ﰡ
قوله: (وهما مبتدأ وخبر) الخ، أن ﴿ ٱلْحَآقَّةُ ﴾ مبتدأ أول، و ﴿ مَا ﴾ مبتدأ ثان.
﴿ ٱلْحَاقَّةُ ﴾ الثاني، وهو وخبره خبر الأول، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه. قوله: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ الخ ﴿ مَا ﴾ استفهامية وهو للإنكار، أي إنك لا علم لك بكهنها وشدة عظمها. قوله: (زيادة تعظيم) أي أن حكمة تكرار الاستفهام، زيادة تعظيم لها وتهويل لشأنها. قوله: (وما بعدها) أي وهو جملة إدراك. قوله: (في محل المفعول الثاني) المناسب أن يقول: والثالث، لأن أدري بالهمزة يتعدى لثلاثة، لأنه بمعنى أعلم. قوله: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ﴾ استئناف مسوق لبيان بعض أحوال الحاقة وثمود وقوم صالح، وكانت منازلهم بالحجر بين الشام والحجاز. قوله: ﴿ وَعَادٌ ﴾ هم قوم هود، وكانت منازلهم بالأحقاف، وهو رمل بين عمان وحضرموت باليمن. قوله: (لأنها تقرع القلوب) أي تؤثر فيها خوفاً وفزعاً.
قوله: (وهي قرى قوم لوط) وكانت خمسة: صنعه وصعره وعمره ودوماً وسدوم وهي أعظمها. قوله: (ذات الخطأ) أشار بذلك إلى أن الخاطئة صيغة نسب كتامر ولابن. قوله: ﴿ فَعَصَوْاْ ﴾ أي فرعون ومن قبله والمؤتفكات. قوله: ﴿ رَسُولَ رَبِّهِمْ ﴾ المراد بالرسول الجنس، وقوله: (وغيره) المراد بالغير خصوص موسى على قراءة كسر القاف، وموسى ومن قبله من الرسل على قراءة فتحها. قوله: (على غيرها) أي من عذاب الأمم. قوله: (علا فوق كل شيء من الجبال) الخ، أي فزاد على أعلى جبل خمسة عشر ذراعاً. قوله: (زمن الطوفان) المناسب أن يقول زمن نوح. قوله: (يعني آباءكم) جواب عما يقال: إن المخاطبين لم يدركوا حمل السفينة، فكيف يتمن الله عليهم. فأجاب: بأن الكلام على حذف مضاف أي آباءكم، وقوله: (إذا أنتم) الخ، ظاهره أنه تعليل لما أجاب به، وليس كذلك، بل هو جواب آخر وحاصله أن الكلام باق على ظاهره، ويراد ﴿ حَمَلْنَاكُمْ ﴾ حال كونكم في أصلاب آبائكم الذين حملوا، وهم أولاد نوح: سام وحام ويافث. قوله: (أي هذه الفعلة) هذا أحد قولين في مرجع الضمير في نجعلها، وقيل عائد على السفينة، والمعنى لنجعل السفينة تذكرة وعظة لهذه الأمة، فبقيت منها بقية حتى أدركها أوائلهم. قوله: ﴿ وَتَعِيَهَآ ﴾ بكسر العين بإتفاق السبعة، وهو منصوب عطفاً على نجعل، وماضيه وعى، وأصل المضارع يوعى، حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها. قوله: (حافظ لما تسمع) إسناد الحفظ للأذن مجاز، وحقه أن يسند لصاحبها، والمعنى: شأنها أن تحفظ ما ينبغي حفظه من الأقوال والأفعال وتعمل بمقتضاه. قوله: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ﴾ الخ، لما ذكر الله تعالى القيامة وأهوالها إجمالاً بقوله: ﴿ ٱلْحَاقَّةُ ﴾ الخ، اشتاقت النفس لتفصيل ذلك، ففصل الله تعالى بعضه بقوله: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ ﴾ الخ، وإذا شرطية وجوابها قوله:﴿ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ ﴾[الحاقة: ١٥] وقيل: قوله:﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ﴾[الحاقة: ١٨].
قوله: ﴿ نَفْخَةٌ ﴾ نائب الفاعل، و ﴿ وَاحِدَةٌ ﴾ نعت مؤكدة، لأن ﴿ نَفْخَةٌ ﴾ مصدر مختص دال على الوحدة، فيصح إقامته مقام الفاعل والممنوع إقامة المبهم نحو ضرب ضرب، ولم يؤنث الفعل وهو ﴿ نُفِخَ ﴾ لأن التأنيث مجازي لوجود الفصل. قوله: (وهي الثانية) هذا هو الصحيح كما روي عن ابن عباس، لأن الثانية هي التي يعقبها الحساب والجزاء، وقيل هي الأولى.
قوله: (قامت القيامة) أي حصلت ووجدت. قوله: ﴿ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ ﴾ أي انصدعت وتفطرت من هول ذلك اليوم. قوله: (ضعيفة) أي ليس فها تماسك ولا صلابة، فتصير بمنزلة الصوف المنفوش. قوله: ﴿ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ ﴾ أي أطرافها لينتظرو أمر الله لهم لينزلوا، فيحيطوا بالأرض ومن عليه. قوله: ﴿ فَوْقَهُمْ ﴾ حال من العرش، والضمير عائد على الملائكة الواقفين على الأرجاء. قوله: ﴿ ثَمَانِيَةٌ ﴾ (من الملائكة أو من صفوفهم) هذان قولان من جملة أقوال خمسة، ثالثها: ثمانية آلاف، رابعها: ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة، خامسها: ثمانية أجزاء من عشرة أجزاء، ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام قال:" إن حملة العرش اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله تعالى بإربعة أخرى، فكانوا ثمانية على صورة الأوعال، أي تيوس الجبل من أظلافهم إلى ركبهم، كما بين سماء إلى سماء ". قوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ﴾ أي تسألون وتحاسبون، وعبر بذلك تشبيهاً له بعرض السلطان العسكر لينظر في أمرهم، فيختار منهم المصلح للتقريب والإكرام، والمفسد للإبعاد والتعذيب، وروي أن القيامة ثلاث عرضات، عرضتان للاعتذار والتوبيخ، والثالثة فيها تنتشر الكتب، فيأخذ الفائز كتابه بيمينه، ويأخذ الهالك كتابه بشماله. قوله: ﴿ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ حال من الواو في ﴿ تُعْرَضُونَ ﴾ والمعنى: لا يخفى على الله من سرائركم التي كنتم تخفونها في الدنيا، وتظنون أنه لا يطلع عليها، بل يذكركم بجميعها حتى تعلموها علماً ضرورياً، قوله: (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ ﴾ الخ، تفصيل لأحوال الناس عند العرض. قوله: (خطاباً لجماعته) أي أهله وأقربائه ومن حوله، وإنما أحب إظهار ذلك، سروراً وفرحاً لكونه من الناجين قوله: ﴿ هَآؤُمُ ﴾ لها استعمالان: تكون اسم فعل، وتكون بلفظ واحد للمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وتكون فعلاً وتلحقها العلامات، ومعناها على كل من الاستعمالين خذو لغة القرآن أنها اسم فعل، والهمزة بعدها بدل من كاف الخطاب، والميم علامة الجمع. قوله: ﴿ كِتَـٰبيَهْ ﴾ أصله كتابي، دخلت هاء، السكت لتظهر فتحة الياء، وكذا في الباقي. قوله: (تنازع فيه) الخ، أي فأعمل الثاني عند البصريين، والأولى عند الكوفيين، وأضمر في الآخرة وحذف لأنه فضله.