تفسير سورة الحاقة

حومد
تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد .
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

(١) - الحَاقَّةُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ القِيَامَةِ لأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِي ذَلِكَ اليَومِ الوَعْدُ وَالوَعِيدُ.
(٢) - وَمَا هِيَ الحَاقَّةُ، وَأَيُّ شَيءٍ هِيَ فِي أَهْوَالِهَا؟ فَالمَقْصُودُ مِنَ الاسْتِفْهَامِ تَفْخِيمُ شَأْنِهَا وَتَعْظِيمُ قَدْرِهَا.
(٣) - وَأَيُّ شَيءٍ يُدْرِيكَ مَا هِيَ هَذِهِ الحَاقَّةُ؟ إِنَّهَا شَيءٌ فَظِيعٌ لاَ يَسْتَطِيعُ البَشَرُ تَصُوُّرَهَا وَمَعْرِفَةَ مَا فِيهَا مِنَ الهَوْلِ.
(٤) - كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالقِيَامَةِ التِي تَقْرَعُ النَّاسَ بِالفَزَعِ وَالهَوْلِ.
القَارِعَةُ - القِيَامَةُ تَقْرَعُ القُلُوبَ بِإِفْزَاعِهَا.
(٥) - أَمَّا ثَمُودُ فَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللهُ بِصَيْحَةٍ بَالِغَةِ الحَدِّ فِي الشِّدَّةِ وَالقُوَّةِ.
الطَّاغِيةُ - الصَّيْحَةُ المُجَاوِزَةُ الحَدِّ فِي الشِّدَّةِ.
(٦) - وَأَمَّا عَادٌ فَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأَنْ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحاً شَدِيدَةَ العُنْفِ وَالبُرُودَةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الرِّيحُ مُهْلِكَةً عَاتِيَةً، لاَ رَحْمَةَ فِيهَا وَلاَ شَفَقَةَ.
رِيحٍ صَرْصَرٍ - شَدِيدَةِ السَّمُومِ أَوِ البَرْدِ أَوِ الهُبُوبِ.
عَاتِيةٍ - شَدِيدَةِ العَصْفِ وَالهُبُوبِ.
﴿ثَمَانِيَةَ﴾
(٧) - وَقَدْ سَلَّطَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الرِّيحَ عَلَى قَوْمِ عَادٍ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ كَامِلاَتٍ مُتَتَابِعَاتٍ، بِلاَ تَوَقُّفٍ، وَلاَ فُتُورٍ، فَأَهْلَكَتِ القَوْمَ وَصَرَعَتْهُمْ، وَأَلْقَتْهُمْ هَالِكِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَكَأَنَّهُمْ جُذُوعُ نَخْلٍ جَوْفَاءُ مُلْقَاةٌ عَلَى الأَرْضِ.
حُسُوماً - مُتَتَابِعَاتٍ أَوْ مَشْؤُومَاتٍ.
أَعْجَازُ نَخْلٍ - جُذوعُ نَخْلٍ بِلاَ رُؤُوسٍ.
خَاوِيَةٍ - سَاقِطَةٍ أَوْ فَارِغَةٍ أَوْ بَالِيَةٍ.
(٨) - فَهَلْ تَرَى مِنْهُمْ وَمِنْ أَنْسَالِهِمْ أَحَداً بَاقياً عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ؟
﴿المؤتفكات﴾
(٩) - وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الأُمَمِ التِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ، وَكَفَرْتْ بِاللهِ، كَعَادٍ وَالقُرَى التِي دَمِّرَتْ بِأَهْلِهَا، وَقُلِبَتْ رَأْساً عَلَى عَقَبٍ (المُؤتَفِكَاتُ) بِالكُفْرِ وَبِالأَفْعَالِ الخَاطِئَةِ، ذَاتِ الخَطأ الكَبِيرِ الفَاحِشِ.
المُؤْتَفِكَاتُ - القُرَى التِي قُلِبَ عَالَيهَا سَافِلَهَا وَهِيَ قُرَى قَوْمِ لَوْطٍ.
الخَاطِئَةُ - الفِعْلاَتُ ذَاتُ الخَطَأِ الجَسِيمِ - الكُفْرُ -
(١٠) - فَكَذَّبَ كُلُّ قَوْمٍ الرَّسُولَ الذِي أَرْسَلَهُ اللهُ إِليهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذَنْبِهِمْ أَخْذَةً عَظِيمَةً مُهْلِكَةً، وَعَاقَبَهُمْ مُعَاقَبَةً زَائِدَةَ الشَّدَّةِ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى تَزَايُدِ قَبَائِحِهِمْ.
رَابِيَةً - زَائِدَةَ الشِّدَّةِ.
﴿طَغَا﴾ ﴿حَمَلْنَاكُمْ﴾
(١١) - إِنَّا لَمَّا طَغَى المَاءُ، وَتَزَايَدَ ارْتِفَاعُهُ، فِي عَهْدِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، حَمَلْنَا نُوحاً وَمَنْ مَعَهُ مِنْ آبَائِكُمُ المُؤْمِنِينَ الأَوَّلِينَ فِي السَّفِينَةِ، لِنُنَجِّيَهُمْ مِنَ الغَرَقِ الذِي قَضَيْنَا بِأَنْ يَكُونَ عِقَاباً لِلْمُكَذِّبِينَ الكَافِرِينَ.
الجَارِيَةِ - السَّفِينَةِ - أَيْ سَفِينَةِ نُوحٍ.
﴿وَاعِيَةٌ﴾
(١٢) - لِنَجْعَلَ إِغْرَاقَ الكَافِرِينَ، وَإِنْجَاءَ المُؤْمِنِينَ بِالسَّفِينَةِ، عِبْرَةً لِمَنْ يَعْتَبِرُ، وَعِظَةً لِكُلِّ مَنْ لَهُ أُذُنٌ تَسْمَعُ وَتَعِي مَا تَسْمَعُ.
تَذْكِرَةً - عِبْرَةً وَعِظَةً.
وَتَعِيَهَا - تَحْفَظَهَا.
﴿وَاحِدَةٌ﴾
(١٣) - فَإِذَا نَفَخَ إِسْرَافِيلُ، عَلَيهِ السَّلاَمُ، النَّفْخَةَ الأُوْلَى فِي الصُّورِ (وَهُوَ قَرْنٌ إِذَا نُفِخَ فِيهِ أَحْدَثَ صَوْتاً) هَلَكَ العَالَمُ، وَلاَ يَحْتَاجُ الأَمْرُ إِلَى نَفْخَةٍ أُخْرَى - لأَنَّ اللهِ وَاحِدٌ لاَ يُخَالَفُ وَلاَ يُمَانَعُ وَلاَ يُكَرَّرُ.
الصُّورْ - قَرْنٌ إِذَا نُفِخَ فِيهِ أَحْدَثَ صَوْتاً.
﴿وَاحِدَةٌ﴾
(١٤) - وَتُحْمَلُ الأَرْضُ بِمَا فِيهَا مِنَ جِبَالٍ وَتَنْدَكُّ، حَتَّى تَتَقَطَّعَ أَوْصَالُهَا، وَيَزُولَ تَمَاسُكُهَا، فَتُصْبِحَ وَكَأَنَّهَا الكَثِيبُ المَهِيلُ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ كُتْلَةً صَلْبَةً قَوِيَّةً مُتَمَاسِكَةَ.
وَحُمِلَتِ الأَرْضُ - رُفِعَتْ مِنْ مَكَانِهَا بِأَمْرِ رَبِّهَا.
دُكَّتَا - دُقَّتَا وَكُسِرَتَا - أَوْ سُوِّيَتَا.
﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾
(١٥) - فَإِذَا حَدَثَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَقُومُ القِيَامَةُ.
الوَاقِعَةُ - اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ القِيَامَةِ.
﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(١٦) - وَتَتَصَدَّعُ السَّمَاءُ، وَتُصْبحُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ ضَعِيفَةً وَاهِيَةً مُتَرَاخِيَةً، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَدِيدَةَ الأَسْرِ، عَظِيمَةَ القٌوَّةِ.
وَاهِيَةٌ - ضِعيفَةٌ مُتَدَاعِيَةُ الرَّوَابِطِ.
﴿أَرْجَآئِهَآ﴾ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ﴿ثَمَانِيَةٌ﴾
(١٧) - وَتَقَوُمُ المَلاَئِكَةُ عَلَى جَوَانِبِ السَّمَاءِ يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَيَحْمِلُ عَرْشَ اللهِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ المَهُولِ فَوْقَ رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ ثَمَانِيَةٌ (أَوْ ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ عَلَى قَوْلٍ).
أَرْجَائِهَا - أَطْرَافِهَا وَجَوَانِبِهَا.
﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(١٨) - وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ تُعْرَضُ الخَلاَئِقُ عَلَى رَبِّهِم لِلْحِسَابِ وَالجَزَاءِ، لاَ يَخْفَى عَليهِ مِنْ أُمُوِرِهِمْ، فَإِنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالضَّمَائِرِ والسَّرَائِرِ وَالظَواهِرِ.
﴿كِتَابَهُ﴾ ﴿كِتَابيَهْ﴾ ﴿اقرؤا﴾ ْ
(١٩) - وَيُعْطَى النَّاسُ صُحُفَ أَعْمَالِهِمْ، فَمَنْ تَنَاوَلَ صَحِيفَةَ عَمَلِهِ بِيمِيِنِهِ فَيَقُولُ فَرِحاً مَسْرُوراً لِكُلِّ مَنْ يَلْقَاهُ: هَذِهِ هِيَ صَحِيفَةُ أَعْمَالِي، خُذُوهَا فَاقْرَؤُوهَا، لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا فِيهَا خَيرٌ وَحَسَنَاتٌ، لأَنَّهُ مِمَّنْ بَدَّلَ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ.
هَاؤُمُ - خَذُوا أَوْ تَعَالَوا.
كِتَابِيَهُ - كِتَابِي وَالهَاءُ لِلسَّكْتِ.
﴿مُلاَقٍ﴾
(٢٠) - إِنَّنِي كُنْتُ فِي الدُّنْيَا أَعْتَقِدُ يَقِيناً بِأَنَّنِي سَأْحَاسَبُ أَمَامَ اللهِ فِي هَذَا اليَوْمِ، فَعَمِلْتُ خَيْراً قَدْرَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَكُنْتُ أُؤَمِّلُ أَنْ يُحَاسِبَنِي اللهُ عَلَى أَعْمَالِي حِسَاباً يَسِيراً، وَقَدْ صَدَقَ مَا اعْتَقَدْتُ وَمَا تَوَقَّعْتُ، فَكَانَ حِسَابِي يَسِيراً.
(٢١) - فَهُوَ يَعِيشُ عِيشَةً رَاضِيَةً خَالِيَةً مِنَ الهُمُومِ والأَكْدَارِ.
رَاضِيَةٍ - مُرْضِيَةٍ لاَ مَكْرُوهَةٍ.
(٢٢) - فِي جَنَّةٍ رَفِيعَةِ المَكَانِ والدَّرَجَاتِ، فِيهَا الخُضْرَةُ وَالمِيَاهُ وَالظَّلاَلُ الوَارِفَةُ.
(٢٣) - فِيهَا أَشْجَارٌ ثِمَارُهَا دَانِيَةٌ مِمَّنْ يُرِيدُونَ قَطْفَهَا، فَيَأْخُذُونَهَا بِدُونِ عَنَاءٍ.
دَانِيَةٌ - ثِمَارُهَا قَرِيبَةُ التَّنَاوُلِ.
(٢٤) - وَيُقَالُ لَهُمْ: كُلُوا يَا أَيُّهَا الأَبْرَارُ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الجَنَّةِ هَنِيئاً، وَاشْرَبُوا مِنْ خَمْرِهَا وَمِيَاهِهَا مَريئاً، لاَ تَغَصُّونَ بِهِ، وَلاَ تَتَأَذَّوْنَ، وَذَلِكَ جَزَاءٌ مِنَ اللهِ لَكُمْ، وَثَوَابٌ عَلَى مَا عَمِلْتُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ صَالِحِ الأَعْمَالِ، وَكَرِيمِ الطَّاعَاتِ الخَالِصَةِ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى.
هَنِيئاً - أَكْلاً غَيْرَ مُنَغَّصٍ وَلاَ مُكَدَّرٍ.
﴿كِتَابَهُ﴾ ﴿ياليتني﴾ ﴿كِتَابِيَهْ﴾
(٢٥) - أَمَّا الأَشْرَارُ الأَشْقِيَاءُ فَإِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ صَحِيفَةَ أَعْمَالِهِمْ فَيَتَنَاوَلُونَها بِشَمَائِلِهِمْ، وَحِينَئِذٍ يَرَونَ مَا فِيهَا مِنَ السَّيِّئَاتِ فَيَنْدَمُونَ غَايَةَ النَّدَمِ عَلَى مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَتَمَنَّوْنَ أَنَّهُمْ قُذِفَ بِهِمْ فِي النَّارِ، وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ المَخَازِي وَالأَعْمَالِ المُخْجِلَةِ.
(٢٦) - وَيَتَمَنَّونَ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا شَيْئاً عَنِ الحِسَابِ الذي سَيُحَاسَبُونَ بِهِ.
﴿ياليتها﴾
(٢٧) - وَيَتَمَنَّى وَاحِدُهُمْ لَوْ أَنَّ المِيتَةَ الأُوْلَى التِي مَاتَهَا فِي الدُّنْيَا كَانَتْ الفَاصِلَةَ، وَلَمْ يُبْعَثْ مَرَّةً أُخْرَى.
القَاضِيَةَ - المَوْتَةَ القَاطِعَةَ لأَمْرِي وَلَمْ أُبْعَثْ.
(٢٨) - لَمْ يُغْنِ عَنّي مَالِي شَيْئاً، وَلَمْ يُنجِنِي مَا جَمْعْتُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ مَالٍ وَنُضَارٍ، مِنْ عَذَابِ اللهِ شَيْئاً، وَلاَ مِنْ بَأْسِهِ.
مَا أَغْنَى - مَا دَفَعَ.
﴿سُلْطَانِيَهْ﴾
(٢٩) - وَذَهَبَ سُلْطَانِي وَجَاهِي الذِي كُنْتُ أَفْرِضُهُ عَلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَبَقِيتُ فَرْداً ذَلِيلاً حَقِيراً فَقِيراً.
(٣٠) - وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِلزَّبَانِيَةِ - مَلاَئِكَةِ العَذَابِ -: خُذُوهُ فَاجِمَعُوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِالغُلِّ.
الغُلُّ - القَيْدُ الذِي تُقَيَّدُ بِهِ اليَدَانِ إِلَى العُنُقِ.
(٣١) - ثُمَّ أَدْخِلُوهُ نَارَ جَهَنَّمَ لِيصْلَى حَرَّهَا وَعَذَابَهَا، جَزَاءً لَهُ عَلَى مَا اجْتَرَحَهُ مِنْ كُفْرِ وَآثَامٍ.
صَلُّوهُ - أَذِيقُوهُ حَرَّ جَهَنَّمَ - أَوِ اغمُرُوهُ بِنَارِهَا.
(٣٢) - ثُمَّ أَدْخِلُوهُ فِي سِلْسِلَةٍ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً تَلْتَفُّ حَوْلَ جَمِيعِ أَنْحَاءِ جِسْمِهِ حَتَّى لاَ يَسْتَطِيعَ حرَاكاً وَلاَ فكَاكاً.
فَاسْلُكُوهُ - فَاَدْخِلُوهُ.
(٣٣) - وَافْعَلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ بِهِ لأَنَّهُ كَانَ يَكْفُرُ بِاللهِ العَظِيمِ فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ يُشْرِكُ مَعَهُ فِي العِبَادَةِ غَيْرَهُ.
(٣٤) - وَكَانَ لاَ يَحُثُّ النَّاسَ عَلَى إِطْعَامِ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَأَصْحَابِ الحَاجَاتِ.
لاَ يَحُضُّ -لا يَحُثُّ وَلاَ يُحَرِّضُ.
﴿هَا هُنَا﴾
(٣٥) - وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ لاَ يَجِدُ اليَوْمَ هُنَا فِي الآخِرَةِ قَرِيباً وَدُوداً، وَلاَ صَدِيقاً حَمِيماً مُخْلِصاً، يُنْقِذُهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ تَعَالَى، فَكُلُّ وَاحِدٍ مُنْشَغِلٌ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ بِنَفْسِهِ.
حَمِيمٌ - قَرِيبٌ شَفِيقٌ.
(٣٦) - وَلاَ يَجْدُ لَهُ طَعَاماً فِي النَّارِ إِلاَّ مَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الدَّمِ والصَّدِيدِ.
غَسْلِينٍ - صَدِيدِ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ.
﴿الخاطئون﴾
(٣٧) - وَالصَّدِيدُ شَيْءٌ كَرِيهُ المَذَاقِ لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ أَهْلُ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا، الذِينَ مَرَنُوا عَلَى اجْتِرَاحِ السَّيِّئَاتِ فِي الدُّنْيَا.
الخَاطِئُونَ - أَهْلُ الخَطَايَا وَالذُّنُوبِ - الكَافِرُونَ.
(٣٨) - قَسَماً بِمَا تُشَاهِدُونَهُ فِي عَالَمِ المَرْئِيَّاتِ.
فَلاَ أُقْسِمُ - أُقْسِمُ قَسَماً مُؤَكَّداً.
(٣٩) - وَقَسَماً بِمَا غَابَ عَنْكُمْ مِنْ عَالَمِ الغَيْب.
(وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى الآيَتَيْنِ: قَسَماً بِمَا تُبْصِرُونَهُ مِنْ آثَارِ القُدْرَةِ الإِلهِيَّةِ وَبِمَا لاَ تُبْصِرُونَهُ مِنْ آثَارِهَا).
(٤٠) - إِنَّ هَذَا القُرْآنَ هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ أَنْزَلَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَمَا يَقُولُهُ لَكُمْ أَيُّهَا الكَافِرُونَ المُكَذِّبُونَ هُوَ قَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، يُبَلِّغُكُمْ عَنْ رَبِّهِ.
(٤١) - وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ، لأَنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ شَاعِراً، وَإِنَّكُمْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ لاَ تُؤْمِنُونَ إِلاَّ إِيمَاناً قَلِيلاً.
(وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى: إِنَّهُمْ يُؤِمِنُونَ فِي قُلُوبِهِمْ ثُمَّ يَتَرَاجِعُونَ عَنْ إِيمَانِهِمْ سَرِيعاً).
(٤٢) - وَمَا هُوَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ كَمَا تَزْعُمُونَ، لأَنَّهُ سَبَّ الشَّيَاطِينَ، فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا يَقُولُهُ إِلهَاماً مِنْهُمْ. وَلَكنَّكُمْ لَمَّا لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَهْمَهُ قُلْتُمْ إِنَّهً كَلاَمُ كُهَّانٍ، فَمَا أَقَلَّ تَذَكِّرَكُمْ وَتَدَبُّرَكُمْ.
﴿العالمين﴾
(٤٣) - لَيْسَ القُرْآنُ قَوْلَ شَاعِرٍ، وَلاَ قَوْلَ كَاهِنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ، عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، بِوَاسِطَةِ جِبْرِيلَ الرُّوحِ الأَمِينِ، عَلَيهِ السَّلاَمُ.
(٤٤) - وَلَوْ أَنَّ مُحَمَّداً افْتَرَى عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقْوَالِ البَاطِلَةِ، فَزَادَ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ نَقَّصَ مِنْهَا، أَوْ قَالَ شَيْئاً مِنْ عِنْدِهِ فَنَسَبَهُ إِلينَا، لَعَاجَلْنَاهُ بِالعُقوبَةِ.
تَقَوَّلَ - اخْتَلَقَ وَافْتَرَى.
(٤٥) - لأَمْسَكْنَا بِيَمِينِهِ كَمَا يُفَعَلُ بِمَنْ تُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ.
(٤٦) - ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ عِرْقَ العُنُقِ الأَكْبَرِ. وَمَتَى قُطِعَ الوَتِينُ كَانَ المَوْتُ المُحَقَّقُ.
الوَتِينُ - نِيَاطُ القَلْبِ - أَوْ عِرْقُ العُنُقِ الأَكْبَرُ.
﴿حَاجِزِينَ﴾
(٤٧) - وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنْ يَحْجِزَ عِقَابَنَا وَيَمْنَعَهُ مِنَ النُّزُولِ بِهِ.
حَاجِزِينَ - مَانِعِينَ الهَلاَكَ عَنْهُ.
(٤٨) - وَإِنَّ هَذَا القُرْآنَ لَعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُتَّقِينَ، الذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ، فَيُطِيعُونَ أَوَامِرَهُ، وَيَنْتَهُونَ عَمَّا زَجَرَهُمْ عَنْهُ.
(٤٩) - وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ يُكَذِّبُونَ النَّبِيَّ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ رَبِّهِ.
﴿الكافرين﴾
(٥٠) - وَإِنَّ هَذَا القُرْآنَ يُسَبِّبُ حَسْرَةً عَظِيمَةً لِلْكَافِرِينَ، حِينَمَا يَرَوْنَ فَوْزَ المُؤْمِنِينَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ سَبَبُ حَسْرَةٍ عَلَيْهِمْ فِي الآخِرَةِ، حِينَمَا يَرَوْنَ فَوْزَهُمْ بِرِضْوَانِ اللهِ، وَإِكْرَامِهِ لَهُمْ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ.
لَحَسْرَةٌ - نَدَامَةٌ عَظِيمَةٌ.
(٥١) - وَإِنَّ هَذَا القُرْآنَ لَهُوَ الحَقُّ الذِي لاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى.
(٥٢) - فَسَبِّحْ بِاسْمِ اللهِ تَعَالَى وَنَزِّهْهُ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ وَكَمَالِهِ، وَدُمْ عَلَى ذِكْرِ اسْمِ رَبِّكَ الكَرِيمِ.
سَبِّحْ - نَزِّهْ رَبَّكَ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِكَمَالِهِ.
Icon