تفسير سورة القمر

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة القمر من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ ﴾ دلالةٌ على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله لا يقلب العادات بمثله إلا ليجعله دلالة على صحة نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم.
وروَى انشقاق القمر عشرة من الصحابة، منهم عبدالله بن مسعود وابن عمر وأنس وابن عباس وحذيفة وجبير بن مطعم في آخرين كرهت ذكر أسانيدها للإطالة.
فإن قيل : معناه سينشقّ في المستقبل عند قيام الساعة، لأنه لو كان قد انشق في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لما خَفي على أهل الآفاق.
قيل له : هذا فاسد من وجهين، أحدهما : أنه خلاف ظاهر اللفظ وحقيقته، والآخر : أنه قد تواتر الخبر به عن الصحابة ولم يدفعه منهم أحد.
وأما قوله :" إنه لو كان ذلك قد وقع لما خَفِيَ على أهل الآفاق " فإنه جائز أن يستره الله عنهم بغيم أو يشغلهم عن رؤيته ببعض الأمور لضَرْبٍ من التدبير ولئلا يدّعيه بعض المتنبئين في الآفاق لنفسه، فأظهره للحاضرين عند دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم واحتجاجه عليهم.
قوله تعالى :﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المَاءَ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ ﴾ الآية، يدل على جواز المهايأة على الماء ؛ لأنهم جعلوا شرب الماء يوماً للناقة ويوماً لهم. ويدل أيضاً على أن المهايأة قسمة المنافع ؛ لأن الله تعالى قد سمَّى ذلك قسمة وإنما هي مهايأة على الماء لا قسمة الأصل.
واحتجّ محمد بن الحسن بذلك في جواز المهايأة على الماء على هذا الوجه، وهذا يدلّ من قوله على أنه كان يرى شرائع من كان قبلنا من الأنبياء ثابتة ما لم يثبت نسخها.
Icon