في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر( ١ ) وإن يروا آية١ يعرضوا ويقولوا سحر مستمر٢( ٢ ) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر٣( ٣ ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر٤( ٤ ) حكمة بالغة فما تغن النذر٥( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].في الآيات إيذان إنذاري باقتراب الساعة وقيام القيامة وانشقاق القمر. وتنديد بالكافرين المكذبين الذين إذا رأوا آية من آيات الله أنكروها، وقالوا : إنها سحر مألوف مستمر. وتقريع للواقع من أمرهم حيث كذبوا الرسول وما جاء به اتباعا للأهواء وإعراضا عن الحق عمدا. وإنذار بأن لكل أمر مستقرا ومصيرا ؛ حيث يظهر الحق من الباطل والهدى من الضلال ويستقر. وتقريع لهم على عدم ارعوائهم بينما جاءهم في القرآن من أنباء الأولين ومصائر المكذبين ومن أعلام الهدى والحق ما فيه العبرة التي تحمل على الازدجار والارعواء، وما فيه الحكمة البالغة المقنعة لمن يريد أن يقنع وينجو من المصير الرهيب، فإذا هم لم يزدجروا بذلك، فلا تزجرهم الآيات والنذر.
وتعبير ﴿ اقتربت الساعة ﴾ في معنى توكيد اقترابها. واستعملت صيغة الماضي على سبيل التوكيد، وقد تكرر ذلك في القرآن مثل ما جاء في آية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشكرون١ ﴾ وفي آية سورة الأنبياء هذه ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون١ ﴾.
تعليق على انشقاق القمر
أما انشقاق القمر المذكور بصيغة الماضي فقد قيل فيه قولان : أحدهما وقوع الانشقاق فعلا كمعجزة أظهرها الله عز وجل على يد النبي صلى الله عليه وسلم إجابة لتحدي الكفار، وثانيهما : توكيد وقوع الانشقاق عند قيام الساعة كعلامة من علاماتها أو أثر من آثارها.
ولقد روى المفسرون أحاديث عديدة متنوعة الرتب والأسانيد١، ومنها ما ورد في كتب الأحاديث الصحيحة تفيد أن الانشقاق وقع فعلا بناء على تحدي الكفار وأن آيات السورة الأولى نزلت ؛ لأن الكفار أصروا على كفرهم وقالوا إن محمدا سحر القمر أو سحر أعين الناس. من ذلك حديث رواه الشيخان والترمذي عن أنس بن مالك قال :( سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر بمكة فنزلت :﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر١ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ﴾٢ وحديث رواه كذلك الشيخان والترمذي عن عبد الله قال :( بينما نحن مع رسول الله بمنى انشق القمر فلقتين فلقة من وراء الجبل وفلقة دونه فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشهدوا )٣. وللترمذي ( انشق القمر على عهد النبي حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل فقالو : سحرنا محمد. فقال بعضهم : إن كان سحرنا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم )٤. وحديث رواه الإمام أحمد عن أنس فيه زيادة عن ما رواه الشيخان والترمذي حيث جاء فيه :( سأل أهل مكة النبي آية فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ )٥. وحديث رواه أحمد عن عبد الله قال : " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت الجبل من بين فرجتي القمر )٦. وحديث رواه البيهقي عن عبد الله قال :( انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين فقال كفار قريش أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة. انظروا السّفّار فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به قال : فسئل السفار. قال : وقدموا من كل وجهة ؛ فقالوا رأيناه )٧. وحديث رواه الطبراني عن ابن عباس قال :( كسف القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سحر القمر فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ إلى قوله ﴿ مستمر ﴾ )٨.
ومع أن هناك كما قلنا قبل من قال إن جملة ﴿ وانشق القمر ﴾ إنما عنت أنه سوف ينشق٩. فإن جمهور المفسرين وأهل السنة يأخذون بالأحاديث الواردة وبظاهر الآية، ويقررون أن الانشقاق وقع فعلا كمعجزة نبوية بناء على طلب المشركين. ومنهم من نسب إنكار ذلك إلى أهل البدع والأهواء. وهناك من قال : إن هذا لو وقع لكان متواترا وعرفه أهل الأرض كلهم ولم يختص أهل مكة برؤيته. وقد فند المثبتون هذه الأقوال بحجج وأقوال متنوعة. ولقد قال بعض أهل السنة والحديث : إن هذا الحادث متواتر غير أن هناك من العلماء من رد على ذلك وقال : إنه لم يتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن١٠.
والحق أن الآية الثالثة قوية التأييد لما عليه هذا الجمهور ؛ لأنها من الصعب أن تصرف إلى معنى آخر. وهذا فضلا عن الأحاديث الواردة في كتب الصحاح، وبخاصة إن بينها حديثا صحيحا مرويا عن شاهد عيان هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. ومع ذلك فإنه يلحظ أولا : أن السور التي سبقت هذه السورة لم تحتو إلا مرة واحدة احتمالا بوقوع تحد من المشركين، وهو ما تضمنته آية سورة المدثر هذه :﴿ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشّرة٥٢ ﴾ واكتفت بالإعلان بأن القرآن أو الدعوة تذكرة فمن شاء ذكره كما جاء في سورة المدثر بعد هذه الآية :﴿ كلا بل لا يخافون الآخرة٥٣ كلا إنه تذكرة٥٤ فمن شاء ذكره٥٥ ﴾ دون الاستجابة إلى تحديهم.
وثانيا : أن السور التي نزلت بعد سورة القمر لم تشر صراحة ولا ضمنا إلى حادث انشقاق القمر كمعجزة جوابا على تحدي المشركين على عظيم خطورته، وعلى كثرة تحدي المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وكانوا كلما تحدوه بالإتيان بمعجزة أو آية رد عليهم القرآن بأن الآيات عند الله وأن النبي بشر يتبع ما يوحى إليه. وأن القرآن هو المعجزة البالغة ويقف عند ذلك، وبأنهم لن يؤمنوا بأية آية ؛ لأن طلبهم هو من قبيل التعجيز والسخرية والتعنت، وليس فيه إخلاص وحسن نية ورغبة صادقة في الاقتناع مما أوردنا نصوصه وعلقنا عليه في سياق سورة المدثر تعليقا يغني عن التكرار.
وثالثا : أن حكمة التنزيل حينما اقتضت أن يعلل عدم الاستجابة إلى تحدي المشركين لم يذكروا بموقفهم من معجزة انشقاق القمر، وذكروا بمواقف الأمم السابقة المكذبة لمعجزات أنبيائهم، وبخاصة بموقف قوم ثمود من معجزة الناقة التي أتى بها إليهم نبيهم كما جاء في آية سورة الإسراء هذه التي هي ذات خطورة عظيمة في صدد توكيد عدم الاستجابة إلى تحدي الكفار المتكرر في الوقت نفسه :﴿ وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا٥٩ ﴾ مع أن المتبادر أن التذكير بموقفهم من معجزة انشقاق القمر يكون أقوى وأشد إفحاما.
ورابعا : أن رواة أحاديث الانشقاق باستثناء عبد الله بن مسعود هم من أبناء العهد المدني. ويكون حديث ابن مسعود حديث آحاد.
وكل هذه الملاحظات قد تبرر الميل إلى الأخذ بتأويل من أول عبارة ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ بأنها في صدد المستقبل أو عند قيام القيامة حيث تتبدل نواميس الكون على ما ذكرته آيات عديدة مرت أمثلة منها في المناسبات السابقة، ومن ذلك في صدد القمر في سورة القيامة :﴿ فإذا برق البصر٧ وخسف القمر٨ وجمع الشمس والقمر٩ يقول الإنسان يومئذ أين المفر١٠ ﴾.
وقد يدعم هذا الحديث النبوي الصحيح الذي أوردناه في سياق تعليقنا في سورة المدثر وهو :( ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ) والذي ينطوي فيه تقرير اقتضاء حكمة الله تعالى أن لا يظهر على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم معجزة خارقة اكتفاء بالوحي الرباني الذي فيه الهدى والبينات والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
ومع كل ذلك تظل الآية ﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ﴾ التي جاءت عقب آية ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ قوية الدلالة ويصعب صرفها إلى معنى آخر كما قلنا. وتظل صحة الأحاديث الواردة في حدوث المعجزة واردة. وللتوفيق بين الأمرين قد يمكن أن يقال : إن حكمة الله اقتضت أن يظهر هذه الآية في أول العهد المكي، فلما كذبها الكفار وقالوا : إنها سحر اقتضت حكمة الله أن يكون ذلك الموقف السلبي المنطوي في الآيات التي نزلت بعد هذه السورة. والله تعالى أعلم.
وننبه على نقطة هامة وهي أننا لا نعني أن هذا التأويل يمكن أن يكون في معنى تقرير استحالة انشقاق القمر كمعجزة ربانية، إذا ما شاء الله ذلك. فخرق النواميس الكونية المعروفة، وهو ما تعنيه المعجزة في نطاق قدرة الله تعالى على الوجه الذي تشاءه حكمته. وقد شرحنا هذه النقطة في سياق سورة المدثر شرحا يغني عن التكرار.
هذا، وفيما تضمنته الآيات من التقريع على اتباع الأهواء وإنكار الحق والمراء فيه، وعدم الاعتبار بالأحداث الزاجرة والاقتناع بالحق الذي تؤيده الحكمة البالغة والحجة الدامغة، والاستمرار في الغي والغواية تلقينات مستمرة المدى سواء أكانت في تقبيح اتباع الهوى والمراء في الحق والحقيقة، أم في العناد والمكابرة وعدم الازدجار بالأنباء الزاجرة بقطع النظر عما يكون في ذلك من ضرر وخطأ وصدم للحقيقة والحق، وتعطيل للمصلحة وتنافر مع المنطق، أم في إيجاب الابتعاد عن ذلك واتباع الحق أم في التسليم بما تقوم عليه الحجة وتقصده الحكمة القرآنية.
تعليق على موضوع اقتراب الساعة
وخبر اقتراب الساعة المنطوي في الآية الأولى من السورة ليس الوحيد في القرآن، فقد تكرر بأساليب متنوعة مثل آية سورة الأنبياء هذه :﴿ اقترب للناس حسابهم ﴾ [ ١ ] وآية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه ﴾ [ ١ ]. ولقد رويت في صدد ذلك أحاديث نبوية عديدة أيضا. منها حديث رواه الشيخان والترمذي عن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( بعثت أنا والساعة هكذا ويشير بإصبعيه فيمدهما. وفي رواية بعثت أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى )١١. وحديث رواه الحافظ أبو بكر البزار عن أنس قال :( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا شفٌّ يسير فقال : والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه. وما نرى من الشمس إلا يسيرا )١٢. وحديث رواه الإمام أحمد عن ابن عمر قال :( كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم والشمس على قعيقعان بعد العصر فقال ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى )١٣. وحديث رواه الإمام أحمد عن بهز قال :( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذَّاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا، والله لتملؤنه. أفعجبتم والله لقد ذكر لنا أن ما بين مصرعي الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام )١٤.
وهذا أمر مغيب لا مجال للتخمين والتزيد فيه، والإيمان بما جاء في الآيات والأحاديث الثابتة واجب مع الوقوف عند ذلك. وقد يلمح من الحديث الأخير أن الحكمة من الإيذان بذلك هي حث الناس على تقوى الله وصالح الأعمال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهناك أحاديث عديدة أخرى في علامات الساعة وأشراطها سنوردها ونعلق عليها في مناسبات أكثر ملاءمة إن شاء الله.
٢ - التاج جـ ٤ ص ٢٢٢-٢٢٣..
٣ - المصدر نفسه..
٤ - التاج جـ٤ ص ٢٢٢-٢٢٣..
٥ - النصوص من ابن كثير. وهناك صيغ أخرى لهذه الأخبار فيها بعض الزيادة والنقص فاكتفينا بما نقلناه..
٦ المصدر نفسه..
٧ - المصدر نفسه..
٨ - المصدر نفسه..
٩ روى المفسر الطبرسي هذا القول عن الحسن وعثمان بن عطاء عن أبيه وهما من علماء التابعين..
١٠ - انظر تفسير ابن كثير والخازن والقاسمي..
١١ -التاج جـ ٥ ص ٣٠١..
١٢ - النصوص من تفسير ابن كثير..
١٣ - النص من تفسير ابن كثير..
١٤ - المصدر نفسه..
( ٢ ) مستمر : إما من الاستمرار، وتكون الجملة في معنى أنه مظهر من مظاهر السحر المتكررة المستمرة. وإما من المرور بمعنى الذهاب والانقضاء، فتكون الجملة في معنى أنه مظهر سحري لا يلبث أن يمر وينقضي وكلا الاحتمالين وجيه. وبعض المفسرين قالوا بالإضافة إلى هذا : إن المعنى كلام قوي شديد.
﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر( ١ ) وإن يروا آية١ يعرضوا ويقولوا سحر مستمر٢( ٢ ) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر٣( ٣ ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر٤( ٤ ) حكمة بالغة فما تغن النذر٥( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في الآيات إيذان إنذاري باقتراب الساعة وقيام القيامة وانشقاق القمر. وتنديد بالكافرين المكذبين الذين إذا رأوا آية من آيات الله أنكروها، وقالوا : إنها سحر مألوف مستمر. وتقريع للواقع من أمرهم حيث كذبوا الرسول وما جاء به اتباعا للأهواء وإعراضا عن الحق عمدا. وإنذار بأن لكل أمر مستقرا ومصيرا ؛ حيث يظهر الحق من الباطل والهدى من الضلال ويستقر. وتقريع لهم على عدم ارعوائهم بينما جاءهم في القرآن من أنباء الأولين ومصائر المكذبين ومن أعلام الهدى والحق ما فيه العبرة التي تحمل على الازدجار والارعواء، وما فيه الحكمة البالغة المقنعة لمن يريد أن يقنع وينجو من المصير الرهيب، فإذا هم لم يزدجروا بذلك، فلا تزجرهم الآيات والنذر.
وتعبير ﴿ اقتربت الساعة ﴾ في معنى توكيد اقترابها. واستعملت صيغة الماضي على سبيل التوكيد، وقد تكرر ذلك في القرآن مثل ما جاء في آية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشكرون١ ﴾ وفي آية سورة الأنبياء هذه ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون١ ﴾.
﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر( ١ ) وإن يروا آية١ يعرضوا ويقولوا سحر مستمر٢( ٢ ) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر٣( ٣ ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر٤( ٤ ) حكمة بالغة فما تغن النذر٥( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في الآيات إيذان إنذاري باقتراب الساعة وقيام القيامة وانشقاق القمر. وتنديد بالكافرين المكذبين الذين إذا رأوا آية من آيات الله أنكروها، وقالوا : إنها سحر مألوف مستمر. وتقريع للواقع من أمرهم حيث كذبوا الرسول وما جاء به اتباعا للأهواء وإعراضا عن الحق عمدا. وإنذار بأن لكل أمر مستقرا ومصيرا ؛ حيث يظهر الحق من الباطل والهدى من الضلال ويستقر. وتقريع لهم على عدم ارعوائهم بينما جاءهم في القرآن من أنباء الأولين ومصائر المكذبين ومن أعلام الهدى والحق ما فيه العبرة التي تحمل على الازدجار والارعواء، وما فيه الحكمة البالغة المقنعة لمن يريد أن يقنع وينجو من المصير الرهيب، فإذا هم لم يزدجروا بذلك، فلا تزجرهم الآيات والنذر.
وتعبير ﴿ اقتربت الساعة ﴾ في معنى توكيد اقترابها. واستعملت صيغة الماضي على سبيل التوكيد، وقد تكرر ذلك في القرآن مثل ما جاء في آية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشكرون١ ﴾ وفي آية سورة الأنبياء هذه ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون١ ﴾.
﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر( ١ ) وإن يروا آية١ يعرضوا ويقولوا سحر مستمر٢( ٢ ) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر٣( ٣ ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر٤( ٤ ) حكمة بالغة فما تغن النذر٥( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في الآيات إيذان إنذاري باقتراب الساعة وقيام القيامة وانشقاق القمر. وتنديد بالكافرين المكذبين الذين إذا رأوا آية من آيات الله أنكروها، وقالوا : إنها سحر مألوف مستمر. وتقريع للواقع من أمرهم حيث كذبوا الرسول وما جاء به اتباعا للأهواء وإعراضا عن الحق عمدا. وإنذار بأن لكل أمر مستقرا ومصيرا ؛ حيث يظهر الحق من الباطل والهدى من الضلال ويستقر. وتقريع لهم على عدم ارعوائهم بينما جاءهم في القرآن من أنباء الأولين ومصائر المكذبين ومن أعلام الهدى والحق ما فيه العبرة التي تحمل على الازدجار والارعواء، وما فيه الحكمة البالغة المقنعة لمن يريد أن يقنع وينجو من المصير الرهيب، فإذا هم لم يزدجروا بذلك، فلا تزجرهم الآيات والنذر.
وتعبير ﴿ اقتربت الساعة ﴾ في معنى توكيد اقترابها. واستعملت صيغة الماضي على سبيل التوكيد، وقد تكرر ذلك في القرآن مثل ما جاء في آية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشكرون١ ﴾ وفي آية سورة الأنبياء هذه ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون١ ﴾.
﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر( ١ ) وإن يروا آية١ يعرضوا ويقولوا سحر مستمر٢( ٢ ) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر٣( ٣ ) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر٤( ٤ ) حكمة بالغة فما تغن النذر٥( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في الآيات إيذان إنذاري باقتراب الساعة وقيام القيامة وانشقاق القمر. وتنديد بالكافرين المكذبين الذين إذا رأوا آية من آيات الله أنكروها، وقالوا : إنها سحر مألوف مستمر. وتقريع للواقع من أمرهم حيث كذبوا الرسول وما جاء به اتباعا للأهواء وإعراضا عن الحق عمدا. وإنذار بأن لكل أمر مستقرا ومصيرا ؛ حيث يظهر الحق من الباطل والهدى من الضلال ويستقر. وتقريع لهم على عدم ارعوائهم بينما جاءهم في القرآن من أنباء الأولين ومصائر المكذبين ومن أعلام الهدى والحق ما فيه العبرة التي تحمل على الازدجار والارعواء، وما فيه الحكمة البالغة المقنعة لمن يريد أن يقنع وينجو من المصير الرهيب، فإذا هم لم يزدجروا بذلك، فلا تزجرهم الآيات والنذر.
وتعبير ﴿ اقتربت الساعة ﴾ في معنى توكيد اقترابها. واستعملت صيغة الماضي على سبيل التوكيد، وقد تكرر ذلك في القرآن مثل ما جاء في آية سورة النحل هذه :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشكرون١ ﴾ وفي آية سورة الأنبياء هذه ﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون١ ﴾.
شرح لكلمة [ الحكمة ] ومعانيها في القرآن
وبمناسبة ورود هذه الكلمة لأول مرة في هذه السورة نذكر أن هذه الكلمة تكررت كثيرا في مناسبات متنوعة. وأصل الكلمة من [ حكم ] بمعنى فصل وقضى وبت وضبط. وقد جاءت في القرآن وفي اللغة العربية بالتالي لتعبر عن معان عديدة أخرى، وإن لم تبتعد عن هذا الأصل حيث صارت تعبر عن كل قول وفعل وشيء يكون فيه صواب وسداد وحق وهدى وبر ومعروف وضبط وإتقان. ويكون بعيدا عن الطيش والرعونة والغلظة والجفاء والبغي والضرر والباطل. وفي سورتي الإسراء ولقمان سلسلتان من الآيات فيها وصايا وأوامر ونواه إيمانية وأخلاقية واجتماعية وسلوكية رائعة إحداهما من الله تعالى مباشرة وثانيتهما على لسان لقمان. وكلتاهما وصفتا بالحكمة. حيث جاء في آخر سلسلة الإسراء ﴿ ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ﴾ [ ٣٩ ] وفي أول سلسلة سورة لقمان ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ [ ١٢ ] وكل ما في هاتين السلسلتين هو في نطاق المعاني المذكورة. وفي سورة النحل جاءت الكلمة في معرض رسم خطة للنبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى سبيل الله كما ترى في هذه الآية :﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾ [ ١٢٥ ] حيث يفيد هذا النص أن الحكمة هي البعد عن الجفاء والغظة واللجاج والتزام العقل والمنطق وحسن العرض والنية. وهو ما يتصل بالمعاني المذكورة أيضا.
وهناك آيات تذكر ما آتاه الله سبحانه لأنبيائه من الحكمة وإرسالهم للناس بها وتعليمهم إياها للناس إلى جانب كلمة الكتاب ؛ حيث يفيد هذا أن الحكمة التي أوتيها أنبياء الله هي ما ألهمهم إياه من قول وفعل متصفين بالصفات المذكورة آنفا بالإضافة إلى ما احتوته كتب الله المنزلة عليهم من مثل ذلك كما ترى في الآيات التالية :
١- ﴿ كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴾ [ البقرة : ١٥١ ].
٢-﴿ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ﴾ [ آل عمران : ٤٨ ]
٣- ﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾ [ آل عمران : ٨١ ].
٤- ﴿ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ﴾ [ النساء : ١١٣ ].
وفي سورة البقرة تنويه بمن يؤتيه الله الحكمة كما ترى في هذه الآية :﴿ يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب٢٦٩ ﴾ والمتبادر أن الكلمة هنا تعني الأقوال والأفعال المتصفة بتلك الصفات.
ومن هنا يصح أن تسمى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية : حكمة، وأن يقال : إنها ما عني بها في آية البقرة [ ١٥١ ] وأمثالها. ونكتفي الآن بما تقدم على أن نعود إلى بيانات وشروح أخرى في مناسبات آتية.
﴿ فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء ونكر١( ٦ ) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث٢ كأنهم جراد منتشر( ٧ ) مهطعين٣ إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر( ٨ ) ﴾ [ ٦-٨ ].
الآيات متصلة بسابقاتها اتصال تعقيب وتسلية وإنذار. فهي تأمر النبي عليه السلام بعدم الأبوه بتكذيب المكذبين والانصراف عنهم. ثم تصف ما سوف يلقونه في يوم القيامة حيث يدعوهم منادي الله فيخرجون من قبورهم مسرعين كالجراد المنتشر كثرة واضطرابا وأبصارهم خاشعة من الخوف والفزع وشدة الهول الذي لا مثيل له، وحيث يتيقنون أن يومهم يوم عسير جدا.
والمتبادر أن وصف الذي سوف يلقاه المكذبون في الآخرة قد استهدف فيما استهدف- إثارة الرعب في قلوب المعاندين والمكذبين وحملهم على الارعواء.
وتعبير ﴿ فتول عنهم ﴾ لا يعني كما هو المتبادر أن يدع إنذار الناس والمكذبين من الجملة، فهذه مهمة النبي المستمرة، وإنما هو تعبير أسلوبي يتضمن التسلية والتهوين، وقد تكرر بعبارات مماثلة حينما كان يشتد لجاج الكفار والمكذبين مما مرت أمثله منه.
﴿ فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء ونكر١( ٦ ) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث٢ كأنهم جراد منتشر( ٧ ) مهطعين٣ إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر( ٨ ) ﴾ [ ٦-٨ ].
الآيات متصلة بسابقاتها اتصال تعقيب وتسلية وإنذار. فهي تأمر النبي عليه السلام بعدم الأبوه بتكذيب المكذبين والانصراف عنهم. ثم تصف ما سوف يلقونه في يوم القيامة حيث يدعوهم منادي الله فيخرجون من قبورهم مسرعين كالجراد المنتشر كثرة واضطرابا وأبصارهم خاشعة من الخوف والفزع وشدة الهول الذي لا مثيل له، وحيث يتيقنون أن يومهم يوم عسير جدا.
والمتبادر أن وصف الذي سوف يلقاه المكذبون في الآخرة قد استهدف فيما استهدف- إثارة الرعب في قلوب المعاندين والمكذبين وحملهم على الارعواء.
وتعبير ﴿ فتول عنهم ﴾ لا يعني كما هو المتبادر أن يدع إنذار الناس والمكذبين من الجملة، فهذه مهمة النبي المستمرة، وإنما هو تعبير أسلوبي يتضمن التسلية والتهوين، وقد تكرر بعبارات مماثلة حينما كان يشتد لجاج الكفار والمكذبين مما مرت أمثله منه.
﴿ فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء ونكر١( ٦ ) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث٢ كأنهم جراد منتشر( ٧ ) مهطعين٣ إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر( ٨ ) ﴾ [ ٦-٨ ].
الآيات متصلة بسابقاتها اتصال تعقيب وتسلية وإنذار. فهي تأمر النبي عليه السلام بعدم الأبوه بتكذيب المكذبين والانصراف عنهم. ثم تصف ما سوف يلقونه في يوم القيامة حيث يدعوهم منادي الله فيخرجون من قبورهم مسرعين كالجراد المنتشر كثرة واضطرابا وأبصارهم خاشعة من الخوف والفزع وشدة الهول الذي لا مثيل له، وحيث يتيقنون أن يومهم يوم عسير جدا.
والمتبادر أن وصف الذي سوف يلقاه المكذبون في الآخرة قد استهدف فيما استهدف- إثارة الرعب في قلوب المعاندين والمكذبين وحملهم على الارعواء.
وتعبير ﴿ فتول عنهم ﴾ لا يعني كما هو المتبادر أن يدع إنذار الناس والمكذبين من الجملة، فهذه مهمة النبي المستمرة، وإنما هو تعبير أسلوبي يتضمن التسلية والتهوين، وقد تكرر بعبارات مماثلة حينما كان يشتد لجاج الكفار والمكذبين مما مرت أمثله منه.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
( ١٣ ) تعاطى : هاجم الناقة أو تهيأ للهجوم عليها ليعقرها.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
( ١٥ ) المحتظر : الحظيرة أي الحديقة أو الحقل.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر١( ٩ ) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر( ١٠ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر( ١١ ) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر٢( ١٢ ) وحملناه على ذات ألواح ودسر٣( ١٣ ) تجري بأعيننا٤ جزاء لمن كان كفر( ١٤ ) ولقد تركناها آية فهل من مدكر٥ ( ١٥ ) فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ١٧ ) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ( ١٨ )إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا٦ في يوم نحس مستمر( ١٩ ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر٧( ٢٠ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٢١ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٢٢ ) كذبت ثمود بالنذر( ٢٣ ) فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر٨ ( ٢٤ ) أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر٩( ٢٥ ) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر( ٢٦ ) إنا مرسلوا الناقة فتنة١٠ لهم فارتقبهم واصطبر( ٢٧ ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر١١( ٢٨ ) فنادوا صاحبهم١٢ فتعاطى١٣ فعقر( ٢٩ ) فكيف كان عذابي ونذر( ٣٠ ) إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم١٤ المحتضر( ٣١ )١٥ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٣٢ ) كذبت قوم لوط بالنذر( ٣٣ ) إنا أرسلنا عليهم حاصبا١٦ إلا آل لوط نجيناهم بسحر( ٣٤ ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر( ٣٥ )ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا١٧ بالنذر( ٣٦ ) ولقد راودوه عن ضيفه١٨ فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر( ٣٧ ) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر١٩( ٣٨ ) فذوقوا عذابي ونذر( ٣٩ ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر( ٤٠ ) ولقد جاء آل فرعون النذر( ٤١ ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر( ٤٢ ) ﴾ [ ٩-٤٢ ].
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلى الله عليه وسلم وحكاية تكذيبهم له ولآيات لله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدل على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم، وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها، وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي :﴿ فذوقوا عذابي ونذر٣٩ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر ﴾ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى، فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان، ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمره بالرجفة وخسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكل بهؤلاء كما نكل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصد.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات
ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات [ ٥-٩ ] من سفر التكوين. ونقول هنا : إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس :[ أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الرب، وكان رجلا برا كاملا في أجياله، وسلك مع الله : قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم ] ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له : إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ ]... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة ﴿ تركناها ﴾ التي جاءت في الآية [ ١٥ ] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال :( إن الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة )١. وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا :( أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة ). وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبت من وجودها فلم يتمكنوا، فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية. والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [ ١٩-٢٠ ] قد تكرر في سور أخرى بعد هذه. مثل سورة الحاقة التي جاء فيها :﴿ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية٧ فهل ترى لهم من باقية٨ ﴾ وسورة الأحقاف التي جاء فيها :﴿ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم٢٤ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين٢٥ ﴾.
والمتبادر أن هذا مما كان متداولا من قصص عاد ونبيهم في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم على ما نبهنا عليه في التعريف الأول. ويقال هذا في صدد ثمود الذين تكررت قصتهم بعد هذه السورة، ويقال هذا كذلك في صدد قصة لوط وقومه التي وردت في الإصحاحين الثامن عشر والتاسع عشر من سفر التكوين بما يقارب ما جاء في القرآن على ما نبهنا عليه في التعريف الأول أيضا.
ونؤجل التوسع في التعليق على قصة رسالة موسى إلى فرعون إلى سور أخرى جاءت هذه القصة فيها مسهبة.
﴿ أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر١( ٤٣ ) أم يقولون نحن جميع٢ منتصر( ٤٤ ) سيهزم الجمع ويولون الدبر( ٤٥ ) بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر( ٤٦ ) إن المجرمين في ضلال وسعر( ٤٧ ) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر( ٤٨ ) إنا كل شيء خلقناه بقدر٣( ٤٩ ) وما أمرنا إلا واحدة٤ كلمح البصر( ٥٠ ) ولقد أهلكنا أشياعكم٥ فهل من مدكر( ٥١ ) وكل شيء فعلوه في الزبر( ٥٢ ) وكل صغير وكبير مستطر٦( ٥٣ ) إن المتقين في جنات ونهر( ٥٤ ) في مقعد صدق عند مليك مقتدر( ٥٥ )٧ ﴾ [ ٤٣-٥٥ ].
في الآيات التفات تعقيبي على الفصول القصصية وعود على بدء في إنذار الكفار وتقريعهم. فهي والحال هذه متصلة بالسياق واستمرار له. وهي قوية في إنذارها وتقريعها وأسئلتها الاستنكارية الساخرة وإفحامها. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته زجر الكفار وحملهم على الارعواء.
والأسئلة الاستنكارية في الآية [ ٤٣ ] قوية مفحمة حقا. فهل يظن الكفار أنفسهم خيرا أو أقوى من السابقين الذين يعرفون أن الله قد نكل بهم، أم هل حصلوا من الكتب المنزلة على براءة تقيهم ذلك النكال حتى يكونوا مطمئنين هذا الاطمئنان مستمرين في ضلالهم وغوايتهم.
﴿ أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر١( ٤٣ ) أم يقولون نحن جميع٢ منتصر( ٤٤ ) سيهزم الجمع ويولون الدبر( ٤٥ ) بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر( ٤٦ ) إن المجرمين في ضلال وسعر( ٤٧ ) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر( ٤٨ ) إنا كل شيء خلقناه بقدر٣( ٤٩ ) وما أمرنا إلا واحدة٤ كلمح البصر( ٥٠ ) ولقد أهلكنا أشياعكم٥ فهل من مدكر( ٥١ ) وكل شيء فعلوه في الزبر( ٥٢ ) وكل صغير وكبير مستطر٦( ٥٣ ) إن المتقين في جنات ونهر( ٥٤ ) في مقعد صدق عند مليك مقتدر( ٥٥ )٧ ﴾ [ ٤٣-٥٥ ].
في الآيات التفات تعقيبي على الفصول القصصية وعود على بدء في إنذار الكفار وتقريعهم. فهي والحال هذه متصلة بالسياق واستمرار له. وهي قوية في إنذارها وتقريعها وأسئلتها الاستنكارية الساخرة وإفحامها. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته زجر الكفار وحملهم على الارعواء.
والأسئلة الاستنكارية في الآية [ ٤٣ ] قوية مفحمة حقا. فهل يظن الكفار أنفسهم خيرا أو أقوى من السابقين الذين يعرفون أن الله قد نكل بهم، أم هل حصلوا من الكتب المنزلة على براءة تقيهم ذلك النكال حتى يكونوا مطمئنين هذا الاطمئنان مستمرين في ضلالهم وغوايتهم.
وفي الآية [ ٤٤ ] إشارة إلى اعتداد الكفار بقوتهم وكثرتهم. وقد ساجلتهم الآية [ ٤٥ ] بالتعبير فأنذرتهم بهزيمة جموعهم وتوليتها الأدبار. ثم آذنتهم الآيات التالية بأن أمر الله واقع كلمح البصر حالما تقترن مشيئته بشيء. وذكرتهم بما كان من إهلاله لأمثالهم، وأعلنتهم بأن كل شيء فعلوه محصى مسطور عليهم وتوعدتهم بيوم القيامة كموعد أدهى وأمرّ من غيره، حيث يسحبون على وجوههم في النار ويتيقنون من أنهم كانوا في ضلال وجنون، ثم انتهت جريا على النظم القرآني إلى تطمين المتقين بالمقابلة بما أعده الله لهم عنده من جنات ورضوان.
ويلحظ أن نعت الكفار بالمجرمين قد تكرر في الآيات ومن المحتمل أنه قصد بذلك الزعماء خاصة الذين لم يكتفوا بالكفر والتكذيب بل ارتكبوا إلى جانبهما جريمة اضطهاد المسلمين وفتنتهم مع جريمة الصدر والتآمر والتعطيل.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
وفي الآية [ ٤٥ ] بشارة ربانية حققها الله لنبيه والمؤمنين في بدر وما بعد بدر فكانت معجزة قرآنية. ولقد روى البخاري عن ابن عباس :( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر : اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ ألا تعبد بعد اليوم، فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك يا رسول الله ألححت على ربك وهو يثب في الدرع فخرج وهو يقول :﴿ سيهزم الجمع ويولون الدبر٤٥ بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ﴾ )١.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
سورة القمر
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
تعليق على الآية ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾
والآثار الواردة في موضوع القدر
ويظهر مما أورده المفسرون في سياق جملة ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ أن الجملة قد أخذت على معنى قدر الله السابق لخلقه وتقديره الأحداث من الأزل. وقد أوردوا في سياقها حديثا عن أبي هريرة قال :( جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت ﴿ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر٤٨ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ ). ١ ومقتضى الحديث أن تكون الآيات نزلت لحدة في هذه المناسبة مع أنها منسجمة نظما ووزنا وموضوعا في السياق العام. وأبو هريرة لم يذكر أنه سمع هذا من النبي أو أحد أصحابه من السابقين الأولين من المهاجرين من مكة. وهو ليس منهم وإنما أسلم بعد النصف الأول من العهد المدني. وفي القرآن مقاطع كثيرة ورد فيها كلمة [ القدر والتقدير وقدرنا ] ولكن لم نطلع على حديث نبوي أو صحابي يذكر أنها تعني القدر الذي هو موضوع البحث. على أن هناك أحاديث عديدة أخرى في موضوع القدر. منها ما أورده المفسرون في سياق هذه الآية ومنها ما أوردوه في سياق آيات أخرى من بابها. ومنها ما ورد في كتب الأحاديث الصحيحة ومنها ما ورد في كتب وروايات محدثين آخرين.
فمن ذلك الحديث الطويل الذي أوردناه في بحث الملائكة في سورة المدثر والذي رواه الخمسة عن عمر بن الخطاب والذي فيه المحاورة التي جرت بين النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عن الإسلام والإيمان ومن جملتها كون الإيمان بالقدر خيره وشره من أسس الإيمان٢. وحديث رواه الشيخان عن أنس قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا فيقول : أي رب نطفة. أي رب علقة. أي رب مضغة. فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال الملك : أي رب ذكر أو أنثى. شقي أو سعيد. فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه )٣. وحديث رواه الأربعة عن علي قال :( كان رسول الله جالسا ذات يوم وفي يده عود ينكت به فرفع رأسه فقال : ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار. قالوا : يا رسول الله فلم نعمل أفلا نتكل ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ ﴿ فأما من أعطى واتقى٥ وصدق بالحسنى٦ فسنيسره لليسرى ﴾ [ الليل : ٥-٧ ] الآيتين )٤.
وحديث رواه الترمذي ومسلم جاء فيه :( قيل يا رسول الله بيّن لنا ديننا كأننا خلقنا الآن. ففيم العمل اليوم ؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما نستقبل ؟ قال : لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال : ففيم العمل ؟ قال : كل عامل ميسر لعمله )٥. وحديث رواه الترمذي جاء فيه :( قال عمر يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أمر مبتدع أو فيما قد فرغ منه فقال فيما قد فرغ منه. يا ابن الخطاب كل ميسر أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة. وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء )٦. وحديث رواه مسلم والترمذي عن عمران بن حصين قال :( إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله فقالا : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه. أشيء قضي عليهم ومضى أو فيما يستقبلون به ؟ فقال : لا بل شيء قضي عليهم وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل :﴿ ونفس وما سواها٧ فألهمها فجورها وتقواها ﴾ [ الشمس : ٧-٨ ]. وحديث رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو قال :( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم عن علم الله تعالى )٧.
وحديث رواه الترمذي عن جابر قال :( قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه )٨. وحديث رواه الترمذي والحاكم عن عائشة قالت :( قال النبي صلى الله عليه وسلم : ستة لعنتهم لعنهم الله وكل نبي كان : الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله والمستحل لحرم الله. والمستحل من عترتي ما حرم الله والتارك لسنتي )٩.
وحديث رواه مسلم عن عبد الله أنه قال :( الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره، فسمعه رجل فأتى حذيفة فأخبره بذلك وقال : كيف يشقى رجل بغير عمل ؟ فقال له حذيفة : أتعجب من ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذ مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب أجله. فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك ثم يقول : يا رب رزقه فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص )١٠.
وحديث عن ابن زرارة عن أبيه قال :( إن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية وقال : نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله )١١. وحديث رواه الإمام أحمد مؤيدا لهذا الحديث جاء فيه : إن عبد الله بن عمر كتب لصديق له من أهل الشام : إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( سيكون في أمتى أقوام يكذّبون بالقدر )١٢. وحديث عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :( اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك، جفت الأقلام وطويت الصحف )١٣. وحديث رواه الإمام أحمد جاء فيه :( إن عبادة دخل على أبيه وهو مريض فقال له : يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال : أجلسوني فلما أجلسوه قال : يا بني إنك لم تطعم الإيمان، ولم تبلغ حق حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. قلت : يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك. يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول ما خلق الله القلم، ثم قال له : اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار )١٤. وحديث رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق. ويؤمن بالموت. ويؤمن بالبعث بعد الموت. ويؤمن بالقدر )١٥. وحديث رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال :( لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم )١٦. وحديث رواه الإمام أحمد عن طاووس اليماني قال : سمعت ابن عمر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )١٧.
وحديث رواه مسلم والترمذي عن ابن عمر بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة )١٨. وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود عن عمران بن حصين قال :( قيل يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار ؟ قال : نعم، قيل : ففيم يعمل العاملون ؟ قال : كل ميسر لما خلق له )١٩. وحديث وصفه ابن كثير بالصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( استعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك أمر فقل : قدر الله وما شاء فعل، ولا تقل لو إني فعلت لكان كذا فإن [ لو ] تفتح عمل الشيطان٢٠. وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود عن عبد الله قال :( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم ينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها )٢١. وحديث رواه الترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية )٢٢. وحديث رواه مسلم وأبو داود جاء فيه :( قيل لابن عمر : إنه ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وإنهم يزعمون أن لا قدر وإن الأمر أنف فقال : فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر : لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر )٢٣.
وحديث رواه الطبراني عن ابن عباس قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول ما خلق الله القلم والحوت، قال للقلم : اكتب. قال : ما أكتب ؟ قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة )٢٤. وحديث رواه ابن عساكر عن أبي هريرة قال :( سمعت رسول الله يقول : إن أول ما خلقه الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، ثم قال له اكتب. قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب ما يكون أو ما هو كائن من عمل أو رزق أو أجل، فكتب ذلك إلى يوم القيامة " ٢٥.
وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال :( خرج علينا رسول صلى الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر وجهه كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال : أبهذا أمرتم ؟ أم بهذا أرسلت إليكم ؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر. عزمت عليكم، عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه )٢٦.
والذي يتبادر لنا من ناحية الآية بذاتها ومن روحها وروح السياق : أنها في صدد الإيذان بأن الله قد خلق كل شيء بحساب مقدر بما اقتضت حكمته أن يكون عليه أو خلق كل شيء على قدر معلوم ووضع محدد أو على الشكل الموافق له. وفي سورة السجدة آية فيها تعبير قوي عن ذلك وهي :﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه... ﴾ [ ٧ ] وقد قال هذا غير واحد من المفسرين عزوا إلى ابن عباس وغيره من علماء الصحابة والتابعين٢٧.
ومن ناحية موضوع القدر بمعنى أن كل شيء وعمل من أحداث الدنيا وأعمال الناس مقدرة في الأزل محتومة الوقوع فهو من المسائل الخلافية الكلامية التي نشبت بين علماء المسلمين في صدر الإسلام وتشعبت في زمن الدولتين الأموية والعباسية، وقام فرق عديدة يناقض بعضها بعضا في الأمر. وأكثر ما كان من ذلك هو في صدد أفعال الناس ومكتسباتهم ؛ حيث أنكر بعضهم أن تكون محتومة مقدرة من الأزل وأثبت بعضهم ذلك وتوسط بعضهم فجعل للإرادة الجزئية التي أودعها الله في الناس أثرا في أفعال الناس ومكتسباتهم. واجتهد كل فريق في تأييد قوله بآيات وأحاديث ومبادئ من المنطق مما لا يتحمل منهج الكتاب التبسط فيه. ونحن نرجح أنه كان لما وقع في صدر الإسلام من الفتن والحروب التي بدأت في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه وامتدت إلى خلافة علي رضي الله عنه، ثم استمرت طيلة الدولة الأموية وشطرا من الدولة العباسية أثر كبير في ذلك.
ولقد كان هناك تياران متعارضان :
تيار يحمل مسؤولية ما كان على القائمين بالأمر ويسعى إلى التغيير على اعتبار أن ذلك من كسبهم.
وتيار يعطف ما كان على قدر الله المحتوم ويسعى إلى ال
٢ - التاج جـ ٥ ص ١٧٣-١٧٤..
٣ - انظر المصدر نفسه..
٤ - انظر المصدر نفسه.
٥ - التاج جـ ٥ ص ١٧٣-١٧٤..
٦ - المصدر نفسه..
٧ - انظر المصدر نفسه..
٨ - انظر المصدر نفسه جـ٥ ص ١٧٢-١٧٣..
٩ - انظر المصدر نفسه.
١٠ - التاج جـ٥ ص ١٧٢-١٧٣..
١١ - النصوص من ابن كثير والآية المقصودة هي آيات السورة التي نحن في صددها.
١٢ - انظر المصدر نفسه..
١٣ - انظر المصدر نفسه..
١٤ - هذا النص من ابن كثير وقد روى أبو داود والترمذي هذا الحديث بصيغة أخرى ليبس بينها وبين نص ابن كثير فرق جوهري..
١٥ - التاج جـ١ ص ٣٣، وقد روى ابن كثير هذا الحديث عن سفيان الثوري عن علي بزيادة في آخره وهي: (ويؤمن بالقدر خيره وشره)..
١٦ - النص من ابن كثير وقد روى مثله أبو داود بصيغة قريبة، التاج ج ١ ص ٣٣..
١٧ - النص من ابن كثير..
١٨ - التاج ج ١ ص ٣٢..
١٩ - انظر المصدر نفسه..
٢٠ - النص من تفسير ابن كثير لسورة القمر..
٢١ - التاج جـ١ ص ٣١-٣٤..
٢٢ - انظر المصدر نفسه..
٢٣ - انظر المصدر نفسه وكلمة [أنف] تعني أن أعمال الناس حادثة وليست مقدرة أزليا....
٢٤ من ابن كثير في تفسير سورة القلم..
٢٥ - انظر المصدر نفسه..
٢٦ - التاج جـ٤ ص ٢٢٣..
٢٧ - انظر الخازن والطبرسي والزمخشري والطبري..
سورة القمر
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
سورة القمر
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
سورة القمر
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.
سورة القمر
في السورة إشارة إلى آية انشقاق القمر وحملة على الكفار لمكابرتهم وتكذيبهم لآيات الله. وتذكير لهم بأمثالهم المكذبين السابقين. والسورة ذات خصوصية فنية نثرية. وفصولها مترابطة تامة الانسجام والتوازن. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ ٤٤-٤٦ ] مدنيات، وانسجامها التام مع الآيات الأخرى يسوغ التوقف في صحة الرواية.
ولقد روى بعض المفسرين ومنهم ابن كثير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن الآية [ ٤٦ ] نزلت وهي جارية تلعب، وقد يكون في هذا قرينة مؤيدة لنزولها في مكة.