تفسير سورة ق

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة ق من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة ق
مكية. وهي خمس وأربعون آية. ووجه مناسبتها : أن السورة قبلها واردة في الترغيب في الأدب، والترهيب من سوء الأدب، ولا يتحقق ذلك إلا لمن صحت عنده رسالة الرسول ونبوته، فأقسم في هذه السورة على تحقيق رسالته وإنذاره بقوله :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾*﴿ بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾*﴿ أَئذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾*﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾*﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ﴾*﴿ أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ﴾*﴿ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾*﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾*﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾*﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾*﴿ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ﴾.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرب من حضرتنا ﴿ و ﴾ حق ﴿ القرآنِ المجيد ﴾ إنك لرسول مجيد، أو :﴿ ق ﴾ أي : وحق القَويّ القريب، والقادر القاهر. وقال مجاهد : هو جبل محيط بالأرض من زمُردة خضراء، وعليه طغى الماء، وخُضرة السماء منه، والسماء مقبّبة عليه، وما أصاب الناس من زمرد فمما تساقط من ذلك الجبل. ورُوي أن ذا القرنين وصل إليه، فخاطبه، وقال : يا قاف أخبرني بشيء من عظمة الله، قال : إن شأن ربنا لَعظيم، وإن ورائي أرضاً ميسرة خمسمائة عام، في عرض خمسمائة عام، من ثلج يحطم بعضه بعضاً، لولا ذلك الثلج لاحترقت من نار جهنم. ه.
﴿ والقرآنِ المجيد ﴾ أي : ذي المجد والشرف على سائر الكتب، أو : لأنه كلام مجيد، مَن علم معانيه وعمل بما فيه مَجُد عند الله وعند الناس. وجواب القسم محذوف، أي : إنك لرسول نذير، أو : لتُبعثن، بدليل قوله :﴿ أئذا متنا. . . ﴾ الخ، أو : إنا أنزلناه إليك لِتُنذر به فلم يؤمنوا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ بل عَجِبوا أن جاءهم ﴾ أي : لأن جاءهم ﴿ مُنذر منهم ﴾ من جنسهم، لا من جنس الملائكة، أو : من جلدتهم، وهو إنكار لتعجّبهم مما ليس بعجب، وهو أن يُخوفهم من غضب الله رجلٌ منهم قد عرفوا عدالته وأمانته، ومَن كان كذلك لم يكن إلا ناصحاً لقومه، خائفاً أن ينالهم مكروه وإذا علم أن مخوفاً أظلهم لزمه أن ينذرهم، فكيف بما هو غاية المخاوف ؟ أو إنكار لتعجُّبهم مما أنذرَهم به من البعث مع علمهم بقدرة الله تعالى على خلق السموات والأرض وما بينهما، وإقرارهم بالنشأة الأولى، مع شهادة العقل بأنه لا بدّ من الجزاء، وإلا كان إنشاء الخلق عبثاً، ثم بيَّن تعجُّبهم بقوله :﴿ فقال الكافرون هذا شيءٌ عجيبٌ ﴾ أي : هذا الذي يقوله محمد من البعث بعد الموت شيءٌ عجيب، أو : كون محمد منذراً بالقرآن شيءٌ يُتعجب منه. ووضع " الكافرون " موضع الضمير للدلالة على أنهم في قولهم هذا مُقدِمون على كفر عظيم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

ثم قالوا :﴿ أئِذا متنا وكنا تُراباً ﴾ أي : أنُبعث حين نموت ونصير تراباً كما يقوله هذا النذير ؟ ﴿ ذلك رجع بعيد ﴾ أي : ذلك البعث بعد هذه الحالة رجوع مستبعَد، منكَر، بعيد من الوهم والعادة. فالعامل في " إذا " محذوف مفهوم من الكلام كما قدرنا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

قال تعالى :﴿ قد عَلِما ما تنقصُ الأرضُ منهم ﴾ وهو ردّ لاستبعادهم ؛ فإنَّ مَن عمّ علمه ولطفه حتى ينتهي إلى حيث علم ما تنقص الأرضُ من أجساد الموتى، وتأكل من لحومهم وعظمهم، كيف يستبعد رجعه إياهم أحياء كما كانوا ؟ ! عن النبي صلى الله عليه وسلم :" كلُّ ابن آدم يأكله التراب إلا عَجْبُ الذَّنَب، ومنه خُلق، وفيه يُرَكَّب " ١
وهو العُصْعص، وقال في المصباح : العَجْب - كفلْس - من كل دابة : ما انضم عليه الورِك من أصل الذَّنَب. ه. وهو عَظم صغير قدر الحمصة، لا تأكله الأرض، كما لا تأكل أجساد الأنبياء والأولياء والشهداء. قال ابن عطية : حفظ ما تنقص الأرض إنما هو لِيعود بعينه يوم القيامة، وهذا هو الحق. وذهب بعض الأصوليين إلى أن الأجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه، هذا عندي خلاف ظاهر كتاب الله، ولو كانت غيرها كيف كانت تشهد الجلود والأيدي ولأرجل على الكفرة ؟ إلى غير ذلك مما يقتضي أن أجساد الدنيا هي التي تعود. ه.
﴿ وعندنا كتابٌ حفيظ ﴾ لتفاصيل الأشياء، أو : محفوظ من التغيير، وهو اللوح المحفوظ، أو : حافظاً لما أودعه وكتب فيه، أو : يريد علمه تعالى، فيكون تمثيلاً لعلمه تعالى بكليات الأشياء وجزيئاتها، بعلم مَنْ عنده كتاب حفيظ يتلقى منه كل شيء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.


١ أخرجه مسلم في الفتن حديث ١٤٢..
﴿ بل كذّبوا بالحق ﴾ إضراب وانتقال من بيان شناعتهم السابقة، وتكذيب البعث، إلى ما أشنع منه وأفظع، وهو تكذيبهم للنبوة الثابتة بالمعجزات الباهرة، ﴿ لَمَّا جاءهم ﴾ من غير تأمُّل وتفكُّر، وقيل : الحق : القرآن، أو : الإخبار بالبعث، ﴿ فهم في أمر مَرِيج ﴾ مضطرب، لا قرار له، يقال : مرج الخاتم في أصبعه إذا اضطرب من سعته، فيقولون تارة : مجنون، وطوراً : ساحر، ومرة : كاهن، ولا يثبتون على قول. أو : مختلط، يقال : مرج أمر الناس : اختلط. أو : ملبِس، قال قتادة : مَن ترك الحق مرج عليه أمره، وألبس عليه دينه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم ﴾ بحيث يشاهدونها كل وقت ﴿ كيف بَنيناها ﴾ رفعناها بغير عمد ﴿ وزيّناها ﴾ بما فيها من الكواكب المترتبة على نظام عجيب، ﴿ وما لها من فُروج ﴾ من فنوق لمَلاستها وسلامتها من كل عيبٍ وخلل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ والأرضَ مددناها ﴾ بسطناها ﴿ وألقينا فيها رواسيَ ﴾ جبالاً ثوابت، من : رسى الشيء : ثبت، والتعبير عنها بهذا الوصف للإيذان بأن إلقاءها إنما هو للإرساء، ﴿ وأنبتنا فيها من كل زوج ﴾ صنف ﴿ بهيج ﴾ حسن.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ تبصرةً وذِكرَى ﴾ علتان للأفعال المذكورة، أي : فعلنا ما فعلنا تبصُّراً وتذكيراً ﴿ لكل عبدٍ مُنيبٍ ﴾ أي : راجع إلى ربه، متفكر في بدائع صنائعه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ ونزَّلنا من السماء ماءً مباركاً ﴾ كثير المنافع ﴿ فأنبتنا به جناتٍ ﴾ بساتين كثيرة ﴿ وحبَّ الحصيد ﴾ أي : حب الزرع الذي شأنه أن يحصد من البُرِّ والشعير وأمثالهما، وتخصيص حب الحصيد بالذكر لأنه المقصود بالذات ؛ إذ به جل القوام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ والنَّخْلُ باسقاتٍ ﴾ طوالاً في السماء، أو : حوامل، من : بسَقت الشاة : إذا حملت. وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في " جنات " لبيان فضلها على سائر الأشجار، ﴿ لها طَلع نَضِيدٌ ﴾ منضود، بعضه فوق بعض، والمراد : تراكم الطلع، أو : كثرة ما فيه من الثمر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

﴿ رزقاً للعباد ﴾ أي : لرزق أشباحهم، كما أن قوله :﴿ تبصرة وذكرى ﴾ لرزق أرواحهم. وفيه تنبيه على أن الواجب على العبد أن يكون انتفاعه بما ذكر من حيث التذكُّر والتبصُّر الذي هو رزق الروح أهم وأقدم من تمتُّعه من حيث الرزق الحسي، ﴿ وأحيينا به ﴾ بذلك الماء ﴿ بلدةً ميتاً ﴾ أرضاً جدبة، لا نماء فيها أصلاً، فلما أنزلنا عليها الماء ربت واهتزت بالنبات والأزهار، بعدما كانت جامدة. وضمَّن البلدة معنى البلد فذَكَّر الوصف. ﴿ كذلك الخروجُ ﴾ من القبور، فكما حييت هذه البلدة الميتة كذلك تُخرجون أحياء بعد موتكم، لأن إحياء الموت كإحياء الأموات. وقدّم الخبر للقصد إلى القصر. والإشارة في " كذلك " إلى الحياة المستفادة من الإحياء، وما فيه من معنى البُعد للإشعار ببُعد رتبها، أي : مثل ذلك الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور، لا شيء مخالف لها. وفي التعبير عن إخراج النبات من الأرض بالإحياء، وعن حياة الأموات بالخروج ؛ تفخيم لشأن النبات، وتهوين لأمر البعث، وتحقيق للمماثلة ؛ لتوضيح منهاج القياس، وتقريبه إلى أفهام الناس.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة :﴿ ق ﴾ أيها القريب المقرَّب، وحق القرآن المجيد، إنك لحبيب مجيد، رسول من عند الله الملك المجيد، وإن كنت بشراً فنسبتك من البشر كياقوتة بين الحجر، فالبشرية لا تُنافي الخصوصية، بل تجامعها مِنَّةً منه تعالى وفضلاً، على مَن شاء من عباده، فاستبعاد الكفار مجامعة الخصوصية للبشرية كاستبعاد إبليس تفضيل آدم لكونه بشراً من طين، وذلك قياس فاسد، مضاد للنص، وكما استَبعدت الكفرة وجود خصوصية النبوة في البشر، استبعدت الجهلُ خصوصية التربية بالاصطلاح في البشر، بل عجِبوا أن جاءهم منذر منهم، يدل على الله، ويُبين الطريق إليه، قالوا : هذا شيء عجيب :﴿ أئذا متنا ﴾ بأن ماتت قلوبنا بالغفلة، ﴿ وكنا تراباً ﴾ أرضيين بشريين، تحيى أرواحنا بمعرفة العيان ؟ ! ذلك رجع بعيد.
قال تعالى :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أرض النفوس من أرواحهم، وتهوي بها إلى الحضيض الأسفل، فيجذبها إلى أعلى عليين، إن سبقت عنايتنا، وعندنا كتاب حفيظ يحفظ المراتب والمقامات، فيلتحق كل واحد بما سبق له. بل كذّبوا بالحق، وهو الداعي إلى الحق، لمّا جاءهم في كل زمان، فهم في أمر مريج، تارة يُقرون وجود التربية بالهمّة والحال، وينكرون الاصطلاح، وتارة يُقرون بالجميع، وينكرون تعيينه، أفلم ينظروا إلى سماء القلوب والأرواح، كيف بنيناها، أي : رفعنا قدرها بالعلوم والمعارف، وزيَّنَّاها بأنوار الإيمان والإحسان، وليس فيها خلل، وأرض النفوس مددناها : جعلناها بساطاً للعبودية، وألقينا فيها رواسي أرسيناها بالعقول الصافية الثابتة، لئلا تضطرب عند زلزلات الامتحان، وأنبتنا فيها من كل صنف بهيج، من فنون علم الحكمة والتشريع، تبصرةً وتذكيراً لكل عبدٍ منيبٍ، راجع إلى مولاه، قاصدٍ لمعرفته.
قال القشيري : تبصرةً وذكرى لمَن رجع إلينا في شهود أفعالنا إلى رؤية صفاتنا، ومن شهود صفاتنا إلى شهود ذاتنا. هـ. ونزَّلنا من السماء ماء العلوم اللدينة، كثير البركة والنفع، فأنبتنا به جنات المعارف وحب الحصيد، وهو حب المحبة ؛ لأنه يحصد من القلب محبة ما سوى الله. والنخل باسقات، أي : شجرة المعرفة الكاملة لها طلع نضيد : ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي : مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.

ثم هددهم بما جرى على من قبلهم، فقال :
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ﴾*﴿ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴾*﴿ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾*﴿ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ كذبتْ قبلَهم ﴾ أي : قبل قريش ﴿ قومُ نوحٍ ﴾ نوحاً، حيث أنذرهم بالبعث، ﴿ وأصحابُ الرسّ ﴾ قيل : هم مَن بعث إليهم شعيب عليه السلام كما مَرَّ في سورة الفرقان بيانه١ وقيل : قوم باليمامة، وقيل : أصحاب الأخدود. والرس : بئر لم تطو.
﴿ وثمودُ وعادٌ وفرعونٌ ﴾ أراد بفرعون قومَه، ليلائم ما قبلهم ؛ لأن المعطوف عليه جماعات، ﴿ وإِخوانُ لوط ﴾ قيل : كان قومه من أصهاره عليه السلام، فسماهم إخوانه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : الإشارة في الآية إلى أنَّ الغالب في كل زمان غلبة الهوى والطبيعة الحيوانية واستيلاء الحس على الناس، نفوسهم متمردة. بعيدة من الحق، قريبة من الباطل، كلما جاء إليهم رسول كذّبوه، وعلى ما جاء به قاتلوه، فحقَّ عليهم عذابُ ربهم، لَمَّا كفروا نِعَمَه، فما أعياه إهلاكهم. هـ. قلت : وكذلك جرى في كل زمان، كل مَن أَمَر الناس بإخراجهم عن عوائدهم، ومخالفة أهوائهم، رفضوه وعادوه، فقلَّ بسبب ذلك المخلصون، وكثر المخلطون، فإذا قالوا : لا يمكن الإخراج عن العوائد، قلنا : القدرة صالحة، قال تعالى :﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾ وهو إحياء القلب الميت، فيجدّد إيمانه، وتحيا روحه حياة سرمدية. وبالله التوفيق.

١ انظر تفسير الآية ٣٨ من سورة الفرقان..
﴿ وثمودُ وعادٌ وفرعونٌ ﴾ أراد بفرعون قومَه، ليلائم ما قبلهم ؛ لأن المعطوف عليه جماعات، ﴿ وإِخوانُ لوط ﴾ قيل : كان قومه من أصهاره عليه السلام، فسماهم إخوانه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : الإشارة في الآية إلى أنَّ الغالب في كل زمان غلبة الهوى والطبيعة الحيوانية واستيلاء الحس على الناس، نفوسهم متمردة. بعيدة من الحق، قريبة من الباطل، كلما جاء إليهم رسول كذّبوه، وعلى ما جاء به قاتلوه، فحقَّ عليهم عذابُ ربهم، لَمَّا كفروا نِعَمَه، فما أعياه إهلاكهم. هـ. قلت : وكذلك جرى في كل زمان، كل مَن أَمَر الناس بإخراجهم عن عوائدهم، ومخالفة أهوائهم، رفضوه وعادوه، فقلَّ بسبب ذلك المخلصون، وكثر المخلطون، فإذا قالوا : لا يمكن الإخراج عن العوائد، قلنا : القدرة صالحة، قال تعالى :﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾ وهو إحياء القلب الميت، فيجدّد إيمانه، وتحيا روحه حياة سرمدية. وبالله التوفيق.
﴿ وأصحابُ الأيكة ﴾ هم ممن بعث إليهم شعيب عليه السلام غير أهل مدين، ﴿ وقومُ تُبَّعٍ ﴾ هو ملك باليمن، دعا قومه إلى الإسلام وهم حِمير، فكذَّبوه، وسُمّي تُبعاً ؛ لكثرة تبعه.
قال ابن إسحاق : كان تُبع الآخِر هو أسعدُ بن كرْب، حين أقبل من المشرق، ومرّ على المدينة، ولم يُهِج أهلها، وخلف عندهم ابناً له، فقُتِل غيلة، فجاء مجمعاً على حربهم، وخراب المدينة، فأجمع هذا الحي من الأنصار على قتاله، وسيدهم عمرو بن طلحة، أخو بني النجار، فتزْعُم الأنصارُ : أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرُّونه بالليل، فيعجبه ذلك، ويقول : إن قومنا هؤلاء لكرام، فبينما هو كذلك إذ جاءه حَبران من أحبار بني قريظة، من علماء أهل زمانهما، فقالا : أيها الملك لا تقاتلهم، فإنا لا نأمن عليك العقوبة ؛ لأنها مهاجر نبيّ يخرُج من هذا الحي، من قريش، في آخر الزمان، هي داره وقراره، فكُفّ عنهم، ثم دعواه إلى دينهما، فاتبعهما، ثم رجع إلى اليمن، فقالت له حِمير : لا تدخلها وقد فارقت ديننا، فحاكِمْنا إلى النار، وقد كانت باليمن نار أسفل جبل يتحاكمون إليها، فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم، فخرجوا بأصنامهم، وخرج الحَبران بمصاحفهما، فأكلت النارُ الأوثانَ، وما قَرَّبوا معها، ومَن دخل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، يتلوان التوراة، ولم تضرهما، فأطبق أهلُ حمير على دين الحبرين، فمن هنالك كان أصل اليهودية باليمن. قال الرياشي : كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة، آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث بسبعمائة سنة. وتقدّم شِعره في الدُخَان١.
﴿ كُلٌ كذَّب الرسلَ ﴾ فيما أُرسلوا به من الشرائع، التي من جملتها : البعث الذي أجمعوا عليه قاطبة، أي : كل قوم من الأقوام المذكورين كذّبوا رسولهم ﴿ فحقَّ وعيدِ ﴾ أي : فوجب وحلّ عليهم وعيدي، وهي كلمة العذاب. وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : الإشارة في الآية إلى أنَّ الغالب في كل زمان غلبة الهوى والطبيعة الحيوانية واستيلاء الحس على الناس، نفوسهم متمردة. بعيدة من الحق، قريبة من الباطل، كلما جاء إليهم رسول كذّبوه، وعلى ما جاء به قاتلوه، فحقَّ عليهم عذابُ ربهم، لَمَّا كفروا نِعَمَه، فما أعياه إهلاكهم. هـ. قلت : وكذلك جرى في كل زمان، كل مَن أَمَر الناس بإخراجهم عن عوائدهم، ومخالفة أهوائهم، رفضوه وعادوه، فقلَّ بسبب ذلك المخلصون، وكثر المخلطون، فإذا قالوا : لا يمكن الإخراج عن العوائد، قلنا : القدرة صالحة، قال تعالى :﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾ وهو إحياء القلب الميت، فيجدّد إيمانه، وتحيا روحه حياة سرمدية. وبالله التوفيق.

١ انظر تفسير الآيات ٣٤-٣٩ من سورة الدخان..
﴿ أفَعيِينَا بالخلق الأول ﴾ استئناف مقرر لصحة البعث، الذي حكيت أحوال المنكرين له من الأمم المهلكة. والعَيُّ بالأمر : العجز عنه، يقال : عيى بالأمر : إذا لم يهتدِ لوجه عمله. والهمزة للإنكار، والفاء : عطف على مقدر، ينبئ عنه المقام، كأنه قيل : أقصدنا الخلق الأول فعجزنا عنه حتى يتوهم عجزنا عن الإعادة ؟ ﴿ بل هم في لَبْسِ من خَلقٍ جديدٍ ﴾ أي : بل هم في لبس وخلط وشُبهة، قد لبس عليهم الشيطان وحيّرهم، حيث سؤَّل لهم أن إحياء الموتى خارج عن العادة، فتركوا لذلك الاستدلال الصحيح، وهو : أن مَن قدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر. وهو معطوف على مقدر يدل عليه ما قبله، كأنه قيل : هم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الأول، بل هم في خلط وشبهة من خلق مستأنف جديد. وتنكير " خلق " لتفخيم شأنه، والإشعار بخروجه عن حدود العادة، والإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ويهتم بمعرفته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : الإشارة في الآية إلى أنَّ الغالب في كل زمان غلبة الهوى والطبيعة الحيوانية واستيلاء الحس على الناس، نفوسهم متمردة. بعيدة من الحق، قريبة من الباطل، كلما جاء إليهم رسول كذّبوه، وعلى ما جاء به قاتلوه، فحقَّ عليهم عذابُ ربهم، لَمَّا كفروا نِعَمَه، فما أعياه إهلاكهم. هـ. قلت : وكذلك جرى في كل زمان، كل مَن أَمَر الناس بإخراجهم عن عوائدهم، ومخالفة أهوائهم، رفضوه وعادوه، فقلَّ بسبب ذلك المخلصون، وكثر المخلطون، فإذا قالوا : لا يمكن الإخراج عن العوائد، قلنا : القدرة صالحة، قال تعالى :﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾ وهو إحياء القلب الميت، فيجدّد إيمانه، وتحيا روحه حياة سرمدية. وبالله التوفيق.
ثم إن عادته تعالى في التنزيل : أنه مهما ذكر دلائل قدرته ذكر بإثره شأنه علمه، أو بالعكس، إشارة إلى إسناد كل المقدورات إليه تعالى، ردا على الطبائعيين ؛ لأن الفاعل بالطبيعة لا يتوقف على العلم، ولذلك قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾*﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾*﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾*﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾*﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾*﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾*﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ ولقد خلقنا الإِنسانَ ونعلمُ ما تُوسْوسُ به نفسُه ﴾ أي : ما تُحدِّثه نفسُه ويهجس في ضميره من خير وشر. والوسوسة : الصوت الخفي، ووسوسة النفس : ما يخطر بالبال. والضمير في " به " ل " ما " إن جعلتها موصولةً، والباء كما في : صَوَّت بكذا، أو : للإنسان، إن جعلتها مصدرية. والباء حينئذ للتعددية. ﴿ ونحن أقربُ إِليه ﴾ أي : أعلم بحاله مما كان أقرب إليه ﴿ مِن حبل الوريد ﴾ والحبل : العرق، وإضافته بيانية والوريدان : عرقان مكتفان بصفحتي العنق في مقدمه متصلان بالوتين، والوتين : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. قاله في القاموس، يَرِدان من الرأس إليه، وقيل : سُمي وريد ؛ لأن الماء يرده.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.

﴿ إِذ يتلقَّى المتلقيان ﴾ أي : الملكان الحافظان لأعمال العبد. والظرف : منصوب بما في " أقرب " من معنى الفعل، أي : يتقرب إذ يتلقى. والمعنى : أنه تعالى لطيف يتوصل علمُه إلى ما لا شيء أخفى منه، وهو أقرب للإنسان من كل قريب، حين يتلقى الحافظان ما يُتلفظ به، وفيه إيذان بأنه تعالى غنيٌّ عن استحفاظها ؛ لإحاطة علمه بما يخفى عليهم، وإنما ذلك لما في كتبهما وحفظهما لأعمال العباد، وعرض صحائفها يوم يقوم الأشهاد، وعلم العبد بذلك مع علمه بإحاطته بتفاصيل أحواله من زيادة لطف به في الكف عن السيئات، والرغبة في الحسنات. ثم ذكر مكانهما بقوله :﴿ عن اليمين وعن الشمال قَعِيدٌ ﴾ أي : عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، وحذف الأول لدلالة الثاني عليه. وقعيد : بمعنى مقاعد، كالجليس بمعنى المجالس، أو : بمعنى قاعد، كالسميع والعليم. وعنه صلى الله عليه وسلم :" إن مقعد ملَكيْك على ثَنِيَّتِيك، ولسانك قلمهما، وريقك مدادُهما، وأنت تجري فيما لا يعنيك لا تستحي من الله ولا منهما ! " ١ وقال الضحاك : مجلسهما تحت الثغر من الحَنَك، ورواه عن الحسن، وكان يُعجبه أن ينظف عنفقته٢.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.


١ أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦/١١٨..
٢ العنفقة: شعيرات بين الشفة السفلى والذقن..
﴿ ما يلفظ مِن قولٍ ﴾ أي : ما يتكلم به وما يَرْمي به من فِيه ﴿ إِلا لديه رقيبٌ ﴾ حافظ ﴿ عتيدٌ ﴾ حاضر لازم، أو معد مهيأ لكتابة ما أمر به من الخير والشر، وقال أبو أمامة عنه صلى الله عليه وسلم :" كاتب الحسنات عن يمين الرجل وكاتب السيئات عن يساره، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنةً كتبها صاحبُ اليمين عشراً، وإذا عمر سيئة قال صاحبُ اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات، لعله يُسبِّح أو يستغفِر " ١.
قال الحسن : إنّ الملكين يجتنبان العبد عند غائطه، وعند جماعه، ويكتبان عليه كل شيء، حتى أنينه في مرضه. وقال عكرمة : لا يكتبان عليه إلا ما يؤجر عليه أو يؤزر. وعنه عليه السلام :" ما من حافظين يرفعان إلى الله ما حفظا، فيرى الله تعالى في أول الصحيفة خيراً وفي آخرها خيراً، إلا قال للملائكة : اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة " ٢. والحفظة أربعة : اثنان بالليل، واثنان بالنهار، فإذا مات العبد قاموا على قبره يُكبران ويُهللان ويُكتب ذلك للعبد المؤمن.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.


١ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٨/٢٢٥، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٦/١٢٤، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/٢٠٨..
٢ أخرجه القرطبي في تفسيره ٧/٦٣٦٦..
ولمَّا ذكر إنكارهم للبعث، واحتج عليهم بعموم قدرته وعِلمه، أعلمهم أن ما أنكروه هم لاقوه بعد الموت، ونبّه على اقتراب ذلك بأن عبّر عنه بلفظ الماضي فقال :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق. . ﴾ الخ. وقال ابن عطية : هو عندي عطف على " إذ يتلقى " والتقدير : وإذ تجيءُ سكرة الموت، يعني فهو كقوله :﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ﴾
[ الواقعة : ٨٥ ] الآية. ه. وحاصل الآية حينئذ : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ظاهره وباطنه، ونحن أقربُ إليه في جميع أحواله، في حياته، ووقت مجيء سكرة الموت، أي : شدته الذاهبة بالعقل، ملتبسة ﴿ بالحق ﴾ أي : بحقيقة الأمر، وجلاء الحال، من سعادة الميت أو شقاوته، ﴿ ذلك ما كنتَ منه تحيدُ ﴾ أي : تنفر وتهرب وتميل عنه طبعاً. والإشارة إلى الموت. والخطاب للإنسان في قوله :﴿ ولقد خلقنا الإنسان ﴾ على طريقة الالتفات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.

﴿ ونُفخ في الصور ﴾ نفخة العبث ﴿ ذلك يومُ الوعيد ﴾ أي : وقت ذلك النفخ هو يوم الوعيد، أي : يوم إنجاز الوعد ووقوع الوعيد.
وتخصيص الوعيد بالذكر ؛ لتهويله، ولذلك بدأ ببيان حال الكفرة بقوله :﴿ وجاءت كُلُّ نَفْسٍ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.

وتخصيص الوعيد بالذكر ؛ لتهويله، ولذلك بدأ ببيان حال الكفرة بقوله :﴿ وجاءت كُلُّ نَفْسٍ ﴾.
من النفوس البرّة والفاجرة ﴿ معها سائق وشهيد ﴾ أي : ملكان، أحدهما يسوقه إلى المحشر، والآخر يشهد عليه بعمله. قيل : السائق : كاتب الحسنات، والشاهد : كاتب السيئات.
ويقال لها :﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ النازل بك اليوم، ﴿ فكشفنا عنك غِطاءك ﴾ فأزلنا غفلتك، وهو الوقوف مع المحسوسات والإلْف، والانهماك في الحظوظ، وقصر النظر عليها، فشاهدت اليومَ ما كنتَ غافلاً عنه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.

ويقال لها :﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ النازل بك اليوم، ﴿ فكشفنا عنك غِطاءك ﴾ فأزلنا غفلتك، وهو الوقوف مع المحسوسات والإلْف، والانهماك في الحظوظ، وقصر النظر عليها، فشاهدت اليومَ ما كنتَ غافلاً عنه.
﴿ فبصرُكَ اليومَ حديدٌ ﴾ نافذ ؛ لزوال المانع. جعلت الغفلة كأنها غطاء غطّى به جسده، أو غشاوة غطّى بها عينيه فهو لا يبصر شيئاً، فإذا كان يوم القيامة سقط، وزالت عنه الغفلة، وكشف غطاؤه، فبصر ما يبصره من الحق، ورجح بصره الكليل حديداً، لتيقُّظه حين لم ينفع التيقظ. وبالله التوفيق.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : هذه الآية وأشباهها أصل في مقام المراقبة القلبية، فينبغي للعبد أن يستحيي من الله أن يُحدِّث في نفسه بشيء يستحيي أن يظهره، يعني الاسترسال معه، وإلا فالخواطر العارضة لا قدرة على دفعها. قال القشيري :﴿ ما توسوس به نفسُه ﴾ من شهوة تطلب استيفاءها، أو تصنُّع مع الخَلْق، أو سوء خُلُق، أو اعتقاد فاسد، أو غير ذلك من أوصاف النفس، توسوس بذلك لتشَوِّش عليه قلبه ووقته، وكيف لا نعلم ذلك وكُلُّ ذلك مما خلقناه وقدرناه. هـ.
وقوله تعالى :﴿ ونحن أقربُ إليه من حبل الوريد ﴾ أي : أنا أقرب إلى كل أحد من عروق قلبه، وهذا لأن قيام الفعل بالصفات، والصفات لا تُفارق الذات، فالقرب بالعلم والقدرة، وتستلزم القرب بالذات، وقرب الحق من خلقه هو قرب المعاني من الأواني، إذ هي كليتها وقائمة بها، فافهم. قال القشيري : وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ لقوم، ورَوْحٌ وأُنْسٌ وسُكونُ قلبٍ لقوم. هـ. وقوله تعالى :﴿ إذ يَتَلقى المتلقيان... ﴾ الخ، كأنّه تعالى يقول : مَن لم يعرف قدر قُربي منه، بأن يَعده وهمُه وجهلُه، فإني أوكل عليه رقيبين يحفظان أعماله لعله ينزجر.
وقوله تعالى :﴿ ما يلفظ من قول... ﴾ الخ، وأما عمل القلوب فاختص الله تعالى بعلمها، وهي محض الإخلاص. قال بعضهم : الإخلاص : إخفاء العمل بحيث لم يطلع عليه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيُفسده، فالعارفون جُلّ أعمالهم قلبية، نظرة أو فكرة. رُوي أن بعض العارفين قال له حفظتُه : يا سيدي أظهر لنا شيئاً من أعمالك نفرح به عند الله، فقال لهم : يكفيكم الصلوات الخمس. هـ. قال القشيري : وفيه أيضاً إشارة إلى كمال عنايته في حق عباده، إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة ليحفظوه بالليل والنهار، إذا كان قاعداً فواحد عن يمينه وواحد عن شماله، وإذا قام فواحد عند رأسه، وواحدٌ عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ بين يديه وواحد خَلْفه. انظر بقيته. هـ. وهذان غير الملكين الموكلين بحفظ الأعمال. والله أعلم.
وقال في قوله :﴿ وجاءت سكرةُ الموت بالحق ﴾ : إذا أشرفت النفسُ على الخروج من الدنيا، فأحوالهم تختلف، فمنهم مَن يزداد في ذلك الوقت خوفُه، ولا يتبيّنُ حاله إلا عند ذهاب الروح، ومنهم مَن يُكَاشف قبلَ خروجه فتَسُكُن روحُه، ويُحفظ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فسلَّم الروحَ على مَهَلٍ من غير استكراهٍ وعبوس منهم. وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ فالهوى حشو قلبي وبداءِ الهوى تموت الكرامُ
﴿ ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ﴾ لكل نفس ما وعدها الله، بحسب سيرها من أول العمر إلى يوم البعث، ﴿ وجاءت كل نفس معها سائق ﴾ وهو الذي ساقها في مبدأ الوجود، إما سوقاً باللطف، أو سوقاً بالعنف عند قوله :" هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي " ١، وشهيد يشهد عليها بما جرى لها من الأحكام الأزلية ﴿ لقد كنتَ في غفلة من هذا ﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن الإنسان، وإن خُلق من عالم الغيب والشهادة، فالغالب عليه في البداية الشهادة، وهو العالم الحسي، فيرى بالحواس الظاهرة العالَم المحسوس مع اختلاف أجناسه، وهو بمعزل عن إدراك عالم الغيب، فمن الناس يكشف له غطاؤه عن بصره بصيرته، فيجعل حديداً، يبصر رشده، ويحذر شره، وهم المؤمنون من أهل السعادة، ومنهم مَن يكشف له غطاء عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم ﴿ لا ينفع نفساً إيمانها.. ﴾ الآية٢، وهم الكفار من أهل الشقاوة. هـ.

ثم ذكر أحوالهم بعد البعث، فقال :
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ﴾*﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾*﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ ﴾*﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴾*﴿ قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ﴾*﴿ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ﴾*﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ وقال قرينُهُ ﴾ أي : الشيطان المقيض له، أو : الملك الكاتب الشاهد عليه :﴿ هذا ما لديَّ عَتِيدٌ ﴾ أي : هذا ما عندي وفي ملكي عتيد لجهنم، قد هيأته بإغوائي وإضلالي، أو : هذا ديوان عمله عندي عتيد مهيأ للعرض، ف " ما " موصولة، إما بدل من " هذا " أو صفة، و " عتيد " : خبر، أو : خبر، و " عتيد " : خبر آخر، أو : موصوفة خبر " هذا "، و " لديّ " : صفته، وكذا " عتيد " أي : هذا شيء ثابت لديّ عتيد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

ثم يقول الله تعالى للسائق والشهيد :﴿ ألقيا في جهنم ﴾ أو : لملكين من خزنة جهنم، أو : يكون الخطاب لواحد، وكان الأصل : ألقِ ألقِ، فناب " ألقيا " عن التكرار ؛ لأن الفاعل كالجزء من الفعل، فكان تثنية الفاعل نائباً عن تكرار الفعل، أو : أصله : ألْقِيَن، والألف بدل من نون التوكيد، إجراء للموصول مجرى الوقف، دليله : قراءة الحسن :( ألْقينْ ) والأحسن : أن يُراد جنس قرينه، فيصدق بالسائق والشهيد، فيقال لهما :﴿ ألقيا في جهنم كلَّ كَفَّار ﴾ بالنعم والمُنعِم ﴿ عنيدٍ ﴾ : مجانب للحق، معادٍ لأهله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

﴿ منَّاعٍ للخير ﴾ كثر المنع للمال عن حقوقه، أو : منَّاع لجنس الخير أن يصل إلى أهله، أو : يراد بالخير الإسلام، لأن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، لَمَّا منع بني أخيه من الإسلام. ﴿ معتدٍ ﴾ ظالم متخطِّ للحق ﴿ مريب ﴾ : شاكٍّ في الله تعالى وفي دينه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

﴿ الذي جعل مع الله إِلهاً آخر ﴾ : بدل من " كل كَفَّار " ولا يجوز أن يكون صفة ؛ لأن النكرة لا توصف بالموصول، خلافاً لابن عطية، أو : مبتدأ مضمن معنى الشرط، خبره :﴿ فألْقِيَاهُ في العذاب الشديد ﴾ وعلى الأول يكون " فألقياه " تكريراً للتوكيد، أو مفعولاً بمضمر، يُفسره " فألقياه " أي : ألقِِ الذي جعل مع الله إلهاً آخر ألقياه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

﴿ قال قرينُه ﴾ أي : شيطانه الذي قُرن به، وهذا يؤيد أن المراد بالمتقدم جنس القرين، وإنما أُخليت هذه الجملة من الواو دون الأولى ؛ لأن الأولى واجب عطفها ؛ للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول، أي : مجيء كل نفس مع ملكين وقول قرينه ما قال له، وأما هذه فهي مستأنفة، كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول، كما في مقاولة موسى وفرعون في وقوله :﴿ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ ﴾ [ الشعراء : ٢٣ - ٣١ ] إلى آخر الآيات، فكأن الكافر قال : هو أطغاني، فأجابه قرينُه بتكذيبه فقال :﴿ ربنا ما أطغيتُه ولكن كان في ضلال بعيد ﴾ عن الحق، أي : ما أوقعته في الطغيان بالقهر، ولكن طغى واختار الضلالة على الهدى، وهذا كقوله :﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ ﴾ [ إبراهيم : ٢٢ ]، فالوسوسة والتزيين حاصل منه، والاختيار من الكافر، والفعل لله، لا يُسأل عما يفعل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

﴿ قال ﴾ تعالى :﴿ لا تختصمون لَدَيَّ ﴾ أي : في موقف الحساب والجزاء، إذ لا فائدة في ذلك، والجملة استئناف جواب عن سؤال، كأن قائلاً قال : فماذا قال الله تعالى لهم ؟ قال : لا تختصموا عندي ﴿ وقد قَدَّمتُ إِليكم بالوعيد ﴾ في دار الكسب على ألسنة رسلي، فلا تطمعوا في الخلاص منه بما أنتم فيه من التعلُّل بالمعاذير الباطلة. والجملة فيها تعليل للنهي، على معنى : لا تختصموا وقد صحّ عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد حيث قلت :" لأملأن جهنم. . . " الخ، فاتبعتموه معرضين عن الحق، فلا وجه للاختصام في هذا الوقت. والباء إما مزيدة كما في قوله :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٥ ] أو معدية على أن " قَدَّم " مضارع تقدم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

﴿ ما يُبدّلُ القولُ لَدَيَّ ﴾ أي : لا تطمعوا أن يُبدل قولي ووعيدي بإدخال الكفار في النار، ﴿ وما أنا بظَلاَّمٍ للعبيد ﴾ فلا أُعذب عبداً بغير ذنب مِن قِبلَه، بل بما صدر منه من الجنايات، حسبما أشير إليه آنفاً. والتعبير عنه بالظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ما تقرر من قاعدة أهل السنة، فضلاً عن كونه ظلماً مفرطاً لتأكيد هذا المعنى، بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في معرض المبالغة في الظلم، وقيل : هو لرعاية جمعية العبيد، من قولهم : فلان ظالم لعبده وظلاّم لعبيده، وقيل : ظلاّم بمعنى : ذي ظلم، كلبّان لذي اللبن. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قرين الإنسان نَفْسُه الأمّارة ورُوحه المطمئنة، فإذا غلبت النفسُ على الروح وصرّفت صاحبها في الهوى، تقول يوم القيامة : هذا ما لديّ عتيد، مهيَّأ للعتاب، فيقال لهما : ألقيا في نار القطيعة كلَّ كفّار للنعم، جحود لوجود الطبيب، منّاع للخير، فلم يصرفه فيما يخلصه من نفسه، معتدٍ على الله بتكبُّره، وعدم حط رأسه للداعي إلى الله، مُريب، قد لعبت به الشكوك والأوهام والخواطر، أو : شاك في وجود الطبيب، الذي جعل مع الله إلهاً آخر، يُحبه ويخضع له، من الهوى والدنيا، وكل ما أشركه مع الله في المحبة، فألقياه في العذاب الشديد : الحجب عن الله، وعدم اللحوق بأولياء الله، أو العذاب الحسي. قال قرينه - روحه التي كانت سماوية، فصيّرها أرضية، بمتابعة هواه : ربنا ما أطغيته، فإنه ليس الإغواء والإطغاء من شأني، ولكن كان في ضلال بعيد، حيث أطاع نفسه وهواه، ورماني في مزابل الشهوات والغفلة، قال تعالى :﴿ لا تختصموا لَدَيَّ ﴾ اليوم، قد قدمت إليكم بالوعيد، حيث قلت :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارة بِالسُّوء ﴾
[ يوسف : ٥٣ ] ﴿ قَدْ أَفَلَحَ مَن زَكَّاهَا ( ٩ ) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا( ١٠ ) ﴾ [ الشمس : ٩، ١٠ ] وقلت في شأن مَن جاهد نفسه، وردها لأصلها :﴿ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [ الفجر : ٢٧ ] الآية، ﴿ ما يُبدلّ القولُ لَدَيَّ ﴾ فإني وعدت أهل المجاهدة بالوصول إلى حضرتي، والتنعُّم برؤيتي بقولي :﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا... ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] الآية، وأهلَ الغفلة بالحجاب، بقولي :﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( ١٤ ) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ( ١٥ ) ﴾ [ المطففين : ١٤، ١٥ ]، وما ظلمت أحداً قط، لأن الظلم ليس من شأني، ولا يليق بمُلكي.

ثم ذكر اليوم الذي يظهر الوعد والوعيد، فقال :
﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾*﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾*﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾*﴿ مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾*﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ الُخُلُودِ ﴾*﴿ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله : واذكر ﴿ يوم يقول١ لجهنم هل امتلأتِ ﴾ ؟ وقرأ غير نافع وشعبة : بنون العظمة. فالعامل في الظرف : اذكر أو :" بظلاّم " أو محذوف مؤخر، أي : يكون من الأحوال والأهوال ما يقصر عنه المقال، ﴿ وتقول هل من مزيد ﴾ ؟ أي : من زيادة، مصدر كالمجيد، أو : مفعول، كالمنيع، أي : هل بقي ما يزاد، يعني : أنها مع اتساعها وتباعد أقطارها يُطرح فيها الناس والجِنة فوجاً بعد فوج حتى تملأ ﴿ وتقول ﴾ بعد امتلائها :﴿ هل من مزيد ﴾ أي : هل بقي فيَّ موضع لم يمتلئ ؟ ! يعني : قد امتلأت. أو : أنها من السعة يدخل مَن يدخلها ولم تمتلئ فتطلب المزيد، وهذا أولى٢.
قال ابن جزي : واختلف هل تتكلم جهنم حقيقة، أو مجازاً بلسان الحال، والأظهر : أنه حقيقة، وذلك على الله يسير، ومعنى قولها : هل من مزيد : أنها تطلب الزيادة، وكانت لم تمتلئ، وقيل : معناه : لا مزيد، أي : ليس عندي موضع للزيادة، فهي على هذا قد امتلأت، والأول أرجح، لما ورد في الحديث :" لا تزال جهنم يُلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضعَ الجبارُ فيها قدمه، فتنزوي، وتقول : قَطْ قَطْ " ٣ وفي هذا الحديث كلام ليس هذا موضعه. ه.
قال في الحاشية : ووضع القدم مَثَلٌ للردع والقمع، أي : يأتيها أمر يكفها عن طلب المزيد. وقال ابن حجر : واختلف في المراد بالقدم، فطريق السلف في هذا وغيره مشهورة. ثم قال : وقال كثير من أهل العلم بتأويل ذلك، فقيل : المراد إذلال جهنم، فإنها إذا بلغت في الطغيان، وطلبت المزيد، أذلّها الله، كوضعها تحت القدم، وليس المراد حقيقة القدم، والعرب تستعمل ألفاظ الأعضاء ظرفاً للأمثال، ولا تريد أعيانها كقولهم : رغم أنفه، وسقط في يده. ه. قلت : مَن دخل بحار الأحدية لم يصعب عليه حلّ أمثال هذه الشُبّه، فإن تجليات الحق لا تنحصر، فيتجلّى سبحانه كيف شاء، وبما شاء، ولا حضر ولا تحييز، ولا يفهم هذه إلا أهل الفناء والبقاء بصحبة الرجال.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.


١ أثبت المؤلف قراءة "يقول" بالياء، وقرأ آخرون "نقول" بالنون..
٢ في هامش النسخة الأم ما يلي: بل هذا هو الواجب، وما قبله باطل بداهة ونصا عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الواجب عدم ذكر القول الباطل المقطوع ببطلانه، لاسيما مع عدم رده والمبالغة في إبطاله، ففي الحديث الصحيح: "أنها لا تزال تطلب المزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول: قط قط". هـ..
٣ أخرجه البخاري في الأيمان حديث ٦٦٦١، ومسلم في صفة الجنة حديث ٣٧..
ثم قال تعالى :﴿ وأُزلفتْ الجنةُ للمتقين ﴾ وهو شروع في بيان أحوال المؤمنين بعد النفخ ومجيء النفوس إلى موقف الحساب. وتقديم الكفرة في أمثال هذا ؛ إما لتقديم الترهيب على الترغيب، أو لكثرة أهل الكفر، فإن المؤمنين بينهم كالشعرة البيضاء في جلدٍ أسود١، أي : قربت الجنة للمتقين الكفر والمعاصي، بحيث يشاهدونها من الموقف، ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن، فيبتهجون بأنهم محشورون إليها، فائزون بها، ويأتي في الإشارة بقية بيان، إن شاء الله. وقوله :﴿ غيرَ بعيدٍ ﴾ تأكيد للإزلاف، أي : مكاناً غير بعيد، ويجوز أن يكون التذكير لكونه على زنة المصدر، الذي يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، أو لتأوّل الجنة بالبستان.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.


١ أخرجه البخاري في الرقاق حديث ٦٥٢٨، ومسلم في الإيمان حديث ٣٧٦..
﴿ هذا ما تُوعدون ﴾ أي : هذا الثواب، أو الإزلاف، ما كنتم توعدون به في الدنيا، وهو حاصل ﴿ لكل أواب ﴾ أي : رجّاع إلى الله تعالى، ﴿ حفيظٍ ﴾ لأوامر الله، أو لما استودعه الله من حقوقه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.

﴿ مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب ﴾ : بدل من " أواب " أو مبتدأ، خبره : أدخلوها، على تقدير : يقال لهم : ادخلوها ؛ لأن " من " في معنى الجمع، والخشية : انزعاج القلب عند ذكر الخطيئة أو التقصير أو الهيبة. وقوله تعالى :﴿ بالغيب ﴾ حال من فاعل " خشي "، أو من مفعوله، أو صفة لمصدره، أي : خشية ملتبسة بالغيب، حيث خشي عقابه وهو غائب عنه، وخشي الرحمان وهو غائب عن الأعين في رداء الكبرياء، لا تراه الأعين الحسية الحادثة، والتعرُّض لعنوان الرحمان للثناء البليغ على الخاشي، حيث خشيَه مع علمه بسعة رحمته، فلم يصدهم علمهم بسعة رحمته عن خوفه تعالى، أو : للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجون رحمته. ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ راجع إلى الله، أو سريرةٍ مَرضيةٍ، وعقيدةٍ صحيحة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.

يُقال لهم :﴿ ادخلوها بسلامٍ ﴾ أي : سالمين من زوال النعم وحلول النقم، أو : ملتبسين بسلام من الله تعالى وملائكته عليكم، ﴿ ذلك يومُ الخلود ﴾ الإشارة إلى الزمان الممتد الواقع في بعض منه ما ذكر من الأحوال، أي : نهاية ذلك اليوم هو يوم الخلود، الذي لا انتهاء له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.

﴿ لهم ما يشاؤون فيها ﴾ من فنون المطالب ومنتهى الرغائب ﴿ ولدينا مزيدٌ ﴾ هو النظر إلى وجهه الكريم، على قدر حضورهم اليوم، أو : هو ما لا يخطر ببالهم، ولا يندرج تحت مشيئتهم من الكرامات، التي لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وقيل : إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطر عليهم الحور، فتقول : نحن المزيد الذي قال تعالى :﴿ ولدينا مزيد ﴾ قلت : مزيد كل واحد على قدر همته وشهوته. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يوم يقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد، كذلك النفس، نار شهواتها مشتعلة كلما أعطيتها شيئاً من حظوظها طلب المزيد، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب، وفي الحديث :" اثنان لا يشبعان : طالب الدنيا وطالب علم، طالب الدنيا يزداد من الله بُعداً، وطالب العلم يزداد من الله رضاً وقُرباً " أو كما قال صلى الله عليه وسلم١.
واعلم أن الروح إذا عشقت شيئاً فإن كان من الدنيا يُسمى حرصاً، وإن كان في جانب الحق سُمي محبة وشوقاً، وفي الحقيقة ما هي إلا محبة واحدة، إلا أنها لما تاهت انقلبت محبتها للفروقات الحسية، وغابت عن المعاني الأزلية، وكلما زاد في الحرص نقص في المحبة، وما نقص من الحرص زاد في المحبة. ويقال : كلما زادت محبة الحس نقصت المعنى، وبالعكس، وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن بما يلقى فيها من الأمور الحسية، كانت حظوظاً أو حقوقاً، بل كلما ألقي فيها تقول : هل من مزيد، حتى يضع الجبار قدمه، وهو قذف نور معرفته في القلب، فحينئذ يحصل الفناء وتقول : قط قط.
ثم أخبر عن حال المؤمنين بقوله :﴿ وأُزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي : قربت جنة المعارف إلى قلوب خواص المتقين، الذين اتقوا ما سوى الله، فقربت منهم، ودَخَلوها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قربت إليهم الجنة الحسية في المحشر، فيركبون في قصورها وغرفها، وتطير بهم إلى الجنة، فلا يسحون بالصراط ولا بالنار، وفيهم قال تعالى :
﴿ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] والناس على ثلاثة أصناف : قوم يُحشرون إلى الجنة مشاة، وهم الذين قال الله فيهم :﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وهم عوام المؤمنين، وقوم يُحشرون إلى الجنة ركباناً على طاعتهم، المصورة لهم على صورة المراكب، وهؤلاء الخواص من العباد والزهّاد والعلماء والصالحين، وأما خواص الخواص، وهم العارفون ومَن تعلق بهم، فهم الذين قال الله فيهم :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ تُقرب منهم، فيركبون فيها، ويسرحون إلى الجنة. انظر القشيري.
وقوله تعالى :﴿ هذا ما توعدون ﴾ الإشارة إلى مقعد صدق، ولو كان إلى الجنة لقال " هذه ". قال القشيري. ثم وصف أهل هذا المقام بقوله :﴿ لكل أواب حفيظ ﴾ أي : راجع إلى الله في جميع أموره، لا يعرف غيره، ولا يلتجئ إلا إليه، حفيظ لأنفاسه مع الله، لا يصرفها إلا في طلب الله، مَنْ خَشِيَ الرحمانَ بالغيب، أي : بنور الغيب يشاهد شواهد الحق، فيخشى بُعده أو حجبه. قال القشيري : والخشية تكون مقرونة بالأُنس، ولذلك لم يقل : مَن خشي الجبار. ثم قال : والخشية من الرحمان خشية الفراق، ويقال : هو مقتضى علمه بأنه يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل، ويقال : الخشية ألطف من الخوف، فكأنها قريبة من الهيبة. هـ ﴿ وجاء بقلب منيب ﴾ مقبل على الله بكليته، معرض عما سواه، ﴿ ادخلوها ﴾ جنة المعارف ﴿ بسلام ﴾ من العيوب، آمنين من السلب والرجوع، وهذا قوله ﴿ ذلك يوم الخلود ﴾ فيها، لهم ما يشاؤون من فنون المكاشفات، ولذيذ المشاهدات، ولدينا مزيد، زيادة ترقي أبداً سرمداً، جعلنا الله من هذا القبيل في الرعيل الأول، آمين.

ثم رجع إلى تهديد الكفرة، فقال :
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ﴾*﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾*﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ وكم أهلكنا قبلهم ﴾ قبل قومك ﴿ من قَرْنٍ ﴾ من القرون الذين كذَّبوا رسلهم ﴿ هم أشدُّ منهم ﴾ من قومك ﴿ بطشاً ﴾ قوة وسطوة، ﴿ فنَقَّبوا في البلاد ﴾ أي : خرّبوا وطافوا وتصرّفوا في أقطارها، وجالوا في أكناف الأرض كل مجال حذرا من الموت ﴿ هل ﴾ وجدوا ﴿ من مَحيص ﴾ أي : مهرب منها ؟ بل لَحِقَتهم ودقت أعناقهم، أو : هل وجدوا من مهرب من أمر الله وقضائه ؟ وأصل التنقيب والنقب : البحث والطلب، قال امرؤ القيس١ :
لقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ حَتَّى رَضِيتُ من الغَنِيمَةِ بالإِيابِ
ودخلت الفاء للتسبُّب عن قوله :﴿ هم أشد منهم بطشاً ﴾ أي : شدة بطشهم، أي : قدرتهم على التنقيب في البلاد، ويجوز أن يعود الضمير إلى أهل مكة، أي : ساروا في أسفارهم ومسايرهم في بلد القرون، فهل رأوا لهم محيصاً حتى يُؤملوا مثله أنفسهم ؟ ويؤيدهم قراءة مَن قرأ ( فنَقِّبوا ) على صيغة الأمر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : كثيراً ما أهلك اللّهُ من النفوس المتمردة في القرون الماضية، زجراً لمَن يأتي بعدهم، ففي ذلك ذِكرى لمَن كان له قلب سليم من تعلُّقات الكونين. قال القشيري : فالقلوب أربعة : قلب فاسد : وهو الكافر، وقلب مقفول : وهو قلب المنافق، وقلب مطمئن : وهو قلب المؤمن، وقلب سليم : وهو قلب المحبين والمحبوبين، الذي هو مرآة صفات جمال الله وجلاله، كما قال تعالى :" لا يسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " هـ. وقال الشبلي : لِمن كان له قلب حاضر مع الله، لا يغفل عنه طرفة عين. وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب احتشى بأشغال الدنيا، حتى إذا حضر أمرٌ من أمور الآخرة لم يدرِ ما يصنع، وقلب احتشى بالله وشهوده، فإذا حضر أمر من أمور الكونين لم يدرِ ما يصنع، غائب عن الكونين بشهود المكوِّن. وقال القتاد : لمن كان له قلب لا يتقّلب عن الله في السراء والضراء. هـ. ﴿ أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾ أي : يشهد ما مِن الله إلى الله، أو : يشهد أسرار الذات. قال القشيري : يعني مَن لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون له سمع يسمع الله وهو حاضر مع الله، فيعتبر بما يشير إليه الله في إظهار اللطف أو القهر. هـ. ﴿ ولقد خلقنا السماوات ﴾ أي : سماوات الأرواح، وأرض الأشباح، وما بينهما من النفوس والقلوب والأسرار، وسر الأسرار، في ستة أيام، أي : ستة أنواع من المخلوقات، وهي محصورة فيما ذكرناه من الأرواح، والأشباح، والنفوس، والقلوب، والأسرار، وسر الأسرار، فلا مخلوق إلا وهو داخل في جملتها، لا يخرج عنها، ﴿ وما مسّنا من لُغوب ﴾ لأن أمرنا بين الكاف والنون.

١ البيت في ديوان امرئ القيس ص٤٣، ولسان العرب (نقب)، وجمهرة الأمثال ١/٤٨٤، والعقد الفريد ٣/١٢٦، والفاخر ص٢٦٠، وكتاب الأمثال ص٢٤٩، والمستقصى ٢/١٠٠، ومجمع الأمثال ١/٢٩٥، وتهذيب اللغة ٩/١٩٧..
﴿ إِنَّ في ذلك ﴾ أي : فيما ذكر من قصصهم، أو : فيما ذكر في السورة ﴿ لَذِكرى ﴾ لتذكرة وعظة ﴿ لمَن كان له قلبٌ ﴾ سليم واعٍ يُدرك كنه ما يشاهده من الأمور، ويتفكّر فيها، ليعلم أن مدار دمارهم هو الكفر، فيرتدع عنه بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير، ﴿ أو أَلقى السمعَ ﴾ أي : أصغى بقلبه إلى ما يتلى عليه من الوحي الناطق بما جرى عليهم، فإن مَن فعله يقف على كنه الأمر، فينزجر عما يؤدي إليه من الكفر والمعاصي، يقال : ألق إليَّ سمعَك، أي : استمع، ف " أو " لمنع الخلو، لا لمنع الجمع، فإن إلقاء السمع لا يجدي بدون سلامة القلب عما ذكر من الصفات، للإيذان بأن مَن عَرَى قلبه عنهما كمَن لا قلب له أصلاً. وقوله تعالى :﴿ وهو شهيد ﴾ حال، أي : والحال أنه حاضر القلب لا يغفل أو : شاهد على ما يقرأ من كتاب الله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : كثيراً ما أهلك اللّهُ من النفوس المتمردة في القرون الماضية، زجراً لمَن يأتي بعدهم، ففي ذلك ذِكرى لمَن كان له قلب سليم من تعلُّقات الكونين. قال القشيري : فالقلوب أربعة : قلب فاسد : وهو الكافر، وقلب مقفول : وهو قلب المنافق، وقلب مطمئن : وهو قلب المؤمن، وقلب سليم : وهو قلب المحبين والمحبوبين، الذي هو مرآة صفات جمال الله وجلاله، كما قال تعالى :" لا يسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " هـ. وقال الشبلي : لِمن كان له قلب حاضر مع الله، لا يغفل عنه طرفة عين. وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب احتشى بأشغال الدنيا، حتى إذا حضر أمرٌ من أمور الآخرة لم يدرِ ما يصنع، وقلب احتشى بالله وشهوده، فإذا حضر أمر من أمور الكونين لم يدرِ ما يصنع، غائب عن الكونين بشهود المكوِّن. وقال القتاد : لمن كان له قلب لا يتقّلب عن الله في السراء والضراء. هـ. ﴿ أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾ أي : يشهد ما مِن الله إلى الله، أو : يشهد أسرار الذات. قال القشيري : يعني مَن لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون له سمع يسمع الله وهو حاضر مع الله، فيعتبر بما يشير إليه الله في إظهار اللطف أو القهر. هـ. ﴿ ولقد خلقنا السماوات ﴾ أي : سماوات الأرواح، وأرض الأشباح، وما بينهما من النفوس والقلوب والأسرار، وسر الأسرار، في ستة أيام، أي : ستة أنواع من المخلوقات، وهي محصورة فيما ذكرناه من الأرواح، والأشباح، والنفوس، والقلوب، والأسرار، وسر الأسرار، فلا مخلوق إلا وهو داخل في جملتها، لا يخرج عنها، ﴿ وما مسّنا من لُغوب ﴾ لأن أمرنا بين الكاف والنون.
﴿ ولقد خلقنا السماواتِ والأرضَ وما بينهما ﴾ من أصناف المخلوقات، وهذا أيضاً احتجاج على القدرة على البعث بما هو أكبر، كقوله :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [ غافر : ٥٧ ] وقوله تعالى ﴿ في ستة أيام ﴾ إنما خلقها في تلك المدة تعليماً لخلقه التؤدة، وإلا فهو قادر على أن يخلقها في لمحة، ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [ القمر : ٥٠ ]، ويحتمل أن هذا في عالم الأمر، وأما عالم الخلق فاقتضت الحكمة خلقه بالتدريج، وله الخلق والأمر، ثم قال تعالى :﴿ وما مسَّنا من لُغوبٍ ﴾ من إعياء ولا تعب في الجملة، وهذا رد على جهلة اليهود، أنه تعالى بدأ العالم يوم الأحد، وفرغ منه يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، واستلقى على العرش، تعالى عما يقولون عُلوّاً كبيراً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : كثيراً ما أهلك اللّهُ من النفوس المتمردة في القرون الماضية، زجراً لمَن يأتي بعدهم، ففي ذلك ذِكرى لمَن كان له قلب سليم من تعلُّقات الكونين. قال القشيري : فالقلوب أربعة : قلب فاسد : وهو الكافر، وقلب مقفول : وهو قلب المنافق، وقلب مطمئن : وهو قلب المؤمن، وقلب سليم : وهو قلب المحبين والمحبوبين، الذي هو مرآة صفات جمال الله وجلاله، كما قال تعالى :" لا يسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن " هـ. وقال الشبلي : لِمن كان له قلب حاضر مع الله، لا يغفل عنه طرفة عين. وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب احتشى بأشغال الدنيا، حتى إذا حضر أمرٌ من أمور الآخرة لم يدرِ ما يصنع، وقلب احتشى بالله وشهوده، فإذا حضر أمر من أمور الكونين لم يدرِ ما يصنع، غائب عن الكونين بشهود المكوِّن. وقال القتاد : لمن كان له قلب لا يتقّلب عن الله في السراء والضراء. هـ. ﴿ أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾ أي : يشهد ما مِن الله إلى الله، أو : يشهد أسرار الذات. قال القشيري : يعني مَن لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون له سمع يسمع الله وهو حاضر مع الله، فيعتبر بما يشير إليه الله في إظهار اللطف أو القهر. هـ. ﴿ ولقد خلقنا السماوات ﴾ أي : سماوات الأرواح، وأرض الأشباح، وما بينهما من النفوس والقلوب والأسرار، وسر الأسرار، في ستة أيام، أي : ستة أنواع من المخلوقات، وهي محصورة فيما ذكرناه من الأرواح، والأشباح، والنفوس، والقلوب، والأسرار، وسر الأسرار، فلا مخلوق إلا وهو داخل في جملتها، لا يخرج عنها، ﴿ وما مسّنا من لُغوب ﴾ لأن أمرنا بين الكاف والنون.
ثم أمر نبيه بالصبر على ما يسمع في جانبه تعالى، أو في نفسه، فقال :
﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾*﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾*﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾*﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾*﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ﴾*﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾*﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ فاصبرْ على ما يقولون ﴾ أي : ما يقوله المشركون في شأن البعث من الأباطيل، فإنَّ الله قادر على بعثهم والانتقام منهم، أو : يقولونه في جانبك من النقص والتكذيب، أو : ما تقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه، ﴿ وسبِّح بحمد ربك ﴾ أي : اصبر على ما تسمع واشتغل بالله عنهم، فسبِّح، أي : نزِّه ربك عن العجز عما يمكن، وعن وصفه تعالى بما يوجب التشبيه، حامداً له تعالى على ما أنعم به عليك من إصابة الحق والرشاد، ﴿ قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ﴾ وهما وقت الفجر والعصر، وفضلهما مشهور.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

﴿ ومن الليل فسبِّحه ﴾ أي : وسبّحه في بعض الليل ﴿ وأدبارَ السجود ﴾ أي : أعقاب الصلوات، جمع : دبر، ومَن قرأ بالكسر، فمصدر، من : أدبرت الصلاة : انقضت، ومعناه : وقت انقضاء الصلاة، وقيل : المراد بالتسبيح : الصلوات الخمس، فالمراد بما قبل الطلوع : صلاة الفجر، وبما قبل الغروب : الظهر والعصر، وبما من الليل : المغرب والعشاء والتهجُّد، وبأدبار السجود : النوافل بعد المكتوبات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

﴿ واسْتَمِع ﴾ أي : لِما يُوحى إليك من أحوال القيامة، وفيه تهويل وتفظيع للمخبر به، ﴿ يوم يُناد المنادِ ﴾ أي : إسرافيل عليه السلام، فيقول : أيتها العظام البالية، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة ؛ إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء، وقيل : إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي بالمحشر، ﴿ من مكانٍ قريبٍ ﴾ بحيث يصل نداؤه إلى الكل، على سواء، وقيل : من حجرة بيت المقدس، وهو أقرب مكان من الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً، وهي وسط الأرض، وقيل : من تحت أقدامهم، وقيل : من منابت شعورهم، فيسمع من كل شعرة. " ويوم " منصوب بما دلّ عليه " يوم الخروج " أي : يوم ينادِ المنادِ يخرجون من القبور، فيوقف على " واستمع " وقيل : تقديره : واستمع حديث يوم ينادِ المنادي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

و﴿ يوم يسمعون الصحيةَ ﴾ : بدل من " يوم ينادِ " أي : واستمع يوم ينادِ المنادي، وذلك اليوم هو يوم يسمعون الصيحة، وهي النفخة الثانية. و﴿ بالحق ﴾ : متعلق بالصيحة، أو : حال، أي : ملتبسة بالحق، وهو البعث والحشر للجزاء، ﴿ ذلك يومُ الخروجِ ﴾ من القبور.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

﴿ إِنّا نحن نُحيي ﴾ الخلق ﴿ ونُميتُ ﴾ أي : نُميتهم في الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد، ﴿ وإِلينا المصير ﴾ أي : مصيرهم إلينا لا إلى غيرنا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

وذلك ﴿ يومَ تشقق ﴾ أصله : تتشقق، فأدغم، وقرأ الكوفيون والبصري بالتخفيف، بحذف إحدى التاءين، أي : تتصدع، ﴿ الأرضُ عنهم سِراعاً ﴾ فيخرج المؤمنون من صدوعها مسرعين، ﴿ ذلك حشرٌ ﴾ أي : بعث ﴿ علينا يسيرٌ ﴾ هَيْنٌ، وهو معادل لقول الكفرة :﴿ ذلك رجع بعيد ﴾، وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به تعالى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

﴿ نحن أعلم بما يقولون ﴾ من نفي البعث وتكذيب الآيات، وغير ذلك مما لا خير فيه، وهو تهديد لهم، وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ﴿ وما أنت عليهم بجبَّار ﴾ أي : ما أنت بمسلَّط عليهم، إنما أنت داع، كقوله :﴿ لَّسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِر ﴾ [ الغاشية : ٢٢ ] من : جبره على الأمر : قهره، أي : ما أنت بوالٍ عليهم تجبرهم على الإيمان، وهذا قبل الأمر بالقتال، ﴿ فذَكِّر بالقرآن من يخاف وعيدِ ﴾ لأنه هو الذي يتأثر بالوعظ، كقوله :﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٥ ] وأما مَن عداهم، فنحن نفعل بهم ما توجبه أقوالهم، وتستدعيه أعمالهم من أنواع العقاب وفنون العذاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فاصبر أيها المُتوجِّه على ما تسمع من الأذى، وغب عن ذلك بذكر ربك قبل طلوع شمس البسط، وقبل غروبها، أي : اشتغل بالله في القبض والبسط، أو : قبل طلوع شمس المعرفة، في حال السير، وقبل الغروب حين تطلع، ومن ليل القبض أو القطيعة فسبِّح حتى يطلع نهار البسط أو المعرفة، وأدبار السجود، أي : عقب سجود القلب في الحضرة، فلا يرفع رأسه أبداً، واستمع يوم ينادِ المنادي، وهي الهواتف الغيبية، والواردات الإلهية، والإلهامات الصادقة، من مكان قريب، هو القلب، يوم يسمعون الصيحة، أي : تسمع النفوس صيحة الداعي إلى الحق بالحق، فتجيب وتخضع إن سبقت لها العناية، ذلك يوم الخروج، خروج العوائد والشهوات من القلب، فتحيي الروح، وتُبعث بعد موتها بالغفلة والجهل، بإذن الله، إنا نحن نُحيي نفوساً بمعرفتنا، ونُميت نفوساً بقهريتنا، وإلينا المصير، أي : الرجوع إنما هو إلينا، فمَن رجع إلينا اختياراً أكرمناه ونعّمناه، وفي حضرة القدس أسكنّاه، ومَن رجع قهراً بالموت عاتبناه أو سامحناه، وفي مقام البُعد أقمناه.
﴿ يوم تشقق الأرضُ عنهم ﴾ : أرض الحشر في حق العامة، وأرض الوجود في حق الخاصة، أي : يذهب حس الكائنات، وتضمحل الرسوم، وتُبدل الأرض والسموات، ذلك حشر علينا يسير، أي : جمعكم إلينا، بإفناء وجودكم، وإبقائكم بوجودنا، يسير على قدرتنا، وجذبِ عنايتنا. ويُقال لكل داع إلى الله، في كل زمان، حين يُدبر الناس عنه، وينالون منه : نحن أعلم بما يقولون، وما أنت عليهم بجبّار، إنما أنت داع : خليفة الرسول، فذكِّر بالقرآن، وادع إلى الله مَن يخاف وعيدِ ؛ إذ هو الذي يتأثر بالوعظ والتذكير، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلمّ.

Icon