بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المعارج١ مكية٢٢ - بالإجماع: انظر تفسير الماوردي ٤/٣٠٢. وتفسير القرطبي ١٨/٢٧٨..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المعارجمكية
- قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾، إلى قوله: ﴿وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾.
أكثر المفسرين على أنه من السؤال، ونزلت في (النضر بن الحارث) حين قال: ﴿اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ﴾ [الأنفال: ٣٢] الآية. وأصله الهمز.
قال ابن عباس: ذلك سؤال الكفار عن عن عذاب الله وهو واقع [بهم]. قال مجاهد: ﴿سَأَلَ سَآئِلٌ﴾ أي: دعا داع بعذاب الله وهو واقع بهم في الآخرة، قال: وهو قولهم ﴿اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق﴾ الآية.
وقال قتادة: (سأل عذاب الله أقوام، فبين الله على من يقع)، على الكفارين.
(وروى عروة بن ثابت أنه من السيلان وأنه وا حد من أودية جهنم يقال له: سائل. فتكون الهمزة بدلاً من " يا " في سائل.
وقوله: ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ معناه بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم. وقيل (الكافرين).
معناه: على الكافرين، قاله الضحاك، وكذلك هي في قراءة أبي: " على
وقال الفراء: التقدير: بعذاب للكافرين واقع، ولا يجوز عندهم تعلق.
" للكافرين " بـ " واقع ". وقال الحسن: أنزل الله جل وعز ﴿سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ فقالوا: لمن هو؟ وعلى من يقع؟ فأنزل الله: ﴿لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾، فهذا يدل (على) تعلق اللام بـ " واقع ".
فأما الباء في ﴿بِعَذَابٍ﴾ فإن المبرد يقول: هي متعلقة بالمصدر الذي دَلَّ عليه الفعل. وقال غيره: هي زائدة بمنزلة قوله ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥]. والباء - في قول من جعله من السؤال - بمعنى " عن "، وهو قول الحسن، وقاله من أهل اللغة ابن السّكّيت.
أي: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله رادٌّ يرده عنهم.
- وقوله ﴿ذِي المعارج﴾:
أي: ذو العلو والدرجات والفواضل والنعم، قاله ابن عباس وقتادة.
وعن ابن عباس: ﴿ذِي المعارج﴾ ذي الدرجات. وقيل: إن الملائكة تعرج إليه، فنسب (ذلك إلى نفسه).
- ثم قال تعالى: ﴿تَعْرُجُ الملائكة والروح﴾.
أي: تصعد الملائكة والروح - وهو جبريل عليه السلام إلى اله.
﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
أي: كان مقدار صعودهم ذلك - لغيرهم من الخلق - خمسين ألف سنة، وهم يصعدون يوم يقدره الله، وذلك أنها تصعد من منتهى أمر الله جل ذكره من أسفل
وقال عكرمة: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: في يوم واحد من القضاء كعدل خمسين ألف سنة. وروى عكرمة عن ابن عباس: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ قال: هو يوم القيامة. وهو قول [مجاهد] وقتادة. وقيل: المعنى: لو حكم في ذلك اليوم أعقل الناس وأعدلهم لأقام خسمين ألف سنة قبل أن يحكم بين اثنين.
والروح: جبريل عليه السلام. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير والتقدير: سأل سائل
- ثم قال ﴿تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ...﴾.
قال ابن عباس: جعل الله يوم القيامة على الكفارين مقدار خمسين ألف سنة، أي: محاسبة الله الخلق [فيه] وإثباتهم أو معاقبتهم مقدار خمسين ألف سنة لو كان غير الله المحاسب والمجازي. ودل على هذا المعنى ما وروى أبو سعيد الخدري " أنه قيل للنبي عليه السلام: ما أطول هذا اليوم! فقال: " إنه على المؤمن أخف من صلاة مكتوبة يصليها ".
(وقد قل مجاهد (في قوله) تعالى): ﴿تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ﴾ قال الروح خلق الله مع الملائكة لا تراهم الملائكة كما لا ترون أنتم الملائكة.
- ثم قال: ﴿فاصبر صَبْراً جَمِيلاً﴾.
أي: فاصبر يا محمد على أذاء هؤلاء المشركين لك، ولا يمنعك ما تلقى
ومعنى ﴿جَمِيلاً﴾: أي: لا حرج فيه، قال ابن زيد: هذا منسوخ، إنما كان قبل الأمر بالقتال، ثم أمر بالقتال والغلظة (عليهم) والشدة، وقيل: هو محكم؛ لأن النبي عليه السلام لم يزل صابراً عليهم محتملاً. ويقال: الصبر الجميل في المصائب ألا يُعرَف صاحبُ المصيبة بن جماعته [لتجلده] في صبره/ [واحتسابه].
- ثم قال: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾.
(أي): إن هؤلاء [المشركين]- الذين سألوا العذاب الواقع عليهم -
- قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل﴾، إلى قوله: ﴿غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾.
أي: ونرى العذاب قريباً (في) يوم تكون (فيه) السماء كالمهل. وقيل: التقدير: يبصرونهم يوم [تكون]. وقيل: التقدير: أحذروا يوم تكون السماء كالمهل، قال مجاهد: " كعكر الزيت ". وقال قتادة: تحول لوناً آخر إلى الخضرة، وقد تقدم ذكر " المهل " بأشبع من هذا.
ثم قال: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن﴾.
- ثم قال: ﴿وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً﴾..
أي: ولا يسأل قريب ولا صديق عن قريبه ولا عن صديقه لشغله بنفسه.
ومعنى ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ...﴾.
أي: يُبَصَّرُ كُلُّ إنسان قَرِينَهُ فيعرفونه. قال ابن عباس: يعرف بعضهم بعضاً، ويتعارفون، ثم يفر بعضهم [من] بعضهم، بعد ذلك، يقول الله: ﴿لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧]، وهو قول قتادة. فالهاء والميم - على هذا - للأقرباء، والضمير في [يُبَصَّرُونَ] للكفار، فالهاء والميم للأقرباء، أي: يبصر الله الكفار أقرباءهم في القيامة ويعرفهم بهم، فهو تأويل موافق لصدر الآية؛ لأنه قد ذكر
وقد روي عن ابن كثير وأبي جعفر يزيد وشيبة: أنهم قرأوا: " وَلاَ يُسأَلُ
- ثم قال ﴿يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ﴾.
(أي: يتمنى الكفار يوم القيامة لو يفتدي من العذاب ببنيه).
﴿وَصَاحِبَتِهِ...﴾ وهي زوجته، ﴿(وَأَخِيهِ)﴾ ﴿وَفَصِيلَتِهِ...﴾: عشريته، ﴿التي تُؤْوِيهِ﴾ أي: التي تضمه إلى رحلها ومنزلها لقرابة ما بينها وبينه.
- ثم قال: ﴿وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ﴾.
وجواب " لَوْ " قوله: ﴿ثُمَّ يُنجِيهِ﴾، وقيل: " ثُمَّ " بمعنى الفاء أي: فَيُنَجِّيه ذلك، فهو مثل قوله ﴿لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩] الفاء جواب " لَوْ ".
قال قتادة: ﴿وَفَصِيلَتِهِ التي تُؤْوِيهِ﴾ " الأحب فاللأحب، والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته.
.. ". قال الخليل: الفصيلة فخذ الرجل من قو مه. وقال مجاهد: فصيلته: " قبيلته ". وقال ابن زيد: " عشريته ". وفاعل " يُنْجِيهِ " محذوف، والتقدير: ثم ينجيه ذلك الافتداء، ودل " يفتدي " على الافتداء.
- ثم قال تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا لظى * نَزَّاعَةً للشوى﴾.
أي: ليس الأمر على يتمنون، ولا يفيدهم (من عذاب الله شيء. ثم ابتدأ بالإخبار عما أَعدَّ لهم من العذاب فقال: ﴿إِنَّهَا) لظى﴾، و " لضى " اسم من أسماء
والشوى جمع: شواة، وهي الأطراف. قال ابن عباس: ﴿نَزَّا (عَةً) للشوى﴾ أي: " تنزع أم الرأس ". وعنه: يعني " الجلود والهام ". وقال مجاهد: " [الجلود] الرأس ". وعنه: تنزع اللحم دون العظم. وقال أبو صالح: ﴿للشوى﴾: " للحم الساقين ". [قاله] مجاهد أيضاً. وقال الحسن: ﴿للشوى﴾: " للهام/ تحرق كل
- ثم قال تعالى: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾.
أي: تدعو لظى إلى نفسها من أدبر عن طاعة الله وتولى عن الإيمان بالله وبكتبه وَرُسُلِه، هذا معنى قول قتادة. قال ابن زيد: ليس لها سلطان (إلا على من
قال الخليل بن أحمد " ليس دعاؤها كالدعاء: " تعالوا " و " هلم ". ولكن دعوتها [إيّاهم] ما تفعل بهم من الأفاعيل، يعنى نار جهنم نعوذ بالله منها.
وقيل: معنى " تدعو " تريد وتطلب، كما قال: ﴿وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ﴾ [يس: ٥٧] أي: يريدون ويطلبون، فهو " يفتعل " من الدعاء.
ويقال: " تداعت الحيطان إذا انقاضت. وتداعى عليه العدو: إذا أتى من كل جانب. وتداعت القبائل على بني فلان، إذا أقبلوا لحربهم. [ودواعي] الدهر: صروفه.
- وقوله: ﴿وَجَمَعَ فأوعى﴾.
- ثم قال: ﴿إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً﴾.
الهلوع - عند أهل اللغة -: الجزوع، وهو هنا الذي يستعمل في حال الفقر من الجزع ما لا يجب أن يستعمله، وفي الغنى ما لا ينبغي أن يستعمله من منع الحق الواجب فيه وقلة الشكر. وقيل: الهلع شدة الجزع من شدة الحرص والضجر. وقد فسر الله جل ذكره لنا الهَلوع من هو فقال: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾.
وعن ابن عباس: الهلوع الجزوع: الحريص، وهذا كله في الكفار. وقال الضحاك ﴿إِنَّ الإنسان﴾ يعني الكافر ﴿خُلِقَ هَلُوعاً﴾ أي: بخيلاً فهو منوع للخير جزوع إذا نزل به البلاء. قال ابن جبير: ﴿هَلُوعاً﴾ " شحيحاً، جزوعاً ". وقال
- وقوله ﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً﴾ أي: إذا قل ماله وناله الفقر والعدم فهو جزوع من ذلك لا صبر له عليه.
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾ أي: إذا كثر ماله فهو بخيل بما في يديه لا ينفقه في طاعة الله ولا يؤدي منه حق الهل.
- ثم قال تعالى ذكره: ﴿إِلاَّ المصلين﴾.
(أي): إلا الذين يطيعونن الله بأداء فرائضه، [فليسوا] بداخلين في عدد من خلق هلوعاً وهو [كافر] بربه. وذكر بعض العلماء أن المصلين هنا الذين كانوا مع رسول الله، وهو قول ابن زيد.
- ثم قال: ﴿والذين في أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ﴾.
أي: موقت، وهو الزكاة ﴿لِّلسَّآئِلِ﴾ [أي] للذي يسأل ﴿والمحروم﴾ الذي حرم الغنى وهو فقير لا يسأل. قال قتادة: الحق المعلوم: " الزكاة المفروضة ". وعن
قيلأ: هو المحارف الذي لا سهم له في الإسلام له في الإسلام. وقيل: هو الذي لا سهم له (في) الغنيمة.
وقيل: هو المصاب بزرعه.
وقيل: هو " المتعفف ".
- ثم قال: ﴿والذين يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدين﴾.
أي: يؤمنون بالبعث والجزاء والجنة والنار.
﴿والذين هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾:
أي: هم وَجِلُونَ في الدنيا خوفاً (أن) يعذبهم ربُّهم في الآخرة، فهم من [خوفه] لا يضيعون فرائضه ولا يتعدون إلى ما حرمن عليهم.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾:
أي: لا يُؤمَن منه من عصى ربه. والوقف على " لَظَى " جائز حسن في قراءة
ومن جعل ﴿لظى * (نَزَّاعَةً)﴾ بدلاً من اسم " إن " وجعل " نَزَّاعَةٌ " " خبر " إن لم يقل على " لَظَى ".
وكذلك إن رفع ﴿نَزَّاعَةً﴾ على البدل من ﴿لظى﴾ أَوْ على أنها خبر بعد خبر، وكذلك إن جعل الضمير في " إِنَّهَا " للقصة لم يقف على " لظى "، / لأن " نزاعة " خبر " لظى ".
فإن نصبت " نَزَّاعَةً " فعلى الحال من " لظى "؛ لأنها معرفة. [ولا] يوقف أيضا - على هذا القول - على " لَظَى ".
وقد رد المبرد النصب ومنع جوازه، [قال]: لأنه لا يجوز أن تكون لظى إلا
- قوله تعالى: ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ إلى آخر السورة.
أي: وإلا الذين [يحفظون] فروجهم فلا يطئون إلا أزواجهم أو مملوكاتهم فلا لوم عليهم في ذلك.
- ثم قال تعالى: ﴿فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذَلِكَ...﴾.
أي: فمن التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته ومملوكته فهو متعد إلى ما حرم الله عليه، ملوم على فعله.
- ثم قال ﴿والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾.
أي: وإلا الذين يحافظون على أداء أمانتهم من فروضهم - التي ألزمهم الله إياها - وأَمَاناتِ عباده التي ائتمنوهم عليها، والوفاء بعهودهم التي أخذها الله
- ثم قال ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ﴾.
أي: وإلا الذي هم لا يكتمون ما أشهدوا عليه، ولكن يؤدونه حيث يلزمهم أداؤه غير مبدلين ولا مغيرين.
- ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾.
أي: وإلا الذين يحافظون على أداء صلواتهم بفروضها في أوقاتها، بحدودها لا يضيعون شيئاً من ذلك ثم أخبر عن مصير هؤلاء الذين تقدمت صفتهم في الاستثناء من الإنسان الهلوع فقال:
﴿أولئك فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ﴾.
أي: الذين تقدمت صفتهم - من قوله: " إِلاَّ المُصَلِّينَ " - في بساتين يكرمهم الله بكرامته.
ثم قال تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾.
أي: فما شأن الذين كفروا نحوك عامدين: قال قتادة: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ " عامدين ". وقال: ابن زيد: المهطع " الذي [لا يطرف "]. وقال الحسن:
- ثم قال ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ﴾.
روي عن ابن عباس (أنه قال): [العزون]: العصب من الناس عن يمين وشمال معرضين عن محمد يستهزئون به. وقال مجاهد (عزين: مجالس مجالس). قل قتادة: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ عامدين، ﴿عِزِينَ﴾ فرق حول رسول اله لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه. وقال الضحاك: عزين: (حلقاً) وفرقاً. قال ابن زيد: عزين: مجالس.
ومعنى ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال﴾ أي: عن يمينك وشمالك جماعات متفرقة
- ثم قال ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امرىء مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلاَّ...﴾.
[أي]: أيطمع كل إنسان منهم أن ينجو من عذاب الله فيدخل الجنة التي ينعم مَن دخلها؟! لا يكون ذلك.
- ثم قال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ﴾.
أي: مِن مَني حقير لا يستوجب (به) دخول الجنة، إنما يستوجب دخولها بالطاعة لله. قال قتادة: ﴿مِّمَّا يَعْلَمُونَ﴾ من مني قذر، فَاتَّقِ الله يا ابن آدم.
وقيل: هو إشارة إلى إعلامهم أنهم كسائر الخلق ليس لهم فضل بأن يؤتى كل أحد منهم ما يريد من دخول الله، بل حكم جميع الخلق ألا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح، وأنتم أيها المخاطبون مثل جميع خلقتم من نطفة.
" لا " زائدة، والتقدير: [أقسم برب: مشارق الشمس] وهي ثلاثمائة وستون، وبرب مغاربها، وهي ثلاثمائة وستون.
- ﴿إِنَّا لقادرون﴾.
على أن نخلق خيراً منه هؤلاء المشركين ونهلكهم.
- ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾:
أي ما يفوتنا أحد نريد هلاكه ولا أمر نريد إتمامه.
قال ابن عباس: " (إن) الشمس تطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كُوَّة، تطلع كل يوم في كوة لا ترجع إلى تلك الكوة إلى ذلك اليوم من العام المقبل، ولا تطلع إلا وهي كارهة، [تقول]: يا رب، لا تطلعني على عبادك، فإني أراهم يعصونك ويعملون بمعاصيك ". وعن ابن عباس أيضاً في قوله: {فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ المشارق
- ثم قال تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ (يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ) حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ﴾.
هذا تهديد ووعيد لكفار قريش ومن كان على دينهم. أي: دع يا محمد هؤلاء المشركين - المهطعين/ عن اليمين وعن الشمال عزين - يخوضوا في [باطلهم] ويلعبوا في هذه الدنيا حتى يلاقوا يوم القيامة الذي وعدوا به.
ثم بَيَّنَ [يومهم] الذي يوعدون فقال: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعاً...﴾، فهو يم بدلٌ من " يوم " الأول. فالمعنى [فَذَرْهُمْ] يا محمد حتى يلاقوا يوم يخرجون من القبور مسرعين إلى الداعي.
- ﴿كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾.
أي: كأنهم إلى عَلَم قد نصب لهم يستبقون، [و " نَصْب " مصدر: نَصَبتُ الشيء] نَصْباً فتأويله كأنهم إلى صنم منصوب (لهم) يسرعون ذليلين. وروي
وقد قيل: إن نَصْباً ونُصْباً ثلاث لغات بمعنىً، كما يقال عَمْرٌو وعُمْرٌو وعُمُرٌو. فأما قوله تعالى ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب﴾ [المائدة: ٣] فهو جمع نصاب عند كل العلماء، وهو
وقال الحسن: ﴿(كَأَنَّهُمْ) إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ أي: يبْتَدِرون نصبهم أيهم يسْتلمه أول، قال: وذلك إذا طلعت الشمس لا يلوي أولهم على آخرهم.
- وقوله: ﴿خاشعة أبصارهم...﴾.
أي: خاضعة ذليلة لما نزل بهم من الخزي والهوان.
أي: تغشاهم ذلة. والعامل في " خاشعةً " " يخرجون " أو " ترهقهم "،
- ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ اليوم (الذي) كَانُواْ يُوعَدُونَ﴾.
أي: هذا اليوم الذي تقدمت صفته هو اليوم الذين كانوا يوعدون به في الدنيا فلا يصدقون به.