تفسير سورة الحاقة

بيان المعاني
تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب بيان المعاني المعروف بـبيان المعاني .
لمؤلفه ملا حويش . المتوفي سنة 1398 هـ

المارة فيما يتعلق بهذا. والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الحاقة عدد ٢٨ و ٧٨- ٦٩
نزلت بمكة بعد سورة الملك، وهي اثنتان وخمسون آية، ومئتان وست وخمسون كلمة، وألف وأربعة وثلاثون حرفا، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا ناسخ ولا منسوخ فيها، ومثلها في عدد الآي سورة القلم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: «الْحَاقَّةُ» ١ «مَا الْحَاقَّةُ» ٢ استفهام جار على التفخيم عن عظيم شأنها والتهويل عما يكون فيها «وَما أَدْراكَ» أيها السائل عنها «مَا الْحَاقَّةُ» ٣ فإنك لا تعلمها إلا إذا عاينتها، لأن فيها من الشدائد والأهوال ما لا يبلغه دراية أحد، ولا يصل لكنهها الفكر، فمهما صورتها وكيفها مثلتها فهي أكبر وأعظم من ذلك. وإنما سميت القيامة حاقّة لأنها ثابتة الوقوع وتحق على القوم فتقع فيهم «كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ» ٤ القيامة وسميت بها لأنها تقرع الناس فتدهشهم وتفرع القلوب فتفلجها، ولها أسماء كثيرة بيناها في محالها فيما مضى، وسنبين أيضا فيما يأتي. قال تعالى «فَأَمَّا ثَمُودُ» قوم صالح «فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ» ٥ الصيحة الشديدة المجاوزة للحد في القوة بسبب طعيانهم وبغيهم على عقر الناقة التي أظهرها الله معجزة لنبيهم على طلبهم، «وَأَمَّا عادٌ» قوم هود «فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ» شديدة الصوت باردة تحرق بقوة بردها الزرع والضرع «عاتِيَةٍ» ٦ عظيمة العصف قد عتت عليهم فلم يقدروا أن يقوا أنفسهم منها بعزم ولا حزم ولا حيلة، وإن الله المنتقم الجبار القهار «سَخَّرَها عَلَيْهِمْ» أي العتاة المذكورين بمقتضى قضائه الأزلي «سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً» قاطعات متتابعات لم تفتر خلالها حتى حسمتهم على آخرهم. وفي قوله تعالى سخرها رد لمن قال إن تلك الريح كانت باتصال الكواكب.
وردع لبعض المفسرين القائلين إنها عتت على الملائكة، وهذه الأيام الثمانية تسمى العجوز
لأنها كانت في عجز الشتاء، ولا يزال بردها يكرر في كل سنة، أو لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سر بها لتقي نفسها منها فاتبعتها الريح فأهلكتها «فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ» لمن يراهم «أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ» ٧ أجوافها ساقطة بالية، شبههم بجذوع النخيل الساقطة ليس لها رءوس لما قالوا إن الريح كانت تدخل من أفواههم فتخرج من أدبارهم حتى صاروا كأعجاز النخل البالية «فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ» ٨ أيها الرائي إذا كان إهلاكهم على هذه الصورة؟ كلا، قالوا إنها أهلكتهم جميعهم في سبعة أيام وفي الثامن القت جثتهم في البحر، فلم يبق لهم أثر فهذه كيفية تدميرهم أيها السائل عنهم، راجع قصتهم في الآية ٥٠ فما بعدها من سورة هود المارة، ولهذا فإن عادا الأولى لا ينسب إليها أحد أن الله تعالى أخبر أن لا باقية لها، وما جاء في بحث الخراج العشر بلفظ عادي الأرض فهو منسوب إليهم إذ بقيت ديارهم مهجورة، قال تعالى (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ) الآية ٥٨ من سورة القصص المارة. قال تعالى «وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ» من الأمم الكافرة بعد عاد وثمود «وَالْمُؤْتَفِكاتُ» قرى قوم لوط وهي خمسة صبعه وصعوه وعمرة ودوما وسدوم، وهي أعظم قراهم، قلبها الله تعالى بأهلها فهن المنقلبات بالخسف، والأمم الذين ائتفكوا بذنوبهم أي «بِالْخاطِئَةِ» ٩ وهي الفعلة ذات الخطأ الكبير «فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ» أولئك الأقوام «فَأَخَذَهُمْ» الله الذي أرسله رحمة بهم فكذبوه فصار بغيهم عليهم نقمة وصارت أخذتهم «أَخْذَةً رابِيَةً» ١٠ نامية زائدة بالشدة على عقوبات غيرهم من الكفار بالنسبة لزيادة بغيهم.
قال تعالى «إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ» على قوم نوح بسبب تماديهم على الكفر «حَمَلْناكُمْ» أيها الناس أي حملنا أصلكم نوحا ومن معه وأنتم ذريتهم «فِي الْجارِيَةِ» ٢١ السفينة، وقد أضيف الحمل إليهم لأنهم كانوا في أصلاب المحمولين فيها، فكل هذا البشر من أولاد نوح عليه السلام ولهذا سمي أبا البشر الثاني «لِنَجْعَلَها»
تلك الفعلة التي أغرقنا فيها من على وجه الأرض وأنجينا آباءكم المؤمنين «لَكُمْ»
أيها الناس «تَذْكِرَةً»
تذكرون بها «وَتَعِيَها»
من بعدكم «أُذُنٌ واعِيَةٌ»
١٢ عافلة حافظة تذكر ما جاء من عند الله فتعتبر به وتعظ غيرها فرب مبلّغ أوعى من سامع.
401
مطلب في اهوال القيامة، وإعطاء الكتب، وحال أهلها:
هذا، وبعد أن صدّر الله تعالى هذه السورة بذكر القيامة وتفخيمها وأخبار وقصص بعض الأمم السالفة وأحوالها وكيفية إهلاكها وذكر نعمة إنجاء المؤمنين، شرع يبين أحوال القيامة وما يكون فيها من أولها إلى آخرها على سبيل الإجمال فقال عز قوله «فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ» ١٣ لا تثنّى في وقتها وإلا فهي نفختان معلومتان لكل منهما زمن معلوم، وإنما قال واحدة لعدم التثنية «وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ» فيها من أماكنها بعد أن مات في تلك النفخة الأولى من عليها أجمع «فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً» ١٤ بأن ضرب الجبال في الأرض بيد القدرة البالغة، فصارت كثيبا مهيلا وهباء منثورا «فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ» ١٥ قامت القيامة ونشر من في الأرض «وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ» ١٦ رخوة مشققة مفطرة بعد ما كانت قوية محكمة لا فطور فيها «وَالْمَلَكُ» أعم من الملائكة «عَلى أَرْجائِها» جوانب السماء وأطرافها لأنها مسكنهم، فإذا كورت لجأوا إلى جوانبها وحوافّها، ثم يموتون أيضا لدخولهم في عموم قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) الآية ٣٥ من سورة الأنبياء وهي مكررة في البقرة وغيرها «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ» فوق رءوسهم من فوق الملائكة الذين هم على أكتاف السموات «يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ» ١٧ أملاك عظام وهم من المستثنين من الموت كما مر في الآية ٦٨ من سورة الزمر المارة، «يَوْمَئِذٍ» يوم إذ كان ذلك كلّه ونفخت النفخة الثانية وقام الناس وغيرهم من مدافنهم أحياء «تُعْرَضُونَ» أيها الخلائق على خالقكم ليحاسبكم ويجازبكم «لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ» ١٨ عليه من كل ما وقع منكم سرا أو جهرا، عمدا أو خطأ، بقصد أو غير قصد. ثم تعطى الكتب بالأعمال «فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ» فيغلب عليه الفرح وينادى بأعلى صوته على رءوس الأشهاد «فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ» ١٩ خذوه فانظروه واقرءوه، وذلك لأنه بلغ غاية السرور فأراد أن يطلع عليه معارفه وغيرهم ليعلموا أنه كان في الدنيا على الحق، كما أن من ينجح بالفحص يعلن بالمذياع أو غيره نجاحه ويري شهادته لمن يراه فرحا بها
402
مع أنها قد لا توصله لشيء ولو أوصلته فإنه وما توصله إليه فان، فكيف بتلك الشهادة الباقية المخلدة الموصلة إلى دار النعيم التي لمثلها يعمل العاملون وبها يتنافس المتنافسون؟ ويقول لهم أيضا «إِنِّي ظَنَنْتُ» تيفنت في الدنيا «أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» في الآخرة لأنه كان يعتقد ما جاء به الرسل من البعث والحساب والثواب والعقاب وكان حسن الظن بالله والله عند ظن عبده به
«فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ» ٢١ لأمنه مما كان يخافه وقد أعطي أمنينه «فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ» ٢٢ مرتفعة مكانا ومكانة «قُطُوفُها» ثمارها التي تقطف منها للأكل «دانِيَةٌ» ٢٣ للمتناول قائما وقاعدا ومضطجعا لا تحيجه لحركه أو آلة ولا لأمر بل بمجرد ما تخطر بباله تصير أمامه وتقول لهم الملائكة «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ» لهذا اليوم «فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ» ٢٤ الماضية من أيام الدنيا، وهذه الآية السادسة التي تدل على أن العمل دخل في دخول الجنة كما ذكرنا في مثلها في الآية ٧٢ من سورة الزخرف والآية ٣٢ من سورة النحل المارتين والآية ٤٣ من سورة الأعراف في ج ١ «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ» بصوت منخفض ملؤه الحزن والأسى والأسف والحرقة والندم والتأوه لسوء ما يرى وخيبة ما يلقى «يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ» ٢٦ كما كنت في الدنيا، وإذا كان من يسقط بالفحص قد يؤدي به الحال إلى الانتحار لشدة استيائه ويتوارى عن الناس خجلا، فلا لوم على من يسقط في الآخرة أن يقول ما قال ويقول «يا لَيْتَها» الموتة الأولى «كانَتِ الْقاضِيَةَ» ٢٧ عليه القاطعة لهذه الحياة المشئومة يا ويلتا ويا حسرتا «ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ» ٢٨ شيئا مما أنابه من العذاب، وقد «هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ» ٢٩ الذي كنت أحتمي به في الدنيا من قوة وسلطة وحجة وعقل وبقيت ذليلا حقيرا،
فيقول الله تعالى لخزنة جهنم «خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ٣٠ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ» ٣١ أحرقوه بها «ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً» بذراع يعلمه الله وليس مما نعرف من الذراع ويقال لهم «فَاسْلُكُوهُ» ٣٢ بأن تلف على جسده مرات حتى تستغرقه، فيكون كأنه أدخل فيها، لأن معنى السلك الإدخال، قال تعالى (أَنْزَلَ مِنَ
السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ)
الآية ٢٢ من سورة الزمر المارة أو أنها تسلك فيه بأن تدخل من حلقه وتخرج من دبره كما يسلك الخيط بالإبرة، وسبب هذا الإرهاق هو «إِنَّهُ» ذلك الخبيث في حالة الدنيا «كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ» ٣٣ «وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ» ٣٤ فلا يحث نفسه ولا أهله ولا غيره على التصدق غلبه في الدنيا، فعلى المستطيع أن يتصدق ويحث أهله وغيره على التصدق قبل حلول هذا اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا جاه ولا رياسة قال بعضهم: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان فلا نخلع النصف الثاني بالإطعام لئلا يقال لي غدا «فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ» ٣٥ صديق أو قريب ليشفع له أو ينفعه «وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ» ٣٦ غسالة قروح أهل النار أو ما يسيل من صديدهم «لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ» ٣٧ كنيرو الخطايا. وبعد أن أنهى ما يتعلق بأحوال أهل النعمة والنقمة، أقسم على صحة كتابه وصدق رسوله مبرئا لهما من طعن الكفرة وأضرابهم، وهدد من يفتري عليه ويكذّب رسله بقوله جلّ قوله «فَلا أُقْسِمُ» ان الأمر واضح لا يحتاج للقسم، وعليه تكون لا نافية، وقدمنا ما فيها في أول سورة القيامة ج ١ فراجعها، «بِما تُبْصِرُونَ» ٣٨ مما في الأرض والسماء «وَما لا تُبْصِرُونَ» ٣٩ من مخلوقات الدنيا والآخرة «إِنَّهُ» أي القرآن العظيم في معانيه، الجليل في مراميه «لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» ٤٠ هو رسولكم يا أهل مكة ومن حولها، وقد أضاف القول له مع أنه تعالى هو المتكلم به لأنه هو الذي يتلوه عليهم ويبلغهم إياه، وما قيل إن المراد بالرسول هنا هو جبريل عليه السلام ينفيه
قوله تعالى «وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» ٤١ «وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» ٤٢ لأنهم لم يصموا جبريل عليه السلام بالشعر والكهانة بل وصموا محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب بهما، وهو المبرأ عنهما ووصموا الحضرة الإلهية الجليلة، راجع الآية ٣٤ من سورة الأنعام المارة، ثم أكد ذلك القول الذي نسبه لحضرته بقوله «تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» ٤٣ لم يختلقه محمد كما تقولون ولم يتعلمه من أحد وليس من أساطير الأولين بل هو وحي من الله منزل عليه. واعلموا أيها الناس أن هذا هو الواقع «وَلَوْ تَقَوَّلَ» محمد أو
افترى أو اختلق من نفسه شيئا ونسبه إلينا وبهت «عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ» ٤٤ كما يقوله الكفار على فرض المحال وحاشا ساحته أن يفعل شيئا من ذلك أو يخطر بباله لأنه مشغول بنا، ما فيه شيء من دنياكم، فلا ينطق إلا عنّا ولا يتكلم إلا منّا، إذ هو معصوم من كل باطل بعصمتنا، ولو وقع منه شيء ما يخالف إرادتنا «لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ» ٤٥ وأهلكناه كما تفعل الملوك بمن يكذب عليها، وذلك بأن يؤخذ بيده وتضرب عنقه صبرا، وهذا على نوعين إذا كان أربد إيقاع القتل من قفاء وهو أهون لئلا يشاهد الفعل أخذه السياف بشماله، وإذا أريد إيقاع القتل بوجهه وهو صعب عليه أخذه السياف عن يمينه وضرب عنقه، وهذا التفسير هو المناسب للمقام. وفسّر بعضهم اليمين بالقوة والقدرة، أي لسلبناه القوة، وعليه قول الشماخ:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
وهو كما ترى «ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ» ٤٦ هو نياط القلب وهو عرق غليظ تصادفه شفرة الذابح فإذا قطع مات الإنسان، وهذا التصوير للإهلاك على أفظع صورة لما فيه من الإذلال والإهانة، وعند ذلك «فَما مِنْكُمْ» أيها الناس «مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» ٤٧ بيننا وبينه لتمنعونا عن إجراء ذلك فيه إذ لا قدرة لكم، والمعنى أن محمدا صلّى الله عليه وسلم لا يكذب علينا قط لأنه يعلم كيف نفعل بمن يفتري علينا، ويعلم أننا لا تمكن أحدا أن يبهت علينا «وَإِنَّهُ» ذلك القرآن المصون «لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ» ٤٨ من عقاب الله وعظة وعبرة لهم لأنهم المنتفعون به «وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ» ٤٩ به كثيرين لا يصغون لسماعه ولا يميلون لاتباعه «وَإِنَّهُ» ذلك القرآن المجيد الذي كذبتم به «لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ» ٥٠ يوم القيامة لأنهم حين يرون ما صار إليه المؤمنون من الثواب والكرامة يندمون على تكذيبهم، ولات حين مندم
«وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ» ٥١ الذي لا شك فيه ولا شبهة بأنه منزل من لدنا عين اليقين ومحض اليقين. فيا سيد الرسل لا تلتفت إلى تكذيبهم، ولا تتأثر مما يصمونك به، ولا تترك دعوتهم، وكلما فرغت من تبليغ ما يتلى عليك «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» ٥٢ وداوم على التسبيح
Icon