تفسير سورة الرحمن

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

سورة الرّحمن
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» : إخبار عن عزّه وعظمته.
«الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» : إخبار عن فضله ورحمته.
فبشهود عظمته يكمل سرور الأرواح، وبوجود رحمته يحصل نعيم الأشباح. ولولا عظمته لما عبد الرحمن عابد ولولا رحمته لما أحبّ الرحمن واحد.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)
أي الرحمن الذي عرفه الموحّدون وجحده الكافرون هو الذي علّم القرآن. ويقال:
الرحمن الذي رحمهم، وعن الشّرك عصمهم، وبالإيمان أكرمهم، وكلمة التقوى ألزمهم- هو الذي عرّفهم بالقرآن وعلّمهم.
ويقال: انفرد الحقّ بتعليم القرآن لعباده.
ويقال: أجرى الله تعالى سنّته أنه إذا أعطى نبينا ﷺ شيئا «١» أشرك أمّته فيه «٢» على ما يليق بصفاتهم فلمّا قال له - ﷺ -: «وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ»
«٣».
قال لأمته: «الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ».
ويقال: علّم الله آدم الأسماء كلّها ثم أمره بعرضها على الملائكة وذكر آدم ذلك لهم- قال تعالى: «أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ» يا آدم، وعلّم (نبيّنا صلى الله عليه وسلم) «٤»
(١) (شيئا) غير موجودة في م. وموجودة في ص- والسياق يقوى بها.
(٢) هكذا في ص وهي في م (فيه أمته).
(٣) «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ» آية ١١٣ سورة النساء. [.....]
(٤) ما بين القوسين إضافة من جانبنا ليتضح السياق.
المسلمين «١» القرآن فقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، والمصلّى مناج ربّه» قال لآدم: أذكر ما علّمتك للملائكة. وقال لنا: ناجنى يا عبدى بما علّمتك «٢». وقد يلاطف مع أولاد الخدم بما لا يلاطف به آباؤهم.
ويقال: لمّا علّم آدم أسماء المخلوقات قال له: أخبر الملائكة بذلك، وعلّمنا كلامه وأسماءه فقال: اقرؤوا علىّ وخاطبوا به معى.
ويقال: علّم الأرواح القرآن- قبل تركيبها في الأجساد بلا واسطة «٣»، والصبيان إنما يعلّمون القرآن- فى حال صغرهم- قبل أن عرفت أرواحنا أحدا، أو سمعنا من أحد شيئا.. علّمنا أسماءه:
أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبى فارغا فتمكّنا
ويقال: سقيا لأيام مضت- وهو يعلّمنا القرآن.
ويقال: برحمته علّمهم القرآن فبرحمته وصلوا إلى القرآن- لا بقراءة القرآن يصلون إلى رحمته.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣ الى ٤]
خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)
«الْإِنْسانَ» : هاهنا جنس الناس علّمهم البيان حتى صاروا مميّزين «٤» - فانفصلوا بالبيان عن جميع الحيوان. وعلّم كلّ قوم لسانهم الذي يتكلمون ويتخاطبون به.
والبيان ما به تبين المعاني- وشرحه في مسائل الأصول.
ويقال: لمّا قال أهل مكة إنما يعلّمه بشر ردّ الله- سبحانه- عليهم وقال: بل علّمه الله فالإنسان على هذا القول هو محمد صلى الله عليه وسلّم. وقيل هو آدم عليه السلام.
ويقال: البيان الذي خصّ به الإنسان (عموما) يعرف به كيفية مخاطبة الأغيار من الأمثال والأشكال. وأمّا أهل الإيمان والمعرفة فبيانهم هو علمهم كيفية مخاطبة مولاهم- وبيان
(١) هكذا في م وهي في ص (المسلمون) وهي خطأ في النسخ.
(٢) أنظر كتابنا (البسملة بين أهل العبارة وأهل الإشارة) ورأينا في معنى (الرحمن).
(٣) إشارة إلى يوم الذرّ.
(٤) بتشديد الياء وفتحها على معنى أن البيان علامة تميزهم عن سائر الحيوان، وبكسرها على معنى أن البيان.
وسيلة انفرد بها الإنسان التعبير عمّا تكنه نفسه للتمييز بين الأشياء.
العبيد مع الحقّ مختلف: فقوم يخاطبونه بلسانهم، وقوم بأنفاسهم، وقوم بدموعهم:
دموع الفتى عمّا يحسّ تترجم وأشواقه تبدين ما هو يكتم
وقوم بأنينهم وحنينهم:
قل لى بألسنة التنفّس كيف أنت وكيف حالك؟
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥]
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥)
يعنى يجرى أمرهما على حدّ معلوم من الحساب في زيادة الليل والنهار، وزيادة القمر ونقصانه، وتعرف بجريانهما الشهور والأيام والسنون والأعوام. وكذلك لهما حساب إذا انتهى ذلك الأجل.. فالشمس تكوّر والقمر ينكدر.
وكذلك لشمس «١» المعارف وأقمار العلوم- فى طلوعها في أوج «٢» القلوب والأسرار- فى حكمة الله حساب معلوم، يجريها على ما سبق به الحكم.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦]
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)
ويقال: النجم من الأشجار: ما ليس له ساق «٣»، والشجر: ماله ساق.
ويقال: النجوم الطالعة والأشجار الثابتة «يَسْجُدانِ» سجود دلالة على إثبات الصانع بنعت استحقاقه للجلال.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧]
وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧)
سمك السماء وأعلاها، وعلى وصف الإتقان والإحكام بناها، والنجوم فيها أجراها، وبثّ فيها كواكبها، وحفظ عن الاختلال مناكبها، وأثبت على ما شاء مشارقها ومغاربها..
وخلق الميزان بين الناس ليعتبروا الإنصاف في المعاملات بينهم.
ويقال: الميزان العدل.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٨]
أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨)
(١) هكذا بالمفرد في م وهي في ص بالجمع (شموس) ونرجح أنها بالمفرد حسبما نعرف من أسلوب القشيري فشمس الحقائق واحدة إذا طلعت غطّى نورها أقمار العلوم.
(٢) هكذا في ص وهي أصوب مما جاء في م (روح) فلا معنى لهاهنا.
(٣) لأنه ينجم عن الأرض بلا ساق مثل البقول (النسفي ح ٤ ص ٢٠٧).
احفظوا العدل في جميع الأمور فى حقوق الآدميين وفي حقوق الله، فيعتبر العدل، وترك الحيف ومجاوزة الحدّ في كل شىء ففى الأعمال يعتبر الإخلاص، وفي الأحوال الصدق، وفي الأنفاس الحقائق ومساواة الظاهر والباطن وترك المداهنة والخداع والمكر ودقائق الشّرك وخفايا النفاق وغوامض الجنايات.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٩]
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩)
(وأقيموا الوزن بالمكيال الذي تحبون أن تكالوا به، وعلى الوصف الذي ترجون أن تنالوا به مطعمكم ومشربكم دون تطفيف) «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٠ الى ١٢]
وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢)
خلق الأرض وجعلها مهادا ومثوى للأنام.
ويقال: وضعها على الماء وبسط أقطارها، وأنبت أشجارها وأزهارها، وأجرى أنهارها وأغطش ليلها وأوضح نهارها.
«فِيها فاكِهَةٌ... » يعنى ألوان الفاكهة المختلفة في ألوانها وطعومها وروائحها ونفعها وضررها، وحرارتها وبرودتها.. وغير ذلك من اختلاف في حبّها وشجرها، وورقها ونورها.
«وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ» وأكمام النخل ليفها وما يغطّيها من السّعف.
«وَالْحَبُّ» : حبّ الحنطة والشعير والعدس وغير ذلك من الحبوب.
«ذُو الْعَصْفِ» : والعصف ورق الزرع «٢»
(١) ما بين القوسين مضطرب في النص حاولنا تنظيمه ليعطى معنى.
(٢) قال الضحاك: العصف التين، وقال بعضهم العصف هو المأكول من الحب، والريحان النضيج الذي لم يؤكل. وقال أبو مالك: العصف أول ما ينبت تسميه النبط هبورا. وقال بعضهم: العصف ورق الحنطة.
(البخاري ح ٣ ص ١٣١). وسميت الرياح عواصف لأنها تأتى بالعصف وهو ورق الزرع وحطامه.
«وَالرَّيْحانُ» الذي يشمّ.. ويقال: الرزق لأن العرب تقول: «خرجنا نطلب ريحان الله» ذكّرهم عظم منّته عليهم مما خلق من هذه الأشياء التي ينتفعون بها من مأكولات ومشمومات وغير ذلك.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ١٣]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)
فبأى آلاء ربكما تجحدان؟ والآلاء النّعماء.
والتثنية في الخطاب للمكلّفين من الجنّ والإنس.
ويقال: هى على عادة العرب في قولهم: خليليّ، وقفا، وأرخلاها باغلام، وأزجراها باغلام.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ١٤]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤)
«الْإِنْسانَ» : يعنى آدم، والصلصال الطين اليابس الذي إذا حرّك صوّت كالفخار.
ويقال: طين مخلوط بالرمل.
ويقال: منتّن من قولهم صلّ وأصلّ إذا تغيّر.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ١٥]
وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥)
المارج: هو اللهب المختلط بواد النار
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ١٦]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦)
يذكّر الخلق من الجن والإنس كما سبق- وكرّر الله سبحانه هذه الآية في غير موضع على جهة التقرير بالنعمة على التفصيل، أي نعمة بعد نعمة.
ووجه النعمة في خلق آدم من طين أنه رقاه إلى رتبته بعد أن خلقه من طين.
ويقال ذكّر آدم نسبته وذكّرنا نسبتنا لئلا نعجب بأحوالنا.
ويقال عرّفه قدره لئلا يتعدّى «١» طوره.
(١) هكذا في ص وهي في م (لا يعدو).
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٧ الى ١٨]
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨)
«الْمَشْرِقَيْنِ» : مشرق الصيف ومشرق الشتاء وكذلك مغربيهما.
ووجه النعمة في ذلك جريانهما على ترتيب واحد حتى يكمل انتفاع الخلق بهما.
ويقال: مشرق القلب ومغربه، وشوارق القلب وغواربه إنما هي الأنوار والبصائر التي جرى ذكر بعضها فيما مضى.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٩ الى ٢٠]
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠)
«بَرْزَخٌ» أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر، أراد به البحر العذب والبحر الملح. ويقال: لا يبغيان على الناس ولا يغرقانهم.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٢]
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢)
اللؤلؤ: كبار الدرّ، والمرجان: صغار الدّرّ. ويقال: المرجان النّسل.
وفي الإشارة: خلق في القلوب بحرين: بحر الخوف وبحر الرجاء. ويقال القبض والبسط وقيل الهيبة «١» والأنس. يخرج منها اللؤلؤ والجواهر وهي الأحوال الصافية واللطائف المتوالية.
ويقال: البحران. إشارة إلى النفس والقلب، فالقلب هو البحر العذب والنفس هي البحر الملح. فمن بحر القلب كلّ جوهر ثمين، وكلّ حالة لطيفة.. ومن النفس كل خلق ذميم «٢». والدرّ من أحد البحرين يخرج، ومن الثاني لا يكون إلا التمساح مما لا قدر له من سواكن القلب. «بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ» : يصون الحقّ هذا عن هذا، فلا يبغى هذا على هذا.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٤]
وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤)
«الجوارى» : واحدها جارية، وهي السفينة.
(١) هكذا في م وهي الصواب أمّا في ص فهى (الهيبط) وهي خطأ في النسخ.
(٢) النفس عند الصوفية محلّ المملولات والقلب محل المحمودات.
«كَالْأَعْلامِ» : الجبال (له هذه السفن التي أنشئت وخلقت في البحر كأنها الجبال العالية) «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧)
كل من على وجه الأرض في حكم الفناء من حيث الجواز. ومن حيث الخبر: ستفنى الدنيا ومن عليها ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. و «الوجه» : صفة لله- سبحانه- لم يدلّ عليه العقل قطعا ودلّ عليه جوازا، وورد الخبر بكونه قطعا.
ويقال: فى بقاء الوجه بقاء الذات، لأن الصفة لا تقوم بنفسها، ولا محالة شرطها قيامها بنفسه وذاته. وفائدة تخصيص الوجه «٢» بالذكر أن ما عداه يعرف بالعقل، والوجه لا يعلم بالعقل، وإنما يعرف بالنقل والأخبار. و «يَبْقى» : وفي بقائه. سبحانه خلف عن كلّ تلف «٣»، وتسلية للمسلمين عمّا يصيبهم من المصائب، ويفوتهم من المواهب.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٩]
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)
أهل السماوات يسألون أبدا المغفرة، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة، أي لا بدّ لأحد منه (سبحانه).
وفي السماوات والأرض من لا يسأله: وهم من قيل فيهم: من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين «٤».
ويقال: ليس كلّ من في السماوات والأرض يسألونه ممّا في السماوات والأرض ولكن:
بين المحبين سرّ ليس يغشيه قول ولا قلم للخلق يحكيه
(١) ما بين القوسين مستدرك في هامش الورقة بالنسخة ص. [.....]
(٢) سقطت لفظة (الوجه) من النسخة م.
(٣) هكذا في م وهي في ص (تالف) وهي صحيحة ولكن السياق والموسيقى الداخلية تتأكد ب (تلف).
(٤) «من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين» رواه البخاري في التاريخ، والبزار فى المسند، والبيهقي في الشعب من حديث عمر بن الخطاب.
«كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» من إحياء وإماتة، وقبض قوم وبسط قوم.. وغير ذلك من فنون أقسام المخلوقات، وما يجريه عليها من اختلاف الصفات.
وفي الآية ردّ على اليهود حيث قالوا: إنّ الله يستريح يوم السبت لا يفعل شيئا، فأخبر أنه كل يوم هو في شأن، ولو أخلى العالم لحظة من حفظه لتلاشى وبطل.
(ومن شأنه أن يغفر ذنبا، ويستر عيبا، ويذهب كربا) «١»، ويطيّب قلبا، ويقصى عبدا ويدنى عبدا... إلى غير ذلك من فنون الأفعال. وله مع عباده كلّ ساعة برّ جديد، وسرّ «٢» بينه وبين عبده- عن الرقباء- بعيد.
ويقال: كل يوم هو في شأن سوق المقادير إلى أوقاتها.
ويقال: كل يوم هو في شأن إظهار مستور وستر ظاهر، وإحضار غائب وتغييب حاضر.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣١]
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١)
«٣» أي للحساب يوم القيامة- وليس به اشتغال... تعالى الله عن ذلك.
ومعنى الآية: سنقصد لحسابكم.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣٣]
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣)
أقطار السماوات والأرض نواحيها. أي إن قدرتم أن تخرجوا من ملكه فاخرجوا.
(١) هذا الرأى أيضا لأبى الدرداء (البخاري ح ٣ ص ١٣١).
(٢) هكذا في م، أما في ص فهى (يسر) وقد رجحنا الأولى لأن (السر) يكون بعيدا عن الرقباء.
(٣) (الثقلان) الإنس والجن سميّا بذلك لأنهما ثقلا الأرض.
ثم قال: «لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ». أي لا تصلون إلى موضع إلا وهناك سلطانى وملكى ولا تنفذون في قطر إلا وهناك عليكم حجة «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣٥]
يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥)
أي فلا تنتقمان. والشواظ: اللهب من النار لا دخان معه. والنحاس: الصّفر «٢» المذاب قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣٧]
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧)
ينفكّ بعضها عن بعض وتصير في لون الورد الأحمر. ويقال: بها الفرش الموردة كالدهان وهو جمع دهن. أي كدهن الزيت وهو دردى الزيت.
ويقال: كما أن الوردة يتلّون لونها إذ تكون في الربيع إلى الصّفرة، فإذا اشتدت الوردة كانت حمراء، وبعد ذلك إلى الغبرة- فكذلك حال السماء تتلون من وصف إلى وصف فى القيامة.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٣٩]
فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩)
أراد في بعض أحوال «٣» القيامة لا يسألون، ويسألون في البعض... فيوم القيامة طويل.
ويقال: لمّا كانت لهم يومئذ علامات: فللكفار سواد الوجه وزرقة العين، وللمسلمين بياض الوجه وغير ذلك من العلامات- فالملائكة لا يحتاجون إلى سؤالهم: من أنتم؟ لأنهم يعرفون كلّا بسيماهم.
(١) هكذا في م وهي في ص (وجهه). فإذا قبلنا (حجة) فيكون المعنى أنكم أينما توجهتم في بقاع السماوات والأرض فستجدون دائما برهانا على وحدانية الله، وشاهدا على ربوبيته. وإذا قبلنا (وجهه) فهى على معنى: «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ (وَجْهُ) اللَّهِ».
(٢) الصفر- النحاس الأصفر.
(٣) أحوال القيامة هنا بمعنى مواطن القيامة في ذلك اليوم الطويل. وربما كانت (أهوال).
ويقال: لا يسألون سؤالا يكون لهم ويسألون «١» سؤالا يكون عليهم «٢».
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٤١]
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١)
المؤمنون غرّ محجّلون، والكفّار سود الوجوه زرق العيون، فيعرف الملائكة هؤلاء فيأخذون بنواصيهم، ويجرّونهم مرة بها ومرة بأقدامهم ثم يلقونهم في النار، ويطرحونهم فى جهنم:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)
يقال لهم: هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون! «حَمِيمٍ» : ماء حارّ. «آنٍ» تناهى في النضج قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٤٦]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦)
يقال: لمن خاف قرب ربّه منه واطلاعه عليه.
ويقال: لمن خاف وقوفه غدا بين يدى الله- جنتان، ولفظة التثنية هنا على العادة في قولهم:
خليليّ ونحوه.
وقيل: بل جنتان على الحقيقة، معجّلة في الدنيا من حلاوة الطاعة وروح «٣» الوقت، ومؤجّلة في الآخرة وهي جنة الثواب. ثم هم مختلفون في جنات الدنيا على مقادير أحوالهم كما يختلفون في الآخرة على حسب درجاتهم.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]
ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
دلّ على أن الجنتين في الآخرة. والأفنان الأغصان. وهي جمع فنن.
(١) سقطت (ويسألون) هذه من م وموجودة في ص وهي ضرورية.
(٢) هذه المحاولات التي بذلها القشيري مقصود منها- حسبما نظن- التوفيق بين هذه الآية وبين آيات أخرى مثل: «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» ومثل «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ».
ومن قبيل هذه المحاولات قول قتادة: ختم الله على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.
(٣) هكذا في م وهي في ص (بروح).
ويقال: ذواتا ألوان من كلّ صنف ولون تشتهيه النّفس والعين- وتكون جمع فن.
«فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ» إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل.
ويقال: عينان تجريان غدا لمن كان له- اليوم- عينان تجريان بالدموع.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥٢]
فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢)
زوجان أي صنفان وضربان كالرطب واليابس، والعنب والزبيب.
ويقال: إنها في نهاية الحسن والجودة.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥٤]
مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤)
بطائنها من إستبرق فكيف بظهائرها؟. «والبطائن» : مايلى الأرض. «والاستبرق» :
الديباج الغليظ. وإنما خاطبهم على قدر فهمهم إذ يقال إنه ليس في الجنة شىء مما يشبه ما في الدنيا، وإنما الخطاب مع الناس على قدر أفهامهم «١».
«وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ» : أي ما يجتنى من ثمرها- إذا أرادوه- دنا إلى أفواههم فتناولوه من غير مشقّة تنالهم. وفي الخبر المسند: «من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غرس الله له شجرة في الجنة أصلها الذهب وفرعها الدر وطلعها كثدى الأبكار ألين من الزبد وأحلى من العسل، كلما أخذ منها شيئا عاد كما كان» - وذلك قوله: ودنا الجنتين دان.
ويقال: ينالها القائم والقاعد والنائم.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥٦]
فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦)
أي في الجنان حور قصرن عيونهن عن غير أزواجهن.
وإذا كانت الزوجات قاصرات الطّرف عن غير أزواجهن فأولى بالعبد إذ رجا لقاءه- سبحانه- أن يقصر طرفه ويغضّه عن غير مباح.
(١) هذا رأى على جانب كبير من الأهمية يوضح مدى تصور القشيري لنعيم الجنة وابتعادها عن المحسات.
بل عن الكلّ... إلى أن يلقاه.
ويقال: من الأولياء من لا ينظر إليهن- وإن أبيح له ذلك لتحرّره عن الشهوات، ولعلوّ همته عن المخلوقات «١» - وأنشدوا:
جننّا بليلى وهي جنّت بغيرنا... وأخرى بنا مجنونة لا نريدها
ويقال: هنّ لمن قصرت يده عن الحرام والشبهة، وطرفه عن الرّيب.
«لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» : لم يصحبهن غير الوليّ ولم يحزن غيره، وفي الخبر.
اشتاقت الجنة لثلاثة «٢».
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥٨]
كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)
أي: فى صفاء الياقوت ولون المرجان.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦٠]
هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠)
يقال: الإحسان الأول من الله والثاني من العبد أي: هل جزاء من أحسنّا إليه بالنصرة إلّا أن يحسن لنا بالخدمة؟ وهل جزاء من أحسنّا إليه بالولاء إلا أن يحسن لنا بالوفاء؟.
ويصح أن يكون الإحسان الأول من العبد والثاني من الله أي: هل جزاء من أحسن من حيث الطاعة إلا أن يحسن إليه من حيث القبول والثواب؟.
وهل جزاء من أحسن من حيث الخدمة إلا أن يحسن إليه من حيث النعمة؟
ويصح أن يكون الإحسانان من الحقّ أي: هل جزاء من أحسنّا إليه في الابتداء إلا أن نحسن إليه في الانتهاء؟ وهل جزاء من فاتحناه باللّطف إلا أن نربى له في الفضل والعطف؟.
(١) يضاف هذا الكلام إلى رأى القشيري في موضوع «الرخصة». [.....]
(٢) إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: على وعمار وسلمان.
(الترمذي عن أنس، ورواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبى ربيعة الأيادى. وقد حسّن الترمذي حديثه. قاله الحافظ الهيثمي) وترجح أن الموضع الصحيح للخبر هو بعد النص الشعرى السابق، ونرجح أيضا أن السبب في استشهاد القشيري بهذا الخبر هنا هو إثبات اشتياق الجنة لأهل الخصوص، بينما هؤلاء الزهاد الثلاثة لا أرب لهم في الدارين، لأنهم باقون بربّهم.
م (٣٣) لطائف الإشارات- ج ٣-
ويصحّ أن يكون كلاهما من العبد أي: هل جزاء من آمن بنا إلّا أن يثبت في المستقبل على إيمانه؟ وهل جزاء من عقد معنا عقد الوفاء إلا أن يقوم بما يقتضيه بالتفصيل؟.
ويقال: هل جزاء من بعد عن نفسه إلّا أن نقرّبه منّا؟
وهل جزاء من فنى عن نفسه إلّا أن يبقى بنا؟.
وهل جزاء من رفع لنا خطوة إلّا أن نكافئه بكل خطوة ألف حظوة، وهل جزاء من حفظ لنا طرفه إلا أن نكرمه بلقائنا؟.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦٢ الى ٦٤]
وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤)
هما جنتان غير هاتين اللتين ذكرتا جنتان أخريان. وليس يريد دونهما في الفضل، ولكن يريد «جَنَّتانِ» سواهما «١».
«مُدْهامَّتانِ» أي: خضراوان خضرة تضرب إلى السواد. فالدهمة السواد»
والفعل منه ادهامّ والاسم منه مدهامّ، وللمؤنث مدهامّة، ولتثنية المؤنث مدهامتان.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦٦]
فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦)
والنّضخ فوران العين بالماء.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦٨]
فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)
الأسماء متشابهة... والعيون «٣» فلا.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧٠]
فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠)
(١) قارن ذلك برأى النسفي الذي يقول: هما جنتان من دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين وهما لمن دونهم من أصحاب اليمين وفي موضع آخر من الصفحة ذاتها يقول النسفي: وإنما تقاصرت صفات هاتين الجنتين عن الأوليين لأن مدهامتان دون (ذواتا أفنان) ونضاختان دون (تجريان) وفاكهة (دون كل فاكهة) (النسفي ح ٤ ص ٢١٣).
(٢) هذا رأى الخليل أيضا.
(٣) ربما يقصد القشيري (والأعيان) فهذا هو الاصطلاح المألوف استعماله في علمى الفلسفة والكلام- بل إن القشيري نفسه يستعمله في مثل هذا الموضع. والمقصود أن القرآن يتحدث عن نعيم الجنة حسب أفهام الناس، ولكن الأعيان غير الأسماء.
أي: حور خيّرات الأخلاق حسان الوجوه. واحدها خيّرة والجمع خيّرات وهذا هو الأصل ثم خفّف فصارت خيرات.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧٢]
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢)
محبوسات على أزواجهن. وهنّ لمن هو مقصور الجوارح عن الزّلّات، مقصور القلب عن الغفلات، مقصور السّرّ عن مساكنة الأشكال والأعلال والأشباه والأمثال.
وفي بعض التفاسير: أن الخيمة من درّة مجوفة فرسخ في فرسخ لها ألف باب «١».
ويقال: قصرت أنفسهن وقلوبهن وأبصارهن على أزواجهن. وفي الخبر: أنهن يقلن: نحن الناعمات «٢». فلا نبؤس، الخالدات فلا نبيد، الراضيات فلا نسخط.
وفي خبر عن عائشة رضى الله عنها: أن المؤمنات أجبنهنّ: نحن المصليات وما صلّيتنّ، ونحن الصائمات وما صمتنّ، ونحن المتصدّقات وما تصدّقتنّ، قالت عائشة يغلبهن قوله.
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ «٣» قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧٦]
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦)
قيل: رياض الجنة، وقيل: المجالس، وقيل: الزرابيّ والوسائد- وهي خضر «وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ» : العبقري عند العرب كلّ ثوب موشّى.
قوله جل ذكره:
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧٨]
تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)
مضى تفسيره.
(١) حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد: حدثنا أبو عمران الجونى عن أبى بكر بن عبد الله ابن قيس عن أبيه: أن رسول الله (ص) قال: إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمنون.. البخاري ح ٣ ص ١٣٢. وذكر ابن جرير الطبري أن الخيمة لؤلؤة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب (ح ٢٧ ص ٨٤).
(٢) «نحن الناعمات فلا نبؤس أبدا، نحن الخالدات فلا نموت أبدا... » رواه الترمذي عن على، وقال:
حديث غريب. ورواه البيهقي وأبو نعيم عن أبى أوفى في صفة الجنة، وذكره السراج في اللمع ص ٣٤٥.
(٣) الطمث: الجماع بالتدمية.
Icon