ﰡ
وهي مكّيّة بلا خلاف
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧)
قوله عز وجل: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ن حَرْفٌ مقطع في قول الجمهور، فيدخُلُه من الاخْتِلاَفِ ما يَدْخُلُ أوائِلَ السُّورِ، ويختصُّ هذَا الموضعُ مِنَ الأقوال، بأنْ قَالَ مُجاهِدٌ وابن عباس: ن اسْمُ الحوتِ الأعْظَمِ/ الَّذِي عَلَيْه الأَرضُونَ السَّبْعُ فِيما يُرْوَى «١»، وقال ابن عباس أيضاً وغيره: ن اسمُ الدَّوَاةِ «٢»، فَمَنْ قَال بأنه اسْمُ الحوتِ جَعَلَ [القَلَمَ] القَلَمَ الذي خلقَه اللَّهُ وأمَرَهُ بِكَتْبِ الكائناتِ، وجَعَلَ الضميرَ في يَسْطُرُونَ للملائِكَةِ، ومَنْ قَال بأنَّ ن اسْمٌ للدَّوَاةِ جَعَلَ القَلم هَذَا القلمَ المتعارفَ بأيْدِي الناسِ نَصَّ على ذَلِكَ ابنُ عَبّاسٍ وَجَعَل الضميرَ في يَسْطُرُونَ للنَّاسِ فَجَاء القَسَمُ على هذا بمجموع أمْرِ الكِتَابِ الذي هو قِوَامٌ للعلومِ والمعَارِفِ، وأمورِ الدنيا، والآخِرَةِ، فَإنَّ القَلَمَ أخُو اللسانِ، وعَضُدُ الإنْسَانِ، ومَطِيَّةُ الفِطْنَةِ، ونِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَامَّة، ورَوَى معاويةُ بن قرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ن لوح من نور».
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ١٧٦)، برقم: (٣٤٥٣٨- ٣٤٥٣٩)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٥)، وابن كثير (٤/ ٤٠١)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٨٨)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر
«أوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ، ثُمَّ خَلَق النّونَ، وهي الدوَّاةُ، وذَلِكَ قَوْلُه: ن وَالْقَلَمِ ثم قَالَ لَهُ: اكتب قَالَ: وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: مَا كَانَ وَمَا هُو كَائِنٌ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، قال: ثُمَّ خَتَمَ العَمَلَ، فَلَمْ يَنْطِقْ وَلاَ يَنْطِقُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، ثُمَّ خَلَقَ العَقْلَ، فَقَالَ الجَبَّارُ: مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أعْجَبَ إليَّ مِنْكَ، وعِزَّتِي لأكَمِّلَنَّكَ فِيمَنْ أَحْبَبْتُ، وَلأَنْقُصَنَّكَ فِيمَنْ أَبْغَضْتُ، / قَالَ: ثُمَّ قَالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلاً أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ وأعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ» «٢»، انتهى، ت: وهذا الحديثُ هُوَ الذي يُعَوَّلُ عليهِ في تفسير الآيةِ، لصحته، واللَّه سبحانه أعلم.
وقوله تعالى: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ هو جواب القسم، وما هُنَا عَاملةٌ لها اسْمٌ وَخَبَرٌ، وكذلِك هي متَى دَخَلَتِ البَاءُ في الخَبَرِ، وقوله: بِنِعْمَةِ رَبِّكَ اعْتِرَاضٌ، كما تقولُ لإنْسَانٍ: أنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ فاضلٌ، وسَبَبُ الآيةِ هُوَ مَا كَانَ من قريش في رميهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالجُنُونِ، فَنَفَى اللَّهُ تعالى ذلك عنه، وأخبره بأنَّ له الأَجْرَ، وأنَّه على الخُلُقِ العظيمِ تَشْريفاً له، وَمَدْحاً واخْتُلِفَ في معنى مَمْنُونٍ فَقَال أكْثَرُ المفسرينَ: هو الوَاهِنُ المنْقَطِعُ، يقال: حَبْل مَنِينُ أي: ضعيفٌ، وقال آخرون: معناه: غير مَمْنُونٍ عَلَيْكَ، أي: لا يُكَدِّرُه مَنٌّ بِه، وفي الصحيحِ: سُئِلَتْ عائشةُ- رضي اللَّه عنها- عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقَالَتْ: «كَانَ خُلقُهُ القُرْآنَ»، وقال الجُنَيْدُ: سمّي خلقُه عَظِيماً إذ لَمْ تَكُنْ له همةٌ سِوَى اللَّهِ تعالى عَاشَرَ الخَلْقَ بخُلُقِه، وزَايَلَهُمْ بِقَلْبهِ فكانَ ظاهرُه مَعَ الخلقِ، وباطِنهُ مع الحق، وفي وَصِيَّةِ بعض الحكماء: عليكَ بالخُلُقِ مَعَ الخَلْقِ، وبالصِّدقِ مَعَ الحقِّ، وحسْنُ الخلقِ
(٢) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (١٣/ ٤٠).
قال الشوكاني في «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» (٤٧٩).
قال ابن عدي: باطل منكر آفته محمّد بن وهب الدمشقي.
وقال في الميزان: صدق ابن عدي في أن هذا الحديث باطل، وقد أخرجه الدارقطني في «الغرائب» من طريقه.
ورواه ابن عساكر عن أبي هريرة مرفوعا، والخطيب عن علي مرفوعا. اهـ من كلام الشوكاني.
هذَا حديثٌ صحيحٌ غَرِيبٌ، انتهى، ورَوى الترمذيّ عن أبي الدرداء أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ في مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ من خُلُقٍ حَسَنٍ، وإنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ» «٢»، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، انتهى، قَال أبو عمر في «التمهيد» :
قال الله- عز وجل- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَال المفسرونَ: كان خلقُهُ مَا قَالَ اللَّهُ سبحانَه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الأعراف: ١٩٩] انتهى.
وقَوْلهُ تعالى: فَسَتُبْصِرُ أي: أنْتَ وأمَّتكَ، وَيُبْصِرُونَ أي: هم، بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ قال الأخفش: والعاملُ في الجملةِ المسْتَفْهَمُ عَنْها الإبصَارُ، وأمّا البَاءُ فقال أبو عبيدةَ معمر وقتادةُ: هي زائدةٌ والمعنى: أيكم المفتونُ «٣»، قال الثعلبيّ: المفْتُونُ المَجْنُونُ الذي فَتَنَهُ الشيطانُ، انتهى.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٨ الى ١١]
فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١)
وقوله تعالى: فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ يعني: قريشاً، وذلك أنهم قَالُوا في بعضِ الأوْقَاتِ للنبي صلّى الله عليه وسلّم: لَوْ عَبَدْتَ آلهتَنَا وعَظَّمْتَها لَعَبَدْنَا إلهك وعظمناه، وودّوا أن يداهنهم النبي صلّى الله عليه وسلّم ويميلَ إلى مَا قالوا، فَيمِيلُوا هُمْ أيضاً إلى قَولهِ ودِينِهِ، والإدْهَانُ الملايَنَةُ فيما لاَ
قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٦٩)، كتاب «الأدب» باب: في حسن الخلق (٤٧٩٩) مختصرا، والترمذي (٤/ ٣٦٢)، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في حسن الخلق (٢٠٠٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٢٤٣) مختصرا.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٦).
وقوله: فَيُدْهِنُونَ معطوفٌ وليس بجَوابٍ، لأنَّه لَوْ كَانَ لَنُصِبَ، والحلاّفُ المردِّد لِحَلفِهِ الذي قد كثرَ منه، والمُهينُ الضَّعِيفُ الرأيِ، والعَقْلِ قاله مجاهد «١»، وقال ابن عباس: المهينُ الكذَّابُ «٢»، والهمَّازُ الذي يَقَعُ في النّاسِ بلسَانِه «٣»، قال منذر بن سعيد:
وبعَيْنِهِ وإشارَتِه، / والنَّمِيمُ مَصْدَرٌ كالنَّمِيمَةِ، وهو نَقْلَ مَا يَسْمَعُ مما يسوءُ ويُحَرِّشُ النفوسَ، قال أبو عمر بن عبد البر في كتابهِ المسمّى ب «بهجة المجالس» قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ كَفَّ عَنْ أعْرَاضِ المُسْلِمِينَ لِسَانَه أقَالَه اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَثَرَتَه» «٤»، وقال- عليه الصَّلاةُ والسّلام-:
«شراركم أيّها الناس المشّاءون بالنَّمِيمَةِ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، البَاغُونَ لأَهْلِ البِرِّ العثرات» «٥» انتهى، وروى حذيفة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ» «٦»، وهو النَّمَّامُ، وذَهَبَ كثيرٌ مِنَ المفسِّرِينَ إلى أنَّ هذهِ الأوْصَافَ هي أجْنَاس لَمْ يُرَدْ بها رجلٌ بعينهِ، وقالت طائفة: بَلْ نزلت في معيَّنٍ، واختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو الوليدُ بن المغيرة،
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ١٨٣)، برقم: (٣٤٥٨١)، وذكره البغوي (٤/ ٣٧٧)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٧)، وابن كثير (٤/ ٤٠٣).
(٣) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٧). [.....]
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٧).
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨/ ٩٦) : رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب، وقد وثقه غير واحد، وبقية رجال أحمد أسانيده رجال «الصحيح».
(٦) أخرجه مسلم (١/ ١٠١)، كتاب «الإيمان» باب: بيان غلظ تحريم النميمة، حديث (١٦٨/ ١٠٥)، وأحمد (٥/ ٣٩١، ٣٩٦، ٣٩٨، ٤٠٦) من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان، أنه بلغه: أن رجلا كان ينم الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يدخل الجنة نمام».
وللحديث طريق آخر عن حذيفة، وفيه قتات بدل نمام، أخرجه البخاري (١٠/ ٤٨٧)، كتاب «الأدب» باب: ما يكره من النميمة، حديث (٦٠٥٦)، ومسلم (١/ ١١)، كتاب «الإيمان» باب: بيان غلظ تحريم النميمة (١٦٩/ ١٠٥)، وأبو داود (٢/ ٦٨٤)، كتاب «الأدب» باب: في القتات، حديث (٤٨٧١)، والترمذي (٤/ ٣٢٩)، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في النمام، حديث (٢٠٢٦)، وأحمد (٥/ ٣٨٢، ٣٨٩، ٣٩٢، ٤٠٢، ٤٠٤)، والبيهقي (٨/ ١٦٦)، كتاب «قتال أهل البغي» باب: ما على من رفع إلى السلطان ما فيه ضرر، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٥٢٣) - بتحقيقنا، والطبراني في «الصغير» (١/ ٢٠٣)، وفي «الكبير» (٣/ ١٨٦)، برقم: (٣٠٢٠)، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١٧٩)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١١/ ٢٣٧) من طريق همام بن الحارث عن حذيفة مرفوعا.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١٢ الى ١٥]
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)
وقوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ قَالَ كثيرٌ مِنَ المفسرينَ: الخيرُ هُنَا المالُ فَوَصَفه بالشُّحِّ، وقال آخرونَ: بل هُوَ عَلى عُمُومهِ في الأموالِ والأَعْمَالِ الصالحاتِ، والمُعْتَدِي المتجاوِزُ لحدودِ الأَشْيَاءِ، والأثِيمُ فَعِيلٌ مِن الإثْمِ، والعُتُلُّ: القويُّ البنيةِ، الغَليظُ الأَعْضَاءِ، القَاسِي القَلْبِ، البَعيدُ الفَهْمِ، الأَكُولُ الشَّرُوبُ، الذي هو بالليلِ جِيفَةٌ وَبِالنَّهارِ حِمَارُ، وكلُّ ما عبر به المفسرونَ عَنه مِنْ خِلاَلِ النقصِ، فَعَنْ هذه الَّتِي ذَكَرْتُ/ تَصْدُرُ، وقد ذكر النقاش أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم فَسَّر العتلَّ بِنَحْوِ هذا، وهذهِ الصفاتُ كثيرةُ التَّلازُمِ، والزَّنِيمُ في كلام العرب:
المُلْصَقُ في القومِ ولَيْسَ منهم ومنه قول حَسَّان: [الطويل]
وَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ في آلِ هَاشِمٍ | كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ |
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١٦ الى ٣٢]
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)
فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥)
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠)
قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢)
وقوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ معناه: على الأَنْفِ. قال ابن عبّاس: هو الضّرب
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٤٧).
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ١٨٦)، برقم: (٣٤٦١٤)، وذكره البغوي (٤/ ٣٧٨)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٨)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٩٤)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
وقوله سبحانه: إِنَّا بَلَوْناهُمْ يريد: قريشاً، أي: امتحنّاهم، وأَصْحابَ الْجَنَّةِ فيما ذُكِرَ كانوا إخوةً، وكانَ لأَبِيهم جَنَّةٌ وحَرْثٌ يَغْتَلُّه، فَكَان يُمْسِكُ منه قُوتَه، وَيَتَصَدَّقُ على المساكين بِبَاقِيهِ، وقيل: بلْ كَانَ يَحْمِلُ المساكِينَ مَعَه في وَقْتِ حَصَادِهِ وجَذِّه فَيُجْدِيهم منه، فماتَ الشيخُ، فقال ولدُه: نَحْنُ جَماعَةٌ وفِعْلُ أبينَا كَانَ خطأً فَلْنَذْهَبْ إلى جنَّتِنَا، ولا يَدْخُلَنَّها عَلَيْنَا مِسْكِينٌ، ولا نُعْطِي منها شيئاً، قَال: فَبَيَّتُوا أمْرَهُمْ وَعَزْمَهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا طائفاً من نارِ أو غيرِ ذلكَ، فاحْتَرَقَتْ، فقيلَ: فأصْبَحَتْ سَودَاء، وقيل: بَيْضَاء كالزَّرْعِ اليَابِسِ المَحْصُودِ، فلما أصْبَحوا إلى جنتهم لم يَرَوْهَا فَحسبوا أنهم قَد أَخْطَؤُوا الطريقَ، ثم تَبَيَّنُوها فعلموا أنَّ اللَّهَ/ أَصَابَهُم فِيها، فتَابوا حينئذٍ فَكَانُوا «٣» مُؤمنِينَ أهْلَ كِتَابٍ، فَشَبَّه اللَّهُ قُرَيْشاً بهم في أنّه امتحنهم بالمصَائِبِ، في دنياهم لعدم اتّباعهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ثُمَّ التوبةُ مُعَرَّضَةٌ لِمَنْ بَقِيَ منهم.
وقوله تعالى: لَيَصْرِمُنَّها أي: ليجذّنّها، ومُصْبِحِينَ معناه: دَاخِلينَ في الصباح.
وقوله تعالى: وَلا يَسْتَثْنُونَ [أي: لا يَنْثَنُونَ] «٤» عن رأْيِ مَنْعِ المساكين، وقَالَ مجاهد: معناه ولاَ يَقُولُونَ إنْ شَاءَ اللَّه «٥». والصَّرِيمُ، قال جماعة: أرادَ بهِ اللَّيْلَ مِنْ حيثُ اسْوَدَّتْ جَنَّتُهم، وقَالَ ابن عباس: الصَّرِيمُ: الرَّمَادُ الأسْوَدُ بِلُغَةِ خُزَيْمَةَ، وقولهم: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ يَحْتَمِلُ أنْ يكُونَ مِنْ صرام النخلِ، ويحتملُ أنْ يريدَ إنْ كُنْتُمْ أهْلَ عزم وإقْدَامٍ على رأيكم، من قولك سيف صارم «٦»، ويَتَخافَتُونَ: معناه يَتَكَلَّمُونَ كَلاَماً خَفِيًّا، وكان هذا التخافتُ خَوْفاً مِنْ أنْ يَشْعُرَ بهمُ المساكينُ، وكان لفظُهم الذي يتخافتون به: أَنْ لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ.
(٢) ذكره البغوي (٤/ ٣٧٩)، وابن عطية (٥/ ٣٤٩)، وابن كثير (٤/ ٤٠٥).
(٣) في ط: وكانوا.
(٤) سقط في: د.
(٥) ذكره ابن عطية (٥/ ٣٤٩).
(٦) ذكره البغوي (٤/ ٣٧٩)، وابن عطية (٥/ ٣٤٩)، وابن كثير (٤/ ٤٠٦).
على جدٍّ] «١» في أنفسهم، انتهى «٢».
وقوله تعالى: قادِرِينَ يحتملُ أن يكون من القُدْرَةِ، أي: قادرون في زعمهِم ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِن التَّقْدِيرِ الذي هو تَضْيِيقٌ، كأنّهم قَدْ قَدَرُوا عَلَى المسَاكِينِ، أي ضَيَّقُوا عليهم، فَلَمَّا رَأَوْها أي: مُحْتَرِقَةً قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ طريقَ جَنَّتِنَا فَلَما تَحقَّقُوها/ عَلِمُوا أَنها قَدْ أصيبتْ فقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي: قَدْ حُرِمْنَا غَلَّتَها وبَرَكَتها، فقال لهم أعدلهُم قَوْلاً وعَقْلاً وخُلُقاً وهو الأوسَط أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قِيلَ هي عبارةٌ عَنْ تعظيمِ اللَّهِ والعَمَلِ بطاعتهِ سبحانَه، فَبادَرَ القَوْمُ عَنْدَ ذَلِكَ وَتَابُوا وسبَّحُوا، واعترفُوا بظلمِهم في اعتقادهم مَنْعَ الفقراءِ، ولاَمَ بعضُهم بَعْضاً واعترفوا بأنهم طَغَوا، أي: تَعَدَّوْا مَا يَلْزَم مِنْ مُوَاسَاةِ المساكينِ، ثم انصرفوا إلى رَجَاءِ اللَّه سبحانَه وانتظارِ الفَضْلِ من لَدُنْهُ في أن يُبْدِلَهُمْ، بِسَبَبِ تَوْبَتِهم، وإنابتِهم خَيْراً من تلك الجنة، قال الثعلبي: قال ابن مسعود: بلغني أن القومَ لما أخلصوا وعلم الله صدقهم أبدلهم الله- عز وجل- بها جنةً يقال لها الحَيَوَانُ، فيها عِنَبٌ يَحْمِلُ البغلُ العنقُودَ منها «٣»، وعن أبي خالد اليماني أَنه رأَى تلكَ الجنةَ ورَأَى كُلَّ عُنْقُودٍ منها كالرَّجُلِ الأسْوَدِ القائِم، انتهى، ، وقدرةُ اللَّه أعْظَمُ فلا يُسْتَغْرَبُ هذا إنْ صَحّ سنده.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٣٣ الى ٤٣]
كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧)
إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)
خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣)
وقوله سبحانه: كَذلِكَ الْعَذابُ أي: كَفِعْلِنَا بأهْلِ الجنةِ نَفْعَلُ بِمَنْ تعدَّى حدودَنا.
وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أي: أعْظَم مما أصَابَهُمْ، إنْ لَمْ يتوبوا في الدنيا.
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ١٩١)، برقم: (٣٤٦٤٤)، وذكره البغوي (٤/ ٣٨٠)، وابن كثير (٤/ ٤٠٦). [.....]
(٣) ذكره البغوي (٤/ ٣٨١).
أَمْ لَكُمْ كِتابٌ مُنَزَّلٌ من عندِ اللَّهِ تَدْرُسُونَ فيه أنَّ لَكُمْ مَا تَخْتَارُونَ مِنَ النعيمِ، ف إِنَّ معمولة ل تَدْرُسُونَ وكُسِرَتِ الهمزَةُ مِنْ إِنَّ لدخولِ اللامِ في الخبرِ، وهي في معنى (أن) - بفتح الألِف- وقرىء شاذاً «١» :«أنَّ لَكُمْ» بالفتح، وقرأ الأعرج «٢» :«أنّ/ لَكُمْ فِيهِ» على الاستفهام، ثم خَاطَب تعالى الكفارَ بقولهِ: أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ كأنه يقُولُ هل أقْسَمْنَا لكم قَسَماً فهو عَهْدٌ لكم بأنَّا نُنَعِّمُكُمْ في يومِ القيامة، وما بعدَه، وقرأ الأعرج «٣» :«آن لكم لما تحكمون» على الاستفهامِ، أيضاً.
سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أي: ضَامِنٌ ت: قال الهروي: وقوله: أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ أي مُؤكَّدَة، انتهى.
وقوله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ قيل: هو استدعاءٌ وتوقيفٌ في الدنيا، أي:
لِيُحْضِرُوهُم حَتَّى يُرَى هلْ هُمْ بحالِ مَنْ يَضُرُّ وينفعُ أم لا؟ وقيلَ: هو استدعاءٌ وتوقيف على أن يأتوا بهم يومَ القيامةِ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وقرأ ابن عباس «٤» :«تُكْشَفُ» - بضم التاء- على مَعْنَى: تُكْشَفُ القيامةُ والشدةُ والحالُ الحاضرة، وقرأ ابن عباس «٥» أيضاً:
«تَكْشِفُ» - بفتح التاء- على أنَّ القيامةَ هي الكاشِفَةُ، وهذه القراءة مفسِّرَة لقراءَةِ الجماعةِ، فما وَرَدَ في الحديثِ والآيةِ مِنْ كَشْفِ الساقِ فهو عبارة عَنْ شدةِ الهول.
وقوله- جلت عظمته-: وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ وفي الحديثِ الصحيحِ: «فَيَخِرُّونَ للَّهِ سُجّداً أجْمَعونَ ولا يبقى أحَدٌ كَانَ يسجدُ في الدنيا رياءً ولا سمعةً ولاَ نِفَاقاً إلا صَارَ ظهرُهُ طَبَقاً وَاحِداً كُلَّما أرَادَ أنْ يسجد خرّ على قفاه» «٦»، الحديث، وفي
(٢) ينظر: «مختصر الشواذ» ص (١٦٠)، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٥٢) و «البحر المحيط» (٨/ ٣٠٩)، و «الدر المصون» (٦/ ٣٥٧).
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٥٢)، و «البحر المحيط» (٨/ ٣٠٩).
(٤) ينظر: «المحتسب» (٢/ ١٦٠)، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٥٣).
(٥) ينظر: مصادر القراءة السابقة.
(٦) أخرجه البخاري (٨/ ٥٣١)، كتاب «التفسير» باب: يوم يكشف عن ساق (٤٩١٩) نحوه. -
وقوله تعالى: وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ يريد في دَارِ الدنيا، وَهُمْ سالِمُونَ مما نالَ عَظَامَ ظهورِهم مِنَ الاتِّصَال والعتوّ.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٤ الى ٥٢]
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨)
لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)
وقوله سبحانه: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ الآية، وَعِيدٌ وتهديدٌ والحديثُ المشَارُ إليه/ هو القرآن، وباقي الآية بيّن مِمّا ذُكِرَ في غير هذا الموضع، ثم أمَرَ اللَّه- تعالى- نبيَّه بالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ وأنْ يَمْضِيَ لِمَا أُمِرَ بهِ من التبليغِ واحْتِمالِ الأذَى والمشقة، ونُهِيَ عَنِ الضَّجَرِ والعَجَلَةِ التي وَقَعَ فيها يونُسَ صلّى الله عليه وسلّم ثم اقْتَضَبَ القصَّةَ وذَكَرَ ما وَقَعَ في آخرها من ندائِه من بطن الحوت، وَهُوَ مَكْظُومٌ أي: وَهُو كَاظِمٌ لحُزْنِه ونَدَمِه، وقال الثعلبيّ، ونحوُه في البخاري: وَهُوَ مَكْظُومٌ أي: مملوءٌ غَمًّا وكَرْبَاً، انتهى وهُوَ أقْرَبُ إلى المعنى، وقال النَّقَّاشُ: المكظومُ الذي أُخِذَ بِكَظْمِه، وهي مَجَارِي القلبِ، وقرأ ابن مسعود «١» وغيره: «لَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَتْهُ نِعْمَةُ» والنعمة التي تداركته هي الصَّفْحُ والاجتباء الذي سَبَقَ له عَنْدَ الله- عز وجل- لَنُبِذَ بِالْعَراءِ أي: لَطُرِحَ بالعرَاءِ وهُوَ الفَضَاءُ الَّذِي لاَ يُوارِي فيه جَبَلٌ ولاَ شَجَرٌ وقد نبذ يونس ع بالعَرَاءِ وَلَكِنْ غَيْر مَذْمُومٍ، وجاء في الحديث عن أسماء بِنْتِ عُمَيْسٍ قالَتْ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم كلمات أقولهنّ عند
قال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني في «الصحيحين»، لما ذكر في انحرافه عن السنة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق، والإتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة.
قال الذهبي: ما أنكره حديثا على جودة إسناده!! وأبو خالد شيعي منحرف.
(١) وقرأ بها ابن عبّاس وأبي بن كعب.
ينظر: «مختصر الشواذ» (ص: ١٦١)، و «الكشاف» (٤/ ٥٩٦)، و «البحر المحيط» (٨/ ٣١١)، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٥٤)، و «الدر المصون» (٦/ ٣٥٩).
وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ المعنى يكادُوْنَ مِنَ الغَيْظِ والعداوةِ يُزْلِقُونَه فَيُذْهِبُونَ قدمَه مِنْ مَكَانِها، ويُسْقِطُونَه، قال عياض: وقَدْ رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال: كلُّ مَا في القرآن: «كاد» فَهُو مَا لاَ يَكُونُ، قال تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [النور: ٤٣] ولم يذهبها وأَكادُ أُخْفِيها [طه: ١٥] وَلَمْ يَفْعَلْ، انتهى ذكره إثرَ قَوْلِه تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [الإسراء: ٧٣]. وقرأ الجمهور: «لَيُزْلِقُونَكَ» /- بِضَمِّ اليَاءِ- مِنْ: أزْلَقَ، ونَافِعٌ بِفَتْحِها «٢»، من: زُلِقَتِ الرّجْلُ، وفي هذا المعنى قولُ الشاعر:
[الكامل]
يَتَقَارَضُونَ إذَا التقوا في مَجْلِس | نَظَراً يَزِلُّ مَوَاطِىءَ الأَقْدَامِ «٣» |
(٢) ينظر: «السبعة» (٦٤٧)، و «الحجة» للقراء السبعة (٦/ ٣١٢)، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٨٢)، و «حجة القراءات» (٧١٨).
(٣) البيت في «الكشاف» (٤/ ٥٩٧)، و «البحر المحيط» (٨/ ٣١١)، والقرطبي (١٨/ ١٦٦)، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٥٤)، «اللسان» (زلق).
(٤) ذكره البغوي (٤/ ٣٨٥)، وابن عطية (٥/ ٣٥٥).