكر وله الأنثى ﴾ ؟ إنها قسمة جائرة، وما هذه الأصنام إلا مجرد أسماء ليس فيها شيء من معنى الآلهة، أنتم سميتموها وآباؤكم من قبلكم، ﴿ ما أنزل الله بها من سلطان ﴾، وهي لا تنفعكم ولا تشفع لكم، أما الله سبحانه فله وحده الآخرة والدنيا. إنكم أيها المشركون لا تعلمون الحقيقة وما تتبعون إلا الظن والأوهام.
ثم يأمر الرسول الكريم أن يُعرض عنهم، لأنهم جاهلون بالحقائق، والله تعالى يعلم الضالّ من المهتدي.
ثم تستعرض السورة الكريمة أصول العقيدة كما هي منذ أقدم الرسالات، وتبين أن الإنسان معرّض للخطأ والآثام، ولكن الذين يجتنبون كبائر الذنوب والفواحش، ويرتكبون صغائرها يَسَعُهُم الله تعالى بمغفرته الواسعة.
بعد ذلك تُرسي السورة قواعد ثابتة، بأن الإنسان ليس له إلا جزاء عمله، وليس له إلا ما يسعى به، وسوف يُعلن هذا العمل يوم القيامة ﴿ وإن إلى ربك المنتهى ﴾ وإليه يعود الجميع.
ثم توجه الأنظار إلى مصارع الغابرين، ثم تخاطب الخلق عامة، بقوله تعالى :﴿ فبأي آلاء ربك تتمارى ﴾ فبأي نعمة من نعم ربك ترتاب ! !
ثم تُختم السورة الكريمة بآيات رائعة الوقع، فيها إنذار ووعيد، وتذكير عجيب ﴿ هذا نذير من النذر الأولى ﴾ أي إن هذا القرآن نذير من جنس النذر الأولى التي أُنذرت بها الأمم السابقة، ﴿ أزفت الآزفة، ليس لها من دون الله كاشفة، أفمن هذا الحديث تَعجبون، وتضحكون ولا تبكون، وأنتم سامدون، فاسجدوا لله واعبدوا ﴾ ختام رائع، وتوجيه عظيم، وتذكير ليس له نظير.

النجم : جنس النجوم.
هوى : سقطَ وغرب.
لقد أقسَم الله تعالى بخلْق من مخلوقاته العظيمة التي لا يعلم حقيقتَها إلا هو، وهي نجومُ السماء،
ما ضلّ : ما حادَ عن الطريق المستقيم.
صاحبكم : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وما غوى : ما اعتقد باطلا، ولا حاد عن الهدى.
بأن محمّداً، صاحبَكم يا معشرَ قريش وتعرفونه حقَّ المعرفة، وهو محمد الأمين كما سمَّيتموه، ما عَدَلَ عن طريق الحق، وما اعتقدَ باطلا.
وما ينطِق عن الهوى : وما يقول عن هوى نفسه.
ولا يتكلّم إلا بوحيٍ من الله تعالى.
وقد نقل إليه هذا الوحيّ من ربه الأعلى.
شديد القوى : الملَكُ جبريل.
وعلّمه إياه جبريلُ الأمين، شديدُ القوى.
ذو مِرة : ذو حصافة عقل وقوة عارضة.
فاستوى : فاستقام، واستوى لها عدة معان أخرى.
ذو حصافة عقل ورأي سديد، فاستقام على صورته الحقيقية. ولقد رآه النبيُّ عليه الصلاة والسلام مرَّتَين : مرةً على الأرض في غارِ حِراء، ومرةً أخرى ليلةَ المعراج. ورأى من عجائبِ صنع الله ما رأى، مما استطاعَ أن يخبركم به.
وهو بالأفق الأعلى : وهو بالجهة العليا من السماء.
ثم دنا : ثم قرب.
فتدلّى : فنزل.
فكان قاب قوسين أو أدنى : فكان قربُه قَدْرَ قوسين أو أقرب، والقابُ : المقدار.
وقد أوحى الله إلى عبدهِ ما أوحى.
بل لقد رأى جبريلَ ببصرِه حقيقةً، فلا العينُ أخطأت فيما رأت، ولا القلبُ شكّ فيما رأت العين بل أيقنَ وجزم بصدقها.
قراءات :
قرأ هشام : ما كذّب بتشديد الدال. والباقون : ما كذَب بدون تشديد.
أفتمارونه : أفتجادلونه على ما يراه.
وبعد هذا كلّه تجادِلونه على ما يراه وتكذّبونه ! !
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب : أفَتمرونه بفتح التاء، أي تغلبونه. والباقون : أفتمارونه.
نزلةٌ أخرى : مرة أخرى.
كذلك رآه مرةً أخرى.
سِدرة المنتهى : شجرة عظيمة مباركة.
عند سِدرة المنتهى بقرب الجنة.
جنة المأوى : جنة الخلد التي تؤوي المؤمنين.
يغشى : يستر ويغطي.
﴿ إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى ﴾ من فضلِ الله ما لا يحيط به وصف..
ما زاغ البصرُ : ما مال بصر محمد عما رآه.
وما طغى : وما تجاوز ما أُمر به.
آيات ربه الكبرى : عجائب ملكوته.
لقد رأى من عجائب آياتِ ربه الكبرى ما يَبْهَرُ الفؤاد ويجِلُّ عن الوصف.
اللات والعزَّى ومناة : أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية وأبطلَها الإسلام. اللات : كانت صخرة مربعة بالطائف، وبها سمى العربُ في الجاهلية زيدَ اللات، وتَيْم اللات. وكانت في موضع منارةِ مسجد الطائف اليسرى اليوم. وبعد فتحِ الطائف بعث الرسولُ الكريم المغيرةَ بنَ شُعبة فهدمها وحرقها بالنار. العُزّى : شجرة من السَمُرِ كانت بوادِ حَراضِ عن يمين الذاهب إلى العراق، وأولُ من اتخذها ظالم بن أسعد، وكانت أعظمَ الأصنام عند قريش. وبها سمت العرب : عبدَ العزى. فلما كان عامُ الفتح دعا النبي خالدَ ابن الوليد فقال له : انطلق إلى شجرةٍ ببطن نَخْلَةَ فاعصرها، فقتلَ سادِنَها وقطع الشجرة.
يخاطب الله تعالى قريشاً فيقول :
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللات.... ﴾
أخبِروني عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله وهي اللات والعزى ومناة.... هل لها قدرة توصف بها ؟
قراءات :
قرأ رويس ويعقوب : اللاتّ بتشديد التاء، والباقون : اللات من غير تشديد.
مَناة : وهي أقدم هذه الأصنام، وكان صنمه منصوباً على ساحل البحر بناحية المشلل بِقَديدٍ، بين المدينة ومكة. وكانت العرب جميعا تعظّمه وتذبح حوله. وكانت الأوسُ والخزرج تعظّمه أكثرَ من جميع العرب، وكانوا يحلقون رؤوسهم عند مناة. وبعد فتح مكة أرسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب كرم الله وجهه فهدَمها وأخذ ما كان لها. وكان من جملة ما وجدَ عندها سيفان، فوهبَهما الرسولُ إلى علي رضي الله عنه. والعرب تسمى : عبدَ مناة وزيدَ مناة، وكانت أقدم الأصنام الثلاثة.
قراءات :
قرأ ابن كثير : مناءة بمدّ الألف والهمزة المفتوحة، والباقون : مناة.
وبعد أن أنّبهم على سُخف عقولهم بعبادة الأصنام، التي كانوا يزعمون أنها هياكل للملائكة وأن الملائكة بناتُ الله، قال :
﴿ أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى ﴾.
ضِيزى : جائرة، يقال : ضاز يضيز ضيزا : اعوجّ وجار، وضازه حقَّه ظَلَمه.
إن هذه القسمة جائرة، وغير عادلة.
من سلطان : من حجة.
ثم أنكر عليهم ما ابتدعوه من الكذِب والافتراء في عبادةِ الأصنام وتسميتها آلهةً بقوله :﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنَزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾
هي أسماء لفّقتموها، وما تتبعون إلا الظنَّ الذي تهواه أنفسكم في هذا الشأن.
أما الآن وعلى لسان محمدٍ، فقد جاءكم من ربكم الهدى لو تتبعونه.
ومع هذا فإن هذه الأصنام لا تنفعكم، ولا تشفع لكم عند الله، وما هي إلا أباطيل من صنع الكهنة والسَدَنة ليأكلوا أموالَ الناس بالباطل..
أما كل ما في هذا الكون دنيا وأخرى، فهو مِلك له تعالى، لا شريك له ولم يلد ولم يولد.
وإن كثيرا من الملائكة لا تفيد شفاعتهم شيئا، ﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَآءُ ويرضى ﴾، فإذا كان هذا حالُ الملائكة المقربين عند الله، فكيف حال الأصنامِ الجامدة الميتة ! !
بعد أن عاب الله عبادةَ الأصنام التي لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا شفاعة، وكرر هنا تسفيه أحلامهم بأنهم سمّوا الملائكة بناتِ الله.
فمن أين أتاهم أن الله له أولاد هي الملائكة ! ؟ إنه تعالى غني عن المساعدة وعن الصاحبة والولد، وكلامهم هذا كله دعوى من غير دليل، ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً ﴾.
فأعرِض أيها الرسول عن هؤلاء الذين لا همَّ لهم إلا جمع حطام الدنيا،
مبلغهم من العلم : منتهى علمهم.
لأن ذلك الذي يتبعونه هو منتَهى ما وصلوا إليه من العلم، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى ﴾، فهؤلاء قومٌ لا تجدي فيهم الذكرى ولا تؤثر فيهم الموعظة، فلا تبتئس بإنكارهم وكفرهم، اللهُ أعلمُ بهم.
ثم بين بعد ذلك أن الله تعالى هو مالك هذا الكون المتصرفُ فيه، ولذلك فهو القادرُ على الجزاء. وهو عادلٌ يحب العدل، ولذلك يبيّن جزاء الذين أساؤا والذين أحسنوا.
كبائر الإثم : الجرائم الكبرى كالقتل والسرقة وما يترتب عليه حد.
والفواحش : أيضا من الكبائر وهي ما عظُم قبحها.
اللّمم : مقاربة الذنب والدنو منه، أو ما صغُر من الذنوب.
أنشأكم : خلقكم.
أجنّة : جمع جنين، وهو الولد ما دام في بطن أمه.
وقد بيّن أوصافَ المحسِنين بقوله تعالى :﴿ الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم والفواحش إِلاَّ اللمم ﴾
يعني أن المحسنين هم الذين يبتعدون عن كبائرِ المعاصي والفواحش، فإذا وقعوا في معصيةٍ وتابوا فَ ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المغفرة ﴾ يغفر كل ذنب كما قال تعالى :﴿ قُلْ يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم ﴾ [ الزمر : ٥٣ ]. وعلى هذا يكون اللَّمَمُ هو الإتيان بالمعصِية ( من أيّ نوعٍ ) ثم يتوب عنها.
ولذلك ختم الآية بأن هذا الجزاء، بالسُّوء والحسنى، مستند إلى علم الله بحقيقة دخائل الناس فقال :﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقى ﴾ فهو أعلمُ بأحوالكم، وعندَه الميزانُ الدقيق، وجزاؤه العدْل، واليه المرجع والمآل.
ويرى كثير من المفسرين أن الآية تعني أن الذي يجتنب الكبائرَ يكفِّر الله عنه الصغائرَ، كما قال تعالى :﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [ النساء : ٣١ ]، وهذه الآية مدنية. وعلى كل حالٍ فالله تعالى واسعُ المغفرة، رؤوف بعباده حليم كريم.
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي وخلف : الذين يجتنبون كبير الإثم بالإفراد، والباقون : كبائر الإثم بالجمع.
تولى : أعرضَ عن اتباع الحق.
أَعلمتَ يا محمدُ بأمر ذلك الجاحد الذي أعرضَ عن اتّباع الحق.
أكدى : قطع العطاء وأمسك وبخِل.
وقد أعطى قليلا من المال ثم قطع عطاءه،
أأنزل عليه وحيٌ فصار عندَه علمُ الغيب فرأى أن ما صنعه حق ؟.
إن الشرائع التي يعرفها ذلك الرجل على غير هذا.
ينبَّأ : يخبر.
صحف موسى : التوراة.
ألَم يُخْبرَ بما في صُحف موسى،
ووفى : أتم ما أُمر به وأكمل.
وإبراهيمَ الذي بلغَ الغايةَ في الوفاء بما عاهد الله عليه ! ! وكانت قريش تدّعي أَنها على دِين إبراهيم، بينما أن دين إبراهيم يخالفُ ما يقولون وما يعملون.
أن لا تزر وازرةٌ وزر أخرى : لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى، كل إنسان يؤخذ بذنبه.
لقد اتفقت الأديان على أنه لا تحمل نفسٌ ذنوبَ نفسٍ أخرى.
وأنه ليس للإنسان إلا جزاءعمله.
وأن عمله سوف يُعلَن يومَ القيامة فيراه الناس.
ثم يُجزاه : يجازيه الله على عمله، يقال : جزاه على عمله، وجزاه عملَه.
الأوفى : الأكمل.
ثم يجزيه الله على عمله أوفَى جزاءٍ فيضاعِفُ له الحسنةَ أضعافا كثيرة، ويجازيه بالسيئة مثلَها فقط أو يعفو عنها، ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم ﴾ [ الحجر : ٤٩ ].
المنتهى : المعاد يوم القيامة.
في ختام هذه السورة الكريمة يعجَب اللهُ تعالى من أمر الإنسان، وأنه كيف يتشكّك في أمر الله وقدرته، ويجادل ويماري في أمر الرسالات ! ! فمهما طالَ وجودُ الإنسان في هذه الحياة فإن مصيره الموتُ والرجوعُ إليه.
إن الله تعالى وحده خلَقَ ما يسرُّ وما يُحزِن، فأضحك وأبكى، وذلك بأن أنشأ للإنسان دواعي الضحك ودواعي البكاء. وقد يضحك غداً مما أبكاه اليوم، ويبكي اليوم مما أضحكه بالأمس في غير جنون ولا ذهول، إنما هي الحالاتُ النفسية المتقلبة بيدِ مقلِّب القلوب.
وأنه هو يهب الحياة ويأخذُها،
وأنه خلَقَ الزوجين : الذكر والأنثى،
تُمْنَى : تصبّ في الرحم وتدفع فيه.
من نطفةٍ فيها آلاف الحيوانات الصغيرة التي لا تُرى بالعين المجردة.
النشأة الأخرى : البعث يوم القيامة.
وهو الذي يحيينا مرةً أخرى يومَ البعث،
أغنى : كفى عبده وأغناه عن سؤال الناس.
أقنى : أعطاه فوق الغنى من المال ما يُقتنى ويُدّخر.
وأنه سبحانه ﴿ هُوَ أغنى وأقنى ﴾ فأعطى ما يكفي، وزادنا رضىً بما يُقْتَنَى ويُدّخر.
الشّعرى : نجم مضيء وهي معروفة بالشّعرى اليمانية، أشدّ نجمٍ لمعاناً في السماء، يبلغ قطرها ضِعف قطر الشمس، وأكثر لمعاناً من الشمس بِ ٢٧ مرة. وكان بعض العرب يعبدونها في الجاهلية.
وقد نصّ بشكل خاص بأنه ربّ الشعرى اليمانية ( ألمع نجمٍ في كوكبة الكلب الأكبر، وأَلْمع ما يُرى من نجوم السماء )، لأن بعض العرب كانوا يعبدونها. وكان قدماء المصريين يعبدونها أيضا، لأن ظهورها في جهة الشرق نحو منتصف شهر تموز قبل شروق الشمس، يتفق مع زمن الفيضان في مصر الوسطى، وهو أهم حادث في العام، وابتداء عام جديد.
عاداً الأولى : قوم هود.
لقد أهلك الله عاداً الأولى قومَ هود.
قراءات :
قرأ نافع وابن كثير : عاداً الَّولى بإدغام التنوين باللام. والباقون : عاداً الأولى.
وأهلك ثمودَ قوم صالح، فما أبقى عليهم.
قراءات :
قرأ حفص : وثمودَ بغير تنوين. والباقون : وثموداً بالتنوين.
كذلك أهلك قوم نوح من قبلهم، وقد كانوا أكثر ظُلماً وأشدَّ طغياناً من عاد وثمود.
المؤتفكة : قرى قوم لوط، ائتفكت الأرض : انقلبت بمن عليها.
أهوى : أسقطها في الأرض، خسف بها الأرض.
أما المؤتفكة قم لوط، فقد قلَب بهم الأرض وخسفها لطغيانهم وكفرهم.
غشّاها : غطاها العذاب.
فأحاط بها من العذاب الشديد المرعب ما لا يوصف.
آلاء رَبِّكَ : نِعمه. مفردها إلي بفتح الهمزة وكسرها. تتمارى : تشك.
فبأيّ نِعمِ ربك عليك أيها الإنسانُ، تشكّ وترتاب ! ! وكما قال تعالى :﴿ يا أيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم ؟.... ﴾ [ الإنفطار : ٦ ]. إن هذه كلَّها أدلةٌ على وحدانية ربك وربوبيته.
قراءات :
قرأ الجمهور : تتمارى بتاءين. وقرأ يعقوب : تمارى بتاء واحدة.
هذا هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم جاءكم نذيراً بالقرآن الكريم، وهو من النذُر الأولى التي أُنذرت بها الأمم السابقة.
أزفت : دنت واقتربت. الآزفة : الساعة يوم القيامة.
قربتْ القيامة.
كاشفة : من الكشف والإظهار.
ولا يكشِف عن وقتها إلا الله، ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ].
أفمن هذا الحديث : يعني القرآن.
فما لكم ساهون لاهون ! ! وهل بعدَ هذا كلّه ينبغي أن تعجَبوا من هذا القرآن، وهو حديثٌ عظيم فيه كل ما يقودكم إلى الهدى والصلاح والسعادة ! !
وتضحكون استهزاء وسخريةً ولا تبكون، كما يفعل الموقنون !.
سامدون : لاهون.
بهذا يختم الله تعالى هذه السورةَ الكريمة، فاسجدوا لله الذي أنزلَ القرآنَ هدىً للناس، واعبدوه وحدَه لا اله إلا هو. وهنا موضعُ سجدةٍ واجبة.
Icon