مكية١ في قول ابن مسعود والضحاك ويحيى بن سلام. ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومقاتل.
قال مقاتل : هي أول سورة نزلت بالمدينة. وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا ثماني آيات من قوله تعالى :" إن الذين أجرموا " إلى آخرها مكي.
وقال الكلبي وجابر بن زيد : قد نزلت بين مكة والمدينة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ﰡ
أحدها : يوم يقومون من قبورهم، قاله ابن جبير.
الثاني : يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قاله يزيد بن الرشك.
قال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري :" كيف أنت صانع يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر، " قال بشير : المستعان الله.
الثالث : أنه جبريل يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير١
ويحتمل رابعاً : يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
٨٩ (ضرباً تَواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا} ٩
الثامن: أنه السجن، وهو فِعّيل من سجنته، وفيه مبالغة، قاله الأخفش عليّ بن عيسى، ولا يمتنع أن يكون هو الأصل واختلاف التأويلات في محله. ويحتمل تاسعاً: لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان ﴿كِتابٌ مَرْقومٌ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: مكتوب، قاله أبو مالك. الثاني: أنه مختوم، وهو قول الضحاك. الثالث: رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن كعب وقتادة. ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم. ﴿كلاّ بل رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكْسبونَ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أن (ران): طبع على قلوبهم، قاله الكلبي. الثاني: غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر:
(وكم ران من ذنْب على قلب فاجر | فتاب من الذنب الذي ران وانجلى) |
أحدها : مكتوب، قاله أبو مالك.
الثاني : أنه مختوم، وهو قول الضحاك.
الثالث : رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن كعب وقتادة.
ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم.
أحدها : أن " ران " : طبع على قلوبهم، قاله الكلبي.
الثاني : غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر :
وكم ران من ذنْب على قلب فاجر | فتاب من الذنب الذي ران وانجلى |
الرابع : أنه كالصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق، وهذا قول الزجاج.
(يسقون من ورد البريص عليهم | بَرَدَى يُصَفِّق بالرحيق السّلْسَلِ) |
(صرف ترقرق في الحانوت باطنه | بالفلفل الجون والرمان مختوما) |
أحدها : أنها الطراوة والغضارة١، قاله ابن شجرة.
الثاني : أنها البياض، قاله الضحاك.
الثالث : أنها عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم، قاله عليّ.
ويحتمل رابعاً : أنها استمرار البشرى بدوام النعمة.
أحدها : أنه عين في الجنة مشوب بمسك، قاله الحسن.
الثاني : أنه شراب أبيض يختمون به شرابهم، قاله ابن أبي الدرداء.
الثالث : أنه الخمر في قول الجمهور، ومنه قول حسان :
يسقون من ورد البريص عليهم | بَرَدَى يُصَفِّق بالرحيق السّلْسَلِ |
أحدها : أنها الصافية، حكاه ابن عيسى.
الثاني : أنها أصفى١ الخمر وأجوده، قاله الخليل.
الثالث : أنها الخالصة من غش، حكاه الأخفش.
الرابع : أنها العتيقة.
وفي " مختوم " ثلاثة أقاويل :
أحدها : ممزوج، قاله ابن مسعود.
الثاني : مختوم في الإناء بالختم، وهو الظاهر.
الثالث : ما روى أُبيّ بن كعب، قال : قيل يا رسول الله ما الرحيق المختوم ؟ قال :" غُدران الخمر. "
أحدها : مزاجه مسك، قاله مجاهد.
الثاني : عاقبته مسك، ويكون ختامه آخره، كما قال الشاعر :
صرف ترقرق في الحانوت باطنه | بالفلفل الجون والرمان مختوما |
الثالث : أن طعمه وريحه مسك، رواه ابن أبي نجيح.
الرابع : أن ختمه الذي ختم به إناؤه مِسْك، قاله ابن عباس.
﴿ وفي ذلك فلْيَتنافَسِ المُتنافِسونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فليعمل العاملون، قاله مجاهد.
الثاني : فليبادر المبادرون، قاله أبو بكر بن عياش والكلبي.
وفيما أخذ منه التنافس والمنافسة وجهان :
أحدهما : أنه مأخوذ من الشيء النفيس، قاله ابن جرير.
الثاني : أنه مأخوذ من الرغبة فيما تميل النفوس إليه، قاله المفضل.
أحدها أن التسنيم الماء، قاله الضحاك.
الثاني : أنها عين في الجنة، فيشربها المقربون صرفاً، وتمزج لأصحاب اليمين، قاله ابن مسعود.
وقال حذيفة بن اليمان : تسنيم عين في عدْن، وعدْن دار الرحمن وأهل عدْن جيرانه.
الثالث : أنها خفايا أخفاها الله لأهل الجنة، ليس لها شبه في الدنيا ولا يعرف مثلها١.
وأصل التسنيم في اللغة أنها عين ماء تجري من علو إلى سفل، ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : أن يكون المراد به لذة شربها في الآخرة أكثر من لذته في الدنيا، لأن مزاج الخمر يلذ طعمها، فصار مزاجها في الآخرة بفضل لذة مزاجها من تسنيم لعلو الآخرة على الدنيا.
(وقد فكهت من الدنيا فقاتلوا | يوم الخميس بِلا سلاح ظاهر) |
مكية في قول الجميع بسم الله الرحمن الرحيم
أحدها : فرحين، قاله السدي.
الثاني : معجبين، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر :
وقد فكهت من الدنيا فقاتلوا١ | يوم الخميس بِلا سلاح ظاهر |
الرابع : ناعمين، حكى هذين التأويلين عليّ بن عيس.
وروى عوف عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال ربكم عز وجل : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمني في الدنيا أخفته يوم القيامة ".
أحدهما : معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر، قاله قتادة.
الثاني : هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون، قاله مجاهد.
فيكون " ثُوِّب " مأخوذاً من إعطاء الثواب.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ، ويكون مأخوذاً من المثابِ الذي هو الرجوع، لا من الثواب الذي هو الجزاء، كما قال تعالى :﴿ وإذا جعَلْنا البيتَ مثابةً للناس ﴾ أي مرجعاً.
ويحتمل تأويلاً رابعاً : هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا.