تفسير سورة المؤمنون

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(٢٣) سورة المؤمنون

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١ الى ٧]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧)
١- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ:
أي فازوا برضا الله وظفروا بثوابه.
٢- الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ:
خاشِعُونَ خاضعون يتوجهون الى الله لا يشغلهم من مشاغل الدنيا شاغل.
٣- وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ:
أي منصرفون عما لا نفع فيه من قول أو فعل.
٤- وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ:
أي يؤتونها مستحقيها.
٥- وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ:
أي يصونون سوءاتهم عما لا يحل.
٦- إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ:
أي إلا عن طريق الزواج فهذا لا تثريب عليه.
٧- فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ:
فَمَنِ ابْتَغى فمن أراد.
وَراءَ ذلِكَ أي غير الزواج.
فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الذين اعتدوا حدود الله.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨ الى ٩]

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)
٨- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ:
أي حافظون لما اؤتمنوا عليه لا يخونون ولا ينقضون.
٩- وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ:
أي يؤدون الصلوات المكتوبة فى أوقاتها وعلى وجهها الأكمل.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠ الى ١٤]
أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤)
١٠- أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ:
الْوارِثُونَ الأحقاء بأن يسموا وراثا دون من عداهم.
١١- الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ:
الْفِرْدَوْسَ أعلى مكان فى الجنة.
فِيها أنث على معنى الجنة.
خالِدُونَ لا يبرحونها.
١٢- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ:
الْإِنْسانَ أي آدم.
مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ أي استل واستخرج من طين.
١٣- ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ:
ثُمَّ جَعَلْناهُ أي نسله.
نُطْفَةً يعنى المنيّ.
فِي قَرارٍ مَكِينٍ فى مستقر أمين، يعنى الرحم.
١٤- ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ:
عَلَقَةً هو الدم الجامد.
مُضْغَةً لحمة قليلة قدر ما يمضغ.
فَتَبارَكَ اللَّهُ فتعالى الله فى قدره.
أَحْسَنُ الْخالِقِينَ لا يشبهه أحد فى خلقه وتصويره وإبداعه.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٥ الى ٢١]
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩)
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١)
١٥- ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ:
أي إن مصيركم بعد الحياة الموت.
١٦- ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ:
ثم يوم القيامة تنشرون من قبوركم وتعودون أحياء للحساب.
١٧- وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ:
سَبْعَ طَرائِقَ سبع سموات.
غافِلِينَ عن تدبير ما يحفظها ويمسكها أن تقع على الأرض.
١٨- وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ:
فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ فجعلنا الأرض مستقره على ظهرها وفى جوفها.
وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ إزالته.
لَقادِرُونَ لا يفوتنا هذا ولا يعجزنا.
١٩- فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ:
جَنَّاتٍ أي حدائق.
٢٠- وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ:
تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ يعنى شجرة الزيتون.
وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ أي إدام للآكلين.
٢١- وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ:
فِي الْأَنْعامِ الإبل والبقر والغنم.
لَعِبْرَةً ما تتعظون به.
مِمَّا فِي بُطُونِها من ألبان.
وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ فمنها ما يركب ومنها ما يستخدم فى حرث الأرض، ومنها ما يتخذ منه الوبر أو الصوف.
وَمِنْها تَأْكُلُونَ حين تذبحونها.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]
وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤)
٢٢- عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
يعنى ما يتخذ مطية فى البر شأن الفلك فى البحر.
٢٣- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ:
مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ يستحق العبادة.
أَفَلا تَتَّقُونَ أفلا تخشون الله ان جحدتم.
٢٤- فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ:
فَقالَ الْمَلَأُ الكبراء من قومه.
الَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا ما قال.
ما هذا يعنون نوحا.
إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يستوى وإياكم فى البشرية، فلا مزيد عنده يفضلكم به.
يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ يريد أن يكون بدعوته صاحب ميزة يتميز بها عليكم.
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ولو كان الأمر ما يقول من أنه رسول الله.
لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ملائكة رسلا.
ما سَمِعْنا بِهذا بهذا الذي يدعيه.
فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ مع آبائنا السابقين.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]

إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨)
٢٥- إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ:
بِهِ جِنَّةٌ به مس من جنون.
فَتَرَبَّصُوا بِهِ فأمهلوه واصبروا عليه.
حَتَّى حِينٍ الى أمد حتى يتكشف أمره أو إلى أن يهلك.
٢٦- قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ:
انْصُرْنِي عليهم وانتقم منهم.
بِما كَذَّبُونِ بسبب تكذيبهم لى.
٢٧- فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ:
فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ إلى نوح.
أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ السفينة.
بِأَعْيُنِنا برعايتنا.
وَوَحْيِنا ولوفق ما نوحيه إليك.
فَإِذا جاءَ أَمْرُنا الأجل المضروب لعذابهم.
وَفارَ التَّنُّورُ وانبجست الأرض ماء.
فَاسْلُكْ فِيها فأدخل فى السفينة.
وَأَهْلَكَ ومن أمن بك.
إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ إلا من مضى القول بأنهم من الكافرين.
وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ولا تسألنى النجاة لمن كفروا.
إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ أي الظالمون.
٢٨- فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ:
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ أي استقررت.
فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فاشكر الله.
الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ على أن نجانا من شر الكافرين.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢٩ الى ٣٣]
وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣)
٢٩- وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ:
أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً هيىء لى منزلا يطلب لى عند النزول إلى الأرض.
وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ وأنت وحدك القادر على ذلك.
٣٠- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فى قصة نوح.
لَآياتٍ لعبر ومواعظ.
وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ أي مختبرين العباد بالخير والشر.
٣١- ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ:
مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد قوم نوح.
قَرْناً آخَرِينَ طبقة من الناس غيرهم وهم عاد.
٣٢- فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ:
رَسُولًا مِنْهُمْ هو هود.
أَفَلا تَتَّقُونَ عذابه إن عصيتم.
٣٣- وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ:
وَقالَ الْمَلَأُ الكبراء من قومه.
بِلِقاءِ الْآخِرَةِ بيوم البعث.
وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وأعطيناهم حظا من النعيم فى الحياة الدنيا.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٣٤ الى ٤١]

وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨)
قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١)
٣٤- وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ:
لَخاسِرُونَ أي لمغبونون بترككم آلهتكم واتباعكم إياه من غير فضيلة له عليكم.
٣٥- أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ:
أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ من قبوركم وتبعثون.
٣٦- هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ:
أي يا بعد ما وعدكم به.
٣٧- إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ:
إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ليس ثمة لنا غير دنيانا.
نَمُوتُ وَنَحْيا يتوارد علينا فيها الموت والحياة.
وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وليس هناك بعث بعد الفناء.
٣٨- إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ:
إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ ليس غير رجل.
افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً اختلق على الله ما ليس من عند الله.
وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ولسنا مصدقين قوله.
٣٩- قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ:
انْصُرْنِي انتقم لى منهم.
بِما كَذَّبُونِ بسبب تكذيبهم إياى.
٤٠- قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ:
عَمَّا قَلِيلٍ أي بعد قليل.
نادِمِينَ حين يرون العذاب.
٤١- فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ:
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ فأتت عليهم صيحة السماء.
بِالْحَقِّ عدلا وإنصافا جزاء ظلمهم.
فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً أي هلكى هامدين كغثاء السيل وهو ما يحمله من بالى الشجر مما يبس وتفتت.
فَبُعْداً من رحمة الله.
لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الطاغين المعاندين.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٢ الى ٤٦]
ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦)
٤٢- ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ:
ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ خلقنا من بعدهم.
قُرُوناً آخَرِينَ أقواما غيرهم.
٤٣- ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ:
ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ من، صلة، أي ما تسبق أمة.
أَجَلَها الوقت المؤقت لها وَما يَسْتَأْخِرُونَ وما يتأخر أجلهم عن وقتهم المؤقت لهم.
٤٤- ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ:
تَتْرا متتابعين كلا الى قومه.
فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً بالهلاك.
وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ يرددها الناس من بعدهم.
فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ فهلاكا وبعدا من رحمة الله لمن لا يصدقون الحق.
٤٥- ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ:
بِآياتِنا بالدلائل القاطعة.
وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وحجة بينة.
٤٦- إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ:
إِلى فِرْعَوْنَ أي أرسلنا موسى وهارون الى فرعون.
وَمَلَائِهِ والعلية من قومه.
فَاسْتَكْبَرُوا تعالوا عن الإذعان للحق.
وَكانُوا قَوْماً عالِينَ موصومين بالكبر والغطرسة.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]
فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (٥٠)
٤٧- فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ:
لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا يستويان وإيانا فى البشرية.
وَقَوْمُهُما أي بنو إسرائيل.
لَنا عابِدُونَ مستعبدون.
٤٨- فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ:
فَكَذَّبُوهُما أي موسى وهارون.
فَكانُوا فرعون وقومه.
مِنَ الْمُهْلَكِينَ بالغرق.
٤٩- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ:
الْكِتابَ يعنى التوراة.
لَعَلَّهُمْ يعنى قومه.
يَهْتَدُونَ ينتصحون بما فيه.
٥٠- وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ:
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ يعنى عيسى عليه السلام وأمه مريم.
آيَةً فى ولادتها إياه من غير أب، وفى كلامه وهو فى المهد.
وَآوَيْناهُما أنزلناهما.
إِلى رَبْوَةٍ الى مكان مرتفع منبسط.
ذاتِ قَرارٍ تتهيأ عليها الإقامة.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥١ الى ٥٥]

يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤) أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥)
٥١- يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ:
مِنَ الطَّيِّباتِ مما أحل الله.
وَاعْمَلُوا صالِحاً وأدأبوا على العمل الصالح.
إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ أي علمى محيط بما تعملون.
٥٢- وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ:
وَإِنَّ هذِهِ أي وقلنا لهم.
أُمَّتُكُمْ أي الدين الذي أرسلتم به.
أُمَّةً واحِدَةً دين واحد فى العقائد وأصول الشرائع.
وَأَنَا رَبُّكُمْ الذي تتجهون اليه بالعبادة لا رب سواى.
فَاتَّقُونِ فاخشوا عقابى.
٥٣- فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ:
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ أي الأمم التي أرسلت إليهم الرسل، تفرقوا وانقسموا.
كُلُّ حِزْبٍ كل فريق.
بِما لَدَيْهِمْ بما رأوا من رأى.
فَرِحُونَ راضون مطمئنون.
٥٤- فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ:
فَذَرْهُمْ الخطاب لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم، أي دع الكافرين واتركهم.
فِي غَمْرَتِهِمْ فى جهالتهم وغفلتهم بعد أن أسديت لهم النصح.
حَتَّى حِينٍ الى أجل يقضى الله فيهم أمره.
٥٥- أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ:
أَيَحْسَبُونَ أي أيظن هؤلاء العاصون.
أَنَّما ما، بمعنى: الذي.
نُمِدُّهُمْ بِهِ نرزقهم إياه.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥٦ الى ٦٠]
نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠)
٥٦- نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ:
نُسارِعُ لَهُمْ أي نسارع لهم به، يعنى ما أولاهم به من مال وبنين.
فِي الْخَيْراتِ فيما هو خير ونعمة.
بَلْ لا يَشْعُرُونَ بل لا يدركون أنا بهذا نستدرجهم لنعلم أيشكرون أم يكفرون.
٥٧- إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ:
مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ من خوف عقابه.
مُشْفِقُونَ حذرون.
٥٨- وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ:
بِآياتِ رَبِّهِمْ بما بث فى الكون من دلائل تشير الى وجوده.
يُؤْمِنُونَ لا يمترون.
٥٩- وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ:
لا يُشْرِكُونَ لا يجعلون معه إلها غيره.
٦٠- وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ:
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ينفقون.
ما آتَوْا ما أنفقوا من إحسان.
وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ إشفاقا وخوفا.
أَنَّهُمْ لأنهم.
إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أي مصيرهم الى الله يحذرون أن يكونوا لم يؤدوا ما يجب عليهم وأنهم مفرطون.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦١ الى ٦٥]

أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥)
٦١- أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ:
أُولئِكَ أي من هذه صفتهم.
يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ يخفّون الى فعل الخير.
وَهُمْ لَها أي لفعل الخيرات.
سابِقُونَ مبادرون.
٦٢- وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ:
إِلَّا وُسْعَها الا ما هو فى قدرتها وطاقتها.
وَلَدَيْنا كِتابٌ نسجل فيه أعمالهم.
يَنْطِقُ بِالْحَقِّ يخبر بما كان على وجهه الحق.
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بزيادة عقاب أو نقص ثواب.
٦٣- بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ:
فِي غَمْرَةٍ فى غفلة.
مِنْ هذا الذي نقصه عليك.
مِنْ دُونِ ذلِكَ متجاوزة متخطية لذلك، أي لما وصف به المؤمنون.
هُمْ لَها معتادون بها وضارون عليها لا ينقطعون عنها.
٦٤- حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ:
أَخَذْنا بلونا.
مُتْرَفِيهِمْ المنعمين منهم.
بِالْعَذابِ بما أوعدناهم به من عذاب.
إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ يضجون ويصيحون.
٦٥- لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ:
لا تَجْأَرُوا لا تضجوا.
الْيَوْمَ يوم الحساب.
إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ أي لا تجدون من ينصركم وينجيكم منا.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٦ الى ٦٩]
قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩)
٦٦- قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ:
عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ تولون مدبرين.
٦٧- مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ:
مُسْتَكْبِرِينَ متكبرين.
بِهِ أي بالحرم، أي تقولون: لا يظهر علينا أحد ونحن أهل الحرم. والذي سوغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت.
ويجوز أن يرجع الضمير الى آياتِي وذكر لأنها فى معنى كتابى.
ومعنى استكبارهم بالقرآن: تكذيبهم به استكبارا.
سامِراً أي سمارا وهم الجماعة يتحدثون ليلا.
تَهْجُرُونَ تفحشون فى القول.
٦٨- أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ:
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا أفلم يتدبروا.
الْقَوْلَ القرآن. أي أفلم يتدبروه ليعلموا أنه الحق المبين فيصدقوا به وبمن جاءه.
أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ أم كانت دعوة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم إياهم غريبة عن الدعوات التي جاء بها الرسل الى الأقوام السابقين الذين أدركهم آباؤهم.
٦٩- أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ:
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ وقد نشأ بينهم وما عهدوا عليه شيئا يطعن فى نبوته.
فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أي قد عرفوه ولكنهم أنكروا عليه ما جاء به حسدا.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٧٠ الى ٧٥]
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤)
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥)
٧٠- أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ:
بِهِ جِنَّةٌ أي جنون.
بَلْ كلا كارِهُونَ لأنه يخالف رغباتهم وأهواءهم.
٧١- وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ:
بِذِكْرِهِمْ أي بما فيه شرفهم وعزهم، يعنى القرآن الكريم.
٧٢- أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ:
خَرْجاً أي أجرا ورزقا على ما جئتم به.
فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ فرزق ربك خير.
وفى الآية إشارة الى ما عرضوا عليه صلّى الله عليه وآله وسلم من مال وسلطان على أن يترك الدعوة
فقال صلّى الله عليه وآله وسلم قولته المأثورة: والله لو جعلوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك ما جئت به ما تخليت عنه الى أن أموت دونه.
٧٣- وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:
وما تفعل يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم غير أنك تدعوهم الى الدين القويم.
٧٤- وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ:
عَنِ الصِّراطِ المستقيم.
لَناكِبُونَ لعادون.
٧٥- وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ:
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ فرددناهم الى الدنيا.
وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ ولم ندخلهم النار وامتحناهم.
لَلَجُّوا لتمادوا.
فِي طُغْيانِهِمْ فى ضلالهم.
يَعْمَهُونَ يتذبذبون ويتخبطون.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٧٦ الى ٨١]
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠)
بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١)
٧٦- وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ:
بِالْعَذابِ بالشدائد.
فَمَا اسْتَكانُوا فما خضعوا.
وَما يَتَضَرَّعُونَ أي ما يخشعون لله عز وجل.
٧٧- حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ:
مُبْلِسُونَ بائسون متحيرون لا يدرون ما يصنعون.
٧٨- وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ:
قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي ما تشكرون إلا شكرا قليلا. وقيل:
لا تشكرون البتة.
٧٩- وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ:
ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي أنشأكم وبثكم وخلقكم.
وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي تجمعون للجزاء.
٨٠- وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ:
وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فى النور والظلمة.
أَفَلا تَعْقِلُونَ كنه قدرته وربوبيته ووحدانيته.
٨١- بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ:
أي كذبوا كما كذب الأولون.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨٢ الى ٨٩]

قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)
٨٢- قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ:
أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ مردودون الى الحياة.
٨٣- لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:
إِنْ هذا ما هذا.
إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أباطيلهم وترهاتهم.
٨٤- قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
قُلْ يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم جوابا لهم عما قالوا.
لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها يخبر بربوبيته ووحدانيته وملكه الذي لا يزول ولا يتحول.
٨٥- سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ:
أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي أفلا تتعظون وتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو قادر على إحياء الموتى بعد موتهم.
٨٦- قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ:
أي من خالق هذه السموات وعرشه المحيط بهن.
٨٧- سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ:
أَفَلا تَتَّقُونَ أي أفلا تخافون وترتدعون.
٨٨- قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أي يمنع ولا يمنع منه.
٨٩- سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ:
فَأَنَّى تُسْحَرُونَ فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده، أي كيف يخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٠ الى ٩٥]

بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤)
وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥)
٩٠- بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ:
بِالْحَقِّ أي بالقول الصدق.
وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى اتخاذ الله ولدا وأن له شركاء.
٩١- مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ:
مِنْ وَلَدٍ من، صلة.
مِنْ إِلهٍ من، زائدة.
والتقدير: ما اتخذ الله ولدا كما زعمتم، ولا كان معه إله فيما خلق.
لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ لا نفرد كل إله بخلقه. وفى الكلام حذف، والتقدير: لو كانت معه آلهة لذهب.
وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أي لغالب.
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ تنزيها له عن الولد والشريك.
٩٢- عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ:
عالِمِ الْغَيْبِ أي هو عالم الغيب، أي ما يغيب عنا.
وَالشَّهادَةِ وما يظهر لنا.
فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه وتقديس.
٩٣- قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ:
أي: إن كان لا بد من أن ترينى ما تعدهم من العذاب فى الدنيا أو الآخرة.
٩٤- رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ:
فلا تجعلنى قرينا لهم ولا تعذبنى عذابهم.
٩٥- وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ:
أي إن الله قادر على انجاز ما وعد إن تأملتم.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٦ الى ٩٩]

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)
٩٦- ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ:
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ادفع بالحسنى السيئة.
والمعنى: الصفح عن إساءتهم ومقابلتها بما أمكن، حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة.
بِما يَصِفُونَ بما يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها، أو بوصفهم لك وسوء ذكرهم.
٩٧- وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ:
أَعُوذُ بِكَ أستنصرك وألجأ إليك.
مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ من تغريرهم وتزيينهم المعاصي.
٩٨- وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ:
أَنْ يَحْضُرُونِ أن يكونوا معى فى أمورى.
٩٩- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ:
حَتَّى متعلق بقوله يَصِفُونَ أي لا يزالون على سوء الذكر الى هذا الوقت.
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١٠٠]
لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)
١٠٠- لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:
فِيما تَرَكْتُ فيما ضيعت وتركت العمل به من الطاعات.
كَلَّا كلمة ردع، أي ليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب الى الرجوع الى الدنيا.
إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها عند الموت ولكن لا تنفع.
وَمِنْ وَرائِهِمْ أي ومن أمامهم وبين أيديهم. وقيل: من خلفهم.
بَرْزَخٌ أي حاجز بين الموت والبعث. أو بين الموت والرجوع إلى الدنيا.
إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ الى يوم البعث. وأضيف يَوْمِ الى يُبْعَثُونَ لأنه ظرف زمان، والمراد بالإضافة المصدر.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠١ الى ١٠٧]
فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥)
قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧)
١٠١- فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ:
فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ النفخة الثانية.
فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ أي إن التقاطع يقع بينهم.
وَلا يَتَساءَلُونَ أي ولا يسأل بعضهم بعضا فكل مشغول بنفسه.
١٠٢- فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ رجحت حسناته سيئاته.
الْمُفْلِحُونَ الفائزون.
١٠٣- وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ:
خَفَّتْ مَوازِينُهُ شالت كفة حسناته ورجحت سيئاته.
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ باعوها للشيطان حين استمعوا لإغواءه.
١٠٤- تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ:
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ تسفعها وتحرقها.
كالِحُونَ عابسون.
١٠٥- أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ:
آياتِي المنزلة.
تُتْلى عَلَيْكُمْ تقرأ.
١٠٦- قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ:
شِقْوَتُنا أي لذاتنا وأهواؤنا.
ضالِّينَ عن الهدى.
١٠٧- رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ:
مِنْها من جهنم.
فَإِنْ عُدْنا الى الكفر.
فَإِنَّا ظالِمُونَ لأنفسنا بالعودة اليه.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠٨ الى ١١٣]
قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١) قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢)
قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣)
١٠٨- قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ:
اخْسَؤُا ذلوا وانزجروا.
فِيها أي فى جهنم.
١٠٩- إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ:
فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي من ضعفاء المسلمين لم يكن لهم حول ولا قوة، منهم: بلال، وصهيب، وخباب.
١١٠- فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ:
سِخْرِيًّا تسخرون منهم.
حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي أي حتى اشتغلتم بالاستهزاء بهم عن ذكرى.
وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ استهزاء بهم.
١١١- إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ:
بِما صَبَرُوا على أذاكم وصبروا على طاعتى.
أَنَّهُمْ أي لأنهم. وقرىء بكسر الهمزة على الابتداء.
الْفائِزُونَ الذين فازوا بنعيم الآخرة.
١١٢- قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ:
فِي الْأَرْضِ يعنى فى القبور.
١١٣- قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ:
فَسْئَلِ الْعادِّينَ أي سل الحسّاب الذين يعرفون ذلك.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٤ الى ١١٨]

قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)
١١٤- قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
إِلَّا قَلِيلًا أي ما لبثتم فى الأرض إلا قليلا.
لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذلك.
١١٥- أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ:
عَبَثاً أي مهملين.
لا تُرْجَعُونَ فنجازيكم بأعمالكم.
١١٦- فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ:
فَتَعالَى اللَّهُ أي تنزه وتقدس عن الأولاد والشركاء.
الْمَلِكُ الْحَقُّ الذي لا معبود بحق سواه.
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا شركاء له.
١١٧- وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ:
لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ لا حجة له عليه.
فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ أي هو يعاقبه ويحاسبه.
إِنَّهُ الهاء، ضمير الأمر والشأن.
١١٨- وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ:
وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فرحمتك وسعت كل شىء.
Icon