تفسير سورة المؤمنون

تفسير الإمام مالك
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير الإمام مالك .
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ [ المؤمنون : ٢ ].
٦٦٨- ابن رشد : قال سحنون : أخبرني ابن القاسم : قال : سمعت مالكا يقول في تفسير :﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ : قال : الإقبال عليها والخشوع فيها. ١
٦٦٩- ابن العربي : قال مالك : إنما ينظر أمامه، فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المنقوض عليه في الرأس. وهو أشرف الأعضاء منه وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج، يعرفون ذلك بالتجربة، وما جعل علينا في الدين من حرج، وإنما أمرنا أن نستقبل الجهة ببصائرنا وأبصارنا أما أنه أفضل لمن قدر عليه متى قدر عليه. وكيف قدر. وإنما الممنوع أن يرفع بصره في الصلاة إلى السماء فإنه لم يؤمر أن يستقبل السماء وإنما أمر أن يستقبل الجهة الكعبية، فإذا رفع بصره فهو إعراض عن الجهة التي أمر بها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم :( لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم ). ٢
١ - البيان والتحصيل: ١/٢١٩. وينظر: أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣٠٩..
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣٠٨. وينظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ٣٥٧..
الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾ [ المؤمنون : ٣ ].
٦٧٠- القرطبي : روى مالك بن أنس عن محمد بن المنكر : هو الغناء١. ٢
١ -روى القرطبي في الجامع، قال: قال ابن القاسم: "سألت مالكا عن الغناء، فقال: قال الله تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ أفحق هو؟": ١٤/ ٥٢..
٢ - الجامع: ١٢/١٠٥. قال ابن تيمية: "قال عيسى بن إسحاق الطباع": "سئل مالك عما يترخص فيه بعض أهل المدينة من الغناء؟ فقال: إنما يفعله عندنا الفساق" كتاب صحة أصول مذهب أهل المدينة: ٦٩. ينظر: الجامع: ١٤/٥٥، والإمتاع والانتفاع بمسألة سماع السماع لابن دراج السبتي: ٦٨-٧١، وأحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٤٩٣.
وقال مكي في الهداية: "روى ابن وهب عن مالك عن ابن المنكدر أنه قال: إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة أين الذين كانوا ينزعون أسماعهم وأنفسهم عن الله ومزامير الشيطان. أدخلوهم في رياض المسك..

الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ والذين هم لفروجهم حافظون ﴾ [ المؤمنون : ٥ ].
٦٧١- ابن العربي : قال محمد بن عبد الكريم : سمعت حرملة١ بن عبد العزيز قال : سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة٢، فتلا هذه الآية :﴿ والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ﴾ [ المؤمنون : ٥-٦ ]. ٣
١ - حرملة بن عبد العزيز: بن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه وعنه الحميدي وثقه ابن حبان: الخلاصة /٦٣..
٢ -عميرة: أبو عميرة: كنية الذكر. وجلد عميرة كناية عن الاستمناء باليد. القاموس..
٣ -أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣١٠. قال ابن العربي: وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة، وفيه يقول الشاعر:
إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا داء ولا حرج
ويسميه أهل العراق الاستمناء، وهو استفعال من المني. وأحمد بن حنبل على ورعه يحوزه، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن، فجاز عند الحاجة أصله القصد والحجامة. وعامة العلماء على تحريمه، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يدان الله إلا به. وقال بعض العلماء: "أنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل. ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض لدناءتها": ٣/١٣١٠..

الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ [ المؤمنون : ٦ ].
٦٧٢- ابن العربي : قال أشهب : قال مالك : ليس بواسع أن تدخل جارية الزوجة أو الولد على الرجل المرحاض١، قال الله :﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾. ٢
١ -المرحاض: بالكسر. خشبة يضرب بها الثوب، والمغتسل، وقد يكنى به عن مطرح العذرة. القاموس..
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣٧٣..
الآية الخامسة : قوله تعالى :﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ﴾ [ المؤمنون : ١٨ ].
٦٧٣- ابن العربي : روى أشهب عن مالك أنه سئل عن قول الله تعالى :﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ﴾، أهو في الخريف١ فيما بلغك ؟ قال : لا والله، بل هذا في الخريف والشتاء، وكل شيء ينزل ماؤه من السماء إذا شاء، ثم هو على ذهاب٢ به لقادر. ٣
١ - في القبس: قال أشهب عن مالك، قلت له يا أبا عبد الله أهو ماء الخريف: ٣/١٠٧٦..
٢ - في القبس: وهو على إذهابه قادر. ٣/١٠٧٦..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣١٢. وتعقب ابن العربي تفسير مالك قائلا: "هذا الذي ذكر مالك محتمل"، فإن الله أنزل من السماء ماء فأسكنه في الأرض، ثم ينزله في كل وقت، فيكون منه غذاء ومنه اختزان زائد على ما كان عليه.
وقال في القبس في كتاب التفسير: "قول مالك رضي الله عنه في هذه الآية بديع لأنه جمع فيه بين الحقيقة والمجاز". قال مالك: كل ما هو منزل من السماء بقوله: ﴿وأنزلنا من السماء ماء بقدر﴾ ثم قال: "وكل شيء بقوله: ﴿وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما﴾ ﴿بقدر معلوم﴾ [الحجر: ٢١]..

الآية السادسة : قوله تعالى :﴿ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴾ [ المؤمنون : ٥٠ ].
٦٧٤- ابن العربي : قال أشهب ؛ سمعت مالكا يقول : هي دمشق١. ٢
١ - دمشق: قاعدة الشام: سميت ببانيها دمشاق بن كنعان أو دامشقيوش. القاموس..
٢ - القبس: ٣/١٠٧٧ كتاب التفسير. وتعقبه قائلا: وإنما قال مالك لأشهب، إنما دمشق ردا على من يقول: "إن مريم خرجت مغربة إلى العريش، وليس في العريش ربوة ولا مأوى ولا معين". وقال ابن العربي أيضا في أحكام القرآن: "والذي شاهدت عليه الناس، ورأيتهم يعينونها تعيين تواتر دمشق، ففي سفح الجبل في غربي دمشق مائلا إلى جوفها موضع مرتفع تتشقق منه الأنهار العظيمة، وفيها الفواكه البديعة من كل نوع، وقد اتخذ بها مسجد يقصد إليه، ويتعبد فيه" ٣/ ١٣١٦..
الآية السابعة : قوله تعالى :﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ﴾ [ المؤمنون : ٥١ ].
٦٧٥- ابن العربي : روى أبو بكر بن عبد العزيز العمري عن المعمري عن مالك أنه قال : الطيب : الحلال وروى مالك عن عثمان أنه قال في خطبته : وعليكم من المطاعم بما طاب منها. ١
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣١٦..
Icon