تفسير سورة ق

تفسير التستري
تفسير سورة سورة ق من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

السورة التي يذكر فيها ق
[سورة ق (٥٠) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)
قوله تعالى: ق [١] أقسم الله تعالى بقوته وقدرته، وظاهرها الجبل المحيط بالدنيا، وهو أول جبل خلقه الله تعالى، ثم بعده جبل أبي قبيس وهو الجبل الذي فوق الصفا، ودونه بمسيرة سنة جبل تغرب الشمس وراءه، كما قال: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٢] وله وجه كوجه الإنسان، وقلب كقلوب الملائكة في المعرفة.
قوله: وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [١] قال: يعني المشرف على سائر الكلام.
[سورة ق (٥٠) : آية ٨]
تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)
قوله: تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [٨] أي مخلص القلب لله بالتوحيد إليه، وإدامة ذكره بواجباته.
[سورة ق (٥٠) : آية ١٢]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢)
قوله تعالى: وَأَصْحابُ الرَّسِّ [١٢] أي البئر.
[سورة ق (٥٠) : آية ١٤]
وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤)
والْأَيْكَةِ [١٤] الغيضة، وباطنها أصحاب الرس أصحاب الجهل. وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ [١٤] متبعو الشهوات.
[سورة ق (٥٠) : آية ١٨]
مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)
قوله تعالى: مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [١٨] قال: أي حافظ حاضر لا يغيب عنه، ولا يعلم الملك ما في الضمير من الخير والشر إلا عند مساكنة القلوب إياه، فيظهر أثر ذلك على الصدر من الصدر إلى الجوارح نور ورائحة طيبة عند العزم على الخير، وظلمة ورائحة منتنة عند العزم على الشر، والله يعلم ذلك منه على كل حال، فليتقه بقوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء: ١].
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)
قوله تعالى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ [٢١] يعني كتبة في الدنيا تسوقه إلى المحشر، ويشهدون له وعليه، فيقول العبد: أليس قولك الحق وقد قلت: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوها [إبراهيم: ٣٤]، وقال نبيك صلّى الله عليه وسلّم: «ما منكم أحد يدخل الجنة بعمله إلا برحمة الله» «١»، فيقول الله تعالى: «قولي الحق، وصدق نبيي صلّى الله عليه وسلّم، انطلق إلى الجنة برحمتي». قال:
وهو معنى قوله تعالى: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [هود: ١١].
(١) صحيح مسلم، رقم ٢٨١٥، ٢٨١٦ ومجمع الزوائد ١٠/ ٣٥٧.
قوله تعالى: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [٢٢] يعني بصر قلبك نافذ في مشاهدة الأحوال كلها.
[سورة ق (٥٠) : آية ٢٩]
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)
قوله تعالى: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [٢٩] أي ما يتغير عندي ما سبق في علمي، فيكون بخلاف ما سبق العلم فيه.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٢]
هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢)
قوله تعالى: لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [٣٢] قال: هو الراجع بقلبه من الوسوسة إلى السكون إلى الله تعالى. والحفيظ المحافظ على الأوقات والأحوال بالأوامر والطاعات. وقال ابن عيينة:
الأواب الحفيظ الذي لا يقوم من مجلس حتى يستغفر الله منه، خيراً كان أو شراً، لما يرى فيه من الخلل والتقصير.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٧]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)
قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [٣٧] يعني لمن كان له عقل يكسب به علم الشرع.
قوله تعالى: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [٣٧] يعني استمع إلى ذكرنا وهو حاضر مشاهد ربه غير غائب عنه. وسئل سهل عن العقل، قال: العقل حسن النظر لنفسك في عاقبة أمرك.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
Icon