مكية
وآياتها تسع وخمسون
كلماتها : ٣٤٠ ؛ حروفها : ١٤٤٠
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ حم( ١ ) ﴾.ربما يكون معناها : الحاء والميم حروف تتكون منها كلماتكم، ومنها تتكون كلمات القرآن الكريم، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بكلام مثل الكتاب الحكيم ؛ فآمنوا بأنه وحي الله العليم.
أو تكون- كما جاء في الخبر- بدء أسماء وفواتح سور.
أو تكون بمعنى حُمّ- قُضِيَ ووقع- أي قرب نصره لأوليائه، وانتقامه من أعدائه، كيوم بدر.
أو قسم يحلف الله تعالى به- ولله أن يقسم بما شاء- أو [ الحاء ] : افتتاح اسمه العظيم ( حكيم )، و[ الميم ] افتتاح اسمه الكريم( ملك ) ؛ والله تعالى أعلم.
وقسما بالكتاب الذي يبين غاية الإبانة، ويوضح لمن تدبره طرائق الفوز والفلاح.
جواب القسم :﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ﴾ اخترنا لنزول هذا الفرقان والنور ليلة١ كثيرة الخيرات، لأن إنزال القرآن مستتبع لخيري الدين والدنيا، ولأن الملائكة الكرام ينزلون فيها، ويستجاب الدعاء :﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر ﴾٢.
﴿ إنا كنا منذرين ﴾ أردنا بإنزاله أن نبشر المتقين بالعز والنعيم، وننذر الفجار بطشتنا وعذاب الجحيم.
قال ابن كثير : أي معلمين الناس ما ينفعهم ويضرهم شرعا لتقوم حجة الله على عباده.
قال ابن جرير :﴿ إنا كنا منذرين ﴾ خلقنا بهذا الكتاب الذي أنزلناه في الليلة المباركة عقوبتنا أن تحل بمن كفر منهم فلم يُنِب إلى توحيدنا، وإفراد الألوهة لنا.
٢ سورة القدر..
يفصل المولى- تعالى شأنه- الأقضية، وكل أجل ورزق وأمر إلى السنة التالية ﴿ حكيم ﴾ محكم لا تبديل فيه- فإنه إن يكن مَحْو وإثبات ففي اللوح المحفوظ-[ لأنه لا يبدل ولا يغير بعد إبرازه للملائكة عليهم السلام، بخلافه قبله وهو في اللوح فإن الله تعالى يمحو منه ما يشاء ويثبت ]١.
أمرا موافقا لحكمتنا وتدبيرنا ؛ وأرسلنا خاتم النبيين رحمة من ربك.
أمرا موافقا لحكمتنا وتدبيرنا ؛ وأرسلنا خاتم النبيين رحمة من ربك.
﴿ إنه هو السميع العليم( ٦ ) ﴾.
﴿ إنه هو السميع العليم ﴾ فيسمع شكر الشاكرين فيزيدهم، ويسمع مكر الكافرين ويملي لهم.
[ والجملة تحقيق لربوبيته عز وجل وأنها لا تحق إلا لمن هذه نعوته ]١.
إن كنتم ممن يستيقنون فاعلموا أنه رب السماوات والأرض.
[ ثم يحتمل أن يكون هذا الخطاب مع المُعْتَرِف بأن الله خلق السماوات والأرض، أي إن كنتم موقنين به فاعلموا أن له أن يُرسل الرسل وينزل الكتب ؛ ويجوز أن يكون الخطاب مع من لا يعترف أنه الخالق ؛ أي ينبغي أن يعرفوا أنه الخالق، وأنه الذي يحيي ويميت ؛ وقيل : الموقن هاهنا هو الذي يريد اليقين ويطلبه، كما تقول : فلان يُنْجِد، أي يريد نجدا. ويُتْهم، أي يريد تهامة ]١.
هو سبحانه لا معبود بحق سواه، متفرد وحده بالإحياء والإماتة، وهو ولينا وولي آباءنا من قبلنا، ومالكنا ومالكهم.
لكن المشركين المستهزئين لا يريدون يقينا ؛ ومهما قالوا – ظاهرا من القول- إنهم مقرون بأن الله خالقهم وخالق السماوات والأرض فليسوا على يقين مما يقولون بألسنتهم.
[ يقولونه تقليدا لآبائهم من غير علم، فهم في شك. وإن توهموا أنهم مؤمنون، فهم يلعبون في دينهم بما يعِنُّ لهم من غير حجة.. ويقال لمن أعرض عن المواعظ لاعب، وهو كالصبي الذي يلعب فيفعل ما لا يدري عاقبته ]١.
قد يكون هذا وعيد بالقحط والجوع ؛ ومن اشتد به الجوع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان، من ظلمة تغشى البصر الكليل إذا أطال النظر إلى شيء.
ويشهد لهذا الفهم ما رواه ابن مسعود وقد جاءه رجل فقال : إني تركت رجلا في المسجد يقول في هذه الآية ﴿ ... يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾ يغشى الناس قبل يوم القيامة دخان، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام ؛ فغضب- وكان متكئا فجلس- ثم قال : من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يكن يعلم فليقل : الله تعالى أعلم ؛ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : الله تعالى أعلم ؛ وسأحدثكم عن الدخان : إن قريشا لما استصعبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبطأوا عن الإسلام قال :( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع، فأنزل الله تعالى :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم ﴾ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله تعالى لمضر فاستسقى لهم عليه الصلاة والسلام، فسقوا، فأنزل الله تعالى :﴿ إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ﴾ الخبر أخرجه البخاري وأحمد وجماعة.
هذا وفي صحيح مسلم بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي- صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر فقال :" ما تذكرون ؟ " قالوا : نذكر الساعة، قال :" إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات – فذكر- الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ).
قد يكون هذا وعيد بالقحط والجوع ؛ ومن اشتد به الجوع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان، من ظلمة تغشى البصر الكليل إذا أطال النظر إلى شيء.
ويشهد لهذا الفهم ما رواه ابن مسعود وقد جاءه رجل فقال : إني تركت رجلا في المسجد يقول في هذه الآية ﴿... يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾ يغشى الناس قبل يوم القيامة دخان، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام ؛ فغضب- وكان متكئا فجلس- ثم قال : من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يكن يعلم فليقل : الله تعالى أعلم ؛ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : الله تعالى أعلم ؛ وسأحدثكم عن الدخان : إن قريشا لما استصعبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبطأوا عن الإسلام قال :( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع، فأنزل الله تعالى :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم ﴾ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله تعالى لمضر فاستسقى لهم عليه الصلاة والسلام، فسقوا، فأنزل الله تعالى :﴿ إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ﴾ الخبر أخرجه البخاري وأحمد وجماعة.
هذا وفي صحيح مسلم بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي- صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر فقال :" ما تذكرون ؟ " قالوا : نذكر الساعة، قال :" إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات – فذكر- الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ).
يضرع الناس إلى الله تعالى مستغيثين به قائلين : ربنا ارفع واصرف عنا البلاء إنا سندخل في الإيمان ونتبع الرسول.
والناس هكذا إذا مسهم الضر جأروا إلى الله :﴿ .. لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق.. ﴾١ وكذلك فعل آل فرعون حين أُخذوا بذنوبهم ﴿ ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل. فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ﴾٢.
٢ سورة الأعراف. الآيتان: ١٣٥، ١٣٤..
بَعُدَ أن يوفوا بوعدهم، وهم عن التذكر والتبصر بمنأى ﴿ إنما يتذكر أولوا الألباب. الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ﴾١ وكيف وقد بعثنا إليهم رسولنا المبين للحق فتولوا وأعرضوا عنه، ولم يتركوه، بل افتروا عليه وعابوه، واستهزؤوا به وكذبوه، فمرة يقولون :﴿ .. إنما يعلمه بشر.. ﴾٢ – عداس الرومي أو سلمان الفارسي- وثانية يقولون :﴿ ... يا أيها الذي نزل عليك الذكر إنك لمجنون ﴾٣.
٢ سورة النحل. من الآية ١٠٣..
٣ سورة الحجر. من الآية٦..
بَعُدَ أن يوفوا بوعدهم، وهم عن التذكر والتبصر بمنأى ﴿ إنما يتذكر أولوا الألباب. الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ﴾١ وكيف وقد بعثنا إليهم رسولنا المبين للحق فتولوا وأعرضوا عنه، ولم يتركوه، بل افتروا عليه وعابوه، واستهزؤوا به وكذبوه، فمرة يقولون :﴿.. إنما يعلمه بشر.. ﴾٢ – عداس الرومي أو سلمان الفارسي- وثانية يقولون :﴿... يا أيها الذي نزل عليك الذكر إنك لمجنون ﴾٣.
٢ سورة النحل. من الآية ١٠٣..
٣ سورة الحجر. من الآية٦..
لما تضرع المشركون وقالوا ﴿ ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ﴾ واستسقى لهم النبي صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الصحيح- كشف الله عنهم القحط والبلاء حين، لِما يعلم سبحانه من إصرارهم على الضلال، والثبات على الكفر.
[ إن كشفنا عنكم العذاب كشفا قليلا أو زمانا قليلا عدتم. والمراد على ما قيل : عائدون إلى الكفر ؛ وأنت تعلم أن عودهم إليه يقتضي إيمانهم وقد مرّ أنهم لم يؤمنوا، وإنما وعدوا الإيمان فإما أن يكون وعدهم منزّلا منزلة إيمانهم ؛ أو المراد : عائدون إلى الثبات على الكفر أو على الإقرار والتصريح به ]١.
فإن عدتم ونكثتم فارتقبوا يوم نبطش ونأخذ بشدة ونعاجل قتلكم بقوة بطشة كبرى تنال كبراءكم ؛ إنا سنحل غضبنا ونجازي كل جبار عنيد ؛ وذلك يوم بدر.
مدار معنى[ فتن ] الامتحان والاختبار والابتلاء، وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه.
ولقد اختبرنا قبل قومك يا محمد قوم فرعون- عاملناهم معاملة الممتحن ليظهر حالهم لغيرهم- فأرسلنا إليهم رسولا كريما الخُلق مكرما عند الله سبحانه، يكرم ربه به من حوله.
قال ابن منظور :.. وأصلها [ فتن ] مأخوذ من قولك فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد.. ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والإحراق والإزالة والصرف عن الشيء.
أقول : ومن معانيها التي أوردها القرآن الكريم : الاصطفاء والاختيار، يقول المولى –تبارك اسمه-﴿ ... وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى. واصطنعتك لنفسي ﴾١ أخلصناك إخلاصا ؛ وقال ابن عباس :﴿ واصطنعتك لنفسي ﴾ اخترتك لوحيي ورسالتي.
جاءهم موسى بدعوة : شطر منها أن يُطْلقوا الإسرائيليين الذين استعبدوهم ؛ وهذا أمر الله إليكم أبلغكموه بصدق وأمانة.
نقل ابن جرير بسنده عن قتادة : قال لفرعون : علام تحبس هؤلاء القوم ؟ قوما أحرارا اتخذتهم عبيدا ! خل سبيلهم. اه.
وهكذا جاءت الدعوة من الله لإنقاذ المستضعفين، وتحرير المستذلين، وتخليص البشر من قهر الجبارين، واستعلاء المتكبرين ؛ بل كانت في أول ما دعا إليه الرسول الكريم موسى عليه الصلاة والتسليم، وأول عهد الله إليه وإلى أخيه هارون عليه السلام :﴿ فأتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل ﴾١ ﴿ وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين. حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل ﴾٢.
فهل يشكر الإسرائيليون نعمة الله ؟ وهل يقدس اليهود الوحي الرباني الذي جعل لهم ذكرا على تعاقب أزمان الحياة ؟ وهل يزدجرون- وقد ذاق أوائلهم والأواخر مرارة البغي والقهر- فيقلعون عن إشاعة السفك والفحش والشر وتوسيع مداه ؟ !.
ألم يأن للمستشرفين للحرية، والحقوق الإنسانية، والداعين إليها، أن يدخلوا في دين الإسلام الذي يهدي من آمن به إلى سنن المرسلين، ويستحفظهم كرامة وحق البشر، ويؤاخي على الإيمان بين الناس، ويلزمهم المودة والتناصر مهما اختلفت الشعوب والأجناس ؟ !.
٢ سورة الأعراف. الآيتان: ١٠٥، ١٠٤..
ولا تنازعوا الكبير المتعال سلطانه باستعبادكم الخلق، وما العبودية إلا للخالق دون سواه ؛ إني قد جئتكم بحجة واضحة وبرهان يبين صدق ما أدعوكم إليه وأنني مرسل من ربي.
[ ولا تستكبروا عليه سبحانه بالاستهانة بوحيه جل شأنه ورسوله عليه السلام ؛ و﴿ أن ﴾ كالتي قبلها، والمعنى على المصدرية : بكفكم عن العلو على الله تعالى... ولا يخفى حسن ذكر [ الأمين ] مع الأداء، [ والسلطان ] مع العلاء.. ]١.
عَلِمَ موسى –صلى الله عليه وسلم- أن الذي دعاهم إليه من تحرير المستعبدين، والخضوع لرب العالمين، كلام لا يطيقونه، وليس لقائله عندهم إلا القتل رجما بالحجارة، فأخبرهم أن الله تعالى مانعه منهم، ثقة بوعد الله الحق لموسى وهارون﴿ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى. قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ﴾١ ﴿ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد. وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ﴾٢. يخبرهم أنه لاذ بالله تعالى ولجأ إليه واعتصم به، فهو عاصمه.
٢ سورة غافر. الآيتان: ٢٧، ٢٦..
وإن لم تصدقوا ما جئتكم به فاتركوني ولا تكونوا عليّ، ولا تتعرضوا لي بأذى، فإن من يدعو إلى الخير والحق إما أن يُتَّبع، أو يترك وشأنه.
وطال أمد تكذيب فرعون وملئه، ﴿ .. فقالوا ساحر كذاب. فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساء هم.. ﴾١.
﴿ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم. قال قد أجيبت دعوتكما.. ﴾٢.
سأل موسى – ومعه هارون عليهما السلام- ربنا القريب المجيب أن يهلك هؤلاء الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فلا هم أدّوا حق الخالق فآمنوا به وأطاعوه، ولا حق الخلق فتركوهم أحرارا.
ونعم سلاح المؤمن الدعاء، ﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر. فدعا ربه أني مغلوب فانتصر. ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر. وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر. وحملناه على ذات ألواح ودسر ﴾٣.
٢ سورة يونس. الآية ٨٨، ومن الآية ٨٩..
٣ سورة القمر. الآيات: من ٩إلى ١٣..
فاستجبنا دعوة موسى وأخيه، وقضينا إليه أن يسير تاركا أرض مصر في جنح الليل وقطعة من آخره١، وأن يسير معه بنو إسرائيل ومن آمن من القبط، فإني أعلم أن فرعون وجنوده سيتبعونهم، فإذا سار موسى ومن معه ليلا فسيتأخر العلم برحيلهم فلا يُدْرَكُون.
أوجز القرآن الكريم في هذه السورة المباركة ما كان من نبأ موسى وأصحابه إذ لاحقهم فرعون وجنده، وأمر الله لنبيه أن يضرب بعصاه البحر، فإذا بالماء ينحسر عن طريق يبس يجتازه موسى والذين آمنوا معه، وجاء الأمر هنا لموسى أن يترك البحر منفرجا مفتوحا، فقد قضى الله أن يغرق فرعون وهامان وجنودهما.
بينما فصّلت قصة الإنجاء والإغراق في سورتي طه والشعراء، وذلك قوله تبارك اسمه ﴿ .. فاضرب لهم في البحر طريقا يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى. فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم.. ﴾١ وقوله- سبحانه وتعالى- :﴿ فأتبعوهم مشرقين. فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون. قال كلا إن معي ربي سيهدين. فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم. وأزلفنا ثمّ الآخرين. وأنجينا موسى ومن معه أجمعين. ثم أغرقنا الآخرين ﴾٢.
قال قتادة : أراد موسى عليه السلام بعد أن جاوز البحر هو ومن معه أن يضربه بعصاه حتى يلتئم كما ضربه أولا فانفلق لئلا يتبعه فرعون وجنوده، فأُمر بأن يتركه ﴿ رهوا ﴾ أي مفتوحا منفرجا ولا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئا ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم.
٢ سورة الشعراء. الآيات: من ٦٠إلى ٦٦..
أغرقهم الله وما أغنت عنهم ثروتهم من البساتين والحدائق البهيجة، والماء الوفير، والزرع النضير، والمساكن المترفة، والمجالس الفاخرة، والراحة وسعة الرزق الذي يُستمتع معه بالملاذ والشهوات ؛ وما كان أكثر ذلك كله لديهم.
أغرقهم الله وما أغنت عنهم ثروتهم من البساتين والحدائق البهيجة، والماء الوفير، والزرع النضير، والمساكن المترفة، والمجالس الفاخرة، والراحة وسعة الرزق الذي يُستمتع معه بالملاذ والشهوات ؛ وما كان أكثر ذلك كله لديهم.
أغرقهم الله وما أغنت عنهم ثروتهم من البساتين والحدائق البهيجة، والماء الوفير، والزرع النضير، والمساكن المترفة، والمجالس الفاخرة، والراحة وسعة الرزق الذي يُستمتع معه بالملاذ والشهوات ؛ وما كان أكثر ذلك كله لديهم.
لما قُطِع دابر القوم الذين ظلموا استراحت الدنيا من بغيهم وظلمهم، وعندما حان أجلهم أُخِذوا دون إمهال ﴿ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ﴾١ ؛ وأغرقوا ﴿ .. فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ﴾٢ ؛ هلكوا فلم تعظم مصيبتهم ولم يوجد لهم فقد.
أورد القرطبي عن الحسن :.. في الكلام إضمار، أي ما بكى عليهم أهل السماء والأرض من الملائكة، كقوله تعالى :﴿ واسأل القرية.. ﴾٣.. بل سروا بهلاكهم٤ يعني أنهم لم يعملوا على الأرض عملا صالحا تبكي عليهم لأجله، ولا صعد لهم إلى السماء عمل صالح فتبكي٥ فقد ذلك.. فما بكت٦ عليهم مصاعد عملهم من السماء، ولا مواضع عبادتهم من الأرض.
٢ سورة يس. من الآية ٤٣..
٣ سورة يوسف. من الآية ٤٣..
٤ روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من مؤمن إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله فإذا مات فقداه فبكيا عليه- ثم تلا-﴿فما بكت عليهم السماء والأرض﴾أورده القرطبي جـ١٦ص١٤٠..
٥ قال شريح الحضرمي: قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء يوم القيامة) قيل: من هم يا رسول الله؟ قال:( هم الذين إذا فسد الناس صلحوا)؛ ثم قال:(ألا لا غربة على مؤمن وما مات مؤمن في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:﴿فما بكت عليهم السماء والأرض﴾، ثم قال:"ألا إنهما لا يبكيان على الكافر". القرطبي جـ١٦ص١٤١..
٦ قال محمد بن علي الترمذي: البكاء إدرار الشيء، فإذا أدرت العين بمائها قيل بكت، وإذا أدرت السماء بحمرتها قيل بكت، وإذا أدرت الأرض بغبرتها قيل بكت، لأن المؤمن نور ومعه نور الله، فالأرض مضيئة بنوره، وإن غاب عن عينيك، فإن فقدت نور المؤمن اغبرت فدرت باغبرارها، لأنها كانت غبراء بخطايا أهل الشرك وإنما صارت مضيئة بنور المؤمن، فإذا قبض المؤمن منها درت بغبرتها. القرطبي جـ١٦ص١٤٢..
يذكر الله تعالى الإسرائيليين بنعمته ليشكروا ولا يكفروا، فيحل بهم ما حل بالفرعونيين، لقد نجاهم المولى الرحيم من الخزي والذل والمهانة التي ذاقوها، فوق ما فُعِل بهم من تذبيح أبنائهم واستحياء نساءهم.
من عذاب فرعون إنه-عليه اللعنة- كان متعاليا أعمى القلب حتى بلغ به العتو أن قال ما حكاه القرآن العظيم :﴿ فحشر فنادى. فقال أنا ربكم الأعلى ﴾١ ؛ وتجاوز الحد في الشر، وأسرف في الفساد، فلم يشف غيظه أن ينكِّل بشعب، وأن يصرخ ليباشر قتل رسول كلّمه الله تعالى تكليما ؛ وشهد الكتاب الحق بأضغان فرعون :﴿ وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه.. ﴾٢. وحين آمن السحرة برب العالمين قال الطاغية ما سجلته الآيات الكريمة :.. ﴿ آمنتم له قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون. لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين ﴾٣﴿ قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ﴾٤.
٢ سورة غافر. من الآية ٣٦..
٣ سورة الأعراف. من الآية ١٢٣، والآية ١٢٤..
٤ سورة طه. من الآية ٧١..
اخترنا بني إسرائيل من بين أمم خلقناها، ومنحناهم ما قضيناه وفق علمنا، فأنجيناهم وأغرقنا عدوهم، وأورثناهم من المشارق والمغارب ما شئنا، وجعلنا فيهم أنبياء وملوكا.
وأعطيناهم من المعجزات ما فيه اختبار يتميز به المؤمن من الكافر، والجاحد من الشاكر.
قال قتادة : إنجاؤهم من فرعون، وفلق البحر لهم، وتظليل الغمام عليهم، وإنزال المن والسلوى.
وبعد أن قصّ القرآن الكريم في سبع عشرة آية- من ١٧-٣٣. من أنباء موسى عليه الصلاة والتسليم مع الفرعونيين والإسرائيليين بيّن في هذه الآيات الثلاث فرية من افتراءات المشركين، المنكرين للبعث ولقاء رب العرش العظيم، وأورد حجتهم الداحضة : يقولون : بعد الموت لا نشر ولا إعادة ولا إحياء للموتى، وإلا فأحيوا من مات من أجدادنا لنراهم بيننا فنصدق أن لنا إعادة بعد موتنا.
يقول ابن كثير : وهذه حجة باطلة، وشبهة فاسدة، فإن المعاد إنما هو يوم القيامة لا في الدار الدنيا، بل بعد انقضائها وذهابها وفراغها، يعيد الله العالمين خلقا جديدا، ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا، يوم تكونون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. اه.
وبعد أن قصّ القرآن الكريم في سبع عشرة آية- من ١٧-٣٣. من أنباء موسى عليه الصلاة والتسليم مع الفرعونيين والإسرائيليين بيّن في هذه الآيات الثلاث فرية من افتراءات المشركين، المنكرين للبعث ولقاء رب العرش العظيم، وأورد حجتهم الداحضة : يقولون : بعد الموت لا نشر ولا إعادة ولا إحياء للموتى، وإلا فأحيوا من مات من أجدادنا لنراهم بيننا فنصدق أن لنا إعادة بعد موتنا.
يقول ابن كثير : وهذه حجة باطلة، وشبهة فاسدة، فإن المعاد إنما هو يوم القيامة لا في الدار الدنيا، بل بعد انقضائها وذهابها وفراغها، يعيد الله العالمين خلقا جديدا، ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا، يوم تكونون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. اه.
وبعد أن قصّ القرآن الكريم في سبع عشرة آية- من ١٧-٣٣. من أنباء موسى عليه الصلاة والتسليم مع الفرعونيين والإسرائيليين بيّن في هذه الآيات الثلاث فرية من افتراءات المشركين، المنكرين للبعث ولقاء رب العرش العظيم، وأورد حجتهم الداحضة : يقولون : بعد الموت لا نشر ولا إعادة ولا إحياء للموتى، وإلا فأحيوا من مات من أجدادنا لنراهم بيننا فنصدق أن لنا إعادة بعد موتنا.
يقول ابن كثير : وهذه حجة باطلة، وشبهة فاسدة، فإن المعاد إنما هو يوم القيامة لا في الدار الدنيا، بل بعد انقضائها وذهابها وفراغها، يعيد الله العالمين خلقا جديدا، ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا، يوم تكونون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. اه.
توعد الله القوي القدير المكذبين بالآخرة أن يهلكهم كما أهلك من سبقوهم بإجرامهم وارتيابهم في لقاء ربهم. وبدأت الآية بالاستفهام الإنكاري :﴿ أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم ﴾ أقومك الذين يقولون :﴿ وما نحن بمنشرين ﴾- بمبعوثين- أفضل وأشد وأكثر من قوم تبع-اليمنيين الذين ملكوهم التبابعة١- ؟ وهل قومك أقوى من سابقيهم عاد وثمود ؟ لا ! بل الذين كانوا من قبلهم﴿ .. كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ﴾٢ ﴿ .. كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا.. ﴾٣ ﴿ كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ﴾٤ فالذي أهلك الأولين، قادر على أن يُتبعهم الآخرين، كذلك يفعل ربنا بالمجرمين. ﴿ وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ﴾٥.
٢ سورة الروم. من الآية ٩..
٣ سورة التوبة. من الآية ١٦٩..
٤ سورة غافر. من الآية ٢١..
٥ سورة محمد. الآية ١٣..
خلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت، فلو لم يكن بعث-وحاشا- لكان ذلك باطلا، بل هو مستحيل، ولقد أقام الله الحجة بالحق على الخلق فقال- تبارك اسمه- ﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون. فتعالى الله الملك الحق.. ﴾ ١.
لكن خلقنا السماوات والأرض وما بينهما خلقا ملتبسا بالحق الذي هو الإيمان والطاعة والجزاء- وإنما يتم الجزاء ويُستوفى في الآخرة- ولهذا قضى الخلاق العليم، أحكم الحاكمين، أن ملابسة خلقهما بالحق مقترنة بأن ينقضي خلقهما عندما يحين أجل معلوم، قدّره الحي القيوم :﴿ ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى ﴾١ وإنما يجهل المعرضون لعمى بصائرهم، وغلبة شقوتهم﴿ .. والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾٢.
٢ سورة الأحقاف الآية ٢..
فليتحققوا أنهم مبعوثون ومحاسبون ومجزيون كلهم ؛ وربنا يفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، يفصل بين المتقين والفاسقين في حشرهم وسؤالهم ووقوفهم ومصيرهم، يفصل الواحد القهار بين الأقرباء والأحبّاء والأصدقاء إلا المتقين :﴿ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم.. ﴾ ١.
يوم يفصل الواحد القهار بين العباد لا يدفع حبيب عن حبيبه ولا قريب عن قريبه أيّ دفع، ولا يغني عنه، ولا يعينه على تخطي الكربات وما هو ملاقيه، ولا ينصره مما هو فيه ؛ ومهما كانت القرابات قريبة فإن أحدا لا ينفع، إلا من رحمه البر الرحيم العزيز الكريم.
شهد الله أن الأب لا ينفع ابنه، ولا ينفع الابن أباه، إلا أهل ولاية الله :﴿ .. واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ﴾١ بل يتنافرون ويتناكرون
﴿ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه ﴾٢، ﴿ .. يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه. وصاحبته وأخيه. وفصيلته التي تؤويه. ومن في الأرض جميعا.. ﴾٣
[ ويعلم من نفي إغناء المولى نفي إغناء غيره من باب أولى ] ٤.
[ لا يُمنع من العذاب إلا من رحمه الله تعالى، وذلك بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه ] ]٥.
[.. لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض.
﴿ إنه هو العزيز الرحيم ﴾أي المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه، كما قال :﴿ .. شديد العقاب ذي الطول.. ﴾ ٦ فقرن الوعد بالوعيد ] ٧.
٢ سورة عبس الآيات: ٣٦، ٣٥، ٣٤..
٣ سورة المعارج من الآية ١١، والآيتان: ١٣، ١٢ ومن الآية ١٤..
٤. ما بين العارضتين أورده صاحب روح المعاني..
٥ سورة غافر. من الآية ٣..
٦ ما بين العارضتين أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن..
٧ ؟؟؟؟؟.
يوم يفصل الواحد القهار بين العباد لا يدفع حبيب عن حبيبه ولا قريب عن قريبه أيّ دفع، ولا يغني عنه، ولا يعينه على تخطي الكربات وما هو ملاقيه، ولا ينصره مما هو فيه ؛ ومهما كانت القرابات قريبة فإن أحدا لا ينفع، إلا من رحمه البر الرحيم العزيز الكريم.
شهد الله أن الأب لا ينفع ابنه، ولا ينفع الابن أباه، إلا أهل ولاية الله :﴿.. واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ﴾١ بل يتنافرون ويتناكرون
﴿ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه ﴾٢، ﴿.. يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه. وصاحبته وأخيه. وفصيلته التي تؤويه. ومن في الأرض جميعا.. ﴾٣
[ ويعلم من نفي إغناء المولى نفي إغناء غيره من باب أولى ] ٤.
[ لا يُمنع من العذاب إلا من رحمه الله تعالى، وذلك بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه ] ]٥.
[.. لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض.
﴿ إنه هو العزيز الرحيم ﴾أي المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه، كما قال :﴿.. شديد العقاب ذي الطول.. ﴾ ٦ فقرن الوعد بالوعيد ] ٧.
٢ سورة عبس الآيات: ٣٦، ٣٥، ٣٤..
٣ سورة المعارج من الآية ١١، والآيتان: ١٣، ١٢ ومن الآية ١٤..
٤. ما بين العارضتين أورده صاحب روح المعاني..
٥ سورة غافر. من الآية ٣..
٦ ما بين العارضتين أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن..
٧ ؟؟؟؟؟.
فليتحقق كل من هو أهل لذلك أن الشجرة الملعونة شجرة تخرج في قاع جهنم، طلعها قبيح المنظر كأنه رءوس الشياطين، ومنها غذاء الفجار الآثمين، فتنزل إلى بطونهم كعكر الزيت تغلي وتفور في أجوافهم كأشد ما يكون الفوران والغليان.
فليتحقق كل من هو أهل لذلك أن الشجرة الملعونة شجرة تخرج في قاع جهنم، طلعها قبيح المنظر كأنه رءوس الشياطين، ومنها غذاء الفجار الآثمين، فتنزل إلى بطونهم كعكر الزيت تغلي وتفور في أجوافهم كأشد ما يكون الفوران والغليان.
فليتحقق كل من هو أهل لذلك أن الشجرة الملعونة شجرة تخرج في قاع جهنم، طلعها قبيح المنظر كأنه رءوس الشياطين، ومنها غذاء الفجار الآثمين، فتنزل إلى بطونهم كعكر الزيت تغلي وتفور في أجوافهم كأشد ما يكون الفوران والغليان.
فليتحقق كل من هو أهل لذلك أن الشجرة الملعونة شجرة تخرج في قاع جهنم، طلعها قبيح المنظر كأنه رءوس الشياطين، ومنها غذاء الفجار الآثمين، فتنزل إلى بطونهم كعكر الزيت تغلي وتفور في أجوافهم كأشد ما يكون الفوران والغليان.
يقال للزبانية خزنة النار من الملائكة : خذوا الأثيم الفاجر فسوقوه وجروه إلى وسط جهنم، ثم صبوا على قمة رأسه أشد السوائل حرارة ليعمه العذاب من أعلاه إلى أسفله، وتُحسرُه الملائكة وتسخر منه فيقولون له : ذق هذا العذاب إنك كنت تزعم أنك العزيز الذي لا يُغلب، الكريم الذي لا ينال.
قال قتادة : نزلت في أبي جهل١ وكان قد قال : ما فيها أعز مني ولا أكرم ؛ فلذلك قيل له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾.
يقول الألوسي : وهذا ونحوه لا يدل أيضا على تخصيص حكم الآية به ؛ فكل أثيم يدّعي دعواه يوم القيامة.
يقال للزبانية خزنة النار من الملائكة : خذوا الأثيم الفاجر فسوقوه وجروه إلى وسط جهنم، ثم صبوا على قمة رأسه أشد السوائل حرارة ليعمه العذاب من أعلاه إلى أسفله، وتُحسرُه الملائكة وتسخر منه فيقولون له : ذق هذا العذاب إنك كنت تزعم أنك العزيز الذي لا يُغلب، الكريم الذي لا ينال.
قال قتادة : نزلت في أبي جهل١ وكان قد قال : ما فيها أعز مني ولا أكرم ؛ فلذلك قيل له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾.
يقول الألوسي : وهذا ونحوه لا يدل أيضا على تخصيص حكم الآية به ؛ فكل أثيم يدّعي دعواه يوم القيامة.
يقال للزبانية خزنة النار من الملائكة : خذوا الأثيم الفاجر فسوقوه وجروه إلى وسط جهنم، ثم صبوا على قمة رأسه أشد السوائل حرارة ليعمه العذاب من أعلاه إلى أسفله، وتُحسرُه الملائكة وتسخر منه فيقولون له : ذق هذا العذاب إنك كنت تزعم أنك العزيز الذي لا يُغلب، الكريم الذي لا ينال.
قال قتادة : نزلت في أبي جهل١ وكان قد قال : ما فيها أعز مني ولا أكرم ؛ فلذلك قيل له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾.
يقول الألوسي : وهذا ونحوه لا يدل أيضا على تخصيص حكم الآية به ؛ فكل أثيم يدّعي دعواه يوم القيامة.
ثم تحسّرهم الملائكة الزبانية خزنة جهنم تحسر الأثيم ومن على شاكلته فيقولون لهم : هذا العذاب هو ما كنتم تشكون في وقوعه أيام حياتكم.
في الآيات التي سبقت أنذر الله الآثمين المكذبين ؛ وفي هذه بشّر ربنا المؤمنين المتقين، فهم في إقامة لا ظعن معها، ولا ارتحال منها، والمولى- تبارك اسمه- يؤمنهم من كل مكروه، وينعمون في بساتين كثر شجرها، واتصل ظلها، حتى غُطِّيَ ترابها، والماء تتفجر به عيونها، وأثوابهم من رقيق الحرير ومن غليظه، وهم في مجالسهم ينظر بعضهم إلى وجه بعض ليزداد أنسهم.
في الآيات التي سبقت أنذر الله الآثمين المكذبين ؛ وفي هذه بشّر ربنا المؤمنين المتقين، فهم في إقامة لا ظعن معها، ولا ارتحال منها، والمولى- تبارك اسمه- يؤمنهم من كل مكروه، وينعمون في بساتين كثر شجرها، واتصل ظلها، حتى غُطِّيَ ترابها، والماء تتفجر به عيونها، وأثوابهم من رقيق الحرير ومن غليظه، وهم في مجالسهم ينظر بعضهم إلى وجه بعض ليزداد أنسهم.
في الآيات التي سبقت أنذر الله الآثمين المكذبين ؛ وفي هذه بشّر ربنا المؤمنين المتقين، فهم في إقامة لا ظعن معها، ولا ارتحال منها، والمولى- تبارك اسمه- يؤمنهم من كل مكروه، وينعمون في بساتين كثر شجرها، واتصل ظلها، حتى غُطِّيَ ترابها، والماء تتفجر به عيونها، وأثوابهم من رقيق الحرير ومن غليظه، وهم في مجالسهم ينظر بعضهم إلى وجه بعض ليزداد أنسهم.
النعيم للمتقين يكون هكذا، وتمتعهم بزوجات أنشأهن الخلاق العليم إنشاء هن الحور العين ﴿ كأنهن الياقوت والمرجان ﴾١.
[ والحور ] -لغة- جمع حوراء، وهي البيضاء، أو : شديدة سواد العين وبياضها، أو ذات الحَوَر، وهو سواد المقلة كلها- كما في الضباء- فلا يكون في الإنسان إلا مجازا ؛ والعين جمع عيناء فهن مع ذلك واسعات الأعين.
يطالبون وينادون في الجنة بكل فاكهة، ويأمرون بإحضار ما شاؤوا منها، لأنها كما بشر الحق جل علاه﴿ .. كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة ﴾١ فهم في أمن من انقطاعها أو انعدامها، بل هم في أمن من كل مكروه وسوء.
يخلدون في نعيم الجنات، ولا يلحقهم موت فليس بعد الموتة الأولى التي تعقب حياتنا الدنيا موت.
قال الطبري :﴿ إلا ﴾ بمعنى : بعد.
قال ابن كثير : هذا استثناء يؤكد النفي فإنه استثناء منقطع.
ومعناه : أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا ؛ كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ثم يقال : يأهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ).. عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يقال لأهل الجنة إن لكم أن تصحّوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا )رواه مسلم.
وقال الألوسي :.. وجاء في الحديث " النوم " لأنه أخو الموت، أخرج البزار والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، والبيهقي في البعث بسند صحيح عن جابر بن عبد الله قال : قيل يا رسول الله : أينام أهل الجنة ؟ قال :( لا ! النوم أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون ).
﴿ ووقاهم عذاب الجحيم( ٥٦ ) ﴾
النعيم الذي يفوز به المتقون لا يقطعه موت، ولا يلحقه عذاب، فلهم من الله الكريم الوهاب أنهم لن يخرجوا من الجنة، ولن يذوقوا عذاب جهنم.
وكل ما نالوه إنما هو عطاء من الحميد المجيد، وفضل وتكرم من مولانا البر الرحيم، وليس أعلى من هذا الفوز فوز ﴿ .. فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.. ﴾١.
وعادت الآيات المباركات لتذكرنا بالنعمة الكبرى، نعمة نزول القرآن، وتوصينا بحقه أن نتدبره ونتذكره، ونقدسه ونتبع منهاجه ونستمسك بهداه ؛ والخطاب للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم : سهلناه بلسانك وأنزلناه سهلا واضحا، جليا بينا، عربيا، لأنها أفصح اللغات وأحلاها، وأجلاها وأعلاها، ليفهموا ويعلموا، وينزجروا ويتعظوا.
فانتظر واصبر إن وعد الله حق ﴿ .. ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ﴾١ ؛ وترقب ما سأحله بهم من النقمة، وما أوتيك من الغلبة والنصر عليهم، [ وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين، ومن اتبعكم من المؤمنين كما قال تعالى :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ﴾٢. وقال تعالى :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٣ ].
﴿ إنهم مرتقبون ﴾ ما يحل بك كما قالوا :﴿ .. نتربص به ريب المنون ﴾٤.
[ وقيل ارتقب يوم القيامة فإنه يوم الفصل، وإن لم يعتقدوا وقوع القيامة، جعلوا كالمرتقبين ؛ لأن عاقبتهم ذلك ؛ والله تعالى أعلم٥. ].
٢ سورة المجادلة. من الآية ٢١..
٣ سورة غافر. الآية٥١. وما بين العارضتين أورده صاحب تفسير القرآن العظيم..
٤ سورة الطور. من الآية ٣٠. وما بين العارضتين أورده صاحب روح المعاني..
٥ ما بين العارضتين أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن..