ﰡ
شرح الكلمات:
ن: هو أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا ن ويقرأ هكذا نون.
والقلم وما يسطرون: أي والقلم الذي كتب به الذكر "القدر" والذي يخطون ويكتبون.
ما أنت بنعمة ربك: أي لست بما أنعم الله عليك من النبوة وما وهبك من الكمال.
بمجنون: أي بذي جنون كما يزعم المشركون.
غير ممنون: أي غير مقطوع بل هو دائم أبدا.
بأيكم المفتون: أي بأيكم الجنون.
معنى الآيات:
قوله تعالى (ن) هذا أحد الحروف١المقطعة نحو ق، ص، وحم الله أعلم بمراده به وقوله تعالى ﴿وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ أي٢ والقلم الذي كتب أول ما خلق وقال له اكتب فقال ما اكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى بذلك وما يسطرون أي وما تسطره وتكتبه الملائكة نقلا من اللوح المحفوظ، وما يكتبه الكرام الكاتبون من أعمال العباد قسمي أي أقسم تعالى بشيئين الأول القلم، والثاني ما سطر به وكتب مما خلق من كل شيء. والمقسم٣ عليه قوله ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ٤ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ تكذيب للمشركين الذين قالوا إن محمداً مجنون بسبب ما رأوا من الوحي والتأثير به على من هداه الله للأيمان، وقوله تعالى ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ هذا داخل تحت القسم أي مقسم عليه وهو أن للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجراً غير مقطوع أبداً بسبب ما قدمه من أعمال صالحة أعظمها ما بينه من الهدى سنه من طرق الخير إذ من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين كما أن الجنة أجر كل عمل صالح وللرسول فيها أجر غير مقطوع بل له أعلاها وأفضلها
٢ جائز أن يكون ما موصولة. أي والذي يسطرونه وجائز أن تكون مصدريه أي ومسطورهم.
٣ جواب القسم وهو ثلاثة أشياء الأول نفي الجنون عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والثاني ثبوت الأجر له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والثالث كونه على أعظم خلق حيث تحلى بكل أدب في القرآن حتى قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن.
٤ الباء بنعمة ربك سببية أي ما أنت بسبب ما أنعم الله عليك من الوحي مجنوناً والباء في مجنون زائدة لتقوية النفي وتأكيده.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١-تقرير مسألة أن لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.
٢-بيان فضل القلم الذي يكتب به الهدى والخير.
٣-تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ كان ذلك بالقلم الذي أول ما خلق الله.
٤-بيان كمال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أدبه وأخلاقه وجعله قدوة في ذلك.
٢ قال ابن عباس فستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتميز الحق من الباطل وما في التفسير وارد وحق ولعله المراد وما قاله ابن عباس حق ووارد.
٣ بأيكم المفتون، أي اسم مبهم يتعرف بما يضاف هو إليه، وله مواقع كثيرة في الكلام فقد يشرب معنى الموصول ومعنى الشرط ومعنى الاستفهام، ومعنى التنويه بكامل. فقوله بأيكم المفتون معناه أي رجل أو أي فريق منكم المفتون فأي هنا في محل نصب معمول فسينتصر وينتصرون أيكم المفتون إذ الياء زائدة كالباء في وامسحوا برؤوسكم.
٤الجملة تعليلية لما ينبيء عنه ما قبله من اهتدائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضلالهم أو على جميع ما فصل من أول السورة ومع أنها تعليلية فإنها متضمنة التسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في التفسير.
شرح الكلمات:
ودوا لو تدهن: أي تمنوا وأحبوا لو تلين لهم بأن لا تذكر آلهتهم بسوء.
فيدهنون: فيلينون لك ولا يغلظون لك في القول.
كل حلاف مهين: أي كثير الحلف بالباطل حقير.
هماز مشاء بنميم: أي عياب مغتاب.
معتد أثيم: أي على الناس بأذيتهم في أنفسهم وأموالهم أثيم يرتكب الجرائم والآثام.
عتل بعد ذلك زنيم: أي غليظ جاف. زنيم دعي في قريش وليس منهم وهو الوليد بن المغيرة.
قال أساطير الأولين: أي ما روته الأولون من قصص وحكايات وليس بوحي قرآني.
سنسمه على الخرطوم: أي سنجعل على أنفه علامة يعير بها ما عاش فخطم أنفه بالسيف يوم بدر.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ١ أي بناء على أنك أيها الرسول مهتد وقومك ضالون فلا تطع
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- التنديد بأصحاب الصفات التالية كثرة الحلف بالكذب، المهانة، الهمزة النميمة، الغيبة، البخل، الاعتداء، غشيان الذنوب، الغلظة والجفاء، الشهرة بالشر.
٢-التحذير من كثرة المال والولد فإنها سبب الطغيان ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾.
٣- التنديد بالمكذبين بآيات الله تعالى أو تفصيلا. والعياذ بالله تعالى.
٢ المهين: الوضيع لإكثاره من القبيح، وتفسيره بالحقير صالح وكذا الفاجر العاجز.
٣ العتل: الجافي الشديد، ومنه أخذ العتال الذي يجر الناس ويدفعهم بعنف ليدخلهم في السجن ونحوه. ومنه قوله تعالى ﴿خذوه فاعتلوه.﴾
شرح الكلمات:
إنا بلوناهم: أي امتحنا كفار مكة بالمال والولد والجاه والسيادة فلم يشكروا نعم الله عليهم بل كفروا بها بتكذيبهم رسولنا وإنكارهم توحيدنا فأصبناهم بالقحط والقتل لعلهم يتوبون كما امتحنا أصحاب الجنة المذكورين في هذا السياق.
ليصرمنها ١: أي ليجدنها أي يقطعون ثمارها صباحاً.
فطاف عليهم طائف من: أي نار فأحرقتها.
ربك وهم نائمون
فأصبحت كالصريم: أي كالليل الأسود الشديد الظلمة والسواد.
على حرثكم: أي غلة جنتكم وقيل فيها حرث لأنهم عملوا فيها.
وهم يتخافتون: أي يتشاورون بأصوات مخفوضة غير رفيعة حتى لا يسمع بهم.
إنا لضالون: أي مخطئوا الطريق أي ما هذا طريق جنتنا ولا هي هذه.
بل نحن محرومون: أي لما علموا أنها هي وقد احترقت قالوا بل نحن محرومون منها لعزمنا على حرمان المساكين منها.
قال أوسطهم: خيرهم تقوى وأرجحهم عقلا.
لولا تسبحون: أي تسبحون الله وتستثنون عندما قلتم لنصرمنها مصبحين.
يتلاومون: أي يلوم بعضهم بعضا تندماً وتحسراً.
إنا إلى ربنا راغبون: أي طامعون.
كذلك العذاب: أي مثل هذا العذاب بالحرمان العذاب لمن خالف أمرنا وعصانا.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قريش قوم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال تعالى ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ﴾ يعني كفار قريش أي امتحناهم واختبرناهم بالآلاء والنعم لعلهم يشكرون فلم يشكروا ثم بالبلاء والنقم أي بالقحط والجدب والقتل لعلهم يتوبون كما بلونا أصحاب الجنة فتابوا ثم ذكر تعالى قصة أصحاب الجنة الذين ابتلاهم فتابوا إليه ورجعوا إلى طاعته فقال ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ١ إِذْ أَقْسَمُوا﴾ –حلفوا- ﴿لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ٢﴾ أي ليقطعن ثمارها ويجدونه في الصباح الباكر قبل أن يعلم المساكين حتى لا يعطوهم شيئا. ولا يستثنون أي لم يستثنوا في حلفهم لم يقولوا إلا أن يشاء الله. ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ يا رسولنا وهو نار أحرقتها ﴿فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾ أي الليل المظلم الأسود الشديد السواد. ﴿فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ﴾ أي نادى بعضهم بعضا وهم إخوة كثير في أول الصباح قائلين ﴿اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ﴾ إن كنتم فعلا جادين في الصرام هذا الصباح. ﴿فَانْطَلَقُوا﴾ مسرعين ﴿وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾ يتشاورون في صوت خافت حتى لا
٢ في الآية أدب سام وهو أن من كان له من الزرع أو التمر ما يجد، ينبغي أن لا يجده ليلا حتى لا يحرم الفقراء من الآكل منه وأن عليه أن بمنح من يحضر الجداد والقطع شيئاً يسيراً من زرعه أو ثمره، وآية سورة النساء ظاهرة في هذا وهي قوله تعالى (وإذا حضر القسمة أولوا القربى) إلى قوله (فارزقوهم منه) الآية.
٢ الحرد: يطلق على المنع وعلى القصد القوي وعلى السرعة والغضب أيضا وجملة وغدوا إلخ حالية.
٣ لا داعي إلى تفسير لضالون بالضلال الذي هو خروج عن طاعة الله تعالى بل المراد من الضلال هو عدم اهتدائهم إلى جنتهم بأن ضلوا طريقها.
٤ الاستفهام تقريري، ولولا للتحضيض.
٥ قيل أنهم تعاقدوا وقالوا إن بدلنا الله خيراً منها لنصنعن كما يصنع أبونا فدعوا الله وتضرعوا فأبدلهم الله ما هو خير منها، سئل قتادة عن أصحاب الجنة: أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ فقال للسائل لقد كلفتني تعباً!
٦ قرأ نافع أن يبدلنا بتشديد الدال، وقرأ حفص بالتخفيف من أبدل يبدل الرباعي.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- الابتلاء يكون بالسراء والضراء أي بالخير والشر وأسعد الناس الشاكرون عند السراء الصابرون على طاعة الله ورسوله عند الضراء.
٢- مشروعية التذكير بأحوال المبتلين والمعافين ليتخذ من ذلك طريق إلى الشكر والصبر.
٣- صلاح الآباء ينفع أبناء المؤمنين فقد انتفع أصحاب الجنة بصلاح أبيهم الذي كان يتصدق على المساكين من غلة بستانه وعلامة انتفاعهم توبتهم.
٤- مشروعية الاستثناء في اليمين وأنه تسبيح لله تعالى، وأن تركه يوقع في الإثم ولذا إذا حنث الحالف لم يستثن تلوثت نفسه بآثم كبير لا يمحى إلا بالكفارة الشرعية التي حددها الشارع وهي إطعام أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة فإن لم يقدر على واحدة من هذه الأنواع صام ثلاثة أيام ليمحي ذلك الذنب من نفسه.
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)
شرح الكلمات:
إن للمتقين١: أي الذين اتقوا ربهم فآمنوا به ووحدوه فاتقوا بذلك الشرك والمعاصي.
عند ربهم جنات النعيم: أي لهم جنات النعيم يوم القيامة عند ربهم عز وجل.
أفنجعل المسلمين كالمجرمين: أي أنحيف في الحكم ونجور فنجعل المسلمين والمجرمين متساوين في العطاء والفضل والجواب لا، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة.
أم لكم كتاب فيه تدرسون: أي تقرأون فعلمتم بواسطته ما تدعون.
إن لكم فيه لما تخيرون: أي فوجدتم في الكتاب الذي تقرأون أن لكم فيه ما تختارونه.
أم لكم أيمان علينا بالغة: أي ألكم عهود منا موثقة بالأيمان لا نخرج منها ولا نتحلل إلى يوم القيامة.
إن لكم لما تحكمون: أي أعطيناكم عهودنا الواثقة أن لكم ما تحكمون به لأنفسكم كما تشاءون.
سلهم بذلك أيهم زعيم: أي سلهم يا رسولنا عن زعيمهم الذي يكفل لهم مضمون الحكم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل مما يعطى المؤمنون.
أم لهم شركاء: أي أعندهم شركاء موافقون لهم في هذا الذي قالوا يكفلون لهم به ما ادعوه وحكموا به لأنفسهم وهو أنهم يعطون أفضل مما يعطى المؤمنون يوم القيامة.
يوم يكشف عن ساق: أي يوم يعظم الهول ويشتد الكرب ويكشف الرب عن ساقه الكريم التي لا يشبهها شيء عندما يأتي لفصل القضاء.
ترهقهم ذلة: أي تغشاهم ذلة يالها من ذلة.
وقد كانوا يدعون إلى السجود: أي وقد كانوا يدعون في الدنيا إلى الصلاة وهم سالمون من أية علة ولا يصلون
وهم سالمون حتى لا يسجدوا تكبراً وتعظيماً.
قوله تعالى ﴿إِنَّ ١لِلْمُتَّقِينَ٢﴾ الآيات نزلت رداً على المشركين الذين ادعوا متبجحين أنهم إذا بعثوا يوم القيامة يعطون أفضل مما يعطى المؤمنون قياساً منهم على حالهم في الدنيا حيث كانوا أغنياء والمؤمنون فقراء فقال تعالى ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أي جنات كلها نعيم لاشيء فيها غيره. ثم قال في الرد منكرا على المشركين دعواهم مقرعا مؤنبا إياهم في سبعة استفهامات إنكارية تقريعية أولها قوله تعالى ﴿أَفَنَجْعَلُ٣ الْمُسْلِمِينَ﴾ الذين أسلموا لله وجوههم وأطاعوه بكل جوارحهم ﴿كَالْمُجْرِمِينَ﴾ الذين أجرموا على أنفسهم بارتكاب أكبر الكبائر كالشرك وسائر الموبقات أي نحيف ونجور في حكمنا فنجعل المسلمين كالمجرمين في الفضل والعطاء يوم القيامة، فنسوي بينهما وثانيها قوله: ما لكم؟ أي أي شيء حصل لكم حتى ادعيتم هذه الدعوى وثالثها كيف تحكمون أي كيف أصدرتم هذا الحكم ما حجتكم فيه ودليلكم عليه؟ ورابعها قوله ﴿أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ﴾ أي أعندكم كتاب جاءكم به رسول من عند الله تقرأون فيه هذا الحكم الذي حكمتم به لأنفسكم بأنكم تعطون يوم القيامة أفضل مما يعطى المؤمنون إن لكم فيه لما تخيرون أي ألكم في هذا الكتاب ما تختارون والجواب. لا. لا وخامسها قوله ﴿أَمْ لَكُمْ٤ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾ أي أي الكم عهودنا موثقة بأيمان لا نتحلل منها إلى يوم القيامة بأن لكم ما حكمتم به لأنفسكم من أنكم تعطون أفضل مما يعطى المؤمنون وسادسها ﴿سَلْهُمْ أَيُّهُمْ٥ بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾ أي سلهم يا رسولنا عن زعيمهم الذي يكفل لهم مضمون الحكم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل مما يعطى المؤمنون سابعها قوله ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ أي ألهم شركاء موافقون لهم في هذا الذي قالوه يكفلونه لهم فليأتوا بهم إن كانوا صادقين في ذلك. بهذه الاستفهامات الإنكارية التقريعية السبعة نفى تعالى عنهم كل ما يمكنهم أن يتشبثوا به في
٢ قال ابن عباس رضي الله عنهما: قالت كفار مكة إنا نعطى في الآخرة خيراً مما تعطون فنزلت: أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟
٣ الهمزة للاستفهام الإنكاري أي إنكار التسوية بين المسلمين والمجرمين في الجزاء مع التقريع والتوبيخ٠٠ وكذا سائر الاستفهامات في هذه الآيات.
٤ أم لكم للإضراب الانتقالي من دليل إلى آخر والاستفهام إنكاري كغيره مع ما يفيد من التأنيب والتقريع.
٥ الاستفهام هنا مستعمل للتهكم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير أن المجرمين لا يساوون المؤمنين يوم القيامة إذ لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة فمن زعم أنه يعطى ما يعطاه المؤمنون من جنات النعيم فهو مخطئ في تصوره كاذب في قوله.
٢-بيان عظم هول يوم القيامة وأن الرب تبارك وتعالى يأتي لفصل القضاء ويكشف عن ساق فلا يبقى أحد إلا سجد وأن الكافر والمنافق لا يستطيع السجود عقوبة له وفضيحة إذ كان في الدنيا يدعى إلى السجود لله فلا يسجد أي إلى الصلاة فلا يصلي تكبراً وكفراً.
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلا
٢ لولا ما صح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: إذ يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول "يكشف ربنا عن ساقه فبسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً". لقلنا في الآية أنها كناية عن أهوال يوم القيامة ولكن مع صحة الحديث فالآية دالة على أهوال يوم القيامة ومثبتة صفة ذات الرب تبارك وتعالى عن صفات المحدثين.
شرح الكلمات:
ذرني ومن يكذب: أي دعني ومن يكذب أي لا يصدق.
بهذا الحديث: أي بالقرآن الكريم.
سنستدرجهم: أي نستنزلهم درجة درجة حتى نصل بهم إلى العذاب.
وأملي لهم: أي وأمهلهم.
إن كيدي متين: أي شديد قوي لا يطاق.
فهم من مغرم مثقلون: أي فهم مما يعطونكه مكلفون حملا ثقيلا.
أم عندهم الغيب: أي اللوح المحفوظ.
فهم يكتبون: أي ينقلون منه ما يدعونه ويقولونه.
ولاتكن كصاحب الحوت: أي يونس في الضجر والعجلة.
وهو مكظوم: أي مملوء غماً.
بالعراء: أي الأرض الفضاء.
وهو مذموم: لكن لما تاب نبذ وهو غير مذموم.
فاجتباه ربه: أي اصطفاه.
ليزلقونك بأبصارهم: أي ينظرون إليك نظرا شديدا يكاد أن يصرعك.
وما هو إلا ذكر: أي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
للعالمين: أي الأنس والجن فليس بمجنون كما يقول المبطلون.
معنى الآيات:
بعد ذلك التقريع الشديد للمشركين المكذبين الذي لم يؤثر في نفوسهم أدنى تأثير قال تعالى لرسوله ﴿فَذَرْنِي١﴾ أي بناء على ذلك فذرني ومن يكذب بهذا الحديث أي دعني وإياهم، والمراد من
٢ وأملي مضارع أملى إذا أمهل وأنظر وأخر مشتق من الملا مقصوراً وهو الحين والوقت ومنه الملوان الليل والنهار فأملى بمعنى طول في الزمن.
٣ أم بمعنى بل للإضراب الانتقالي من حجة إلى أخرى ومن دليل إلى آخر.
٤ إضراب آخر كالأول وفي الكلام حذف تقديره أم عندهم علم الغيب كقوله تعالى {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾ من سورة النجم.
٥ الفاء للتفريع.
٦ المراد بحكم الرب تعالى عنا أمره وهو ما حمله رسوله من حمل الرسالة وتبليغها والاضطلاع بأعباء الرسالة.
٧ المكظوم المحبوس المسدود عليه يقال كظم الباب إذا أغلقه وكظم النهر إذا سده ومنه كظم الغيظ وهو حبسه في النفس وعدم إظهاره بقول أو فعل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- رد الأمور إلى الله إّذا استعصى حلها فالله كفيل بذلك.
٢-لا يصح أخذ أجرة على تبليغ الدعوة.
٣- وجوب الصبر على الدعوة مهما كانت الصعاب فلا تترك لأذىً يصيب الداعي.
٤- بيان حال المشركين مع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما كانوا يضمرونه له من البغض والحسد وما يرمونه به من الاتهامات الباطلة كالمجنون والسحر والكذب.
مكية وآياتها اثنتان وخمسون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢)