ﰡ
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن الصادق وصف للواعد، لا لما يوعد ؟
قلتُ : وُصف به ما يوعد مبالغة، أو هو بمعنى مصدوق، كعيشة راضية( ١ )، وماء دافق.
ختم الآية هنا بقوله :﴿ وعيون آخذين ﴾ وفي الطور بقوله :﴿ ونعيم فاكهين ﴾ لأن ما هنا متّصل بما به يصل الإنسان إلى الجنات، وهو قوله :﴿ إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾ [ الذاريات : ١٦ ] الآيات، وما في الطور متّصل بما يناله الإنسان فيها، وهو قوله :﴿ ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم كلوا واشربو ﴾ [ الطورك ١٨، ١٩ ] الآية.
ختم الآية هنا بقوله :﴿ وعيون آخذين ﴾ وفي الطور بقوله :﴿ ونعيم فاكهين ﴾ لأن ما هنا متّصل بما به يصل الإنسان إلى الجنات، وهو قوله :﴿ إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾ [ الذاريات : ١٦ ] الآيات، وما في الطور متّصل بما يناله الإنسان فيها، وهو قوله :﴿ ووقاهم ربّهم عذاب الجحيم كلوا واشربو ﴾ [ الطورك ١٨، ١٩ ] الآية.
فإن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن العرش، والكرسي، واللوح، والقلم، لم يُخلق من كل منها إلا واحد ؟
قلتُ : معناه ومن كل حيوان، خلقنا ذكرا وأنثى، ومن كل شيء يشاهدونه خلقنا صنفين، كالليل والنهار، والنور والظلمة، والصيف والشتاء، والخير والشر، والحياة والموت، والشمس والقمر.
قاله هنا وبعدُ، وليس بتكرار، لأن الأول متعلق بترك الطاعة إلى المعصية، والثاني بالشرك بالله.
لا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين، لأن الغاية لا يلزم وجودُها، كما في قولك : بريت القلم لأكتب به، فإنك قد لا تكتب به، أو لأن ذلك عام أُريد به الخصوص، بدليل قوله تعالى :﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ﴾ [ الأعراف : ١٧٩ ] ومن خُلِق لجهنم لا يكون مخلوقا للعبادة( ١ ).
إن قلتَ : ما فائدة تكرار لفظ ﴿ ما أُريد ﴾ ؟
قلتُ : فائدته إفادة حكم زائد على ما قبله، إذ المعنى ما أريد منهم أن يطعموا أنفسهم، وما أريد منهم أن يطعموا عبيدي، وإنما أضاف تعالى الإطعام إلى نفسه، لأن الخلق عيالُه وعبيده، ومن أطعم عيال غيره فكأنه أطعمه، ويؤيده خبر ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني )( ١ )، أي استطعمك عبدي فلم تطعمه.
* يا ابن آدم: مرضت فلم تَعُدني ؟ فيقول العبد: يا ربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين ؟ يقول: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده ! ؟
* يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني ؟ فيقول العبد: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ فيقول: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ! ؟
- يا ابن آدم: استقيتك فلم تسقني ؟ فيقول: يا ربّ كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين ؟ فيقول: استسقاك عبدي فلان فلم تسقيه ! أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي ! ؟» رواه مسلم..