تفسير سورة العنكبوت

الوجيز للواحدي
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي ستون وتسع آيات

﴿الم﴾
﴿أحسب الناس أن يتركوا﴾ الآية نزلت في الذين جزعوا من أصحاب النبي ﷺ من أذى المشركين معناه أحسبوا أن يُقنع منهم بأن يقولوا: إنَّا مؤمنون فقط ولا يُمتحنون بما يُبيِّن حقيقة إيمانهم
﴿ولقد فتنا الذين من قبلهم﴾ اختبرنا وابتلينا ﴿فليعلمنَّ الله﴾ صِدقَ ﴿الذين صدقوا﴾ في قولهم: آمنَّا بوقوعه منهم وهو الصَّبر على البلاء ﴿وليعلمنَّ﴾ كذب ﴿الكاذبين﴾ في قولهم: آمنَّا بارتدادهم إلى الكفر عن الدِّين عند البلاء ومعنى العلم ها هنا العلم به موجوداً كائناً
﴿أم حسب الذين يعملون السيئات﴾ الشِّرك ﴿أن يسبقونا﴾ يفوتونا ﴿ساء ما يحكمون﴾ بئس حكما يحكمون لأنفسهم بهذا الظَّنِّ
﴿من كان يرجو لقاء الله﴾ يخشى البعث ﴿فإنَّ أجل الله﴾ وعده بالثَّواب والعقاب ﴿لات﴾ لكائن وقوله:
﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لغني عن العالمين﴾
﴿ولنجزينَّهم أحسن الذي كانوا يعملون﴾ أَيْ: بأحسن أعمالهم وهو الطَّاعة
﴿ووصينا الإِنسان بوالديه حسناً﴾ أمرناه أن يُحسن إليهما ﴿وإن جاهداك﴾ اجتهدا عليك ﴿لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أنَّه لي شريك ﴿فلا تطعهما﴾ أُنزلت في سعد بن أبي وقَّاص لمَّا أسلم حلفت أمُّه أن لا تأكل ولا تشرب ولا يظلُّها سقف بيت حتى يكفر بمحمد ﷺ ويرجع إلى ما كان عليه فأُمر أن يترضَّاها ويُحسن إليها ولا يُطيعها في الشِّرك وقوله:
﴿لندخلنَّهم في الصالحين﴾ أَيْ: في زمرتهم وجملتهم ومعناه: لنحشرنَّهم معهم وقوله:
﴿جعل فتنة الناس﴾ أَيْ: أذاهم وعذابهم ﴿كعذاب الله﴾ جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذيَّة في الله ﴿ولئن جاء﴾ المؤمنين ﴿نصرٌ من ربك ليقولنَّ﴾ هؤلاء الذين ارتدُّوا حين أُوذوا: ﴿إنا كنَّا معكم﴾ وهم كاذبون فقال الله تعالى: ﴿أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين﴾ يعني: إنَّه عالم بإيمان المؤمن وكفر الكافر
﴿وليعلمنَّ الله الذين آمنوا وليعلمنَّ المنافقين﴾ هذا إخبارٌ عن الله تعالى أنَّه يعلم إيمان المؤمن وكفر المنافق
﴿وقال الذين كفروا﴾ من أهل مكَّة ﴿للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا﴾ الطَّريق الذي نسلكه ي ديننا ﴿ولنحمل خطاياكم﴾ أَيْ: إن كان فيه إثمٌ فنحن نحمله قال الله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خطاياهم من شيء﴾ يخفِّف عنهم العذاب ﴿إنهم لكاذبون﴾ في قولهم لأنَّهم في القيامة لا يحملون عنهم خطاياهم ثمَّ أعلم الله عز وجل أنَّهم يحملون أوزار أنفسهم وأثقالاً أخرى بسبب إضلالهم مع أثقال أنفسهم لأنَّ مَنْ دعا إلى ضلالةٍ فاتُّبع فعليه مثل أوزار الذين اتَّبعوه ثمَّ ذكر أنَّه يُوبِّخهم على ما قالوا فقال: ﴿وليسألنَّ يوم القيامة عما كانوا يفترون﴾ أي: سؤال توبيخ وقوله:
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القيامة عما كانوا يفترون﴾
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾
﴿فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين﴾
﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون﴾
﴿وتخلقون إفكاً﴾ أَيْ: تقولون كذبا: إن الأوثان شركاه الله وقوله:
﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يعيده﴾ كما بدأ وليس المعنى: على أو لم يروا كيف يعيده لأنَّهم لم يروا الإِعادة
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخلق﴾ يعني: الأمم الماضية كيف قدر الله سبحانه على خلقهم ابتداءً ﴿ثمَّ الله ينشئ النشأة الآخرة﴾ أيْ: يبعثهم ثانية بإنشائه إيلهم
﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تقلبون﴾
﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السماء﴾ لو كنتم فيها ثمَّ عاد الكلام إلى قصَّة إبراهيم عليه السَّلام فقال:
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم﴾
﴿فما كان جواب قومه﴾ حين دعاهم إلى الله سبحانه ﴿إلاَّ أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه﴾ الآية
﴿وقال﴾ لهم إبراهيم: ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بينكم﴾ أَيْ: ليتوادُّوا بها فهي مودَّة بينكم ما دمتم في هذه الدنيا تنقطع ولا تنفع في الآخرة وهو قوله تعالى: ﴿ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض﴾ تتبرَّأُ الأوثان من عابديها وقوله تعالى:
﴿فآمن له لوط﴾ هو أوَّل مَنْ آمن بإبراهيم عليه السَّلام ﴿وقال إني مهاجر إلى ربي﴾ هاجر من سواد الكوفة إلى الشَّام
﴿وآتيناه أجره في الدنيا﴾ قيل: هو الذِّكر الحسن وقيل: هو الوالد الصالح
﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾
﴿وتقطعون السبيل﴾ أَيْ: سبيل الولد وقيل: يأخذون النَّاس من الطُّرق لطلب الفاحشة ﴿وتأتون في ناديكم﴾ مجلسكم ﴿المنكر﴾ كان بعضهم يُجامع بعضاً في مجالسهم ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ أنًّه نازلٌ بنا وقوله:
﴿قال رب انصرني على القوم المفسدين﴾
﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مهلكوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾
﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ من الغابرين﴾
﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ من الغابرين﴾
﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾
﴿ولقد تركنا منها﴾ من قرية قوم لوط ﴿آية بينة﴾ عبرةً ظاهرةً وهي خرابها وآثارها وقوله:
﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾
﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾
﴿وكانوا مستبصرين﴾ أَيْ: في ضلالتهم معجبين بها وقيل: حسبوا أنَّهم على الهدى وهم على الباطل وقيل: أتوا ما أتوه وقد بيِّن لهم أنَّ عاقبته العذاب
﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾
﴿فكلاً﴾ من الكفَّار ﴿أخذنا﴾ عاقبنا ﴿بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً﴾ وهم قوم لوط ﴿ومنهم من أخذته الصيحة﴾ قوم ثمود ﴿ومنهم مَنْ خسفنا به الأرض﴾ قارون وقومه ﴿ومنهم من أغرقنا﴾ قوم نوح وفرعون ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ لأنَّه قد بيَّن لهم بإرسال الرَّسول ﴿ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ بكفرهم
﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ﴾ يعني: الأصنام في قلَّة غنائها عنهم ﴿كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً﴾ لا يدفع عنها حراً ولا برداً ﴿وإنَّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت﴾ وذلك أنَّه لا بيت أضعف منه فيما يتَّخذه الهوامُّ ﴿لو كانوا يعلمون﴾ موضعَه عند قوله: مثلُ الذين اتخذوا من دونه أولياء لو كانوا يعملون كمثل العنكبوت فهو مؤخَّر معناه التقديم وقوله:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا العالمون﴾
﴿خلق الله السماوات وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
﴿إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ يعني: إنَّ في الصَّلاة منهاةً ومزدجراً عن معاصي الله تعالى فمن لم تنهه صلاته عن المنكر فليست صلاته بصلاةٍ ﴿ولذكر الله أكبر﴾ من كلِّ شيء في الدُّنيا وأفضل
﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ وهو الجميل من القول بالدُّعاء إلى الله عزَّ وجل والتَّنبيه على الحجج ﴿إلاَّ الذين ظلموا منهم﴾ أَيْ: إلاَّ الذين ظلموكم بالقتال ومنع الجزية
﴿وكذلك﴾ أَيْ: وكما آتيناهم الكتاب ﴿أنزلنا إليك الكتاب فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يؤمنون به﴾ بمحمد ﷺ يعني: مَنْ كانوا قبل عصره كانوا يؤمنون به لما يجدونه من نعته في كتابهم ﴿ومن هؤلاء﴾ الذين هو بين ظهرانيهم ﴿مَنْ يؤمن به﴾
﴿وما كنت تتلو من قبله﴾ من قبل الكتاب الذي أنزلناه إليك ﴿من كتابٍ ولا تخطُّه﴾ ولا تكتبه ﴿بيمينك إذاً لارتاب المبطلون﴾ لشكُّوا فيك واتَّهموك لو كنت تكتب وأراد بالمبطلين كفَّار قريش يعني: لقالوا: إنَّه كتبه وتعلَّمه من كتاب
﴿بل هو﴾ يعني: محمداً ﷺ والعلم بأنَّه أُمِّيٌّ ﴿آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم﴾ من أهل الكتاب قرؤوها من التَّوراة وحفظوها
﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ كما أُنزل على مَنْ قبله من الأنبياء ﴿قل إنما الآيات عند الله﴾ إذا شاء أرسلها وليست بيدي
﴿قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً﴾ يشهد على صدقي وعلى تكذيبكم وقوله:
﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ ما في السماوات وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هم الخاسرون﴾
﴿ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾
﴿يستعجلونك بالعذاب وإنَّ جهنم لمحيطة بالكافرين﴾
﴿ويقول: ذوقوا ما كنتم تعملون﴾ أَيْ: جزاءه من العذاب
﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾ نزلت في حثِّ مَنْ كانوا بمكَّة لا يقدرون على إظهار دينهم على الهجرة
﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ أينما كانت فلا تُقيموا بدار الشِّرك وقوله:
﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ من الجنة غرفاً﴾ أَيْ: ولننزلنَّهم منها قصوراً
﴿الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون﴾
﴿وكأين﴾ وكم ﴿من دابَّة لا تحمل رزقها﴾ فتخبئه لغدٍ ﴿الله يرزقها﴾ يوماً بيوم ﴿وإياكم﴾ وذلك أنَّ الذين كانوا بمكَّة من المؤمنين إذا قيل لهم اخرجوا إلى المدينة قالوا: فمَنْ يُطعمنا بها ولا مال لنا هناك فأنزل الله تعالى: ﴿الله يرزقها وإياكم﴾
﴿ولئن سالتهم من خلق السماوات وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يؤفكون﴾
﴿الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله قل الحمد لله﴾ على إنزاله الماء لإِحياء الأرض ﴿بل أكثرهم لا يعقلون﴾ العقل الذي يعرفون به الحقَّ من الباطل
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ لنفادها عن قريب ﴿وإنَّ الدار الآخرة لهي الحيوان﴾ الحياة الدَّائمة ﴿لو كانوا يعلمون﴾ أنَّها كذلك ولكنَّهم لا يعلمون
﴿فإذا ركبوا في الفلك﴾ وخافوا الغرق ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾
﴿ليكفروا بما آتيناهم﴾ أَيْ: ليجحدوا بما أنعمنا عليهم من إنجائهم والظَّاهر أنَّ هذا لام الأمر أمر التَّهديد ويدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿وليتمتعوا فسوف يعلمون﴾
﴿أَوَلَمْ يروا﴾ يعني: أهل مكَّة ﴿أنا جعلنا حرماً آمناً﴾ ذا أمنٍ لا يُغار على أهله ﴿ويتخطف الناس من حولهم﴾ بالقتل والنَّهب والسَّبي ﴿أفبالباطل يؤمنون﴾ يعني: الأصنام ﴿وبنعمة الله﴾ يعني: محمدا ﷺ والقرآن ﴿يكفرون﴾
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جهنَّم مثوى للكافرين﴾
﴿والذين جاهدوا فينا﴾ أعداء الدِّين والكفَّار ﴿لنهدينَّهم سبلنا﴾ سبل الشًّهادة والمغفرة: وقيل: من اجتهد في عملٍ لله زاده الله تعالى هدىً على هدايته ﴿وإنَّ الله لمع المحسنين﴾ بنصره إيَّاهم
Icon