تفسير سورة المعارج

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة من قالها وجد جمالها، ومن شهدها شهد جلالها.
وليس كل من قالها نالها، ولا كل من احتالها عرف جلالها.
كلمة رفيعة عن إدراك الألباب منيعة، كلمة على الحقيقة الصمدية دالة، كلمة لا بد للعبد من ذكرها في كل حالة.

قوله جلّ ذكره :﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾.
الباء في ﴿ بِعَذَابٍ ﴾ بمعنى عن، أي سأل سائلٌ عن هذا العذاب لِمَنْ هو ؟ فقال تعالى :﴿ لِّلْكَفِرِينَ لَيْسَ لهُ دَافِعٌ مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾.
هذا العذاب للكافرين ليس له دافع.
﴿ مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ ؛ فهذا العذابُ من الله. ومعنى ﴿ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ ذي الفضل ومعالي الدرجات التي يُبْلِغُ إليها أولياءَه.
قوله جلّ ذكره :﴿ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾.
﴿ وَالرُّوحُ ﴾ أي جبريل، في يومٍ كان مقداره ألف سنة من أيام الدنيا يعني به يوم القيامة.
ويقال : معناه يحاسِبُ الخَلْقَ في يوم قصيرٍ ووقتٍ يسير ما لو كان الناسُ يشتغلون به لكان ذلك خمسين ألف سنة، واللَّهُ يُجْرِي ذلك ويُمضيه في يومٍ واحد.
ويقال : من أسفلِ المخلوقاتِ إلى أعلاها مسيرةُ خمسين ألف سنة للناس ؛ فالملائكة تعرج فيه من أَسفله إلى أعلاه في يومٍ واحد.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ﴾.
فاصبرْ - يا محمد - على مقاساةِ أذاهم صبراً جميلاً. والصبرُ الجميلُ ما لا شكوى فيه.
ويقال : الصبر الجميل ألا تَسْتَثْقِلَ الصبرَ بل تستعذبه.
ويقال : الصبرُ الجميل ما لا ينْتَظِرُ العبدُ الخروجَ منه، ويكون ساكناً راضياً.
ويقال : الصبرُ الجميل أن يكون على شهود المُبْلِي.
ويقال : الصبرُ الجميل ما تجرَّد عن الشكوى والدَّعْوى.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً ﴾.
إِنَّ ما هو آتٍ فقريبٌ، وما اسْتَبْعَدَ مَنْ يستَبْعِد إلاَّ لأنّه مُرْتَابٌ ؛ فأمّا الواثِقُ بالشيءِ فهو غيرُ مُسْتَبْعِدٍ له.
قوله جلّ ذكره :﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴾.
الإشارة فيه أنه في ذلك اليوم مَنْ كان في سُمُوِّ نخوته ونُبُوِّ صولته يلين ويستكين ويَضْعُفُ مَنْ كان يَشْرُفُ، ويَذَلُّ مَنْ كان يُذِلُّ.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَلاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾.
لا يَتَفَرَّغُ قريبٌ إلى قريبٍ ؛ فلكلِّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغْنيه.
ولا يَتَعَهَّدُ المساكينَ - في ذلك اليوم - إلا الله.
﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي يعرفون أقاربهم، ولكن لا تَرِقُّ قلوبُ بعضهم على بعض.
ويتمنَّى المجرمُ يومئذٍ أَنْ يُفتدىَ من عذاب جهنم بأعز مَنْ كان عليه في الدنيا من قريبٍ ونسيب وحميم وولدٍ، وبكلٍّ من الأرض حتى يخلص من العذاب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي يعرفون أقاربهم، ولكن لا تَرِقُّ قلوبُ بعضهم على بعض.
ويتمنَّى المجرمُ يومئذٍ أَنْ يُفتدىَ من عذاب جهنم بأعز مَنْ كان عليه في الدنيا من قريبٍ ونسيب وحميم وولدٍ، وبكلٍّ من الأرض حتى يخلص من العذاب.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي يعرفون أقاربهم، ولكن لا تَرِقُّ قلوبُ بعضهم على بعض.
ويتمنَّى المجرمُ يومئذٍ أَنْ يُفتدىَ من عذاب جهنم بأعز مَنْ كان عليه في الدنيا من قريبٍ ونسيب وحميم وولدٍ، وبكلٍّ من الأرض حتى يخلص من العذاب.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي يعرفون أقاربهم، ولكن لا تَرِقُّ قلوبُ بعضهم على بعض.
ويتمنَّى المجرمُ يومئذٍ أَنْ يُفتدىَ من عذاب جهنم بأعز مَنْ كان عليه في الدنيا من قريبٍ ونسيب وحميم وولدٍ، وبكلٍّ من الأرض حتى يخلص من العذاب.

اسم من أسماء جهنم.
قَلاَّعةٌ للأطراف. تكشط الجِلْدَ عن الوجه وعن العَظْم.
قوله جلّ ذكره :﴿ تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴾.
تقول جهنمٌ للكافرِ والمنافقِ : يا فلان. . إليَّ إليَّ.
والإشارة فيه : أنَّ جهنمَ الدنيا تعلق بقلبِ المرءِ فتدعوه بكلابِ الحِرْصِ إلى نَفْسِه وتجرُّه إلى جمعها حتى يؤثرها على نَفْسه وكلِّ أحد له ؛ حتى لقد يَبْخَلُ بدنياه على أولاده وأَعِزَّتهِ. . . وقليلٌ مَنْ نجا من مكر الدنيا وتسويلاتها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:قوله جلّ ذكره :﴿ تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴾.
تقول جهنمٌ للكافرِ والمنافقِ : يا فلان.. إليَّ إليَّ.
والإشارة فيه : أنَّ جهنمَ الدنيا تعلق بقلبِ المرءِ فتدعوه بكلابِ الحِرْصِ إلى نَفْسِه وتجرُّه إلى جمعها حتى يؤثرها على نَفْسه وكلِّ أحد له ؛ حتى لقد يَبْخَلُ بدنياه على أولاده وأَعِزَّتهِ... وقليلٌ مَنْ نجا من مكر الدنيا وتسويلاتها.

قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.
وتفسيره ما يتلوه :
﴿ إِذَا مَسّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾.
والهََلَعُ شِدَّةُ الْحِرِصِ مع الجزع. ويقال هلوعاً : متقلِّباً في غمرات الشهوات.
ويقال : يُرْضيه القليلُ ويُسْخِطه اليسير.
ويقال : عند المحنه يدعو، وعند النعمة ينسى ويسهو.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.

وتفسيره ما يتلوه :

﴿ إِذَا مَسّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾.
والهََلَعُ شِدَّةُ الْحِرِصِ مع الجزع. ويقال هلوعاً : متقلِّباً في غمرات الشهوات.
ويقال : يُرْضيه القليلُ ويُسْخِطه اليسير.
ويقال : عند المحنه يدعو، وعند النعمة ينسى ويسهو.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.

وتفسيره ما يتلوه :

﴿ إِذَا مَسّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾.
والهََلَعُ شِدَّةُ الْحِرِصِ مع الجزع. ويقال هلوعاً : متقلِّباً في غمرات الشهوات.
ويقال : يُرْضيه القليلُ ويُسْخِطه اليسير.
ويقال : عند المحنه يدعو، وعند النعمة ينسى ويسهو.

استثنى منهم المصلين - وهم الذين يُلازِمون أبداً مواطنَ الافتقار ؛ مِنْ صَلِيَ بالمكان.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:استثنى منهم المصلين - وهم الذين يُلازِمون أبداً مواطنَ الافتقار ؛ مِنْ صَلِيَ بالمكان.
وهم المُتَكفِّف والمُتَعَفِّف.
وهم على أقسام : منهم مَنْ يُؤْثر بجميع مالِه ؛ فأموالُهم لكلِّ مَنْ قَصَدَ، لا يخصُّون سائِلاً من عائل. ومنهم مَن يعطي ويمسك - وهؤلاء منهم - ومنهم مَنْ يرى يَدَه يَدَ الأمانة فلا يتكلِّف باختياره، وإنما ينتظر ما يُشَار عليه به من الأمر ؛ إِمَّا بالإمساك فيقف أو ببذْلِ الكُلِّ أو البعضِ فيستجيب على ما يُطَالَبُ به وما يقتضيه حُكْمُ الوقت. . . وهؤلاءِ أَتَمُّهُم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:وهم المُتَكفِّف والمُتَعَفِّف.
وهم على أقسام : منهم مَنْ يُؤْثر بجميع مالِه ؛ فأموالُهم لكلِّ مَنْ قَصَدَ، لا يخصُّون سائِلاً من عائل. ومنهم مَن يعطي ويمسك - وهؤلاء منهم - ومنهم مَنْ يرى يَدَه يَدَ الأمانة فلا يتكلِّف باختياره، وإنما ينتظر ما يُشَار عليه به من الأمر ؛ إِمَّا بالإمساك فيقف أو ببذْلِ الكُلِّ أو البعضِ فيستجيب على ما يُطَالَبُ به وما يقتضيه حُكْمُ الوقت... وهؤلاءِ أَتَمُّهُم.

وأماراتهُم الاستعدادُ للموتِ قبل نزوله، وأن يكونوا كما قيل :
مستوفزون على رِجْلٍ كأَنهمو فقد يريدون أن يمضوا فيرتحلوا
قوله جلّ ذكره :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ ﴾.
وإنما تكون صحبتُهم مع أزواجهم للتَّعَفُّفِ وصَوْنِ النَّفْسِ، ثم لابتغاء أن يكونَ له وَلَدٌ من صلبه يذكر الله. وشَرْطُ هذه الصحبة : أن يعيش معها على ما يهون، وألا يجرَّها إلى هَوَى نَفسِه ويحملها على مرادِه وهواه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:قوله جلّ ذكره :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ ﴾.
وإنما تكون صحبتُهم مع أزواجهم للتَّعَفُّفِ وصَوْنِ النَّفْسِ، ثم لابتغاء أن يكونَ له وَلَدٌ من صلبه يذكر الله. وشَرْطُ هذه الصحبة : أن يعيش معها على ما يهون، وألا يجرَّها إلى هَوَى نَفسِه ويحملها على مرادِه وهواه.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:قوله جلّ ذكره :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ ﴾.
وإنما تكون صحبتُهم مع أزواجهم للتَّعَفُّفِ وصَوْنِ النَّفْسِ، ثم لابتغاء أن يكونَ له وَلَدٌ من صلبه يذكر الله. وشَرْطُ هذه الصحبة : أن يعيش معها على ما يهون، وألا يجرَّها إلى هَوَى نَفسِه ويحملها على مرادِه وهواه.

قوله جلّ ذكره :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾.
يحفظون الأمانات التي عندهم للخَلْق ولا يخونون فيها. وأمانات الحق التي عندهم أعضاؤهم الظاهرة - فلا يُدَنِّسُونها بالخطايا ؛ فالمعرفة التي في قلوبهم أمانة عندهم من الحق، والأسرارُ التي بينهم وبين الله أماناتٌ عندهم. والفرائضُ واللوازمُ والتوحيدُ. . . كل ذلك أماناتٌ.
ويقال : من الأمانات إقرارُهم وقتَ الذّرِّ. ويقال : من الأمانات عند العبد تلك المحبة التي أودعها اللَّهُ في قلبه.
قوله جل ذكره :﴿ والذين هم بشهادتهم قائمون ﴾.
شهادتهم لله بالوحدانية، وفيما بينهم لبعضهم عند بعض - يقومون بحقوق ذلك كله.
قاله جل ذكره :﴿ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ﴾.
والإهطاع أن يُقْبِلَ ببصره إلى الشيءِ فلا يرفعه عنه، وكذلك كانوا يفعلون عند النبي صلى الله عليه وسلم.
﴿ عِزينَ ﴾ : أي خَلْقاً خَلْقاً، وجماعةً جماعة.
كلا. . . إنك لا تدعو عن هذا ! وليس هذا بصوابٍ ؛ فإنهم - اليوم - كفار، وغداً يعاملون بما يستوجبون.
﴿ فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ﴾ لا - هنا صلة، والمعنى أقسم. وقد مضى القولُ في المشارق وْالمغارب - ﴿ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾ على ذلك.
غاية التهديد والتوبيخ لهم.
كأَنهم يسرعون إلى أصنامهم، شبَّه إسراعهم حين قاموا من القبور بإسراعهم إلى النُّصُبِ - اليومَ - كي يقوموا بعبادتهم إياها.
Icon