تفسير سورة الرحمن

التفسير الواضح
تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب التفسير الواضح .
لمؤلفه محمد محمود حجازي .

سورة الرحمن
وهي مكية كلها على الصحيح، وعدد آياتها ثمانية وسبعون آية، ولقد صح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قام يصلى الصبح بنخلة، فقرأ سورة «الرحمن» ومر النفر من الجن فآمنوا به،
وفي الترمذي عن جابر قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأ عليهم سورة «الرحمن» من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال النبي: «لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن ردا منكم كنت كلما أتيت على قوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟ قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد».
وروى عن على- رضى الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لكل شيء عروس، وعروس القرآن سورة الرحمن».
وتشتمل هذه السورة على ذكر النعم مبتدئة بذكر القرآن الذي هو أكبر نعمة على الإنسان، ثم بذكر النعم الكونية في السماء والأرض، ثم خلق الإنسان والجان، ثم صفة يوم القيامة، ثم صفة أهل النار، ثم ختم السورة ببيان الجنة وما فيها من نعيم أعد للسابقين وأصحاب اليمين.
أمهات النعم [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١ الى ١٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩)
وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)
578
المفردات:
الْبَيانَ: المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير. بِحُسْبانٍ: بحساب دقيق. وَالنَّجْمُ: النبات الذي ينجم، أى: يظهر ويطلع من الأرض ولا ساق له. يَسْجُدانِ المراد ينقادان. الْمِيزانَ المراد: شرع العدل وأمر به.
بِالْقِسْطِ: بالعدل. وَلا تُخْسِرُوا أى: تنقصوا. لِلْأَنامِ أى للخلق جميعا، أى: الإنس والجن. الْأَكْمامِ: جمع كم، والمادة تدل على الستر، والكمة والكمامة: وعاء الطلع وغطاء النّور، والجمع كمام وأكمة وأكمام، ومنه: كم القميص لستره الذراع، والكمة: القلنسوة لتغطيتها الرأس، وأكمام النخل: أوعية التمر، أعنى الطلع أو كل ما يغطى من ليف وسعف وطلع. ذُو الْعَصْفِ: ورق الزرع الجاف. وَالرَّيْحانُ: هو كل مشموم طيب الرائحة من النبات، وقيل: المراد به الرزق الخاص بالإنسان. آلاءِ: جمع إلى وهو النعمة.
المعنى:
ربنا الرحمن، المتصفة ذاته بالرحمة، وهذه نعمه ظاهرة، وآثار رحمته بادية، ولقد أخذ القرآن الكريم في تعدادها، وقدم مصدر الدين، وأساس الهداية ومنبع النور ألا وهو القرآن، ثم أتبعه بذكر الإنسان وخلقه ليعلم أنه إنما خلقه للعبادة والدين ثم ذكر ما يتميز به عن سائر الخلق، وهو البيان الصريح والمنطق الفصيح المعرب عما في الضمير، المبين لآثار القرآن الموضح لأغراضه وأسراره ثم بعد ذلك ذكر بعض نعمه في الأكوان العلوية، ثم في الأكوان السفلية، وهكذا.
الرحمن على القرآن «١» أى: علم الإنسان القرآن، نعم: القرآن وتعليمه مصدر
(١) في هذا إشارة إلى أن الرحمن مبتدأ وما بعده خبر، ويجوز أن يكون الرحمن خبر مبتدأ محذوف كما شرحنا أولا. [.....]
579
السعادة الدينية والدنيوية، وهو مصدق للكتب السماوية، وحارسها وراعيها والمهيمن عليها، وفيه الخبر الصدق، والتشريع المحكم، والقضاء العدل، والقصص المملوءة عبرة وعظة، والإرشادات إلى الخلق الكامل والمثل العليا، والدعوة الصريحة لتنظيف القلوب من أدران الدنيا وأكدار النفس، والدعوة إلى خلق المسلم الصحيح والإنسان الكامل السعيد في الدنيا والآخرة، ومع هذا فأكثر الناس لا يعقلون.
وإذا نظرنا إلى هذا النور الذي نبه العالم في القرن الحديث، وأيقظه من غفوته لم نجد له مصدرا إلا القرآن والرسالة المحمدية، حقيقة لم تبلغ الحضارة الحديثة الدرجة العليا والغرض السامي لأنها لم تنهل من تعاليم القرآن، ولم تجر على نظامه المحكم، فكانت المذاهب والنظريات في السياسة والاقتصاد والاجتماع فيها الإفراط أو التفريط، ولو شاء ربك لهدى الناس جميعا إلى نوره، ولكن حكمته اقتضت ذلك، إذا لا غرابة أن يبدأ تعداد نعمه بذكر تعاليم القرآن أولا، ألست معى في أن أول نعمة هي القرآن؟! وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً.
[النحل ٨٩- الإسراء ٨٢- الكهف ١ و ٢] الرحمن علم القرآن. خلق الإنسان، أى: أنشأه على ما هو عليه من القوى الظاهرة والباطنة، والغرائز الموجهة، ولقد كان خلق الإنسان بهذا الشكل الدقيق، وما أودع فيه من غرائز وميول، واتجاهات وأفكار، وقوى عاقلة مدركة، وهذا فضلا عن تركيبه المادي الدقيق، كان خلقه على هذا الوضع من أجل النعم وأرقاها عَلَّمَهُ الْبَيانَ نعم قد علمنا الله البيان، وأودع فينا قوة الإفصاح عما في الضمير، ولذا نرى أن علماء التفسير وضحوا لفظ البيان في الآية بأنه الحلال والحرام، أو سبيل الهدى والضلال أو هو علم الدنيا والآخرة، أو أسماء الأشياء كلها، وبعضهم ذهب إلى أن المراد بالإنسان هو النبي صلّى الله عليه وسلّم والبيان خصوص بيان القرآن، وفي الواقع: البيان اسم جامع لكل هذا، وهو أغلى ما يمتاز به الإنسان على سائر الحيوان.
الشمس والقمر، وكذلك سائر الكواكب والأفلاك يجريان بحساب دقيق، ونظام رتيب، فلا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون، والشمس والقمر آيتان من آيات الله الكبرى، وهما من نعم الله علينا
580
فالشمس مصدر الحرارة والحياة، والقمر أساس معرفة الزمن والنجم الذي يطلع من الأرض ولا ساق له، والشجر الذي يطلع وله ساق وفروع وهما يسجدان لله وينقادان له «١» والسماء خلقها مرفوعة العماد بلا عمد، ووضع الميزان، أى: شرع العدل وأمر به حتى انتظم أمر العالم واستقام كما
قال صلّى الله عليه وسلّم «بالعدل قامت السموات والأرض»
فعل ذلك لئلا تطغوا في الميزان بأن تعتدوا وتتجاوزوا الحدود، ولا تنقصوا الميزان، بل كونوا عادلين فلا زيادة ولا نقصان، والأرض وضعها وهيأها للأنام، يعيشون فيها ويسكنون عليها، ويتمتعون بكل ما فيها، فيها فاكهة «٢» يتفكه بها، وفيها النخل ذات الأكمام وفيها الحب ذو العصف والريحان، أى: الرزق المأكول لأنه يرتاح له، فكأن الآية تقول: خلق الأرض لكم فيها الفواكه وخاصة النخل ذات الأكمام، وفيها الحبوب من قمح وشعير ذات العصف، أى: التبن لعلف الماشية، وذات اللب الذي هو رزقكم وأكلكم.
فبأى آلاء ربكما أيها الثقلان من الإنس والجن تكذبان؟! «٣» بأى نعمة من نعم مربيكما ومالك أمركما أيها الثقلان تكذبان؟ وتكذيب النعمة يكون بإنكار كونها من الله سبحانه مع عدم الاعتراف بكونها نعمة كتعليم القرآن، أو بإنكار كونها من الله مع الاعتراف بكونها نعمة كالنعم الدنيوية، والتعبير عن كفرهم المذكور بالتكذيب لأن دلالة النعم على الله ظاهرة، وكأنها شاهدة بذلك فكفرهم بها تكذيب لها، ولعل سائلا يسأل ويقول: لم هذا التكرار في قوله: فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ والجواب: إنه إنما حسن التكرار للإقرار بالنعم المختلفة، إذ كلما ذكر الله نعمة وبخ وأنكر على من كذب بها، وهذا أسلوب معروف في الشعر والنثر العربي «٤».
(١) - في لفظ يسجدان استعارة تصريحية تبعية حيث شبه جريهما على مقتضى الطبيعة بانقياد الساجد لخالقه وتعظيمه له واستعمل المشبه به في المشبه... إلخ.
(٢) - استئناف مسوق لتقرير ما أفادته الجملة السابقة.
(٣) - الفاء لترتيب الإنكار والتوبيخ على ما فصل من أنواع النعم، والاستفهام للإنكار.
(٤) - هذه الآيات التي مرت من أول السورة إلى ما وقفنا نجد فيها فصلا بين جملة علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان مع أن موجب الوصل موجود وهو اتحادها في الخبرية، وقصد التشريك حاصل، ولكنه فصل للإشارة إلى أن كل جملة تضمنت نعمة مستقلة تقتضي الشكر وحدها، وتوجب الإنكار على كفرها مع عدم التقابل بين الجمل وعطف قوله: والنجم والشجر على قوله: والقمر رعاية لتناسبها من حيث التقابل ولأن الشمس والقمر علويان، والنجم والشجر سفليان، والكل منقاد له وخاضع.
581
بعض نعمه أيضا [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٤ الى ٢٨]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨)
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣)
وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٨)
المفردات:
صَلْصالٍ الصلصال: الطين اليابس الذي له صلصلة، أى: صوت.
كَالْفَخَّارِ: وهو الخزف، أى: ما أحرق من الطين حتى تحجر. مارِجٍ:
لهب خالص لا دخان فيه. مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: أرسلهما وأجراهما. بَرْزَخٌ:
حاجز. اللُّؤْلُؤُ: صغار الدر. وَالْمَرْجانُ: كبار الدر، وقيل: هو خرز أحمر. الْجَوارِ: جمع جارية وهي هنا السفينة. الْمُنْشَآتُ: الرافعات الشرع، أو المخلوقات للجري في البحر. كَالْأَعْلامِ: كالجبال، والعلم: الجبل الطويل. فانٍ هالك. ذُو الْجَلالِ الجلال: العظمة والكبرياء.
582
المعنى:
إن من أجل نعم الله على الإنسان أن يبين له نشأته الأولى، ومادته التي خلق منها ليفهم الإنسان نفسه، ويعاملها على أساس سليم، وإذا عرف الداء فلن يعز عليه الدواء.
الله يقول: إنه خلقكم من تراب كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ وقال إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وقال هنا: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ ومن هذا كله نفهم أنه أخذ تراب الأرض فعجنه بالماء حتى صار طينا لازبا ثم انتقل فصار كالحمإ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالا كالفخار ثم نفخ فيه من روحه جل جلاله فكان الإنسان، ومن هنا نعرف أننا معشر بنى آدم من مادة طينية سوداء كالحمإ المسنون الذي جف حتى صار كالفخار في الصوت والضعف، نعم وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً أمام الدنيا ومغرياتها وأمام المرأة ومفاتنها وأمام عرض الحياة وزخارفها، فاعرفوا أنفسكم، وقووا ضعفكم وانصروا دواعي الخير والفضيلة فيكم التي هي من دواعي الروح، واحذروا إبليس فإنه من الجان، وقد خلق من مارج من نار، أليس لهب النار أحمق متعاليا مغرورا مدفوعا إلى الإيذاء؟ فاحذروا وسوسته واستعيذوا بالله منه، ألست معى أن ذلك البيان من أجل نعم الله علينا؟! فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! هو رب المشارق والمغارب- إذ الشمس لها عدة مشارق ومغارب-، وهو رب المشرقين ورب المغربين- أى: مشرق الصيف والشتاء ومغربهما- والشمس حين تشرق من مدار السرطان يكون الصيف في نصف الكرة الشمالي، وحين تشرق من مدار الجدى يكون الصيف في الجنوب والشتاء في الشمال، ولا شك أن مشارق الشمس ومغاربها وانتقالها من مدار إلى مدار من أجل النعم علينا إذ لو بقيت كما هي في شروق واحد وغروب واحد لتعطلت نواميس الحياة، وتعطلت زراعة الصيف أو الشتاء، ولقل العمران، ألا ترى إلى سكان خط الاستواء وسكان المناطق الشمالية والجنوبية «١» التي يظهر عندهما المشارق والمغارب، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ هو الذي مرج البحرين العذب والملح يلتقيان في مصاب الأنهار بينهما حاجز من اليابس لا يبغيان على بعضهما ولو شاء لاختلطا فضاعت فوائد الملح وعذوبة الماء العذب، فبأى آلاء
(١) - المراد: المناطق التي هي حول مدار السرطان ومدار الجدى لا المناطق القطبية.
583
ربكما تكذبان؟ يخرج من مجموع البحرين اللؤلؤ والمرجان، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ ولله جل جلاله في البحر عذبه وملحه السفن متى تجرى على سطح الماء وتتهادى كالعروس، هذه السفن المرفوعات الشراع في البحر كالجبال تغدو وتروح حاملة الخير والبركات، ولو شاء لجعل البحر ساكنا ولما استطاعت السفن أن تطفو على الماء، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟
هو الذي خلق الموت والحياة، والحياة نعمة بلا شك، ولكن هل الموت نعمة؟ نعم الموت نعمة للمتقين فسينقلون من حياة التعب والنصب إلى حياة الهدوء والاستقرار والثواب الجزيل والعطاء الكثير، وهو للمرضى والمتعبين نعمة، وعلى العموم فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والموت من أجل النعم على الخلق ولذا حكم الحي القيوم الباقي بعد فناء خلقه بأن كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، كل شيء هالك إلا ذاته القدسية فإنها باقية، ويبقى ذات ربك ذي الجلال، والتعظيم والإكبار من خلقه، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟!.
من نعم الله يوم القيامة [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٢٩ الى ٤٥]
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨)
فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣)
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥)
584
المفردات:
سَنَفْرُغُ المراد: سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم الثَّقَلانِ: الجن والإنس، سميا بذلك لعظم شأنهما بسبب التكليف شُواظٌ: هو اللهب الذي لا دخان له وَنُحاسٌ: هو الدخان الذي لا لهب فيه فَلا تَنْتَصِرانِ: فلا تمتنعان انْشَقَّتِ السَّماءُ: انصدعت كَالدِّهانِ: جميع دهن بِسِيماهُمْ:
علامتهم بِالنَّواصِي: جمع ناصية وهي مقدم الرأس حَمِيمٍ: ماء حار آنٍ قيل: إنه واد في جهنم.
المعنى:
إن الله- جل جلاله- مصدر الوجود ومنشئه، وخالقه ومبدئه، فالكل منه وإليه، يسأله من في السموات والأرض بلسان الحال أو بلسان المقال سؤالا مستمرّا وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه بحيث لو تركهم لحظة واحدة لاختل النظام وانهدم الوجود، والله جل جلاله- كل يوم- والمراد كل وقت ولحظة- هو في شأن من شئون خلقه، فهو يعطى من سأل إذا شاء ويمنع من يسأل إذا شاء، وهو ينشئ خلقا، ويفنى آخرين، ويرفع قوما، ويخفض غيرهم،
وروى أن من شأنه أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين على أن شئون الإله لا يحيط بها وصف ولا يدركها حد، فهي
585
شئون صاحب الملك والملكوت الذي بيده الأمر، وإليه يرجع الأمر تبارك الله رب العالمين
، وإذا كان الأمر كذلك فبأى آلاء ربكما ونعمه تكذبان مما يجيب به سؤالكما أيها الثقلان؟
الله سبحانه لا يشغله شأن عن شأن، ولكن شئون العالم كله من حياة وموت ورزق وغيره ستنتهى يوم القيامة ويفرغ الحق- تبارك وتعالى- إلى جزاء المكلفين فقط سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ أى: سنحاسبكم لا يشغلنا شيء عن شيء، ولأتفرغن لكم يوم القيامة «١» فبأى آلاء ربكما تكذبان التي من جملتها التنبيه على ما سيلقاه الناس يوم القيامة تحذيرا عما يؤدى إلى سوء الحساب.
يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض، وتخرجوا من جوانبها هاربين من الله تعالى فاخرجوا منها، وخلصوا أنفسكم من عقابه عز وجل، لا تقدرون على النفوذ إلا بسلطان، أى: بقوة وقهر منكم وأنتم لا تقدرون على ذلك إذ أقطار السموات والأرض فوق ما يتصور الإنسان، ومن حاول الصعود إلى القمر أو صعد إليه أو إلى غيره، فإنه أشبه بذبابة تطير وسط الحجرة فقط!! فبأى آلاء ربكما تكذبان؟!.
وما الداعي إلى طلبهم الفرار ومحاولتهم له! ثم لا يقدرون! والجواب أنه يرسل عليكم أيها العصاة شواظ من نار، ولهب خالص، بلا دخان، يشبه النحاس في اللون فلا تقدرون على الامتناع مما يرسل عليكم، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ ولا شك أن التهديد بالعقاب، والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء الكامل من عداد النعم الجليلة.
فإذا انشقت السماء وانصدعت يوم القيامة فكانت كالوردة في الحمرة، تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ فيوم إذ تنشق السماء لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان لأنهم يعرفون بسيماهم، وهذا عند الخروج من القبر وما يدل على السؤال كقوله: فوربك لنسألنهم أجمعين: في موقف آخر وهو موقف الحساب.
(١) - في العبارة الكريمة استعارة حيث شبه حال هؤلاء وأخذه تعالى في جزائهم فقط بمن فرغ لهذا من جميع المهام التي عليه.
586
فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! ولم لا يسألون؟ والجواب أنهم يعرفون بسيماهم، فيؤخذون بالنواصي والأقدام، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! ويقال لهم: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون، وينكرونها، ويطوفون بين نارها وبين ماء حار متناه في الحرارة والنعمة فيما وصف من هول القيامة وعقاب المجرمين، هو ما في ذلك الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات،
وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أتى على شاب في الليل يقرأ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ فوقف الشاب وخنقته العبرة وجعل يقول: ونحيى من يوم تنشق فيه السماء ونحيى! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ويحك يا فتى مثلها، فو الذي نفسي بيده لقد بكت ملائكة السماء لبكائك»
فبأى آلاء ربكما تكذبان. ؟!
من نعم الله على المتقين يوم القيامة [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٦ الى ٦٠]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥)
فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠)
587
المفردات:
خافَ الخوف: توقع مكروه، وهو ضد الأمن، والمراد به هنا: الكف عن المعاصي وتحرى الطاعات. ذَواتا أَفْنانٍ أى: صاحبتا أفنان، جمع فنن، وهو ما دق ولان من الأغصان. زَوْجانِ: صنفان وفرعان. فُرُشٍ: جمع فراش وهو معروف. إِسْتَبْرَقٍ: ما غلظ من الديباج. وَجَنَى الجنى: هو المجنى، أى: المجتنى من الشجر. دانٍ: قريب. قاصِراتُ الطَّرْفِ المراد: قصرن أعينهن على أزواجهن. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ: لم يفض بكارتهن قبل أزواجهن أحد.
الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ: جواهر كريمة تضرب مثلا في الصفاء والبياض.
وتلك بعض نعم الله التي أنعم بها على عباده المؤمنين في الجنة ذكرت بعد ما بين الله طرفا من عذاب جهنم.
المعنى:
الخوف من الله، واعتقاد المؤمن أن ربه مهيمن عليه مراقب له، حافظ لأحواله يدعوه إلى العمل الصالح، وإلى الإحسان فيه، ولمن خاف قيام ربه عليه جنتان يتمتع فيهما، وينتقل بينهما، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ وهاتان الجنتان ذواتا أفنان، أى:
ذواتا أنواع من الشجر والثمار، ففيهما ثمر وظلال، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ فيهما عينان تجريان بالماء الزلال،
روى أن إحداهما تسمى بالتسنيم والأخرى بالسلسبيل
فبأى آلاء ربكما تكذبان؟ فيهما من كل فاكهة صنفان صنف معروف مألوف، وآخر غير معروف ولكنه في منتهى الحلاوة واللذة. فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! ولمن خاف مقام ربه جنتان حالة كونهم متكئين على فراش بطانته من ديباج غليظ، والاتكاء من صفات التنعم الدالة على فراغ البال وهدوء النفس، وإذا كانت البطانة من ديباج فما بال الظاهر من الفراش؟! على أن جنى الجنتين دان وقريب فهو على طرف الثمار يدركه القائم والنائم والجالس والماشي فليس عاليا كالنخل، ولا يحوطه شوك كالوردة، وإنما هو من نوع عال لكنه قريب المنال، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟
في تلك الجنان نساء قاصرات الطرف، قد قصرن عيونهن على أزواجهن فلا ينظرن
588
إلى غيرهم، وهن أبكار لم يفض بكارتهن قبل أزواجهن إنس ولا جان، وهن كالياقوت صفاء والمرجان بياضا، وقيل: كالمرجان حمرة، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟.
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان «١» أى: ما جزاء الإحسان في العمل إلا الإحسان في الثواب والجزاء.
من نعمه على المؤمنين يوم القيامة [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦١ الى ٧٨]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١) وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥)
فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥)
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)
المفردات:
مُدْهامَّتانِ المراد: شديدة الخضرة من كثرة الري، والدهمة في اللغة:
السواد. ضَّاخَتانِ
فوارتان بالماء، والنضخ بالخاء أكثر من النضح. خَيْراتٌ حِسانٌ
(١) - الاستفهام بمعنى النفي، والجملة استئناف مقرر لمضمون ما قبله.
589
: جمع خيرة على معنى ذوات خير. حُورٌ: نساء بيض، والحور: شدة بياض بياض العين مع شدة سواد سوادها. مَقْصُوراتٌ: محبوسات ومستورات.
رَفْرَفٍ: هو ثوب يطرح على ظهر الفراش للنوم عليه، وقيل: هو فضول الفرش والبسط واشتقاقه من: رف يرف إذا ارتفع. وَعَبْقَرِيٍّ: هي ثياب أو بسط منقوشة، وقيل العبقري: هو كل ما يعجب من حذقه وجودته وصنعته وقوته.
وهذا وصف آخر لجنان خصصت لأصحاب اليمين، وما قبل هذا كان وصفا لجنان السابقين المقربين. والذي نفهمه أن هذه الصفات كلها تقريبية، وردت ليقف الخلق على بعض ما في الجنة، وفي الواقع هي كما قال الله: وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ...
[سورة فصلت آية ٣١].
المعنى:
ومن دون هاتين الجنتين التي مضى وصفهما جنتان أخريان، والكل أعد للخائفين الوجلين المسارعين في الخيرات، السابقين، وأصحاب اليمين، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! هاتان الجنتان مدهامتان، وقد وسط القرآن قوله: فبأى آلاء ربكما تكذبان بين الجنة وصفتها للإشارة إلى أن تكذيبهم بوجود الجنة فضلا عن تكذيبهم بصفتها حقيق بالإنكار والتوبيخ.
هاتان الجنتان اشتدت خضرتهما لكثرة مائهما، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! فيهما عينان فوارتان بالماء الكثير، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟! فيهما فاكهة يتفكه بها، وخاصة النخل والرمان، ولعل تخصيصهما بالذكر لكثرة وجودهما في الجزيرة العربية، فبأى آلاء ربكما تكذبان؟!.
فيهن نساء خيرات حسان في الخلق والخلق، وإذا وصفهن بالحسن ربك فكيف تقف من مخلوق على بيان كنهه والوقوف على مداه؟ فبأى آلاء ربكما أيها الثقلان تكذبان؟.
هؤلاء النساء حور شديدات البياض، وفي عيونهن حور، وهن مقصورات في الخيام، محبوسات محجبات، لا يتبذلن في شارع أو سوق، ولا يخرجن لبيع أو شراء، والحجاب الذي يقصده الشارع ويصف به الحور العين هو البعد عن التبذل والولوج إلى
590
المجتمعات والنوادي، وأنهن مقصورات على أزواجهن لا ينظرن إلى رجال غيرهم، وكلنا بينه وبين نفسه لا يحب إلا المرأة المقصورة عليه، أما التي تتركه وتصادق غيره، وتراقصه وتستضيفه الأيام والليالى، ففي الواقع ليست هذه امرأته وحده، تلك طبيعة الرجال، أما الذين طغت على عقولهم المدنية الكاذبة، حتى فقدوا رجولتهم، وتركوا نساءهم للأصدقاء والخلان تحت اسم الحرية والمدنية فهؤلاء قوم لم يعد للعقل وللمنطق معهم سبيل!! ونساء الجنة حور مقصورات في الخيام أبكار لم يمسسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان، فبأى آلاء ربكما تكذبان!.
أصحاب هذه الجنان يتمتعون متكئين على رفرف خضر، وثياب تشبه الرياض عبقرية عجيبة غريبة، بلغت منتهى الحسن والجمال، فبأى آلاء ربك تكذبان!.
تبارك الرحمن الذي أنعم بتلك النعم، وتعالى اسمه، وتقدست ذاته، وتنزهت عن كل نقص، سبحانه وتعالى صاحب الفضل، وواهب الخير، ومصدر النعم، تبارك اسم ربك ذي الجلال والكمال، وصاحب العطاء والإكرام، سبحانه وتعالى عما يصفون، سبحانه جل جلاله هو الرحمن الرحيم.
591
Icon