ﰡ
خطاب لقوم نوح عليه السلام.
فإن قلتَ : إن كان المراد تأخيرهم عن الأجل، المقدّر أزلا فهو محال، لقوله تعالى :﴿ ولن يؤخّر الله نفسا إذا جاء أجلها ﴾ [ المنافقون : ١١ ] وتأخيرهم إلى مجيء أجلهم المقدّر، فهو كغيرهم سواء آمنوا أم لا ؟
قلتُ : معناه يؤخركم عن العذاب إلى منتهى آجالكم( ١ )، على تقدير الإيمان، فلا يعذّبكم في الدنيا، إن وقع منكم ذنب، كما عذّب غيركم من الأمم الكافرة فيها، أو يؤخر موتكم كأن قضى الله بتعميركم ألف سنة إن آمنوا، وبخمسمائة سنة إن لم يؤمنوا.
قاله هنا بلا واو، وقال بعدُ بواو( ١ )، لأن الأول استئناف، والثاني معطوف عليه.
ختمه بقوله " ضلالا " موافقة لقوله قبلُ ﴿ وقد أضلّوا كثيرا ﴾ [ نوح : ٢٤ ] وختمه بعد بقوله " تبارا " أي هلاكا، موافقة لقوله قبل :﴿ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا ﴾.
إن قلتَ : كيف دعا نوح على قومه بذلك، مع أنه أُرسل إليهم ليهديهم ويُرشدهم ؟
قلتُ : إنما دعا عليهم بذلك، بعد أن أعلمه الله تعالى أنهم لا يؤمنون( ١ ).
فإن قلتَ : كيف وصفهم بالفجور والكفر، حال ولادتهم، وكيف عرف أنهم لا يلدوا إلا فاجرا كفارا ؟ !
قلتُ : وصفهم بما يؤلون إليه، من الفجور والكفر، وعلم ذلك بإعلام الله إيّاه( ١ ).