تفسير سورة الدّخان

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الدخان من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة من ذكرها نال في الدنيا والعقبى بهجته، من عرفها بذل في طلبها مهجته.
كلمة إذا استولت على قلب عطلت عن كل شغل، كلمة إذا واظب على ذكرها عبد أمنته من كل هول.

قوله جل ذكره :﴿ حم والكتاب المبين ﴾.
الحاء تشير إلى حقِّه ؛ والميم تشير إلى محبته. ومعناه : بحقي وبمحبتي لِعِبادي، وبكتابي العزيز إليهم : إنِّي لا أُعِذِّبُ أهل معرفتي بفرقتي.
قوله جل ذكره :﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾.
﴿ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ : قيل هي ليلة القَدْر، وقيل هي النصف من شعبان وهي ليلة الصَّك. أنْزَلَ القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا كلَّ سَنَةٍ بمقدار ما كان جبريلُ ينزل به على الرسول صلى الله عليه وسلم.
وسمَّاها :﴿ لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ لأنها ليلة افتتاح الوصلة. وأشدُّ الليالي بركةً ليلةٌ يكون العبدُ فيها حاضراً، بقلبه، مشاهداً لربَّه، يتَنَعَّمُ فيها بأنوار الوصلة، ويجد فيها نسيم القربة.
وأحوال هذه الطائفة في لياليهم مختلفة، كما قالوا :
لا أظْلِمُ الليلَ ولا أدَّعي *** أنَّ نجومَ الليل ليست تزولُ
لَيْلِي كما شاءت : قصيرٌ إذا *** جادَتْ، وإن ضنَّتْ فَلَيْلِي طويلُ
﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكٍيمٍ ﴾ يكتب من أمِّ الكتاب في هذه الليلة ما يحل في السنة كلّها من أقسام الحوادث في الخير والشرِّ، في المحن والمِنَنِ، في النصر والهزيمة، في الخصب والقحط.
ولهؤلاء القوم ( يعني الصوفية ) أحوالٌ من الخصب والجدب، والوصل والفصل، والوفاق والخلاف، والتوفيق والخذلان، والقبض والبسط. فكم مِنْ عبدٍ ينزل له الحكم والقضاء بالبُعْدِ والشقاء، وآخر ينزل حكمه بالرِّفد والوفاء.
قوله جل ذكره :﴿ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ : وهي الرسولُ - صلى الله عليه وسلم، قال صلوات الله عليه :" أنا رحمة مهداة ".
ويقال :﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ رحمةً لنفوسُ أوليائنا بالتوفيق، ولقلوبهم بالتحقيق.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥:قوله جل ذكره :﴿ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾ : وهي الرسولُ - صلى الله عليه وسلم، قال صلوات الله عليه :" أنا رحمة مهداة ".
ويقال :﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ رحمةً لنفوسُ أوليائنا بالتوفيق، ولقلوبهم بالتحقيق.


﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ :" السميع " لأنين المشتاقين، " العليم " بحنين المحبين.
قوله جل ذكره :﴿ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾.
مالك السماوات والأرضين، ومالك ما بينهما - وتداخل في ذلك أكسابُ العباد.
وتَمْلُّكُها بمعنى القدرة عليها، وإذا حَصَلَ مقدورٌ في الوجود دَلَّ على أنه مفعولُه ؛ لأن معنى الفعل مقدورٌ وجِدَ.
قوله جلّ ذكره :﴿ لا إِلَه إِلاَّ هُوَ يُحي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ ورَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ ﴾.
هذه الكلمة فيها نَفْيُ ما أثبتوه بجهلهم، وإثباتُ ما نَفَوْه بجحدهم.
﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِِينَ ﴾ : مُرَبِّي أصْلَكُم ونَسْلَكُمْ.
قوله جل ذكره :﴿ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴾.
اللَّعِبُ فِعْلٌ يجري على غير ترتيبٍ تشبيهاً باللُّعاب الذي يسيل لا على نظام مخصوص ؛ فَوَصَفَ المنافقَ باللَّعبِ ؛ وذلك لتردُّدِه وتحيُّرِه نتيجةَ شكِّه في عقيدته.
قوله جل ذكره :﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينَ ﴾.
هذا من أشراط الساعة ؛ إذ يتقدم عليها.
وقيامة هؤلاء ( يقصد الصوفية ) معجَّلة ( أي تتم هنا في هذه الدنيا ) فيومُهم الذي تأتي السماء فيه بدخان مبين هو يومُ غيبةِ الأحباب، وانسداد ما كان مفتوحاً من الأبواب، أبوابِ الأُنسِ بالأحباب في معناه قالوا :
فما جانبُ الدنيا بسَهْلٍ ولا الضُّحى بطَلْقٍ ولا ماءُ الحياةٍ بباردِ
قوله جل ذكره :﴿ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
وعذابُ هؤلاء ( يقصد الصوفية ) مقيمٌ في الغالب، وهو عذابٌ مُسْتَعذْبٌ، أولئك يقولون :﴿ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴾. وهؤلاء يستزيدون - على العكس من الخَلْق - العذاب، وفي ذلك يقول قائلهم :
فكلُّ مآربي قد نِلْتُ منها سوى ملذوذِ وجدي بالعذاب
فهم يٍسألون البلاََءَ والخَلْقُ يستكشفونه، ويقولون :
أنت البلاءُ فكيف أرجو كَشْفَه إنَّ البلاَءَ إذا فَقَدْتُ بلائي
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:قوله جل ذكره :﴿ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
وعذابُ هؤلاء ( يقصد الصوفية ) مقيمٌ في الغالب، وهو عذابٌ مُسْتَعذْبٌ، أولئك يقولون :﴿ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴾. وهؤلاء يستزيدون - على العكس من الخَلْق - العذاب، وفي ذلك يقول قائلهم :
فكلُّ مآربي قد نِلْتُ منها سوى ملذوذِ وجدي بالعذاب
فهم يٍسألون البلاََءَ والخَلْقُ يستكشفونه، ويقولون :
أنت البلاءُ فكيف أرجو كَشْفَه إنَّ البلاَءَ إذا فَقَدْتُ بلائي

قوله جل ذكره :﴿ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ﴾.
إن خالفوا دواعي قلوبهم من الخواطر التي تَرِدُ من الحقِّ عليهم عوقبوا- في الوقت بما لا يتَّسعُ لهم ويُسْعِفهم، فإذا أخذوا في الاستغاثة يقال لهم : أنَّى لكم الذكرى وقد جاءكم الرسول على قلوبكم فخالفتم ؟ !
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّا كَاشِفُوا العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴾.
حيث نورثكم حزناً طويلاً، ولا تجدون في ظلال انتقامنا مقيلاً.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّا كَاشِفُوا العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴾.
حيث نورثكم حزناً طويلاً، ولا تجدون في ظلال انتقامنا مقيلاً.

قوله جل ذكره :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّواْ إلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكَمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
فتَنَهم بعد ما أصَرُّوا على جحودهم ولم يرجعوا إلى طريق الرشد من نفرة عنودهم.
﴿ وَجَآءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ : يطالبهم بإزالة الظلم عن بني إسرائيل، وأن يستبصروا، واستنفرهم لله، وأظهر الحُجَّةَ من قِبَلِ الله.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:قوله جل ذكره :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّواْ إلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكَمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
فتَنَهم بعد ما أصَرُّوا على جحودهم ولم يرجعوا إلى طريق الرشد من نفرة عنودهم.
﴿ وَجَآءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ : يطالبهم بإزالة الظلم عن بني إسرائيل، وأن يستبصروا، واستنفرهم لله، وأظهر الحُجَّةَ من قِبَلِ الله.

أمَرَه بأن يَسْرِيَ بعباده المؤمنين، وعرَّفهم أنهم سيُنْقَذون، وأنَّ عدوَّهم ﴿ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:أمَرَه بأن يَسْرِيَ بعباده المؤمنين، وعرَّفهم أنهم سيُنْقَذون، وأنَّ عدوَّهم ﴿ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾.
قوله جل ذكره :﴿ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾.
ما خلفوه من أحوالهم ومن رياشهم، وما تركوه من أسباب معاشهم استلبناه عنهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:قوله جل ذكره :﴿ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾.
ما خلفوه من أحوالهم ومن رياشهم، وما تركوه من أسباب معاشهم استلبناه عنهم.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:قوله جل ذكره :﴿ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾.
ما خلفوه من أحوالهم ومن رياشهم، وما تركوه من أسباب معاشهم استلبناه عنهم.

وأسْكَنَّا قوماً آخرين في منازلهم ودورهم.
قوله جل ذكره :﴿ فَمَا بَكَتْ عَليْهِمُ السَّمَاءُ والأرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾.
لم يكن لهم من القَدْرِ والخَطَرِ ما يتحرك في العالَم بِسببَهم ساكنٌ، أو يسكن متحركٌ فلا الخضراء بسببهم اغبرَّتْ، ولا الغبراءُ لغيبتهم اخضَّرتْ. لم يبقَ منهم عينٌ ولا أثر، ولم يظهر مِنْ قِبَلِهم على قلبِ أحدٍ من عبادِنا أثرٌ. وكيف تبكي السماءُ لفقْدِ من لم تستبشر به من قَبْلُ ؟ بعكس المؤمن الذي تُسَرُّ السماءُ بصعود ِعمله إليها، فإنها تبكي عند غيابه وفَقْدِه.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ العَذَابِ المُهِينِ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المُسْرِفِينَ ﴾.
نجَّاهم، وأقمى عدوَّهم، وأهلكه.
﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ ﴾ أي عَلِمنا ما يحتقبون من أوزارهم، فرفعنا - باختيارنا- من أقدارِهم ما وَضعَه فِعْلُهم وتدنسُّهم بأوضارهم.
ويقال :" على علمٍ منا " بأحوالهم أنهم يُؤثِرون أمرنا على كل شيء.
ويقال :" على علمٍ منا " بمحبة قلوبهم لنا مع كثرة ذنوبهم فينا.
ويقال :" على علم منا " بما نودع عندهم من أسرارنا، وما نكاشفهم به من حقائق حقِّنا.
قوله جل ذكره :﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُّبِينَ ﴾.
من مطالبته بالشكر عند الرخاء، والصبر عند الكَدَرِ والعناء.
قوله جل ذكره :﴿ إِِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نحنُ بِمُنشَرِينَ فَأْتُواْ بِآبَائِنا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
اقترح أبو جهلٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحييَ لهم نَفْساً :
" لتخبرنا : هل أنت صادق أم لا ؟ " فأخبر الله - سبحانه - أنهم اقترحوا هذا بعد قيامِ الحُجَّةِ عليهم، وإظهار ما أزاح لهم من العُذْر :
ثم قال جل ذكره :﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمٌ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمينَ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:قوله جل ذكره :﴿ إِِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نحنُ بِمُنشَرِينَ فَأْتُواْ بِآبَائِنا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
اقترح أبو جهلٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحييَ لهم نَفْساً :
" لتخبرنا : هل أنت صادق أم لا ؟ " فأخبر الله - سبحانه - أنهم اقترحوا هذا بعد قيامِ الحُجَّةِ عليهم، وإظهار ما أزاح لهم من العُذْر :
ثم قال جل ذكره :﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمٌ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمينَ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:قوله جل ذكره :﴿ إِِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نحنُ بِمُنشَرِينَ فَأْتُواْ بِآبَائِنا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
اقترح أبو جهلٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحييَ لهم نَفْساً :
" لتخبرنا : هل أنت صادق أم لا ؟ " فأخبر الله - سبحانه - أنهم اقترحوا هذا بعد قيامِ الحُجَّةِ عليهم، وإظهار ما أزاح لهم من العُذْر :
ثم قال جل ذكره :﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمٌ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمينَ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾.

" تُبّع " هو ملك لليمن، وكان مسلماً، وكان في قومه كثرة، وأهلك الله سبحانه قومَه على كثرة عددهم، وكمال قُوَّتِهم.
قوله جل ذكره :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾.
ما خلقناهما إلا بالحقِّ، بالحُكْمِ الحقِّ، وبالأمرِ الحقِّ. . . " فأنا مُحِقُّ في خَلْقِهما " : أي كان لي خَلْقُهما.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:قوله جل ذكره :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾.
ما خلقناهما إلا بالحقِّ، بالحُكْمِ الحقِّ، وبالأمرِ الحقِّ... " فأنا مُحِقُّ في خَلْقِهما " : أي كان لي خَلْقُهما.

قوله جل ذكره :﴿ إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلىً عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ إلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
يومئذٍ لا يُغْني ناصرٌ عن ناصر ولا حميمٌ عن حميم، ولا نسيبٌ عن نسيبٍ. . . شيئاً. ولا ينالهم نصرٌ إلا من رَحِمَه الله ؛ وبفَضْلِه ونِعْمته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة من ذكرها نال في الدنيا والعقبى بهجته، من عرفها بذل في طلبها مهجته.
كلمة إذا استولت على قلب عطلت عن كل شغل، كلمة إذا واظب على ذكرها عبد أمنته من كل هول.

قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِي البُطُونِ كَغَلْي الحَمِيمِ ﴾.
" الأثيم " مرتكبُ الذنوب.
" المهل " المذاب.
" الحميم " : الماء الحار.
قوله جل ذكره :﴿ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴾.
ادفعوا به إلى وسط الحميم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:قوله جل ذكره :﴿ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴾.
ادفعوا به إلى وسط الحميم.

ويقال له :﴿ ذُقْ إِِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾. أنت كذلك عند قومك، ولكنك عندنا ذليلٌ مَهينٌ.
قوله جل ذكره :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أمين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
آمنين من المحن من جميع الوجوه، لِباسُهم من حرير، وفراشُهم من سُندسٍ واستبرق، " متقابلين " : لا يبرحون ولا يبغون عنها حِوَلاً.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥١:قوله جل ذكره :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أمين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
آمنين من المحن من جميع الوجوه، لِباسُهم من حرير، وفراشُهم من سُندسٍ واستبرق، " متقابلين " : لا يبرحون ولا يبغون عنها حِوَلاً.

قوله جل ذكره :﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾.
تُباح لهم صُحْبَتُهن، ولا يكون في الجنة عقد تزويج ولا طلاقٌ، ويمكَّن الوليُّ بهذه الأوصاف من هذه الألطاف. ثم قد يُخْتطفُ قوم من بين هذه الأسباب، فيتحررون عن هذه الجملة ؛ فكما أنهم في الدنيا مُختَطَفُون عن كلِّ العلائق فإنهم في الآخرة تطمع الحورُ العينُ في صحبتهم فيستلبهم الحقُّ عن كلِّ شيء.
الزاهدُ في الدنيا يحميه منها، والعارفُ في الجنة يحميه من الجنة.
قوله جل ذكره :﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾.
الموتة الأولى هي بقبض أرواحهم في الدنيا، ويقيهم الله في الآخرة العذاب بفضله، وذلك هو الظَّفَرُ بالبغية، ونجاح السُّؤل.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ﴾.
يا محمد، ليذكر به أهلُك.
فارتقِبْ العواقب تَرَ العجائب. إنهم يرتقبون، ولكن لا يرون إلا ما يكرهون.
Icon