ﰡ
وخُصّت مواضُعها بذكرها، لعظم ما بعدها.
الأول : ذكر الفرقان وهو القرآن، المشتمل على معاني جميع كتب الله.
والثاني : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبة الله له فيه، وروي( ٢ ) :«لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات ».
والثالث : ذكر البروج، والشمس، والقمر، والليل والنهار، ولولاها لما وُجد في الأرض حيوان، ولا نبات.
٢ - أي في الأثر، وقد ذكره في "كشف الخفاء" بلفظ «لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك» قال الصَّغاني: موضوع، وكذلك قال الشوكاني. قال العجلوني بعد ذكره الأثر: وأقول: لكن معناه صحيح وإن لم يكن حديثا..
إن قلتَ : الخلق هو التقدير، ومنه قوله تعالى :﴿ وإذ خلق من الطين ﴾ [ المائدة : ١١٠ ] فكيف جمع بينهما ؟
قلتُ : الخلق من الله هو الإيجاد، فصحّ الجمع بينه وبين التقدير، ولو سُلِّم أنه التقدير، فساغ الجمع بينهما لاختلافهما لفظا، كما في قوله تعالى :﴿ أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة ﴾ [ البقرة : ١٥٧ ].
قاله هنا بالضمير " من دونه " وقاله في مريم( ١ )، ويس( ٢ ) بلفظ " الله " موافقة لما قبله في المواضيع الثلاثة.
قوله تعالى :﴿ ولا يملكون لأنفسهم ضرّا ولا نفعا... ﴾ [ الفرقان : ٣ ]. قدّم الضرّ على النفع لمناسبة ما بعده، من تقديم الموت على الحياة.
٢ - في يس: ﴿واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون﴾ آية (٧٤)..
إن قلتَ : كيف قال في وصف الجنة ذلك، مع أنها لم تكن حينئذ جزاء ومصيرا ؟
قلتُ : إنما قال ذلك، لأن ما وعد الله به، فهو في تحقّقه كأنه قد كان، أو أنه كان في اللوح المحفوظ، أن الجنة جزاؤهم ومصيرهم.
إن قلتَ : لم أخّر ﴿ هواه ﴾ مع أنه المفعول الأول ؟
قلتُ : للعناية بتقديم الأول( ١ )، كقوله : علمتُ فاضلا زيدا.
وقدّم في الآية إحياء الأرض، وسقي الأنعام، على سقي الأناسي( ١ )، لأن حياة الأناسي بحياة أرضهم وأنعامهم، فقدّم ما هو سبب حياتهم ومعاشهم، ولأن سقي الأرض بماء المطر، سابق في الوجود على سقي الأناسي.
وأما الاستثناء في قوله تعالى :﴿ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى ﴾ [ الشورى : ٢٣ ] فمنسوخ بقوله تعالى :﴿ قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن إجري إلا على الله ﴾ [ سبأ : ٤٧ ] على ما روى ابن عباس رضي الله عنهما.
أو هو استثناء منقطع، كما عليه المحقّقون، تقديره : لكني أذكّركم المودة في القربى.
أو المراد بالتحية إكرام الله لهم بالهدايا والتّحف، وبالسلام سلامه عليهم بالقول، ولو سُلِّم أنهما بمعنى، فساغ الجمع بينهما، لاختلافهما لفظا كما مرّ نظيره.