تفسير سورة الزخرف

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

قوله عز وجل :﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحا أَن كُنتُمْ ﴾.
قرأ الأعمش :«إن كنتم » بالكسر، وقرأ عاصم والحسن :«أنْ كنتم » بفتح ( أنْ ) [ ١٦٩/ا ]، كأنهم أرادوا شيئا ماضيا، وأنت تقول في الكلام : أأسُبَّك أن حرمتني ؟ تريد إذ حرمتني، وتكسر إِذا أردت أأسبك إن حرمتني، ومثله :﴿ ولاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنانُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكم ﴾ تكسر ( إن ) وتفتح.
ومثله :﴿ فلعلَّك باخعٌ نفسك على آثارِهم ﴾ «إن لم يؤمنوا »، و " أن لم يؤمنوا »، والعرب تنشد قول الفرزدق.
أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا جهاراً، ولم تجزع لقتل ابن خازم ؟
وَأنشدوني :
أتجزع أن بان الخليط المودّع وجبل الصفا من عزة المتقطع ؟
وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح، وَالعرب تقول : قد أضربت عنك، وَضربت عنك إِذا أردت به : تركتك، وَأعرضت عنك.
وقوله :﴿ لِتَسْتَوُواْ على ظُهُورِهِ ﴾.
يقول القائل : كيف قال :«على ظهوره »، فأضاف الظهور إلى واحد ؟
يقال له : إن ذلك الواحد في معنى جمع بمنزلة الجند والجيش والجميع، فإن قال :
فهلا قلت : لتستووا على ظهره، فجعلت الظهر واحداً إذا أضفته إلى واحد ؟
قلت : إن الواحد فيه معنى الجمع، فرددت الظهور إلى المعنى ولم تقل : ظهره، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد، فكذلك تقول : قد كثرت نساء الجند، وقلت : ورفع الجند أعينه ولا تقل عينه. وكذلك كل ما أضفت إليه من الأسماء الموضوعة، فأَخْرِجها على الجمع، فإذا أضفت إليه اسما في معنى فعل جاز جمعه وتوحيده مثل قولك : رفع الجند صوته وأصواته أجود، وجاز هذا لأن الفعل لا صورة له في الإثنين إلا كصورته في الواحد.
وقوله :﴿ وَما كُنا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾.
مطيقين، تقول للرجل : قد أقرنتَ لهذا أي أطقتَه، وصرتَ له قرِنا.
وقوله :﴿ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً ﴾.
الفعل للوجه، فلذلك نصبت الفعل، ولو جعلت «ظلّ » للرجل رفعت الوجه والمسود، فقلت : ظل وجهه مسودٌّ وهو كظيم.
وقوله :﴿ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾.
يريد الإناث، يقول : خصصتم الرحمن بالبنات، وأنتم هكذا إِذا ولد لأحدكم بنت أصابه ما وَصَف، فأما قوله :﴿ أومَنْ ﴾ فكأنه قال : ومن لا ينشأ إلاّ في الحلية وهو في الخصام غير مبين، يقول : لا يبلغ من الحجة ما يبلغ الرجل، وفي قراءة عبد الله :«أَوَمَنْ لا يُنَشَّأُ إلاّ في الْحِلْيَةِ »، فإن شئت [ ١٦٩/ب ] جعلت «مَن » في موضع رفع على الاستئناف، وإن شئت نصبتها على إِضمار فعل يجعلون ونحوه، وإن رددتها على أول الكلام على قوله :«وإِذَ بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ » خفضتها [ وإن شئت نصبتها ]، وقرأ يحيى بن وثاب وأصحاب عبد الله والحسن البصري :«يُنَشَّأُ »، وقرأ عاصم وأهل الحجازَ : ينْشَأُ في الحلية.
وقوله :﴿ عِبَادُ الرَّحْمانِ ﴾.
قرأها عبد الله بن مسعود وعلقمة، وأصحاب عبد الله :«عباد الرحمن »، وذكر [ عن ] عمر ( رحمه الله ) أنه قرأها :«عند الرحمن »، وكذلك عاصم، وأهل الحجاز، وكأنهم أخذوا ذلك من قوله :﴿ إنَّ الذين عِنْد رَبِّك لا يَسْتَكْبِرُون عَنْ عِبادَتهِ ﴾ وكل صواب.
وقوله :﴿ أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ ﴾.
نصب الألف من «أشهدوا » عاصم، والأعمش، ورفعها أهل الحجاز على تأويل : أُشْهدوا خلقهم ؛ لأنه لم يسم فاعله، والمعنى واحد. قرءوا بغير همز يريدون الاستفهام قال أبو عبد الله : كذا قال الفراء.
وقوله :﴿ بَلْ قَالُواْ إِنا وَجَدْنا آبَاءنا على أُمَّةٍ ﴾.
قرأها القراء بضم الأَلف من «أُمّة »، وكسرها مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وكأن الإمّة مثل السنة والملة، وكأن الإمّة الطريقة : والمصدر من أممت القوم، فإن العرب تقول : ما أحسن إمته وعمّته وجِلْسته إذا كان مصدرا، والإمة أيضا الملك والنعيم. قال عدي :
ثم بعْدَ الفلاحِ والمُلكِ والإمّة وارثهمُ هناك القبورُ
فكأنه أراد إمامة الملك ونعيمه.
وقوله :﴿ وَإِنا على آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴾ و ﴿ مُّقْتَدُونَ ﴾.
رُفعتا ولو كانتا نصبا لجاز ذلك ؛ لأنّ الوقوف يحسن دونهما، فتقول للرجل : قدمت ونحن بالأثر متبعين ومتبعون.
وقوله :﴿ إِنَّنِي بَرَاء مِّما تَعْبُدُونَ ﴾.
العرب تقول : نحن منك البراء والخلا، والواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر يقال فيه : براء ؛ لأنه مصدر، ولو قال :( برئ ) لقيل في الاثنين : بريئان، وفي القوم : بريئون وبرءاء، وهي في قراءة عبد الله :«إنَّني بَرِيءٌ مِّما تَعْبُدُون » ولو قرأها قارئ كان صوابا موافقا لقراءتنا ؛ لأَن العرب تكتب : يستهزئ يستهزأ فيجعلون الهمزة مكتوبة بالألف في كل حالاتها. يكتبون شيء شيأ ومثله كثير في مصاحف عبد الله، وفي مصحفنا : ويهيئ لكم، ويهيأ بالأَلف.
وقوله :[ ١٧٠/ا ] ﴿ وَجَعَلَها كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ﴾.
اسم الإسلام، يقول لازمة لمن اتبعه، وكان من وَلَدِه، لعل أهل مكة يتبعون هذا الدين إذا كانوا من ولد إبراهيم صلى الله عليه، فذلك قوله :﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ إلى دينك ودين إبراهيم صلى الله عليهما.
وقوله :﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ على رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾.
ومعناه : على أحد رجلين عنَى نفسه. وأبا مسعود الثقفي، وقال هذا الوليدُ بن المغيرة المخزومي، والقريتان : مكة والطائف.
وقوله :﴿ وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾.
فرفعنا المولى فوق عبده، وجعلنا بعضهم يسبى بعضا، فيكون العبد والذي يُسْبَى مسخَّرين لمن فوقهما.
وقوله :﴿ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً ﴾، و«سِخْرِيّاً » وهما واحد هاهنا وفي :
«قد أفلح »، وفي ص - سواء الكسر فيهن والضم لغتان.
وقوله :﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾.
أن في موضع رفع.
وقوله :﴿ لَّجَعَلْنا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ ﴾.
إن شئت جعلت اللام مكررة في لبيوتهم، كما قال :﴿ يسَأَلُونكَ عن الشَّهرِ الْحَرامِ قِتَالٍ فيه ﴾، وإِن شئت جعلت اللامين مختلفتين كأنّ الثانية في معنى على كأنه قال : لجعلنا لهم على بيوتهم سقفاً، وتقول للرجل في وجهه : جعلت لك لقومك الأعطية، أي جعلته من أجلك لهم.
و ( السُّقُف ) قرأها عاصم والأعمش والحسن «سُقُفاً » وإن شئت جعلت واحدها سقيفة، وإن شئت جعلت سقوفا، فتكون جمع الجمع كما قال الشاعر :
حتى بلت حلاقيم الحُلُق أهوى لأدْنى فقرة على شفق
ومثله قراءة من قرأ «كُلوُا مِن ثُمُرِه »، وهو جمع، وواحده ثمار، وكقول من قرأ :«فَرُهُنٌ مَقْبوضَة » واحدها رهان ورهون. وقرأ مجاهد وبعض أهل الحجاز ﴿ سَقْفاً ﴾ كالواحد مخفف ؛ لأن السَّقف مذهب الجماع.
وقوله :﴿ وَزُخْرُفاً ﴾.
وهو الذهب، وجاء في التفسير نجعلها لهم من فضة ومن زخرف، فإذا ألقيت من الزخرف نصبته على الفعل توقعه عليه أي وزخرفا، تجعل ذلك لهم منه، وقال آخرون : ونجعل لهم مع ذلك ذهبا وغنى مقصور فهو أشبه الوجهين بالصواب.
وقوله :﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمنِ ﴾.
يريد : ومن يعرض عنه، ومن قرأها :«ومن يَعْشَ عن » يريد : يَعْمَ عنه.
وقوله :﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ﴾.
يريد الشيطان وهو في [ ١٧٠/ب ] مذهب جمع، وإِن كان قد لفظ به واحدا يقول : وإِن الشياطين ليصدونهم عن السبيل ويحسبون هم أنهم مهتدون.
وقوله :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءنا قَالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾.
فيقتل :( جاءنا ) لأحدهما، وجاءنا الإنسي وقرينه، فقرأها جاءانا بالتثنية عاصم والسُّلَمي والحسن وقرأها أصحاب عبد الله يحيى بن وثاب وإبراهيم بن يزيد النخعي ( جاءنا ) على التوحيد، وهو ما يكفي واحده من اثنيه، ومثله قراءة من قرأ ﴿ كَلاَّ لَيُنْبَذَانِّ ﴾، يقول : ينبذ هو وماله، ( ولَيُنبّذَنَّ ) والمعنى واحد.
وقوله :﴿ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾.
يريد : ما بين مشرق الشتاء ومشرق الصيف، ويقال : إِنه أراد المشرق والمغرب : فقال المشرقين، وهو أشبه الوجهين بالصواب ؛ لأن العرب قد تجمع الاسمين على تسمية أشهرهما، فيقال : قد جاءك الزهدمان، وإِنما أحدهما زهدم، قال الشاعر :
أخذنا بآفاق السماء عليكمُ لنا قمراها والنجوم الطوالع
يريد : الشمس والقمر.
وقال الآخر :
قسموا البلاد فما بها لمقيلهم تضغيث مفتصل يباع فصيله
فقرى العراق مسير يوم واحد فالبصرتان فواسط تكميله
يريد : البصرة والكوفة.
قال، وأنشدني رجل من طيء :
فبصرة الأزد منا، والعراق لنا والموصلان ومنا مصر فالحرم
يريد : الجزيرة، والموصل.
وقوله :﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾.
يقول : لن ينفعكم اشتراككم يعني [ الشيطان ] وقرينه. وأنكم في موضع رفع.
وقوله :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾.
لَشَرف لك ولقومك، يعنى : القرآن والدين، وسوف تسألون عن الشكر عليه.
وقوله :﴿ وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ ﴾.
يقول القائل : وكيف أمر أن يسأل رسلا قد مضوا ؟ ففيه وجهان :
أحدهما : أن يسأل أهل التوراة والإنجيل، فإنهم إِنما يخبرونه عن كتب الرسل التي جاءوا بها فإذا [ سأل ] الكتب فكأنه سأل الأنبياء.
وقال بعضهم : إنه سيسرى بك يا محمد فتلقى الأنبياء فسلهم عن ذلك، فلم يشكك صلى الله عليه وسلم ولم يسلهم.
وقوله :[ ١٧١/ا ] ﴿ أَجَعَلْنا مِن دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾.
قال :﴿ يُعبَدون ﴾ للآلهة، ولم يقل : تعبد ولا يُعْبَدن، وذلك أن الآلهة تُكلَّم ويدعّى لها وتعظَّم، فأُجريت مُجرى الملوك والأمراء وما أشبههم.
وقوله :﴿ وَما نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها ﴾.
يريد : من الآية التي مضت قبلها.
وقوله :﴿ أَمْ أَنا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ﴾.
من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله، وإن شئت رددته على قوله :﴿ أَلَيْسَ لي مُلْكُ مِصْرَ ﴾.
[ حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : وقد أخبرني بعض المشيخة أظنه الكسائي : أنه بلغه أن بعض القراء قرأ :«أَما أنا خير »، وقال لي هذا الشيخ : لو حفظت الأثر فيه لقرأت به، وهو جيد في المعنى.
وقوله :﴿ فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ ﴾.
يريد : فهلا ألقى عليه أساورة من ذهب، قرأها يحيى بن وثاب «أساورة من ذهب »، وأهل المدينة، وذكر عن الحسن :«أَسْوِرة »، وكل صواب.
ومن قرأ :«أساورة »، جعل واحدها إسوارا، ومن قرأ :«أسورة » فواحدها سوار، وقد تكون الأساورة جمع أسورة كما يقول في جمع : الأسقية : أساقي، وفي جمع الأَكرُع : أكارع.
وقوله :﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ ﴾ يريد : استفزهم.
وقوله :﴿ فَلَما آسَفُونا ﴾. يريد : أغضبونا.
وقوله :﴿ فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً ﴾.
[ حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني القاسم بن معن عن الأعمش عن يحيى بن وثاب أنه قرأها :«سُلُفا » مضمومة مثقلة، وزعم القاسم [ ابن معن ] أنه سمع واحدها سليف، والعوام بعد يقرءون :«سَلَفاً ».
[ حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد ] حدثنا الفراء قال : حدثنا سفيان بن عيينة أن الأعرج قرأها :«فجعلناهم سُلُفا » كأن واحدته سُلفة من الناس أي قطعة من الناس مثل أمّة.
وقوله :﴿ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾.
[ حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني أبو بكر بن عياش عن عاصم : أنه ترك يَصُدون من قراءة أبي عبد الرحمن، وقرأ يصِدون. ( قال الفراء )، وقال أبو بكر حدثني عاصم عن أبي رزين عن أبى يحيى : أن ابن عباس [ ١٧١/ب ] قرأ :( يَصِدون ) أي : يضجون يعِجون.
وفي حديث آخر : أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير فقال : إن ابن عمك لعربي ؛ فما له يلحن في قوله :﴿ إذا قومك منه يصُدون ﴾ إنما هي يصِدون، العرب تقول : يصِد ويصُد مثل : يشِد ويشُد، وينمِ وينُم من النميم. يصدون منه وعنه سواء.
وقوله :﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ﴾ وفي قراءة أُبَي :«وإنه لذكر للساعة »، وقد روى عن ابن عباس :«وإنه لَعَلَمٌ للساعة » و( عِلْمٌ ) جميعا، وكلٌّ صواب متقارب في المعنى.
وقوله :﴿ يا عِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾.
وهي في قراءة أهل المدينة :«يا عبادي ». بإثبات الياء، والكلام وقراءة العوام على حذف الياء.
وقوله :﴿ وَأَكْوَابٍ ﴾.
والكوب : المستدير الرأس الذي لا أذن له، قال عدي :
خيرٌ لها إن خشيت حجرة *** من ربِّها زيدٍ بن أيوبِ
متكئا تصفق أبوابه *** يَسقِي عليه العبد بالكوب
وقوله :﴿ تَشْتَهي الأَنْفُس ﴾، وفي مصاحف أهل المدينة : تشتهيهِ الأنفسُ وتلدُّ.
وقوله :﴿ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾. في العذاب.
وفي قراءة عبد الله :«وهُم فيها مُبلسون »، ذهب إلى جهنم، والمبلس : القانط اليائس من النجاة.
وقوله :﴿ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكن كَانُواْ هُمُ الظَّالِمِينَ ﴾.
جعلت ( هم ) ها هنا عمادا، فنصب الظالمين، ومن جعلها اسما رفع، وهي في قراءة عبد الله :( ولكن كانُوا هُم الظَّالمون ).
وقوله :﴿ أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً ﴾.
يريد : أبرموا أمرا ينجيهم من عذابنا عند أنفسهم، فإنا مبرمون معذبوهم.
وقوله :﴿ وَقِيلِهِ يا رَبِّ ﴾.
خفضها عاصم والسلمي وحمزة وبعض أصحاب عبد الله، ونصبها أهل المدينة والحسن فيما أعلم فمن خفضها قال :«عنده علم الساعة » وعلم «قيله يا رب ». ومن نصبها أضمر معها قولا، كأنه قال : وقال قوله، وشكا شكواه إلى ربه وهي في إحدى القراءتين [ ١٧٢/ا ] قال الفراء : لا أعلمها إلا في قراءة أبى، لأني رأيتها في بعض مصاحف عبد الله [ على ] وقيله، ونصبها أيضا يجوز من قوله :«نسمع سرهم ونجواهم »، ونسمع قيله، ولو قال قائل : وقيلُه رفعا كان جائزا، كما تقول : ونداؤه هذه الكلمة : يا رب، ثم قال :«فاصفَحْ عَنْهُمْ »، فوصله بدعائه كأنه من قوله وهو من أمر الله أمره أن يصفح، أمره بهذا قبل أن يؤمر بقتالهم.
﴿ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
رفع سلام بضمير عليكم وما أشبهه، ولو كان : وقل سلاما كان صوابا، كما قال :﴿ قالوا سَلاَما قال سَلاَمٌ ﴾.
Icon