تفسير سورة سورة الدخان من كتاب أيسر التفاسير
                             المعروف بـحومد
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            أسعد محمود حومد
                                                            .
                                    
                        
                                                                                                            ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    (حَا. مِيمْ).
(١) - وَتُقْرأْ مُقَطَّعَةً، كُلُّ حَرْفٍ عَلَى حِدَةٍ، اللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الكتاب﴾
(٢) - يُقْسِمُ اللهُ تَعَالَى، جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، بِكِتَابِهِ المَجِيدِ، المُبَيِّنِ للنَّاسِ مَا يُصْلِحُ حَالَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾ ﴿مُّبَارَكَةٍ﴾
(٣) - أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِالقُرْآنِ المُبِينِ عَلَى أَنَّهُ بَدَأ إِنْزَالَ القُرْآنِ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي لِيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، هِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ - كَمَا جَاءَ فِي آَيَةٍ أُخْرَى - لِيَعْلَمَ النَّاسُ مَا يَنْفَعُهُمْ فَيَعْمَلُوا بِهِ، وَمَا يَضُرُّهُمْ لِيَجْتَنِبُوهُ، وَلِتَقُومَ عَلَيْهِمْ حُجَّةُ اللهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤) - وَفِي لَيْلَةِ القَدْرِ بَدَأ سُبْحَانَهُ يُبَيِّنُ لِعِبَادِهِ مَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ أُمُورٍ مُحْكَمَةٍ لاَ تَغْيِيرَ فِيهَا وَلاَ تَبْدِيلَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٥) - وَبَدَأ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِإِنْزَالِ ذَلِكَ التَّشْرِيعِ الكَامِلِ، الذِي فِيهِ صَلاَحُ البَشَرِ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ، وَمِنْ شَأنِهِ تَعَالَى أَنْ يُرْسِلَ الرُّسُلَ بالكُتُبِ لإِبْلاَغِ العِبَادِ مَا يُرِيدُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٦) - وَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ الرُّسُلَ إِلَى العِبَادِ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ وَمَا يَنْفَعُهُمْ، وَحَتَّى لاَ تَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ بَعْدَ إِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَهُوَ تَعَالَى السَّميعُ لأَقْوَالِ العِبَادِ، العَلِيمُ بِأَحْوَالِهِمْ وَأفْعَالِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿السماوات﴾
(٧) - وَالذِي أَنْزَلَ الكُتُبَ عَلَى رُسُلِهِ، هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَخَالِقُهُما، وَمالِكُهُما وَمَا فِيهِما، هذَا إِنْ كُنتُم تَطلُبُونَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مَعْرِفةَ يقينٍ لا شَكَّ فِيها.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿آبَآئِكُمُ﴾ ﴿يُحْيِي﴾
(٨) - وهو الإِلهُ الذِي لا تَصلُحُ العِبادَةُ إِلاَّ لَهُ، وَهُوَ الذِي يُحِيي مَا يَشَاءُ ممّا يقبلُ الحَيَاةَ، وَيَمِيتُ ما يَشَاءُ عندَ انتِهاءِ أَجلِهِ، وَهُوَ خَالِقُكُمْ وخَالِقُ آبائِكم الأَّوَّلِينَ فاعبُدُوهُ، ولا تُشْرِكُوا بِه شَيئاً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٩) - بَلْ هؤلاءِ المُشْرِكُونَ فِي شَكٍّ مِنَ التَّوحيدِ وَمَن البَعْثِ، ومِنَ الاعْتِرَافِ بِوحْدَانيةِ اللهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى الخَلْقِ، وَقَدْ قَابُلُوا دَعْوَةَ الحقّ التِي جَاءَ بَها الرَّسُولُ، بِالهزْءِ والسُخْرِيةِ، فِعْلَ اللاعِبِ العَابِثِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٠) - قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ قُرَيشاً لَمَّا أَبْطَأَتْ عَنِ الإِسلامِ، وَاستَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، دَعا اللهَ أَنْ يُنزِلَ بِهِمْ سِنين كَسِنِّي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ جُوعٌ، وَجَهْدٌ عَظِيمَانِ، حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ وَالميتَةَ، وَجَعَلُوا يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ إِلَى السَّماءِ فَلاَ يَرَوْنَ إِلاَّ الدُّخَانَ، فَأَتى بَعْضَهُمْ إِلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَسْقِ الله لِمُضَرَ فَإِنَّها قَدْ هَلَكَتْ، فَاسْتَسْقَى لَهُم فَسُقوا، فَلَمَّا كَشَفَ اللهِ تَعَالَى عَنْهُمُ العَذَابَ عَادُوا إِلى حَالِهم الأَوَّلِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١١) - وَحِينَما تأتي السَّماءُ بِدُخَانٍ مُبينٍ فَإِنَّه يَلُفُّ النَّاسَ، وَيُحيطُ بِهمْ مِنْ كُلِّ جَانبٍ فَيَقُولُون: هَذَا عَذابٌ شَدِيدُ الإِيلامِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٢) - وَقَدْ أَبَانَ اللهُ تَعَالى في هذِه الآيةِ الكَريمةِ أَنَّ مُشْركي قُريشٍ وَعَدُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ بأَن يُؤْمِنوا إِذا كَشَفَ عَنْهُمُ العَذابَ، فَقَالُوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّنا آمَنَّا بِكَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٣) - وَكَيفَ يَتَذكَّرُ هؤلاءِ، وَيُوفُون بما وَعَدُوا بهِ رَسُولَ الله ﷺ، منَ الإِيمانِ إِذَا دَعَا لَهُم فَكَشَفَ عَنْهُمُ العَذابَ، وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ، بَيِّنُ الرِّسالةِ، مُؤَيِّدٌ بِالمُعجِزَاتِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا لهُ، وَكَذَّبُوهُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٤) - ثُمَّ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا: إِنَّهُ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مَخْبُولُ العَقْلِ، يُعَلِّمُهُ بَعْضُ الأَعَاجِمِ مَا يقُولُ، فيدَّعِي بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَليهِ مِنْ عِندِ اللهِ تَعَالى.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كَاشِفُو﴾ ﴿عَآئِدُونَ﴾
(١٥) - إِنَّنا سَنَرْفَعُ عَنْهُم الضُّرَّ النَّازِلَ بِهَمْ لِبَعْضِ الوَقْتِ، فَنُنَزِّلُ عَلَيهِمِ المَطَرَ لِتنبتَ الأَرْضُ، وَإِنَّنا لَنَعْلَمُ أَنَّهمُ عَائِدُونَ إِلى مَا كَانُوا عَليهِ مِنَ الكفرِ والتَّكَذِيبِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٦) - وَيَومَ القِيَامَةِ يَبْطِشُ اللهُ تَعَالى بِهِم البَطْشَةَ الكُبْرى، وَيَنْتَقِمُ مِنْهُمْ أَشَدَّ الانْتِقَامِ، وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ يَنْصُرهُمْ أو يَشْفَعُ لَهُمْ، فَينْدَمُونَ على مَا فَرَّطُوا في جَنبِ اللهِ، وَلاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٧) - وَلَقَدْ اخْتَبَرَ اللهُ تَعَالَى، قَبْلَ مُشْرِكي قَومِكَ يَا مُحَمَّدُ، القِبْطَ مِنْ قومِ فِرْعَونَ، إِذْ أَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى إِليهِمْ مُوسَى عَليهِ السَّلامُ، وَهُوَ رَسُولٌ كَريمٌ، فَكَفَروا بِما جَاءَهُمْ بِهِ، وَسَخِروا مِنهُ عِنَاداً واسْتِكْبَاراً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (١٨) - فَقَالَ مُوسَى لِفِرْعَونَ وَقَومِهِ: أَدُّوا إِليَّ يَا عِبَادَ اللهِ مَا هُوَ وَاجبٌ عَليكم، واستَجِيبُوا لِدَعْوَةِ اللهِ تَعَالى، فَإِني رَسُولُ اللهِ إِليكُم، وَإِني أمينٌ فِيما أُبلِّغكُمْ عَنْ رَبي.
(أَوِ اسْمَحُوا لِبَني إِسْرَائيلَ أَنْ يَخرُجُوا مَعِي).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿اآتِيكُمْ﴾ ﴿بِسُلْطَانٍ﴾
(١٩) - ولا تَسْتَكْبرُوا عنِ اتِّبَاعِ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى والانْقِيَادِ إِلى حُجَجهِ، فإِني آتيكُم بِمُعْجِزَاتٍ بَاهِرَةٍ، وأدِلةٍ قَاطِعةٍ، عَلى صِدْقِ ما جِئْتُكُمْ بِهِ.
لاَ تَعْلُوا - لاَ تَتًكَبَّرُوا ولا تَغْتَرُّوا.
بِسُلْطَانٍ - بِحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِي.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٠) - وَإِنِّي أَلْتَجِئُ إِلى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تَقْتُلُوني رَجْماً بِالحِجَارَةِ.
إنِّي عُذْتُ - إِنِّي استَجَرْتُ وَالتَجَأْتُ.
أَنْ تَرْجُمُونِ - أَنْ تَقْتُلُونِي رَجْماً بِالحِجَارَةِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢١) - وَإِذا لَمْ تُصَدِّقُوا ما جِئْتُكُمْ بهِ مِنْ رَبِّكُمْ فَخَلُّوا سَبِيلِي وَدَعُوا الأَمْرَ مُسَالمةً بَيْني وَبَيْنَكُمْ إِلى أَنْ يَقْضِيَ اللهُ تَعَالى بَيْنَنَا بِالحَقِّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٢) - وَلَمَّا طَالَ مُقَامُ مُوسَى بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، وَأَقَامَ الحُجَّةَ عَليهِمْ، وَلَمْ يَزِدْهُمْ ذلِكَ إِلاّ كُفْراً وَعِنَاداً واسْتِكْبَاراً عَنِ الحَقِّ، وَرَفَضُوا أَنْ يُرسِلُوا مَعُهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ دَعَا رَبَّهُ مُسْتَنْصِراً بِهِ عَلَيهِمْ، وَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ بِكَ، مُكَذِّبونَ رَسُولَكَ، فَأَنْزِلْ بِهِم بَأسَكَ وَعَذَابَكَ المَوْعُودَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٣) - وَحِينَئِذٍ أَمرَه اللهُ تَعَالَى بِأَنْ يَسِيرَ بِبَني إِسْرائيلَ لَيْلاً (يُسْرِي) مِنْ غَيرِ إِذنِ فِرْعَوْنَ وَلاَ رأْيهِ، وَأَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى بأَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَه سَيَتْبَعُونَ آثارَهُمْ.
فَأَسْرِ - سِرْ ببني إِسْرَائيلَ لَيْلاً.
مُتَّبَعُونَ - يَتَبَعُكُمْ فِرْعَونُ وَجُنْدُهُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٤) - بَعْدَ أَنْ وَصَلَ مُوسى وَبَنُوا إِسْرَائيلَ إِلى البَحْرِ أَمَرَ اللهُ تَعَالى مُوسى بِأَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ البَحْرَ، فَانْفَلَقَ، ثُمَّ أَوْحَى اللهُ إِلى مُوسَى أَنْ يُجَاوِزَ بِبَني إِسرائيلَ البَحْرَ من خِلالِ الفِرقِ الذِي حَدَثَ في المَاءِ مِنْ أَثَرِ ضَرْبَةَ مُوسَى، وَبَعْدَ أَنْ جَاوَزَ بَنُوا إِسرائيلَ البَحْرَ إِلى الجَانِبِ الآخَرِ، أرادَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ البَحْرَ بِعَصَاهُ لِيُعيدَهُ إِلى مَا كَانَ عَلَيهِ لِكَيْلا يَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنْدُهُ مِنَ الفَروقِ الحَادِثَةِ في المَاءِ، فَأَمرَ اللهُ تَعَالى مُوسَى بِتَركِ البَحْرِ كَما هُوَ حِينَ مَرَّ بِهِ سَاكِناً يَابِساً (رَهْواً)، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّرَ بأَنَّهُ سَيُغْرِقُ فِرْعَونَ وَقَومَه فِيهِ، وَبَشَّرَ مُوسى بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ (إِنَّهُم جُنْدٌ مُغْرَقُونَ).
اتْركِ البَحرَ رَهْواً - هَادئاً سَاكِناً أَوْ مُنْفَرِجاً مَفْتُوحاً.
جُنْدٌ - جَمَاعَةٌ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿جَنَّاتٍ﴾
(٢٥) - كَم تَرَكَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمُهُ قَبْلَ مَهلِكِهِمْ فِي أَرْضِهِمْ مِنْ بَسَاتِينَ نَضِرَةٍ، وَحَدَائِقَ غَنَّاءَ، وَعُيُونِ ماءٍ جَارِيةٍ وَأنْهَارٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٦) - وَكَمْ تَرَكُوا مِنْ زُرُوعٍ نَاضِرَةٍ، وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَاكِهِينَ﴾
(٢٧) - وَعَيْشٍ رَغِيدٍ كَانُوا يَتَفَكَّهُونَ فِيهِ فَيَأْكُلُونَ مَا شَاؤُوا، وَيَلْبَسُونَ مَا أَحَبُّوا.
نَعْمَةٍ - تَنَعُّمٍ وَنضَارَةِ عَيْشٍ.
فَاكِهِينَ - نَاعِمِينَ مُتَفَكَّهِينَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا﴾ ﴿آخَرِينَ﴾
(٢٨) - فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ تَعَالى فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهكَذَا يَفْعَلُ اللهُ بِالذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ، وَيُخَالِفُونَ عَنْ أَمرِهِ فإِنَّهُ يُبِيدُهُمْ وَيُورِثُ أَرْضَهُمْ قَوْماً آخرينَ لَيْسُوا مِنْهُمْ فِي شيءٍ قَرابةً ولا دِيناً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٢٩) - وَقَدْ كَانَ هؤلاءِ الطُّغَاةُ العُتَاةُ هَيِّنِينَ عَلَى اللهِ، وَعَلى عِبادِ اللهِ، إِذْ لَم يَكُنْ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ يُرَفَعُ إِلى السَّماء، وَلاَ عَمَلُ خَيرٍ مَعَ عِبَادِ اللهِ في الأَرضِ يُذكرُ لهم، فَلم تبكِ لفَقْدِهِم الأرضُ ولا السَّماءُ، وَلم يُمْهَلُوا لِتَوْبَةٍ، وَإِنَّما عَجَّلَ اللهُ لَهُمُ العَذَابَ دُونَ إِبْطَاءِ. وَسَأَلَ رَجُلٌ عَلياً رَضِي اللهَ عَنْهُ: هَلْ تَبكيِ السَّمَاءُ والأَرضُ عَلَى أَحَدٍ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلا لَهُ مُصَلَّىً فِي الأَرضُ، وَمَصْعَدُ عَمَلِهِ مِنَ السَّماءِ، وَإِنَّ آلَ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ عَمَلٌ يَصْعَدُ فِي السَّماءِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيةَ الكَرِيمَةَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِسْرَائِيلَ﴾
(٣٠) - يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَني إِسْرائِيلَ إِذْ أَنقذَهم من أسرِ فِرْعَوْنَ وَمِنْ عَذَابِهِ المُهِينِ الذي أَخْضَعَهُمْ لَهُ، إِذْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُمْ فِي أشَقِّ الأَعْمَالِ وَأَخَسِّها، وَكَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ، وَيَسْتَحِيي نِسَاءَهُمْ، زِيَادَةً في النِّكَالِ وَالإِذْلاَلِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٣١) - وَكَانَ فِرْعَوْنُ جَبَّاراً عَنيداً مُسْتَكْبِراً عَلَى قَومِهِ، مُسْرِفاً في الشَّرِّ وَالطُّغيَانِ.
عَالِياً - مُتَكَبِّراً جَبَّاراً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿اخترناهم﴾ ﴿العالمين﴾
(٣٢) - وَلَقَدِ اصْطَفَى اللهُ بَني إِسرائِيلَ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ، بِما أَنزَلَ عَليهِمْ مِنَ الكُتُبِ، وَمَا أَرسَلَ إِليهِمِ مِنَ الرُّسُلِ وَالأَنبياءِ، وقدِ اصطَفَاهُمُ اللهُ وَهُوَ عَالمٌ بأَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ حَمَلَةَ الإِيمانِ فِي زَمانِهِمْ.
عَلَى العَالَمِينَ - عَلَى العَالَمِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿آتَيْنَاهُم﴾ ﴿الآيات﴾ ﴿بَلاَءٌ﴾
(٣٣) - وَأَعْطَاهُمُ اللهُ تَعَالى عَلَى يَدِ مُوسَى مِنَ الكَرَامَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرامَتِهِمْ عَلَى اللهِ تَعَالى، فَأْنْجَاهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَظَلَّل عَلَيهِمُ الغَمَامَ في صَحْراءِ سِيناءَ الشَّدِيدَةِ الحرِّ، وَأَنزَلَ عَلَيهم المَنَّ والسَّلْوى لِيَأْكُلُوا مِنْهُما، وَفَجَّرَ لَهُمُ المَاءَ مِنَ الحَجَرِ، وَنَصَرَهُمْ عَلى أَعْدَائِهِمْ.
بَلاَءٌ مَبِينٌ - اخْتِبَارٌ ظَاهِرٌ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٣٤) - إِنَّ مُشرِكي مَكَّةَ المُكَذِّبينَ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ يَقُولُونَ: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ﴾.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٣٥) - لَيْسَ ثَمَّ إِلاَّ هذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيا، وَلاَ بَعْثَ بَعْدَ المَوتِ، وَلاَ حَشْرَ وَلاَ حِسَابَ.
بِمُنْشَرِينَ - بِمَبْعُوثِينَ بَعْدَ مَوْتِنا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿بِآبَآئِنَا﴾ ﴿صَادِقِينَ﴾
(٣٦) - فَإِذَا كَانَ حَقّاً مَا تَقُولُونَ مِنْ أَنَّ اللهَ تَعَالى سَيَبْعَثُ الخَلاَئِقَ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَى أَعْمالِهِمْ فَعَجَّلُوا لَنَا بِإِحيَاءِ آبَائِنا المَاضِينَ لِنَعْلَمَ صِدْقَكُمْ فِيما تَقُولُون.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾
(٣٧) - وَلَقَدْ كَانَ قَوْمُ تُبَّعٍ أَكْثَرَ مِنْ مُشْرِكي مَكَّةَ قُوَّةً، وَأَكْثَر غِنىً، وَأَعْزَّ نَفَراً، وَكَانَ قَبْلَ قَوْمِ تُبَّعٍ أَقْوَامٌ أُخْرَى ذَوُو غِنىً وَقُوَّةٍ أَهْلَكَهُمْ اللهُ جَميعاً، وَخَرَّبَ دِيَارَهُمْ لما عَتَوا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ لأَنَّهُمْ كَانُوا مِجْرِمِينَ، وَهذهِ هيَ سُنَّةُ اللهِ في المُجرِمينِ المكَذَّبِينَ، أَنْ يُهْلِكَهُمْ اللهُ، وَلاَ يُبْقِي لَهُمْ في أَرْضِهِمْ مِنْ بَاقِيةٍ، فَلْيَعْتَبِرْ كُفَّارُ قَرَيشٍ بِمَا حَلَّ بِغيرِهِمْ.
قَوْمُ تُبَّعٍ - مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ اليَمَنِ مِنْ حِمْيَرِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿السماوات﴾ ﴿لاَعِبِينَ﴾
(٣٨) - يُنَزِّهُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ عَنِ اللَّعِب والعَبَثِ وَالبَاطِلِ، فَيَقُولُ إِنَّهُ لم يَخْلُقِ الخَلْقَ عَبَثاً وَدُونَ حِكْمَةٍ، كَأَنْ يُوجِدهُمْ ثُمَّ يُفْنِيهِمْ دُونَ امتِحَانٍ وَابِتلاءٍ، وَدُونَ مُجَازاةٍ عَلَى العَمَلِ، إِنْ خَيْراً فَخَيراً وَإِنْ شَرّاً فَشَرّاً.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿خَلَقْنَاهُمَآ﴾
(٣٩) - إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلقِ الخَلْقَ إِلاَّ لِحكْمةٍ مَقْصُودَةٍ، وَذلِكَ لِيَدُلَّ النَّاسَ بِخَلْقِهِمْ عَلَى وُجُودِ الخَالِق وَوَاحدَانِيَّتِهِ، وَوُجُوبِ الإِطَاعَةِ وَالإِنَابَةِ إِلَيهِ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ المُشْرِكينَ لاَ يَعْلَمُونَ، وَلذلِكَ فَإِنَّهُمْ لاَ يَخَافُونَ مِنْ سُخْطِهِ عَلَيهم لما يَجْتَرِحُونَهُ مِنَ السَّيِّئاتِ، وَهُم لاَ يَرْجونَ ثَوابَهُ عَلَى مَا يَفْعلُونَه مِنْ خَيرٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿مِيقَاتُهُمْ﴾
(٤٠) - إِنَّ يَومَ القِيَامَةِ الذِي يَفْصِلُ اللهُ تَعَالى فِيهِ بَينَ الخَلاَئِقِ، فَيُحِقُّ الحَقَّ وَيُبطِلُ البَاطِلَ، هُوَ آتٍ لاَ مَحَالَةَ، وَهُوَ مَوعِدُ حِسَابِهِمْ وَجَزَائِهِمْ عَلَى مَا عَمِلُوا في الدُّنيا مِنْ خَيرٍ وَمِنْ شَرٍّ.
يَوْمَ الفَصْلِ - يَوْمَ القِيَامَةِ والحِسَابِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤١) - وَفي ذَلِكَ اليَومِ تَتَقَطَّعُ الأَسبابُ بينَ النَّاسِ، فَلا يَسْألُ فيهِ قَريبٌ عَنْ قَريبٍ، وَلا يَنْفَعُ النَّاسَ إِلاَّ عَمَلُهُمْ، وَلاَ يَدْفَعُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ شَيئاً مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَلاَ يَنْصُرُ القَرِيبُ قَريبَهُ، وَلاَ يَنْصُرُه أَحَدٌ مِنْ بأسِ اللهِ.
لاَ يُغْني مَولىً - لاَ يَدفَعُ صَدِيقٌ أَو قَريبٌ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٢) - وَلاَ يَنْفَعُ النَّاسَ في ذلكَ اليَومِ إِلاَّ رَحْمَةُ اللهِ، فَمَنْ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ لاَ يَحتَاجُ إِلى قَريبٍ يَدْفَعُ عَنْهُ، وَلا إِلى نَاصِرٍ يَنْصُرهُ، واللهُ تَعَالَى هُوَ العَزيزُ في انتِقَامِهِ مِنْ أَعدائِهِ، الرَّحيمُ بأَولِيائِهِ وأَهلِ طَاعَتِهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿شَجَرَةَ﴾
(٤٣) - الزَّقُومُ ثَمَرُ شَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ تَخرُجُ في أَصْلِ النَّارِ وَثَمَرُهَا كَريهٌ، وَلكِنَّ أَهْلَ النَّارِ لاَ يَجِدُونَ مَا يَأَكُلُونَ غَيرَه لذلِكَ فإِنَّهمُ يضْطَرُّونَ إِلى أَكْلِهِ وَهُمْ كَارِهُونَ.
شَجَرةَ الزُّقُّومِ - شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي النَّارِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٤) - وَيَقُولُ اللهُ تَعَالى إِنَّ مَصِيرَ الكَافِرِ الكَثيرِ الذُّنُوبِ والآثَامِ (الأَثِيمِ) يَكُونَ إِلى نَارِ جَهَنَّم، وَإِنَّ طَعَامَه سَيَكُونُ مِنْ شَجَرةِ الزُّقُّومِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٥) - وَيَقُولُ اللهُ تَعَالى إِنَّ ثَمرَ الزَّقُّومِ يَكُونُ كَعَكَرِ الزِّيتِ الأَسْوَدِ، وَهُوَ يَغْلي فِي بُطُونِ آكِليهِ بِفِعلِ حَرَارةِ الجَحِيمِ.
المُهْلِ - دَردِيِّ الزَّيتِ - عَكَرِِهِ - ذَوْبِ المَعَادِنِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٦) - كَمَا يَغْلِي المَاءُ الشَّدِيدُ الحَرَارةِ الذِي بَلَغَ النِّهَايَةَ في الغَلَيانِ.
الحَمِيمِ - الماءِ الذِي بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الحَرَارةِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٧) - وَيُقَالُ للزِّبَانِيةِ مِنْ حَرَسِ جَهَنَّمَ: خُذَوا هذا المُجْرِمَ الأَثِيمَ فَادْفَعُوهُ دَفْعاً بِغلْظَةٍ وَعُنْفٍ إِلى وَسَطِ نَارِ جَهَنَّمَ لِينَالَ جَزَاءَهُ عَلَى كُفْرِهِ وَآثامِهِ.
اعتِلُوهُ - ادفَعُوهُ أَوْ جُرُّوهُ بغلْظَةٍ وَعُنْفِ.
سَوَاءِ الجَحِيمِ - وَسَطِهَا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٨) - وَيُقَالُ لِحَرَسِ جَهَنَّمَ مِنَ المَلاَئِكَةِ: بَعْدَ أَنّْ تُدْخِلُوهُ وَسَطَ الجَحِيمِ، صُبُّوا فَوْقَ رَأسِهِ مِنَ الماءِ الشَّديدِ الحَرَارَةِ زِيَادَةً في العَذَابِ الحَمِيمِ - المَاءِ الذِي بَلَغَ النِّهايَةَ فِي الحَرَارةِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٤٩) - وَبَعْدَ إِدخَالِهِ إِلى سَوَاءِ الجَحِيمِ، وَصَبِّ الحَمِيمِ فَوْقَ رَأْسِهِ، يُقَالُ لَهُ عَلَى سَبيلِ التَّقرِيعِ والاسْتِهزاءِ بِهِ: ذُقْ هذا العَذَابَ المُذِلَّ المُهِينَ اليَومَ، فإِنَّكَ كُنْتَ فِي الدُّنيا تَزْعُمُ أَنَّكَ العَزِيزُ في قَومِكَ، الكَريمُ في حَسَبِكَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٥٠) - وهذا العَذَابُ المُذِلُّ المُهِينُ، الذِي تَتَذَوَّقُونَ طَعْمَهُ اليَوْمَ، هُوَ العَذَابُ الذِي كُنتُم تَتَشَكَّكُونَ فِيهِ يَوْمَ كُنتُم في الدُّنيا، ولا تَعْتَقِدُونَ أَنَّ المُكَذِّبِينَ سَيُلاَقُونَ شيئاً مِنْهُ، فَهَا أَنتُمْ قَدْ لَقيتُمُوهُ اليَوْمَ فَذُوقُوهُ.
بِهِ تمترُونَ - تُجَادِلُونَ فِيهِ وتُمَارُون.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٥١) - وَبَعدَ أَنْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى الأَشْقِياءَ وَحَالَهم يَوْمَ القِيَامةِ، وَمَا يُلاَقُونَهُ مِنْ أهوالٍ وعَذابٍ، أَتبَع ذَلِكَ بِبيَانِ حَالِ المؤْمِنينَ الصَّالِحِينَ في ذَلِكَ اليَومِ الشَّدِيدِ الهَوْلِ، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ الذِينَ اتَّقُوا اللهَ في الدُّنيا سَيكُونُونَ في مَكَانٍ يُقِيمُونَ فيهِ، وَيَأْمَنُونَ فيهِ المَوْتَ وَالهَمَّ والحُزْنَ والعَذَابَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿جَنَّاتٍ﴾
(٥٢) - وَسَيكُونُونَ في حَدَائِقَ وَارِفَةِ الظِّلاَلِ، كَثِيرَةِ الفَواكِهِ، كَثِيرةِ المِياهِ، وَالأنهارُ تَسْرَحُ في أَرْجَائِها، وَسَيكُونُ لَهُمْ حَقُّ التَّمتُّعِ بِجَميعِ ما فِيها منَ النَّعِيم بِدُونِ حِسَابٍ ولا تَحدِيدٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿مُّتَقَابِلِينَ﴾
(٥٣) - ويَلبَسُونَ، وَهُم في هذا النَّعِيمِ، ثِيَاباً مِنَ الحَريرِ الرَّفِيعِ (سُنَدُسٍ)، وَثِيَاباً مِنْ قماشٍ مُزَيَّنٍ بأَشْياءَ ذَاتِ بَريقٍ وَلَمَعَانٍ (إِستَبْرَقٍ)، وَيَجْلِسُونَ في الجَنَّةِ عَلَى سُرُرٍ وَهُمْ مُتَقَابِلُونَ شَأْنَ المُتَحَابِّينَ الذِينَ يُقْبِلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ في الحَدِيثِ، وَذلِكَ زِيَادَةً في الإِينَاسِ.
السُّندُسُ - رَقِيقُ الدِّيبَاجِ.
الإِسْتَبْرَقُ - الثِّيابُ ذَاتُ اللمَعَانِ وَالبَريقِ، وقيل إِنَّهُ غَلِيظُ الدِّيبَاجِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿زَوَّجْنَاهُم﴾
(٥٤) - وَفَوْقَ هذا العَطَاءِ الكَرِيمِ فإِنَّ اللهَ تَعَالى مَنَحَهُمْ زَوْجَاتٍ حِسَاناً وَاسِعَاتِ العُيُون (عِينٍ).
زَوَّجْنَاهُمْ - قَرَنَّاهُمْ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَاكِهَةٍ﴾ ﴿آمِنِينَ﴾
(٥٥) - وَيَطلُبُونَ مَا يَشْتَهُونَ مِنْ أَنواعِ الفَاكِهَةِ وَهُمْ آمِنُونَ مِنْ أَنْ تَنْقَطِعَ عَنْهُم، وَمِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِنْها أذًى.
يَدْعُونَ - يَطْلُبُونَ وَيَتَمَنَّوْنَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَوَقَاهُمْ﴾
(٥٦) - وَلاَ يَخْشَوْنَ في الجَنَّةِ مَوْتاً أَبَداً، بَعْدَ أَنْ ذَاقُوا، طَعْمَ المَوْتَةِ الأُولى حِينَ انْقِضَاءِ آجَالِهمْ فِي الحِيَاةِ الدُّنيا، وَقَدْ وَقَاهُمُ اللهُ وَنَجَّاهُمْ مِنْ عَذابِ جَهَنَّمَ الأَلِيمِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٥٧) - وَقَدْ أَنْجَاهُمُ اللهُ تَعَالى مِنْ عَذابِ الجَحِيمِ، وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفِ المَوْتِ تَفَضُّلاً مِنْهُ عَلَيهِمْ، وَإِحسَاناً مِنْهُ إِليهِمْ، وهذا الذِي فَازَ بِهِ هؤلاءِ الكِرامُ البَرَرَةُ، مِنْ عَطَاءِ رَبِّهِمْ، وَفَضْلِهِ، وَكَرمِهِ، هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَسَّرْنَاهُ﴾
(٥٨) - وَقَدْ جَعَلْنا هذا القُرآنَ سَهْلاً وَاضِحاً جَلِيّاً، وَأَنْزَلْنَاهُ بِلِسَانِكَ وَلِسَانِهِمْ لَعَلَّهم يَفْهَمُونَ مَعَانِيَهُ، وَيُدْرِكُونَ مَرَامِيَهُ فَيُؤْمِنُوا بِهِ، وَيُذْعِنُوا لِلْحَقِّ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (٥٩) - فَانْتَظِرْ مَا يَحِلُّ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ مَا يَحْلُّ بِكَ، وَسَيَعْلَمُونَ لمنْ يَكُونُ النّصْرُ والغَلَبةُ والظَّفَرُ، وَعُلُوُّ الكَلِمَةِ في الدُّنيا والآخِرَةِ.
فَارتَقِبْ - فَانتَظِرْ مَا يَحِلُّ بهمُ.
إِنَّهُمْ مُرتَقِبُونَ - إِنَّهمْ مُنْتَظِرُونَ مَا يَحِلُّ بِكَ.