ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - ﴿الْحَاقَّةُ (١)﴾: أجمعوا (٢) على أن المراد بها القيامة.(٢) وهو قول ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، ومقاتل. انظر "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب، و"جامع البيان" ١٤، ٢٩/ ٤٧، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٣٩٧، وممن نقل الإجماع الرازي في "التفسير الكبير" م ١٥ جـ ٣٠/ ١٠٢، والشوكاني في "فتح القدير" عن الواحدي ٥/ ٢٧٨، وإليه ذهب الطبري (المرجع السابق)، والثعلبي في "الكسثف والبيان" جـ١٢، ١٧٤/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٥، وابن عطية في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٦، والزمخشري في "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" ٤/ ١٣٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٨/ ٧٨، والقرطبى في "الجامع لأحكام القرآن" م٩ جـ١٨/ ٣٨٥ نقلاً عن الطبري، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠، والسعدي في "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" ٥/ ٢٩٥. كما ذهب إلى القول إنها القيامة، اليزيدي في "غريب القرآن وتفسيره" ٣٨٦، وابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ٣٨٣، والسجستاني في "نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز" ٢١٠، والراغب في "المفردات في غريب القرآن" ١٢٥، والخزرجي في "نفس الصباح في غريب القرآن وناسخه ومنسوخه" ٢/ ٧٣٠، وأنجو حيان في "تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب" ١٠٧. وقد خالف الإجماع =
ويحتاج فيه إلى شرح، وهو: أن ما ذكره يتضمن قولين في معنى الحاقة:
أحدهما: أنها ذات الحواق من الأمور، وهي الصَّادقة الواجبة الصدق والثواب والعقاب، وجميع أحكام القيامة صادقة واجبة الوقوع
وهذا القول المخالف للجمهور لم يذكره الواحدي، واعتمد قول الجمهور، واعتبره إجماعًا. وهذا منهج سلكه الإمام الواحدي في حكايته الإجماع، فما كان عليه الجمهور من المفسرين وموافقًا للغة هو الإجماع عنده. والله أعلم.
(١) في (أ): اختلف بغير واو.
(٢) في (ع): فقال.
(٣) حواق الأمور، أي: صحاح الأمور. انظر: "نزهة القلوب" ٢١٠.
(٤) في (أ): من.
(٥) في (أ): (هويت)، والصواب ما جاء في (ع) لموافقته لنص الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ٧٩. ومعنى القول -والله أعلم- أنك لما عرفت الحقيقة مني هربت، فالحَقَّة هي حقيقة الأمر. انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٨٣.
(٦) "معاني القرآن" ٣/ ١٧٩ بتصرف، ولعل الواحدي نقله عنه عن "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٧٧ (حقَّ). ونص عبارته كما في المعاني قال: والحاقة القيامة؛ سميت بذلك لأن فيها الثواب والجزاء، والعرب تقول لمّا عرفت الحقة مني هربت، والحاقة، وهما في معنى واحد. وفي "تهذيب اللغة" نقل عن الفراء: الحقو والحاقة بمعنى واحد. ٣/ ٣٧٧ مادة (حقَّ).
القول الثاني: أن الحاقة بمعنى الحق. قال الليث: الحاقة: النازلة التي حقت، فلا كاذبة لها (١).
وهذا الذي ذكره معنى قوله: ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)﴾ [الواقعة: ٢]، وقال غيره: ﴿الْحَاقَّةُ﴾: الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى، وهي القيامة (٢). وقال صاحب النظم: الحاقة تحق على القوم، أي: تقع بهم (٣) (٤).
وقال المبرد: اشتقاقها (٥) من حقَّ الشيء، فهو حاق للواجب (٦) الذي لا شك فيه (٧).
(٢) بمعنى هذا القول ورد عن مقاتل في "تفسيره" ٢٠٦/ أ، قال: يعني الساعة التي فيها حقائق الأعمال، يقول تحق للمؤمنين عملهم، وتحق للكافرين عملهم. وقد ورد ما ذكره الواحدي عن الغير في "التفسير الكبير" للفخر الرازي م ١٥جـ ٣٠/ ١٠٢، وانظر "لباب التأويل في معاني التنزيل" للخازن ٤/ ٣٠٣ من غير عزو، في كلا المرجعين، وعن قتادة أنه قال: حقت لكل قوم أعمالهم، و"تفسير عبد الرزاق" ٣/ ٣١٢، و"بحر العلوم" ٣/ ٣٩٧، و"الدر المنثور" للسيوطي ٨/ ٢٦٤، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، و"المستدرك على الصحيحين" للحاكم ٢/ ٥٠٠، كتاب التفسير، تفسير سورة الحاقة.
(٣) بياض في (ع)
(٤) وقد ورد معنى قول صاحب النظم في "التفسير الكبير" م ١٥، جـ ٣٠/ ١٠٢ من غير عزو. وانظر: "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٣ من غير عزو.
(٥) في (ع): اشتقاقًا.
(٦) بياض في (ع).
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
ولا أدري ما معنى هذا القول، ولا أيش (٣) أراد بقوله: يحق كل إنسان يعمله (٤).
قال الأزهري: والذي عندي في الحاقة: أنها سميت (٥) بذلك؛ لأنها تحق (٦) كل مُحاق في دين الله بالباطل (٧)، أي كل مخاصم، فتحُقُّه، أي: تغلبه. من قولك: حَاققته أُحَاقهُ حِقاقاً فحققته أحُقُّه، أي: غلبته، وفَلَجْتُ (٨) عليه (٩).
قال أبو إسحاق: ﴿الْحَاقَّةُ (١)﴾ مرفوع بالابتداء، و (ما) في قوله:
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣، وعبارته "وسميت الحاقة، لأنها تحق كل شيء يعمله إنسان من خير أو شر"
(٣) أيش كلمة منحوتة من أي شيء، وهي بمعناها للاستفهام. "معجم متن اللغة" أحمد رضا ١/ ٢٢٢.
(٤) قوله كل إنسان يعمله بياض في (ع).
(٥) بياض في (ع).
(٦) في (أ): حق.
(٧) قوله بالباطل أي كل مخاصم، بياض في (ع).
(٨) فَلَجَ عليه: ظفر بما طلب، وفلج بحجته أثبتها، وأفلج الله حجته، بالألف: أظهرها. انظر "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" لأحمد بن محمد الفيومي ٢/ ٥٧٨.
(٩) ورد هذا القول في "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٧٧ مادة (حق)، وليس هو من قول الأزهري، بل نسبه إلى الغير. قال: وقال غيرهما -يعني الزجاج والفراء-: سميت القيامة حاقة؛ لأنها تحق كل مُحاق في دين الله بالباطل... إلخ. وانظر: "التفسير الكبير" م ١٥ جـ ٣٠/ ١٠٢.
والمعنى تفخيم شأنها، واللفظ لفظ الاستفهام، كما تقول: زيد مَا هُوَ؟ على تأويل التعظيم لشأنه في مدح كان أو (في) (٢) ذم (٣).
وقال صاحب النظم: قوله: ﴿مَا الْحَاقَّةُ (٢)﴾ هو تفخيم وتهويل لها، (و) (٤) مثله قوله: ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢)﴾ [القارعة: ١، ٢]. قال امرؤ (٥) القيس:
دَعْ (٦) عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حُجُراتِه | ولكِنْ حدِيث ما حديثُ الرَّواحِل (٧) |
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣.
(٤) ما بين القوسين ساقط من ع.
(٥) في (أ): امرئ.
(٦) في (ع): درع.
(٧) قوله حديث.. إلى آخر البيت بياض في (ع). والبيت ورد في "ديوانه" ١٤٦ برواية "حَجَراته ولكن حديثًا ما حديث"، ومعنى النهب الغنيمة، الحجرات النواحي، يقول لخالد جاره: دع عنك نهبًا أغير عليه، وصِيح في نواحيه، وحدثنا حديثًا عن الرواحل كيف ذهب بها. وقد قال هذه القصيدة يوم أخذ بنو جذيلة إبله ورواحله، يهجو خالدًا السدوسي. "ديوان امرى القيس" المرجع السابق.
(٨) ساقطة من (أ).
وقال أهل المعاني: إنما قيل له: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾ مع أنه يعلمها؛ لأنه إنما يعلمها بالصفة، فقيل تفخيماً لشأنها: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾، أي: كأنك (٢) لست تعلمها (٣) إذا (٤) لم تعاينها، ولم تر ما فيها من أهوالها (٥).
قال مقاتل: ثم أخبر عنها فقال:
٤ - ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾ أي أنها: القارعة التي كذبت بها ثمود وعاد (٦). ونحو هذا قال صاحبُ النظم، فقال: ثم وصف عز وجل ﴿الْحَاقَّةُ﴾ مَا هي، فقال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾، وهذا وهم؛ لأن قوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ إخبار عن تكذيبهم بالساعة، وليس وصفاً للحاقة، ولا خبراً عنها (٧).
قال المبرد: قال الله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣)﴾، ثم لم يقع لها تفسير، وقد يقع البيان في التنزيل عما يستفهم (٨) عنه للتعظيم، وقد لا يقع، فما وقع عنه البيان: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ﴾ [القارعة: ٣ - ٤] قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)﴾ [القارعة: ١٠ -
(٢) في (أ): كانت.
(٣) في (ع): بعلمها.
(٤) في (ع): إذ.
(٥) انظر قول أهل المعاني في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٥، و"زاد المسير" ٨/ ٧٨ - ٧٩.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٨) في (أ): يستقيم.
ومعنى "القارعة": التي تقرع قلوب العباد بالمخافة إلى أن يصير المؤمنون إلى الأمن بالجنة.
قال أهل التأويل: وإنما حسن أن توضع "القارعة" موضع "الحاقة" لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها "الحاقة" (٤).
و"القارعة" يراد بها: القيامة في هذه الآية عند (قول جميع) (٥) المفسرين (٦)، وذكر في بعض التفسير (٧): أنها العذاب الذي نزل بهم،
(٢) بياض في (ع).
(٣) نحو ما جاء في سورة المدثر ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧)﴾، والمرسلات: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)﴾، والانفطار: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)﴾. وغير ذلك مما ماثله من الآيات.
(٤) لم أعثر على من قال بذلك، وقد ورد معنى هذا القول عند الفخر من غير عزو. انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٣٠.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) قال بذلك ابن عباس، والضحاك، وابن زيد، وقتادة، ومقاتل. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٤٨، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"زاد المسير" ٨/ ٧٩. وقالا به أيضًا، ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٣٥٦، والقرطبي ١٨/ ٢٥٧، وعزاه الخازن إلى ابن عباس "لباب التنزيل" ٤/ ٣٠٣، وابن كثير ٤/ ٤٤٠، وعزاه صاحب "الدر المنثور" إلى ابن عباس ٨/ ٢٦٤، والسجستاني في "نزهة القلوب" ٣٧١، وابن الملقن في "تفسير غريب القرآن" ٤٨٩، والخزرجي في "نفس الصباح" ٢/ ٧٣٠.
(٧) قال المبرد. انظر: "فتح القدير" ٥/ ٢٧٩، وذكر هذا القول من غير عزو في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٥٨.
قوله: ﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ أكثر أهل التفسير والعربية على أن "الطاغية" هاهنا بمعنى الطغيان. قال الكلبي: الطاغية: طغيانهم (١).
وقال مقاتل: عذبوا بطغيانهم (٢)، وهذا قول ابن عباس (٣) (ومجاهد) (٤) (٥).
وقال أبو عبيدة: بطغيانهم، وكفرهم (٦).
قال أبو إسحاق: وفاعِلُه قد يأتي (٧) بمعنى المصادر نحو: (عَافية، وعَاقبة) (٨) (٩).
وذهب آخرون إلى أن "الطاغية" نعت محذوفٍ على معنى: أهلكوا بالصيحة الطاغية، وهي التي جاوزت مقدار الصياح، وهو قول قتادة (١٠).
والطاغي من كل شيء: ما تجاوز القدر (١١).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب، و"زاد المسير" ٨/ ٧٩.
(٣) "زاد المسير" ٨/ ٧٩.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) قوله في: "جامع البيان" ٢٩/ ٤٨، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"زاد المسير" ٨/ ٧٩.
(٦) "مجاز القرآن" ٢٦٧.
(٧) في (أ): تأتي.
(٨) في (ع): عاقبة وعافية.
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣ بنصه.
(١٠) ورد قوله في "جامع البيان" م١٤، ٢٩/ ٤٩، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٥/ أ، و"المحر. الوجيز" ٥/ ٣٥٦، و"القرطبي" ١٨/ ٢٥٨، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠.
(١١) قال الليث: الطُّغيان، والطُّغوان لغة فيه، والفعل طغوت وطغيت، والاسم الطَّغوى، وكل شيء جاوز القدر فقد طغا كما طغا، الماء على قوم نوح، وكما =
قوله: ﴿عَاتِيَةٍ﴾ قال الكلبي: عَاتية (٣): عتت على خُزَّانها يومئذ فلم يحفظوا كم خرج منها، ولم يخرج قبل ذلك ولا بعده منها شيء إلا بقدر معلوم (٤).
وروي هذا مرفوعاً: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "طغى الماء على خزانها يوم نوح، وعتت الريح على خَزَّانها يَوم عَاد، فلم يكن لهم عليها سبيل" (٥).
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣ - ٢١٤، بنصه.
(٢) في سورة فصلت ١٦، وسورة القمر ١٩. ومما جاء في تفسير "الصرصر" أي باردة، وقيل: شديدة، وقيل: الصرصر الشديدة الصوت، وأكثر التفاسير: الشديدة البرد. وقيل: هي الباردة تحرق كما تحرق النار.
(٣) في (ع): غالبة.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ١٨٦، و"التفسير الكبير" ٣/ ١٠٣. وهذا القول من الكلبي في الأمور التي ليست من قبيل الاجتهاد والفهم، وإنما هي من الأمور الغيبية التي تبنى على الأحاديث "الصحيحة" ولم أجد ما يعضده من صحيح القول، والكلبي معروف بالكذب. والله أعلم.
(٥) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٢٩/ ٥٠ من طريق شهر بن حوشب، عن ابن =
قال ابن حجر في فتح الباري عند بيان معنى هذا القول: "لم يظهر لي فاعل طغت؛ لأن الآية في حق ثمود، وهم قد أهلكوا بالصيحة، ولو كانت عادًا لكان الفاعل الريح، وهي لها الخزان... وأنها عتت على الخزان. وأما الصيحة، فلا خزان لها، فلعله انتقال من عتت إلى طغت، ثم قال: تنبيه لم يُذكر في تفسير الحاقة حديث مرفوع" ٨/ ٦٦٥. يراد بالخزان، يقال: خَزَن الشيءَ يخْزنه خَزنًا، واختزنه: أحْرَزَه، وجعله في خِزانة، واختزنه لنفسه، والخِزانة اسم الموضع الذي يُخْزن فيه الشيء. "لسان العرب" ١٣/ ١٣٩، (خزن).
(١) هو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٤، وعزاه إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير. وورد معنى هذا القول عن قبيصة بن أبي ذؤيب في "الدار" ٨/ ٢٦٥، وعزاه إلى ابن عساكر. وذكر القول غير معزو في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧، و"زاد المسير" ٨/ ٧٩، و"القرطبي" ١٨/ ٢٥٩، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٢١.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
وهو قول ابن زيد، قال: العاتية: القاهرة التي عتت عليهم، فقهرتهم بغير رأفة ولا رحمة (٢).
وذكر صاحب النظم قولاً آخر (٣)، فقال: ليس هذا من العتو الذي هو عصيان، إنما هو بلوغ الشيء وانتهاؤه، ومنه قولهم: "عتى (٤) البيت"، أي: بلغ منتهاه وحق (٥).
وقال عز وجل: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ (٦)، (وكل شيء انتهى (٧) فقد عتا يعتو (٨) عِتِياً وعُتُوّاً) (٩).
وعلى هذا القول معنى "عاتية": بالغة منتهاها في القول والشدة.
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٥٩ من غير نسبة.
(٣) بياض في (ع).
(٤) في (ع): عتا.
(٥) غير مقروء في (ع)، وإلى قوله بلغ منتهاه وحق انتهى كلام صاحب النظم، ولم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) سورة مريم ٨، وقد استشهد الأزهري بهذه الآية في "تهذيب اللغة" ٣/ ١٤٣ (عتو).
(٧) في (ع): انتها.
(٨) في النسختين (أ)، (ع): (يعتو) ا.
(٩) ما بين القوسين من قول الأزهري، وعزاه إلى أبي إسحاق. انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ١٤٣ (عتو)، وقد نقله الواحدي عن الأزهري بنصه، وررد معنى ذلك في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٤.
وقال غيرهما: أرسلها عليهم (٣).
قال أبو إسحاق: أقامها عليهم كما شاء (٤).
وقوله: ﴿حُسُومًا﴾ أكثر المفسرين قالوا: متتابعة، وهو قول: عبد الله (٥)، وعكرمة (٦)، ومجاهد (٧)، (وقتادة) (٨) (٩).
(٢) ورد هذا القول في المراجع السابقة من غير عزو، وعزاها -كما أسلفت- البغوي إلى مقاتل. انظر "معالم التنزيل".
(٣) ورد هذا القول من غير نسبة في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"زاد المسير" ٨/ ٧٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٥٩.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٤ نقله عنه الواحدي بنصه.
(٥) وورد قوله هذا في تفسير القرآن للإمام عبد الرزاق الصنعاني ٢/ ٣١٢، و"جامع البيان" ٢٩/ ٥٠ - ٥١، و"النكت والعيون" ٦/ ٧٧، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٥، وعزاه إلى الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، و"المستدرك" للحاكم ٢/ ٥٠٠، وصححه ووافقه الذهبي.
(٦) وقوله هذا ورد في "جامع البيان" ٢٩/ ٥١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٦، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٧) "تفسير الإمام مجاهد" ٦٧١، و"النكت والعيون" ٦/ ٧٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٥، وعزاه إلى أبي الشيخ في العظمة.
(٨) ساقطة من (أ).
(٩) وقول قتادة ورد في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٠. وممن قال بذلك أيضًا ابن عباس كما في =
وقال الفراء: (والحسوم: التتابع (٤)، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوله عن (٥) آخره، قيل له: حسوم، وإنما أخذوا -والله أعلم- من حُسِمَ الداءُ، إذا كُوي صاحبُه؛ لأنه يكوى بالمكواة، ثم يتابع ذلك عليه) (٦).
وقال عطية: شؤماً (٧).
قال اللَّيث: الحَسْم: الشُّؤْم، ويقال: هذه ليالي الحُسُوم تَحْسِم الخير عن أهلها، كما حُسِمَ عن عَاد (٨).
وذكر [أبو عبيدة] (٩) القولين، فقال: "حسوماً" ولآء متتابعة، وقالوا: مشائيم (١٠).
(١) بياض في (ع). ولم أعثر على مصدر قوله.
(٢) ما بين القوسين ساقط من أ، وورد قوله في "زاد المسير" ٨/ ٧٩.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب.
(٤) وفي (أ): أيضًا التتابع.
(٥) في (أ): إلي.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨٠ بنصه.
(٧) ورد هذا القول في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦.
(٨) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٤ مادة (حسم) بنصه.
(٩) في كلا النسختين: (أبو عبيد)، ولعله تصحيف؛ لأن الصواب (أبو عبيدة) كما أثبته.
(١٠) كتبت في إلنسختين مشاآيم.
وورد قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٧، غير أنه ذكر قولًا واحدًا، وهو=
وقال ابن زيد: حسمتهم (٣) فلم تبق منهم أحدًا (٤).
وعلى هذا: الحسوم: القاطعة بعذاب (٥) الاستئصال، وهو معنى قول النضر بن شميل: حسمتهم (٦)، فقطعتهم (٧) وأهلكتهم (٨).
والحسوم من نعت (٩) قوله: ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾، ونصب على القطع (١٠) والحال (١١).
(١) غير مقروءة في (ع).
(٢) انظر المعنى اللغوي في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٤ (حسم)، و"معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٢/ ٥٧ (حسم)، و"لسان العرب" ١٢/ ١٣٤ (حسم)، و"القاموس المحيط" للفيروزابادي ٤/ ٩٦ (حسم).
(٣) غير مقروء في (ع).
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ٥١، و"النكت والعيون" ٦/ ٧٨، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧ بمعناه، و"زاد المسير" ٨/ ٨٠.
(٥) في (أ): بعد.
(٦) حسمتهم ساقطة من (أ).
(٧) في (أ): قطعتهم.
(٨) ورد قول النضر في "الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٥/ ب.
(٩) التعبير بـ"النعت" من اصطلاح الكوفيين، وربما قال به البصريون، والأكثر عندهم الوصف والصفة. انظر: "نحو القراء الكوفيين" لخديجة أحمد مفتي ٣٤٠.
(١٠) يراد بالقطع الحال، وهذا من مصطلحات الكوفيين. المرجع السابق ٣٤٩.
(١١) قال النحاس "حسومًا" نعت، ومن قال: معناه أتْباع جعله مصدرًا وقال أيضًا أنثت=
وعلى هذا المعنى: الحسوم مصدر مؤكد (٣) دَلَّ على فعله ما تقدّم من قوله: ﴿فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾، ويجوز أن يكون مفعولاً (له) (٤)، أي سخرها عليهم هذه المدة للحسوم، أي لقطعهم واستئصالهم (٥).
﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى﴾ أي في تلك الليالي والأيام.
﴿صَرْعَى﴾: جمع صريع. قال الكلبي (٦)، ومقاتل (٧): يعني موتى يريد أنهم صرعوا بموتهم، فهم مصروعون (٨) صرع الموت.
﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ (٩) تفسير هذا متقدم في قوله: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ (١٠).
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٤ بتصرف يسير.
(٣) يراد به المفعول المطلق.
(٤) له ساقطة من ع. والمفعول له هو المفعول لأجله.
(٥) من قوله "مفعولًا له" إلى قوله "استئصالهم" كتبت بهامش النسخة ع.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله. وقد ورد مثله من غير عزو في "القرطبي" ١٨/ ٢٦١.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب.
(٨) غير مقروءة في (ع).
(٩) بياض في (ع).
(١٠) سورة القمر ٢٠، قال تعالى: ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠)﴾ وجاء في تفسيرها قال الواحدي: على تقدير فتتركهم كأنهم نخل، وذلك أنهم شبهوا أعجاز =
وقال مقاتل: يعني أصول نخل ساقطة، ليس لها رؤوس، بقيت أصولُها وذهب أعلاها (٢).
﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)﴾ قوله: ﴿بَاقِيَةٍ﴾ يجوز أن تكون معنى: البقاء، ويجوز أن تكون بمعنى: نفس باقية، أو فرقة باقية (٣). (والمفسرون على هذا القول) (٤).
قال ابن عباس: يريد: لم أبقِ (٥) منهم أحدًا (٦).
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب، وقد قال قتادة بنحو قوله. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٦.
(٣) بياض في (ع).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ). وقد ذكر الطبري القولين. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٢. وذكر البغوي القول الثاني. انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، وأورد ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٧ القولين، وعزاهما لابن الأنباري. وأورد أبو عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٧ القول الثاني.
(٥) بياض في (ع).
(٦) ورد قوله في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦ من غير عزو.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ أي ومن كان قبله من الأمم الكافرة التي كفرت كما كفر هو (٥).
و"من" لفظه عَام، ومعناه خاص في الكفار دون المؤمنين (٦). وقُرئ: ﴿وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ بكسر (٧) القاف وفتح الباء (٨).
قال سيبويه: (قِبَل) لِما وَلِيَ الشيءَ، تقول: "ذهب قِبَلَ السوق" و"لي قِبَلَك حق" أي فيما يَلِيك، واتَّسَع حتى صَار بمنزلة: "لي عليك" (٩).
ومعنى: ﴿وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ أي من يتبعه، وَيحُفُّ به من جنوده وأتباعه،
(٢) في كلا النسختين (أحد)، والصواب (أحدًا) لأنها مفعول به.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨٠.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٥) بياض في (ع).
(٦) هذا القول حجة لمن قرأ قَبْلَه بفتح القاف وسكون الباء، وهي قراءة ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، وخلف، وأبو جعفر. انظر: "كتاب السبعة في القراءات" لابن مجاهد ٦٤٨، و"القراءات وعلل النحويين فيها" للأزهري ٢/ ٧٠٩، و"الحجة للقراء السبعة" لأبي علي ٦/ ٣١٤، و"إعراب القراءات" لابن خالويه ٢/ ٣٨٥، و"المبسوط في القراءات العشر" للأصبهاني ٣٧٩، و"التبصرة" لمكي ٨٠٦، و"الكشف عن وجوه القراءات" لمكي بن أبي طالب ٢/ ٣٣٣.
(٧) في (أ): انكسر.
(٨) وممن قرأ بذلك أبو عمرو، والكسائي، ويعقوب، وأبان عن عاصم. انظر المراجع السابقة.
(٩) "كتاب سيبويه"، لأبي بشر عَمْرو بن قنبر ٤/ ٢٣٢، نقله عنه أبو علي الفارسي بتصرف يسير. انظر: "الحجة" ٦/ ٣١٤.
قال ابن عباس: يريد جمعه وجنوده (٣).
وقال الكلبي: يعني جنده (٤) (٥).
وقال مقاتل: يعني ومن معه (٦).
وقوله: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ قد تقدم تفسيرها (٧)، وهي -هَاهنا- يجوز أن تكون القُرى التي انقلبت بأهلها، فيكون على حذف المضاف.
(١) من قوله أى ومن كان قبله من الأمم | إلى هنا من "الحجة" ٦/ ٣١٤ بتصرف. |
(٣) في (ع): وجنده. لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب.
(٧) في سورة التوبة ٧٠ في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠)﴾ ومما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾، قال المفسرون: يعني قريات قوم لوط، وهي جمع مؤتفكة، ومعنى الائتفاك في اللغة الانقلاب، وتلك القرى ائتفكت بأهلها، أي انقلبت فصار أعلاها أسفلها، والمؤتفكات معطوفة على مدين، يعني وأصحاب المؤتفكات. ويقال: أفكه فائتفك، أي: قلبه فانقلب.
ويجوز أن تكون المؤتفكات الذين أهلكوا من قوم لوط؛ على معنى: والجماعات والأمم والفرق المؤتفكات (٣).
قال ابن عباس: يريد قوم لوط (٤).
قال الفراء: (هم الذين ائتفكوا بخطئهم) (٥). ونحو هذا قال أبو إسحاق (٦). فجعلوا المؤتفكات القوم الذين أهلكُوا.
وقوله: ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ قال عطاء: يريد الخطايا التي كانوا يفعلونها (٧).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب. وقد ورد عن قتادة بمثل قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٥٣، كما ورد القول من غير نسبة في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٨، و"زاد المسير" ٨/ ٨٠.
(٣) ومعنى لفظ ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ كما جاء عند ابن فارس، قال:
الهمزة والفاء والكاف أصل واحد يدل على قلب الشيء وصَرْفه عن جهته | والمؤتفكات الرياح التي تختلف مَهابُّها. "معجم مقاييس اللغة" ١/ ١١٨، مادة (أفك). |
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٠ بنصه.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥. وعبارته "الذين ائتفكوا بذنوبهم، أي أهلكوا بذنوبهم التي أعظمها الإفك.. ثم قال: وكذلك الذين ائتفكت بهم الأرض، أي خُسِفَ بهم، إنما معناه انقلبت بهم كما يقلب بهم الكذاب الحق إلى الباطل.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله. وقد ورد عند الطبري، والقرطبي بمثل قول مجاهد. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٦٢.
وقال مقاتل: يعني بالكفر (٢).
قال الزجاج: (بالخطأ العظيم) (٣). وهو قول الفراء (٤)، والكسائي (٥). فالخاطئة: مصدر كالخطأ والخطيئة، وهي الكفر والتكذيب. يدل عليه قوله: ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾. قال الكلبي: يعني موسى بن عمران (٦).
وقال مقاتل: يعني لوطًا (٧).
فذهب الكلبي بقوله: ﴿عَصَوْا﴾ إلى فرعون وقومه، وذهب مقاتل إلى المؤتفكات، والوجه أن يقال: المراد بـ"الرسول" كلاهما للخبر عن
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله عند الثعلبي من غير عزو. انظر: "الكشف والبيان" جـ١٢، ١٧٦/ أ.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥ بنصه.
(٤) لم أجد قوله في المعاني، وإنما وجدت معناه في التهذيب، والعبارة عنده قال الفراء يُصْرف عن الإيمان من صُرِف، كما قال: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾ [الأحقاف: ٣٢]، يقول: لتصرفنا وتصدنا. "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٩٥ مادة (أفك)، وانظر: "لسان العرب" ١/ ٣٩١ مادة (أفك).
(٥) ورد معنى قوله في المرجعين السابقين، والعبارة عنه أبو عبيد عن الكسائي تقول العرب يالِلأفيكة، ويا لَلأفيكة، بكسر اللام وفتحها، فمن فتح اللام فهي لامُ الاستغاثة، ومن كسرها فهي تعجب، كأنه قال: يا أيها الرجل، اعجب لهذه الأفيكة، وهي الكِذبة العظيمة.
(٦) ورد قوله في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٦٢.
(٧) ورد القول في "تفسير مقاتل" ٢٠٦/ ب، وفي "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٦ من غير عزو، وعزاه ابن عطية إلى بعضهم في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٨.
قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ قال المفسرون: نامية، عالية، (غالبة) (٣)، شديدة، زائدة على عذاب الأمم، كل هذا من ألفاظهم (٤) (٥).
(٢) سورة الشعراء ١٦. والآية بتمامها، قال تعالى: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦)﴾، وقد نقل الفخر عن الواحدي قوله. انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٠٦. قال ابن عاشور: وضمير ﴿عَصَواْ﴾ يجوز أن يرجع إلى "فرعون" باعتباره رأس قومه، فالضمير عائد إليه وإلى قومه، ويكون المراد بـ ﴿رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ موسى عليه السلام، وتعريفه بالإضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون. ويجوز أن يرجع ضمير ﴿عَصَوْا﴾ إلى ﴿فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾، و ﴿رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ هو الرسول المرسل إلى كل قوم من هؤلاء، فإفراد "رسول" مراد به التوزيع على الجماعات، أي رسول الله لكل جماعة منهم، والقرينة ظاهرة، وهو أجمل نظمًا من أن يقال: فعصوا رسل ربهم، لما في إفراد "رسول" من التفنن في صيغ الكلم من جمع وإفراد؛ تفاديًا من تتابع ثلاثة جموع؛ لأن صيغ الجمع لا تخلو من ثقل لقلة استعمالها. "تفسير التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٢١ - ١٢٢.
(٣) غالبة ساقطة من (أ).
(٤) بياض في (ع).
(٥) قال ابن زيد: شديدة. وقال ابن عباس: أخذة شديدة.
وقال ابن زيد، كما يكون في الخير رابية، كذلك يكون في الشر رابية، قال: ربا عليهم، زاد عليهم. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٣.
وقال الفراء: أخذة زائدة."معاني القرآن" ٣/ ١٨١.
وقال أبو عبيدة: نامية زائدة شديدة من الربا. "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٧.
وقال اليزبدي: نامية زائدة من الربا. "غريب القرآن وتفسيره" ٣٨٧.
وقال ابن قتيبة: عالية مذكورة. "تفسير غريب القرآن" ٤٨٤.
وقال الثعلبي: نامية عالية غالبة. "الكشف والبيان" جـ١٢، ١٧٦/ أ.
وعن السدي قال: مهلكة. "النكت" ٦/ ٧٩.
وقال الزجاج: معنى رأبية: تزيد على الأحْداث (٢).
وقال صاحب النظم: بالغة في الشدة، يقال: ربا الشيء يربُو: إذا زاد وتضاعف.
١١ - قوله: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ﴾ قال الكلبي عن ابن عباس: يعني: زمن نوح طغى الماء على خزانه، وكثر عليهم، فلم يدروا كم خرج، وليس من السماء قطرة قبله ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم (٣).
فذهب -هاهنا- كما ذكر في قوله: ﴿عَاتِيَةٍ﴾.
وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: غضب الماء لغضب (٤) الرب، وطغى على الخزان (٥).
وسائر المفسرين قالوا في: ﴿طَغَى الْمَاءُ﴾ تجاوز حده، وخرج عن
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥ بنصه.
(٣) ورد قوله في "النكت والعيون" ٦/ ٧٩، وأورده الفخر عن الكلبي في "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٠٣.
(٤) في (أ): بغضب.
(٥) "جامع البيان" ٣٠/ ٥٤، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٧، وعزاه إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ. وانظر: "تفسير سعيد بن جبير" تحقيق إبراهيم النجار ٣٥٢. والرواية عند الطبري على النحو الآتي عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)﴾ قال: لم تنزل من السماء قطرة إلا بعلم الخزَّان، إلا حيث طغى الماء، فإنه قد غضب لغضب الله فطغى على الخزان، خرج ما لا يعلمون ما هو.
والرواية عن سعبد بن جبير مرسلة ضعيفة السند لوجود ابن حميد، قال عنه الحافظ ابن حجر: ضعيف "التقريب" ٢/ ١٥٦ - ١٥٩.
وقوله: ﴿حَمَلْنَاكُمْ﴾ أي حملنا آباءكم) (٤) وأنتم في أصلابهم، والذين خوطبوا بهذا (٥) ولد الذين حملوا، وهذا كقوله: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [يس: ٤١] (٦) الآية (٧). وهذا معنى قول مقاتل (٨)، والكلبي (٩).
وقوله: ﴿فِي الْجَارِيَةِ﴾ يعني في السفينة التي تجري في الماء، وهي سفينة نوح عليه السلام، و"الجارية" من أسماء السفينة (١٠)، ومنه قوله: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ﴾
(٢) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"تفسير القرآن" لعبد الرزاق ٢/ ٣١٢، و"جامع البيان" ٢٩/ ٥٤، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٦/ أ، و"القرطبي" ١٨/ ٢٦٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٧، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد مثل قوله من غير نسبة في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٧، و"زاد المسير" ٨/ ٨١.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٥) في (ع): هذا.
(٦) وردت في النسختين ذرياتهم.
(٧) الآية ساقطة من (أ).
(٨) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ.
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله.
وقد ورد عند الطبري بنحو هذا القول من غير عزو؛ مذكور بصيغة التضعيف قيل. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٥٥.
(١٠) وهو قول ابن عباس، وابن زيد أيضًا. "جامع البيان" ٢٩/ ٥٤. قال ابن عاشور و"الجارية" صفة لمحذوف، وهو السفينة، وقد شاع هذا الوصف حتى صار بمنزلة الاسم. "تفسير التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٢٣.
قوله: ﴿لِنَجْعَلَهَا﴾ قال الفراء: النجعل السفينة لكم تذكرة وعظة) (٢)، وليس هذا بالوجه، والوجه ما قال أبو إسحاق: لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح، ونجاة من آمن معه تذكرة لكم (٣)، أي عبرة وموعظة.
ويدل على صحة هذا الوجه قوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾.
قال ابن عباس: تحفظها، وتسمعها أذن حَافظةٌ لما جاء من عند الله (٤). والسفينة لا توصف بهذا.
(ويقال لكل شيء حفظته في نفسك: قدْ وَعَيْتُهُ، ووعيت العِلمَ، وَوَعَيْتُ ما قلت، ويقال لكل ما حفظته في غير نفسك: أوْعَيْتُهُ، يقال: أوعيت المتاعَ في الوعاء (٥).
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٨١ بنصه.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥، نقله عنه الواحدي بتصرف.
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٥ بمعناه. قال: حافظف وانظر: "النكت" ٦/ ٨٠. وقال أيضًا سامعة، وذلك الإعلان.
وعن قتادة بنحوه، قال أذن عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله. المرجع نفسه. وعن الضحاك أيضًا بمعناه، وعن ابن زيد. انظر المرجع نفسه. قال ابن عاشور: والوعي: العلم بالمسموعات، أي ولتعلم خبرها أذن موصوفة بالوعي، أي من شأنها أن تعي. وهذا تعريض بالمشركين إذ لم يتعظوا بخبر الطوفان، والسفينة التي نجا بها المؤمنون، فتلقوه كما يتلقون القصص الفكاهية. "تفسير التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٢٣.
(٥) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥ - ٢١٦ نقله الواحدي عن الزجاج بتصرف. وراجع مادة: (وعى) في "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٥٩ - ٣٦٠، و"معجم مقاييس اللغة" ٦/ ١٢٤، و"لسان العرب" ١٥/ ٣٩٦
وَالشَّرُّ أخْبَثُ مَا أوْعَيْتَ مِنْ زَادِ (٢)
وقال أبو عِمْران الجوني (٣): ﴿أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ أذن عقلت (٤) عن الله (٥).
وقال قتادة: أذن سمعت، وعقلت ما سمعت (٦)، وأوعت (٧).
قال الفراء: لتحفظها كل أذن (٨)، فتكون عظة لمن يأتي بَعْدُ (٩).
وقال أبو إسحاق: (معناه: ليحفظ السَّامعُ ما يَسْمع، ويعمل به) (١٠).
فمعنى واعية: سامعة حافظة قابلة لما يجعل فيها، وذلك بأن تعتبر،
(٢) وصد ره:
الخَيْرُ يَبْقَى وإنْ طالَ الزَّمانُ بِهِ
وقد ورد في "ديوانه" ١٥، دار صادر، كما ورد منسوبًا له في "الصحاح" للجوهري ٦/ ٢٥٢٥، (وعى)، و"لسان العرب" ١٥/ ٣٩٧، و"تاج العروس" للزبيدي ١٠/ ٣٩٣، وورد غير منسوب في "معجم مقاييس اللغة" ٦/ ١٢٤، و"الكامل" للمبرد ١/ ١٤٣، و"معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٧١٣.
(٣) في (أ): الحولاني.
(٤) غير مقروءة في (ع).
(٥) ورد قوله في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٥٨.
(٦) بياض في (ع).
(٧) في (أ): وأودعت. وورد قوله هذا في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣١٣، و"جامع البيان" ٢٩/ ٥٥ بنحوه، و"النكت" ٦/ ٨٠، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٧ بنحوه، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٦٣ - ٣٦٤ بمعناه، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٢٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٨، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.
(٨) بياض في (ع).
(٩) "معاني القرآن" ٣/ ١٨١ بنصه.
(١٠) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥ بنصه.
قال أهل المعاني: ووجه التذكير في هذا أن نجاة قوم نوح من الغرق بالسفينة، وتغريق مَنْ سواهم يقتضي مدبرًا (١) قادرًا على ما شاء (٢). وقراءة العامة: ﴿وَتَعِيَهَا﴾ بكسر العين (٣).
وروي عن ابن كثير: (وتَعْيَها) ساكنة العين (٤)، كأن حرف المضارعة (٥) مع مَا بَعْدَهُ بمنزلة (فَخْذٍ) فأسْكن كما يُسكن (كتِف) ونحوه؛ لأن حروف المضارعة لا تنفصل من الفعل، فأشبه ما هو من نفس الكلمة، وصار كقول من قال: وَهْوَ، وَهْيَ. ومثل ذلك قوله: ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢] في قراءة من سكن القاف (٦)، وقد سبق الكلام في نحو هذا (٧).
(٢) لم أعثر على مصدر لقولهم.
(٣) وهم: نافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو بن العلاء، وابن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الزيات، وأبو الحسن علي بن حمزة الكسائي، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع، ويعقوب الحضرمي، وخلف ابن هشام البزاز. انظر كتاب: "السبعة" لابن مجاهد: ٦٤٨، و"الحجة" ٦/ ٣١٦، و"المبسوط في القراءات العشر" للأصبهاني ٣٧٩، و"تحبير التيسير في قراءة الأئمة العشرة" لابن الجزري ١٩٢.
(٤) وهي رواية القواس عن ابن كثير. انظر: "الحجة" ٦/ ١٣٥، كتاب السبعة ٦٤٨، و"المبسوط" ٣٧٩. وقال ابن الجزري في قراءة: ﴿وَتَعِيَهَا﴾ وجاء عن ابن كثير وعاصم وحمزة في ذلك ما لا يصح. قلت: وهذا رأي لابن الجزري لا يعارض بما أثبت في كتاب "الحجة" من صحة القراءة، والله أعلم. انظر: "تحبير التيسير" ١٩٢، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه ١٦١.
(٥) بياض في (ع).
(٦) انظر: "الحجة": ٦/ ٣١٦ بتصرف، وانظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٠٧.
(٧) ومما جاء في قراءة: ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ بسكون القاف، وكسر الهاء مختلسة، وهي قراءة =
قال الأخفش: الفعل (٥) وقع على النفخة إذ لم يكن قبلها (٦) اسم مرفوع (٧)، قال: ويجوز (نفخة واحدة) على المصدرة حكي ذلك عن بعضهم ثم قال: فإما أن (٨) يكون أضمر، وإما أن يكون أخبر عن الفعل خاصة (٩) هذا كلامه. وبيان هذا أن (نفخة) رفع على ما لم يسم (١٠) فاعله. وقوله: إذ لم يكن قبلها اسم مرفوع يريد أن الفعل لم يقع على شيء يرفعه
(١) ورد منسوبًا إلى عطاء فقط في "زاد المسير" ٨/ ٨٢، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨١. ومنسوبًا إلى ابن عباس من غير ذكر طريق عطاء في "الجامع" للقرطبي ١٨/ ٢٦٤.
(٢) "فتح القدير" ٥/ ٢٨١.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٨٢، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨١.
(٤) هذا القول من مقاتل قد ورد بمثله غير منسوب في "القرطبي" ١٨/ ٢٦٤.
(٥) في (أ): القول.
(٦) في (أ): فيها.
(٧) "معاني القرآن" ٢/ ٧١٣ بنصه.
(٨) غير مقروءة في (ع).
(٩) لم أجد تتمة كلامه في كتابه "المعاني"، ولا في غيره من المصادر التي بين يدي.
(١٠) عبارة: (ما لم يسم فاعله) من اصطلاحات الكوفيين، ويقابلها عند البصريين: (المبني للمجهول). انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤٦.
قوله: ﴿فِي الصُّورِ﴾ على لفظ الخفض (١)، فالتقدير: نفخ نفخة واحدة في الصور، وأما من قال: (نفخة) بالنصب أضمر مفعول (نفخ) ونصب (نفخة) على المصدر، أو اقتصر على الإخبار عن الفعل، كما تقول: (ضرب ضربًا) (٢) هذا معنى كلامه.
وقال أبو إسحاق: النصب جائز على أن قولك: (في الصور) يقوم مقام ما لم يُسمَّ فاعله؛ لأن المعنى: نفخ الصور نفخة، وإنما ذكَّر نفخ، لأن تأنيث نفخة ليس بحقيقي، لأن النفخة والنفخ واحد (٣).
قوله: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ قال مقاتل: رفعت من أماكنها (٤)، ﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾: قال ابن عباس: فُتَّتَا فَتة (٥) واحدة (٦) (٧).
(٢) لم أعثر على مصدر لهذا القول، ولا على قائله.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٦ باختصار.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ. وقد ورد بمثله من غير نسبة في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٦٤، و"فتح القدير" ٥/ ٣٨١ بمعناه.
(٥) قال الليث: الفَتُّ أن تأخذ الشيء بأصبعك فتصيره فُتاتًا، أي دقاقًا. "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢٥٦، (فتت). وقال ابن فارس: الفاء والتاء كلمة تدل على تكسير شيء ورفْتِه. "معجم مقاييس اللغة" ٤/ ٤٣٦، (فت).
(٦) بياض في (ع)..
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله من غير نسبة في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٦٤، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٤.
قال الفراء: ولم يقل: فدككن؛ لأنه جعل الجبال كالواحد (٥)، والأرض كالواحدة، كما قال: ﴿أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا﴾ [الأنبياء: ٣٠]، ولم يقل: كُنَّ (٦).
قوله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥)﴾. قال الكلبي: قامت القيامة (٧).
﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ لنزول من فيها من الملائكة؛ قاله مقاتل (٨).
﴿فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ قال الليث: يقال: وَهَى الثوبُ والقِرْبةُ والْحَبْلُ ونحوه إذا تَفَزَّرَ واسترْخَى (٩).
(٢) الأديم: جمع الأَدَم، وأديم كل شيء: ظاهر جلده، وأدَمة الأرض: وجهها. وقال ابن منظور: الأديم: الجلد ما كان. وقيل: هو المدبوغ. والأدمة: باطن الجلد الذي يلي اللحم، والبشرة ظاهرها. انظر (أدم) في: "تهذيب اللغة" ٤/ ٢١٥، و"معجم مقاييس اللغة" ١/ ٧٢، و"الصحاح" ٥/ ١٨٥٩، و"لسان العرب" ٩/ ١٢.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ. وقد ورد غير منسوب في "زاد المسير" ٨/ ٨٢.
(٤) بياض في (ع).
(٥) في (ع): (كالواحدة).
(٦) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٨١ نقله الواحدي عنه باختصار.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بنحوه غير منسوب في "الجامع" ١٨/ ٣٦٥.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بنحوه غير منسوب في المصدر السابق.
(٩) "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٨٨، مادة: (وهي) بتصرف.
قال أبو إسحاق: (يقال لكل ما ضعف جدًا: قد وَهَى، فهو واهٍ) (٢). قال الفراء: (وَهْيُها: تشقُّقها) (٣).
قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ معنى الأرجاء في اللغة: النواحي، يقال: رَجًا ورَجَوان، والجميع: أرجاء، ويقال ذلك لحرف (٤) البئر، وحرف القبر، وما أشبه ذلك (٥). وأنشد (أبو عبيد (٦) لعَبِيد) بن الأبرص (٧):
رِيشُ الحَمَامِ على أرْجَائِهِ | لِلْقَلْب مِنْ خَوْفِهِ وَجِيبُ (٨) |
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٦ بنصه.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ١٨١ بنصه.
(٤) بياض في (ع).
(٥) انظر المعنى اللغوي للأرجاء في "تهذيب اللغة" ١١/ ١٨٣، مادة: (رجا)، و"معجم مقاييس اللغة" ٢/ ٤٩٥، مادة (رجي)، و"لسان العرب" ١/ ٨٣، مادة: (رجا). ومن قوله: (ويقال ذلك لحرف البئر إلى: ما أشبه ذلك) ورد بنصه عند السجستاني في "نزهة القلوب في تفسير القرآن العزيز" ١٠٦.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) البيت في "ديوانه" ٢٧، طبعة دار صادر. والأرجاء: الواحد رجا: الناحية. الوجيب: الخفقان. "ديوانه" ٢٧.
(٩) في (أ): (حافتها).
(١٠) قال ابن عباس في معنى الآية: والملك على حافات السماء حين تشقق. وعن مجاهد قال: أطرافها. وعن سعيد بن جبير قال: على حافات السماء. وعن الضحاك أنه قال: حافاتها. ومثله قال قتادة، وعن قتادة أيضًا: أقطارها، وعنه =
وقال سعيد بن جبير: على أرجائها ما لم تنشق (٢) منها (٣).
وروي عن ابن عباس: على ما لمْ يَهِ منها (٤). وهذا يدل على أن الملك على أرجاء السماء.
وروى (جُوَيْبِر (٥) عن الضحاك قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت، وتكون الملائكة (٦) على أرجائها حين يأمرهم الرب، فينزلون إلى الأرض، فيحيطون بالأرض ومن عليها. وهذا جامع للقولين (٧).
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) في (أ): تشق.
(٣) "جامع البيان" ٢٩/ ٨٥ بمعناه، قال: "على حافات السماء"، وكذا في "الدر المنثور" ٨/ ٢٦٩. وعزاه إلى عبد بن حميد، وعنه: أرجاء الدنيا. "النكت" ٦/ ٨١، و"زاد المسير" ٨/ ٣٥٠، وانظر: "تفسير" سعيد ٣٥٣.
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٨ من طريق عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. "الدر المنثور" ٨/ ٢٦٩، وعزاه إلى الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) في (أ): يكون الملك.
(٧) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٧، من غير ذكر طريق جويبر.
قوله: ﴿يَوْمئِذٍ﴾. يعني: يوم القيامة. ﴿ثَمَانِيَةٌ﴾ روي عن العباس رضي الله عنه قال: (ثمانية أملاك على صور الأوعَال (٢)) (٣).
وروي أيضًا عنه في حديث مرفوع "أن فوق السماء (٤) السابعة ثمانية أوعال، بين أظلافهن ورُكَبِهِنَّ مثل ما بين سماء إلى سماء، وفوق ظُهُورِهِنَّ
(٢) أوعال: جمع وعل، وهو العنز الوحشي، ويقال له: تيس شاه الجبل، والمراد ملائكة على صورة الأوعال. انظر: "عون المعبود شرح سنن أبي داود" للعظيم آبادي ١٣/ ٨ باب: الجهمية، كتاب: السنة، و"تحفة الأحوذي" للمُباركفوري: ٩/ ١٦٥: ح: ٣٥٤٠، و"أبواب التفسير"، سورة الحاقة.
(٣) "النكت" ٦/ ٨١، وأخرجه عبد بن حميد، وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية"، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن خزيمة، وابن مردويه، والحاكم وصححه، والخطيب في "تالي التلخيص" عن العباس. انظر: "الدر المنثور" ٨/ ٢٦٩. قلت: وعزاه السيوطي إليه، فهو من المرفوع عنه. وانظر: "المستدرك" ٢/ ٥٠٠ في التفسير، باب تفسير سورة الحاقة، وزاد: "بين أظلافهم إلى ركبهم مسيرة ثلاث وستين سنة". قال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. وأخرجه الدارمي في "الرد على الجهمية" ٤٢ ح ٧٢، والآجري في "الشريعة" ٢٦٣، ٢٩٢ من طريقين: عن سماك، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ٣/ ٣٨٩ - ٣٩٠ ح ٦٥٠ - ٦٥١، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ٢/ ١٤٢، وابن عبد البر في "التمهيد" ٧/ ١٤٠، وابن قدامة في "إثبات صفة العلو" ٩٥. وانظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز، ٢٤٦.
(٤) بياض في (ع).
وقال عطاء عن ميسرة (٢):
وأظلافهن: جمع: ظلف -بكسر الظاء المعجمة- للبقر والشاة والظبي بمنزلة الحافر للدابة، والخف للبعير. "تحفة الأحوذي" ٩/ ١٦٥.
(٢) بياض في (ع). وميسرة: يراد به: ميسرة أبو صالح؛ مولى كِنْدة، كوفي، روى عنه عطاء بن السائب، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عنه ابن حجر: مقبول.
أو يراد به ميسرة بن يعقوب، أبو جميلة، الطُّهوي، الكوفي، روى عنه عطاء بن السائب أيضًا، مقبول، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال عنه ابن حجر: مقبول من الثالثة. =
(١) تُخوم: مفرد تَخْم، وهو منتهى كل قرية أو أرض. "لسان العرب" ١٢/ ٦٤: (تخم).
(٢) يراد بالعرش لغية: السرير الذي للمَلك، كما قال تعالى عن بلقيس: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣]. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز: ٢٤٨، و"العلو" للذهبي ٥٧. والعرش من الأمور الغيبية التي يجب علينا الإيمان بها كما أخبر الله ورسوله. انظر: "إثبات صفات العلو" لابن قدامة، ٩٢ في الحاشية.
(٣) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٠ بنحوه، وفي إسناده ابن حميد، وهو ضعيف. وانظر: "الدر المنثور" ٨/ ٢٧٠ بنحوه، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٦ من غير عزو.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) ما بين الفوسين ساقط من (أ).
(٧) في (أ): كثرت.
(٨) الكروبيون: هم المقربون، ويقال لكل حيوان وثيق المفاصل: إنه لمُكْرَب الخلق، إذا كان شديد القوى، والأول أشبه. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١٦١، مادة: (كرب).
(٩) بياض في (ع).
(١٠) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٨٣، وبمعنى قوله عن ابن عباش. انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٢.
وقال محمد بن إسحاق: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "هم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة أخرى (٣)، فكانوا ثمانية، وقد قال الله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ " (٤)
١٨ - قوله: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ قال مقاتل: تعرضون على الله لحسابكم، فلا يخفى منكم خافية (٥)، [وهو] (٦) معنى (٧) قول عطاء، عن ابن عباس: لا يخفى منكم على الله فعلة خافية، وخصلة خافية (٨)، ونحو ذلك ذكر الكلبي، فقال: يقول: لا تخفى على الله من أعمالكم شيء (٩)، ثم قال: ويقال: لا يخفى على الله أحد (١٠)، وهو معنى قول مقاتل: لا يخفى
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٨، و"الثعلبي" ١٢/ ١٧٦ ب، و"ابن كثير" ٤/ ٤٤٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٦٩، وعزاه إلى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق.
(٣) في (أ): أجزاء.
(٤) ورد الحديث في "جامع البيان" ٥٩/ ٢٩ من طريق ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق. قلت: وهي رواية ضعيفة السند لوجود ابن حميد، وهو حافظ ضعيف، قاله ابن حجر. انظر: "تقريب التهذيب" ٢/ ١٥٦ ت ١٥٩، واسمه: محمد بن حميد بن حيان. وفي "الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٧/ أ، و"النكت" ٦/ ٨٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٧، و"الجامع" ١٨/ ٢٦٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٤.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ.
(٦) ما بين المعقوين زيادة يقتضيها السياق لاستقامة المعنى.
(٧) في (أ): يعني.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٨.
(١٠) لم أعثر على مصدر هذه الزيادة من قول الكلبي.
وقراءة العامة: ﴿لَا تَخفَى﴾ بالتاء (٣)، واختار أبو عبيد الياء (٤)، وهو قراءة حمزة، والكسائي (٥)، قال (٦): لأن الياء تجوز للذكر (٧) والأنثى، والتاء لا تجوز إلا للأنثى، ومع هذا فقد حيل بين الاسم والفعل بقوله: ﴿مِنكُمْ﴾.
قال المفسرون (٨): يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأمَّا
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ.
(٣) قرأ بذلك: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب. وقرأ بذلك أيضًا: ابن محيصن، والحسن. انظر كتاب "السبعة" ٦٤٨، و"الحجة": ٦/ ٣١٥، و"الكشف عن وجوه القراءات السبعة" ٢/ ٣٣٣، كتاب: "التبصرة" لمكي بن أبي طالب: ٧٠٧، و"حجة القراءات" لابن زنجلة: ٧١٨، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٣٨٩، و"إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر" للبنا: ٤٢٢، و"البدور الزاهرة" لعبد الفتاح القاضي ٣٢٤.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) وقرأ بذلك أيضًا: خلف، ووافقهم الأعمش. انظر المراجع السابقة.
(٦) أي: أبو عبيد، ولم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) بياض في (ع).
(٨) قال بذلك: عبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وقتادة. انظر: "تفسير" عبد الرزاق ٢/ ٣١٤ عن قتادة، و"جامع البيان" ٢٩/ ٥٩، و"بحر العلوم" ٣/ ٣٩٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٠ - ٢٧١ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وعبد الرزاق، والبيهقي في البعث، وابن جرير. وروي هذا القول مرفوعًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انظر: "سنن ابن ماجه" ٢/ ٤٤٤: ح: =
١٩ - ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ قال عطاء عن ابن عباس (٢)، (والكلبي (٣) (٤)، ومقاتل (٥) نزلت في أبي سلمة؛ عبد الله بن عبد الأسد
(١) معاذير: جمع معذرة، والعُذر: الحجة التي يُعْتذر بها، والجمع: أعذار، يقال: اعتذر فلان اعتذارًا، وعِذرة، ومَعْذِرة، ولي في هذا الأمر عُذر، وعُذري، ومعذرة، أي: خروج من الذنب. "لسان العرب" ٤/ ٥٤٥، مادة: (عذر).
(٢) "بحر العلوم" ٣/ ٣٩٩، وانظر: "لوامع الأنوار البهية" للسفاريني ٢/ ١٨٣ من غير عزو.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) ما بين القوسين ساقطة من (أ).
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٨٣.
قال الكلبي: فيقرأ سيئاته في باطنها، فيسوؤه ذلك، ويقرأ الناس حسناته في ظاهرها، فيقولون: نجا هذا، فإذ بلغ أسفل كتابه قيل له: إن الله قد غفر لك، فيبيض وجْهُهُ، ويشرق لونه، ثم تُقرأ حسناته في ظاهرها (١)، فيسره ذلك (٢)، ويقول: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ يقول: تعالوا اقرؤوا حسَابيه (٣)، وبنحو هذا قال ابن زيد (٤) في تفسير (هاؤم): تعالوا (٥).
وقال مقاتل: يعني هلمَّ (٦). (٧) وأما أهل اللغة، فإنهم يقولون في تفسيرها: هاؤم: خذوا (٨). ومنه حديث الربا: "إلا هاء وهاء" (٩)، وهو أن
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) غير مقروء في (ع).
(٤) ورد قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٠، وعبارته: "تعالوا"، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٦٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٣.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) بياض في (ع).
(٧) ورد قوله هذا في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٦٩، والذي ورد في "تفسيره" ٢٠٧/ أ: قوله: قال: هاكم.
(٨) انظر مادة: (هوم) في "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٧٨، و"لسان العرب" ١٢/ ٦٢٥، و"تاج العروس" ٩/ ١١١، وكتاب "حروف المعاني" للزجاجي ٧٣، و"المسائل البصريات" لأبي علي الفارسي ١/ ٤٣١.
(٩) الحديث أخرجه: البخاري ٢/ ٩٨، ١٠٦، ١٠٧، ح ٢١٣٤، و٢١٧٠، و ٢١٧٤، كتاب: البيوع باب: ٥٤، ٧٤، ٧٦، والحديث عن مالك بن أوس، سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الذهب بالوَرِقِ ربًا إلا هاء وهاء، والبُرُّ بالبُرِّ ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلا هاءَ وهاءَ". وأخرجه مسلم ٣/ ١٢٠٩ - ١٢١٠ ح ٧٩، فى المساقاة، باب: ١٥، =
وقال (٣) ابن السِّكِّيت: يقال: هَاءِ يا رجلُ (٤)، [وهَاؤم] (٥) يا رجال، وهَاءِ (٦) يا امرأة، وهَاءِ -مكسورة بلا ياءٍ (٧) -، وهَائِيا (٨)، وهَاؤنَّ: يا نسوة، قال: ولغة أخرى: هَأ يا رجل، وللاثنين: هَاءا (٩) بمنزلة: هَاعا (١٠)، وللجميع: هَاؤوا وللمرأة هَائي (١١)، وللثنتين (١٢): هَائيا، وللجميع: هَأن
(١) غير مقروءة في (أ).
(٢) بياض في (ع).
(٣) وقال: مكررة في (ع).
(٤) بياض في (ع).
(٥) في (أ): هاء وهاء، وفي (ع): هاؤما وكلاهما، وما أثبته من "إصلاح المنطق" ٢٩١، وهو الصواب؛ لأن هاؤما للاثنين، وهاء للواحد.
(٦) في (أ): هاه.
(٧) بياض في (ع).
(٨) في (أ): هأيا.
(٩) في (أ): هأيا.
(١٠) وردت في "إصلاح المنطق" ٢٩١ هكذا: هعا.
(١١) بياض في (ع).
(١٢) هذه لغة تميم، ولم ترد في القرآن الكريم، ولغة القرآن: اثنان واثنتان: ﴿فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾، تعليقًا من الدكتور عبد العزيز إسماعيل على الكلمة.
وقال أبو زيد: (قالوا: هاءَ يا رجل بالفتح، وهاءِ يا رجلُ بالكسر، وللاثنين: هاءَيا بالفتح- في اللغتين جميعًا، ولم يكسروا في الاثنين، وهاؤوا في الجميع، وأنشد:
قوموا فهاؤوا الحقَّ نَنْزِلْ عِندَه | إذْ لم [يكن] (٦) لكمُ علينا مَفْخَرُ (٧) |
(٢) انظر: "إصلاح المنطق" لابن السكيت: ٢٩٠ - ٢٩١ نقله عنه الواحدي باختصار، وانظر: "سر صناعة الإعراب" لابن جني: ١/ ٣١٩.
(٣) بياض في (ع). قلت: ولعله الكسائي كما أثبته، فقد ورد عنه نحو ذلك في "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٧٩ مادة: (هوم).
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله إلا ما ذكره الأزهري في التهذيب مختصرًا جدًّا في هذا الباب، قال: فإن أبا الهيثم قال: ها تنبيه تفتتح العرب بها الكلام بلا معنى سوى الافتتاح، تقول: ها ذاك أخوك، ها إنّ ذا أخوك. "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٧٩.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من النسختين، وأثبته من "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٧٩ مادة: (هوم)، و"اللسان" ١٥/ ٤٨٢: مادة: (هوم).
(٧) لم أعثر على قائله، كما أني لم أعتر عليه في النوادر لأبي زيد، ولا في كتابه الهمز، وهو مظنته، وقد ورد البيت في تهذيب اللغة. المرجع السابق. وناقل ابن منظور كلام أبي زيد مع البيت في اللسان، مادة: (ها).
وقال أبو القاسم الزجاجي: أجود هذه اللغات ما حكاه سيبويه عن العرب، فقال: ومما يؤمر به من المبنيات قولهم: ها يا فتى، ومعناه: تناول. ويفتحون الهمزة، ويجعلون فتحها (٢) عَلَمَ المذكر، كما قالوا: هاكَ يا فتى، فيجعل فتحة الكاف علامة المذكر، ويقول للاثنين: هاؤما، وهاؤموا، وهاؤم (٣). والميم في هذا الموضع كالميم في أنتما، وأنتم، وهذه الضمة التي تولدت في همزة هاؤُمُ، وإنما هي لضمة (ميم) الجمع؛ لأن الأصل فيه: هاءه مُوا، وأنتمو، فأتبعوا الضمة، وحكموا للاثنين بحكم الجمع؛ لأن الاثنين عندهم في حكم الجمع في كثير من الأحكام، وكتبت واوًا لانضمامها (٤)، وهي الهمزة التي كانت في هآ، وها بمعنى تناول اسم الفعل بمنزلة (صه)، أي: اسكت (٥) (٦).
واختلف (٧) أهل اللغة في الفعل بين الاثنين من هذه الكلمة (٨): فذكر بعضهم: هاءَ وأيهاوِيّ، مُهَاواة إذا أعطى (٩) كل واحد منهما صاحبه، وهذا
(٢) في (ع): فتحتها.
(٣) انظر كتاب: "حروف المعاني" للزجاجي: ٧٣، و"شرح المفصل" ٤/ ٤٢ - ٤٥.
(٤) في (أ): لانضاهها.
(٥) بياض في (ع).
(٦) انظر: "شرح المفصل" ٤/ ٤٤.
(٧) بياض في (ع).
(٨) بياض في (ع).
(٩) بياض في (ع).
قوله: ﴿كِتَابِيَهْ﴾ (القراء مختلفون في إثبات هذه الهاء (٢)، وكذلك التي في ﴿مَالِيَهْ﴾، و ﴿سُلْطَانِيَهْ﴾ فمنهم (٣): من يثبتها وصلًا ووقفًا. ومنهم (٤): من يحذف في الوصل، ويثبت في الوقف. ووجه إثباتها في
وغير الخطابي يجيز فيها السكون على حذف العوض، وتتنزل منزلة (ها) التي للتنبيه. نقلًا عن حاشية "تهذيب اللغة" ٦/ ٤٨٠.
(٢) إن الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك؛ إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه؛ بل القراءة سنة متبعة؛ قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٣٩٩ وقال الشيخ الدكتور عبد العزيز إسماعيل -حول ما كُتب في اختلاف القراءة في إثبات الهاء في موضع دون آخر- قال: إثبات الهاء في موضع دون الآخر يعلل بأن القراءة سنة متبعة، يأخذها الآخر عن الأول، لا مجال فيها للرأي أو القياس. كتب تعليقه هذا عند عرضي عليه ما كنت حققته حول هذه الآية من سورة الحاقة.
(٣) وهؤلاء هم: ابن عامر، وابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، ونافع، والكسائي، وخلف، وأبو جعفر. انظر: "الحجة" ٢/ ٣٧٤، و"المبسوط" ٣٧٩، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" ١/ ٣٠٧ - ٣٠٨ فقرة: ١٧١ - ١٧٢ من سورة البقرة، و"النشر" ٢/ ١٤٢، و"إتحاف فضلاء الشر" ٤٢٢ - ٤٢٣.
(٤) قرأ حمزة، ويعقوب بحذف الهاء في الوصل في قوله: ﴿مَالِيَهْ﴾ و ﴿سُلْطَانِيَهْ﴾ كله، أما في ﴿كِتَابِيَهْ﴾ فحذف يعقوب وحده الهاء إذا وصل. انظر المراجع السابقة.
وقول حمزة في ذلك [أسدُّ] (٤)؛ لأنه يحذف هذه كلها في الوصل، وهو الوجه.
والكسائي أثبت البعض (٥)، وحذف البعض (٦)؛ لأنه شبه البعض بالقوافي، فأثبت الهاء فيه في الوصل، كما تثبت في القوافي، ولم يُشَبِّهِ البعض، وكلا (٧) الأمرين سائغ. وفي إجماعهم على الإثبات (٨) في ﴿كِتَابِيَهْ﴾، و ﴿حِسَابِيَهْ﴾ دلالة على تشبيههم ذلك بالقوافي.
ولإثبات هذه (الهاءات) وجه في القياس، وذلك أن سيبويه حكى في العدد: أنهم يقولون: ثلاثة (رابعهم) (٩)، فقد أجروا الوصل في هذا مجرى
(٤) (أسدُّ): كذا في "الحجة" ٢/ ٣٧٦، وقد كتبت (أشدّ) في كلا النسختين، والصواب كما قال د. عبد العزيز إسماعيل: ولعل الصواب: (أسد) من السداد، وليس (أشد) من الشدة، واستشهد بقول الشاعر:
أُعَلِّمُهُ الرمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ | فلما استدَّ سَاعِدُه رماني |
(٥) أثبت الكسائي الهاء في قوله تعالى: ﴿مَالِيَهْ﴾، و ﴿سُلْطَانِيَهْ﴾، و ﴿كِتَابِيَهْ﴾.
(٦) وحذف الكسائي الهاء في قوله تعالى: ﴿لَمْ يَتَسَنَّه﴾، و ﴿أقْتَدِه﴾.
(٧) في (ع): كلى.
(٨) في (أ): الإيثار.
(٩) في (ع): ثلثه ربعة، وعند سيبويه: ثلاثهَ أرْبَعَهْ، وهو الصواب. انظر: "الكتاب" =
(قوله) (٢): ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ﴾ قال المفسرون: علمت، وأيقنت في الدنيا (٣) ﴿أنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ في الآخرة، ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١)﴾ [الحاقة: ٢١] أي حاله من العيش، ﴿رَاضِيَةٍ﴾ رضاها (٤) في الجنة بأن لقي الثواب، وأمن العقاب؛ قاله مقاتل (٥)، وعطاء (٦).
قال الفراء: (عيشة راضية) فيها الرضا، والعرب تقول: ليل نائم،
(١) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن أبي علي الفارسي باختصار عند تناوله الآية: ٢٥٩ من سورة البقرة ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾. انظر: "الحجة" ٢/ ٣٧٤ - ٣٧٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٣) قال بذلك: قتادة، وابن عباس، والضحاك، ومجاهد، وابن زيد. انظر أقوالهم في "تفسير" الإمام مجاهد ٦٧٢، و"تفسير" عبد الرزاق ٢/ ٣١٥، و"جامع البيان" ٢٩/ ٦٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٠، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٢.
(٤) في (ع): برضاها.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد مثل هذا القول في "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٤ من غير عزو.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
وقد أحكمنا هذه المسألة عند قوله: ﴿قَالَ لَا عَاصِمَ﴾ (٣) [هود: ٤٣].
قوله تعالى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣)﴾ قال المفسرون: ثمارها قريبة ممن
(٢) انظر: "معاني القرآن للفراء" ٣/ ١٨٢ بتصرف يسير.
(٣) والآية بتمامها: قال تعالى: ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)﴾. وقد جاء فى تفسيرها: "يعصمني من الماء، يريد يمنعني من الماء، فلا أغرق. قال نوح: لا عاصم اليوم من أمر الله: لا مانع اليوم من عذاب الله، إلا من رحم، استثناء منقطع، المعنى: لكن من رحم الله فإنه معصوم. ولا يجوز هاهنا أن يكون المعصوم عاصمًا، هذا وجه في الاستثناء.
قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون (عاصم) بمعنى معصوم، ويكون معنى: لا عاصم، لا ذا عصمة، كما قالوا: "عيشة راضية" على جهة النسب، أي: ذات رضا، ويكون (من) على هذا التفسير في موضع رفع، ويكون المعنى: لا معصوم إلا المرحوم. ونحو هذا قال الفراء: وقال: لا تنكثون أن يخرج المفعول على فاعل، ألا ترى قوله: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ معناه مدفوق، وقوله: ﴿فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ معناها مرضية؟. فعلى قول الفراء: يجوز أن يكون الفاعل بمعنى المفعول على ما ذكر. وقال علماء البصرة: ماء دافق بمعنى مدفوق باطل في الكلام؛ لأن الفرق بين بناء الفاعل وبناء المفعول واجب، وهذا عند سيبويه وأصحابه يكون على طريق النسب من غير أن يعتبر فيه فعل، فهو فاعل نحو: رامح، ولابن، وتامر، وتارس، ومعناه: ذو رمح، وذو لبن، كذلك هاهنا: عاصم بمعنى ذي عصمة من قبل الله تعالى، ليس أنه عُصِمَ فهو عاصم بمعنى معموم على الإطلاق الذى ذكره الفراء.
والقطف: ما يُقطف من الثمار، والقطف المصدر، والقِطاف بالكسر والفتح وقت القطف (٣).
قوله: ﴿كُلُواْ﴾ أي: ويقال لهم: كلوا واشربوا هنيئًا، وإنما جمع الخطاب بعد قوله: ﴿فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾، لقوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ﴾، و (من) يتضمن [معنى] (٤) الجمع.
(٢) جاء هذا المعنى عن البراء بن عازب قال: يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم، وعنه: قريبة. انظر قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٦١، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٢، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وعن قتادة: دنت، فلا يرد أيديهم عنها بُعد ولا شوك. انظر قوله في المرجعين السابقين، وعزاه صاحب الدر إلى عبد بن حميد. وقال الضحاك في معنى الآية: ثمرها. "الدر المنثور" ٨/ ٢٧٢، وعزاه إلى ابن المنذر، وبهذا قال ابن قتيبة. "تفسير غريب القرآن" ٤٨٤.
وقال السجستاني؛ ثمرثها قريبة المتناول، تُناول على كل حال من قيام وقعود ونيام، واحدها: قطف. "نزهة القلوب" ٣٧. وإلى معنى الأقوال السابقة ذهب: الثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ١٧٨/ أ، والبغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٨، والقرطبي في "الجامع" ١٨/ ٢٧٠، والخازن في "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٥.
(٣) عن الليث: القَطْف: قَطْعُك العنب وغيره، وكل شيء تقطعه فقد قَطَفْتَه، حتى الجراد تُقْطَفُ رؤوسُها، والقِطْف: اسم للثمار المقطوعة، وجمعها: قُطوف. "تهذيب اللغة" ١٦/ ٢٨١: (قطف). وعن ابن فارس أن القاف والطاء والفاء: أصل صحيح يدل على أخذ ثمرة من شجرة، ثم يستعار ذلك فتقول: قطفت الثمرة أقطفُها قَطْفًا. "معجم مقاييس اللغة" ٥/ ١٠٣ (قطف). وعن الجوهري: القِطْف بالكسر العنقود، وبجمعه جاء القرآن: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣)﴾، والقِطاف، والقَطاف: وقت القطف. "الصحاح" ٤/ ١٤١٧ (قطف).
(٤) في كلا النسختين: مع، والصواب ما أثبته، وهو منقول من "القرطبي" ١٨/ ٢٧٠.
والمعنى: بما عملتم من الأعمال الصالحة.
وقال ابن عباس: بما قدمتم في الأيام الخالية، قال: يريد أيام الدنيا (٥). و ﴿الْخَالِيَةِ﴾ الماضية، ومنه قوله: ﴿وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ﴾ [الأحقاف: ١٧]، و ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾ [البقرة: ١٣٤، و١٤١].
وقال الكلبي: ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ﴾ يعني الصوم (٦)، وذلك أنهم لما أمروا بالأكل والشرب دل ذلك على أنه لمن امتنع في الدنيا عنهما بالصوم طاعة لله تعالى.
(٢) بياض في (ع).
(٣) في (ع): بخير.
(٤) عن الليث وغيره قالوا: السَّلَفُ: القَرْضُ، والفعل: أسْلَفْت، يقال: سَلَّفْتَه مالًا، أي: أقْرَضْتَه، وكل قال قدَّمته في ثمن سلعة مضمونة اشتريتها بصفة فهي سَلَف وللسلف معنيان آخران: أحدهما: أن كل شيء قدمه العبد من عمل صالح، أو ولد فَرَط تقدمه فهو سلَف، وقد سلف له عمل صالح. "تهذب اللغة" ١٢/ ٤٣١: مادة: (سلف). وقال ابن فارس: إن السين واللام والفاء أصل يدل على تقدُّم وسبق. "معجم مقاييس اللغة" ٣/ ٩٥ مادة: (سلف).
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثل قوله عن وكيع، وابن جبير، وعبد العزيز بن رفيع، ومجاهد. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٠، و"الدر" ٨/ ٢٧٢، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٤.
قال مقاتل: يعطيه مَلَكه الذي كتب عمله في الدنيا (٦)، فيتمنى أنه لم (٧) يؤت لما يرى فيه من مقابيح أعماله التي تسود لها وجهه.
٢٦ - ﴿فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦)﴾ أي ولم أدر أي شيء (في) (٨) حسابي (٩)؛ لأنه لا حاصل له، ولا طائل في ذلك الحساب، وإنما كله عليه.
قال الكلبي: إنه يقرؤه فيسوؤه ذلك، فيسودّ وجهه، وتزرق (١٠) عيناه (١١)، ثم يتمنى أنه لم يبعث، فقال: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)﴾ قال
(٢) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٨٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٠.
(٣) غير مقروء في (ع).
(٤) في (أ): الأسود.
(٥) [الحاقة: ١٩] ويراد به أبو سلمة؛ عبد الله بن عبد الأسد.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ.
(٧) بياض في (ع).
(٨) ساقطة من (ع).
(٩) في (أ): حسابيه.
(١٠) في (ع): ويزرق.
(١١) لم أعثر على مصدر لقوله.
وقال الفراء: (يقول: ليت الموتة الأولى التي منها لم أحي (٢) بعدها) (٣). والكناية في (ليتها) عن غير مذكور، ومعنى (القاضية) القاطعة عن الحياة (٤).
وقال قتادة في هذه الآية: تمنى الموت، ولم يكن عنده في الدنيا شيء أكره من الموت (٥).
معنى هذا أنه تمنى دوام الموت، وأن الموت (٦) [الذى] (٧) نزل به بقي له حتى لم يبعث للحساب.
٢٨ - وقوله تعالى: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨)﴾ أي لم يدفع عني من عذاب الله شيئًا.
٢٩ - ﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩)﴾ قال عطاءعن ابن عباس (٨): ضلت عني حجتي التي كنت أحتج بها على محمد (٩).
(٢) غير مقروء في (ع).
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٢ بنصه.
(٤) عن ابن قتيبة أنه قال: القاضية، أي: المنية. انظر: "تفسير غريب القرآن" ٤٨٤.
(٥) "الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٨/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"التفسير الكبير" ٣/ ١١٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٣، وعزاه إلى عبد بن حميد، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٦) بياض في (ع).
(٧) زيادة يقتضيها السياق لاستقامة المعنى.
(٨) بياض في (ع).
(٩) ورد بمعناه في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢، =
وقال الربيع: هلك عني سلطاني (٢) الذي كان لي في الدنيا -قال- وكان مُطاعًا في أصحابه (٣).
ونحو هذا قال ابن زيد: زال عني ملكي (٤).
والأكثرون على أن (٥) السلطان هو الحجة (٦)، (وهو قول مجاهد (٧)، والضحاك (٨)) (٩).
وقال الحسن: قد جعل لكل إنسان سلطانًا على نفسه ودينه
(١) ورد قوله في "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"التفسير الكبير" ٣/ ١١٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٢) بياض في (ع).
(٣) ورد قوله في "النكت" ٦/ ٨٥ بنحوه.
(٤) ورد قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٣، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٨/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"زاد المسير" ٨/ ٨٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٥) بياض في (ع).
(٦) ورد هذا القول عن عكرمة، والسدي أيضًا. انظر: "النكت" ٦/ ٨٥، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"زاد المسير" ٨/ ٨٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٧) ورد قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٣، و"النكت" ٦/ ٨٥، و"زاد المسير" ٨/ ٨٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٣، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٨) "النكت" ٦/ ٨٥، و"زاد المسير" ٨/ ٨٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٨٢، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٩) ما بين القوسين ساقط من (أ).
وعلى هذا معنى الآية: زال (٢) عني ملكي (٣)، فلا أملك لنفسي شيئاً، وذلك أنه ندم وعلم حين لم ينفعه ذلك، ولو كان ذلك في (٤) الدنيا حين كان سطانه باقيًا نفعه، وحينئذ يقول الله (عز وجل) (٥) لخزنة جهنم: ﴿خُذُوُه﴾ فيبتدرونه (٦) مائة ألف ملك، ثم يجمع يده إلى عنقه، فذلك قوله: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١)﴾ قال الكلبي: أدخلوه (٧).
قال المبرد: يقال: أصليته النار، إذا أوردته إياها، وصلّيته أيضًا، كما يقال: أكرمته (٨) وكرّمته (٩).
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ﴾ وهي حلق (١٠) منتظمة، كل حلقة منها في حلقة، وكل شيء مستمر بعد شيء على الولاء والنظام (١١)، فهو مسلسل. وقوله (١٢): ﴿ذَرْعُهَا﴾ معنى الذرع في اللغة: التقدير بالذراع من اليد، يقال:
(٢) في (ع): زالت.
(٣) في (ع): ملكتي.
(٤) بياض في (أ)،
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) في (ع): فيبتدروه.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله، وورد غير منسوب في "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٠.
(٨) غير واضحة في (ع).
(٩) لم أعثر على قوله فيما بين يدي من كتبه، وقد ورد قوله في "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٤.
(١٠) في (ع): خلق.
(١١) بياض في (ع).
(١٢) في (أ): قوله، بغير واو.
قوله: ﴿سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ قال نوف: كل ذراع سبعون باعًا (٢)، كل باع أبعد ما بينك وبين مكة، وكان في رحبة (٣) الكوفة (٤).
(٢) الباع: والبُوعُ، والبَوْع: مسافة ما بين الكفَّيْن إذا بسطتهما، والجمع: أبْواع. "لسان العرب" ٨/ ٢١: مادة: (بوع)، و"المصباح المنير" ١/ ٨٣: مادة: (بوع).
(٣) في (أ): درحبة.
(٤) رحبة الكوفة: يراد بالرحبة: الشيء الواسع، من الرَّحب، ورَحبة المسجد والدار: ساحتها ومتسعها، ويقال للصحراء بين أفنية القوم والمسجد: رحبة. "لسان العرب" ١/ ٤١٤ - ٤١٥. والكوفة: العصر المشهورة بأرض بابل من سواد العراق، سميت بذلك لاستدارتها، وقيل لاجتماع الناس فيها، من قولهم: قد تكوفت الرمل. مصّرها سعد بن أبي وقاص بأمر عمر بن الخطاب سنة ١٧ هـ، وتقع على الجانب الأيمن لنهر الكوفة؛ أحد فروع الفرات، وكانت مقر خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وبها مسجد الكوفة الشهير الذي قتل فيه الإمام علي. انظر: "معجم ما استعجم من أسماء البلاد" للبكري ٤/ ١١٤١، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي ٤/ ٤٩٠، و"مراصد الاطلاع" للبغدادي ٣/ ١١٨٧، و"الموسوعة العربية الميسرة" ٢/ ١٥٠٥. وقد ورد قوله في "تفسير" عبد الرزاق ٢/ ٣١٥، و"جامع البيان" ٢/ ٦٣٩، و"الكشف والبيان" جـ: ١٢: ١٧٨/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦١، و"زاد المسير" ٨/ ٨٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢ و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٧٣ - ٣٧٤، وعزاه إلى ابن المبارك، وهناد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، و"فتح القدير" =
وقال الحسن: الله أعلم بأي ذراع هو (٢).
وقال كعب: إن حلقة من تلك السلسلة مثل جميع حديد الدنيا (٣).
قوله: ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ قال مقاتل: يعني فاجعلوه فيها (٤).
قال المبرد (٥): يقال: سلكته في الطريق، وفي القيد، وغير ذلك، وأسلكته، ومعناه: أدخلته، ولغة القرآن: سلكته، قال الله تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: ٤٢]، وقال: ﴿سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (٦). قال عبد مناف الهذلي:
(١) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب، كما ورد أيضًا في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥، ويقال في هذه الرواية ما قيل في سابقتها من رواية نوف.
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٤، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٥٦، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٣) "تفسير القرآن" لعبد الرزاق ٢/ ٣١٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٤، وعزاه إلى ابن المبارك، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) ورد بمعناه في "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب، وقد ورد بمثله من غير نسبة في "فتح القدير" ٥/ ٣٨٥.
(٥) ورد قوله في "التفسير الكبير" ٣/ ١١٤.
(٦) [الشعراء: ٢٠٠]، والآية بتمامها: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠)﴾.
قال ابن عباس: يدخل في دُبره، ويخرج من حَلْقِه، ثم يجمع بين ناصيته وقدميه (٢).
وقال الكلبي: كما يسلك الخيط في اللؤلؤ، ثم يجعل في عنقه سائرها (٣). وهذا يدل على أنه منفرد بتلك السلسلة.
وقد قال سويد بن أبي نجيح (٤): بلغني أن جميع أهل النار (٥) في تلك السلسلة (٦) (٧).
شلًا كما تطرد الجمَّالة الشُّرُدا
كما ورد في "المدخل" ٢٤٤ رقم ٢٤٢ برواية: شلًا كما تطلب. معنى القتائدة: الطريق.
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٦٣ - ٦٤. قلت: وهي من طريق العوفي، وهو ضعيف، وهو أيضًا في "الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٨/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦١، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٧٢ دون عزو، و"لباب التأويل" ٦/ ٣٠٤، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٤، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٤ وعزاه إلى ابن أبي حاتم، والبيهقي في "البعث والنشور" ٣٠٠، رقم: ٥٤١.
(٣) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٤) سويد بن نجيح؛ أبو قطبة، سمع عكرمة، والشعبي، قال عنه أحمد بن حنبل: لا أرى به بأسًا، وعن يحيى بن معين قال: إنه ثقة. انظر: "الجرح والتعديل" ٤/ ٢٣٦: ت: ١٠١٤، و"الإكمال" لعلي بن ماكولا: ٧/ ٩٤.
(٥) بياض في (ع).
(٦) انظر قوله في "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٧) ساقط من (أ).
٣٣ - فقال: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣)﴾ لا يصدق بعظمة الله وتوحيده: ﴿وَلَا يَحُضُّ﴾ (٦) نفسه، ﴿عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ في الدنيا؛ قاله مقاتل (٧).
وقال غيره: لا يأمر أهله بإطعام المسكين (٨). الطعام هاهنا: اسم أقيم مقام الإطعام، كما يوضع الطعام موضع الإعطاء.
قال القُطَامِيُّ:
وبعد عَطائِكَ المائةَ الرِّتَاعا (٩)
(٢) في (أ): فيها.
(٣) القلنسوة: والقَلْسُوة، والقَلْساة، والقُلَنْسية: من ملابس الرؤوس معروف. "لسان العرب" ٦/ ١٨١: ماله: (قلس).
(٤) بياض في (ع).
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٢ بتصرف يسير جدًّا، ومن قوله: "الخف يقال فيه" إلى آخره قد عزاه الفراء إلى محمد بن الجهم أبي عبد الله.
(٦) تمام الآية: ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)﴾.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٨) قال بذلك ابن جرير في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٤.
(٩) وصدر البيت:
أكُفْرًا بعد رَدِّ الموتِ عني
٣٦ - وقوله تعالى: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦)﴾ روى عكرمة عن ابن
(١) ساقطة من (أ).
(٢) ورد قوله في "لباب التأويل" ٤/ ٣٠٦، إلى: "لا يردوا سائلًا".
(٣) من قوله: "وإن أهل البيت إلى: ولا الإنس" لم أجدها ضمن قول الحسن في "لباب التأويل".
(٤) قال بنحوه ابن زيد في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٥، وبه قال السمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٠، والماوردي في "النكت" ٦/ ٨٥. وقال الثعلبي في معنى: "حميم": صديق ينفعه. "الكشف والبيان" ١٢/ ١٧٩/ ب.
وروى عطاء عنه قال: قالوا: صديد أهل النار (٢).
وقال الكلبي: هو ما يسيل من أهل النار من القيح، والدم، والصديد إذا عُذِبوا (٣).
وقال أبو عبيدة: كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، فِعْلين من الغسل (٤).
وقال الأخفش: (الغسلين) [ما انغسل] (٥) من لحومهم ودمائهم، فزيد الياء والنون (٦).
(٢) "جامع البيان" ٢٩/ ٦٥، أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقد ورد عن ابن عباس من غير ذكر طريقه إليه في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦١، و"زاد المسير" ٨/ ٨٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٥ من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، كما أورد بمعناه من طريق عكرمة عنه، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وانظر كتاب: البعث والنشور للبيهقى: ٣٠٦: ت ٥٥٢ ت.
(٣) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٦.
(٤) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٨ بحذف "من الجراح والوبر".
(٥) ما بين المعقوفين سقط من النسختين، وما أثبته فمن "اللسان" ١١/ ٤٩٥: مادة: (غسل). وبدونه لا يستقيم المعنى.
(٦) لم أجد تفسيره في معانيه، ولكن وجدته بنصه في "لسان العرب" ١١/ ٤٩٥: مادة: (غسل)، والعبارة الواردة عن الأخفش في "معاني القرآن" قال: وجعله -والله أعلم- من الغَسْل، وزاد الياء والنون بمنزلة "عُفرين" و"كُفْرِين" ٢/ ٧١٣.
وقال الزجاج: واشتقاقه مما ينغسل مِنْ أبدانِهِم (٣).
وقال أهل المعاني: (الغسلين: الصديد (٤) الذي يسيل من أهل النار (٥)، سمي غسلينًا لسيلانه من أبدانهم، كأنه ينغسل منهم (٦). والطعام ما هُيِّئ (٧) للأكل، فلما هُيِّئ الصديد ليأكله أهل النار (سمي غسلينًا) (٨) كان طعامًا لهم، ويجوز أن يكون المعنى: إن ذلك أقيم لهم مقام الطعام، فسمي طعامًا لما أقيم له (مقامه) (٩)، كما قالوا: تحيتك الضرب (١٠)، والتحية لا تكون ضربًا، ولكنه لما أقام الضرب مقامه جاز (١١) أن يسمّى به) (١٢). ثم
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٨ بنصه، والعبارة عنه كاملة: "معناه من صديد أهل النار، واشتقاقه مما ينغسل من أبدانهم".
(٤) بياض في (ع).
(٥) بياض في (ع).
(٦) قال ابن عاشور: "الغِسْلِين -بكسر الغين-: ما يدخل في أفواه أهل النار من المواد السائلة من الأجسام، وماء النار، ونحو ذلك مما يعلمه الله، فهو عَلَم على ذلك، مثل: سِجّين، وسرقين، وعِرنين، فقيل: إنه فِعْلِين من الغَسل؛ لأنه سَال من الأبدان، فكأنه غُسل منها". "التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٤٠.
(٧) في (ع): (ما هيئا)، وهو خطأ.
(٨) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٩) ساقط من (ع).
(١٠) بياض في (ع).
(١١) بياض في (ع).
(١٢) ما بين القوسين من قول أهل المعاني، ولم أعثر على مصدره.
٣٨ - ﴿فَلَا (٢) أُقْسِمُ (٣)﴾ (٣) ذكرنا هذا في مواضع (٤)، أن (لا) هاهنا يجوز أن تكون صلة (٥) مؤكدة (٦)، ويجوز أن تكون ردًا لكلام من سبق، كأنه قيل: ليس الأمر كما (٧) يقول المشركون (٨).
وقال بعض أهل المعاني: (لا) هاهنا نافية للقسم، على معنى أنه لا يحتاج إليه، لوضوح (٩) الحق في: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)﴾
(٢) في (أ): لا أقسم.
(٣) تمام الآية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨)﴾.
(٤) من المواضع التي ذكرت فيه: [الواقعة: ٧٥] قال تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥)﴾ [الواقعة: ٧٥] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠)﴾ [المعارج: ٤٠]، [القيامة ١ - ٢] ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)﴾. وغيرها من السور نحو: [التكوير: ١٥]، [الانشقاق: ١٦]، [البلد: ١].
(٥) يقابله عند البصريين: حروف الزيادة، وسبب تسميتها بحروف الصلة لأنه يتوصل بها إلى زنة، أو إعراب لم يكن عند حذفها، انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤١.
(٦) قال بذلك النحاس في إعراب القرآن: ٥/ ٢٤، وانظر كتاب: حروف المعاني للزجاجي ٨.
(٧) بياض في (ع).
(٨) انظر كتاب: "حروف المعاني" للزجاجي ٨، و"النكت" ٦/ ٨٦، و"زاد المسير" ٨/ ٨٦، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٦.
(٩) بياض في (ع).
قوله: ﴿بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)﴾. قال عطاء عن ابن عباس: بما تبصرون اليوم، وما لا تبصرون من الهدى الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- (٢)
وقال الكلبي: بما تبصرون من الخلق من شيء، وبما لا تبصرون من شيء (٣).
وقال مقاتل: بما تبصرون من الخلق، وبما لا تبصرون من الخلق (٤).
وقال قتادة: أقسم بالأشياء كلها، ما (٥) يبصر منها، وما لا يُبْصَرُ (٦).
والمعنى في هذا: جميع المكونات، والموجودات، فيدخل في هذا: الدنيا والآخرة.
﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)﴾. يعني القرآن. والرسول الكريم هو: جبريل، في قول الكلبي (٧)، ومقاتل (٨). ويكون المعنى: إنه لرسالة رسول كريم، فسمى رسالته: قولاً.
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب.
(٥) في (أ): بما.
(٦) "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٠، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٥.
(٧) "النكت" ٦/ ٨٦٥، و"زاد المسير" ٨/ ٨٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٤، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٦.
(٨) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب. وانظر المراجع السابقة.
قال مقاتل: يعني بالقليل أنهم لا يصدقون بأن القرآن من الله (٤).
والمعنى: لا يؤمنون أصلاً، والعرب تقول: قلما تأتينا، يريدون: لا يأتينا أصلاً.
وقال الكلبي: القليل ما إيمانهم أنهم: إذا سئلوا من خلقهم؟ (ليقولن الله (٥) (٦) وهذا مشروح في مواضع (٧).
(٢) وهو الذي عليه الأكثرون من المفسرين، انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٦٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٥، و"زاد المسير" ٨/ ٨٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٨.
(٤) "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٧.
(٥) [الزخرف: ٨٧] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)﴾.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) نحو ما جاء في [البقرة: ٨٨] قال تعالى: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾. ومما جاء في معنى القليل الوارد في الآية: يريد فما يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، والعرب قد تستعمل لفظ القلة في موضع النفي، فيقول: قلّ ما رأيت من الرجال مثله، وقيل ما تزورنا، يريدون النفي لا إثبات القليل، وقال أبو عبيدة: معناه: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم، ويكفرون بأكثره، وقال قتادة: معناه: لا يؤمن منهم إلا القليل، كما ذكرت أول أخرى في: أحدها: يؤمنون إيمانًا قليلاً، وذلك أنهم يؤمنون بالله خالقهم ورازقهم، ويكفرون بمحمد والقرآن. الثاني: يؤمنون =
ثم بين أن القرآن مع أنه قول رسول كريم؛ تنزيل من الله، فقال: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣)﴾ أي: هو تنزيل ﴿وَلَوْ تَقَوَلَ عَلَينَا﴾ محمد ما لم نقله، أي: تكلف، أي: تقول من قبل نفسه [ما] (٦) لم يوح إليه.
قال المفسرون (٧): لو تقول علينا محمد شيئاً (٨) من تلقاء نفسه لم نقله ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥)﴾ ذكروا في هذا قولين: أحدهما: أن اليمين هَاهنا
(١) في (أ): (يذكرون)، وهو خطأ.
(٢) في (أ): (بالتاء)، وهو خطأ.
(٣) قرأ بذلك: نافع، وأبو عمرو بن العلاء، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، وأبو جعفر. انظر: "إعراب القراءات السبع وعللها" ٢/ ٣٨٦، كتاب: السبعة ٦٤٨ - ٦٤٩، و"الحجة" ٦/ ٣١٥، و"المبسوط" ٣٨٠، و"حجة القراءات" ٧٢٠، و"الكشف" ٢/ ٣٣٣.
(٤) وقرأ بذلك: ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب فيها بالياء. انظر المراجع السابقة.
(٥) ما بين القوسين نقله الواحدي عن "الحجة" بتصرف: ٦/ ٣١٥.
(٦) زيادة أثبتها تقتضيها استقامة المعنى.
(٧) ممن قال بذلك: الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ١٨٣، الطبري في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٦، السمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٠٠، البغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٠، ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٢، ابن الجوزي في "زاد المسير" ٨/ ٨٦، القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٥.
(٨) بياض في (ع).
إذَا ما رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ | تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بالْيَمِينِ (٥) |
(٢) "الكامل" ١/ ١٦٧.
(٣) ورد قول الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٨.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٥) ورد البيت منسوبًا للشماخ في "ديوانه" ٣٣٦، و"لسان العرب" ١/ ٥٩٣: (عرب)، الأمالي للقالي: ١/ ٢٧٤، و"الكامل" للمبرد ١/ ١٦٧، و٢/ ٨٢٥، و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة: ٢٤٢، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٠/ أ، و"النكت" ٦/ ٨٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٧، و"البحر المحيط" ١/ ١٦٠، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٦. وورد منسوبًا للحطيئة في "الصحاح" ١/ ١٨٠ مادة: (عرب)، و"تاج العروس" ١/ ٣٧٦ مادة: (عرب). وقد جاء في هامش "اللسان" "البيت ليس للحطيئة كما زعم الأزهري، أفاده الصاغاني"، ولم أعثر عليه في ديوانه. وقد ورد غير منسوب في الخصائص لابن جني: ٣/ ٢٤٩. ومعنى البيت: راية: أصل الراية العلم، ومنه: راية الحرب التي تجعل القوم يقاتلون ما دامت واقفة، وهي هنا استعارة، أي: إذا حدث أمر يقتضي فعل مكرمة، ويفتقر فيه إلى أن يطلع به رب فضيلة وشرب، نهض له الممدوح. تلقاها: استقبلها، وأخذها، وتلقفها، وهو هنا مجاز عن انعقاد المجد له، وحوزه إياه. باليمين: القوة والقدرة. "ديوانه" ٣٣٨.
(٦) يراد بقوله: "صلة"، أى: حرف زيادة، وهذا مصطلح أهل البصرة. انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤١.
(٧) في (أ): (لأخذنا). ولم أعثر على مصدر لقوله.
قال (٢): ولأهل اللغة في هذا مذهب آخر، وهو: أن هذا الكلام ورد على ما اعتاده الناس من الأخذ بيد من تعاقب، وهو قولهم إذا أرادوا عقوبة رجل: خذوا بيده، وأكثر ما يقوله (٣) السلطانُ والحاكم بعد وجوب الحكم: خذ بيده، (واسفع (٤) بيده) (٥).
فكأنه قال: لو كذب علينا في شيء مما يلقيه إليكم عنَّا، لأمَرْنَا بالأخذ بيده، ثم عاقبناه بقطع الوتين. وإلى هذا المعنى ذهب الحسن (٦). (٧)
وقال مقاتل: لأخذنا منه باليمين، يعني انتقمنا منه بالحق (٨).
(٢) أي ابن قتيبة.
(٣) في (أ): يقول بغير هاء.
(٤) السفع: جاء في "اللسان" ٨/ ١٥٨ "سفع بناصيته ورجله، يسْفَع سفْعًا: جذب، وأخذ، وقبض. وحكى ابن الأعرابي: اسْفَعْ بيده، أي خذ بيده".
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ورد قوله في "النكت" ٦/ ٨٦، والعبارة عنه: "لقطعنا يده اليمنى"، "والتفسير الكبير" ٣٠/ ١١٨، وعنه: لقطعنا وتينه، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٢٩، وعنه: قطعناه عبرة ونكالًا.
(٧) نقله الواحدي من قول ابن قتيبة مختصرًا من "تأويل مشكل القرآن" ١٥٤ - ١٥٥.
(٨) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٨.
٤٦ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)﴾ الوتين: نياط القلب، وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى، ومات صاحبه. وهذا قول جميع أهل اللغة (٢)، وأنشدوا (للشماخ) (٣):
(٢) انظر هذا القول بمعناه في مادة: (وتن) في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٣٢٤، و"معجم مقاييس اللغة" ٦/ ٨٤، و"الصحاح" ٦/ ٢٢١١، و"لسان العرب" ١٣/ ٤٤١، و"تاج العروس" ٩/ ٣٥٨. وممن قال بذلك أيضًا: أبو عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦٨، الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٨.
(٣) لم أجد فيما ذكرته كتب اللغة من استشهد ببيت الشماخ غير أبي عبيدة في مجازه، وقد ورد عند المبرد في كتابه "الكامل" ١/ ١٦٧، و٢/ ٨٢٥ "ديوانه" تحقيق: =
إذا بَلَّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلي | عَرَابَةَ فاشْرَقي بِدَمِ الوَتِينِ (١) |
_________
= صلاح الدين الهادي: ٣٢٣ برواية: (وحططت) بدلًا من: (حملت). كما ورد في كتب: التفسير، منها "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٧، و"النكت" ٦/ ٨٧، و"المحور الوجيز" ٥/ ٣٢٦، و"زاد المسير" ٨/ ٨٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٦، و"البحر المحيط" ٨/ ٣١٩، و"فتح القدير" ٥/ ٢٨٦.
وكلمة (للشماخ) ساقطة من (أ).
(١) ورد البيت في "ديوانه" ٣٢٣. ومعنى: اشرقي: من الشرَق، وهو الغصة، أي غُصي. الوتين: عرق به القلب إذا انقطع مات صاحبه. يقول: إذا بلغتني هذا الممدوح، فلن أبالي بهلكتك. "ديوانه" ٣٢٣، هامش: ٨.
(٢) في (ع): وثلثة.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٤/ ٣٢٤ مادة: (وتن) بتصرف، وانظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٩.
(٤) ساقطة من (أ). وقد ورد قوله في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٧، و"الكشف والبيان" جـ: ١٢: ١٨٠/ أ، و"النكت" ٦/ ٨٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩١، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٦٢، و"زاد المسير" ٨/ ٨١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٧٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٠٧، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٢٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٤٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٧٦، وعزاه إلى الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وصححه؛ "المستدرك" ٢/ ٥٠١، في التفسير، تفسير سورة الحاقة، قال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي، وقد رواه الحاكم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وإسناده قوي؛ لأنه من رواية الثوري عن عطاء، وسمعه منه قبل الاختلاط. قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ٨/ ٦٦٤، وزاد نسبته إلى الفريابي، والأشجعي. وانظر حاشية "النكت" ٦/ ٨٧.
(٥) وممن قال ذلك: مجاهد، وقتادة، وابن زيد. انظر المراجع السابقة نفسها في =
(١) بياض في (ع).
(٢) بياض في (ع).
(٣) في (أ): أكلت.
(٤) خيبر: مدينة أثرية قديمة، تبعد عن المدينة المنورة شمالًا ١٧٣ كيلو مترًا على الطريق الرئيسي المعبد، تقع فيها "مدائن صالح". وخيبر عبارة عن عدة قرى واقعة في عدة أودية، ويوجد فيها مسجد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومقبرة الشهداء لبعض الصحابة الذين استشهدوا في غزوة خيبر، وهي مدينة حصينة، تحيط بها الحرة من جميع الجهات. حاصر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- اليهود بضع عشرة ليلة. انظر: "الآثار في شمال الحجاز" لحمود بن ضاوي القثامي ١/ ١٧٨، و"القاموس الإسلامي" لأحمد عطية ٢/ ٣٠٨. وانظر: "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع" لعبد الله البكري ٢/ ٥٢١، و"الموسوعة الميسرة" ١/ ٧٧٠.
(٥) أخرجه البخاري ٣/ ١٨١ ح: ٤٤٢٨، كتاب المغازي، باب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونصه: قال عروة، قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في مرضه الذي مات فيه: "يا عائشة، ما أزال أجِدُ الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم"، وفي ٢/ ٢٤١: ح ٢٦١٧، في الهبة، باب قبول الهدية من المشركين. وأخرجه أبو داود في "السنن" ٢/ ٥٢٧، كتاب: الديات باب فيمن سقى رجلاً سمًّا، أو أطعمه فمات، أيقاد منه؟. وأخرجه الدارمي في "سننه" ١/ ٣٦: ح ٦٧ - ٦٨، المقدمة: باب ما أكرم الله النبي -صلى الله عليه وسلم- من كلام الموتى. والإمام أحمد ٦/ ١٨. وأورده أبو عبيد في "غريب الحديث" ١/ ٢٠٣.
٤٧ - قوله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)﴾. قال مقاتل (٣)، (والكلبي (٤) (٥): ليس منكم أحد يحجزنا عنه، وعن ذلك.
وقال عطاء: يقول: لا يحجزه مني أحد (٦).
وقال أبو عبيدة (٧)، والفراء (٨)، والزجاج (٩): إنما قال: (حاجزين) في صفة (أحد)؛ لأنه يقع على الجمع، المعنى: فما منكم قوم يحجزون (١٠) عنه. وقد ذكرنا هذا عند قوله: ﴿بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ (١١).
(٢) ما بين القوسين من قول ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ١٥٥ - ١٥٦ بنصه.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١١٩.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) ورد قوله في المرجع السابق.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٦ بمعناه، وعبارته: "خرج صفته على صفة الجميع؛ لأن أحدًا يقع على الواحد، وعلى الاثنين، والجميع من الذكر والأنثى".
(٨) "معاني القرآن" ٣/ ١٨٣، وعبارته: "أحد يكون للجميع والواحد".
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٨، والعبارة نقلها عنه الواحدي بتصرف يسير.
(١٠) بياض في (ع).
(١١) [البقرة: ٢٨٥] ومما جاء في ذلك: وإنما جاز هع أحد وهو واحد في اللفظ؛ لأن أحدًا يجوز أن يؤدي عن الجميع، قال تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)﴾، وإنما كان كذلك؛ لأن أحدًا ليس كرجل يثنئ ويجمع. وقولك: ما يفعل هذا أحد. تريد ما يفعله الناس كلهم، قلما كان لفظ أحد يؤدي عن الجميع جاز أن يستعمل معه "بين"، وإن كان لا يجوز أن يقول: لا نفرق بين رجل منهم.
قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾ قال ابن عباس: القرآن حسرة على الكافرين يوم القيامة (٢)، يعني ندامة إذ لم يؤمنوا به. والكناية (٣) في: (وإنه) على هذا القول للتكذيب (٤). ودل عليه قوله: ﴿أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ﴾ [الحاقة: ٤٩]
قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١)﴾. قال عطاء: يعني القرآن مني بدأ، وأنا
(٢) لم أعثر على مصدر قوله. وقد ورد مثله من غير عزو في "جامع البيان" ٢٩/ ٦٨، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٨٠/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٩١، و"زاد المسير" ٨/ ٨٧، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧. ومعنى الحسرة لغة: قال الأزهري: "والحسرة أشد الندم حتى يبقى النادم كالحسير من الدواب الذي لا منفعة فيه". "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٨٨ (حسر). وقال ابن فارس: الحاء والسين والراء: أصل واحد، وهو كشف الشيء، ومن الباب: الحسرة: التلهف على الشيء الفائت". "معجم مقاييس اللغة" ٢/ ٦١ - ٦٢: (حسر). قال ابن عاشور: "والحسرة: الندم الشديد المتكرر على شيء فائت مرغوب فيه، ويقال لها: التلهف، اشتقت من الحَسْر، وهو "الكشف"؛ لأن سببها ينكشف لصاحبها بعد فوات إدراكه، ولا يزال يعاوده". "التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٤٩. وما ذكر عن ابن عباس هو أحد الوجهين في عود الضمير على "من"، فابن عباس حملة على القرآن.
(٣) لفظ الكناية من المصطلحات الكوفية، ولقابلها: المضمر أو الضمير عند البصريين. انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٦٨.
(٤) وهذا الوجه الثاني في عودة الضمير على التكديب، وهو قول مقاتل. قال: وإن تكذيبهم بالقرآن لحسرة عليهم.
قال الزجاج: المعنى أنَّ القرآن لليقين (٣) حق اليقين. هذا الذي ذكرنا قول المفسرين.
وقال الكلبي: حقاً يقيناً ليكون ذلك عليهم حسرة (٤).
وعلى هذا الكناية في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ﴾ وهي مصدر بمعنى التحسر، فيجوز تذكيره. ثم أمر بتنزيهه عن السوء، فقال: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)﴾.
وقال عطاء: فصل لربك الذي عصمك من كل ما رَمَوْك به (٥) (٦).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢٠٧/ ب.
(٣) في (أ): للمتقين.
(٤) "النكت" ٦/ ٨٨، والعبارة عنه: "أي حقًّا يقينًا ليكونن الكفر حسرة على الكافرين يوم القيامة".
(٥) غير واضحة في (ع).
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.