تفسير سورة ق

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة ق من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة ق
أهداف سورة ق
سورة ( ق ) سورة مكية، وآياتها ٤٥ آية، نزلت بعد سورة المرسلات.
سورة الخطبة
كان صلى الله عليه وسلم يخطب خطبة الجمعة بسورة ( ق )، حتى قالت النساء : ما حفظنا سورة ( ق ) إلا من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بها، وهي سورة تحمل أصول التوحيد، وتلفت النظر إلى دلائل القدرة في خلق السماء والأرض، وآثار الله الملموسة في إنزال المطر وإنبات النبات، وترشد إلى سنن الله في إهلاك الظالمين، واستحقاق الوعيد للمكذبين، وتجول بالإنسان داخل نفسه، وتستعرض مشاهد القيامة، وجزاء المتقين في الجنة وجزاء العصاة في النار.
وقد سلكت السورة في عرض معانيها أسلوبا رائعا أخاذا، له سيطرته على النفس والحس، وطريقته الفذة في هز أوتار القلوب.
جاء في ظلال القرآن :
سورة ( ق ) سورة رهيبة، شديدة الوقع بحقائقها، شديدة الإيقاع ببنائها التعبيري، وصورها وظلالها وجرس فواصلها، تأخذ على النفس أقطارها، وتلاحقها في خطراتها وحركاتها، وتتعقبها في سرها وجهرها، وفي باطنها وظاهرها، تتعقبها برقابة الله التي لا تدعها لحظة واحدة من المولد إلى الممات، إلى البعث إلى الحشر إلى الحساب، وهي رقابة شديدة دقيقة رهيبة، تطبق على هذا المخلوق الإنساني الضعيف إطباقا كاملا شاملا، فهو في القبضة التي لا تغفل عنه أبدا، ولا تغفل من أمره دقيقا ولا جليلا، ولا تفارقه كثيرا ولا قليلا، كل نفس معدود، وكل هاجسة معلومة، وكل لفظ مكتوب، وكل حركة محسوبة، والرقابة الكاملة الرهيبة مضروبة في وساوس القلب، كما هي مضروبة على حركة الجوارح، ولا حجاب ولا ستار دون هذه الرقابة النافذة المطلعة على السر والنجوى اطلاعها على العمل والحركة، في كل وقت وفي كل حال.
وكل هذه حقائق معلومة، ولكنها تعرض في الأسلوب الذي يبديها وكأنها جديدة، تروع الحس روعة المفاجأة، وتهز النفس هزا، وترجها رجا، وتثير فيها رعشة الخوف، وروعة الإعجاب، ورجفة الصحو من الغفلة على الأمر المهول الرهيب.
وذلك كله إلى صور الحياة، وصور الموت، وصور البلى، وصور البعث، وصور الحشر، وإلى إرهاص الساعة في النفس، وتوقعها في الحس، وإلى الحقائق الكونية المتجلية في السماء والأرض، وفي الماء والنبات، وفي التمر والطلع. ١
﴿ تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ﴾. ( ق : ٨ ).
فواتح السور
تبدأ سورة ( ق ) بهذا الحرف المفرد : ق.
وقد بدأت بعض سور القرآن بهذه الأحرف المقطعة، فمنها ما بدأ بحرف واحد مثل :﴿ ص والقرآن ذي الذكر ﴾. ومثل :﴿ ق والقرآن المجيد ﴾. ومثل :﴿ ن والقلم وما يسطرون ﴾.
ومنها ما بدأ بحرفين مثل :﴿ طه ﴾. ومثل :﴿ يس ﴾. ومثل :﴿ حم ﴾.
ومنها ما بدأ بثلاثة أحرف مثل :﴿ ألر ﴾. ﴿ ألم ﴾. ﴿ طسم ﴾.
ومنها ما بدأ بأربعة أحرف مثل :﴿ المص ﴾. ﴿ المر ﴾.
ومنها ما بدأ بخمسة أحرف مثل :﴿ كهيعص ﴾. ومثل :﴿ حم * عسق ﴾.
معاني هذه الفواتح :
هناك رأيان في معنى هذه الفواتح :
الرأي الأول : إنها مما استأثر الله تعالى بعلمه، ولذلك نجد في تفسير الجلالين، وهو تفسير مختصر : ق : الله أعلم بمراده به.
الرأي الثاني : أن لها معنى، وقد ذهبوا في معناها مذاهب شتى :
١- فمنهم من قال : هي أسماء للسور التي بدئت بها.
٢- ومنهم من قال : هي إشارة إلى أسماء الله تعالى أو صفاته، وروى عن الضحاك في معنى ( ألر ) : أنا الله أرفع.
٣- ومنهم من قال : هي قسم.
٤- ومنهم من قال : هي حروف للتنبيه، كالجرس الذي يقرع فينبه التلاميذ لدخول المدرسة.
٥- ومنهم من قال : هي حروف للتحدي وبيان إعجاز القرآن.
٦- وقيل : إن هذه الأحرف قد اشتملت على جميع المعاني التي ذكرها العلماء في تفسيرها، فهي أسماء للسور، وهي إشارة إلى أسماء الله تعالى وصفاته، وهي للقسم، وهي أدوات للتنبيه، وهي حروف للتحدي والإعجاز، وهي أيضا مما استأثر الله بعلمه.
معاني سورة ق
هذه سورة مكية عنيت بسوق الحجج والأدلة على قدرة الله وعلى تأكيد البعث والجزاء.
وقد بدأت السورة بمواجهة المشركين، وعرض أفكارهم وعجبهم أن يكون الرسول بشرا مثلهم، كما أنهم أنكروا البعث والحشر بعد الموت، واستدلوا بدليل ساذج هو تفسخ الأجسام وصيرورتها ترابا.
والقرآن يوضح قدرة الله وعلمه الشامل بما تأكله الأرض من أجسامهم، فهم لا يذهبون ضياعا إذا ماتوا وكانوا ترابا، أما إعادة الحياة إلى هذا التراب فقد حدثت من قبل، وهي تحدث من حولهم في عمليات الإحياء المتجددة التي لا تنتهي. ( الآيات : ١-٥ ).
ويلفت القرآن نظر الناس إلى آثار قدرة الله، فالسماء سقف مرفوع، والأرض بساط تحفظه الجبال، وتجري فيه الأنهار، وتنمو فيه صنوف النبات، والمطر ينزل فيبعث البركة والنماء، وينبت الحب والنخيل والأعناب، ويبعث الحياة في الزرع والأرض، وبمثل هذه القدرة العالية يحيي الله الموتى ويبعثهم من قبورهم، بعد جمع ما تفرق من أجزائهم الأصلية. ( الآيات : ٦-١١ ).
ويلفت القرآن النظر إلى عبرة التاريخ ويذكر الناس بما أصاب قوم نوح من الغرق، وما أصاب المكذبين من الوعيد والهلاك، ومنهم أصحاب الرس ( والرس هي البئر ) وأصحاب الرس بقية من ثمود، كانت لهم بئر فكذبوا نبيهم ودسوه في البئر. وأصحاب الأيكة : وهم قوم شعيب، والأيكة : الغيضة، وهي الشجر الملتف الكثيف. وقوم تبع، وتبع لقب لملوك حمير باليمن.
إن هؤلاء الأقوام أنكروا الرسالة الإلهية، وكذبوا رسل الله إليهم، فاستحقوا عذاب السماء، وهذا العذاب يصيب كل مكذب بالله وأنبيائه. ( الآيات : ١٢-١٥ ).
رقابة الله
خلق الله الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحه، وصانع الآلة أدرى بتركيبها وأسرارها، فهو سبحانه عليم بخفايا الصدور، مطلع على هواجس النفوس، قريب من عباده لا يغيب عنهم أينما كانوا، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، وهناك ملائكة تسجل أعمال العباد، نؤمن بها ونفوض حقيقة المراد منها إلى الله تعالى، ولقد عرفنا نحن البشر وسائل للتسجيل، تسجل الحركة والنبرة، كالأشرطة الناطقة وأشرطة السينما والتليفزيون، فليس ببعيد على الله أن يجعل من ملائكته شهود عيان يحصون على الإنسان أقواله وأفعاله بالحق والعدل. ( الآيات : ١٦-١٨ ).
قال تعالى :﴿ كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون ﴾. ( الانفطار : ١١، ١٢ ).
مشاهد القيامة
تحدثت السورة عن البعث والحشر، ولفتت الأنظار إلى آثار الله في الآفاق، وإلى سنته في التاريخ، وإلى عجيب صنعه في حنايا البشرية. ومن إعجاز القرآن أنه ينتقل بالمشاهد من الماضي إلى الحاضر، ويلون في أسلوب العرض، ويعرض النفس الإنسانية لسائر المؤثرات، رغبة في الهداية والإصلاح. قال تعالى :﴿ وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ﴾. ( طه : ١١٣ ).
وقد عرضت سورة ( ق ) لمشاهد القيامة، وفي مقدمتها حضور سكرة الموت فجأة بلا مقدمات، والموت طالب لا يمل الطلب، ولا يبطئ الخطأ ولا يخلف الميعاد، ﴿ ذلك ما كنت منه تحيد ﴾. ( ق : ١٩ ). أي : تهرب وتفزع، والآن تعلم أنه حق لا مهرب منه ولا مفر، وتنتقل الآيات من سكرة الموت إلى وهلة الحشر وهول الحساب، وهي مشاهد تزلزل الكبرياء الجامح، وتحارب الغرور والطغيان، وتدعو للتقي والإيمان، فملك الموت ينفخ في الصور، فيقوم الناس من القبور ويهرع الجميع إلى الحساب، وتأتي كل نفس ومعها سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها، وقد يكونان الملكين الكاتبين الحافظين لها في الدنيا، وقد يكونان غيرهما، والأول أرجح، عندئذ يتقين المنكر، ويرى البعث والحشر والجزاء مشاهدا أمامه، ينظر إليه ببصر حديد نافذ لا يحجبه حجاب من الغفلة أو التهاون. ( الآيات : ١٩-٢٢ ).
ويشتد غضب الجبار على العصاة المعاندين، فيأمر الله الملكين -السائق والشهيد- أن يلقيا في النار كل كفور عنيد، مناع للخير متجاوز للحدود شاك في الدين، الذي جعل مع الله إلها آخر، فاستحق العذاب الشديد.
ويشتد الخصام بين الشيطان وأتباعه من العصاة، يحاول كل أن يتنصل من تبعة جرائمه، وينتهي الحوار بين المجرمين بظهور جهنم تتلمظ غيظا على من عصا الله، ويلقى فيها العصاة، ولكنها تزداد نهما وشوقا لعقاب المخالفين، وتقول في كظة الأكول النهم :﴿ هل من مزيد ﴾. ( الآيات : ٢٤-٣٠ ).
وعلى الضفة الأخرى من هذا الهول مشهد آخر وديع أليف رضّى جميل، إنه مشهد الجنة تقرب من المتقين حتى تتراءى لهم من قريب، مع الترحيب والتكريم. ( الآيات : ٣١-٣٥ ).
ختام السورة
في الآيات الأخيرة من السورة ( الآيات : ٣٨-٤٥ ) نجد ختاما مؤكدا للمعاني السابقة، كأنه الإيقاع الأخير في اللحن، يعيد أقوى نغماته في لمس سريع، فيه لمسة التاريخ ومصارع الغابرين، وفيه لمسة الكون المفتوح وكتابه المبين، وفيه لمسة البعث والحشر في مشهد جديد، ومع هذه اللمسات التوجيه الموحي للمشاعر والقلوب :﴿ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ﴾. ( ق : ٣٩ ). وطلوع الشمس وغروبها ومشهد الليل الذي يعقب الغروب كلها ظواهر مرتبطة بالسماوات والأرض، والقرآن يربط إليها التسبيح والحمد والسجود، ويضم إليها الصبر والأمل في الله القوي القادر، فعليك يا محمد أن تبلغ القرآن للناس علهم يتعظون أو يخافون :﴿ نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ﴾. ( ق : ٤٥ ). وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتثبيت لفؤاده، وتهديد ووعيد للعصاة والكافرين.
أهداف السورة إجمالا
قال الفيروزبادي :
مقصود سورة ( ق ) : إثبات النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان حجة التوحيد، والإخبار عن إهلاك القرون الماضية، وعلم الحق تعالى بضمائر الخلق وأسرارهم، وذكر الملائكة الموكلين على الخلق المشرفين على أقوالهم، وذكر بعث القيامة، وذل العصاة يومئذ، ومناظرة المنكرين بعضهم بعضا في ذلك اليوم، وتغيظ الجحيم على أهلها، وتشرف الجنة بأهلها، والخبر عن تخليق السماء والأرض، وذكر نداء إسرافيل بنفخه في الصور، وتكليف الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعظ الخلق بالقرآن المجيد٢.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( ٥ ) ﴾

تمهيد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة ( ق ) في خطبة الجمعة والعيدين، والمجامع الكبيرة، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والميعاد والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي ق، واقتربت٣.
وفي الآيات الأولى من السورة مناقشة الكافرين والرد عليهم، ودعوة للتأمل في خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وعجائب.
المفردات :
ق : حروف افتتح الله بها بعض السور للتحدي والإعجاز، وجذب الانتباه، كالجرس الذي يقرع فيتنبه التلاميذ إلى دخول المدرسة.
والقرآن المجيد : المجيد ذي المجد والشرف على سائر الكتب، لكثرة ما فيه من الخير الدنيوي والأخروي.
التفسير :
١- ﴿ ق... ﴾
حروف بدأ الله بها بعض السور للتحدي والإعجاز، وبيان أن القرآن مكون من حروف عربية تنطقون بها، وكثيرا ما يأتي ذكر القرآن بلفظه أو بمحتواه بعد هذه الأحرف، مما يدل على أن من أهدافها التحدي بهذا الكتاب، والتنبيه إلى أهميته وفضله، وهذه الأحرف :
١- منها ما هو مكون من حرف واحد، مثل : ق. ن. ص.
٢- منها ما هو مكون من حرفين، مثل : حم. طه. يس.
٣- منها ما هو مكون من ثلاثة أحرف، مثل : طسم. الر. الم.
٤- منها ما هو مكون من أربعة أحرف، مثل : المص، المر.
٥- منها ما هو مكون من خمسة أحرف، مثل : كهيعص. حم * عسق.
وقد أقسم الله تعالى بأمور كثيرة لبيان فضلها، أو لفت الأنظار إليها، أو بيان العظمة الإلهية في خلقها وتسخيرها، ومما أقسم الله به ما يأتي مفردا أي مرة واحدة، وأحيانا يقسم بأمرين، وأحيانا بثلاثة أمور، وأحيانا بأربعة أمور، وبخمسة أمور، ومثل ذلك ما يأتي :
١- القسم بأمر واحد مثل :﴿ والعصر ﴾ ( العصر : ١ )، ومثل :﴿ والنجم إذا هوى ﴾. ( النجم : ١ ).
٢- القسم بأمرين مثل :﴿ والضحى * والليل إذا سجى ﴾. ( الضحى : ١، ٢ )، ومثل :﴿ والسماء والطارق ﴾. ( الطارق : ١ ).
٣- القسم بثلاثة أمور، مثل :﴿ والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ١-٤ ).
٤- القسم بأربعة أمور، مثل :﴿ والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا * فالجاريات يسرا * فالمقسمات أمرا * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع ﴾. ( الذاريات : ١-٦ ).
ومثل :﴿ والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد ومشهود ﴾. ( البروج : ١-٣ ).
ومثل :﴿ والتين والزيتون * وطور سنين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾. ( التين : ١-٤ ).
٥- القسم بخمسة أمور مثل :﴿ والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور ﴾. ( الطور : ١-٦ ).
وفي ( والمرسلات... )، وفي ( والنازعات )، وفي ( والفجر... ).
ولم يقسم بأكثر من خمسة أشياء إلا في سورة واحدة، وهي :﴿ والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها ﴾. ( الشمس : ١-١٠ ).
عود إلى التفسير
﴿ والقرآن المجيد ﴾.
وأقسم بالقرآن صاحب المجد والشرف، والكرم والسعة، الذي يجد فيه كل طالب حاجته، والذي هيمن على الكتب السماوية السابقة، ووضح صوابها، وما فيها من تحريف أو تبديل، والذي ختم الله به الكتب، وجعله مشتملا على أصول التشريع والآداب، والقصص والتاريخ، وسنن الكون، ونواميس الوجود، وأخبار القيامة والبعث والحشر، والجزاء والعقاب، والجنة والنار، مع سلامة اللفظ ورشاقة المعنى، وقوة السبك، وجزالة الأداء، مع الاشتمال على صنوف الإعجاز، وعجز العلوم مع تقدمها عن أن تنقض أي حكم من أحكامه، واشتماله على الإعجاز الغيبي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز البلاغي، والإعجاز اللفظي، والإعجاز العلمي، وموافقته لكل زمان ومكان، وهو ناسخ لما سبقه، غير منسوخ إلى يوم الدين.
قال تعالى :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾. ( الحجر : ٩ ).
ومعنى الآية : أقسم ب ق، وأقسم بالقرآن المجيد، وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده، وتقديره : إنك أيها الرسول لصادق فيما تبلغه عن ربك من أن البعث حق، والحساب حق، والجزاء حق، ولكن الجاحدين لم يؤمنوا بذلك.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( ٥ ) ﴾

تمهيد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة ( ق ) في خطبة الجمعة والعيدين، والمجامع الكبيرة، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والميعاد والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي ق، واقتربت٣.
وفي الآيات الأولى من السورة مناقشة الكافرين والرد عليهم، ودعوة للتأمل في خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وعجائب.
المفردات :
بل عجبوا أن جاءهم منذر : استعجبوا مما ليس بعجيب، أن يختار الله بشرا رسولا يتيما فقيرا.
شيء عجيب : يقتضي التعجب والإنكار كما زعموا.
التفسير :
٢- ﴿ بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ﴾.
بل عجب كفار قريش من أن جاءهم رسول منهم ينذرهم القيامة والبعث والحشر والجزاء والعقاب، فأنكروا الرسالة والرسول، ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا... ﴾ ( النمل : ١٤ ).
﴿ فقال الكافرون هذا شيء عجيب ﴾.
لم يكتفوا بالإنكار بل انتقلوا إلى التعجب، فاستكثروا أن يكون الرسول بشرا، وقالوا : لو أراد الله أن يرسل رسولا لاختار ملكا من الملائكة، واستكثروا أن يكون فقيرا يتيما :﴿ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾. ( الزخرف : ٣١ ). واستكثروا البعث والحياة بعد الموت والبلى.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( ٥ ) ﴾

تمهيد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة ( ق ) في خطبة الجمعة والعيدين، والمجامع الكبيرة، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والميعاد والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي ق، واقتربت٣.
وفي الآيات الأولى من السورة مناقشة الكافرين والرد عليهم، ودعوة للتأمل في خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وعجائب.
المفردات :
ذلك رجع بعيد : ذلك البعث رجع بعيد عن الوقوع، أو عن الإمكان.
التفسير :
٣- ﴿ أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ﴾.
إذا متنا ودفنا في الأرض، وتفسخت أجسامنا، وأدركنا الفناء والبلى، فإن عودة الحياة إلينا بعيدة، فما أبعد الفرق بين الموت والغياب في الأرض، وتمزق الجسد ووهن العظام وتفتتها، ثم الحياة والحركة والبعث.
وكثيرا ما استعرض القرآن شبهات الكافرين وناقشها وفنّدها، فذكر ما يأتي :
( أ ) الذي بدأ الخلق أول مرة قادر على الإعادة مرة أخرى.
( ب ) قدرة الله لا حدود لها، فهو على كل شيء قدير.
( ج ) علم الله محيط بكل شيء، فهو يعلم كل ذرة في أجسامهم، وعنده كتاب قد سجل فيه كل شيء عنهم.
قال تعالى :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ( ٧٨ ) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ( ٧٩ ) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ( ٨٠ ) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ( ٨١ ) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( ٨٢ ) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( ٨٣ ) ﴾. ( يس : ٧٨-٨٣ ).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( ٥ ) ﴾

تمهيد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة ( ق ) في خطبة الجمعة والعيدين، والمجامع الكبيرة، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والميعاد والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي ق، واقتربت٣.
وفي الآيات الأولى من السورة مناقشة الكافرين والرد عليهم، ودعوة للتأمل في خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وعجائب.
المفردات :
ما تنقص الأرض منهم : ما تأكل من لحوم موتاهم وعظامهم.
حفيظ : حافظ لتفاصيل الأشياء كلها.
التفسير :
٤- ﴿ قد عملنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ﴾.
إن بعثهم لا صعوبة فيه على الله، فقد علم ما تأكل الأرض من لحوم موتاهم وعظامهم، وعنده كتاب حافظ لكل شيء، وقد سجل فيه كل شيء، والله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، ومع ذلك سجل أمور الناس في كتاب، تصويرا لشدة الضبط والإحاطة، فإن من شأن الناس إذا أرادوا حفظ شيء وضبطه أن يسجلوه في سجل خاص به، ومن ذلكم دفاتر الحسابات والمبيعات والمشتريات، والله غني عن كل ذلك، لكنه أراد تقريب هذا الضبط إلى أذهان البشر، ولا يبعد على الله استعمال ذلك، فهو سبحانه قد أحاط بكل شيء علما، وهو سبحانه سجل أعمال العباد وما يتصل بهم في سجلات يشاهدونها يوم القيامة، ليزداد يقينهم وتأكدهم، ولأن هذا أبلغ في العدالة والضبط، فهذه الكتب بمثابة الشاهد الملموس المحسوس.
قال تعالى :﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾. ( الكهف : ٤٩ ).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ( ١ ) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٢ ) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( ٣ ) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( ٤ ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( ٥ ) ﴾

تمهيد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة ( ق ) في خطبة الجمعة والعيدين، والمجامع الكبيرة، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والميعاد والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.
أخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي ق، واقتربت٣.
وفي الآيات الأولى من السورة مناقشة الكافرين والرد عليهم، ودعوة للتأمل في خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وعجائب.
المفردات :
بالحق : بالنبوة الثابتة بالمعجزات.
فهم في أمر مريج : فهم في أمر مضطرب، من مَرَجَ الخاتم في أصبعه، إذا تحرك واضطرب من الهزال.
التفسير :
٥- ﴿ بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ﴾.
بل للإضراب والانتقال إلى ما هو أعظم من استبعادهم للبعث والحشر، فهم قد كذبوا بالوحي الإلهي، وهو القرآن الكريم، وكذبوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته لما جاءهم، وقالوا عن القرآن : أساطير الأولين، وقالوا : أضغاث أحلام، وقالوا : إنما يعلمه بشر، وقالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم : ساحر، وشاعر، وكاهن، وكاذب، وفقير، وقالوا : إنه بشر، هلا كان ملكا، وقالوا غير ذلك مما يدل على اضطرارهم واختلالهم، فهم لم يثبتوا على حال واحدة من القول، والقرآن يصور اضطرابهم بحال إنسان يريد أن يوجه تهما متعددة لآخر، فينتقل من رأي إلى آخر، ولا يستقر على حال.
قال تعالى :﴿ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ﴾. ( الأنبياء : ٥ ).
ونلحظ أن القرآن هنا قد استعمل كلمة مناسبة في الرد عليهم حين قال :
﴿ فهم في أمر مريج ﴾.
أي : مضطرب مختلط، بحيث لا يستقرون على حال، يقال مرج الأمر -بزنة طرب- إذا اختلط وتزعزع وفقد الثبات والاستقرار والصلاح، ومنه قولهم : مرجت أمانات الناس، إذا فسدت وعمتهم الخيانة، ومرج الخاتم في أصبع فلان، إذا تخلخل واضطرب لشدة هزال صاحبه.
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
بنيناها : أحكمنا بناءها، فجعلناها بغير عمد.
وزيناها : بالكواكب على أبدع نظام، وأكمل إحكام.
فروج : شقوق.
التفسير :
٦- ﴿ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ﴾.
أفلم ينظر هؤلاء الكفار بأم أعينهم إلى السماء فوقهم، وهي قبة مترامية الأطراف، لا تعتمد على أعمدة ليتأملوا في هذه القبة الزرقاء، ﴿ كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ﴾.
كيف أحكمنا بناءها، ورفعنا بنيانها بدون عمد يرونها، وزيناها بالنجوم، كالثريا التي تزين المنازل، ولم نجعل في السماء شقوقا ولا عيوبا ولا تصدعا.
﴿ فروج ﴾. جمع فرج، وهو الشق بين الشيئين، والمراد : سلامتها من كل عيب وخلل.
كما قال سبحانه وتعالى :﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾. ( الملك : ٣، ٤ ).
أي : لن تجد في السماء عيبا ولا تشققا ولا تصدعا ولا خللا، ومهما بحثت عن عيب وكررت النظر مرارا، فسينقلب البصر كليلا متعبا، بعد لَأْي وجهد لأنه لم يجد أي عيب في السماء، وقد جعل الله النجوم في السماء لثلاثة أهداف :
الأول : أنها زينة للسماء.
الثاني : أنها هداية للسائرين في الصحراء والبحار، ليعرفوا بها الجهات الأربع الأصلية، ومن ثم يهتدون إلى الطريق الذي يسلكونه.
الثالث : أنها رجوم وشهب وتصيب الشياطين، الذين يحاولون استراق السمع من السماء.
قال تعالى :﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ( ٦ ) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ( ٧ ) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( ٨ ) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ( ٩ ) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ( ١٠ ) ﴾ ( الصافات : ٦- ١٠ ).
وقال سبحانه وتعالى :﴿ وعلامات وبالنجم هم يهتدون ﴾. ( النحل : ١٦ ).
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
مددناها : بسطناها.
رواسي : جبالا ثوابت تمنعها من الاضطراب.
زوج : صنف.
بهيج : ذي بهجة وحسن.
التفسير :
٧ – ﴿ والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ﴾.
والأرض بسطناها في نظر العين، وبسطها لا ينافي كرويتها وحركتها أمام الشمس، ويترتب على ذلك الليل والنهار، فالجزء المتعرض للشمس يكون نهارا، والمختبئ عن الشمس يكون ليلا.
﴿ وألقينا فيها رواسي... ﴾
وخلقنا فيها جبالا رواسي، تحفظها من أن تميد أو تضطرب، والجبال من أنعم الله تعالى، ففي قمتها تتجمع الثلوج في الشتاء، ثم تنزل في الصيف فتسقي الزرع، وتفيض على المرتفعات، والجبال ملجأ للهارب، وأمان للعابد، وبيت لراغب الخلوة، ولأمر ما سبحت الجبال مع داود، وخر الجبل أمام موسى عندما تجلى الله تعالى للجبل، وكانت خلوة النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء حين نزل الوحي أول مرة، وابتدأت الهجرة من غار ثور، وبجوار جبل أحد كانت غزوة أحد، وهناك دفن شهداء الصحابة، وقال صلى الله عليه وسلم :( أحد جبل يحبنا ونحبه )٤.
وشعائر الحج تتم عند جبل عرفات، وعند السعي بين الصفا والمروة وهما جبلان، وفي الأثر :( الحج وقفة وطواف )، أي : وقفة بجبل عرفات، وطواف الإفاضة حول الكعبة.
والجبال أوتاد تحفظ الأرض وتحفظ توازنها.
قال تعالى :﴿ والجبال أرساها ﴾. ( النازعات : ٣٢ ).
وقال تعالى :﴿ وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم... ﴾ ( الأنبياء : ٣١ ).
ولأمر ما كانت الرسالات السماوية ونزول الوحي يتم عند الجبال، حيث يتفرغ الإنسان لمقابلة مولاه، متخلصا من الدنيا وزحامها ومشاغلها، فقد نادى الله تعالى موسى عند جبل الطور، ونزل وحي السماء أول مرة :﴿ اقرأ ﴾. في غار حراء، وهو خلوة في أعلى جبل.
﴿ وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ﴾.
أنبتنا في الأرض صنوف النباتات، والأزهار والثمار، والحب والقضب، والحدائق والبساتين، والورود والنبات اليانع النضير.
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
تبصرة وذكرى : تبصيرا وتذكيرا.
منيب : من أناب، إذا رجع وخضع.
التفسير :
٨ – ﴿ تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ﴾.
إن هذه الصنعة البديعة، والخضرة الناضرة، وألوان الزروع والنباتات، والثمار والكروم والفواكه، وألوان النبات المتعددة تأخذ بالألباب، وتبصر القلب والنفس، وتذكر الفؤاد والحس بأن من أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الإنسان بعد الموت، وقادر على البعث والنشر والحساب والجزاء.
والعبد المنيب : الذي أناب إلى الله، ورجع إلى مولاه، وتأمل في بديع مخلوقاته، وانتقل من جمال الصنعة إلى جلال الصانع.
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
حب الحصيد : حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد، كالبر والشعير.
التفسير :
٩- ﴿ ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ﴾.
ولينظروا إلى آثار قدرتنا، حيث يسرنا نزول المطر من السماء، وهذا الماء كثير البركة، حيث ينبت البساتين الناضرة، والزروع المثمرة، والحب الذي يحصد مثل الشعير والقمح.
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
باسقات : طويلات.
طلع : ما ينمو ويصير بلحا ثم رطبا ثم تمرا.
نضيد : منضود بعضه فوق بعض.
التفسير :
١٠- ﴿ والنخل باسقات لها طلع نضيد ﴾.
وأنبتنا بهذا الماء النخل الطويلات، بها بلح منظم منضد متراكم بعضه على بعض، مما يدل على كثرته، وتخصيص النخل بالذكر مع اندراجه في الجنات لبيان فضل النخلة على سائر الأشجار.
وفي الحديث الشريف :( إنها أمكم النخلة ).
وفي الحديث أيضا :( ألا أدلكم على شجرة كقلب المؤمن لا تجف صيفا ولا شتاء )، قلنا : بلى يا رسول الله، قال :( إنها النخلة )٥.
وقد ورد في الحديث أن من الصدقات الجارية زراعة النخيل، ووقف المصحف، ودعاء الابن لوالده.
قال القائل :
وراثة مصحف، ودعاء نجل وعرس النخل، والصدقات تجرى
أدلة القدرة الإلهية
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ( ٦ ) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ( ٧ ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ( ٨ ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( ٩ ) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ( ١٠ ) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ( ١١ ) ﴾

تمهيد :

يقدم القرآن هذا الدليل العملي المشاهد على قدرة الله العلي القدير في هذه الصور المتتابعة، وهي :
( أ ) السماء العالية البناء في زينتها وعدم تشققها.
( ب ) الأرض المبسوطة، وفوقها الجبال الراسية، وقد خرجت منها صنوف النباتات والأزهار، والزرع وغير ذلك.
( ج ) نزول الأمطار التي تنبت الجنات والبساتين، وحب الذرة والشعير والقمح الذي يحصده الفلاح، فيقتات به الإنسان والحيوان وغيرهما.
( د ) والنخل الباسقة الطويلة، تحيط بها قلادة البلح المنظم النضير.
( ه ) هذه النعم رزق للعباد، وقد أحيينا الأرض الميتة بالماء، وكذلك نبعث الموتى بقدرتنا، فهو سبحانه على كل شيء قدير.
المفردات :
كذلك الخروج : مثل ذلك خروجكم للبعث من قبوركم.
التفسير :
١١- ﴿ رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج ﴾.
أنبتنا كل ذلك رزقا للعباد، ونفعا لهم وتيسيرا لحياتهم، وأحيينا بهذا الماء أرضا ميتة، جعلناها تهتز وترتفع بالنبات، وتثمر من كل زوج بهيج، وكما أحيا الله الأرض بعد موتها بالماء فإنه سبحانه بقدرته يبعث الإنسان ويحييه بعد الموت.
والآيات لوحة هادفة في منظرها ونظامها وإبداعها، وقد ذكر الإمام الرازي أن الله تعالى ذكر في كل آية ثلاثة أمور متناسبة :
ففي آية السماء ذكر البناء والتزيين وسد الفروج، وفي آية الأرض ذكر المد وإلقاء الرواسي والإنبات فيها، وكل واحد هنا في مقابلة واحد مما سبق، فالمد في مقابلة البناء، لأن المد وضع، والبناء رفع، والرواسي في الأرض ثابتة، والكواكب مركوزة مزينة للسماء، والإنبات في الأرض شقها، في مقابل أن السماء سقف ليس به شقوق، وفي آية المطر إنبات الجنات والحب والنخل، وهذه الأمور الثلاثة إشارة إلى الأجناس الثلاثة، وهي ما له أصل ثابت يستمر مكثه في الأرض سنين وهو النخيل، وما ليس له أصل ثابت مما لا يطول مكثه في الأرض وهو الحب الذي يتجدد كل سنة، وما يجتمع فيه الأمران وهو البساتين، وهذه الأنواع تشمل مختلف الثمار والزروع.
التذكير بحال المكذبين الأولين
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( ١٢ ) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣ ) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤ ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ١٥ ) ﴾

تمهيد :

يقدم الحق سبحانه وتعالى طائفة من الأدلة على صدق الرسالات والبعث، فذكر فيما سبق أصناف المخلوقات في السماء والأرض، وهنا يستعين بحقائق التاريخ، حيث أرسل الله طائفة من المرسلين، مثل نوح عليه السلام ومن بعده من الرسل، فكذبهم المكذبون فأهلك الله المكذبين، ونجى المرسلين، وقد تكررت هذه الأفكار في عدد من السور المكية، تهديدا للمشركين حتى لا يصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم، وفيها تسلية للرسل الأمين، كما قال سبحانه :﴿ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم... ﴾ ( الأحقاف : ٣٥ ).
المفردات :
كذبت : أنث الفعل لأن :﴿ قوم ﴾. اسم جنس، بمعنى الجماعة، فإذا ذُكّر فعلى معنى الجمع، وإذا أنث فعلى معنى الجماعة.
الرس : البئر التي لم تطو، أي : لم تبن.
التفسير :
١٢ – ﴿ كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ﴾.
لم تكن أنت بدعا من الرسل، ولم يكن تكذيب قومك بدعا من تكذيب أقوام الرسل، فقد كذب قوم نوح نوحا فأهلكهم الله بالطوفان، وأصحاب الرس – وهي البئر التي لم تُبن، وقد قيل : إنهم من بقايا قبيلة ثمود- بعث الله إليهم واحدا من أنبيائه، فكذبوه ورسّوه في تلك البئر، أي ألقوا به فيها، فأهلكهم الله سبحانه بسب ذلك.
وقيل : هم الذين قتلوا حبيبا النجار، عندما جاءهم يدعوهم إلى الدين الحق، وكانت تلك البئر بأنطاكية، وبعد قتلهم له ألقوه فيها.
وقيل : هم قوم شعيب عليه السلام، واختار ابن جرير الطبري أن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود، الذين جاء الحديث عنهم في سورة البروج.
والمراد بثمود : قوم صالح عليه السلام، وكانوا يسكنون في شمال جزيرة العرب، وقد مر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى غزوة تبوك، فحنى رأسه واستحث راحلته، وأسرع بالجيش، وقال لمن معه :( لا تمروا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم، إلا وأنتم مشفقون أن يصيبكم ما أصابهم )٦.
التذكير بحال المكذبين الأولين
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( ١٢ ) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣ ) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤ ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ١٥ ) ﴾

تمهيد :

يقدم الحق سبحانه وتعالى طائفة من الأدلة على صدق الرسالات والبعث، فذكر فيما سبق أصناف المخلوقات في السماء والأرض، وهنا يستعين بحقائق التاريخ، حيث أرسل الله طائفة من المرسلين، مثل نوح عليه السلام ومن بعده من الرسل، فكذبهم المكذبون فأهلك الله المكذبين، ونجى المرسلين، وقد تكررت هذه الأفكار في عدد من السور المكية، تهديدا للمشركين حتى لا يصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم، وفيها تسلية للرسل الأمين، كما قال سبحانه :﴿ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم... ﴾ ( الأحقاف : ٣٥ ).
المفردات :
فرعون : المراد به : هو وقومه، كما تسمى القبيلة باسم أبيها.
التفسير :
١٣- ﴿ وعاد وفرعون وإخوان لوط ﴾.
﴿ وعاد ﴾. هم قوم عاد الذين كانوا يسكنون بالأحقاف، وهي كثبان الرمل المعوجة، في جنوب جزيرة العرب، بين اليمن وسلطنة عمان عند مدينة صلالة، كذبوا نبيهم واغتروا بقوتهم، وعثرت الحفريات على مدائن مطمورة قرب صلالة بسلطنة عمان، يرجح أنها لقبيلة عاد.
﴿ وفرعون ﴾. هو الذي أرسل الله إليه موسى، فكذبه وقال : أنا ربكم الأعلى، وتكررت قصته في القرآن الكريم، كنموذج واضح لجبار متكبر، لقي حتفه غرقا في الماء جزاء كفره وتكذيبه.
﴿ وإخوان لوط ﴾.
قوم لوط الذين شاع بينهم الشذوذ الجنسي، واستغناء الرجال بالرجال، ولم يكن لوط منهم، بل تزوج منهم، فكانوا إخوانه بالمصاهرة لا بالنسب، وقد أمطرهم الله بالحصباء، وجعل عالي الأرض التي يقطنونها أسفلها، لأنهم انتكسوا بالفطرة، وجامعوا الرجال وتركوا النساء، فخسف الله بهم الأرض.
التذكير بحال المكذبين الأولين
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( ١٢ ) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣ ) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤ ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ١٥ ) ﴾

تمهيد :

يقدم الحق سبحانه وتعالى طائفة من الأدلة على صدق الرسالات والبعث، فذكر فيما سبق أصناف المخلوقات في السماء والأرض، وهنا يستعين بحقائق التاريخ، حيث أرسل الله طائفة من المرسلين، مثل نوح عليه السلام ومن بعده من الرسل، فكذبهم المكذبون فأهلك الله المكذبين، ونجى المرسلين، وقد تكررت هذه الأفكار في عدد من السور المكية، تهديدا للمشركين حتى لا يصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم، وفيها تسلية للرسل الأمين، كما قال سبحانه :﴿ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم... ﴾ ( الأحقاف : ٣٥ ).
المفردات :
الأيكة : الغيضة الملتفة الشجر.
وقوم تبع : هو تبع الحميرى ملك اليمن، أسلم ودعا قومه للإسلام فكذبوه ؛ فأهلكهم الله.
كل : من المذكورين، أي : كل واحد أو قوم منهم أو جميعهم.
فحق وعيد : وجب نزول العذاب على الجميع، وحل عليهم وعيدي.
التفسير :
١٤- ﴿ وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد ﴾.
وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب عليه السلام.
قال تعالى :﴿ كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقوا ﴾. ( الشعراء : ١٧٦، ١٧٧ ).
والأيكة اسم لمنطقة كانت مليئة بالأشجار، ومكانها في الغالب بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة، ولعلها المنطقة التي تسمى معان.
﴿ وقوم تبع... ﴾
وهو تبع الأكبر الحميرى، واسمه أسعد وكنيته أبو كُرَبٍ، وكان رجلا من أهل اليمن ملكا منصورا، فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند، فرجع فأخذ طريق الشام، ثم مر بالبيت الحرام فدخله محرما، فقضى نسكه، ثم انصرف نحو اليمن راجعا، حتى إذا قدم على قومه طلب منهم أن يؤمنوا كما آمن فامتنعوا، فنزلت من السماء نار فأحرقت من لم يؤمن منهم٧.
قال تعالى :﴿ أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ﴾. ( الدخان : ٣٧ ).
﴿ كل كذب الرسل فحق وعيد ﴾.
كل هؤلاء كذبوا جميع رسلهم، فحق عليهم وعيدي، وثبتت عليهم كلمة العذاب على التكذيب، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء الأقوام.
وقد ورد هذا المعنى في سورة غافر في الآية الخامسة، والآية الحادية والعشرين وما بعدها، وفي عدد من السور المكية، وفي الآية الثالثة عشرة من سورة فصلت وما بعدها.
وفي سورة الفجر في قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ( ٦ ) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ( ٧ ) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ( ٨ ) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ( ٩ ) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ( ١٠ ) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ( ١١ ) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ( ١٢ ) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ( ١٣ ) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ( ١٤ ) ﴾. ( الفجر : ٦-١٤ ).
التذكير بحال المكذبين الأولين
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( ١٢ ) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣ ) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤ ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ١٥ ) ﴾

تمهيد :

يقدم الحق سبحانه وتعالى طائفة من الأدلة على صدق الرسالات والبعث، فذكر فيما سبق أصناف المخلوقات في السماء والأرض، وهنا يستعين بحقائق التاريخ، حيث أرسل الله طائفة من المرسلين، مثل نوح عليه السلام ومن بعده من الرسل، فكذبهم المكذبون فأهلك الله المكذبين، ونجى المرسلين، وقد تكررت هذه الأفكار في عدد من السور المكية، تهديدا للمشركين حتى لا يصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم، وفيها تسلية للرسل الأمين، كما قال سبحانه :﴿ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم... ﴾ ( الأحقاف : ٣٥ ).
المفردات :
أفعيينا : أفعجزنا عن الإبداء حتى نعجز عن الإعادة، والعيّ بالأمر العجز عنه، والهمزة للاستفهام الإنكاري.
لبس : شك شديد، وحيرة واختلاط.
التفسير :
١٥- ﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾.
استفهام إنكاري مؤداه : هل عجزنا عن خلق الإنسان من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة إلى أن صار خلقا آخر، تبارك الله أحسن الخالقين الذي خلقه ؟ هل عجزنا عن خلق هذا الكون، بكل ما فيه من سماء وأرض وفضاء، وأنهار وأشجار وبحار، وليل ونهار، وشمس وقمر وكواكب ؟ هل عجزنا عن حفظ هذا الكون وتماسكه بلايين السنين ؟
وإذا كان ذلك لم يعجزنا، فإن الإعادة أهون من البدء، كما قال تعالى :﴿ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه... ﴾ ( الروم : ٢٧ ).
فالله سبحانه على كل شيء قدير، ولا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وهم يسلمون بأن الخالق للكون ولآدم وذريته هو الله، ثم يقعون بعد ذلك في الحيرة والشك والاضطراب والاختلاط، حين يتعلق الأمر بالنشأة الآخرة والبعث بعد الموت.
جاء في الحديث القدسي الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( يقول الله تعالى : يؤذيني ابن آدم، يقول : لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته )٨.
والخلاصة :
إننا لم نعجز عن خلق هذا الكون، وخلق الإنسان أول مرة، وإذا لم نعجز عن البدء، فإن الإعادة أهون من البدء، لكن الكفار في حيرة واضطراب، منهم من يؤمن بالبعث، ومنهم من ينكره، وما تكذيب المكذبين إلا من باب تقليد السابقين، أو المكابرة والعناد، أو الشك واللبس وعدم الاهتداء.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
الوسوسة : الصوت الخفي، ومنه وسواس الحلي، والمراد بها هنا : حديث النفس، وما يخطر بالبال من شتى الشئون.
حبل الوريد : عرق كبير في العنق، وللإنسان وريدان مكتنفان بصفحتي العنق.
التفسير :
١٦- ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾.
تالله لقد خلقنا جنس الإنسان، أي كل إنسان في هذا الوجود، من آدم إلى قيام الساعة، وعلمنا ممتد إلى خارجه وداخله، فنحن نعلم العلانية، ونعلم وسوسة النفس وحديثها، وصوتها الخفي الذي لا يسمعه أحد، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، وهو وتين العنق إذا انقطع مات الإنسان، أي لا تخفى علينا خافية من أمره، ونحن أقرب إليه من دمه الذي يجري في عروقه.
وتصور الآية سعة اطلاع علم الله على ما في داخل الإنسان، وعظيم قربه واطلاعه، ففي جناب الله رهبة وخوف وعظمة، وقرب مشاهدة وعظيم إحاطة، وفيه في نفس الوقت محبة ومودة وحنان وعطف، ومن رحمة الله وفضله أنه لا يعاقب الإنسان على حديث نفسه حتى يتكلم به أو يعمل به.
أخرج أصحاب الكتب الستة ( البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تتكلم به أو تعمل به )٩.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
المتلقيان : هما ملكان جعلهما الله لكل إنسان، ليكتبا أعماله من خير وشر، عن اليمين وعن الشمال.
قعيد : بمعنى مقاعد، كالجليس بمعنى المجالس.
التفسير :
١٧- ﴿ إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ﴾.
اذكر حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يفعله الإنسان فيسجلان عليه أفعاله.
وقد ورد في تفاسير الزمخشري، والقرطبي، والبيضاوي، وروى ابن أبي حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( كاتب الحسنات على يمين الرجل، وكاتب السيئات على يسار الرجل، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات، لعله يسبح أو يستغفر ).
﴿ عن اليمين وعن الشمال قعيد ﴾.
والقعيد من يقعد معك، فملك الحسنات قعيد على اليمين، وملك السيئات قعيد على الشمال، والأصل أن يقال : عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، فحذفت من الأولى لدلالة الثانية عليها، فالملائكة تسجل على الإنسان الحسنات والسيئات، والله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، لكنه سبحانه أراد أن يعلم الإنسان، أن كل شيء مسجل ومكتوب، وفي إحصاء دقيق لا ينسى.
كما قال سبحانه :﴿ أحصاه الله ونسوه... ﴾ ( المجادلة : ٦ ).
وقال عز شأنه :﴿ ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما علموا حاضرا ولا يظلم ربكم أحدا ﴾. ( الكهف : ٤٩ ).
يقول أحد الصالحين :
لم لا أنوح وأندب *** وجميع جسمي مذنب
نفسي لقبح فعالها *** بين الورى تتأدب
ملك اليمين أرحته *** لم يلق شيئا يكتب
ملك الشمال بعكسه *** ليلا نهارا يتعب
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
الرقيب : ملك يرقب قوله ويكتبه، فإن كان خيرا كتبه ملك اليمين، وإن كان شرا كتبه ملك الشمال.
عتيد : مهيأ لكتابة ما يؤمر به من الخير والشر.
التفسير :
١٨- ﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ﴾.
ما يتكلم الإنسان كلمة إلا وهناك ملك مستعد متهيئ لتسجيل هذه الكلمة، فإن كانت خيرا سجلها ملك اليمين، وإن كانت شرا سجلها ملك الشمال.
والرقيب : المتتبع للأمور الحافظ لها.
والعتيد : الحاضر الذي لا يغيب، والمهيأ للحفظ والشهادة، وإذا كان القول يسجل على الإنسان، فإن العمل يسجل من باب أولى.
قال تعالى :﴿ وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون ﴾. ( الانفطار : ١٠-١٢ ).
قال الحسن البصري :
﴿ عن اليمين وعن الشمال قعيد ﴾.
يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول تعالى :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾. ( الإسراء : ١٣، ١٤ ). ثم يقول : عدل والله فيك، من جعلك حسيب نفسك.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
وجاءت سكرة الموت : وأحضرت شدة الموت حقيقة ما كتبه الله على عباده من الموت.
تحيد : تميل وتعدل.
التفسير :
١٩- ﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ﴾.
حضرت لك أيها الإنسان شدة الموت بالحق الذي وعدك به الرسل، ذلك الحق هو ما كنت عنه تميل وتنصرف عن التفكر فيه، إنها الحقيقة الكاملة التي تنزل بكل إنسان مهما عظم أمره أو صغر، مهما طار في الهواء أو غاص في الماء، أو وصل إلى القمر أو المريخ، فهناك لحظة يسكن فيها هذا الإنسان، وتخرج روحه، ويصبح جثة هامدة، لا حياة ولا حركة، لقد نزل به قوله تعالى :﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ﴾. نزلت شدة الموت.
وفي الحديث الصحيح، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تغشاه الموت، جعل يمسح العرق عن وجهه، ويقول :( سبحان الله، إن للموت لسكرات )١٠.
ولما ثقل أبو بكر، جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بقول حاتم :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف أبو بكر رضي الله عنه عن وجهه، وقال : ليس كذلك، ولكن قولي :﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ﴾.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
ونفخ في الصور : ونفخ في البوق.
يوم الوعيد : يوم إنجاز الوعيد.
التفسير :
٢٠ – ﴿ ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾.
الصور هو البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل، ولإسرافيل نفختان في الصور، إحداهما تموت عندها الخلائق، والثانية يبعث عندها الموتى وهي المرادة هنا.
قال تعالى :﴿ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ﴾. ( الزمر : ٦٨ ).
ويكون معنى الآية :
ونفخ في الصور النفخة الأخيرة ذلك الوقت، وهو الوقت الذي توعد الله فيه كل كافر بسوء المصير، كما وعد كل مؤمن بحسن الجزاء، وخص الوعيد بالذكر لتهويل اليوم، وتحذير العصاة مما سيكون فيه.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
السائق والشهيد : ملكان، أحدهما يسوق النفس إلى أمر الله، والآخر يشهد عليها بعملها.
التفسير :
٢١- ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ﴾.
جاءت كل نفس خلقها الله تعالى، من آدم إلى قيام الساعة، جاءت إلى أرض المحشر للحساب والجزاء، ومعها سائق يسوقها، وشاهد يشهد عليها، وقد جاء في الحديث الشريف :( أن أحدهما ملك الحسنات، وثانيهما ملك السيئات، اللذان كانا يكتبان أعمال العباد في الدنيا )، أخرجه أبو نعيم في الحلية مرفوعا عن جابر.
تقرير خلق الإنسان وعلم الله بأحواله
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ( ١٦ ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ١٧ ) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( ١٨ ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( ١٩ ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ( ٢٠ ) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ( ٢١ ) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( ٢٢ ) ﴾

تمهيد :

بعد أن أثبت الحق سبحانه وتعالى قدرته على البعث والحشر، بين هنا علمه الواسع وقدرته البالغة، فهو خالق الإنسان، وهو العليم بكل ما فيه، ومع علمه بكل شيء جعل لكل إنسان ملكين يكتبان عليه الحسنات والسيئات، فإذا جاء الموت -وهو الحقيقة التي ستنزل بكل إنسان- تبعه النفخ في الصور، وصعق الناس، ثم بعثوا من قبورهم، وجاء كل إنسان ومعه ملكان، أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه.
لقد حجبته الغفلة ولذات الدنيا عن حقيقة الآخرة، أما الآن فبصره حديد نافذ، يرى الحقيقة كاملة، لانعدام الغفلة وظهور الآخرة حقيقة مشاهدة.
المفردات :
الغطاء : الحجاب الذي سببته الغفلة والانهماك في اللذات.
حديد : حاد ونافذ، لزوال المانع للأعذار.
التفسير :
٢٢- ﴿ لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ﴾.
أي : يقال للكافر أو لكل إنسان من بر وفاجر : لقد كنت في الدنيا غافلا عن هذا اللقاء، شغلتك عنه زخارف الدنيا وشئونها، وأكبرت الدنيا، ونسيت الآخرة، والآن كشف الغطاء، وظهرت الحقيقة، ورأيت القيامة رأي العين فبصرك اليوم، ﴿ حديد ﴾. أي : قوي شديد نافذ.
قال الحجاج يتوعد بعض الرجال المخالفين له : لأحملنك على الأدهم، فقال الرجل : مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فقال الحجاج : ويحك إنه من حديد، فقال الرجل : لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا.
قال المفسرون :
﴿ فبصرك اليوم حديد ﴾.
أي : فبصرك ونظرك في هذا اليوم نافذ قوي، تستطيع أن تبصر به ما كنت تنكره في الدنيا، من البعث والحساب والثواب والعقاب، والآيات في قوتها وجرسها وتصويرها لوحة هادفة، تأخذ بيد الإنسان إلى الصراط المستقيم، وتزيح عنه الغفلة في الدنيا، وترسم له طريق النجاة في الآخرة.
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
المفردات :
القرين : الملك الموكل بالمرء.
عتيد : معد محضر.
التفسير :
٢٣- ﴿ وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ﴾.
أي : قال الملك الموكل به -أي بابن آدم- : هذا ما عندي من كتاب عملك معد محضر بلا زيادة ولا نقصان.
قال مجاهد : هذا كلام الملك السائق يقول : هذا ابن آدم الذي وكلتني به قد أحضرته، واختار ابن جرير أنه يعم السائق والشهيد.
وفسر الزمخشري وغيره القرين هنا بأنه الشيطان الذي أضل الإنسان، يقول : هذا أعددته لجهنم وأغويته وأضللته، أي : أن ملكا يسوقه، وآخر يشهد عليه، وشيطانا مقرونا به يقول : هذا قد أعددته لجهنم، واستشهد الزمخشري بقول الله تعالى :
﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ﴾. ( الزخرف : ٣٦ ).
وأنا أرجح أن القرين في هذه الآية للملاك، السائق والشهيد.
ونلاحظ أن اللفظة في القرآن الكريم قد تكون واحدة، ويكون لها أكثر من تفسير بحسب السياق الذي ترد فيه، فلفظ ( الهدى ) في القرآن يأتي بمعنى الهداية إلى الخير، وبمعنى الإسلام، إلى ستة عشر معنى، والسياق هو الذي يحدد اختيار معنى على آخر.
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
المفردات :
عنيد : مبالغ في العناد وترك الانقياد للحق.
التفسير :
٢٤، ٢٥، ٢٦- ﴿ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد ﴾.
سبب النزول :
قيل نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة، لما منع بني أخيه عن الخير، وهو الإسلام.
أي : يقول الله تعالى للسائق والشهيد.
﴿ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ﴾.
اطرحا في جهنم كل من كفر بالله، وأشرك به، وعاند الحق والرسل، ومنع الخير، ومنع أبناء أخيه عن الدخول في الإسلام، والعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآيات شاملة لكل كافر منع نفسه أو غيره عن الإيمان، واعتدى على أهل الحق، ووقع في الريب والشك وعدم الإيمان.
المفردات :
مناع للخير : كثير المنع للمال عن الحقوق المفروضة عليه.
معتد : متجاوز للحق ظالم.
مريب : شاك في الله وفي دينه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.

المفردات :

عنيد : مبالغ في العناد وترك الانقياد للحق.

التفسير :

٢٤، ٢٥، ٢٦- ﴿ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد ﴾.
سبب النزول :
قيل نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة، لما منع بني أخيه عن الخير، وهو الإسلام.
أي : يقول الله تعالى للسائق والشهيد.
﴿ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ﴾.
اطرحا في جهنم كل من كفر بالله، وأشرك به، وعاند الحق والرسل، ومنع الخير، ومنع أبناء أخيه عن الدخول في الإسلام، والعبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآيات شاملة لكل كافر منع نفسه أو غيره عن الإيمان، واعتدى على أهل الحق، ووقع في الريب والشك وعدم الإيمان.

من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
سبب النزول :
قيل نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة، لما منع بني أخيه عن الخير، وهو الإسلام.
أي : يقول الله تعالى للسائق والشهيد.
التفسير :
﴿ الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد ﴾.
الاسم الموصول مبتدأ مفيد معنى الشرط، ولذلك دخلت الفاء في الجواب.
والمعنى : الذي عبد مع الله الأصنام والأوثان، والمال والجاه والسلطان، فألقياه أيها الملكان في أشد العذاب في جهنم.
والآيات عبرة ظاهرة لكل كفار أو طاغية يغره أي سلطان، أو يبعده عن الحق والإيمان والهداية أي شيء، مهما كان قدره، فالباطل ساعة، والحق دائم إلى قيام الساعة، قال تعالى :
﴿ قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ﴾. ( سبأ : ٤٨، ٤٩ ).
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
المفردات :
القرين : المراد هنا : الشيطان المقيض له.
بعيد : عن الحق، مغرق في البطل.
التفسير :
٢٧- ﴿ قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ﴾.
كأن الكافر في مواقف القيامة يريد الاعتذار بأن الشيطان أطغاه وزين له الشر، فوقع صريعا لإغواء الشيطان، فاللوم والعقاب ينبغي أن يكون على السبب في ذلك وهو الشيطان.
فيجيب قرين الكافر أو العاصي وشيطانه، ويقول : ربنا ما أخذت بناصيته إلى الطغيان والضلال، وكل ما فعلته أنني زينت له الشر، وحسّنت له الكفر، فوجدت عنده الاستعداد كاملا للضلال البعيد عن الحق المغرق في الطغيان.
إن كلا منهما يريد أن يهون من مسئوليته عن أنواع الشر والكفر، ويروى أن الشيطان يخطب في أهل جهنم خطبة بتراء، يعلن فيها تنصله من المسئولية، ويلقي التبعة على من أعطاه الله العقل والإرادة والاختيار، وقد كان في استطاعته في الدنيا الرشاد، فاختار الضلال بمحض إرادته، فلا ينبغي أن يلوم الشيطان، بل ينبغي أن يلوم نفسه، فالشيطان لم يَقْسِرْه ولم يُكرهه، وكل ما فعله هو أنه دعاه إلى الشر، فاستجاب طائعا مختارا، ويقول الشيطان : لن أنقذكم من جهنم، وأنتم كذلك لن تنقذوني، فمآلنا واحد وهو العذاب.
قال تعالى :﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ٢٢ ) ﴾. ( إبراهيم : ٢٢ ).
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
المفردات :
لا تختصموا لدي : لا يجادل بعضكم بعضا عندي.
بالوعيد : على الطغيان في دار الدنيا، في كتبي، وعلى ألسنة رسلي.
ما يبدل القول لدي : لا يقع فيه الخلف والتغيير، فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي.
التفسير :
٢٨- ﴿ قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليك بالوعيد ﴾.
قال الله تعالى للكافر وقرينه : لا تتخاصموا ولا تتجادلوا عندي وأمامي، فكل واحد منكما يريد أن يلقي بالتبعة على الآخر، لقد قدمت إليكم بالوعيد والإنذار بالعذاب للمخالفين على ألسنة رسلي، وفي ثنايا كتبي ورسالاتي، وقامت عليكم الحجج والبراهين، والمراد : إن اعتذاركم الآن غير نافع.
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
المفردات :
مزيد : زيادة.
التفسير :
٢٩ – ﴿ ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ﴾.
لا يقع عندي تغيير ولا تبديل لما أنزلته في كتبي، وما أوحيت به على ألسنة رسلي، بأني أعددت الجنة لمن أطاعني، والنار لمن عصاني، ولا أعذب أحدا ظلما بغير ذنب اقترفه، بل كل إنسان يحصد جزاء ما قدم، ويجني عاقبة عمله، كما قال سبحانه :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾. ( الزلزلة : ٧، ٨ ).
من مواقف الحساب
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ( ٢٣ ) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( ٢٤ ) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ( ٢٥ ) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ( ٢٦ ) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( ٢٧ ) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ( ٢٨ ) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ( ٢٩ ) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يعرض الآخرة أمام الإنسان كأنما يراها رأي العين، وهنا يعرض صورة للملاك يقدم ما سجله على الكافر، حيث يؤمر بالكافر أن يوضع في جهنم، جزاء كفره وعناده وبخله، وكان الكافر يعتذر بأن الشيطان أغواه، فيعترف الشيطان بأنه وسوس له، وزين له فقط، أما الاستجابة للشر والضلال، والاستعداد للغواية والكفران فقد كانت منه، فالتبعة عليه.
ثم يقول الحق سبحانه : لا فائدة من الخصام عندي، فقد جعلت ناموسا وقانونا أنزلته إلى الدنيا في كتبي، وعلى ألسنة رسلي، ولن يتغير هذا الناموس، فللنار أهلها، وللجنة أهلها، بدون ظلم كبير ولا قليل، بل بالعدل والقسطاس المستقيم.
التفسير :
٣٠- ﴿ يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ﴾.
تأتي جهنم يوم القيامة تتلمظ غيظا وغضبا على من عصى الله تعالى، ويوضع فيها الكفار والعصاة، وكلما وضع فيها اتسعت وطلبت الزيادة من العصاة، غيظا عليهم، وتضييقا للمكان عليهم، حتى يضع عليها رحمته، فتقول : كفاني كفاني، فقد امتلأت.
وعلى هذا يكون الاستفهام الأول للتقرير، فالله يقررها بأنها امتلأت، أي يجعلها تقر بذلك، واستفهام جهنم :﴿ هل من مزيد ﴾. للنفي، بمعنى : هل بقي في مزيد ؟ أي لا أسع غير ذلك، وهو جواب الاستفهام الأول.
وتحتمل الآية معنى ثانيا وهو أنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها، وأنها لا تشبع من الكفار.
قال الزمخشري في تفسير الكشاف :
قال أهل المعاني :
سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل والتصوير، الذي يقصد به تقرير وتصوير المعنى في النفس وتثبيته، وفيه معنيان :
أحدهما : أنها تمتلئ مع اتساعها، حتى لا يزاد عليها شيء.
الثاني : أنها من السعة حيث يدخلها من يدخلها، وفيها مواضع للمزيد. اه.
وقال الشوكاني : وهذا الكلام على طريقة التخييل والتمثيل، ولا سؤال ولا جواب، كذا قيل. والأولى أنه على طريقة التحقيق، ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع. اه.
وقال الواحدي : أراها الله تصديق قوله تعالى :
﴿ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾. ( هود : ١١٩ ).
فلما امتلأت، قال لها :﴿ هل امتلأت ﴾ ؟ وتقول هي :﴿ هل من مزيد ﴾ ؟
أي : قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلئ.
أحاديث البخاري ومسلم
أخرج البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يلقي في النار، وتقول :﴿ هل من مزيد ﴾ ؟ حتى يضع قدمه فيها : فتقول قط قط، أي : كفى كفى ).
وفي رواية قطني قطني، أي : كفاني كفاني١١.
وأخرج مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( احتجت الجنة والنار، فقالت النار : في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة : في ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضي بينهما، فقال للجنة : إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار : إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها )١٢.
جنة المتقين
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ ) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) ﴾

تمهيد :

ذكر القرآن حال أهل النار- حفظنا الله منها- ثم ذكر هنا مقابل النار وهي الجنة، وذكر ألوان النعيم فيها، وتكريم الله لأهلها، وتفضله عليهم بالمزيد من كرمه ونعمائه.
المفردات :
أزلفت : أدنيت وقربت.
غير بعيد : في مكان غير بعيد منهم، بل هو بمرأى منهم.
التفسير :
٣١- ﴿ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ﴾.
أدنيت الجنة من المتقين، الذين جعلوا بينهم وبين المعاصي وقاية، وحافظوا على حدود الله وأوامره، فقرب الله إليهم الجنة، يرونها بأعينهم غير بعيدة عنهم.
جنة المتقين
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ ) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) ﴾

تمهيد :

ذكر القرآن حال أهل النار- حفظنا الله منها- ثم ذكر هنا مقابل النار وهي الجنة، وذكر ألوان النعيم فيها، وتكريم الله لأهلها، وتفضله عليهم بالمزيد من كرمه ونعمائه.
المفردات :
هذا ما توعدون : هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل.
أواب : رجاع إلى الله، أو رجاع عن المعصية إلى الطاعة.
حفيظ : حافظ لحدود الله وشرائعه.
التفسير :
٣٢- ﴿ هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ ﴾.
تقول لهم الملائكة : هذا ما وعدكم الله به في كتبه وعلى ألسنة المرسلين، بأن الجنة لكل رجاع إلى ربه، يتوب إليه من الذنب، ويرجع إلى مولاه، عابدا تائبا مناجيا متقربا.
﴿ حفيظ ﴾. كثير الحفظ لحدود الله وشرائعه، أو يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه ولا يهمل منه شيئا.
جنة المتقين
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ ) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) ﴾

تمهيد :

ذكر القرآن حال أهل النار- حفظنا الله منها- ثم ذكر هنا مقابل النار وهي الجنة، وذكر ألوان النعيم فيها، وتكريم الله لأهلها، وتفضله عليهم بالمزيد من كرمه ونعمائه.
المفردات :
بالغيب : خاف عقاب ربه وهو غائب عن الأعين حين لا يراه أحد، أو حال كونه غائب عن الناس.
منيب : مخلص مقبل على طاعة الله.
التفسير :
٣٣- ﴿ من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب ﴾.
هذا الجزء الموفور، والنعيم المذكور لمن خاف مقام الله، حال كونه لا يشاهده بعينيه، أو حال كونه غائبا عن الناس، خاليا منفردا لا يراه أحد، لكنه يراقب الله.
وفي الحديث الصحيح :( سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله... ) ومنهم :
( رجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه )١٣.
﴿ وجاء بقلب منيب ﴾.
أي : جاء إلى ربه يوم القيامة بقلب عاش مقبلا على طاعته، طامعا في رحمته، كثير الإنابة والتوبة والرجوع إلى الله، ومناجاته في الأسحار، وفي أعقاب الصلوات، مع الخضوع لأوامره، والبعد عن محارمه.
جنة المتقين
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ ) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) ﴾

تمهيد :

ذكر القرآن حال أهل النار- حفظنا الله منها- ثم ذكر هنا مقابل النار وهي الجنة، وذكر ألوان النعيم فيها، وتكريم الله لأهلها، وتفضله عليهم بالمزيد من كرمه ونعمائه.
المفردات :
بسلام : سالمين من العذاب وزوال النعيم.
الخلود : في الجنة إذ لا يموت فيها.
التفسير :
٣٤- ﴿ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ﴾.
أي : يقال لأهل الجنة : ادخلوها حال كونكم سالمين من كل آفة.
وسلام من الله لكم :﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلم... ﴾ ( الأحزاب : ٤٤ ).
وسلام من الملائكة :﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ﴾. ( الرعد : ٢٣، ٢٤ ).
﴿ ذلك يوم الخلود ﴾.
ذلك يوم الإقامة الدائمة في الجنة، فلا ينقطع نعيمها، ولا يفنى أهلها، بل هم في سرور متصل.
قال تعالى :﴿ أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ﴾. ( الرعد : ٣٥ ).
جنة المتقين
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ( ٣١ ) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ( ٣٢ ) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ( ٣٣ ) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ( ٣٤ ) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ( ٣٥ ) ﴾

تمهيد :

ذكر القرآن حال أهل النار- حفظنا الله منها- ثم ذكر هنا مقابل النار وهي الجنة، وذكر ألوان النعيم فيها، وتكريم الله لأهلها، وتفضله عليهم بالمزيد من كرمه ونعمائه.
المفردات :
مزيد : مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
التفسير :
٣٥- ﴿ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ﴾.
لهم في الجنة كل ما يطلبون، ولهم نعيم لا ينفد، وأنهار من ماء نظيف صالح، وأنهار من لبن طازج، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم، ولهم في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وعند الله المزيد من الرضوان والفضل، ورؤية المتقين لله تعالى، كما يرى القمر ليلة البدر، وهذا أعلى نعيم في الجنة.
قال تعالى :﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة... ﴾ ( يونس : ٢٦ ).
وقد جاء في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي أن هذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم. اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
القرن : الجيل من الناس.
بطشا : قوة وشدة ومنعة.
فنقبوا في البلاد : ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمكاسب، ويقال لمن طوف في الأرض : نقب فيها، قال امرؤ القيس :
فقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
محيص : مهرب وملجأ يلجأون إليه.
التفسير :
٣٦- ﴿ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص ﴾.
أي : كثيرا ما أهلكنا قبل مشركي مكة، من أمم كانت أشد منهم قوة ومنعة، وقد انتقلوا في البلاد وأكثروا السير فيها، بالتجارة والسياحة والتغلب، فما عصمهم ذلك من الهلاك، حين أراد الله أن ينزله بساحتهم.
أي : لم يستطيعوا هربا ولا مناصا من الهلاك، وأجدر بأهل مكة أن يعتبروا بهم.
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
لذكرى : لعبرة.
قلب : لب يعى به.
ألقى السمع : أصغى لما يتلى عليه من الوحي.
شهيد : فطن غير متغافل، وهو من الشهود بمعنى الحضور، والمراد به : الفطن، إذ غيره كأنه غائب.
التفسير :
٣٧- ﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾.
وفي هذا القرآن، وفي هذه السورة، وفي الآية السابقة المتضمنة هلاك المكذبين، مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم تبع، في كل ذلك عظة لمن كان له قلب حاضر، أو لمن كان له استماع متأمل، وهو شاهد بجسمه وقلبه، فيجتمع له من سلامة القلب، وإلقاء السمع، وحضور الذهن، ما يحقق له النفع، والوقوف على جلية الأمر، وهو شهيد وحاضر بالجسم والفؤاد المتيقظ، كأن من لم يتأمل غائب غير شهيد.
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
لغوب : تعب وإعياء.
التفسير :
٣٨- ﴿ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ﴾.
تالله لقد خلقنا السماوات والأرض، وما بينهما من فضاء وهواء، ﴿ في ستة أيام... ﴾ أي : في ست مراحل، مرحلة بعد أخرى، وما أصابنا من تعب أو مشقة في ذلك الخلق العظيم.
قال الحسن وقتادة :
قالت اليهود : إن الله خلق الخلق في ستة أيام، واستراح يوم السابع، وهو يوم السبت، يسمونه يوم الراحة، فأنزل الله هذه الآية.
روح القرآن
روح القرآن تفيد أن الكون قد خلقه الله من العدم، وتفيد النصوص الدينية أن الحق سبحانه ألقى الكرة وكانت ملتهبة، فارتفعت السماء وهدأت قشرتها الخارجية، وانبسطت الأرض وهدأت قشرتها الخارجية، وأرسى الله الجبال والبحار والأنهار، والفضاء والهواء، ثم تشققت السماء بالمطر، والأرض بالنبات، وجعل الله الماء أساس الحياة.
وفي حوالي سنة ١٩٩٤م انعقد في الولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر علمي للبحث في أصول الكون، وبالتحديد في عمر الكون.
وانتهى المؤتمر إلى أن عمر الكون ١٣ بليون سنة، منها ٦ بلايين سنة كان الكون كرة ملتهبة غير صالحة للحياة، وبعد ستة بلايين سنة من خلق الكون هدأت قشرته الخارجية، وصار صالحا لحياة الإنسان عليه، وحياة الإنسان على هذا الكون مدتها سبعة بلايين سنة.
قال تعالى :﴿ أو لم ير الذين كفروا أن السماوات ولأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ﴾. ( الأنبياء : ٣٠ ).
وفي التفسير أن الرتق ضد الفتق، أي كانت السماء صماء لا تمطر، والأرض صماء لا تنبت، ففتق الله السماء بالمطر، والأرض بالنبات، وقد مر الكون كله بست مراحل، حيث كانت السماء رخوة أشبه بالدخان، ثم مرت بمراحل ست، وكذلك الأرض، حتى صار الكون صالحا للحياة.
وذكر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير :
أن المراد بقوله تعالى :﴿ في ستة أيام... ﴾ ستة أطوار، لا الأيام المعروفة في وضع اللغة، لأن اليوم عبارة عن زمان مكث الشمس فوق الأرض، من الطلوع إلى الغروب، وقبل خلق السماوات لم يكن شمس ولا قمر، لكن اليوم يطلق ويراد به الوقت والحين. اه.
ويمكن أن نقول أن اليوم يطلق في كلام العرب على سنين متعددة، فيوم بعاث، ويوم البسوس، ويوم ذي قار، هي كلها حروب امتدت عشرات السنين، وفي القرآن الكريم :﴿ وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾. ( الحج : ٤٧ ).
ويقول سبحانه :﴿ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾. ( المعراج : ٤ ).
والخلاصة :
أن الله تعالى هو الذي خلق هذا الكون، بما فيه من سماء وأرض وفضاء، في مراحل متعددة، ليعلمنا الصبر والأخذ بالأسباب، وهو سبحانه على كل شيء قدير، ولا يصيبه تعب أو إعياء، والآية تقدير للميعاد، لأن من بدأ الخلق قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى.
قال تعالى :﴿ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس... ﴾ ( غافر : ٥٧ ).
وقال عز شأنه :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ( الأحقاف : ٣٣ ).
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
سبح بحمد ربك : نزهه عن كل نقص، وأكثر من حمده وشكره.
التفسير :
٣٩، ٤٠- ﴿ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ﴾.
فاصبر على ما يقولون المشركون من الكفر، أو إنكار البعث، وانشغل عنهم بمناجاة الله، والتسبيح بحمد الله، خصوصا في أوقات تظهر فيها عظمته وجلاله، قبل طلوع الشمس حين ينتهي الليل، ويأتي نور النهار رويدا رويدا، وكذلك قبل الغروب حين تكون الشمس على سعف النخيل، حين يتغير لونها إلى الصفرة والحمرة، وترسل خيوطها الذهبية، تودع هذه الدنيا، وتظهر جلال القدرة التي خلقت هذا الكون، وتطلب من صاحب الفطرة السليمة أن يقول : سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، فما أجل الروعة قل الشروق وقبل الغروب.
وقد كان أهل سبأ يسجدون للشمس من دون الله، وعلى لسان الهدهد يقول القرآن الكريم :
﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ( ٢٤ ) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( ٢٥ ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( ٢٦ ) ﴾. ( النمل : ٢٤- ٢٦ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾. ( فصلت : ٣٧ ).
وكذلك أمرنا الله أن نسجد له سبحانه في أوقات متعددة من الليل، عندما نرى الظلام الدامس، والنجوم توصوص من بعيد، ولسان الحال يرشد أن الله ما سكن وما تحرك في الليل والنهار.
والمراد : اذكر الله في أوقات متعددة بالنهار والليل، حين يتحرك القلب وتهتز النفس برؤية مظاهر القدرة والعظمة في الصباح والمساء، وأثناء الليل أو في وقت السحر والهزيع الأخير من الليل.
قال تعالى :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾. ( آل عمران : ١٧ ).
وقال سبحانه :﴿ فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ﴾. ( الروم : ١٧، ١٨ ).
وقال ابن عباس :
المراد بالتسبيح والتحميد قبل طلوع الشمس : صلاة الفجر، وقبل الغروب : الظهر والعصر، ومن الليل : المغرب والعشاء، وأدبار السجود : النوافل بعد الفرائض، أو التسبيح بعد الصلاة.
وروى البخاري، عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسبح في أدبار الصلوات كلها١٤، يعني قوله :﴿ وأدبار السجود ﴾.
وروى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة أنه قال : جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال :( وما ذاك ) ؟ قالوا : يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال صلى الله عليه وسلم :( أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ). ففعلوا ذلك، ثم عمل الأغنياء مثل عملهم، فقالوا : يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال صلى الله عليه وسلم :( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )١٥.
وشبيه بهذه الآية قوله تعالى :﴿ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ﴾. ( طه : ١٣٠ ).
ومن العلماء من رأى أن المراد من الآيتين : صلاة العصر، وصلاة الفجر، وصلاة السحر، حيث ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر، اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى :﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾١٦. ( الإسراء : ٧٨ ).
ورأى بعضهم أن المراد من الصلاة الوسطى صلاة العصر حيث أقسم الله بالعصر فقال :﴿ والعصر ﴾. ( العصر : ١ ).
وقال تعالى :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾. ( البقرة : ٢٣٨ ).
وفي مصحف ابن مسعود زيادة تفسيرية هكذا :( والصلاة الوسطى – صلاة العصر ).
والمتتبع لطريقة القرآن الكريم في تثبيت العقيدة، يلحظ أنه كثيرا ما يلفت الأنظار إلى مظاهر الكون في خلق السماء والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، وأقسم الله تعالى بهذه المظاهر الكونية ليرشدنا إلى ما فيها من دلالة على عظمة الله.
قال سبحانه :﴿ كلا والقمر * والليل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ﴾. ( المدثر : ٣٢-٣٧ ).
وقال عز شأنه :
﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾. ( الواقعة : ٧٥، ٧٦ ).
وانظر إلى قسمه سبحانه وتعالى بالشمس والقمر، والنهار والليل، والسماء والأرض والنفس، ولم يجتمع أكثر من القسم بخمسة أشياء إلا في صدر سورة الشمس حيث يقول سبحانه وتعالى :﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ( ١ ) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ( ٢ ) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ( ٣ ) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ( ٤ ) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ( ٥ ) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ( ٦ ) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( ٧ ) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( ٨ ) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ( ١٠ ) ﴾. ( الشمس : ١-١٠ ).
وقال تعالى :﴿ فلا أقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق ﴾. ( الانشقاق : ١٦-١٩ ).
ومن وراء ما نراه ونبصره عوالم كثيرة، ومخلوقات متعددة، علمها عند علام الغيوب.
قال تعالى :﴿ فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم ﴾. ( الحاقة : ٣٨-٤٠ ).
المفردات :
أدبار السجود : أعقاب الصلوات، واحدها : دبر ( بضم فسكون، أو بضمتين ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٩:ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.

المفردات :

سبح بحمد ربك : نزهه عن كل نقص، وأكثر من حمده وشكره.

التفسير :

٣٩، ٤٠- ﴿ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ﴾.
فاصبر على ما يقولون المشركون من الكفر، أو إنكار البعث، وانشغل عنهم بمناجاة الله، والتسبيح بحمد الله، خصوصا في أوقات تظهر فيها عظمته وجلاله، قبل طلوع الشمس حين ينتهي الليل، ويأتي نور النهار رويدا رويدا، وكذلك قبل الغروب حين تكون الشمس على سعف النخيل، حين يتغير لونها إلى الصفرة والحمرة، وترسل خيوطها الذهبية، تودع هذه الدنيا، وتظهر جلال القدرة التي خلقت هذا الكون، وتطلب من صاحب الفطرة السليمة أن يقول : سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، فما أجل الروعة قل الشروق وقبل الغروب.
وقد كان أهل سبأ يسجدون للشمس من دون الله، وعلى لسان الهدهد يقول القرآن الكريم :
﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ( ٢٤ ) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( ٢٥ ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( ٢٦ ) ﴾. ( النمل : ٢٤- ٢٦ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾. ( فصلت : ٣٧ ).
وكذلك أمرنا الله أن نسجد له سبحانه في أوقات متعددة من الليل، عندما نرى الظلام الدامس، والنجوم توصوص من بعيد، ولسان الحال يرشد أن الله ما سكن وما تحرك في الليل والنهار.
والمراد : اذكر الله في أوقات متعددة بالنهار والليل، حين يتحرك القلب وتهتز النفس برؤية مظاهر القدرة والعظمة في الصباح والمساء، وأثناء الليل أو في وقت السحر والهزيع الأخير من الليل.
قال تعالى :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾. ( آل عمران : ١٧ ).
وقال سبحانه :﴿ فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ﴾. ( الروم : ١٧، ١٨ ).

وقال ابن عباس :

المراد بالتسبيح والتحميد قبل طلوع الشمس : صلاة الفجر، وقبل الغروب : الظهر والعصر، ومن الليل : المغرب والعشاء، وأدبار السجود : النوافل بعد الفرائض، أو التسبيح بعد الصلاة.
وروى البخاري، عن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسبح في أدبار الصلوات كلها١٤، يعني قوله :﴿ وأدبار السجود ﴾.
وروى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة أنه قال : جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال :( وما ذاك ) ؟ قالوا : يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال صلى الله عليه وسلم :( أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ). ففعلوا ذلك، ثم عمل الأغنياء مثل عملهم، فقالوا : يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال صلى الله عليه وسلم :( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )١٥.
وشبيه بهذه الآية قوله تعالى :﴿ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ﴾. ( طه : ١٣٠ ).
ومن العلماء من رأى أن المراد من الآيتين : صلاة العصر، وصلاة الفجر، وصلاة السحر، حيث ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر، اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى :﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾١٦. ( الإسراء : ٧٨ ).
ورأى بعضهم أن المراد من الصلاة الوسطى صلاة العصر حيث أقسم الله بالعصر فقال :﴿ والعصر ﴾. ( العصر : ١ ).
وقال تعالى :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾. ( البقرة : ٢٣٨ ).
وفي مصحف ابن مسعود زيادة تفسيرية هكذا :( والصلاة الوسطى – صلاة العصر ).
والمتتبع لطريقة القرآن الكريم في تثبيت العقيدة، يلحظ أنه كثيرا ما يلفت الأنظار إلى مظاهر الكون في خلق السماء والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، وأقسم الله تعالى بهذه المظاهر الكونية ليرشدنا إلى ما فيها من دلالة على عظمة الله.
قال سبحانه :﴿ كلا والقمر * والليل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ﴾. ( المدثر : ٣٢-٣٧ ).

وقال عز شأنه :

﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾. ( الواقعة : ٧٥، ٧٦ ).
وانظر إلى قسمه سبحانه وتعالى بالشمس والقمر، والنهار والليل، والسماء والأرض والنفس، ولم يجتمع أكثر من القسم بخمسة أشياء إلا في صدر سورة الشمس حيث يقول سبحانه وتعالى :﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ( ١ ) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ( ٢ ) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ( ٣ ) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ( ٤ ) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ( ٥ ) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ( ٦ ) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( ٧ ) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( ٨ ) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ( ١٠ ) ﴾. ( الشمس : ١-١٠ ).
وقال تعالى :﴿ فلا أقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق ﴾. ( الانشقاق : ١٦-١٩ ).
ومن وراء ما نراه ونبصره عوالم كثيرة، ومخلوقات متعددة، علمها عند علام الغيوب.
قال تعالى :﴿ فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم ﴾. ( الحاقة : ٣٨-٤٠ ).

ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
واستمع : لما أخبر به من أهوال يوم القيامة.
يوم ينادي المنادي : أي : سيخرجون من القبور يوم ينادي المنادي.
من مكان قريب : بحيث لا يخفى الصوت على أحد، والمنادي هو جبريل عليه السلام، على ما ورد في الآثار يقول : أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم الممزقة، والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
التفسير :
٤١- ﴿ واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب ﴾.
ترقب يا كل من يتأتى منه الاستماع، أو استمع يا محمد أنت ومن آمن بك، يوم ينادي المنادي فيقول : أيتها العظام البالية، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
قيل : إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي بالحشر، والأمر كما نرى فيه تهويل وتفخيم يهز الألباب، ويسترعي الأسماع، ويأخذ على النفوس إعراضها، وكأنه يقول : توقعوا هول هذا اليوم الذي يأتي وتستمعون فيه نداء المنادي بالبعث، من مكان قريب يسمعه الخلائق كلهم، على حالة واحدة، فلا يخفى على أحد قريب أو بعيد، فكأنهم نودوا جميعا من مكان قريب.
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
الصيحة : المرة من الصوت الشديد، والمراد بها نفخة البعث.
بالحق : بالبعث والجزاء.
يوم الخروج : يوم الخروج من القبور للبعث، وهو من أسماء يوم القيامة.
التفسير :
٤٢- ﴿ يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ﴾. في ذلك اليوم يسمعون صوت النفخة الثانية سماعا متلبسا بالحق، ويقال لهم : ذلك يوم الخروج من القبور للعرض على الله سبحانه وتعالى، وفي الآية تفخيم وتهويل لذلك اليوم، الذي يسمى يوم الخروج.
قال تعالى :﴿ يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ﴾. ( القمر : ٧ ).
والأجداث هي القبور، ومنظر الجراد عند انتشاره منظر رهيب، حيث يسير في مجموعات متعددة، وتغير اتجاهها بسرعة، ويمكن أن تهلك الزروع هلاكا مروعا.
وقال سبحانه وتعالى :﴿ ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون * قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون ﴾. ( يس : ٥١، ٥٢ ).
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
المصير : المرجع للجزاء في الآخرة.
التفسير :
٤٣- ﴿ إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير ﴾.
الحياة بيدنا، والموت بيدنا، والمرجع إلينا وحدنا، فالله تعالى هو الذي خلق آدم من تراب، ثم نفخ فيه الروح، ثم زوجه حواء، ثم بث من آدم وحواء الخلائق إلى يوم الدين، فالروح من أمر الله، ولا يقدر أحد على خلق الروح إلا الله، كما أن الموت بيد الله.
قال تعالى :﴿ قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه... ﴾ ( الجاثية : ٢٦ ).
فالله خلقنا وأحيانا، ونفخ الروح في الجنين وهو في بطن أمه.
قال تعالى :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾. ( المؤمنون : ١٤ ).
وعند نهاية الحياة تقبض الروح بأمر الله، وبيد ملك الموت ومعه مساعدون من الملائكة.
قال تعالى :﴿ الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها... ﴾ ( الزمر : ٤٢ ).
وقال عز شأنه :﴿ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ﴾. ( السجدة : ١١ ).
وقال تعالى :﴿ حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ﴾. ( الأنعام : ٦١ ).
﴿ وإلينا المصير ﴾. وإلينا المرجع والمآب والحساب والجزاء.
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
تشقق : تتصدع.
سراعا : مسرعين.
حشر : جمع بعد البعث.
يسير : سهل هين.
التفسير :
٤٤- ﴿ يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ﴾.
يوم تتصدع الأرض، وتتشقق عن أجسادهم، فيقومون لفصل القضاء، ويسيرون مسرعين، ذلك الحشر والجمع هين يسير علينا، فلا يعجزنا شيء، فقدرتنا لا حدود لها.
﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾. ( البقرة : ٢٠ ).
أي : مع شدة التفرق، وتناثر الأشلاء، وتمزق بعض الناس، وتحلل البعض إلى تراب، كل ذلك جمعه وبعثه وحسابه وجزاؤه هين يسير على الله.
قال تعالى :﴿ كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ﴾. ( الأنبياء : ١٠٤ ).
وانشقاق الأرض وإلقاء ما فيها ورد في القرآن الكريم مرارا على أنه من مظاهر القيامة وأهوالها.
قال تعالى :﴿ وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت ﴾. ( الانشقاق : ٣، ٤ ).
وقال عز شأنه :
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ( ١ ) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ( ٢ ) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ( ٣ ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( ٤ ) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ( ٥ ) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ( ٦ ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ( ٧ ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( ٨ ) ﴾
( الزلزلة : ١-٨ ).
وقراءة حفص :﴿ تشقق ﴾. أي : تنشق الأرض، ويخرج الموتى من بطونها، وتعود الحياة إليهم، ثم يذهبون مسرعين لفصل القضاء في شئونهم، وفي قراءة أخرى بتشديد الشين : تشقّق، أي : يشتد تشققها واضطرابها وزلزالها، ومن مظاهر القيامة تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وانشقاق السماء على غلظها، وتعلق الملائكة بأرجائها. وسير الجبال، واستواء أرض المحشر فتصبح أرضا مستوية، لا ارتفاع فيها ولا انخفاض.
قال تعالى :﴿ ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا * يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ﴾. ( طه : ١٠٥- ١٠٨ ).
وقال سبحانه :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ﴾. ( إبراهيم : ٤٨ ).
وقال عز شأنه :﴿ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ﴾. ( الزمر : ٢٧ ).
وكل ذلك يدل على نهاية هذا الكون، وتبدل ما فيه، وانتهاء حياته، وتغيير نواميس الكون بنواميس جديدة وضعها الله لهذه الحياة الآخرة، فتنطفئ جذوة الشمس، ويصيب القمر الخسوف، وتنكدر النجوم، وتسجَّر البحار فتصبح نار الله الكبرى، ويمسك الله تعالى الأرض بشماله، والسماوات بيمينه -وكلتا يديه يمين –
ويقول : أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟
فذلك قوله تعالى :﴿ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ﴾. ( الزمر : ٦٧ ).
ختام رائع لسورة ق
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ( ٣٦ ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ( ٣٨ ) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( ٣٩ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ( ٤٠ ) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( ٤١ ) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ٤٢ ) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ( ٤٣ ) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ٤٤ ) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ( ٤٥ ) ﴾

تمهيد :

هذا ختام سورة ( ق ) يتناول تهديد المشركين، وقدرة الخالق في خلق الكون بدون أن ينزل به تعب أو مشقة، ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالصبر على عناده، والاستعانة بذكر الله وتسبيحه بالليل والنهار، ثم عرض سورة رائعة للبعث والحشر والنفخ في الصور، وأمر الموتى بأن تجتمع أجزاؤهم ليقوموا لرب العالمين.
وآخر آية تأكد علم الله بأحوال المكذبين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ فقط، وليس مسيطرا عليهم، فليذكر بالقرآن من يخاف القيامة، حتى يعمل لذلك اليوم.
المفردات :
بجبار : بمسيطر ومسلط، إنما أنت داع ومنذر.
فذكر : فخوف وحذر.
التفسير :
ختام السورة
٤٥- ﴿ نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ﴾.
فالعلم الكامل لله تعالى، فهو عالم بأقوال الكافرين، حيث ينكرون البعث، ولا يصدقون بالقرآن، ويتهمون محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر أو كاهن أو مجنون أو مفتر، فالآية تسرِّي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخبره بأن عليه البلاغ، وليس عليه الهداية.
قال تعالى :﴿ فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الأكبر * إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم ﴾. ( الغاشية : ٢١- ٢٦ ).
﴿ فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ﴾.
اقرأ هذا الكتاب، وأرشد به الناس، وخوف هؤلاء المنكرين رجاء أن تلين قناتهم، وأن ترتدع نفوسهم.
لقد لون الله تعالى في أسلوب هذا الكتاب، فتراه أحيانا يكون رقيقا هادئا في قصصه وتشريعه، وبيان رحمة الله ومغفرته، وأحيانا تراه قويا عاصفا في حديثه عن القيامة وأهوالها، والبعث والحشر والحساب والجزاء، لأن من النفوس من يؤنسها الوعد، ويرضيها الهدوء واليسر، ومن النفوس الجامحة من تحتاج معه إلى الشدة والوعيد، لترى القيامة وأهوالها حتى تفيق من سباتها.
وقد اشتمل القرآن الكريم على الوعد بالجنة ونعيمها للمتقين، ووصف الجنة، وأنهارها وأشجارها، وثمارها وحورها وولدانها، ورضوان الله فيها، ترغيبا للناس في نعيمها.
كما وصف الله النار ولهيبها، ويحمومها وغسلينها، وعذاب أهلها، وغضب الجبار على الكافرين والمنافقين، حتى يهدهد كبرياء المبطلين، ويضع الحقيقة كاملة أمام الإنسان في هذه الدنيا، فلا يحتج يوم القيامة بأن الرسل لم تبلغه، وأن الكتب السماوية لم تصف له عذاب الآخرة حتى يأخذ حذره ويفيق من غفلته.
قال تعالى :﴿ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ﴾. ( طه : ١٣٤ ).
والأصل أن القرآن تذكرة للراغب في الجنة، وتحذير للكافر بالنار، لكنه هنا ذكر التذكير بالقرآن لمن يخاف وعيد الله، في مجابهة المشركين والكافرين.
قال تعالى :﴿ بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ﴾. ( فصلت : ٤ ).
وقال عز شأنه :﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ﴾. ( الأحزاب : ٤٥، ٤٦ ).
وقال تعالى :﴿ وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ﴾. ( طه : ١١٣ ).
وكان قتادة يقول :
اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعودك، يا بار يا رحيم.
ونحن نقول معه ذلك إلى الأبد.
اللهم ارزقنا الجنة، وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وصلّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
Icon