تفسير سورة يوسف

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة يوسف من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لما قال:﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ ﴾[هود: ١٢٠].
.. إلى آخر أتبعه بأحسن القصص فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * الۤر تِلْكَ ﴾: الآيات التي في السورة.
﴿ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾: الواضح إعجازهُ ﴿ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ ﴾: الكتاب.
﴿ قُرْآناً ﴾: مجموعاً أو مقروءاً ﴿ عَرَبِيّاً ﴾: بلغتكم ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: تفهمون.
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ ﴾: فصاحةً أو: أحسن المقصوص حكماً ونكتاً والظاهر: أحسنها في بابه لا من سائرها حتى قصة حبيب الله صلى الله عليه وسلم أو: نُبيِّنُ أحسن البيان ﴿ بِمَآ أَوْحَيْنَآ ﴾: بإيحائنا.
﴿ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ ﴾: عن هذه القصص.
اذكر ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ﴾: يعقوب.
﴿ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ ﴾: من الرؤيا وهي انطباع الصورة المنحدرة عن أفق المتخلية إلى الحس المشترك وصدقها باتصال النفس عند أدنى فراغه من تدبير البدن إلى الملكوت فيتصور بمعان فيه ثم تحاكيه المتخيلة بصورة تناسبه فيرسلها إلى الحسن المشترك فتشاهد، فإن كانت شديدة المناسبة استغنت عن التعبير وإلا فَتُعَبَّر.
﴿ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ﴾: عدل عن: ثلاثة عشر، وعطف لتفضيلهما.
﴿ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾: جمع كالعقلاء لأن السجود من خواصهم.
﴿ قَالَ يٰبُنَيَّ ﴾: صُغِّر للشفقة ﴿ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ ﴾ لإهلاكك ﴿ كَيْداً ﴾: لحسدهم لو علموا تأويلها وهو النبوة والغلبة عليهم.
﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَكَذٰلِكَ ﴾: الاجتباء بهذه الرؤيا ﴿ يَجْتَبِيكَ ﴾ يصطفيك ﴿ رَبُّكَ ﴾: بالنبوة والملك.
﴿ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ ﴾: الرؤيا، لأن صادقها حديث الملك، وكاذبها حديث الشيطان، أو الكتب ﴿ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ ﴾: بنيه، استدل بضَوْءِ الكَوَاكب على نُبوتهم ﴿ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ ﴾: الجدّ وأبي الجدّ ﴿ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ﴾: بمن يستحق.
﴿ حَكِيمٌ ﴾: في إعطائه.
﴿ لَّقَدْ كَانَ فِي ﴾: قِصَّةِ.
﴿ يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ﴾ العلّات ﴿ آيَاتٌ ﴾: عظةٌ.
﴿ لِّلسَّائِلِينَ ﴾: للمستخبرين.
﴿ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ﴾: من الأبوين ﴿ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾: جماعة أقوياء نرافقه فنحن أحقُّ ﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: بترك التعديل، ولا تجب عصمةُ الأنبياء عن مثله.
﴿ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً ﴾: فتكون بعيدة ﴿ يَخْلُ ﴾: يخلص ﴿ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ﴾: عن إقباله إليه.
﴿ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد قتله ﴿ قَوْماً صَالِحِينَ ﴾: بالتوبة عنه.
﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ ﴾: يهوذا.
﴿ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ﴾: قَعْر ﴿ ٱلْجُبِّ ﴾: البشر.
﴿ يَلْتَقِطْهُ ﴾: يأخذه.
﴿ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ ﴾: المُسافرين ﴿ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾: بمشورتي فافعلوا.
﴿ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا ﴾: تخافنا.
﴿ عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴾: نشفق عليه.
﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا ﴾: إلى الصحراء.
﴿ غَداً يَرْتَعْ ﴾: يتَّسعُ في الملاذِّ.
﴿ وَيَلْعَبْ ﴾: بمثل الاستباق، سماه لعباً لشبهه له.
﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ ﴾: يعقوب ﴿ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ﴾: لقلة صبري عنه.
﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ ﴾: لأن أرضهم مذئبة.
﴿ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾: بلعبكم ﴿ قَالُواْ ﴾: والله.
﴿ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾: جماعة أقوياء ﴿ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ ﴾: لمغبونون، أعرضوا عن جواب العذر الاول لأنه الذي أغضبهم ثم أرسله معهم.
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ ﴾ جوابه محذوف يدل عليه: ﴿ وَأَجْمَعُوۤاْ ﴾: اتفقوا.
﴿ أَن يَجْعَلُوهُ ﴾: يلقوه.
﴿ فِي غَيَٰبَتِ ﴾: قَعر ﴿ ٱلْجُبِّ ﴾: بيت المقدس أو غيره.
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ ﴾: في الجب صغيراً كعيسى ويحيى، والله ﴿ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ ﴾: لتخبرن إخوتك.
﴿ بِأَمْرِهِمْ ﴾: بصنيعهم ﴿ هَـٰذَا ﴾: ببشارة بنصرته عليهم.
﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: أنك يوسف لعلوِّك.
﴿ وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً ﴾: آخر النهار.
﴿ يَبْكُونَ * قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾: نتسابق في الرمي والعدو ﴿ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا ﴾: ثيابا.
﴿ فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ ﴾: مُصدِّق ﴿ لَّنَا ﴾: فيه ﴿ وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾: لسوء ظنك بنا.
﴿ وَجَآءُوا عَلَىٰ ﴾: فوقَ ﴿ قَمِيصِهِ ﴾: حال من.
﴿ بِدَمٍ ﴾: ذي: ﴿ كَذِبٍ قَالَ ﴾: ما أكله الذئب.
﴿ بَلْ سَوَّلَتْ ﴾: زَيَّنتْ ﴿ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ﴾: عظيماً.
﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾: أجمل وهو ما لَا شَكوى فيه إلى الخلق.
﴿ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ ﴾: تحمُّل ﴿ مَا تَصِفُونَ ﴾: من هلاكه.
﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾: مسافرون من مَدين إلى مصر.
﴿ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ ﴾: الذي يرد الماء ليستقي للقوم ﴿ فَأَدْلَىٰ ﴾: أرسل.
﴿ دَلْوَهُ ﴾: في الجُبِّ، فتدلى يوسف بالحبل فخرج، فلما رآه.
﴿ قَالَ يٰبُشْرَىٰ ﴾: تعاليْ فهذا أوانك أو اسم صاحبه.
﴿ هَـٰذَا غُلاَمٌ ﴾: وكان ابن سبعة عشر.
﴿ وَأَسَرُّوهُ ﴾: أخفى الواردون من أصحابهم لئلا يشاركوهم.
﴿ بِضَاعَةً ﴾: متاعاً للتجارة أو أخفى إخوته أنه أخوهم وباعوه منهم.
﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ ﴾: باعه الواردون أو الإخوة.
﴿ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ﴾: مَبخوسٍ زيف أو ظُلْم ﴿ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ﴾: عشرين.
﴿ وَكَانُواْ ﴾: البائع.
﴿ فِيهِ ﴾: في يوسف.
﴿ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ ﴾: الراغبين عنه، لآباعوه مخافة الانتزاع عنهم.
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ ﴾: قطفير العزيز.
﴿ لاِمْرَأَتِهِ ﴾: زُلَيْخا.
﴿ أَكْرِمِي ﴾: أحسني ﴿ مَثْوَاهُ ﴾: بحسن التعهدِ ﴿ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾: إذ كان عقيماً.
﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾: التمكين.
﴿ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أرض مصر لمصالح.
﴿ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ ﴾: الرؤيا.
﴿ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ ﴾: لا رَادَّ لما أراد ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: أن الأمر كله بيده.
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾: منتهى اشتداد قوته وهو سن الوقوف من ثلاثين إلى أربعين، وَبُيِّن في الأنعام، وقيِّدَ في قصة موسى بقوله﴿ وَٱسْتَوَىٰ ﴾[القصص: ١٤]، وهو البلوغ إلى أربعين لبعثته بعده.
﴿ آتَيْنَاهُ حُكْماً ﴾: نبوة.
﴿ وَعِلْماً ﴾: بالدين والتعبير.
﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾: الجزاء.
﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * وَرَاوَدَتْهُ ﴾: طلبته بهوى، أو كنى بها عن المخادعة.
﴿ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ﴾: زُليخا ﴿ عَن نَّفْسِهِ ﴾: بطلب موافقتها ﴿ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ ﴾: السبعة وتهيَّأتْ ﴿ وَقَالَتْ هَيْتَ ﴾: تهيأت، أو: أقبل ﴿ لَكَ ﴾: لامه للتبيين.
﴿ قَالَ ﴾: يوسف.
﴿ مَعَاذَ ٱللَّهِ ﴾: أعوذ به معاذاً للهِ ﴿ إِنَّهُ ﴾: تعالى.
﴿ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾: منزلتي فكيف أعصيه، أو الضمير للشأن، وربي أي سيدي.
﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾: بكفران النعمة.
﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾: قصدت مخالطته ﴿ وَهَمَّ بِهَا ﴾: قصد مخالطتها أي: قصداً طبعيّاً لا يؤاخذ به لا إراديّاً.
﴿ لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾: في قبح الزِّنا أو جبريل أو يعقوب عاضّاً على أصبعه ضارباً صدره فخرجت شهوته من أصبعه، قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - أريناه ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ ﴾: الخيانة.
﴿ وَٱلْفَحْشَآءَ ﴾: الزنا.
﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾: أخلصناه لعبادتنا ﴿ وَٱسْتَبَقَا ﴾: يوسف للهرب وزليخا لمنعه ﴿ ٱلْبَابَ ﴾: أي: إليه.
﴿ وَقَدَّتْ ﴾: شَقّت.
﴿ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ ﴾: خَلف لأنها اجتذبته ﴿ وَأَلْفَيَا ﴾: صَادَفا ﴿ سَيِّدَهَا ﴾: زوجها.
﴿ لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ ﴾: إيْهاماً بأنها فرَّت منه: ﴿ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا ﴾: زِنا ﴿ إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ ﴾: يوسف: ﴿ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ ﴾: صبي في المهد، وهو من أربعة تكلموا صغارا، فقال.
﴿ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ﴾: لأنه تبعها وقدَّته، بدفعها إياه أو نحو ذلك.
﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ ﴾: فإنها تبعته وَجَذبَتْ ثوبه ﴿ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ ﴾: أي: قولها: ما جزاء من أراد - إلى آخره.
﴿ مِن كَيْدِكُنَّ ﴾: يا نسوة.
﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾: إشارةً إلى تلك الفعلة عادة كلهن، ثم قال: يا ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ﴾: اكتمه ﴿ وَٱسْتَغْفِرِي ﴾ يا زيلخا ﴿ لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ ﴾: كان قليل الغيرة بل قال في البحر: إن تربة مصر تقتضي هذا، ولذا لا ينشأ منها الأسد، ولو دخل فيها لا يبقى.
﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾: مَصْر.
﴿ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا ﴾: عبادها.
﴿ عَن نَّفْسِهِ ﴾: تطلب منه الفاحشة.
﴿ قَدْ شَغَفَهَا ﴾: دخل في شِغاف قلبها، أي: غلافه.
﴿ حُبّاً ﴾: من جهة الحبِّ.
﴿ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ﴾: غيبتهن في الخفية كالمكر.
﴿ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ﴾: دعتهنَّ.
﴿ وَأَعْتَدَتْ ﴾: أعدت.
﴿ لَهُنَّ مُتَّكَئاً ﴾: ما يتكأ عليه أو مجلساً فيه مفارش أو أطعمة تقطع بالسكين.
﴿ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً ﴾: لقطع ما يقطع.
﴿ وَقَالَتِ ﴾: بعد أخذهن السكاكين.
﴿ ٱخْرُجْ ﴾: يا يوسف.
﴿ عَلَيْهِنَّ ﴾: والخروج يستعمل بعلى في نحو غلبة أو ريبة أو آية.
﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ﴾: هبن حُسنه لتلألؤ وجهه على الجدران، أو حِضن شَبقاً.
﴿ وَقَطَّعْنَ ﴾: جرحن.
﴿ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: حيرة.
﴿ وَقُلْنَ حَاشَ ﴾: تَنزيهاً.
﴿ لِلَّهِ ﴾: من العجز.
﴿ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ ﴾: ما ﴿ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾: في الحسن، إذ ركز في الطباع تناهي حسن الملك كتناهي قبح الشياطين.
﴿ قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ ﴾: بالغ في عصمته لما بان عذرها اعترفت.
﴿ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ ﴾: به.
﴿ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ ﴾: الأذلَّاء، ولما قلن: أطع مولاتك.
﴿ قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ﴾: آثر عندي ﴿ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ ﴾: من إطاعتها.
﴿ وَإِلاَّ ﴾: لم.
﴿ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ ﴾: أمل ﴿ إِلَيْهِنَّ ﴾: لأنهن دعونه إلى أنفسهن أيضاً.
﴿ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ ﴾: بارتكاب القبائح ﴿ فَٱسْتَجَابَ ﴾: فأجاب.
﴿ لَهُ رَبُّهُ ﴾: دُعاءه، المفهوم من كلامه.
﴿ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ﴾: بالعصمة.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾: للدعوات.
﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بالحالات.
﴿ ثُمَّ بَدَا ﴾: ظهر ﴿ لَهُمْ ﴾: للعزيز وأصحابه.
﴿ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ ﴾: الدالة على براءته أن سجنوه يدل عليه: ﴿ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ ﴾: إلى زمان، ليحسب الناس أنه المجرم ولا امرأته، فسجنوه.
﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ ﴾: ساقي الملك وخبازه لذنب وهو قصدهما إهلاك الملك بالسمِّ ﴿ قَالَ أَحَدُهُمَآ ﴾: الساقي.
﴿ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ ﴾: في النوم.
﴿ أَعْصِرُ خَمْراً ﴾: عنباً.
﴿ وَقَالَ ٱلآخَرُ ﴾: الخبَّازُ.
﴿ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا ﴾: أخبرنا.
﴿ بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾: بتأويل ما ذكرتما، أو بتأويل الطعام الذي يأتيكما.
﴿ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ﴾: بما يؤول إليه مما غاب فهو كمُعجزة عيسى:﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ ﴾[آل عمران: ٤٩] - آخره وأصل التأويل الخبر عما مضى أي: بيان هيئته وكيفيته، وأراد به دعوتهما إلى الإسلام، ولذا قال: ﴿ ذٰلِكُمَا ﴾: العلم.
﴿ مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيۤ ﴾: لا من نحو كهانة.
﴿ إِنِّي ﴾: لأني.
﴿ تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾: أي: أهل مصر، وأراد بالترك ترك إعراض لا ترك انتقال وكذا في نظائره.
﴿ وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ ﴾: ما صح.
﴿ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ ﴾: التوحيد.
﴿ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا ﴾: بالوحي.
﴿ وَعَلَى ٱلنَّاسِ ﴾: بإرسالنا إليهم لإرشادهم.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾: ذلك فيعرضون عنه.
﴿ يٰصَاحِبَيِ ﴾: ساكني.
﴿ ٱلسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ ﴾: متعددة.
﴿ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ ﴾: الغالبُ الذي لا يُعَادِلُهُ أحد.
﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً ﴾: بلا معان.
﴿ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا ﴾: بعبادتها.
﴿ مِن سُلْطَانٍ ﴾: حُجَّة.
﴿ إِنِ ﴾ مَا ﴿ ٱلْحُكْمُ ﴾: في أمر العبادة.
﴿ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾: أي: وحِّدوهُ ﴿ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ﴾: المستقيم.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: فيشركون.
﴿ يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا ﴾: الساقي، فيخرج بعد ثلاث.
﴿ فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ﴾: يعود إلى منصبه.
﴿ وَأَمَّا ٱلآخَرُ ﴾: الخبَّازُ، فيخرج بعد ثلاث.
﴿ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ﴾: فقالا: كَذَبْنَا، فقال: ﴿ قُضِيَ ﴾ قُطِعَ ﴿ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ * وَقَالَ ﴾: يوسف.
﴿ لِلَّذِي ظَنَّ ﴾: أيقن لقوله: قَضِي - إلى آخره.
﴿ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ﴾: أي: الساقي.
﴿ ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ﴾: الملك الاعظم رَيَّان بن الوليد لخلصني من العزيز.
﴿ فَأَنْسَاهُ ﴾: الساقي.
﴿ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ ﴾: أي: ذكره عند.
﴿ رَبِّهِ ﴾: أو أنسى يوسف ذكر الله فاستعان بغيره.
﴿ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ ﴾: ما بين ثلاث إلى تسع.
﴿ سِنِينَ ﴾: كان لبثه سبعاً.
﴿ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ﴾: الأعظم.
﴿ إِنِّيۤ أَرَىٰ ﴾: في منامي.
﴿ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ﴾: خرجن من نَهرٍ يابس.
﴿ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ ﴾ من البقرة ﴿ عِجَافٌ ﴾ في غاية الهزال.
﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ ﴾: انعقد حبها.
﴿ خُضْرٍ وَ ﴾: سبعاً.
﴿ أُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾: استحصدت والتوت اليابسات على الخضر حتى غلبَتْ عليها، اكتفى بذكر أحوال البقرات عن ذكرها.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ ﴾: الأشراف.
﴿ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ ﴾: عبروها.
﴿ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ ﴾: عالمين بعبارتها، وهي الانتقال من الصورة الخيالية إلى المعاني النفسانية التي هي مثالها.
﴿ قَالُوۤاْ ﴾: هذه.
﴿ أَضْغَاثُ ﴾: تخاليط.
﴿ أَحْلاَمٍ ﴾: جمع ضِغْثٍ، وأصله ما اختلط من الأمور وما حزم من أخلاط النبات، مستعار للرؤيا الكاذبة، جمع مبالغة في بطلانه.
﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا ﴾: الساقي.
﴿ وَٱدَّكَرَ ﴾: تذكر يوسف ﴿ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾: جماعة كثيرة من الزمان.
﴿ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾: إلى عالم التأويل، فأرسله فجاء، وقال يا ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ ﴾: الكثير الصدق.
﴿ أَفْتِنَا فِي ﴾: رُؤْيا ﴿ سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ ﴾: الملك وأهله.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾: تأويلها.
﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً ﴾: دائمين مستمرين على عادتكم، هذا تأويل السبع السمان والسنبلات الخضر.
﴿ فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ ﴾: لئلاَّ يفسد.
﴿ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ﴾: تلك السنة وهذا نصح.
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ ﴾: السبع.
﴿ سَبْعٌ ﴾: سنين.
﴿ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ ﴾: يؤكل فيها ﴿ مَا قَدَّمْتُمْ ﴾: أدخرتم ﴿ لَهُنَّ ﴾: بواسطة القحط.
﴿ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ﴾: تحرزون للبذر، وهذا تأويل العجاف واليابسات.
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ ﴾: من القحط أو بمطر.
﴿ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾: ما يعصر كالعنب والزيتون أو ينجون أو يمطرون، وهذا إعلام بالغيب ولعله علمه بالوحي، ثم رجع الساقي بالتعبير.
﴿ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ ﴾: من السجن.
﴿ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ ﴾: من الملك ﴿ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: ليعلم الملك براءتهُ وسكت عن زليخا احتراماً، فيه أنه ينبغي الاجهاد في نفي التهم.
﴿ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾: حيث قلن: أطِع مولاتك.
﴿ قَالَ ﴾: الملك: ﴿ مَا خَطْبُكُنَّ ﴾: شأنكن.
﴿ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ﴾: هل وجدتن فيه سُوءاً.
﴿ قُلْنَ حَاشَ ﴾: تنزيهاً.
﴿ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ ﴾: ثم لما أقبلن إلى زليخا ليقررنها.
﴿ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ﴾: ظَهَر أو ثبت ﴿ ٱلْحَقُّ ﴾: أقرت مخالفة شهادتهن.
﴿ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾: فيما نسبه إليَّ، فرجع وأخبر به يوسف فقال: ﴿ ذٰلِكَ ﴾: أي رد الرسول قبل.
﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ العزيزُ ﴿ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ ﴾: يظهر الغيب.
﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ ﴾: ثم قال له جبريل: ولا حين هممت فقال: ﴿ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ ﴾: بطبعها ﴿ لأَمَّارَةٌ ﴾: صاحبها.
﴿ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا ﴾ من ﴿ رَحِمَ رَبِّيۤ ﴾: من النفوس، أو لكن رحمة ربي تصرفه.
﴿ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: يتجاوز عن همِّها.
﴿ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ ﴾: أجعله خالصاً.
﴿ لِنَفْسِي ﴾: بلا شريك.
﴿ فَلَمَّا كَلَّمَهُ ﴾: بعدما أتوا به.
﴿ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ ﴾: ذو مكانة ومنزلة.
﴿ أَمِينٌ ﴾: مُؤْتمنُ ﴿ قَالَ ٱجْعَلْنِي ﴾: ولِّنيْ ﴿ عَلَىٰ ﴾: أمر.
﴿ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ ﴾: أرض مصر.
﴿ إِنِّي حَفِيظٌ ﴾: لها.
﴿ عَلِيمٌ ﴾: بوجوه التصرف فيها، دل على جواز طلب التَّولية وإظهار أنه مستعد لها وتولي السلم من الكافر حيث لا سبيل إلى إقامة الحق إلا به، وطلبه لا ينافي نهاية زهد الأنبياء لأنه لإمضاء حدود الله مع علمه بتعيينه لذلك.
﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾: التمكين.
﴿ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أرض مصر إذ توجه الملكُ بتاجه وعزل العزيز وولاه مكانه فمات العزيز وتزوج يوسف بزوجته فوجها عذراء.
﴿ يَتَبَوَّأُ ﴾: ينزل.
﴿ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ ﴾: أراد استيلاءه على جميعها.
﴿ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾: عاجلاً وآجلاً.
﴿ وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾: كيوسف فحال آخرته خير من دنياه.
﴿ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ ﴾: غير بنيامين بعد أربعين سنة في سنة القحط ليشتروا منه الطعام.
﴿ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾: لا يعرفونه.
﴿ وَلَمَّا جَهَّزَهُم ﴾: أصلحهم.
﴿ بِجَهَازِهِمْ ﴾: بعدتهم وأصله ما يعد للسفر ولزفاف المرأة أي: أوقر حمولاتكم بعد أن قال لهم حين الدخول، لعلكم جواسيس فقالوا: معاذ الله نحن بنو نبيٍّ صدِّيق، كنَّا اثنى عشر فهلك أصغرنا وبقي أخوه عند أبيه بدله.
﴿ قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ ﴾: إنْ صدقتم.
﴿ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ﴾ أُتمُّ ﴿ ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ ﴾: للضَّيف.
﴿ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي ﴾ ما لكم عندي طعام أكيله لكم بعد ذلك.
﴿ وَلاَ تَقْرَبُونِ ﴾ لا تدخلوا بلادي ﴿ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ ﴾: نُخادعُ ﴿ عَنْهُ أَبَاهُ ﴾: نلِحُّ في طلبه من أبيه: ﴿ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴾: ذلك.
﴿ وَقَالَ ﴾: يوسف.
﴿ لِفِتْيَانِهِ ﴾: غلمانه الكيالين ﴿ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ ﴾: ثمن طعامهم وكانت وَرقاً.
﴿ فِي رِحَالِهِمْ ﴾: أوعيتهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ ﴾: ليعرفوا حق ردها.
﴿ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ إذ عرفوا ذلك فخلوا شمعون عنده رهناً وخرجوا بالطعام ﴿ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ ﴾: بعد ذلك إن لم نذهب بأخينا ﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ ﴾: نحن وهو وإلاَّ فلا كيل لنا ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ ﴾: يوسف ﴿ مِن قَبْلُ ﴾: إذ قلتم فيه كذلك.
﴿ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً ﴾: فاعتمد عليه.
﴿ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ ﴾: أسأله أن يرحمني بحفظه.
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا ﴾: أيُّ شيءْ.
﴿ نَبْغِي ﴾: نطلب فوق هذه الكرامة.
﴿ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾: فنستظهر بها ﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾: نحمل إليهم الميرة أي: الطعام.
﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾: عن المكاره ﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ ﴾: حمل.
﴿ بَعِيرٍ ﴾: من الطعام لأنه كان يعطي لكل واحد وقْراً ﴿ ذٰلِكَ ﴾: الذي جئنا به.
﴿ كَيْلٌ ﴾: مكيل ﴿ يَسِيرٌ ﴾: قليل.
﴿ قَالَ ﴾: يعقوب.
﴿ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ ﴾: تعطوني.
﴿ مَوْثِقاً ﴾: أثقُ به.
﴿ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: من عنده أي: عهداً مؤكداً بذكره.
﴿ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ﴾: في كل حال.
﴿ إِلاَّ ﴾: حال.
﴿ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾: من كل جهة فلا تقدروا.
﴿ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ﴾: يعقوب.
﴿ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ ﴾: من الموثق.
﴿ وَكِيلٌ ﴾: مُطلع ﴿ وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ ﴾: مصر.
﴿ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾: مخافة العين وما وصَّاهم أولاً لأنهم كانوا مجهولين حينئذٍ، أو بلا بنيامين ﴿ وَمَآ أُغْنِي ﴾: أدفعُ ﴿ عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ﴾: مما قضى عليكم.
﴿ إِنِ ﴾: ما.
﴿ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم ﴾: من أبواب متفرقة.
﴿ مَّا كَانَ ﴾: دخولهم متفرقين ﴿ يُغْنِي ﴾: يدفع.
﴿ عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: قضائه.
﴿ مِن شَيْءٍ ﴾: فقد أُصيبوا بنسبتهم إلى السرقَةِ وأخذ أخيهم.
﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ حَاجَةً ﴾: شفقةً.
﴿ فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ﴾: أظهرها، وهي إرادة دفع العين.
﴿ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ ﴾: بالوحي ولذا قال: وما أغني - إلى آخره.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: أي: أنه لا ينفع الحذر.
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ ﴾: ضمَّ ﴿ إِلَيْهِ أَخَاهُ ﴾: من أبويه إذ جعل كل اثنين في بيت على حده على مائدة واجلسه على مائدته وعانقه و ﴿ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ تحزن ﴿ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾: فينا ﴿ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ ﴾: أصلحهم.
﴿ بِجَهَازِهِمْ ﴾: بعدتهم.
﴿ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ ﴾: مشربة الملك من ذهب أو زبرجد كَالوا بها الطعام، والسقاية، والصُّواع، والصَّاع: إناء يشرب فيه ويُكالُ أيضاً.
﴿ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ﴾: بنيامين.
﴿ ثُمَّ أَذَّنَ ﴾: نادى.
﴿ مُؤَذِّنٌ ﴾: مُنادٍ ﴿ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ ﴾: القافلة.
﴿ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾: لا يقال: يقف أمرهم ببهتان لإمْكَانِ ندائهم بلا إذنه، أو هو من الحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى حقوق شرعية، أو أراد سرقتهم يوسف من أبيه.
﴿ قَالُواْ ﴾: أخوة يوسف ﴿ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ ﴾: على طالبي السقاية: ﴿ مَّاذَا تَفْقِدُونَ ﴾: أي: شيء ضاع عنكم؟ ﴿ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ﴾: صَاع.
﴿ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ﴾: من الطعام.
﴿ وَأَنَاْ بِهِ ﴾: بالحمل.
﴿ زَعِيمٌ ﴾: كفيل، دل على جواز الجعالى وضمان الجُعْلِ قبل العمل.
﴿ قَالُواْ ﴾ تَعَجُّباً: ﴿ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ﴾: بأعمالنا الصالحة وسدِّ أفواه الدواب الصالحة كردِّ بضاعة جُعلَتْ في رحالنا ﴿ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ * قَالُواْ ﴾: المؤذنون.
﴿ فَمَا جَزَآؤُهُ ﴾: السارقُ ﴿ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ ﴾: في البراءة.
﴿ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ ﴾: أي: استرقاقاً.
﴿ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ﴾: فقط كما هو شرع يعقوب، فهو لتقرير الحكم، يعني أخذ السارق جزاؤه لا غير نحو: حق زيدٍ أن يُطْعَمَ ويكسى، فهذا حقه لا غير ﴿ كَذٰلِكَ ﴾: الجزاء.
﴿ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ ﴾: بالسرقة.
﴿ فَبَدَأَ ﴾: المؤذنون.
﴿ بِأَوْعِيَتِهِمْ ﴾: بتفتيشها قبل وعاء أخيه من أبويه لنفي التهمةِ ﴿ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ ﴾: الكيد ﴿ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ ﴾: ما صحَّ أخذ السارق.
﴿ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ ﴾: إذ جزاؤه عندم الضرب والتغريم مثل المسروق.
﴿ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ﴾: إلاَّ بمشيئته استرقاقه على دين يعقوب على ألسنة إخوته إن جزاؤه الاسترقاق ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ ﴾: بالعلم، كرفع يوسف.
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾: استؤنس به بأن علمه تعالى غير زائل، ورد بأن المراد ذي علم من الخلق، وبأن العليم من له العلم البالغ، وهو الله تعالى.
﴿ قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ ﴾: بنيامين فلا بدع.
﴿ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾: أي: يوسف، فإن عمته لفرط محبته أرادت اختصاصه بها في صغره فعمدت إلى منطقة إبراهيم التي ورثتها فشدتها تحت ثيابه، ثم صاحت على منطقتها وفتشت فوجتها على يوسف فقالت: هو سارقي فأخذته على دينهم، وقيل: سرق صنم أبي أمه فكسره، وقيل: أخذ عناقاً أو دجاجة من البيت وأعطى السائل، وقيل: سرق صنم أبي أمه فكسره.
﴿ فَأَسَرَّهَا ﴾: أي: الكراهة المفهومة من السياق.
﴿ يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ ﴾: سرّاً: ﴿ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً ﴾: منزلة في السرقة بسقتكم أخاكم وظلمكم له ﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ﴾: في شأن أخيه.
﴿ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ ﴾: اسم نائب السلطان بمصر.
﴿ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً ﴾: سنّاً أو قدراً يستأنس به.
﴿ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾: إلينا، فأتمم.
﴿ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ ﴾: من ﴿ أَن نَّأْخُذَ ﴾: أحداً.
﴿ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ﴾: لم يقل: من سرق خوف الكذب.
﴿ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ ﴾: إن أخذنا غيره ﴿ فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ ﴾: يئسوا منه ومن إجابته.
﴿ خَلَصُواْ ﴾: انفردوا ﴿ نَجِيّاً ﴾: مُتناجين ﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ ﴾: سنّاً، روبيل، أو رأياً يهوذا أو رياسة شمعون ﴿ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: عهداً وثيقاً بذكره.
﴿ وَمِن قَبْلُ مَا ﴾: صلة ﴿ فَرَّطتُمْ ﴾ قصرتم ﴿ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ﴾: أفارق.
﴿ ٱلأَرْضَ ﴾ مصر ﴿ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ ﴾ في الرجوع ﴿ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي ﴾: بخلاص أخي.
﴿ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ ﴾: لأنه إنما يحكم بالحقِّ ﴿ ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا ﴾: إذ خرج الصاع من رحله.
﴿ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ﴾: أنه سرق أو دُسَّتْ في رحلهِ ﴿ وَسْئَلِ ﴾: عن القصةِ ﴿ ٱلْقَرْيَةَ ﴾: أهل مصر.
﴿ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ﴾: القافلة.
﴿ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا ﴾: توجهنا.
﴿ فِيهَا وَإِنَّا ﴾: والله.
﴿ لَصَادِقُونَ ﴾: فلما قالوا: ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ ﴾: زَيَّنْت ﴿ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ﴾: عظيما.
﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾: أجمل.
﴿ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ ﴾: بيوسف وإخوته.
﴿ جَمِيعاً ﴾: مجتمعين.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ﴾: بحالي.
﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في أفعاله.
﴿ وَتَوَلَّىٰ ﴾: أعرض.
﴿ عَنْهُمْ ﴾: كراهةً.
﴿ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ ﴾: شدَّة حزني ﴿ عَلَى يُوسُفَ ﴾: تعالي فهذا أوانك.
﴿ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ ﴾: كناية عن كثرة البكاء من الحزن.
﴿ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾: مملوء من الغيظ على أولاده كاتماً وما استرجع، لأنه مخصوص بهذه الأمة، كما في الحديث:" لم تعط أمة إنا لله وإنا إليه راجعون إلاَّ أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع قال: " يا أسفى "، وتأسف عليه دون أخويه مع حدوث رزئهما لأن رِزئه كان قاعدة المصيبات وأعظمها، على أنه كان واثقاً بحياتهما دونه.
﴿ قَالُواْ ﴾: أولاده.
﴿ تَاللهِ ﴾: لا.
﴿ تَفْتَؤُاْ ﴾: لا تزال.
﴿ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً ﴾: مشرفاً على الهلاك ﴿ أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي ﴾: هَمِّي الذي لا صبر عليه ﴿ وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ ﴾: فخلوني وشكايتي.
﴿ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾: من حيَاته لخبَر المَلكِ، ورؤياه سجود الكواكب له.
﴿ يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ ﴾: إلى مصر.
﴿ فَتَحَسَّسُواْ ﴾: تفحصوا.
﴿ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ ﴾: تقنطوا.
﴿ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ ﴾: رحمته.
﴿ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ ﴾: والمؤمن لا يزال يطمع في رحمته، ثم رجع إلى مصر.
﴿ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ ﴾: على العزيز.
﴿ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ ﴾: شدة الجوع.
﴿ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ ﴾: مدفوعة يدفعها كل أحد لرداءتها وفي تعيينها خلاف.
﴿ فَأَوْفِ ﴾: أتم لنا.
﴿ ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ ﴾: بردِّ أخينا ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ ﴾ فلما رأى عجزهم.
﴿ قَالَ ﴾: شفقةً وحثّاً لهم على التوبة: ﴿ هَلْ عَلِمْتُمْ ﴾: قبح ﴿ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ﴾: إذ فرَّقتم بينهما وذللتموه ﴿ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴾: قبحه للصّبيّ، وذرفَت عيناهُ رِقّةً ﴿ قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ ﴾: عرفوه لأنه وضع التاج وكانت في جبتهه شامةً بيضاءُ، كما كانت ليعقوب وسارَة.
﴿ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ ﴾: بالاجتماع ﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ ﴾: الله.
﴿ وَيَصْبِرْ ﴾: على مصائبه ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ أي: أجره ﴿ قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ﴾: اختارك.
﴿ ٱللَّهُ عَلَيْنَا ﴾: بالعلم والصبر والملك.
﴿ وَإِن ﴾: إنه.
﴿ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لاَ تَثْرِيبَ ﴾: تغيير ﴿ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ ﴾: فكيف بما بعده.
﴿ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ ﴾: يغفر الصغائر والكبائر ﴿ ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي ﴾ ملبوسي ﴿ هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ ﴾: يأتني.
﴿ بَصِيراً ﴾: كان من نسج الجنة، ألبس إبراهيم حين ألقي في النار، ما وقع على سقيم إلاَّ عوفي، وعلقه عليه يعقوب في التعويذِ.
﴿ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾: نسائكم وذريَّاتكم.
﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ ﴾: خرجت ﴿ ٱلْعِيرُ ﴾: من مصر إلى جانب يعقوب.
﴿ قَالَ أَبُوهُمْ ﴾: لمن حضره: ﴿ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾: وكانت مسيرة ثمانية أيام ﴿ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ ﴾: تنسبوني إلى الفَنَد، حدوث فساد عقل للهرم، ولا يجوز: عجوزة مفندة، وجوابه: لصدقتموني.
﴿ قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ ﴾: من حبه.
﴿ فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ ﴾ يهوذا الذي بقميص الدَّم.
﴿ أَلْقَاهُ ﴾: الثوب.
﴿ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ ﴾: عاد.
﴿ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ ﴾: بتعليمه.
﴿ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾: من ربنا.
﴿ ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ ﴾: أَخَّرَهُ إلى السَّحَرِ أو سحر الجمعة أو الاستحلال من يوسف.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ﴾: حين استقبلهم مع أربعة آلاف من عُظماء مصر.
﴿ آوَىٰ ﴾: ضمَّ.
﴿ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ﴾: أباه وأمه أو خالته.
﴿ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ ﴾: من المكاره، والمشيئة متعلقة بالدخول مع الأمن فجلس على سريرهِ ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ ﴾: سريره.
﴿ وَخَرُّواْ ﴾: أبواه وأخوته.
﴿ لَهُ سُجَّداً ﴾: للتواضع لجوازها في دينهم.
﴿ وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ﴾: الشمس والقمر لأبويه وأحد عَشَرَ كَوْكَباً لإخوته.
﴿ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً ﴾ صدْقاً، كان بينهما أربعون أو ثمانون سنة، وقيل خمسٌ وأربعون ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ ﴾: سكَتَ عن الجُبِّ لقوله: لا تثريب ﴿ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ ﴾: إذ كانوا أهل بادية ومواشي.
﴿ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ﴾: أفْسدَ ﴿ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ ﴾: تدبيره.
﴿ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بامصالح ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في الأفعال، فبقي يعقوب عنده أربعاً وعشرين سنة، فمات ونقلوه إلى الشَّام، فبقي يوسف ثلاثاً وعشرين سنةً ثم اشتاق إلى الملك المخلد وقال: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ﴾ بعض ﴿ ٱلْمُلْكِ ﴾ أي: مصر ﴿ وَعَلَّمْتَنِي مِن ﴾: بعض.
﴿ تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ ﴾: الرؤيا.
﴿ فَاطِرَ ﴾: مبدع.
﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي ﴾: ناصري.
﴿ فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى ﴾: اقبضني.
﴿ مُسْلِماً ﴾: ودعاؤُه هذا لإظهار العبوديَّة وتعليم الأمة هو تمني الموت على الإسلام، لا تمني الموت.
﴿ وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ ﴾: من آبائي فمات بعد أسبوع وله مائة وعشرون سنة، فتخاصموا في مدفنه ثم تصالحا على جعله في صندوقٍ مرمر ودفنه في أعلى النيل لتعمَّ بركته، ففعلوا ثم نقله موسى - عليه السلام - إلى مدفن آبائه.
﴿ ذَلِكَ ﴾: نبأ يوسف.
﴿ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ﴾: يا محمد ﴿ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ ﴾: إخوة يوسف.
﴿ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ ﴾: عزموا على أمرهم ﴿ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾: فإنما ذلك بالوحي، إذ قال في موضع آخر:﴿ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ ﴾[هود: ٤٩].
. ألخ آخر.
﴿ وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ ﴾ على إيمانهم.
﴿ بِمُؤْمِنِينَ ﴾: لشقاوتهم الأزلية.
﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ ﴾: على تبليغ الوحي.
﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾: جعلٍ ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ ﴾: عظةٌ ﴿ لِّلْعَالَمِينَ ﴾: عامة ﴿ وَكَأَيِّن ﴾: كم ﴿ مِّن آيَةٍ ﴾: دليل على وحدانيته وصفاته الحسنى.
﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا ﴾: يرونها.
﴿ وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾: لا يتفكرون فيها.
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ ﴾: حين إقرارهم بأنه خالق الكل.
﴿ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ ﴾: بإشراكهم، فالمراد إيمان المشركين أو بالنظر إلى الأسباب وقيل: منه قول الرجل: لولا الله وفلان لهلكت.
﴿ أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ ﴾: عقوبة تغشاهم ﴿ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ ﴾: في الدنيا.
﴿ أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً ﴾: فجأة.
﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: فلا يستعدون لها.
﴿ قُلْ هَـٰذِهِ ﴾: الدعوة.
﴿ سَبِيلِيۤ ﴾: وهو أني.
﴿ أَدْعُوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ ﴾: حجة و اضحة.
﴿ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي ﴾: فهم يدعون إلى الله ﴿ وَسُبْحَانَ ﴾: تنزيه.
﴿ ٱللَّهِ ﴾: عن الشرك ﴿ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً ﴾: رد لقولهم:﴿ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً ﴾[فصلت: ١٤] ﴿ نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ ﴾ مثلك ﴿ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ ﴾: فإنهم أذكى من أهل البدو، ودل على منع نبوة النساء ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: من المكذبين فيعتبروا.
﴿ وَلَدَارُ ﴾: الحياة.
﴿ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ ﴾: الشرك ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: أفلا تستعملون عقولكم فتعرفوا ذلك، ثم هؤلاء الأمم استمروا على التكذيب.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ﴾: أيس.
﴿ ٱلرُّسُلُ ﴾: عن إيمانهم أو النصر.
﴿ وَظَنُّوۤاْ ﴾ القوم أنَّ الرسل ﴿ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ ﴾: بالتخفيف، وعلى التشديد أي: ظن الرسل بمعنى تيقنوا، أو ظنوا الرسل أنهم قد كذبوا بالتخفيف أي: في وعد النصر.
﴿ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ ﴾: أتباع الرسل ﴿ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا ﴾: عذابنا.
﴿ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ * لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ ﴾: الأنبياء وقومهم، أو يوسف وإخوته.
﴿ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾: العقول السليمة ﴿ مَا كَانَ ﴾: القرآن.
﴿ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾: من الكتاب.
﴿ وَتَفْصِيلَ ﴾: تبيين.
﴿ كُلِّ شَيْءٍ ﴾: ديني بواسطة أو ب غير واسطة.
﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾: يصدقونه - واللهُ أعلمُ.
Icon