تفسير سورة الواقعة

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الواقعة مكية وآياتها ست وتسعون، نزلت بعد سورة طه، وسميت سورة الواقعة لقوله تعالى ﴿ إذا وقعت الواقعة ﴾. والواقعة من أسماء يوم القيامة. وقد اشتملت السورة على تفصيل أحوال الناس يوم القيامة، فبدأت بالحديث عن وقوع القيامة، والأحداث التي تصحب وقوعها. ثم أخبرت أن الناس في ذلك اليوم ثلاثة أصناف، أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، والمقرّبون أصحاب الدرجات العالية. ثم فصّلت عما أعد الله لكل صنف من نعيم يلائم منزلته،
أو عذاب يناسب كفره وعصيانه.
بعد ذلك بينت الآيات مظاهر نعم الله تعالى، وآثار قدرته في بديع صنعه في خلق الإنسان، والزرع، وإنزال الماء من الغمام. وما أودعه الله في الشجر من النار التي تخرج منه، وما تقتضيه هذه الآثار الباهرة من تعظيم العلي القدير وتقديسه.
ثم يقسم الله تعالى ذلك القسَم العظيم بمواقع النجوم، ﴿ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين ﴾ ليدل على مكانة القرآن الكريم، وما يستحقه من تعظيم وتقديس. ثم نعى على الكفار سوء صنيعهم من جحودهم وكفرهم بدلا من أن يشكروا الله تعالى على إيجادهم وخلق كل شيء لهم. ثم جاء الكلام بعد ذلك بإجمال ما فصّلته الآيات عن الأصناف الثلاثة وما ينتظر كل صنف من نعيم أو جحيم.
وخُتمت السورة بتأكيد أن كل ما جاء فيها هو اليقين الصادق، والحق الثابت، وأمرت الرسول الكريم والمؤمنين بقوله تعالى :﴿ فسبح باسم ربك العظيم ﴾ وكان ختامها مسك الختام.

إذا وقعت : إذا حدثت. الواقعة : القيامة. إذا قامت القيامة
لوقْعتها : لوقوعها وحدوثها.
كاذبة : كذب.
فلا يستطيع أحدٌ أن يكذِّب بها، لأن قيامها حقٌّ لا شُبهة فيه.
وهي خافضةٌ للأشقياء، رافعة للمؤمنين السّعداء.
رُجّت : زلزلت وحركت تحريكاً شديدا.
ويومئذ تُزلزل الأرضُ، ويضطرب الكون، وتحِلّ بالعالم أهوالٌ وكوارث.
بُسَّت : فتتت.
وتتفتت الجبال.
هباء : غبارا متفرقا.
وتصير كالهَباء المتطاير في غير أماكنها.
أزواجا : أصنافا.
والناس في ذلك اليوم ثلاثة أصناف.
أصحاب الميمنة : هم الناجون الذين كتابهم بيمينهم.
أصحاب الميمنة الذين يأخذون كتبَهم بأيمانهم ويكونون في أسعدِ حال.
أصحاب المشْأمة : الكافرون الذي يأخذون كتابهم بشمالهم.
وأصحابُ المشأمة وهم الذين كفروا ويأخذون كتبهم بشِمالهم.
السابقون : هم الذين سبقوا إلى عمل الخير في الدنيا.
والطبقة الثالثة، وهم السابقون إلى الخيرات في الدنيا، يرتقون إلى الدرجات العليا في الآخرة.
والمقرَّبون : هم أرباب الحظوة والكرامة عند ربهم.
وأولئك هم المقرّبون عند الله.
وهم في جنّات النعيم يتمتعون فيها عند أكرم الأكرمين في أحسن مقام.
ثلّة : جماعة قد يكون عددها كثيرا، وقد يكون قليلا من غير تحديد.
وهؤلاء المقرّبون جماعة كثيرة من الأمم السابقة وأنبيائهم.
وقليلٌ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليهم.
موضونة : وضنَ الشيءَ جعل بعضه على بعض، ويقال وضَنَ السريرَ بالجوهر نسجه فهو موضون.
يجلسون على سُرر منسوجة بالجواهر النفيسة.
متكئين عليها متقابلين، يتحدّثون بذكرياتهم وبكل ما يسرّهم.
وِلدان مخلّدون : أولاد صغار للخدمة يبقون على هذه الصفة دائماً.
ويدور عليهم للخدمة وِلدانٌ مخلَّدون
أكواب : واحدها كوب.. معدّة للشراب.
أباريق : واحدها إبريق، معروف.
وكأس من مَعين : إناء من شراب الجنة.
بأكوابٍ وأباريقَ مملوءة مما لذّ وطاب من شراب الجنة، وبكأس مملوءة خمراً من عيونٍ جارية.
لا يصدّعون عنها : لا يصيبهم صداع بشرابهم يصرفهم عنها.
ولا ينزفون : لا تذهب عقولهم.
لا يصيبهم من شُربها صداعٌ يصرفهم عنها، ولا تذهب بعقولهم.
ثم لهم طعامٌ فاخر يشتمل على ما يشتهون من فاكهة منوعة، يختارون منها ما يحبون..
ومن لحم طيرٍ، يختارون ما يحبون.
حور عين : نساء بيض. عيونهن جميلة واسعة.
وعندهم نساءٌ حورٌ عين في منتهى الجمال.
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي : وحورٍ عين بالجر. والباقون : بالرفع.
المكنون : المصون الذي لم تمسه الأيدي.
كأمثال اللؤلؤ المصون في صَدفِهِ..
كل هذا يعطَوْنه جزاء بما كانوا يعملون في الدنيا من أعمال الخيرات.
لغواً : سقط القولِ.
تأثيماً : ما يستوجب الإثم.
وهم يعيشون في الجنّة في أحسن حالٍ لا يسمعون فيها كلاماً لا ينفع، ولا حديثا يأثم سامعه.
إلا سلاماً، لأنهم في دار السلام.
يبيّن الله تعالى هنا حالَ أصحابِ اليمين بعد أن بين مراتبَ المقرَّبين السابقين،
السِدر : شجر يحمل ثمراً يقال له النَبْق.
مخضود : لا شوك فيه.
ويذكر أنهم في جنات الخلد حيث يوجد شجر السِدر الذي يحمل النبق وهو بلا شوك.
الطَّلح : الموز.
منضود : منسق.
وفيها شجر الموز المنسق ﴿ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ﴾.
ممدود : ممتد بشكل لطيف.
وفيها ظلٌّ ممدود لا يَغيب،
مسكوب : مصبوب يسكب لهم كما يشاؤون.
وماءٌ مسكوبٌ في آنيتهم حيث شاءوه.
وفاكهة كثيرةُ الأنواع والأصناف.
دائمة لا تنقطع، وغير ممنوعة على من يريدها في أي وقت.
مرفوعة : عالية.
وفُرُشٌ منضّدة مرتفعة ناعمة مريحة.
وقد أعد الله لأصحاب اليمين مع كلّ هذه النعم الحورَ العِين،
فجعلهن أبكاراً.
عُرُبا : جمع عَروب، وهي المرأة الصالحة المتوددة إلى زوجها.
أترابا : متساويات في السن.
محبَّبات إلى أزواجهن، لطيفاتٍ مطيعات، متقاربات في السن.
قراءات :
قرأ حمزة وأبو بكر : عربا بضم العين وإسكان الراء. والباقون : عربا : بضم العين والراء وهما لغتان.
وأصحاب اليمين
جماعاتٌ كثيرة من الأمم السابقة.
ومن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
بعد أن بيّن الله مقام الصِنفين : السابِقين وأصحاب اليمين، وما يلقاه كل منهم من عز ونعيم مقيم وشرف عظيم، بين هنا الصنف الثالث المقابل وهم الجاحِدون المعاندون، أصحاب الشمال. ولا يدري أحدٌ ما ينال أصحابَ الشمال من العذاب.
السموم : ريح حارة تنفُذ في مسام البدن. الحميم : الماء الحار.
فهم في ريح حارة تشوي الوجوه، وماءٍ متناهٍ في الحرارة،
وظلٍّ من يحموم : في ظلٍ من دخان حارٍ شديد السواد.
وفي ظلٍ من دخانٍ حارّ شديد السواد.
لا بارد يخفّف حرارةَ الجو، ولا كريمٍ يعود عليهم بالنفع إذا استنشقوه.
مترفين : منعمين.
والسبب في ذلك :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ﴾ مسرِفين في الاستمتاع بنعيم الدنيا.
الحنث العظيم : الذنب العظيم وهو الشِرك بالله.
وكانوا يصرّون على الشِرك بالله، ويحلفون بأنه لن يُبعث من يموت. كما جاء في سورة النحل الآية ٣٨ ﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ ﴾
وكانوا يزيدون في الإنكار فيقولون : أنُبعث إذا متنا، وصارت أجسامُنا تراباً وعظاما بالية ؟ هل نعود إلى حياة ثانية.
ونُبعث نحن وآباؤنا الأقدمون الذين ماتوا من زمن قديم ! ؟.
قل لهم أيها الرسول الكريم : سوف يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد.
ميقات : وقت معلوم، والمراد به يوم القيامة.
في ذلك اليوم المعلوم.
ثم إنكم أيها الجاحدون المكذّبون بالبعث.
شجر الزقّوم : شجر ينبت في أصل الجحيم.
ستأكلون في جهنّم من شجرةِ الزقّوم التي وصفها الله تعالى في سورة الصافّات بقوله :﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشياطين ﴾ [ الصافات : ٦٤، ٦٥ ]،
فمالئون من هذا الشجرِ الخبيثِ بطونَكم.
فشاربون ماءً شديدَ الحرارة لا يروي ظمأكم.
الهِيم : الإبل يصيبها داءٌ تشرب معه ولا تروى.
كما تشرب الإبلُ المصابةُ بمرض العطَش فلا تروى أبدا.
قراءات :
قرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة : شُرب الهيم بضم الشين. والباقون : شَرب الهيم بفتح الشين. وهما لغتان.
النزل : مكان مهيّأ للضيف. يوم الدين : يوم الجزاء
وكل ما ذكر فهو ضيافتهم يوم الدِّين على سبيل التهكّم بهم، لأن قوله تعالى ﴿ هذا نُزُلُهُمْ ﴾، معناه : هذا ما يهيّأ لضيافتهم. وفي هذا توبيخٌ لهم وتهكم بهم.
بعد أن بين الله تعالى لنا الأزواج الثلاثة، ومآل كل منهم ذكَرَ هنا الأدلّةَ على الألوهية من خلْقٍ ورزق للخلق، وأقام الدليلَ على البعث والجزاء، وأثبتَ النبوةَ، فقال :
نحنُ خَلقناكم من عَدَمٍ، فهلاّ تصدّقون وتقرّون بقدرتنا على إعادتكم ثانية يوم القيامة ! ؟.
تُمنون : تقذِفون المني في الأرحام.
أفرأيتم هذا المَنِيَّ الذي تقذِفونه في الأرحام.
أأنتم تخلُقونه وتجعلونه بَشَراً بهذه الصورة ﴿ أَم نَحْنُ الخالقون ﴾ ! ؟.
قدَّرنا : وقَّتنا موت كل أحد بوقت.
نحن قضَيْنا بينكم بالموت، وجعلْنا لِموتكم وقتاً معيّناً، وما نحنُ بمسبوقين
ولا عاجزين.
قراءات :
قرأ ابن كثير : نحن قدَرنا بينكم الموت، بفتح الدال من غير تشديد. والباقون : قدرنا بالتشديد.
نبدّل أمثالكم : نميتكم، ونأتي بقوم آخرين أشباهكم.
عن أن نُذْهِبكم ونأتيَ بأشباهكم من الخلق، ﴿ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ في الأطوار والأحوال.
النشْأة الأولى : الخلقة الأولى.
فلولا تذكّرون : فهلا تتذكرون.
ثم ذكر دليلاً آخر على البعث فقال :
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾
لقد علمتم أن الله أنشأكم النشأةَ الأولى من العَدَم، فهلاّ تتذكّرون أنّ مَن قَدَرَ على خلْقكم من البداية لهو أقدَر على أن يأتيَ النشأةَ الأخرى لكم !
أفرأيتم ما تبذُرونه من الحَبّ في الأرض.
أأنتم تُنبتونه أم نحنُ نفعل ذلك !
حطاما : هشيماً متكسرا.
تفكّهون : تتعجبون.
إن في قُدرَتنا لو نشاء لصيَّرنا هذا النباتَ هشيماً يابساً متكسرا.
﴿ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾
لظللتم تتعجّبون من سوءِ ما أصابه وما نزل بكم.
مغرمون : معذبون مهلكون.
وتقولون إنا لمعذَّبون.
قراءات :
قرأ أبو بكر : أإنا لمغرمون على الاستفهام. والباقون : إنا لمغرمون على الخبر.
لا بل نحنُ محرومون من الخيرِ والرِزق لِنحسِ طالعنا وسوءِ حظنا.
أفرأيتم الماءَ العذبَ الذي تشربونه والذي هو أصلُ الحياة.
المُزن : السحاب واحدته مزنة.
أأنتم أنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون له رحمةً بكم ؟
وهذا من أكبر الأدلة على قدرة الإله وعظمته، فقد حاول الإنسان استمطار السّحُب صناعياً إلا أن هذه المحاولاتِ لا تزال مجردَ تجاربَ، وعلى نطاق ضيق جدا، مع وجوب توافر بعض الظروف الملائمة طبيعيا.
أُجاجاً : مالحاً لا يصلح للشرب.
فلولا تشكرون : فهلاّ تشكرون.
إننا لو نشاءُ لجعلْنا هذا الماءَ العذبَ مالحاً لا يمكن شربه، فهلاّ تشكرون الله على هذه النعمة وعلى أن جعله عذباً سائغا ! ؟.
تورون : توقِدون.
أفرأيتم النارَ التي توقدونها.
أأنتم أنبتُّم شجرتها وأودَعتم فيها النار، أم نحن المنشئون لها ؟ والنارُ نعمة كالماء، وعندما عرف الإنسانُ كيف يستعمل النارَ كان ذلك في حياته خطوةً كبيرة إلى التقدم، وبدْء الحضارة الإنسانية.
تذكرة : تذكيرا موعظة.
متاعا : منفعة.
للمقْوين : للفقراء الذين ينزلون بالقفر، أقوى الرجلُ : افتقر، ونزل بالقفر، ونفد طعامه. ويقال للمسافرين والمستمتعين : المقوون أيضا.
نحن جعلنا هذه النار تذكرةً وتبصِرة لكم تذكّركم بالبعث لتعلموا أن من أخرجَ من الشجر الأخضر ناراً قادرٌ على إعادة الحياة مرة أخرى. ولقد جعلنا في النار منفعةً لمن ينزلون في المفاوز والصحارى من المسافرين، ولمن يحتاج إليها في كل مكان.. فاذكروا ذلك واعتبروا منه.
فسبّح باسم ربك العظيم أيها الرسول، على هذه النعم الجليلة التي لا تُعد
ولا تحصى.
فلا أقسم : هذا قسَم تستعمله العرب في كلامها، ولا للتأكيد.
مواقع النجوم : مَداراتها ومراكزها.
بعد ذِكر الأدلة على الألوهية والخلْق والبعث والجزاء جاء بذِكر الأدلة على النبوة وصدق القرآن الكريم. وقد أقسم الله تعالى على هذا بما يشاهدونه من مواقع النجوم، وإن هذا القسَم لعظيم حقا، لأن هذا الكون وما فيه شيء كبير
لا نعلم عنه إلا القليل القليل. ويقول الفلكيون : إن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة، ومنها ما لا يرى إلا بالمكبّرات، وقد يكون أكبر من شمسنا بآلاف المرات ولكننا لبعده الشاسع
لا نراه. وهي تسبح في هذا الفلك الواسع الذي لا نعلم عنه شيئا. والبحث في هذا واسع جدا.
ولذلك فان هذا القسَم عظيم حقا.
هو قرآن جامع لكل المحامد، وفيه الخير والسعادة لبني الإنسان أجمعين.
مكنون : مصون.
وهو مصون في اللوح المحفوظ.
المطهَّرون : المنزّهون عن الأدناس.
لا يمسّ هذا اللوح ولا يطلع عليه غير المقربين من الملائكة.
لقد فسر بعضُهم هذه الآية بأنه لا يَمَسُّ القرآن من كان مُحْدِثا، واختلف العلماء في ذلك، فقال جمهور العلماء لا يجوز أن يمسّ أحدٌ القرآن إلا إذا كان متطهّرا، وقال عدد من العلماء بالجواز.
إن هذا القرآن نزله الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
مدهنون : متهاونون، مخادعون.
وبعد أن ذكر مزاياه، وأنه من لدن عليم خبير ذكر أنه لا ينبغي التهاون في أوامره ونواهيه، ويجب التمسك به فقال :﴿ أفبهذا الحديث أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ ﴾.
أتتهاونون بالقرآن وتُعرضون عنه، وتمالئون من تكلّم فيه بما لا يليق به، وتكذّبون ما يقصه عليكم من شأن الآخرة، وما يقرره لكم من أمور العقيدة !
أتجعلون بدل الشكر على رِزقكم أنكم تكذّبونه، فتضعون الكذب مكان الشكر !
الحُلقوم : مجرى الطعام.
فماذا أنتم فاعلون إذا بلغت روحُ أحدكم الحلقوم في حال النزاع عند الموت.
وأنتم حوله تنظرون إليه.
ونحن بالواقع أقربُ إليه وأعلمُ بحاله منكم، ولكن لا تدركون ذلك ولا تبصرون.
غير مدينين : غير محاسَبين.
فلو كان الأمر كما تقولون : إنه لا بعثٌ ولا حسابٌ ولا جزاء، وأنكم غيرُ مدينين لا تحاسَبون ولا تجزون.
هلاّ تُرجعون النفسَ التي بلغتِ الحلقومَ إلى مكانها، وتردون الموت عمن يُحتضر أمامكم !.
ثم بين الله تعالى أن حال الناس بعد الوفاة ثلاثة أصناف.
فأما إن كان المتوفَّى من الذين عملوا صالحاً وكان من المقربين السابقين.
فروح : راحة الجسم.
ريحان : راحة الروح.
فمآلُه راحةٌ واطمئنان لنفسه، ورحمةٌ من الله ورزقٌ طيب في جنات النعيم.
وأما إن كان من أصحاب اليمين الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم.
فيقال له تحيةً وتكريما : سلامٌ لك من إخوانك أصحاب اليمين.
وأما إن كان من المكذِّبين الذين كذّبوا الرسول والقرآن الكريم، الضالِّين سواءَ السبيل.
فله مكانٌ في جهنم يُسقَى من ماءٍ شديد الحرارة.
تصلية جحيم : إدخال النار.
ومآله دخول الجحيم.
حق اليقين : هو بمعنى اليقين الحق، وهو اليقين المطابق للواقع.
إن هذا الذي ذُكر في هذه السورة الكريمة لهو الحقُّ الصادق الثابت الذي لا شكَّ فيه.
فسبِّح أيها الرسول بذِكر اسم ربّك العظيم تنزيهاً له وشكرا على آلائه.
Icon