تفسير سورة القمر

أيسر التفاسير للجزائري
تفسير سورة سورة القمر من كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير المعروف بـأيسر التفاسير للجزائري .
لمؤلفه أبو بكر الجزائري . المتوفي سنة 1439 هـ

(٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)
شرح الكلمات:
اقتربت الساعة وانشق القمر: أي قربت الساعة، وانفلق القمر فلقتين على جبل أبي قبيس.
وإن يروا آية يعرضوا: أي وإن ير كفار قريش آية أي معجزة يعرضوا عنها ولا يلتفتوا إليها.
ويقولوا سحر مستمر: أي هذا سحر مستمر أي قوي من المرة أو دائم غير منقطع.
وكل أمر مستقر: أي وكل من الخير أو الشر مستقر بأهله في الجنة أو في النار.
ولقد جاءهم من الأنباء: أي من أنباء الأمم السالفة مما قصه القرآن.
ما فيه مزدجر: أي جاءهم من الأخبار ما فيه ما يزجرهم عن التكذيب والكفر.
حكمة بالغة: أي الذي جاءهم من الأنباء هو حكمة بالغة أي تامة.
فما تغن النذر: أي عن قوم كذبوا واتبعوا أهواءهم لا تغن شيئاً.
فتول عنهم: أي لذلك فأعرض عنهم.
يوم يدعو الداع إلى شيء نكر: أي يدع الداع إلى موقف القيامة.
يخرجون من الأجداث: أي من القبور.
مهطعين إلى الداع: أي مسرعين إلى نداء الداع.
هذا يوم عسر: أي صعب شديد.
205
قوله تعالى ﴿اقْتَرَبَتِ ١السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ يخبر تعالى أن ساعة نهاية الدنيا وفنائها وقيام القيامة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق معجزة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علامة من علامات الساعة، وانشقاق القمر كان بمكة حيث طالبت قريش النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعجزة تدل على نبوته فسأل الله تعالى انشقاق القمر فانشق فلقتين على جبل أبي قبيس فلقة فوق الجبل وفلقة وراءه فشاهدته قريش ولم تؤمن وهو معنى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ٢ مُسْتَمِرٌّ﴾ أي هذا سحر قوي شديد. قال تعالى ﴿وَكَذَّبُوا﴾ أي رسولنا وما جاء به من التوحيد والوحي واتبعوا في هذا التكذيب أهواءهم لا عقولهم ولا ما جاء به رسولهم. وقوله تعالى ﴿وَكُلُّ أَمْرٍ٣ مُسْتَقِرٌّ﴾ أي وكل أمر من خير أو شر مستقر بصاحبه إما في الجنة أو النار. وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ﴾ أي من أخبار الأمم السابقة وكيف أهلكها الله بتكذيبها رسلها وإصرارها على الشرك والكفر، وذلك في القرآن الكريم ما فيه مزدجر٤ أي جاء من الأخبار الواعظة المذكرة من قصص الأنبياء مع أممهم ما فيه زاجر عن التكذيب والمعاصي هو٥ حكمة بالغة تامة، والحكمة القول الذي يمنع صاحبه من التردي والهلاك بصرفه عن أسباب ذلك.
وقوله تعالى ﴿فَمَا تُغْنِ٦ النُّذُرُ﴾ أي عن قوم كذبوا بالحق لما جاءهم واتبعوا أهواءهم ولم يتبعوا هدى ربهم ولا عقولهم. إذاً فتول عنهم يا رسولنا واتركهم إلى حكم الله فيهم. وقوله: ﴿َيوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ٧ نُكُرٍ﴾ أي اذكر يا رسولنا يوم يدعو الداع إلى شيء نكر وهو موقف القيامة خشعاً أبصارهم وكل أجسامهم وإنما ذكرت الأبصار لأنها أدل على الخشوع من سائر الأعضاء ﴿يخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾ أي القبور جمع جدث وهو القبر كأنهم جراد منتشر في كثرتهم وتفرقهم وانتشارهم مهطعين إلى الداع أي مسرعين إلى داع الله إلى ساحة الموقف وفصل
١ إنها بالنسبة لما مضى من أيام الدنيا لقريبة جداً إذ أكثر عمر الدنيا قد انقضى، خطب يوماً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال "ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى" وما نرى من الشمس إلا يسيرا.
(مستمر) : يكون بمعنى ذاهب من قولهم مر الشيء واستمر: إذا ذهب ويكون بمعنى محكم قوي شديد مأخوذ من المرة وهي القوة، وكونه مستمراً نافذاً أولى بالمعنى.
٣ وجائز أن يكون (مستقر) في أم الكتاب: كائن لا محالة أو أن أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى استقرار بانتصاره على الباطل وأهله فيكون في الخبر بشرى للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٤ أصل: (مزدجر) مزتجر من زجرته فانزجر فقلبت التاء دالاً لتقارب مخرجي التاء والدال، أي: جاءهم من الأخبار الواعظة ما يزجرهم عن الكفر، لو قبلوه واتعظوا به.
٥ أي: جاءهم من مواعظ القرآن وزواجره ما هو حكمة بالغة إلى المقصود مفيدة لصاحبها.
٦ جائز أن تكون (ما) نافية أي: لا تغني النذر شيئاً عمن تلك حاله، وجائز أن تكون استفهامية أي: أي شيء تغني النذر مع الإصرار على الكفر والتوغل في الباطل، والاستفهام للنفي أيضاً.
(نكر) ما تنكره النفوس وتكرهه، ونكر: وزنه نادر نحو أنف: بمعنى جديد.
206
القضاء. يومئذ يقول الكافرون هذا يوم عسر وهو كذلك عسير شديد العسر ولكن على المؤمنين يسير غير عسير. كما قال تعالى فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير مفهومه أنه على المؤمنين يسير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
٢- ذكر بعض علامات الساعة. كبعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانشقاق القمر معجزة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣- التنديد باتباع الهوى، والتحذير منه فإنه مهلك.
٤- عدم جدوى النذر لمن يتنكر لعقلة ويتبع هواه.
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
شرح الكلمات:
فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون: أي كذبوا نوحا عبد الله ورسوله وقالوا هو مجنون.
وازدجر: أي انتهزوه وزجروه بالسب والشتم.
فدعا ربه إني مغلوب فانتصر: أي فسأل ربه قائلاً رب إني مغلوب فانتصر أي لي.
بماء منهمر: أي منصب انصبابا شديدا.
وفجرنا الأرض عيوناً: أي تنبع نبعاً.
207
فالتقى الماء: أي ماء السماء وماء الأرض.
على أمر قد قدر: أي في الأزل ليغرقوا به فيهلكوا.
وحملناه على ذات ألواح ودسر: أي حملنا نوحاً على سفينة ذات ألواح ودسر وهو ما يدسر به الألواح من مسامير وغيرها. واحد الدسر دسار ككتاب.
تجري بأعيننا: أي بمرأىً منا أي محفوظة بحفظنا لها.
جزاء لمن كان كفر: أي أغرقناهم انتصاراً لمن كان كفر وهو نوح كفروا نبوته وكماله.
ولقد تركناها: أي إغراقنا لهم على الصورة التي تمت عليها.
آية: أي لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
فهل من مدكر: أي معتبر ومتعظ بها.
فكيف كان عذابي ونذر: أي ألم يكن واقعاً موقعه.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلناه للحفظ، وهيأناه للتذكير.
فهل من مدكر: أي فهل من متعظ به حافظ له نتذكر.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ يخبر تعالى مسليا رسوله مخوفاً قومه فيقول ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ أي قبل قريش قوم نوح وهو أول رسول أرسل إلى قوم مشركين فكذبوا عبدنا١ رسولنا نوحاً كذبوه في دعوة التوحيد كذبوه في دعوة الرسالة، ولم يكتفوا بتكذيبه فقالوا مجنون٢ أي هو مجنون ﴿وَازْدُجِرَ﴾ أي أنتهروه وزجروه ببذيء القول وسيء الفعل فدعا أي نوح ربه قائلا ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ لي يا ربي، فاستجاب الله تعالى له ففتح أبواب السماء بماء منهمر٣ أي منصب انصباباً شديداً، وفجرنا الأرض عيوناً نابعة من الأرض فالتقى٤ الماء النازل من السماء والنابع من الأرض ﴿عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ أي قدره الله في الأزل وقضى بأن يهلكهم بماء الطوفان وقوله تعالى ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ والدسر جمع واحدة دسار ككتاب وكتب وهو ما تدسر به الألواح من مسامير وغيرها وقوله تعالى ﴿تَجْرِي﴾ وهي حاملة لعوالم شتى ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ أي بمرأى منا محفوظة بحفظنا لها وقوله ﴿جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ أي أغرقناهم انتصاراً لعبدنا نوح وجزاء له على صبره مع
١ أخبر تعالى أن قوم نوح كذبوا الرسل. وكان في الكلام اجمال ففصله بقوله: (فكذبوا عبدنا) أي: نوحاص، وقالوا مجنون، وفيه إشارة إلى أن المكذب برسول يعتبر مكذباً بكل الرسل.
(مجنون) خبر لمبتدأ محذوف أي: هو مجنون. والجملة مقولة القول.
(منهمر) أي: كثير والهمر: الصب، وكان انهمار الماء بدون سحاب وقيل استمر أربعين يوماً.
٤ التقى الماءان النازل من الماء والنابع من الأرض (على أمر قد قدر) أي: على مقدار معين لم يزد أحدهما على الآخر.
208
طول الزمن لقد أقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً. وقوله ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾ أي تلك الفعلة التي فعلنا بهم وهي إغراقنا لهم تركناها آية للاعتبار لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر إلى اليوم.
وقوله تعالى ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ١﴾ أي معتبر ومتعظ بها. وقوله ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ٢﴾ ألم يكن واقعاً موقعه؟ بلى. وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ أي سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر. فهل من مدكر؛ أي فهل من متعظ به حافظ له والاستفهام للأمر أي فاتعظوا به واحفظوه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٢- تحذير قريش من الاستمرار في الكفر والمعاندة.
٣- تقرير حادثة الطوفان والتي لا ينكرها إلا سفيه لم يحترم عقله.
٤- فضل الله على هذه الأمة بتسهيل القرآن للحفظ والتذكر.
(١٧) كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢)
شرح الكلمات:
كذبت عاد: أي نبيها هوداً عليه السلام فلم تؤمن به ولا بما جاء به.
فكيف كان عذابي ونذر٣: أي فكيف كان عذابي الذي أنزلته بهم وإنذاري لهم كان أشد ما يكون.
إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصراً: أي ريحا عاتية ذات صوت شديد.
١ أصل مدكر متذكر أبدلت التاء ذالاً كما أبدلت الذال دالاً وأدغمت الدالان الأولى في الثانية فصارت مدكر أي معتبر متعظ.
٢ ونذر: تقدم أنه اسم مصدر كالإنذار.
٣ قال القرطبي: وقعت نذر في هذه السورة في ستة أماكن محذوفة الياء في جميع المصاحف، وقرأها يعقوب مثبتة في الحالين أي: في الوصل والوقف، وقرأها ورش في الوصل لا غير. وحذفها الباقون ولا خلاف في حذف النون في قوله: (فما تغن النذر) والواو في قوله: (يدع) وأما الياء من (الداع) أثبتها ورش وأبو عمرو في الوصل وحذفها الباقون.
209
في يوم نحس مستمر: أي في يوم نحسٍ أي شؤم مستمر دائم الشؤم قوية حتى هلكوا.
تنزع الناس كأنهم أعجاز١: أي تقتلعهم من الحفر التي اندسوا فيها وتصرعهم فتدق رقابهم.
نخل منقعر: منفصلة أجسامهم كأنهم والحال كذلك أعجاز أي أصول نخل منقلع.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلنا القرآن للحفظ والتذكير والتذكر به.
فهل من مدكر: أي تذكروا يا عباد الله بالقرآن فإن منزله سهله للتذكير.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ﴾ هذا القصص الثاني في هذه السورة يذكر بإيجاز تسلية لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتهديداً لقومه المكذبين وذكرى للمؤمنين فقال تعالى كذبت عاد أي قوم هود كذبوا رسول الله هودا عليه السلام وكفروا بما جاءهم به من التوحيد والشرع وقالوا ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأرسل تعالى عليهم ريحاً صرصراً ذات صوت شديد في يوم نحس٢ وكان مساء الأربعاء لثمان خلون من شهر شوال مستمر بشدة وقوة وشؤم عليهم مدة سبع ليال وثمانية أيام تنزع تلك الريح الناس وقد دخلوا حفراً تحصنوا بها فتنزعهم منها نزعاً وتخرجهم فتصرعهم فتدق رقابهم فتنفصل عن أجسادهم فيصيرون والحال هذه لطول أجسامهم كأنهم أعجاز نخل منقعر٣ أي منقلع ساقط على الأرض. وقوله تعالى ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ؟﴾ هذا الاستفهام للتهويل أي إنه كان كأشد ما يكون لعذاب والإنذار. وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ أي سهلناه وهيأناه بفضل منا ورحمة للحفظ ولولا هذا التسهيل ما حفظه أحد، وهيئناه للتذكر به. فهل من مدكر أي من متذكر والاستفهام للأمر كأنما قال: فاحفظوه وتذكروا به.
١ جملة: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر﴾ في موضع نصب على الحال من الناس.
٢ النحس: سوء الحال، وقد انجر إلى المسلمين بواسطة عقائد المجوس التشاؤم بيوم الأربعاء من آخر الشهر، ولا تشاؤم في الإسلام والنحس كان على الكافرين الذين
٣
210
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١-بيان عقوبة المكذبين لرسل الله وما نزل بهم من العذاب في الدنيا قبل اللآخرة.
٢-بيان أن قوة الإنسان مهما كانت أمام قوة الله تعالى هي لا شيء ولا ترد عذاب الله بحال.
٣-بيان تسهيل الله تعالى كتابه للناس ليحفظوه ويذكروا به، ويعملوا بما جاء فيه ليكملوا ويسعدوا في الحياتين.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
شرح الكلمات:
كذبت ثمود بالنذر: أي كذبت قبيلة ثمود وهم قوم صالح بالحجر من الحجاز بالرسل لأن النذر جمع نذير وهو الرسول كما هو هنا.
فقالوا أبشر منا واحداً نتبعه: أي كيف نتبع بشراً واحداً منا إنكاراً منهم للإيمان بصالح عليه السلام.
إناإذاً لفي ضلال وسعر: أي إنا إذا اتبعناه فيما جاء به لفي ذهاب عن الصواب وجنون.
أألقى عليه الذكر من بيننا: أي لم يوح إليه من بيننا أبداً وإنما هو كذاب أشر.
211
بل هو كذاب أشر: أي فيما ادعى أنه ألقى إليه من الوحي أشر بمعنى متكبر.
ستعلمون غدا: أي في الآخرة.
من الكذاب الأشر: وهو هم المعذبون يوم القيامة بكفرهم وتكذيبهم.
إنا مرسلو الناقة فتنة لهم: أي إنا مخرجو الناقة من الصخر ومرسلوها لهم محنة.
فارتقب واصطبر: أي انتظر وراقب ماذا يصنعون وما يصنع بهم، واصبر على أذاهم.
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم: أي ماء بئرهم مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لها ويوم لهم.
كل شرب محتضر: أي كل نصيب من الماء يحضره قومه المختصون به الناقة أو ثمود.
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر: أي فملوا ذلك الشرب وسئموا منه فنادوا صاحبهم وهو قدار بن سالف ليقتلها فتعاطى السيف وتناوله فعقر الناقة أي قتلها.
إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة: هي صيحة جبريل صباح السبت فهلكوا.
فكانوا كهشيم المحتظر: أي صاروا بعد هلاكهم وتمزق أجسادهم كهشيم المحتظر وهو الرجل يجعل في حظيرة غنمه العشب اليابس والعيدان الرقيقة يحظر بها لغنمه يحفظها من البرد والذئاب.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ﴾ هذا القصص الموجز الثالث وهو قصص ثمود قوم صالح فقال تعالى في بيانه ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ﴾ أي التي أنذرها نبيها صالح وهي ألوان العذاب كما كذبته فيما جاء به من الرسالة فقالوا في تكذيبهم له عليه السلام: ﴿أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ١﴾ أي كيف يتم ذلك منا ويقع؟ عجبٌ هذا إنا إذاً لفي ضلال وسعر إنا إذا اتبعناه وهو واحد لا غير ومنا أيضا فهو كغيره من أفراد القبيلة لفي بعد عن الصواب وذهاب عن كل رشد، وسعر٢ أي وجنون أيضا،
١ أي: أنتبع فردا ونترك جماعة؟ قرأ الجمهور: (بشراً) منصوباً على الاشتغال، ورفعه بعضهم على الابتداء، وواحد: نعت يتبع المنعوت في النصب والرفع.
٢ السعر: الجنون، والمسعور: المجنون قال الشاعر:
تخال بها سعراً إذا السفر هزها
ذميل وايقاع من السير متعب
يصف ناقته بالسعر لشدة نشاطها.
212
وقالوا مستنكرين متعجبين ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ أي متكبر.
قال تعالى رداً عليهم سيعلمون غدا يوم ينزل بهم العذاب ويوم القيامة أيضا من الكذاب الأشر أصالح أم هم، لن يكونوا إلا هم فهم الذين أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ﴾ أي كما طلبوا إذ قالوا لصالح إن كنت رسول الله حقا فسله يخرج لنا من هذه الصخرة في هذا الجبل ناقة فقام يصلي ويدعو وما زال يصلي ويدعو حتى تمخض١ الجبل وخرجت منه ناقة عشراء آية في القوة والجمال، وقال لهم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم أليم. ومعنى فتنة لهم أي امتحاناً واختباراً لهم هل يؤمنون أو يكفرون، ولذا قال تعالى لصالح فارتقبهم واصطبر٢ أي انظر إليهم وراقبهم من بعد واصطبر على أذاهم. ونبئهم أي أخبرهم بأمرنا أن الماء ماء بئرهم الذي يشربون منه قسمة بينهم٣ أي مقسوم بينهم للناقة يوم وللقبيلة يوم، وقوله كل شرب٤ محتضر أي كل نصيب خاص بصاحبه يحضره دون غيره. وما تشربه الناقة من الماء نحيله إلى لبن خالص وتقف عند كل باب من أبواب المدينة ليحلبوا من لبنها وطالت المدة وملوا اللبن والسعادة فنادوا صاحبهم غدار بن سالف عاقر الناقة فتعاطى٥ السيف وتناوله وعقرها بضرب رجليها بالسيف ثم ذبحها. وقوله تعالى ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي﴾ الذي أنزلته بهم بعد عقر الناقة كيف كان إنذاري لهم أما العذاب فقد كان أليماً وأما الإنذار فقد كان صادقاً، والويل للمكذبين. وهذا بيانه قال تعالى ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ هي صيحة جبريل عليه السلام فانخلعت لها قلوبهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴿كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ ٦ أي ممزقين محطمين مبعثرين هنا وهنا كحطب وخشب وعشب الحظائر التي تجعل للأغنام.
١ قال القرطبي: روي أن صالحاً صلى ركعتين ودعا فانصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها، فخرجت ناقة عشراء وبراء.
(واصطبر) أصل الكلمة واصتبر قلبت التاء طاءً موافقة للصاد في الإطباق.
٣ روي عن جابر قال: لما نزل الحجر في مغزى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبوك قال: "أيها الناس لا تسألوا في هذه الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله لهم ناقة فبعث الله عز وجل إليهم الناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوما وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غبها".
٤ الشرب بكسر الشين: الحظ من الماء، ومعنى محتضر: أي يحضره من هو له دون غيره إذ هو من الحضور خلاف الغياب.
(فتعاطى) مضارع عاطاه معاطاة وهو مشتق من عطا يعطو: إذا تناول ما يطلبه من شيء كأنهم كانوا مترددين في عقرها كل واحد يريد إعطاء غيره آلة العقر حتى أخذها غدار وعقرها.
٦ المحتظر: اسم فاعل: الرجل الذي يتخذ الحظائر لغنمه من الحطب والعيدان وأغصان الشجر.
213
وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ يدعو الله تعالى هذه الأمة إلى كتابه قراءة وحفظاً وتذكراً فإنه مصدر كمالهم وسعادتهم لا سيما وقد سهله وهيأه لذلك. ولا يهلك على الله إلا هالك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان سنة الله في إهلاك المكذبين.
٢- بيان أن الآيات لا تستلزم الإيمان وإلا فآية صالح من أعظم الآيات ولم تؤمن بها قوم ثمود.
٣- أشقى أمة الإسلام عقبة بن أبي معيط الذي وضع سلى الجذور على ظهر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي حول الكعبة، وعاقر ناقة صالح غدار بن سالف كما جاء في الحديث.
٤- دعوة الله إلى حفظ القرآن والتذكير به فإنه مصدر الإلهام والكمال والإسعاد.
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
شرح الكلمات:
كذبت قوم لوط بالنذر: كذبت قوم لوط بالنذر التي أنذرهم بها وخوفهم منها لوط عليه السلام.
214
إنا أرسلنا عليهم حاصبا: أي ريحاً ترميهم بالحصباء وهي الحجارة الصغيرة فهلكوا.
إلا آل لوط نجيناهم بسحر: أي بنتاه وهو معهم نجاهم الله تعالى من العذاب حيث غادروا البلاد قبل نزول العذاب بها.
نعمة من عندنا: أي إنعاماً منا عليهم ورحمة منا بهم.
كذلك نجزي من شكر: أي مثل هذا الجزاء بالنجاة من الهلاك نجزي من شكرنا بالإيمان والطاعة.
ولقد أنذرهم بطشتنا: أنذرهم لوط أي خوفهم أخذتنا إياهم بالعذاب.
فتماروا بالنذر: أي فتجادلوا وكذبوا بالنذر التي أنذرهم بها وخوفهم منها.
ولقد راودوه عن ضيفه١: أي أن يخلى بينهم وبين ضيفه وهم ملائكة ليخبثوا بهم.
فطمسنا أعينهم: أي ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم فكانت كباقي وجوههم.
ولقد صبحهم بكرة عذابٌ: أي نزل بهم بكرة صباحاً عذاب مستقر لا يفارقهم أبداً هلكوا به في الدنيا
مستقر ويصحبهم في البرزخ ويلازمهم في الآخرة.
ولقد يسرنا القرآن للذكر: أي سهلناه للحفظ والتذكر به والعمل بما فيه.
فهل من مدكر؟ : أي من متذكر فيعمل بما فيه فينجو من النار ويسعد في الجنة.
ولقد جاء آل فرعون النذر: أي قوم فرعون الإنذارات على لسان موسى وهارون عليهما السلام.
كذبوا بآياتنا كلها: أي فلم يؤمنوا بل كذبوا بآياتنا التسع التي آتيناها موسى.
فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر: أي فأخذناهم بالعذاب وهو الغرق أخذ قوي مقتدر على كل شيء لا يعجزه شيء.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر موجز لقصص عدد من الأمم السابقة تسلية لرسول لله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
١ ليخبثوا بهم، أي: بإتيانهم الفاحشة، في القاموس: الخبث: الزنا، وخبث ككرم: إذا زنى وخبثت المرأة: إذا زنت فهي خبيثة، والزاني: خبيث.
215
وتهديداً للمشركين المصرين على الشرك بالله والتكذيب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنذاراً لأهل الشرك والمعاصي في كل زمان ومكان فقال تعالى ﴿كَذَّبَتْ١ قَوْمُ لُوطٍ﴾ وهم أهل قرى سدوم٢ وعمورة كذبوا رسولهم لوطاً بن أخي إبراهيم عليه السلام هاران. كذبوا بالنذر وهي الآيات التي أنذرهم لوط بها وخوفهم من عواقبها.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً٣﴾ أي لما كذبوا بالنذر وأصروا على الكفر وإتيان الفاحشة أرسلنا عليهم حاصباً ريحاً تحمل الحصباء الحجارة الصغيرة فأهلكناهم بعد قلب البلاد بجعل عاليها سافلها. وقوله تعالى ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر٤ٍ﴾ والمراد من آل لوط لوط ومن آمن معه من ابنتيه وغيرهما نجاهم الله تعالى بسحر وهو آخر الليل. وقوله ﴿نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ أي كان انجاؤهم إنعاماً منا عليهم ورحمة منا بهم. وقوله تعالى ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ﴾ أي كهذا الانجاء أي من العذاب الدنيوي نجزي من شكرنا فآمن بنا وعمل صالحاً طاعة لنا وتقربا إلينا وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ٥ بَطْشَتَنَا﴾ أي إننا لم نأخذهم بظلم منا ولا بدون سابق إنذار منا لا، لا بل أخذناهم بظلمهم، وبعد تكرر إنذارهم، فكانوا إذا أنذروا تماروا بما أنذروا فجادلوا فيه مستهزئين مكذبين، ومن أعظم ظلمهم أنهم راودوا لوطاً عن ضيفه من الملائكة وهم في صورة بشر، فلما راودوه عنهم ليفعلوا الفاحشة ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم فأصبحت كسائر وجوههم لا حاجب ولا مقلة ولا مكان للعين بالكلية وقولنا لهم فذوقوا عذابي ونذري أي لأولئك الذين راودوا لوطاً عن ضيفه، أما باقي الأمة فهلاكهم كان كما أخبر تعالى عنه بقوله: ﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً﴾ أي صباحاً ﴿عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ﴾ أي دائم لهم ملازم لا يفارقهم ذاقوه في الدنيا موتاً وصاحبهم بزرخاً ويلازمهم في جهنم لا يفارقهم. وقلنا لهم فذوقوا عذابي ونذر حيث كنتم تمارون وتستهزئون وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا٦ الْقُرْآنَ لِلذِّكْر﴾ أي القرآن للحفظ وسهلناه للفهم والاتعاظ به والتذكر فهل من مدكر أي فهل من متذكر متعظ معتبر فيقبل على طاعة الله متجنباً معاصيه فينجو ويسعد وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ
١ عرف قوم لوط بالإضافة إليه عليه السلام لأنه لم يكن لتلك الأمة اسم عند العرب يعرفون به.
٢ بعضهم يرويها بالذال المعجمة وبعضهم بالدال المهملة، وعمورة بعضهم يرويها بلفظ عمورية.
(إنا أرسلنا) الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن من سمع بتكذيبهم تساءل عما فعل الله بهم.
٤ لوط داخل في آله بفحوى الخطاب فلا يقال: لم لم يذكر لوط وذكر آله دونه.
٥ البطشة المرة: أي الأخذة بشدة وعنف وقوة.
٦ هذه المرة الثالثة ينوه فيها القرآن الكريم ولم يذكر هنا ما ذكر في المرتين قبل قوله: (فكيف كان عذابي ونذر) اكتفاء بما سبق ذكره بعداً عن التكرار غير المجدي.
216
آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} ١ أي قوم فرعون من القبط وجنده منهم كذلك جاءتهم النذر على لسان موسى وأخيه هارون فكذبوا وأصروا على الكفر والظلم، وكذبوا بآيات الله كلها٢ وهي تسع آيات آتاها الله تعالى موسى أولها العصا وآخرها انفلاق البحر فبسبب ذلك أخذناهم أخذ عزيز غالب لا يمانع في مراده مقتدر ولا يعجزه شيء فأغرقناهم أجمعين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير ربوبية الله تعالى وألوهيته بالالتزام وتقرير التوحيد وإثبات النبوة لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إذ أفعال الله العظيمة من إرسال الرسل والأخذ للظلمة الكافرين بأشد أنواع العقوبات من أجل أن الناس لم يعيدوا ولم يطيعوا دال على ربوبيته وألوهيته، وقص هذه القصص من أمي لم يقرأ ولم يكتب دال على نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٢- بيان جزاء الشاكرين لله تعالى بالإيمان به وطاعته وطاعة رسله.
٣- مشروعية الضيافة وإكرام الضيف، وفي الحديث: "من كان يؤمن٣ بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".
٤- تيسير القرآن وتسهيله للحفظ والاتعاظ والاعتبار.
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)
شرح الكلمات:
أكفاركم خير من أولئكم: أي أكفاركم يا قريش حير من أولئكم الكفار المذكورين من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وفرعون وملائه؟ فلذا هم
١ هذا آخر قصة تضمنتها سورة القمر تذكيراً وإنذاراً لكفار قريش لعلهم يؤمنون ويوحدون، والمراد من آل فرعون: أتباعه من رجال دولته وجنوده وقومه الأقباط، والشاهد من القصة أنهم كذبوا فأخذوا، فليعلم هذا المصرون على التكذيب من كفار قريش.
٢ خمس منها في آية الأعراف: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ﴾. والأربع الأخرى هي انقلاب العصا حية، وخروج يده من جيبه بيضاء كفلقة القمر وسنو القحط والطمس على الأموال وانفلاق البحر، فهذه التسع آيات التي كذبوا بها كلها.
٣ في الصحيح.
217
لا يعذبون.
أم لكم براءة في الزبر: أم لكم يا كفار قريش براءة من العذاب في الزبر أي الكتب الإلهية.
أم يقولون نحن جميع منتصر: أم يقولون أي كفار قريش نحن جميع١ أي جمع منتصر على محمد وأصحابه.
سيهزم الجمع ويولون الدبر: أي سيهزم جمعهم ويولون الدبر هاربين منهزمين وكذلك كان في بدر.
بل الساعة موعدهم: أي الساعة موعدهم بالعذاب والمراد من الساعة يوم القيامة.
والساعة أدهى وأمر: أي وعذاب الساعة وأهوالها أي هي أعظم بلية وأمر أي أشد مرارة من عذاب الدنيا قطعاً.
معنى الآيات:
يقول تعالى مبكتا مشركي قريش مؤنباً إياهم وهم الذين إن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم يقول الله تعالى لهم: ﴿أَكُفَّارُكُمْ٢﴾ يا قريش خير من كفار الأمم السابقة كعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون فلذا هم آمنون من العذاب الذي نزل بكفار الآخرين، أم لكم٣ براءة من العذاب جاءت في الكتب مسطورة اللهم لا ذا ولا ذاك ما كفاركم بخير من أولئكم، وليس لكم براءة في الزبر، وإنما أنتم ممهلون فإما أن تتوبوا وأما أن تؤخذوا. وقوله تعالى عنهم ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ٤﴾ أي جمه منتصر على كل من يحاربنا ويريد أن يفرق جمعنا نعم قالوا هذا، ولكن سيهزم الجمع ويولون الدبر، وقد تم هذا في٥ بدر بعد سنيات ثلاث أو أربع وهزم جمعهم في بدر وولوا الأدبار هاربين إلى مكة. وقوله تعالى ﴿بَلِ السَّاعَةُ٦ مَوْعِدُهُمْ﴾ أي الساعة التي ينكرونها ويكذبون بها هي موعد عذابهم
١ جميع: اسم للجماعة كأنهم قالوا: نحن جماعة منتصرة على من يريد حربنا وذكرت الصفة (منتصر) مراعاة للفظ الجميع لا لدلالته على متعدد.
٢ جائز أن يكون الاستفهام على بابه حيث يطلب منهم أن يفصحوا عن الحقيقة فإن قالوا كفارنا خير قيل لهم ما وجه الخيرية، وإن قالوا: الكل سواء قيل إذاً فسوف تأخذون بالعذاب كما أخذ الأولون.
٣ أم: للإضراب الانتقالي وما يقدر بعدها من استفهام هو للإنكار أي: بل ما لكم براءة في الزبر من العذاب حتى تكونوا آمنين من تكذيبكم وكفركم.
(أم) هي المنقطعة المفسرة ببل للإضراب الانتقالي والاستفهام المقدر بعدها للتوبيخ.
٥ فكانت هذه آية على أن القرآن كلام الله وأن محمداً رسول الله لتحقق الغيب الذي أخبر به.
٦ الساعة في القرآن: علم بالغلبة على يوم القيامة والحساب والجزاء.
218
الحق أم عذاب الدنيا فهو ليس شيء إذا قيس بعذاب الآخرة. ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ أي أعظم بلية وأكبر داهية تصيب الإنسان وعذابها، ﴿وَأَمَرُّ﴾ أي وعذابها أمر من عذاب الدنيا كله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان حقيقة يغفل عنها الناس وهي أن الكفر كله واحد ومورد للهلاك.
٢- لا قيمة أبداً لقوة الإنسان إزاء قوة الله تعالى.
٣- صدق القرآن في إخباره بغيب لم يقع ووقع كما أخبر وهو آية أنه وحي الله وكلامه.
٤- القيامة موعد لقاء البشرية كافة بحيث لا يتخلف عنه أحد.
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)
شرح الكلمات:
إن المجرمين في ضلال وسعر: أي الذين أجرموا على أنفسهم بالشرك والمعاصي في ضلال الدنيا ونار مستعرة في الآخرة.
ذوقوا مس سقر: أي يوم يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم ذوقوا مس سقر جهنم.
إنا كل شيء خلقناه بقدر: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابق لخلقنا له وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض فهو يقع كما كتب كمية وصورة وزمانا ومكاناً لا يتخلف في شيء من ذلك.
219
وما أمرنا إلا واحدة: أي وما أمرنا إذا أردنا خلق شيء إلا أمرةً واحدة فيتم وجوده.
كلمح بالبصر: الشيء بسرعة كلمح البصر وهو النظر بعجلة.
ولقد أهلكنا أشياعكم: أي ولقد أهلكنا أمثالكم أيها المشركون من الأمم السابقة.
فهل من مدكر؟ : أي فذكروا واتعظوا بهذا خيراً لكم من هذا الإعراض.
وكل شيء فعلوه في الزبر: أي وكل ما فعله العباد هو مسجل في كتب الحفظة من الملائكة.
وكل صغير وكبير مستطر: أي وكل صغير وكبير من سائر الأعمال والأحداث في اللوح المحفوظ مستطر مكتوب.
إن المنتقين في جنات ونهر: إن الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يفسقوا عن أمره في جنات يشربون من أنهار الماء واللبن والخمر والعسل المصفى.
في مقعد صدق: أي في مجلس حق لا لغو به ولا تأثيم.
عند مليك مقتدر: عند مليك أي ذي ملك وسلطان مقتدر على ما يشاء وهو الله جل جلاله.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾ يخبر تعالى عن حال المجرمين وهم الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك وغشيان الذنوب يخبر تحذيراً وإنذاراً بأن المجرمين في ضلال في حياتهم الدنيا، وسعر ونار مستعرة متأججة يوم القيامة يوم يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم ذوقوا تهكماً بهم مس سقر١ تذوقوا العذاب، وسقر طبق من أطباق جهنم وباب من أبوابها وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ٢﴾ إعلام منه تعالى عن نظام الكون الذي خلقه
(سقر) قال عطاء: سقر: الطبق السادس من جهنم، ومسها: هو ما يجدون من الألم عند الوقوع فيها، وسقر: اسم من أسماء جهنم لا ينصرف لأنه اسم مؤنث معرفة وكذلك جهنم ولظى.
٢ روى الترمذي وحسنه وصححه عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القدر فنزلت: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾. وروى مسلم عن طاووس قال: أدركت ناساً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: كل شيء بقدر: قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس".
220
تعالى وهو أن كل حادث يحدث في هذا العالم قد سبق به علم الله وتقديره له فحدد ذاته وصفاته وأعماله ومآله إلى جنة أو إلى نار، إن كان إنسانا أو جانا وليس هناك شيء يحدث بدون تقرير سابق له وعلم تام به قبل حدوثه. وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ ١ يخبر تعالى عن قدرته كما أخبر عن علمه بأنه تعالى إذا أراد إيجاد شيء في الوجود لم يزد على أمرٍ واحد وهو كن فإذا بالمطلوب يكون كما أراد تعالا أزلاً أن يكون، وبسرعة كسرعة لمح البصر الذي هو نظرة سريعة. وقوله تعالى وهو يخاطب مشركي قريش ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ﴾ أي أمثالكم في الكفر والعصيان أي من الأمم السابقة ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي متذكر متعظ معتبر قبل فوات الوقت وحصول المكروه من العذاب في الدنيا وفي الآخرة. وقوله تعالى ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ﴾ أي أولئك المشركون ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ أي في كتب الحفظة من الملائكة الكرام الكاتبين، وكل صغير وكبير من أعمالهم وأعمال غيرهم بل كل حادثةٍ في الأكوان هي مسطرة في اللوح المحفوظ كتاب المقادير. وقوله تعالى ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ٢ وَنَهَر﴾ هذا الإخبار يقابل الإخبار الأول أن المجرمين في ضلال وسعر فالأول إعلام وتحذير وترهيب وهذا إخبار وبشرا وترغيب حيث أخبر أن المتقين الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يفسقوا عن أمره إنهم في جنات بساتين ذات قصور وحور، وأنهار وأشجار هم جالسون في مقعد صدق٣ في مجلس حق لا لغو يسمع فيه ولا تأثيم يلحق جالسه عند٤ مليك أي ذي ملك وسلطان مقتدر على ما فعل كل ما يريده سبحانه لا إله إلا هو ولا رب سواه.
(إلا واحدة) أي: مرة واحدة (كلمح البصر) أي: قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر، واللمح، النظر بعجلة، يقال لمحه وألمحه: إذا أبصره بنظر خفيف.
٢ قرأ في غير السبع ونهر بضم النون والهاء جمع نهار أي لا ليل لهم كسحاب وسحب قال الفراء: أنشدني بعض العرب:
إن تلك ليلاً فإني نهر
متى أرى الصبح فلا أنتظر
وقال آخر:
لولا الثريدان هلكنا بالضحى
ثريد ليل وثريد بالنهر
(مقعد صدق) قال القرطبي: أي: مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وهو الجنة، والعندية هنا عندية القربى والزلفى والمكانة والرتبة العالية والمنزلة الشريفة في جوار أرحم الراحمين ورب العالمين.
(مليك) أبلغ من ملك وهو بمعنى: مالك، و (مقتدر) أبلغ من قادر، والتنكير في مليك، ومقتدر: للتعظيم.
م٨ أيسر التفاسير (المجلد الخامس
221
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان مصير المجرمين وضمنه تخويف وتحذير من الإجرام الموبق للإنسان.
٢- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
٣- تقرير أن أعمال العباد مدونة في كتب الكرام الكاتبين لا يترك منها شيء.
٤- تقرير أن كل صغيرة وكبيرة من أحداث الكون هي في كتاب المقادير اللوح المحفوظ.
٥- بيان مصير المتقين مع الترغيب في التقوى إذ هي ملاك الأمر وجماع الخير.
٦- ذكر الجوار الكريم وهو مجاورة الله رب العالمين في الملكوت الأعلى في دار السلام.
222
سورة الرحمن١
مكية
وآياتها ثمان وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَان (٦) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)
١ روى البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن" وذكره صاحب الإتقان كذلك.
222
Icon