تفسير سورة التوبة

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة التوبة من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ
﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ ﴾ ثم خاطب شاهداً فقال :﴿ فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ ﴾ ثم خاطب شاهداً فقال :﴿ فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ ﴾

﴿ فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ ﴾ مجازه : سِيروا وأقبلوا وأدبروا، والعرب تفعل هذا، قال عنترة :
شَطَّتْ مزَار العاشقين فأَصبحتْ عَسِراً عَلَىَّ طلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ ﴾ مجازه : وعلم من الله وهو مصدر واسم من قولهم : آذنتهم أي أعلمتهم، يقال أيضاً : " أذينٌ وإذنٌ ".
﴿ وَاقعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ﴾ وكذلك : واقْعدْ له على كل مرصد، والمراصد : الطرق، قال عامر بن الطُّفَيل :
ولقد علمتُ وما إخالُ سِواءَه أَن المَنيَّة للفَتَى بالمَرْصدِ
﴿ لاَ يَرْقُبوا فِيكُمْ إلاًّ وَلاَ ذِمَّةُ ﴾ مجاز الإلّ : العهد والعقد واليمين، ومجاز الذمة التذمم ممن لا عهد له، والجميع ذِمَم ؛ ﴿ يَرْقُبوا ﴾ أي يراقبوا.
﴿ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ ﴾ أي أَداموها في مواقيتها، وأعطوا زكاة أموالهم.
{ فَإِخْوَانُكمْ فِي الدِّين مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقولك : فهم إخوانكم.
﴿ وَإنْ نكَثُوا أَيمَانَهُمْ ﴾ مجازه : إن نقضوا أيمانهم، وهي جميع اليمين من الحلف.
﴿ وَلِيْجَةً ﴾ كل شئ أدخلته في شئ ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم، ومجازه يقول : فلا تتخذوا ولياً ليس من المسلمين دون الله ورسوله، ومنه قول طَرَفَة بن العَبْد :
فإن القَوا في يَتّلِجْنَ مَوالجاً تَضايَقُ عنها أَن تُولجّهِ الإبَرْ
ويقال للكناس الذي يلج فيه الوحش من الشجر دَوْلَجٌ وتَوْلج، وقال :
مُتخذاً منها إياداً دَوْلجا ***
﴿ وَلَمْ يَخْشَ إلاَّ اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِين ﴾ عسى ها هنا واجبة من الله.
﴿ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ ﴾ مجازه مجاز فَعليه من السكون، قال أبو عُرَيف الكُلُيْبِيّ :
لله قبرٌ غالَها ماذا يجَنُّ لقد أَجنَّ سكينةً ووقَارا
﴿ إنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ متحرك الحروف بالفتحة، ومجازه : قَذر، وكل نَتْنٍ وطَفَسٍ نَجَسٌ.
﴿ وَإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةٌ ﴾ وهي مصدر عال فلانٌ أي افتقر فهو يَعِيل، وقال :
وما يَدري الفقير متى غناه وما يَدري الغَنِىّ متى يَعيلُ
﴿ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ ﴾ مجازه : لا يطيعون الله طاعة الحق، وكل من أطاع مَلِيكا فقد دان له، ومن كان في طاعة سلطان فهو في دينه، قال زُهَير :
لئن حللتَ بجّوٍ في بني أَسَدٍ في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
وقال طَرفَة بن العَبْد :
لَعَمْرُكَ ما كانت حَمولةُ مَعْبَدٍ على جُدِّها حرباً لدِيبك مِن مُضَرْ
أي لطاعتك، جُدّها مياهها.
﴿ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغرِينَ ﴾ كل من انطاع لقاهر بشئ أعطاه من غير طيب نفس به وقهر له من يد في يد فقد أعطاه عن يد ومجاز الصاغر الذليل الحقير، يقال : طِعت له وهو يَطاع له، وانطعت له، وأطعته، ولم يُحفَظ طُعت له.
﴿ يُضَاهُون قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ﴾ ومجاز المضاهات مجاز التشبيه.
﴿ قَاتَلَهُمُ اللهُ ﴾ قتلهم الله، وقلّما يوجد فَاعَلَ إلاّ أن يكون العمل من إثنين، وقد جاء هذا ونظيره ونِظْره : عافاك الله، والمعنى أعفاك الله، وهو من الله وحده. والنظر والنظِير سواء مثل نِدِّ وندَيد، وقال :
ألا هل أَتَى نِظْيري مُلَيْكَةَ أنّنِي
﴿ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ كيف يُحَدُّون، وقال كَعْب بن زُهَير :
أَنَّى ألّم بك الخَيالُ يطِيف ومطافُه لك ذِكْرةٌ وشُعُوفُ
ويقال : رجل مأفوك أي لا يصيب خيراً، وأرض مأفوكة أي لم يصبها مطر وليس بها نبات.
﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا ﴾ صار الخبر عن أحدهما، ولم يقل ﴿ ولا ينفقونهما ﴾ والعرب تفعل ذلك، إذا أشركوا بين اثنين قصروا فخبّروا عن أحدهما استغناءً بذلك وتخفيفاً، لمعرفة السامع بأن الآخَر قد شاركه ودخل معه في ذلك الخبر، قال :
فمن يك أَمسَى بالمدينة رَحْلُه فإنِّي وقيّارٌ بها لَغريبُ
وقال :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأيُ مُختلِفُ
وقال حَسَّان بن ثابت :
إن شَرْخَ الشَّباب والشَّعرَ الأسْ وَد ما لم يُعاصَ كان جُنونا
ولم يقل يعاصَيا. وقال جرير :
ما كان حَيْنُكَ والشقَّاءُ لِينتهي حتى أَزوركَ في مُغار مُحْصَدٍ
لم يقل لِينتهيا.
﴿ الدِّينُ القَيِّمُ ﴾ مجازه : القائم أي المستقيم، خرج مخرج سيّد، وهو مِن ساد يسود بمنزلة قام يقوم.
﴿ وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً ﴾ أي عامة، يقال : جاءوني كافة، أي جميعاً.
﴿ إنَّمَا النِّسِئُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ ﴾ كانت النسَأة في الجاهلية، وهم بنو فُقَيم من كِنانة اجتَبروا لدينهم ولشدتهم في دينهم في الجاهلية، إذا اجتمعت العرب في ذي الحجة للموسم وأرادوا أن يؤخروا ذا الحجة في قابل لحاجة أو لحرب، نادى مناد : إن المحرم في صفر وكانوا يسمون المُحَرَّم وصَفَر الصفرين، والمحرَّم صَفَر الأكبر، وصفر المحرم الأصغرَ فيحلون المحرم ويحّرمون صفر، فلا يفعلون ذلك كل عام، حتى إذا حج النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة الذي يكون فيه الحج قال :﴿ إن الزمان قد استدار وعاد كهيئته، فاحفظوا العدد ﴾ فبنصرف الناس بذلك إلى منازلهم.
﴿ لِيُوَاطِوُا ﴾ مجازه : ليوافقوا مِن وَطئت، قال ابن مُقبل :
ومنْهلٍ دَعْسُ آثارِ المَطِيِّ به يأتي المَخارِمَ عِرْنينا فعرنينا
واطَأتُه بالسُّرىَ حتى تركتُ به ليلَ التمّام ترى أعلامَه جُونا
﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفُرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَثَّاقَلْتُمُ إلَى الأَرْضِ ﴾، انفروا : اخرُجوا واغزوا، ومحاز :﴿ أثاقلتم ﴾ : مجاز افتعلتم من التثاقل فأدغمت التاء في الثاء فثقلت وشددت ؛ إلى الأرض أي أخلدتم إليها فاقمتم وابطأتم.
﴿ إِنّ اللهَ مَعَنَا ﴾ أي ناصرنا وحافظنا.
﴿ الشُّقَّةُ ﴾ السفر البعيد، يقال : إنك لبعيد الشّقّة، قال الأّخْوَص الرِّياحي وحمل أبوه حَمالة فظَلَع فقدما البصرة فبادر أباه فقال : إنا من تعرفون وأبناء السبيل وجئتا من شقة ونسأل في حق وتنطوننا ويجزيكم الله. فقام أبوه ليخطب فقال : يا إياك، إني قد كفيتك، وليس بنداء إنما هي ياء التنبيه. إياك كف، كقولك : إياك وذاك، فقال معاوية للأخوص : وكيف غلبت الأبيرد وهو أسن منك؟ قال : إن قوافي علائق وأنبازي قلائد، فقال معاوية : قاتلك الله جني برونكت بالقضيب في صدره.
﴿ إلاَّ خَبالاً ﴾ الخبَال : الفساد.
قوله عز وجل :﴿ وَلا وْضَعُوا خِلاَلَكُمْ ﴾ أي لأسرعوا خَلاكم أي بَيْنكم، وأصله مِن التخلل.
﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ أي مُطيعون لهم سامعون.
﴿ أَثْذَنْ لِيَ وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾ مجازه : ولا تؤثمني.
﴿ أَلاَ في الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ أي ألا في الإثم وقعوا وصاروا.
﴿ إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا ﴾ إلا ما قضى الله لنا وعلينا.
﴿ هُوَ مَوْلاَنَا ﴾ أي ربُّنا.
﴿ أَنْ يُصِيَبكُمُ اللهُ بِعذَابٍ ﴾ أي أن يُميتكم.
﴿ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ﴾ مفتوح ومضموم سواء.
﴿ كُسَالَى﴾ وكَسالى مضمومة ومفتوحة وهي جميع كَسلان، وإن شئت كَسْل.
﴿ وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ ﴾ أي تخرج وتموت وتهلك، ويقال : زهَق ما عندك، أي ذهب كله.
﴿ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَات ﴾ أي ما يلجئون إليه أو ما يغورون فيه فيدخلون فيه ويتغيبون فيه.
﴿ يَجْمَحُونَ ﴾ يَجمح أي يَطمَح يريد أن يُسِرع.
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ ﴾ أي يعيبون، قال زِياد الأعْجَم :
﴿ أَلمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ ﴾ أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله.
﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾ أي يمسكون أيديهم عن الصدقة والخير، يقال : قبض فلان عنا يده أي منعنا.
﴿ فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ ﴾ أي بنصيبهم ودينهم ودنياهم.
﴿ وَمَالَهُ في الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ﴾ أي من نصيب يعود إليه.
﴿ وَالمُؤْتَفِكَاتِ ﴾ قوم لوط ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم.
﴿ في جنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ أي خلد، يقال عدن فلان بأرض كذا وكذا أي أقام بها وخلد بها، ومنه المعدن، ويقلل هو في معدن صدق، أي في أصل ثابت، وقال الأعشى :
إذا لقيتُكَ تُبدِي لِي مُكاشرةً وإن أَغِيب فأَنتَ العائب اللُّمَزَهْ
وإنْ يَسْتضيفوا إلى حِلْمه يُضافوا إلى راجحٍ قد عدَنْ
أي رزين لا يستخفّ
﴿ إِلاّ جُهْدُهمْ ﴾ مضموم ومفتوح سواء، ومجازه : طاقتهم، ويقال : جَهدُ المُقِل وجُهده.
﴿ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ ﴾ أي بعده، قال الحارث بن خالد
عَقِب الربيعُ خُلافَهم فكأنما بسَطَ الشواطِبُ بينهن حصِيرا
الشواطب اللاتي يشطبن سِحاءَ الجريد ثم يصبغنه ويرمُلن الحُصرَ.
﴿ مَعَ الخَالِفِينَ ﴾ الخالف الذي خلف بعد شاخص فقعد في رحله، وهو من تَخَلَّفَ عن القوم.
ومنه أللهم اخلفُني في ولدي، ويقال فلان خالفة أهل بينه أي مخالفهم إذا كان لا خير فيه.
﴿ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ ﴾ أي ذوو الغِنَى والسِّعة.
﴿ رَضُوْا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ ﴾ يجوز أن يكون الخوالف ها هنا النساء، ولا يكادون يجمعون الرجال على تقدير فواعل، غير أنهم قد قالوا : فارس، والجميع فوارس، وهالك في قوم هوالك، قال ابن جِذْل الطَّعَان يرثى رَبيعةَ.
ابن مكدم :
فأيقنتُ أنِّي ثائراً بنِ مِكَدِّمٍ غداة إذٍ أو هالكٌ في الهَوالِكِ
﴿ وَطِبعَ على قُلُوبِهِمْ ﴾ أي ختم، ومنه قولهم : ضَعْ عليه طابعاً، أي خاتماً.
﴿ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ ﴾ وهي جميع خَيرة، ومعناها الفاضلة في كل شئ، قال رجل من بني عَدِي جاهليُّ عَدِي تميم :
ولقد طعنتُ مجامِعَ الرَّبَلاتِ رَبَلاتِ هِندٍ خيْرة المَلكَاتِ
﴿ وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ ﴾ أي من مُعَذِّر وليس بجادّ إنما يُظهر غيرَ ما في نفسه ويعرض ما لا يفعله.
﴿ تَوَلَّوْا وأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْع ﴾ والعرب إذا بدأت بالأسماء قبل الفعل جعلت أفعالها على العدد فهذا المستعمل، وقد يجوز أن يكون الفعل على لفظ الواحد كأنه مقدم ومؤخر، كقولك : وتفيض أعينهم، كما قال الأعْشَى :
فإِن تعهَديني ولي لِمّةٌ فإن الحوادث أَودى بها
ووجه الكلام أن يقول : أَودين بها، فلما توسع للقافية جاز على النَّكس، كأنه قال : فإنه أودى الحوادث بها.
﴿ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ ﴾ أي عتوا ومرّنوا عليه وهو من قولهم : تمرَّد فلان، ومنه ﴿ شيطانٍ مَرِيدِ ﴾.
﴿ إنَّ صَلَوَاتِكُ سكَنٌ لَهُمْ ﴾ أي إن دعاءك تثبيت وسكون ورجاء، قال الأعشَى :
تقول بِنتِي وقد قرَّبْتُ مُرتَحِلاً يا رَبِّ جنِّبْ أبي الأوْصابَ والْوجَعا
عليكِ مِثلُ الذي صليتِ فاغتمِضي نوماً فإن لِجنب المَرءٍ مضْطَجعا
رفعته كرفع قولك : إذا قال السلام عليكم، قلت أنت : وعليك السلام وبعضهم ينصبه على الإغراء والأمر : أن تلزم هذا الذي دعت به فتردده وتدعو به.
﴿ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ أي من عبيده، كقولك أخذته منك وأخذته عنك.
﴿ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللهِ ﴾ أي مؤخرُون، يقال : أرجَأتك، أي أخّرتك.
﴿ عَلَى شَفَا جُرُف هارٍ ﴾ مجاز شفا جرفِ شَفير، والجرف ما لم يبن من الرَّكايا لها جُول، قال :
جُرُفٌ هِيَامٌ جُوْلُه يَتَهدَّمُ ***
وهار مجاره هائر، والعرب تنزع هذه الياء من فاعل، قال العجاج :
لاثٍ به الأَشَاء والعُبْرِيُّ ***
أي لائث. ويقال : كيدٌ خاب أي خائب، لات : بعضه فوق بعض كما تلوث العمامة ؛ مجاز التمثيل لأن ما بنوه على التقوى أثبت أساساً من البناء الذي بنوه على الكفر والنفاق فهو على شفا جرف، وهو ما يجرف من سيول الأودية فلا يثبت البناء عليه.
﴿ إلا أَنْ تُقَطّعَ قُلُوبُهُمْ ﴾ إلا ها هنا غاية.
﴿ إنَّ إبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ مجازه مجاز فَعَّال من التأوه، ومعناه متضرع شفقاً وفَرَقاً ولزُوماً لطاعة ربه، وقال المُثقِّب العَبْدِيُّ :
إذا ما قمتُ أَرحَلُها بليلٍ تأوَّهُ آهَةَ الرجلِ الحزين
﴿ تَزِيغُ قُلُوبُ فَريقٍ مِنْهُمْ ﴾ أي تعدل وتجور وتحيد، فريق : بعضز ﴿ رَؤُوفٌ ﴾ فَعول من الرأفة وهي أرق الرحمة، قال كَعْب بن مالك الأنصاري :
نُطيع نبيّنا ونطيع ربّاً هو الرحمن كان بنا رءوفا
وقال :
ترَى للمُسلمين عليك حقاً كفعل الوالد الرؤف الرحيمِ
﴿ رَحُبَتْ ﴾ أي اتسعت، والرحيب الواسع.
﴿ مَخْمَصَةٌ ﴾، المخمصة : المجاعة.
﴿ فلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كلِّ فِرْقةٍ مِنهُمْ ﴾ مجازه : فهلا، وقد فرغنا منها في غير موضع.
﴿ يُفْتَنُون في كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ﴾ وهو من الفتنة في الدين والكفر.
Icon