تفسير سورة المطفّفين

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة المطففين من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة المطففين
مكية١ في قول ابن مسعود والضحاك ويحيى بن سلام. ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومقاتل.
قال مقاتل : هي أول سورة نزلت بالمدينة. وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا ثماني آيات من قوله تعالى :" إن الذين أجرموا " إلى آخرها مكي.
وقال الكلبي وجابر بن زيد : قد نزلت بين مكة والمدينة.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ سارت المصاحف المتداولة اليوم على أن السورة مكية كلها وأنها آخر سورة نزلت بمكة..

﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ قوله تعالى: ﴿ويْلٌ للمطفّفين﴾ قال ابن عباس: كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلاً، إلى أن أنزل الله تعالى: ﴿ويل للطففين﴾ فأحسنوا الكيل، قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا. أعمض بعض المتعمقة فحمله على استيفاء العبادة بين الناس جهراً، وفي النقصان سراً.
225
وفي (ويل) سبعة أقاويل: أحدها: أنه واد في جهنم، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً. الثاني: صديد أهل النار، قاله ابن مسعود. الثالث: أنه النار، قاله عمر مولى عفرة. الرابع: أنه الهلاك، قاله بعض أهل اللغة. الخامس: أنه أشق العذاب. السادس: أنه النداء بالخسار والهلاك، وقد تستعمله العرب في الحرب والسلب. السابع: أن أصله ويْ لفلان، أي الجور لفلان، ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة. والمطفف: مأخوذ من الطفيف وهو القليل، والمطفف هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن. قال الزجاج: بل مأخوذ من طف الشيء وهي جهته. ﴿الذين إذا اكْتالوا على الناسِ يَسْتوْفُونَ﴾ أي من الناس، ويريد بالاستيفاء الزيادة على ما استحق. ﴿وإذا كالُوهم أو وَزَنُوهم يُخْسِرون﴾ يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم بحذف هذه الكلمة لما في الكلام من الدلالة عليها، ﴿يخسرون﴾، ينقصون فكان المطفف يأخذ زائداً ويعطي ناقصاً. ﴿يومَ يَقُومُ الناسُ لربِّ العَالَمِينَ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: يوم يقومون من قبورهم، قاله ابن جبير. الثاني: يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قاله يزيد بن الرشك. قال أبو هريرة: قال النبي ﷺ لبشير الغفاري: (كيف أنت صانع يوم يقوم
226
الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر، ) قال بشير: المستعان الله. الثالث: أنه جبريل يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير. ويحتمل رابعاً: يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
227
﴿ الذين إذا اكْتالوا على الناسِ يَسْتوْفُونَ ﴾ أي من الناس، ويريد بالاستيفاء الزيادة على ما استحق.
﴿ وإذا كالُوهم أو وَزَنُوهم يُخْسِرون ﴾ يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم بحذف هذه الكلمة لما في الكلام من الدلالة عليها، ﴿ يخسرون ﴾، ينقصون فكان المطفف يأخذ زائداً ويعطي ناقصاً.
﴿ يومَ يَقُومُ الناسُ لربِّ العَالَمِينَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يوم يقومون من قبورهم، قاله ابن جبير.
الثاني : يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قاله يزيد بن الرشك.
قال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري :" كيف أنت صانع يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر، " قال بشير : المستعان الله.
الثالث : أنه جبريل يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير١
ويحتمل رابعاً : يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
١ ألفظ الآية لا تؤيد هذا القول لأن الله تعالى يقوم: يوم يقوم الناس..
﴿كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون﴾ ﴿كلاّ إنّ كتابَ الفُجّارِ لفي سِجِّينٍ﴾ أما (كلا) ففيه وجهان: أحدهما: حقاً. الثاني: أن كلا للزجر والتنبيه. وأما (سجّين) ففيه ثمانية أقاويل: أحدها: في سفال، قاله الحسن. الثاني: في خسار، قاله عكرمة. الثالث: تحت الأرض السابعة، رواه البراء بن عازب مرفوعاً. قال ابن أسلم: سجّين: الأرض السافلة، وسجّيل: سماء الدنيا.
227
قال مجاهد: سجّين صخرة في الأرض السابعة، فيجعل كتاب الفجار تحتها. الرابع: هو جب في جهنم، روى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: (الفلق جُبٌّ في جهنم مغطّى، وسجّين جب في جهنم مفتوح.) الخامس: أنه تحت خد إبليس، قاله كعب الأحبار. السادس: أنه حجر أسود تحت الأرض تكتب فيه أرواح الكفار، حكاه يحيى بن سلام. السابع: أنه الشديد قاله أبو عبيدة وأنشد:
٨٩ (ضرباً تَواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا} ٩
الثامن: أنه السجن، وهو فِعّيل من سجنته، وفيه مبالغة، قاله الأخفش عليّ بن عيسى، ولا يمتنع أن يكون هو الأصل واختلاف التأويلات في محله. ويحتمل تاسعاً: لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان ﴿كِتابٌ مَرْقومٌ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: مكتوب، قاله أبو مالك. الثاني: أنه مختوم، وهو قول الضحاك. الثالث: رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن كعب وقتادة. ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم. ﴿كلاّ بل رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكْسبونَ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أن (ران): طبع على قلوبهم، قاله الكلبي. الثاني: غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر:
228
(وكم ران من ذنْب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى)
الثالث: ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب، قاله الحسن. الرابع: أنه كالصدإ يغشى القلب كالغيم الرقيق، وهذا قول الزجاج.
229
﴿ كِتابٌ مَرْقومٌ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : مكتوب، قاله أبو مالك.
الثاني : أنه مختوم، وهو قول الضحاك.
الثالث : رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن كعب وقتادة.
ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم.
﴿ كلاّ بل رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكْسبونَ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : أن " ران " : طبع على قلوبهم، قاله الكلبي.
الثاني : غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر :
وكم ران من ذنْب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى
الثالث : ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب، قاله الحسن.
الرابع : أنه كالصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق، وهذا قول الزجاج.
﴿كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون﴾ ﴿كلاّ إنّ كتابَ الأبرارِ لفِي علّيِّينَ﴾ فيه خمسة أقاويل: أحدها: أن عليين الجنة، قاله ابن عباس. الثاني: السماء السابعة، قاله ابن زيد، قال قتادة: وفيها أرواح المؤمنين. الثالث: قائمة العرش اليمنى، قاله كعب. الرابع: يعني في علو وصعود إلى الله تعالى، قاله الحسن. الخامس: سدرة المنتهى، قاله الضحاك. ويحتمل سادساً: أن يصفه بذلك لأنه يحل من القبول محلاً عالياً. ﴿تَعْرِفُ في وُجوههم نَضْرَةَ النّعيم﴾ فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها الطراوة والغضارة، قاله ابن شجرة. الثاني: أنها البياض، قاله الضحاك. الثالث: أنها عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم، قاله عليّ.
229
ويحتمل رابعاً: أنها استمرار البشرى بدوام النعمة. ﴿يُسقَوْنَ مِن رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ وفي الرحيق ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه عين في الجنة مشوب بمسك، قاله الحسن. الثاني: أنه شراب أبيض يختمون به شرابهم، قاله ابن أبي الدرداء. الثالث: أنه الخمر في قول الجمهور، ومنه قول حسان:
(يسقون من ورد البريص عليهم بَرَدَى يُصَفِّق بالرحيق السّلْسَلِ)
لكن اختلفوا أي الخمر هي على أربعة أقاويل: أحدها: أنها الصافية، حكاه ابن عيسى. الثاني: أنها أصفى الخمر وأجوده، قاله الخليل. الثالث: أنها الخالصة من غش، حكاه الأخفش. الرابع: أنها العتيقة. وفي (مختوم) ثلاثة أقاويل: أحدها: ممزوج، قاله ابن مسعود. الثاني: مختوم في الإناء بالختم، وهو الظاهر. الثالث: ما روى أُبيّ بن كعب، قال: قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم؟ قال: (غُدران الخمر.) ﴿خِتامُه مِسْكٌ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: مزاجه مسك، قاله مجاهد. الثاني: عاقبته مسك، ويكون ختامه آخره، كما قال الشاعر:
(صرف ترقرق في الحانوت باطنه بالفلفل الجون والرمان مختوما)
قال قتادة: يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك. الثالث: أن طعمه وريحه مسك، رواه ابن أبي نجيح. الرابع: أن ختمه الذي ختم به إناؤه مِسْك، قاله ابن عباس.
230
﴿وفي ذلك فلْيَتنافَسِ المُتنافِسونَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: فليعمل العاملون، قاله مجاهد. الثاني: فليبادر المبادرون، قاله أبو بكر بن عياش والكلبي. وفيما أخذ منه التنافس والمنافسة وجهان: أحدهمأ: أنه مأخوذ من الشيء النفيس، قاله ابن جرير. الثاني: أنه مأخوذ من الرغبة فيما تميل النفوس إليه، قاله المفضل. ﴿ومِزاجُهُ مِن تَسْنيمٍ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها أن التسنيم الماء، قاله الضحاك. الثاني: أنها عين في الجنة، فيشربها المقربون صرفاً، وتمزج لأصحاب اليمين، قاله ابن مسعود. وقال حذيفة بن اليمان: تسنيم عين في عدْن، وعدْن دار الرحمن وأهل عدْن جيرانه. الثالث: أنها خفايا أخفاها الله لأهل الجنة، ليس لها شبه في الدنيا ولا يعرف مثلها. وأصل التسنيم في اللغة أنها عين ماء تجري من علو إلى سفل، ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور. ويحتمل تأويلاً رابعاً: أن يكون المراد به لذة شربها في الآخرة أكثر من لذته في الدنيا، لأن مزاج الخمر يلذ طعمها، فصار مزاجها في الآخرة بفضل لذة مزاجها من تسنيم لعلو الآخرة على الدنيا.
231
﴿ تَعْرِفُ في وُجوههم نَضْرَةَ النّعيم ﴾ فيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها الطراوة والغضارة١، قاله ابن شجرة.
الثاني : أنها البياض، قاله الضحاك.
الثالث : أنها عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم، قاله عليّ.
ويحتمل رابعاً : أنها استمرار البشرى بدوام النعمة.
١ والغضارة: في ك والعصيان، وهو تحريف يضاد المعنى المراد..
﴿ يُسقَوْنَ مِن رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ﴾ وفي الرحيق ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه عين في الجنة مشوب بمسك، قاله الحسن.
الثاني : أنه شراب أبيض يختمون به شرابهم، قاله ابن أبي الدرداء.
الثالث : أنه الخمر في قول الجمهور، ومنه قول حسان :
يسقون من ورد البريص عليهم بَرَدَى يُصَفِّق بالرحيق السّلْسَلِ
لكن اختلفوا أي الخمر هي على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها الصافية، حكاه ابن عيسى.
الثاني : أنها أصفى١ الخمر وأجوده، قاله الخليل.
الثالث : أنها الخالصة من غش، حكاه الأخفش.
الرابع : أنها العتيقة.
وفي " مختوم " ثلاثة أقاويل :
أحدها : ممزوج، قاله ابن مسعود.
الثاني : مختوم في الإناء بالختم، وهو الظاهر.
الثالث : ما روى أُبيّ بن كعب، قال : قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم ؟ قال :" غُدران الخمر. "
١ أصفى: في ك أقصي، وهو تحريف..
﴿ خِتامُه مِسْكٌ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : مزاجه مسك، قاله مجاهد.
الثاني : عاقبته مسك، ويكون ختامه آخره، كما قال الشاعر :
صرف ترقرق في الحانوت باطنه بالفلفل الجون والرمان مختوما
قال قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك.
الثالث : أن طعمه وريحه مسك، رواه ابن أبي نجيح.
الرابع : أن ختمه الذي ختم به إناؤه مِسْك، قاله ابن عباس.
﴿ وفي ذلك فلْيَتنافَسِ المُتنافِسونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فليعمل العاملون، قاله مجاهد.
الثاني : فليبادر المبادرون، قاله أبو بكر بن عياش والكلبي.
وفيما أخذ منه التنافس والمنافسة وجهان :
أحدهما : أنه مأخوذ من الشيء النفيس، قاله ابن جرير.
الثاني : أنه مأخوذ من الرغبة فيما تميل النفوس إليه، قاله المفضل.
﴿ ومِزاجُهُ مِن تَسْنيمٍ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها أن التسنيم الماء، قاله الضحاك.
الثاني : أنها عين في الجنة، فيشربها المقربون صرفاً، وتمزج لأصحاب اليمين، قاله ابن مسعود.
وقال حذيفة بن اليمان : تسنيم عين في عدْن، وعدْن دار الرحمن وأهل عدْن جيرانه.
الثالث : أنها خفايا أخفاها الله لأهل الجنة، ليس لها شبه في الدنيا ولا يعرف مثلها١.
وأصل التسنيم في اللغة أنها عين ماء تجري من علو إلى سفل، ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : أن يكون المراد به لذة شربها في الآخرة أكثر من لذته في الدنيا، لأن مزاج الخمر يلذ طعمها، فصار مزاجها في الآخرة بفضل لذة مزاجها من تسنيم لعلو الآخرة على الدنيا.
١ هذا القول بعيد، لأن القرآن لم يخاطب العرب إلا بما يفهمون، ولا بد أن كلمة تسنيم كانت معروفة للعرب عند التنزيل..
{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار
231
يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون} ﴿وإذا انقَلَبوا إلى أهْلِهم انقَلَبوا فَكِهينَ﴾ قرأ عاصم في رواية حفص فكهين بغير ألف وقرأ غيره بألف، وفي القراءتين أربعة تأويلات: أحدها: فرحين، قاله السدي. الثاني: معجبين، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
(وقد فكهت من الدنيا فقاتلوا يوم الخميس بِلا سلاح ظاهر)
الثالث: لاهين. الرابع: ناعمين، حكى هذين التأويلين عليّ بن عيس. وروى عوف عن الحسن قال: قال رسول الله ﷺ (قال ربكم عز وجل: وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمني في الدنيا أخفته يوم القيامة). ﴿هل ثوِّب الكفارُ ما كانوا يَفْعَلونَ﴾ هذا سؤال المؤمنين في الجنة عن الكفار حين فارقوهم، وفيه تأويلان: أحدهما: معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر، قاله قتادة. الثاني: هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون، قاله مجاهد. فيكون (ثُوِّب) مأخوذاً من إعطاء الثواب. ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ، ويكون مأخوذاً من المثابِ الذي هو الرجوع، لا من الثواب الذي هو الجزاء، كما قال تعالى: ﴿وإذا جعَلْنا البيتَ مثابةً للناس﴾ أي مرجعاً. ويحتمل تأويلاً رابعاً: هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا.
232
سورة الانشقاق
مكية في قول الجميع بسم الله الرحمن الرحيم
233
﴿ وإذا انقَلَبوا إلى أهْلِهم انقَلَبوا فَكِهينَ ﴾ قرأ عاصم في رواية حفص فكهين بغير ألف وقرأ غيره بألف، وفي القراءتين أربعة تأويلات :
أحدها : فرحين، قاله السدي.
الثاني : معجبين، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر :
وقد فكهت من الدنيا فقاتلوا١ يوم الخميس بِلا سلاح ظاهر
الثالث : لاهين.
الرابع : ناعمين، حكى هذين التأويلين عليّ بن عيس.
وروى عوف عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال ربكم عز وجل : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمني في الدنيا أخفته يوم القيامة ".
١ هذا الشطر غير موزون. ولم أعثر على البيت ويستقيم الوزن إذا قيل: ولقد فكهت من الدنايا فأقبلوا، والكلمة الأخيرة أمر بهمزة وصل من الإقبال..
﴿ هل ثوِّب الكفارُ ما كانوا يَفْعَلونَ ﴾ هذا سؤال المؤمنين في الجنة عن الكفار حين فارقوهم، وفيه تأويلان :
أحدهما : معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر، قاله قتادة.
الثاني : هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون، قاله مجاهد.
فيكون " ثُوِّب " مأخوذاً من إعطاء الثواب.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ، ويكون مأخوذاً من المثابِ الذي هو الرجوع، لا من الثواب الذي هو الجزاء، كما قال تعالى :﴿ وإذا جعَلْنا البيتَ مثابةً للناس ﴾ أي مرجعاً.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا.
Icon