تفسير سورة الممتحنة

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة الممتحنة من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة ﴾ [ الممتحنة : ١ ].
بدأه هنا ب " تُلْقُونَ " وبعده ب " تُسِرُّون " تنبيها بالأول على ذمّ مودّة الأعداء، جهرا وسرا، وبالثاني على تأكيد ذمّها سرا، وخصّ الأول بالعموم لتقدمه، وباء " بالمودّة " زائدة، وقيل : سببيّة، والمفعول محذوف والتقدير : يُلقون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بسبب المودّة التي بينكم وبينهم.
قوله تعالى :﴿ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه... ﴾ [ الممتحنة : ٤ ].
قاله هنا بتأنيث الفعل مع الفاصل، لقربه وإن جاز التذكير، وأعاده في قوله :﴿ لقد كان لكم فيهم أُسوة حسنة ﴾ [ الممتحنة : ٦ ] بتذكيره مع الفاصل، لكثرته وإن جاز التأنيث، وإنما كرّر ذلك، لأن الأول في القول، والثاني في الفعل، وقيل : الأول في إبراهيم، والثاني في محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك... ﴾ [ الممتحنة : ٤ ] مستثنى من قوله :﴿ أسوة حسنة ﴾ وقوله :﴿ وما أملك لك من الله من شيء ﴾ [ الممتحنة : ٤ ] ليس مستثنى، وإنما ذُكر لكونه من تمام قول إبراهيم عليه السلام، كأنه قال : أنا أستغفر لك، وليس في طاقتي إلا الاستغفار( ١ ).
١ - أمر الله تعالى المؤمنين بالاقتداء بالخليل إبراهيم عليه السلام، في عداوة المشركين والتبرؤ منهم، إلا في استغفار إبراهيم لأبيه، لأنه إنما استغفر له رجاء إسلامه، فلما ظهر له عداوته لله تبرأ منه، كما قال تعالى: ﴿فلما تبيّن له أنه عدوّ لله تبرّأ منه... ﴾..
Icon